بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين
قلنا بأنه: من أهم خصائص هذا المنهج الذي نسلكه في تقليص وتضييق دائرة الأحاديث المختلفة أو المتعارضة أو المتنافية هو أنّنا نرجع لنرى بأنه هل يوجد هناك تنافٍ أصلاً أو لا يوجد. وفي اعتقادي أن هذا الباب يُعد من أوسع الأبواب لتضييق دائرة اختلاف الأحاديث الواردة عن النبي وأئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
تحت هذا العنوان قلنا نشير إلى بعض العوامل:
العامل الأوّل: وهو ما يتعلق بعامل الزمان والمكان, فإنَّ الفقيه إذا لم ينظر إلى ذلك فيتوهم كثيراً ما أن هناك تعارضاً وأن هناك اختلافاً وفي الواقع أنه يوجد اختلاف أو لا يوجد اختلاف؟ لا يوجد اختلاف, وأشرنا إلى مثالٍ بالأمس لذلك.
وأما المثال الثاني, وهو من الأمثلة الواسعة النطاق في الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) في مختلف الأبعاد كما سأشير.
أنتم عندما ترجعون إلى سيرة الأئمة في طريقة عيشهم, حياتهم الشخصية, كيف يعيشون وأنتم تعلمون بأنه حياتهم الشخصية تمثل بالنسبة لنا أننا نتقدي بهم لماذا؟ لأن هؤلاء معصومون, فإذا كانوا معصومين فإذن يقتدى بهم {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} ارجعوا إلى حياته الشخصية تجدون لعله في بعض الأحيان كان من شدّة الجوع يشدُ على بطنه الحجر, وهذا ارجعوا إلى سيرة الأئمة وخصوصاً الإمام أمير المؤمنين و… إلى غير ذلك, تجدون حياتهم الشخصية واقعاً بعضهم كانت مبنيةٌ على أعلى درجات الزهد وأعلى درجات التقشف وأعلى درجات القناعة.
هذه الأحاديث الإنسان واقعاً نظرة أولية عندما يلقيها في نهج البلاغة الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) عندما يقول في هذا الكلام المنسوب إليه وهو في (نهج البلاغة الخطبة 159) هذه عبارته (عليه أفضل الصلاة والسلام) وهي عبارة واقعاً صارت ضرب للمثل هذه العبارة [والله لقد رقعت] أو رقّعت [مدرعتي هذه حتّى استحييت من راقعها ولقد قال لي قائل: ألا تنبذها عنك, فقلت: أغرب عني فعند الصباح يحمد القوم السُرى] ذاك الوقت يوم القيامة سيتضح أن سلوكي كان صحيح أم سلوك الآخرين. هذه سيرة للأئمة (عليهم السلام) وإمام بل إمام الأئمة بعد رسول الله الذي يُقتدى في سيرته الشخصية, طبعاً أنا فقط مثال, وإلا في طعامه أيضاً ماذا؟ كان كذلك في تعامله مع بيته كان كذلك, في إعطائه أو نفقته على البيت كان كذلك, وهكذا والروايات كثيرة أيضاً لا رواية ولا روايتين حتّى أنه نقف واحدة نقول هذه ضعيفة السند وهذه قوية السند. هذا مورد عن أمير المؤمنين.
والمورد الثاني: في (الوسائل, ج5, مؤسسة: آل البيت, ص15, الحديث: 5767, باب عدم كراهة لبس الثياب الفاخرة الثمينة إذا لم تؤدي إلى الشهرة بل استحبابه) لبس الثياب الفاخرة الثمينة إذا لم تؤدي إلى الشهرة لم تكن متميزاً عن الناس, لا أنه ما في كراهة بل هو مستحب, >سمعت الرضا يقول: كان علي ابن الحسين يلبس ثوبين في الصيف يشتريان بخمسمائة درهم< مثل زماننا قد يقال مثلاً الثوب الذي لابسه يساوي عشرة ملايين دينار, وأيضاً إمامٌ معصوم يقتدى أو لا يقتدى, طيب أنت عندما تأتي وهذا بابٌ واسع في كتب علم الأخلاق باب واسع جداً, فالنتيجة ماذا تفعل لها؟ تقول والروايات متعارضةٌ مختلفةٌ فماذا نفعل, يميناً يساراً إلى آخره.
