بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين
قلنا: من الأصول المهمة والقواعد الأساسية في باب فهم أسباب اختلاف الأحاديث الواردة عن النبي’ وأئمة أهل البيت (عليه أفضل الصلاة والسلام) هو الوقوف على أنّه في كثيرٍ من الموارد نحن نتصور ونتوهم أنّه يوجد اختلاف, ولكنّه في الواقع لا يوجد أي اختلافٍ.
وبعبارةٍ أخرى, قلنا: أنه أساساً قبل الدخول في بيان طرق معالجة التعارض والاختلاف بين الروايات لابدَّ أن نثبت أولاً: يوجد تعارض واختلافٌ أو لا؟ فإذا ثبت الاختلاف لابدَّ أن نسأل كيف نعالج هذا الاختلاف, إذا ثبت التعارض نسأل كيف نعالج هذا التعارض.
وبعبارةٍ أوضح, قلنا: أنّنا أولاً: لابدَّ أن نعرف أن ما ادعي أنه اختلاف هل يوجد اختلاف أو لا يوجد أي اختلاف. أشرنا إلى بعض العوامل:
العامل الأوّل: قلنا عامل الزمان والمكان, يعني أن الحديث الأوّل صدر في زمان والحديث الثاني صدر في زمانٍ آخر. ولا تنافي بينهما لاختلاف الموضوع أساساً حقيقة الموضوع مختلف, هذا له حكمٌ وذاك له حكمٌ آخر, ولكن حيث جردت أنا هذين الحكمين والموضوعين من الشروط المحيطة بهما فتصورت أنه يوجد تعارض واختلاف وإلا لا تعارض ولا اختلاف بينهما. هذا هو العامل الأوّل. وأشرنا إلى مجموعة من الأمثلة.
العامل الثاني: وهو عامل الأحكام الصادرة بالعناوين الأولية والأحكام الصادرة بالعناوين الثانوية, قلنا: ما لم نلتفت إلى هذه أيضاً نتصور أنه يوجد اختلاف وفي الواقع أنه لا اختلاف بينهما, لأنه ذاك صدر لعنوان الحكم الأوّل صدر لعنوان, والحكم الثاني صدر لعنوان آخر. ولا تنافي بينهما لأن الأحكام تابعة لعناوينها للموضوعات التي وجدت فيها.
ثمَّ وقفنا عند مسألة التقيّة التي هي من أهم الأبحاث في فقه مدرسة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام). وهي: أنه ما هي أسباب وجود التقيّة في كلمات أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام). أشرنا إلى جملة من الأسباب التي أدّت إلى ظهور ظاهرة التقيّة في روايات أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
التفتوا إلى هذه النكتة. نعم, قلنا أن البحث في التقية لابدَّ أن يكون في مقامين:
المقام الأوّل: التقية وأثرها في اختلاف الأحاديث, هذه قضية ووقفنا عندها فيما سبق.
والبحث الثاني أو المقام الثاني وهو: الذي يدخل في بحث التعارض بشكل أساسي وهو أنه هل أن التقية تُعد من المرجحات أو لا تُعد؟
بعبارة أوضح: هل أنّ موافقة العامّة تكون من مضعفات الرواية التي صدرت تقية, ومخالفة العامّة تكون من العوامل التي تقوي الرواية.
بعبارة ثالثة: هل أن موافقة العامّة تُبعد الحكم الصادر بموافقة العامة تبعده عن مطابقته للواقع والحكم الصادر مخالفاً للعامة تقرب من مطابقته للواقع, وهذا هو المعبر عنه بأصالة الجهة وهو أنه هذه الفتوى -بتعبير الروايات لا الفتوى بتعبير الاصطلاح الذي عندنا في الحوزات العلمية, وقرأنا في الروايات أن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) يعبرون عمّا يقولونه ويبينونه من الأحكام يعبرون نفتي, فلا يذهب إلى ذهن أحد أن المراد من الإفتاء يعني الإفتاء الاجتهادي الذي يصيب ويخطأ, المراد الإفتاء الموجود في نصوص الروايات على أي الأحوال- هل ما صدر منهم من الفتوى إذا كان موافقاً للعامة فهو يكون بعيداً عن الواقع وعن الواقعية وإذا صدر موافقاً للعامة وإذا صدر مخالفاً للعامة يكون قريباً من الواقع أو لا يكون؟ هذه قضية أساسية وقرأنا بعض الروايات الموافقة للعامة والمخالفة للعامة.
في هذا المجال كما أشرنا في البحث السابق توجد اتجاهات ثلاثة:
الاتجاه الأوّل: التفتوا جيداً لأنه أنا الآن فقط أجمل الحديث حتّى أضعكم في صورة أبحاث التعارض.
