الأخبار

تعارض الأدلة (15)

بسم الله الرحمن الرحيم

و به نستعين

و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

كان الكلام في المقام الأوّل من مسألة التقية.

قلنا: أن هناك أسباب متعدّدة أدّت إلى أن يقول الأئمة شيءٌ وإن كان ذلك الشيء الذي يقولونه لا يعتقدون به.

طبعاً من الواضح عند الأعزة نحن نتكلم في البحث الفقهي وإلا البحث العقائدي له بابٌ أوسع من هذا الباب. ولعلّه إذا جاءت مناسبة أيضاً نشير إلى بعض النماذج المرتبطة بالبحث العقائدي.

أشرنا إلى أسباب ثلاثة فيما سبق, ووقفنا عند السبب الرابع. هذا السبب الرابع أشار إليه بشكل واضح ومفصل, سيدنا الأستاذ السيّد الشهيد+ في (تقريرات السيّد الهاشمي, ج7, ص34) أنا أشير إلى بعض عبارات السيّد الشهيد يقول: [ولكنه ينبغي أن نشير إلى أنّ التقيّة التي كان يُعملها الأئمة لم تكن تقيّة من حكّام بني أميّة وبني العباس فحسب] كما أشرنا أنه في السبب الثالث كانت التقيّة من السلطات, [بل كان] وهذه هي النقطة الأساسية التي على أساسها لابدَّ أن نفهم كثير من كلمات الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) [بل كانوا يواجهون ظروفاً اضطرتهم إلى أن يتقّوا أيضاً من المسلمين والرأي العام عندهم] أن الثقافة الدينية وصلت إلى مرحلة وأن الناس ثقفوا بثقافات لا يمكن مجابهة تلك الثقافات.

وأنا ذكرت هذا المعنى مراراً للأعزة قلت الآن لعله كثير من الشعائر الموجودة عندنا في حياتنا وفي ممارساتنا وفي كثير من البلدان الشيعية, لعله أنت عندما تجلس بشكل خاص مع المراجع يقول بأنَّ هذه غير صحيحة أو أن هذه غير مشروعة, ولكن يستطيع أن يجابهها وأن يتصدى لها أو لا يستطيع ذلك؟ لا يستطيع لا لشيء, بل باعتبار أنها تجذرّت في أذهان الناس في فكر الناس في عادات الناس في علاقات الناس في دين الناس, صارت جزءٌ لا يتجزأ من دين الناس, فلا مصلحة ولا حكمة أيضاً في مجابهتها بشكل مباشر وإنما تحتاج إلى ثقافة بديلة إلى توعية حتّى أن الناس يقلعوا عن تلك الأمور.

[فلا يصدر منهم ما يتحدى معتقدات العامّة ويخالف مرتكزاتهم وموروثاتهم الدينية التي تدخّلت في نشأتها عوامل كثيرة في ظل الأوضاع التي حكمت المسلمين في تلك الفترة من التاريخ] يعني من بعد رسول الله’ إلى أوائل سقوط النظام الأموي, ليست قليلة فترة 120 عاماً, مائة وثلاثين عام, مائة عام, [فإنَّ المتتبع] الآن لماذا أن الأئمة فعلوا ذلك؟

الجواب: فعلوا ذلك حتّى يجدوا لهم طريقاً للنفوذ إلى فكر الناس وإلى فكر المسلمين, وإلا هو بعد ألف سنة إلى الآن يحاولون أن يقولوا أن الشيعة فكرٌ مستورد من الآخر, فكرٌ يهودي, فكرٌ سبأي, فما بالك بتلك الأزمنة, فهل كان بالإمكان بإمكان الأئمة أن يصطدموا مع هذا الموروث الموجود في أذهان الناس [فإنَّ المتتبع لحياة الأئمة يلاحظ أنهم كانوا حريصين كلّ الحرص على كسب الثقة والاعتراف لهم بالمكانة العلمية والدينية, من مختلف الفئات والمذاهب التي نشأت داخل الأئمة الإسلامية وإن كلفهم ذلك بعض التنازلات والتحفظات] وإن أدّى أن يقولوا في كثير من الأحيان أو في جملة من الأحيان ما لا يعتقدونها.