ولكن نفسهم الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أعطونا الضابط قالوا هذا وأمثاله يُعرف من كتاب الله طيب أعطونا ضابط علينا تأصيل الأصول وعليكم التفريع, تعالوا معنا إلى (الكافي, ج2, طبعة: بحوث دار الحديث, ص358) الرواية هذه: >قال حضرت أبا عبد الله الصادق وقال له رجلٌ أصلحك الله< الرواية (1083 كتاب الحجة, باب سيرة الإمام في نفسه في المطعم و… إلى غير ذلك) كما قلت لكم أن القضية ليست مختصة, باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس ..) إلى آخره >قال: حضرت أبا عبد الله وقال له رجلٌ أصلحك الله ذكرت أن علي ابن أبي طالب كان يلبس الخشن, يلبس القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك ونرى عليك اللباس الجديد أو اللباس الجيد وسيرتك لا تشابه سيرة جدك أمير المؤمنين< بتعبير أنا فبأيكما نتقدي بأمير المؤمنين أو بالإمام الصادق, >فقال له (عليه أفضل الصلاة والسلام)< التفتوا جيداً >فقال له (عليه أفضل الصلاة والسلام): إن علي بن أبي طالب كان يلبس ذلك في زمانٍ لا ينكر عليه< إذن أيضاً تعبير الزمان وارد ماذا؟ يعني صار الزمان ماذا؟ أعزائي قيد أو ليس بقيد؟ هذا الذي الآن المنهج المتعارف عندنا في تعارض الأدلة أن الزمان يؤخذ أو لا يؤخذ؟ لا يؤخذ, أساساً يجرد عن الزمان ثمَّ ينظر إلى ماذا؟
ولذا أنا معتقد واحدة من أهم الأبواب في باب التعارض أن الرواية ما هو زمن صدورها؟ ولكن نحن نتعامل معها أو لا نتعامل؟ أبداً ولا كأنه هذه وردت زمان الإمام الحسن, تلك وردت زمان الإمام العسكري, الإمام العسكري ما هي ظروفه, الإمام الحسن ما هي ظروفه, علي بن أبي طالب ما هي ظروفه, الإمام الكاظم ما هي ظروفه, الإمام الرضا ما هي ظروفه؟ أبداً أبداً, مباشرة نجردها, (بتعبير الإيرانيين ليسيده) يعبرون عنها, يعني ماذا؟ يعني تجريدها من كلّ الظروف المحيطة بها, فوقع عندنا هذه المشكلة التي لا حل لها, وهي التعارض بين الأئمة, وهكذا الأئمة يتعارضون, بتعبير أنا أقول والعباس ما يتعارضون هؤلاء, لأنه الإمام الصادق يتكلم لظروف زمانه والإمام الحسن يتكلم لظروف زمانه, كما أنه أعزائي الآن أنتم هذه الآن نحن نعيش في هذه الدولة المباركة الجمهورية الإسلامية, يقيناً أن أحاديث السيّد الإمام+ في عشرة أعوام أنت خذ أولها مطلب آخرها مطلب تلك مربوطة بزمان وهذه مربوطة بزمان, ما هي علاقة هذه, وأنتم دائماً تقولون والعرف ببابك, يعني نريد أن نفهم الأدلة تقولون الظواهر العرفية هكذا.
قال: >أن علي بن أبي طالب كان يلبس ذلك في زمانٍ لا ينكر عليه< يعني حال الناس أيضاً ماذا كان؟ (كلام أحد الحضور) هو هذا كان, لا, وضعهم المالي كان هذا, لا الزهد أبداً لا أوافق, وضع الناس هكذا كان, ما يستطيعون أكثر من هذا, >لا ينكر عليه, ولو لبس مثل ذلك اليوم شهر به< كان لباس ماذا؟ لباس شهرة كان حرام شرعاً, أنظروا الإمام أين ينقل القضية, من مستحب إلى حرمة, يقول من قال بأنَّ الإمام أمير المؤمنين لو كان في زماننا للبس ذلك اللباس لو لبس لكان لباس شهرة, والعكس بالعكس, انقل الإمام الصادق أين – طبعاً هذا فرض المحال بناءً على الحركة الجوهرية محال أنه ينقل شخص من زمان باعتبار أن الزمان جزء مكون بُعد رابع في وجود الشيء ولكنه هذا الفرض متعارف عند الناس لو جاء لا لا ما يمكن أن يأتي, لو جاء في زماننا يصير وجود آخر غير ذلك الوجود محال يصير نفس ذلك الوجود- على أي الأحوال بحث فلسفي هذا لا ندخل فيه ..