الاتجاه الأوّل: يجعل ذلك من أقوى أسباب الترجيح في الروايات المتعارضة كما قرأنا من كلمات من؟ كما قرأنا من كلمات المحقق البحراني في (مقدمة الحدائق) وكذلك بشكل واضح وصريح في (الفوائد المدنية للمحدث الاسترابادي) صريحاً يقولون إن لم نقل أنه أقوى العوامل فهو من أقوى العوامل, بل أساساً صرح بعضهم أنه العام الوحيد في التعارض بين الروايات, هذا الاتجاه الأوّل.
الاتجاه الثاني يقول: نقبل أنّه الموافقة والمخالفة للعامة أحد أسباب الترجيح ولكنه كأي سببٍ آخر لا نعطيه خصوصية خاصة ولعله هذا هو المتعارف الموجود في كلمات الأعلام.
الاتجاه الثالث: هو أنّه سببٌ من أسباب الاختلاف يعني التقية, سببٌ من أسباب الاختلاف -هذا في المقام الأوّل- ولكن ليس له دورٌ أساسي في الترجيح بين الروايات في المقام الثاني.
التفتوا جيداً, في المقام الأوّل التقيّة سببٌ من أسباب اختلاف الروايات ولكن في المقام الثاني ليس له دورٌ أساسي في الترجيح, أنه نقول بأنه إذا أعيتنا السبل نقول تعالوا الآن فما وافق العامة ضعوه جانباً أو هذا مضعف, وما خالف العامة فهذا مقوي له.
الآن بغض النظر عن البحث الصغروي, أنه أي عامة أي مدرسة أي اتجاه ونحن نعلم عشرات المدارس الفقهية في ذلك الزمان.
هذا الاتجاه الثالث, جملة من الأعلام ذهبوا إليه, لا يتبادر إلى ذهنكم أنه هذا فقط رأيي في المسألة, لا لا, جملة من الأعلام قالوا أنّ مسألة موافقة العامّة ومخالفة العامّة ليس له دورٌ أساسي في الترجيح إلاَّ في موارد نادرة جداً.
من أولئك الشيخ المفيد, هذه العبارات أنا أنقلها في (كشف القناع عن وجوه حجية الإجماع للمحقق الكاظمي, أسد الله التستري المعروف بالمحقق الكاظمي) هذه الطبعة الموجودة عندي, مؤسسة آل البيت هي الطبعة الحجرية) ما أدري مطبوعة طبعة حديثة أم لا إذا كانت مطبوعة طبعة حديثة والإخوة وجدوها يأخذون لنا نسخة منها, طبعة حجرية ومليئة بالأخطاء, باعتبار تعلمون بأنه ليس صف الحروف, هناك في (ص191 من الكتاب بهذه الطبعة, تحت عنوان >كلامٌ للمفيد وللمرتضى في التقية< يقول أقرا العبارة: [لما صرح به المفيد في كتابه في الرد على أصحاب العدد, حيث قال إن الذي] هذه كلها مضعفات لأن لا يكون للتقية دورٌ أساسي في الترجيح, يقول: [إن الذي يرد منهم على سبيل التقيّة لا ينقله جمهور فقهائهم] التفتوا جيداً, إذن العامل الأوّل يقول إذا وجدتم الرواية منقولة من جمهور فقهاء الإمامية إذن هذه صادرة تقية أو غير صادرة؟ غير صادرة تقية, لماذا؟ لأنه عادةً الرواية الصادرة تقية فقهاء الإمامية المعاصرين أمثال زرارة وغير زرارة كانوا يعرفون أن هذه الرواية ماذا؟ صادرة تقية, ولذا كانوا ينقلونها أو لا ينقلونها؟ لا ينقلونها, فإذا وجدتم أن رواية صدرت من فقهاء المحيطين ولم يشر لا زرارة لا محمد بن مسلم ولا يونس بن عبد الرحمن الفقهاء الكبار لمدرسة أهل البيت لم يشر أحدهم من أن الرواية صادرة تقية, إذن لا يمكن لأحدٍ بعد أربعة خمس قرون ستة قرون يأتي وهذه الرواية صدرت من زرارة يقول رواية صادرة تقية, لا لا هذا لا نوافق عليه, التفتوا الشيخ المفيد يضيق الترجيح بمقتضى موافقة العامة ومخالفة أو التقية وغير التقية.