طبعاً هنا لابدَّ أن يلتفت أنه صحيح أنه بشكل عام كان هذا موجود ولكنّه أيضاً بشكل خاص كان لهم تلامذتهم الخاصون الذين بينوا لهم الحقائق الصحيحة, لا يتبادر إلى الذهن, فهنا على الفقيه على المتتبع على المتفحص أن يميز جيداً أن الكلام الذي صدر للرأي العام ما هو؟ والكلام الذي هو رأيهم في المسألة ما هو؟ يعني لا نأتي فقط مباشرة نقول هذه الروايات وردت عنهم إذن هذا رأيهم لا لا, لابدَّ أن نقرأ ظروف هذه الروايات وصدور هذه الروايات, فإذا قرأناها جيداً, عند ذلك نعرف أنه لا, القضية إنَّما صدرت بهذه الاعتبارات, بهذه الخصوصيات.

وإلا لو لم تصدر لو لم تكن هذه الظروف لما صدرت مثل هذه الكلمات منهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

ولذا عبارته السيّد الشهيد يقول: [لكي يستطيعوا بذلك أداء دورهم الصحيح وتمثيل ثقلهم التشريعي والمرجعي الذي تركه لهم النبي في الأمة في الوقت الذي يحفظون به أيضاً على حياتهم وعلى حياة أصحابهم المخلصين وهذا هو السبب فيما يلاحظ في أحاديثهم من الاعتراف في كثير من الأحيان بالمذاهب الأخرى وفتاوي علمائها].

أساساً كما سنشير إلى بعض الروايات, أساساً كانوا يوصون الذين يجلسون ويفتون الناس أنه لا تكتفون بذكر رأينا, أذكروا آراء الفقهاء الآخرين, العلماء الآخرين لماذا؟ حتّى يقولون نحن أيضاً مع هؤلاء ولكن في الضمن أيضاً يُشار إلى رأيهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

أقرأ رواية واحدة وأنتقل من هذا العامل, الرواية واردة في (كتاب وسائل الشيعة, ج13, ص233, الرواية معتبرة, كتاب الأمر والنهي الباب ثلاثون, باب وجوب التقية في الفتوى مع الضرورة, رقم الرواية 21443) >قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني أقعد في المسجد فيجيء الناس فيسألون فإنَّ لم أجبهم لم يقبلوا مني وأكره أن أجيبهم بقولكم وما جاء عنكم< لماذا يكره؟ الجواب: واضح, يكره لا لأنه يكره أن يقول قول الأئمة, مباشرةً يُدعى أنه خارج عن الدين, شاذ هذا القول لأن الموروث الديني شيء آخر في المجتمع, >وأكره أن أجيبهم بقولكم وما جاء عنكم, فقال لي: أنظر ما علمت أنه من قولهم فأخبرهم بذلك<. هذه الرواية أحفظوها عندي شغل معها.

الرواية الثانية: >عن أبيه معاذ بن مسلم النحوي, عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): قال: بلغني أنك تقعد في الجامع فتفتي الناس, قلت: نعم, وأردت أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج إني أقعد في المسجد فيجيء الرجل فيسألني عن الشيء فإذا عرفته بالخلاف لكم أخبرته بما يفعلون ويجيء الرجل أعرفه بمودتكم فأخبره بما جاء عنكم ويجيء الرجل لا أعرفه ولا أدري من هو فأقول جاء عن فلان كذا وجاء عن فلان كذا, فأدخل قولكم فيما بين ذلك< محل الشاهد >قال: فقال لي: اصنع كذا فإنّي كذا أصنع<. جيد.

إذن كان الإمام أيضاً كلّ الأقوال الذي يبينها إذن ليست بالضرورة هي أقوال الإمام بعض الأقوال أقوال الآخرين يشير إليها, لماذا؟ لهذا الجوي الفكري والديني والعقائدي الذي كان يحكم المجتمع. فإذا لم نميز جيداً بين ما هو رأي المدرسة وما هو مذاق المدرسة وما هو منسجم مع مباني المدرسة عند ذلك نقول وقع التعارض. أما إذا أنت المباني بيدك القواعد بيدك ذوق المدرسة بيدك, الضوابط والإطار العام لقواعد المدرسة بيدك تقول هذا لا, هذا ليس لرأيهم وإنما للجو الذي كان حاكماً في ذلك الزمان.