قال: >لبس مثل ذلك اليوم شهر به< إذن ماذا نفعل يا ابن رسول الله ما هو الضابط >قال: فخير لباس كلّ زمان لباس أهله< هذه الكلية, ماذا ألبس؟ هذه يواجهها كثير من الناس عندما يذهبون إلى بلاد الغرب, الآن قد يكون طبيعي ما في مشكلة, أما إذا ما صار طبيعي وواقعاً صار لباس, طيب لابدَّ أن يُسأل >فخير لباس كلّ زمان لباس أهل< نعم الآن عندما يأتي الإمام الثاني عشر ماذا يفعل؟ له حديث آخر, هل يعمل بسيرة جده أو يعمل بسيرتنا؟ ذاك حديث آخر. هذه رواية.
الرواية الأخرى: واردة في (وسائل الشيعة, ج5, ص19, الرواية 5775) الرواية: >دخل سفيان الثوري< الذي هو من مدعي التصوف في ذلك الزمان >على أبي عبد الله (عليه السلام) فرأى عليه ثياب بياض كأنه< كذا >فقال له: إن هذا اللباس ليس من لباسك، فقال له: اسمع مني وعي ما أقول لك، فإنه خير لك عاجلاً وآجلاً، إن أنت مت على السنة ولم تمت على بدعة< أخبره أنه إذن أنت تموت على بدعة ولكنّه بأدب >أخبرك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان في زمان مقفرٍ جدبٍ، فأما إذا أقبلت الدنيا فأحق أهلها بها أبرارها لا فجارها, ومؤمنوها لا منافقوها، ومسلموها لا كفارها، فما أنكرت يا ثوري؟! فوالله إني لمع ما ترى ما أتى عليّ مذ عقلتُ صباح ولا مساء ولله في مالي حق أمرني أن أضعه موضعا إلا وضعته<.
إذا كانت حالة الناس جيدة لابدَّ أن يظهر أثر النعمة عليهم, أما إذا كانت حالة الناس حالة فقر, وهكذا مجموعة من الروايات إلى أن يقول الإمام (عليه السلام) >أن علياً كان في زمان ضيقٍ فإذا اتسع الزمان فأبرار الزمان أولى بها<.
إذن سؤال: الحوزة العلمية ألف, والحوزة العلمية باء, ما نأتي بالأسماء, كيف نوسع أو نضيق على الطلبة الحوزة العلمية؟ (كلام أحد الحضور) لا فقط الزمان, حسب المكان, إذا كانت الحوزة العلمية في مكان القوة الاقتصادية الشرائية والناس وضعهم جيد ومدخولهم السنوي 15 ألف دولار سنوياً بلي فليلبسوا هذه طبيعة الناس, طبيعة الناس هذه, أما إذا كانت الحوزة العلمية في مكان فقر وحاجة وخرجوا من حروب و.. لابدَّ أن يعيش الطلبة ماذا؟ ما فيها ضابطة هذا ليست من التي تكتب في الرسالة العملية لابدَّ أن يعيش هكذا أبداً, هذه بيانات الأئمة, هذه ليست أنه صار عندنا كشف فيها بيانات الأئمة..