يقول: [لا ينقله جمهور فقهائهم, ولا يعمل به أكثر علمائهم] نعم [وإنما ينقله الشكّاك من الطوائف ويرويه خصمائهم في المذاهب ويرد على الشذوذ دون التواتر] الرواية الواردة تقية ترد ماذا؟ ترد شاذة الإمام لمجلسٍ لحاجةٍ لحكمةٍ ذكرها وإلا لا ترد على التواتر [دون التواتر وكذا لما تقدّم في الوجه الثالث عن المرتضى في الشافي ولما قال بعده من أنّ التقيّة إنَّما تكون من العدو دون الولي ومن المتهم دون الموثوق به] يقول إذا وردت الرواية من موثوق به هذه لا تحمل على التقية الإمام يتقي هذا الإنسان أو لا يتقي؟ إلاَّ في موارد شخصية, ذاك بحثٌ آخر, واشرنا إلى أسباب التقية واحدة منها الموارد الشخصية. فإذا كان متهم قد تقية, أما إذا كان من الموثوقين من أوليائهم من أصحابهم من المعروفين من فقهائهم لا معنى لأن نقول الرواية صدرت إليه تقية [ومن المتهم دون الموثوق به, فما يصدر عنهم إلى أوليائهم وشيعتهم ونصحائهم في غير مجالس الخوف ويرتفع الشك في أنه على غير جهة التقية] إلى أن يقول: [كما يجوز, وكذا لما ذكره غيرهما مما لا يسع] من يقول؟ المحقق الكاظمي [ممّا لا يسع المقام ذكره, وكذا لما دلّت عليه الأخبار الكثيرة من تحصيل كلام الأئمة (عليهم السلام) وجوهاً كثيرة إلى السبعين وجهاً] التفتوا جيداً.
يقول: من قال: أن كلّ ما صدر عن الأئمة (عليه أفضل الصلاة والسلام) ولم يكن على وفق القواعد فإنه صدر تقيّة, هم قالوا أننا نتكلم على سبعين وجه, وجه من هذه الوجوه ما هي؟ التقية, طيب تسعة وستين وجهاً آخر؟ لماذا أنتم كله تحصرون العامل إذن ماذا؟ التقية, التقية, موافقة ومخالفة.
أعزائي أفتحوا لي قوس: (هذه هي الرؤية الشمولية التي أنا أقولها في فهم النصوص). أنت لو تأتي وتتعامل معها تقية أو لا تقية, عزيزي موجودة مئات الروايات الأخرى تبين أسباب أخرى لاختلاف حديثهم لماذا تجعله كله في عاملٍ واحد, خصوصاً إذا قبلنا أعزائي, وهذا بحثه أنا قلت لكم مراراً أنه أحاول أن ألخص هذه الأبحاث لأن الأعزة أدري على القاعدة يبحثون التعارض الموجود في الكتب, وأهم أبحاث التعارض هذه وليس تلك, تعريف التعارض مدلولين أو دليلين؟ الآن مثل تعريف الأصول ستة أشهر يبحثون فيه النتيجة ماذا يصير؟ التفتوا جيداً.
أن الأئمة وهذه من العوامل التي بعد ذلك سأبينها, التفتوا جيداً, افتح لي فقط قوس آخر بعنوان أصل فتوائي (أن الأئمة عندما يبينون الأحكام الشرعية, يبينون الحكم الشرعي للجميع على درجة واحدة أم على درجات متعددة, المشهور بين علمائنا أن الحكم الشرعي لا معنى للتشكيك فيه, هو حكمٌ واحد متواطي؟
الجواب: اعتقادنا أنه لا, ليس الأمر كذلك, في كثير من الأحيان يجد أن الشخص الذي أمامه لابدَّ أن يتكلم معه في بيان الأحكام الشرعية بكثير أعلى من درجات من الإنسان العادي, وبعبارةٍ أخرى: عندنا حد أدنى لبيان الأحكام وأما الحد الأعلى فلا سقف له, الحد الأدنى له درجة, بعد الحرام لا يجعلوه حرام, والواجب لا يقولون اتركه, ولكن فوق الواجب توجد درجات أخرى, قد يبينوها ويبينوها بلغة هي مستحبة بالنسبة للآخرين ولكن للسائل الذي يسأل الإمام يريد أن يقول له بأنه ينبغي تركها أو لا ينبغي تركها لك؟ لا ينبغي تركها لك.