ثمَّ هناك نكتة تشير إليها هذه الروايات, التفتوا ما هي النكتة؟ وهي: أن هؤلاء الذين كانوا يجلسون ويتكلمون فبعض الأحيان يقول: >وأكره أن أجيبهم بقولكم وما جاء عنكم, فقال لي: انظر ما علمت أنه من قولهم فأخبرهم بذلك< يعني: زرارة جالس وجاء شخص وزرارة يعرفه هذا الإنسان من الموالين أو من المخالفين؟ من المخالفين فسأله عن مسألة, فزرارة بتوصية الإمام ماذا قال؟ أجابه بما يقوله الأئمة أم بما يقولون؟ بما يقولون, جنابك أيضاً هذا الجالس لا يعلم أن زرارة قال هذا الكلام بتوصية من الإمام قال له أفعل ذلك, فغداً ينقل الرواية وأنا أقول هذا مضمرة لأن زرارة ينقلها عرفت كيف, إذن زرارة عنده رواية أخرى تقول حكم ألف وهنا عنده مضمرة تقول حكم باء, ماذا يقع بينهما؟ تعارض, وهي في الواقع يوجد تعارض أو لا يوجد تعارض؟ لماذا؟ لأن حكم الله ذا, هذا الذي بينه بتوصية من الإمام لظروف خاصة قال هذا, ولكن أنت جالس في مجلس لا تعلم أنه هذا زرارة تتصور ينقل عن من؟ باعتبار أنه إذا قلنا فيما سبق, أن المضمر إذا كان أمثال زرارة فإنه لا يضمر إلاَّ عن من؟ عن الإمام (عليه السلام) إذن تقول هذه ينقلها عن الإمام.

ولذا أعزائي, وهذه واحدة من أهم مخاطر الروايات الواردة وخصوصاً في المضمرات, بل حتّى الواردة من الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لماذا؟ أعزائي, واقعاً هذا فقهنا وتراثنا يحتاج إلى عمل, طبعاً أنا ما أريد أن أقلل من جهد الأعلام على مر ألف سنة, أبداً, ولكنّه نحن الآن توفرت لنا من التحقيقات ما لم تتوفر للمتقدمين, ما لم تتوفر للسابقين, بينكم وبين الله الآن أحد الأكابر أحد العلماء أحد المراجع -عبر ما تشاء- جالسٌ في مجلس وممتلئ المجلس بخمس ست نفرات عشر نفرات وذلك المتكلم يعرفهم فرداً فرداً ويعرف في هؤلاء يوجد إما مخالف إما جاسوس وإما … إلى غير ذلك, فعندما يبدأ الإمام بالتكلم, يتكلم كيف؟ يأخذ بعين الاعتبار ذلك الجالس أو لا يأخذ؟ ولكن أنت الذي لا تعرف من الجالس في ذلك المجلس فتخرج تقول أن الإمام سُئل كذا وأجاب قال لا إشكال قال يجوز, قال يجب, قال يحرم, مع أن الإمام كان هذا الكلام قاله بلحاظ بعض الموجودين في المجلس, وأنت تأتي وتجرد الرواية, أن هذا الكلام أين صدر؟ لا تأخذ بعين الاعتبار من كان في المجلس, من كان خارج المجلس, من … إلى غير ذلك.