الآن افتحوا هذا الباب, الآن أنا ضربت مثال ما هو؟ مثال في الملبس, افتح هذا الباب في المطعم, بعده شخصي, افتح هذا الباب في التوسعة على العيال والتضييق على العيال, هذا الباب كثيراً توسع صار أسري, افتح هذا الباب في العطاء للناس وعدم العطاء لهم, كيف أعطي أزيد صرر مملوءة دنانير ذهبية أعطيه أم صرر مملوءة نحاس أعطيه؟ لا هذا يختلف باختلاف الظروف, اصعد إلى درجة, في العلاقات الاجتماعية هذه كلها ليست فيها ضابطة واحدة حتّى نقول هذه هي الأصل وهذا هو الفرع, وأعظمها جميعاً مسألة سلوك الأئمة (عليهم السلام) في مواقفهم السياسية مع السلطات, أيهما الأصل, سلوك الإمام الحسن أم سلوك الإمام أمير المؤمنين أو سلوك الإمام السجاد, أو سلوك الإمام الباقر والصادق أم سلوك الإمام الرضا, أم سلوك الإمام الجواد والهادي والعسكري أي السلوك؟ الجواب: كله أصلٌ في موقعه, ولكن نحن لأننا لم نلتفت إلى هذه القضية.
فلهذا إذا شخص عندنا مرجعٌ أن الموقف لابدَّ أن يكون حسنياً مباشرة اتهم, قالوا هذه إذلال كيف يصير هكذا, شخص آخر يشخص أن الموقف لابدَّ أن يكون رضوياً لماذا؟ لأننا جعلنا جميعاً الموقف لابدَّ أن يكون موقفاً حسينياً فكله نقيس إلى موقف الحسين فنجده ينسجم أو لا ينسجم؟ مع أنه نقسم الأئمة عندنا والله لا فقط الإمام الحسين, عندما الإمام الحسن عندنا الإمام الرضا وهؤلاء كلهم مواقفهم شرعية ولكن كلٌ بحسبه بحسب زمانه, عند ذلك يوجد تعارض أو لا يوجد تعارض؟ يرتفع التعارض, لا تعارض, بمجرد أن أخذت الزمان والمكان والظروف والشروط الاجتماعية والمالية والاقتصادية والسياسية خذها بعين الاعتبار تنحل ماذا؟ لا تعارض سالبة بانتفاء الموضوع, لا أنه نقول أنه الموضوع تحقق وهو التعارض إذن ما هو وجه الجمع بين المتعارضات والمتنافيات.
مثالٌ ثالث: في المثال الثالث وهو مثال مهم جداً, أنا انتخبت مئات من الأمثلة يكون في علم الأعزة الله يعلم الأمثلة مئات ولكن أنا انتخبت من كلّ باب مثال مهم, هذا المثال جاءنا في (الكافي, للكليني, ج14, ص430) الرواية واردة في (كتاب الديات, باب الخلقة التي تقسم عليها الدية في الأسنان والأصابع, رقم الحديث 14334, بحث طبعة دار الحديث) >فقال الحكم< السائل يسأل الرواية طويلة أنا وسط الرواية أقراها >فقلت: أن الديات< يقول لمن الرواية؟ الرواية عن الإمام الباقر >قلت لأبي جعفر (عليه السلام)<, >فقلت: أن الديات إنَّما كانت تؤخذ قبل اليوم من الإبل والبقر والغنم< الآن إما مائة إما ألف إما عشرة إلى آخره, يعني أن الديات تُعطى نقود أو تُعطى أعيان؟ هذه الرواية يقول السائل هكذا, >قال: فقال: إنَّما كان ذلك في البوادي قبل الإسلام, فلما ظهر الإسلام وكثرت الورق في الناس< يعني ماذا صار بين الناس؟ نقود >قسمها أمير المؤمنين< يعني الديات التي كانت أعيان >قسمها على الورق, قال الحكم: فقلت له: أيهما أفضل< يعني الذي يريد أن يدفع الدية يدفع ورق أم يدفع عين؟ أيهما أصلح >قال الحكم فقلت له: أرأيت من كان اليوم من أهل البوادي ما الذي يؤخذ منهم في الدية اليوم إبلٌ أم ورقٌ, قال: فقال: الإبل اليوم مثل الورق< أساساً الآن ماذا؟ تساويا, يعني: قيمة الإبل تساوي قيمة النقود, ولكن هذا متى يتم أعزائي؟ (كلام أحد الحضور) لا, لا فقط ذلك اليوم, وإنما يتم في زمن لا يوجد فيه تضخم, وإلا بينك وبين الله قبل شهر أنت مشتري حاجة الآن تذهب كم ارتفعت الحاجة, فعندما يريد أن يعطي الزكاة فالأفضل أن يعطي أعيان أم يعطي نقود وأوراق أي منها؟ هذا من لابدَّ أن يعينه, من يعينها؟ الفقيه المرجع لابدَّ أن يعينه يقول في هذا الزمان لا لا, لم تعطوا نقود لأنه النقود في كلّ عشرة أيام عشرة بالمائة قيمة النقود تسقط, فإذن في مصلحة صاحب الحق النقود أو ليست في مصلحته؟ ليست في مصلحته.