والروايات أعزائي, خصوصاً في باب العقائد, الأخوة يتذكرون هناك رواية أنه نسب الإمام إلى علم الغيب, الإمام ماذا يقول, مجلس عام؟ يقول: جاريتي خرجت لا أعلم في أي الدور هي, كيف تنسبون إلى علم الغيب وأنا الآن جاريتي خرجت في أي غرف هي؟ يقول: السائل فعندما قام الإمام من مجلسه دخلنا خلفه يعني ماذا؟ يعني المجلس كان مجلس عام الإمام أكثر من هذا ما كان يستطيع أن يتكلم, فقلنا له, بدأ الإمام يبين مقامه العلمي, الرواية موجودة في (أصول الكافي) أنا ما أدري الآن استطيع الآن جاءت إلى ذهني, الراوية في (أصول الكافي في النسخة القديمة) أنا أعلم مكانها ولكن في هذه النسخة الجديدة أنظر بأنه يمكن أن أستخرجها للأعزة أم لا؟ والرواية جداً يتذكرها الأعزة وأنا أتذكرها جيداً, (كلام أحد الحضور) بلي (كلام أحد الحضور) بلي معروفة من الروايات المعروفة, على أي الأحوال الآن ما أدري بهذه النسخة في تلك النسخ التي بيدي أعرف مكانها النسخة القديمة, عرفت كيف, ولكن هذه النسخ. الآن نرى بلي لعله في هذه, الرواية قال: >كنت أنا وأبو بصير< الرواية (في الطبعة القديمة, ج1, ص257, وهذه الطبعة التي هي لمؤسسة دار الحديث, ج1, ص638, رقم الحديث 667) >كنت أنا وأبو بصير ويحيى البزاز وداود ابن كثير في مجلس أبو عبد الله, خرج إلينا وهو مغضب, فلما أخذ مجلسه قال يا عجباً لأقوام يزعمون أنّا نعلم الغيب, ما يعلم الغيب إلاَّ الله عزّ وجلّ لقد هممت بضرب جاريتي فلانة فهربت مني فما علمت في أي بيوت الدار هي< في أي بيوت الدار يعني في أي غرفة من هذه الغرف, >قال سدير: فلما أن قام الإمام قام من مجلسه وصار في منزله< يعني دخل إلى مكانٍ خاص >دخلت< هؤلاء الأربعة >دخلت أنا وأبو بصير وميسر وقلنا له: جعلنا فداك سمعناك وأنت تقول كذا وكذا, في أمر جاريتك ونحن نعلم أنك تعلم علماً كثيرا, ولا ننسبك إلى علم الغيب< وليس بهذا القدر أنه جاريتك ما تدري أنها بأي غرفة هي, صحيح ليس بعلم الغيب, ولكن هذا القدر … >قال: فقال: يا سدير ألم تقرأ القرآن, قلت: بلي, قال: فهل وجدتَ فيما قرأت من كتاب الله عزّ وجلّ: {قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} قال: قلت: جلعتُ فداك قد قرأته, قال: فهل عرفت الرجل وعلمت ما كان عنده من علم الكتاب, قال: قلت: أخبرني به, قال: قد قطرةٍ من الماء< هذا الذي كان عنده من, باعتبار أنها تفيد التبعيض >قال: قد قد قطرةٍ من الماء, قال: قلت: جعلت فداك ما أقل هذا< إذا كان قطرة من بحر فعلمه جداً قليل, >قال الإمام: فقال: يا سدير ما أكثر هذا< عجيب قطرة من بحر ما أكثر, قال: نعم, لأن الله ينسبه إلى العلم, الله عندما يقول واحد عنده علم من الكتاب وإن كان هو قطرة من بحر ولكن الله عندما يقول عنده علم, طيب ما شاء الله علمه, >يا سدير, ما أكثر هذا أن ينسبه الله عزّ وجلّ إلى العلم الذي أخبرك به, يا سدير فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عزّ وجلّ: {قل كفى بالله شهيداً بيني وبينك ومن عنده علم الكتاب} قال: قلت: قد قرأته جعلت فداك, قال: فمن عنده علم الكتاب كله أفهم< يعني أعلم >أم من عنده علم الكتاب بعضه, قلت: لا, بل من عنده علم الكتاب كله, قال: فأومأ بيده إلى صدره وقال: علم الكتاب والله كلّه عندنا, علم الكتاب والله كلّه عندنا<.

إذن الآن الإمام (عليه السلام) إذا لم توجد هذه الخصوصيات في الرواية مباشرة نحن نجعل هذه الرواية معارضة لأي روايات؟ للروايات التي قالت عندنا ما كان وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة, الآن هذه الرواية, هذه لا تصير قضية في واقعة هذا معنا ذلك, أنه علينا إلقاء الأصول وعليكم أن تفهموا نصوصنا, أنه كثير من الأمور التي قلناها عن أنفسنا كان هناك محاذير في المجلس نستطيع أن نتكلم أو لا نستطيع, لا نستطيع أن نتكلم, لا تذهب إلى عنوان التقية, والله بالله, هنا المجلسي وغير المجلسي قال: القول الأوّل تقية, أعزائي أي منطق هذا, تقية تقية, ليست تقية هذه, وإنما >أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم< لأنه هذا عنوان التقية أخذ مفهوم سلبي في أذهان كثير من الناس, الآن تجدون في الفضائيات وفي المواقع يجعلون التقية عنوان سلبي, طيب لماذا استعمل هذا العنوان الذي فيه بعد سلبي, طيب الإمام (عليه السلام) المجلس كان يتحمل أو ما يتحمل؟ المجلس ما يتحمل, وهم قد أمروا >أن يكلموا الناس على قدر عقولهم< فلماذا مباشرة نذهب إلى عنوان التقية.

أنا إنَّما طرحت هذا هنا, أنا وإن كان لا أقبل أنه تقية, ولكن طرحته لبيان أنه كثير من الروايات الواردة في كلماتهم هي لابدَّ أن ينظر إليها مقتضى حال الجالس السائل لا يتحمل, موروثة أساساً يصطدم قد يخرج من الدين, قد يكفر بكل شيء, فأنت مضطر بأنَّ تبين له الحقائق تدريجاً درجة أو أدنى الدرجات.

إذن أعزائي هذه أيضاً من النكات التي لابدَّ أن يلتفت إليها في مسألة تضييق دائرة الروايات المتعارضة.

تعالوا معنا, هذا المقام الأوّل من البحث, ما هو؟ قلنا: أنّ هناك كثير من الكلمات صدرت من الأئمة ولكنها لا لبيان واقع الحال لبيان حقائق المعرفة الدينية وإنما لأسباب أخرى أشرنا إلى جملة منها.

المقام الثاني, في بحث التقية, قلنا يوجد البحث في مقامين, طبعاً هذا المقام الثاني مرتبطٌ بأبحاث الترجيح, ما وافق الكتاب هذه الصورة الأولى أو الحالة الأولى أو الترجيح الأوّل, ثمَّ ماذا؟ ما خالف العامّة. فهل – في المقام الثاني- هل أن التقيّة من موافقة العامّة ومخالفة العامّة من مرجحات الخبر, يعني: هل أنّ الخبر إذا كان موافقاً للعامّة ففيه نقطة ضعف وإذا كان مخالفاً للعامّة ففيه نقطة قوّة.

أعزائي في هذه القضية إجمالاً كفتاوى أشير إليها إجمالاً وإن شاء الله تعالى تحقيقه في محله, أساساً ما معنى مخالفة العامّة وموافقة العامّة أعزائي, عدّة نظريات موجودة, عدّة احتمالات موجودة, عدّة تفاسير موجودة, هذا موكول إلى محلّه ليس محل كلامنا هنا, ما معنى نوافق أو نخالف, أن الرواية ما وافقت وما خالفت, ما معنى ذلك.

أنظروا الروايات هذه, الروايات ليست كثيرة بعض الروايات واردة بهذا المضمون, انظروا إلى هذه الرواية >قال: فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامّة فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه< ما معنى موافقة ومخالفة؟ كما أعزائنا عندنا في القرآن الكريم نظريات متعددة >إذا ورد عليكما حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق< ما معنى وافق؟ تتذكرون وقفنا عند مسألة الموافقة والمخالفة, معنى الموافقة الموافقة لآية معينة أو الموافقة للمضمون للمجموع أي منهما؟ نفس هذا الكلام أين يأتي؟ في الموافقة مع العامّة والمخالفة مع العامّة, مع الأسف الشديد كلّ من عملوا بهذه الروايات تصوروا أنه قائل أبو حنيفة يعني جعلوها قضية رياضية يعني حدية يعني بآية معينة, أنظروا أيوجد رأي للسنة بهذا, إذن هذه رواية أبعدوها. ما أدري واضح أم لا؟ طيب جيد جداً, طيب ذاك كان الرأي الآخر أيضاًِ كان يوجد واحد آخر من علماء السنة تلك أيضاً أبعدوها, طيب الطائفة الثالثة الرأي الثالث من السنة يقول, إذن كلّ الروايات اجعلوها ماذا؟ كلها تصير موافقة للعامة, وكلها تصير مخالفة للعامة أيضاً تصير, لأن ذاك الرأي لا يوافق عليه أبو حنيفة طيب يصير مخالفة للعامة, طيب ذاك لا يوافق عليه الشافعي تلك موافقة للعامة, وكلها تصير, كلها تصير موافقات وكلها تصير مخالفات, نفس هذا الكلام يمكن أن يقال في الآيات القرآنية, قد أنت مع آية تنسبها موافقة, مع آية أخرى ماذا يصير؟ مخالفة.