وتظهر عندنا مسألة أخرى وهو أنه تُعطى أنت سهم إمام سهم سادة أو أي حق شرعي كان, بعملةٍ ولكن العملة الثابتة في العالم, الثابتة يعني التضخم فيها قليل جداً, فمن حقك أن تحولها إلى عملة أخرى ضعيفة أو ليس من حقك؟ من حقك أو ليس من حقك؟ يعني: الآن المثال المعروف الآن في كثير من الأزمنة في كثير من البلدان العملة الكذائية ألف تساوي ألف وحدة ولكن بعد عشرة أيام تساوي ألف وخمسمائة وحدة أنت ليس من حقك أن ترفع تلك الوحدة وتحولها إلى ماذا؟ إلى عملة أخرى أبداً من حقك, فإذا فعلت فأنت ضامن؟ لماذا؟ لأنه ضيعت حق من أنت؟ ضيعت حق صاحب الحق, حق صاحب الحق ضاع هنا, هذه كلها موجودة في روايات أهل البيت ولكن مع الأسف الشديد ثقافة الفقه عندنا جردت الأبحاث عن الزمان والمكان المحيط بهم, >قال: فقال: الإبل اليوم مثل الورق, بل هي أفضل من الورق في الدية إنهم كانوا يأخذون منهم في الدية الخطأ كذا, قلت له: فما أسنانه ..< إلى آخره.
إذن أعزائي من هنا يظهر لنا بأنه في مطلق الحقوق الشرعية عندما يأتي الشخص ويقول عندي حقوق شرعية لابدَّ أن الولي ولي ماذا؟ ولي ذلك الحق, أن يشخص أن المصلحة في هذا أو أن المصلحة في ذاك, لا أن يكتب في الرسالة العملية, الآن راجعوا في الرسالة العملية, لا أن يكتب في الرسالة العملية ويحق للمالك تبديلها إلى الورق؟ لا ليس من حقه أن يبدلها إلى الورق مطلقاً, نعم في حال يحق له وفي حال لا يحق له, إذا كان الإبل مثل الورق فيحق له التبديل ما في مشكلة, أما إذا لم يكن كذلك كان الورق في تذبذب تصاعد صعود ونزول سقوط في بعض الأحيان, فيحق له أن يبدلها إلى الورق أو لا يحق له ذلك؟ لا يحق له ذلك.
عنده قطعة من الأرض وفيها الخمس, لابدَّ خمسها يدفعها لصاحب الحق, يقول دعه مباشرة هذا الدينار أو الدرهم أو التومان أو الليرة كلها يوم على يوم تتساقط, مباشرةً دعني خمسها أحولها إلى كم؟ إلى ورق وعندما أدفع أذهب أيضاً إلى الفقيه وأجعل معه مصالحة وأقول له بعد ستة أشهر أدفع فهي من هذه اللحظة إلى الستة أشهر مقدار خمس الأرض صار عشرة أضعاف صار خمسة أضعاف على من ضاع هذا الحق؟ على صاحب الحق المسكين. والفقيه لم يلتفت, يتصور أنه ما فيها مشكلة, لا لا.
فلهذا لا يأتي شخص عندي ويجعل حقوق وإلا مشكلة مشكلة, يذهب إلى غير مكان, وإلا, إذا الموازين الشرعية, إذا موازين غير شرعية افعلوا ما تشاؤون, هذا أيضاً مثال.