إذن ما معنى الموافقة والمخالفة, هذا بحث إن شاء الله تعالى في محله.

أعزائي في هذه المسألة وهي موافقة العامة ومخالفة العامة بنحو الإجمال هذا الكلي, يوجد اتجاهات ثلاثة بين علماء الإمامية:

الاتجاه الأوّل: يرى أن الموافقة والمخالفة بالمعنى الحرفي, هو أقوى أساليب الترجيح, أصلاً أقوى وأعظم وأهم أساليب الترجيح هو ماذا؟ وهذا هو رأي الذي أشرنا إليه أمثال المحدث الاسترابادي وأمثال البحراني وغيره الذين قالوا أقوى أسباب الاختلاف هو ماذا؟ هو التقية, أصلاً أصل كلّ بلية فإذا كان الأمر كذلك فأفضل الطرق للتخلص ماذا؟ إذا وجدنا موافقة للعامة فاضرب بها عرض الجدار هذه صدرت تقية. أعزائي واقعاً هذا تراثنا موجود في تراثنا.

والغريب والغريب والغريب للمرة الثالثة, أنه نحن عندما نرجع إلى جملة من الروايات التي قال عنها هؤلاء الأعلام أنها صدرت تقية نفس هذه الروايات عُرضت على الأئمة قالوا أنه ورد عنكم كذا وورد عنكم كذا لم يقل الإمام أن هذه وردت تقيةً, طيب أعزائي إذا كانت هذه واردة تقيّةً خصوصاً في باب الخمر, في غير باب الخمر, النجاسة والطهارة معروفة المسألة عرضت الروايات على الأئمة المتأخرين على الإمام الكاظم على الإمام أنه ورد عن آبائك كذا, لم يقل, إذا كانت تقية كما قال في صيد البزاة والصقور أنه في بني أمية هنا أيضاً كان يقول صدرت تقية وانتهت القضية, ونفس هذا الكلام نحن قلناه في باب الزكاة, قلنا في باب الزكاة الاختلاف بين الأمور التسعة وغير التسعة, صاحب الحدائق حملها على ماذا؟ قال: هذه التسعة هي الواجبة وما زاد هي تقيّة.

سؤال: طيب أيها المحقق أيها المحدث طيب الإمام الرضا عندما نقلت إليه أنه جدك كان يقول كذا, طيب أسهل طريق ماذا كان يقول لنا, طيب هذه صدرت تقية وانتهت القضية, لماذا لم نجد هذا الكلام, كما وجدناه في موارد أخرى لم نجده في هذا المورد. المهم هذا الاتجاه الأوّل.

الاتجاه الثاني: إجمالاً, الاتجاه الثاني: يقول لا, هو أحد عوامل الترجيح, التقية عامل في مقابل عوامل أخرى للترجيح فإذا كان موافقاً يضعف إذا كان مخالفاً يرجح يكون قوي, هذا الاتجاه الثاني.

الاتجاه الثالث: يجعل موافقة العامة ومخالفة العامة من أضعف عوامل الترجيح بل لا مرجح, وهذا الذي نحن نختاره, نقول لا, أساساً نحن جداً إذا له موارد فموارده قليلة ونادرة جداً, وإلا فالأعم الأغلب لا أبداً وعندنا شواهد كثيرة على ذلك لعله إن شاء الله تعالى نشير إلى بعضها.

والحمد لله رب العالمين.

  • جديد المرئيات