مثال آخر وارد في المقام وهو من الأمثلة العملية والمهمة جداً حتّى أغلق هذا الباب باب عامل الزمان والمكان, وهو ما ورد في (الكافي, ج7, ص7, طبعة بحوث دار الحديث, كتاب الزكاة, الباب الأوّل: الحديث الأوّل) الرواية ظاهراً معتبرة >عن حريز عن زرارة عن محمد بن مسلم أنهما قالا لأبي عبد الله أرأيت قول الله عزّ وجلّ {إنَّما الصدقات للفقراء والمساكين} أكل هؤلاء يُعطى وإن كان لا يعرف< شرط الإيمان في إعطاء ماذا؟ الآن أنتم ارجعوا في مستحق الزكاة وحدة من الشروط ماذا؟ الإيمان, نفس هذا مرتبطة بواحدة من الروايات, >فقال: إن الإمام يُعطي هؤلاء جميعا< من يعني؟ من يعرف ومن لا يعرف, التفت إلى التعليل من الإمام واحفظ هذا التحليل حتّى تفهم أن القراءة المعاصرة للنصوص تكون بغير تلك الطريقة الكلاسيكية >قال: لأنهم يقرّرون له بالطاعة< بعبارته الحديثة: لأنهم كلهم مواطنون هؤلاء, فإذا كانوا جميعاً مواطنين فيعطى أو لا يعطى؟ يقرون هو إمامهم وهذا مأموم, الآن هذا المأموم لا ننظر بأنه شيعي أو ماذا؟ يعرف أو لا يعرف؟ بمجرد أن يقر الطاعة للإمام الوالي فيجب ماذا؟ أن يُعطى التفت جيداً >قال: قلت: فإنَّ كانوا لا يعرفون< أصلاً ما يعرفون الإمام ليسوا من الموالين >فقال: يا زرارة لو كان يُعطي< يعني الإمام قيد الإمام أحفظوه >لو كان يُعطي من يعرف دون من لا يعرف لم يوجد لها موضعٌ< يعني: الشيعة قليلين جداً, طيب إذا فقط نعطي للشيعة له مورد أو لا مورد له؟ لا يبقى له مورد, إذن ماذا نفعل في هكذا ظروف؟ >قال: وإنما يُعطي من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه< هذا ماذا؟ هذه القاعدة العامة >فأما اليوم< التي نحن إمامتنا قائمة أو غير قائمة؟ لا, ليست قائمة >فأما اليوم فلا تُعطها أنت وأصحابك إلاَّ من يعرف< إذن القضية أخرجها من إمام ورعية إلى ماذا؟ إلى زماننا, أو إلى زمانه, >إلاَّ من يعرف, فمن وجدت من هؤلاء المسلمين عارفاً فأعطه دون الناس<.
سؤال: كيف تصرف الحقوق الشرعية؟ ما هو الضابط؟ لا توجد ضابطة كلية تكتب أين؟ في الرسالة العملية, أبداً, هذه تختلف من مكان إلى مكان ومن شرائط إلى أخرى ومن … إلى غير ذلك, ففي مكان قد تُعطى لمن لا يعرف, وفي مكان لا تُعطى إلاَّ لمن يعرف, هذه من يشخصها؟ المكلف؟ هذا شغل المكلف أم عمل المحيط بالأوضاع الاجتماعية والسياسية؟ هذا عملُ المرجع بالمعنى الذي أفهمه من المرجع لا المعنى اللغوي له, المعنى بالحمل الشائع يعني: مرجع واقعاً للناس في كلّ شؤون حياتهم بقدر ما يستطيع يكون مرجعاً للناس, لابدَّ أنه يقول في هذا الظرف تُعطى لمن لا يعرف, وفي هذا الظرف لا تُعطى إلاَّ لمن يعرف.
هذا مضافاً إلى كما قلت, أنه هناك المئات من الموارد التي صرح بها الأئمة أن للزمان مدخلية في هذا الحكم الذي يبينون. وعلى هذا الأساس فكثير من دوائر التعارض سوف ترتفع من البين.
العوامل الأخرى تأتي.
والحمد لله رب العالمين.