مثال: يأتي شخص الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) يجده بأنه جاء يريد أن يتربى, يؤكد عليه قضية صلاة الليل وقضية النوافل تأكيداً أنت عندما تقرأ النصوص تقول ظاهرها واجبة, وواقعاً واجبة, وواقعاً واجبة ولكن ليست واجبة على الجميع على حدٍ واحد, وإنما واجبة لمن؟ لهذه الطبقة. إذا لم نلتفت إلى هذه القضية هكذا نوقع التعارض بين رواياتهم, نقول زرارة هو قال في مكان آخر صلاة الليل مستحبة, يجوز تركها أما هنا يتكلم بروايات عن الإمام الصادق ظاهرها الوجوب. فالجمع العرفي.. لا, من قال, لا, تلك طبقة من الناس إذا يريدون أن يصلون إلى تلك الكمالات فلا طريق لهم إلاَّ هذا. جاء هو إلى الإمام يقول له يا ابن رسول الله أنا أريد هذا الطريق, ما أدري أنتم في زماننا عشنا هذه الحالة, ألم يكن هناك أشخاص يذهبون إلى أعلام المعرفة أمثال الشيخ بهجت+ وهذه الطبقة, يذهب إليه ويقول له أعطني ذكر, عندما كان يعطيه ذكر, بينك وبين الله يتعامل معه تعامل مستحب أم تعامل واجب, يلتزم به كما يلتزم بالواجب. تقول هذا الذي لابدَّ أن تفعله أنت, هذا الذي وهذا واحدة من الوجوه, نتكلم معكم على سبعين وجه, هذه رواياتهم وهي بيان درجات الكمال, أما إذا جئنا إلى العقائد فحدّث ولا حرج, ليس بمقدور أي أحد أن يتحمل كلّ معارفهم التي هم عليها, فبعضٌ يقول لا, >من زارني عارفاً بحقي وجبت له الجنة, قال: ما معنى عارفاً بحقي؟ قال: أن يعرف أني مفترض الطاعة< انتهت القضية, الآن مفترض الطاعة هذه درجة, وأن يعرفني بالنورانية ماذا؟ أين هذه من تلك لا يوجد قياس بينها, هذه لطبقة وتلك لطبقة, على أي الأحوال.
قال: [من تحصيل كلام الأئمة وجوهاً كثيرة إلى السبعين وجهاً فإنه يمكن التخلص بها دائماً أو غالباً عن الإفتاء بمذهب العامة صريحاً, ليس بالضرورة يكون تقيّاً, لا سيما] التفتوا إلى هذا العامل الأساسي, نحن الذي نقول بأنه موافقة العامّة مخالفة العامة, جيد, طيب إذا اختلف العامّة ماذا نفعل؟ والعامّة متفقون أم مختلفون؟ طيب هذه مدارسهم مختلفة, طيب نحن ماذا نفعل؟ أيهما يصير؟ لابدَّ أن نبحث عن ذلك الحديث الذي خالف كلّ العامة ولا يتفق مع واحدٍ من العامة, ولعلك لا تجد, لأنه في النتيجة عند العامة هذا القول الذي أنت تريد أن تقوله فيه قولٌ بالوجوب, وأيضاً فيه قولٌ بالاستحباب, وأيضاً فيه قولٌ بالحرمة وأيضاً فيه قول.. طيب في النتيجة هي الأحكام التكليفية ثلاثة أربعة, طيب كلّ هذه الأقوال موجودة مع العامة طيب ماذا نفعل نحن هناك؟ ثمَّ أي عامة؟ أي بقّال من العامّة نقول بأنه لابدَّ أن نتفق معه, أي عامة هؤلاء؟ هؤلاء المدرسة الرسمية من العامة من اتخذه السلطات عامّة, المراد من العامة أصلاً ماذا؟
وهنا نكتة مهمة يشير إليها المحقق الكاظمي يقول: [وموافقة العامة] يقول: [ولا سيما مع شدّة الاختلاف بينهم قديماً وموافقة مذهب الإماميّة لأحد مذاهبهم غالبهم] في النتيجة رأي الإمامية يكون موافقاً لأحد فقهاء العامّة, ماذا نفعل هنا؟ [ومع جميع ذلك يقتضي أيضاً عدم الاكتفاء بإفتاء جمعٍ منهم لاحتمال اشتباه الحال عليهم كما اشتبه عليهم, بل على كثيرٍ منهم بزعمه عند اختلافهم ويقتضي أيضاً عدم تمكنهم أيضاً ..] بحث أعزائي مفصل أنا بودي الأعزة يراجعون ذلك.
ولذا عندما يأتي المحقق الحُلي في (معارج الأصول) أيضاً من أولئك الذين ناقشوا أن يكون للتقية دورٌ في الترجيح هناك في (156, من معارج الأصول, المسألة التاسعة) يقول: [قال الشيخ إذا تساوت الروايتان في العدالة والعدد عُمل بأبعدهما من قول العامّة] روايتان من حيث العدالة والعدد متساوية, جئنا إلى الترجيح اختلاف يوجد في الروايات ماذا؟ يقول: خذ بالأبعد عن العامّة واترك الأقرب إلى العامّة هو نفسه الموافقة والمخالفة ولكن بهذا التعبير, هذا كلام من؟ المحقق ينقل كلام الشيخ الطوسي. [والظاهر] هذا كلام من؟ كلام المحقق, [والظاهر أن احتجاجه في ذلك] يعني: أن يأخذ بأبعدهما عن قول العامّة [أن احتجاجه في ذلك بروايةٍ رويت عن الصادق وهو إثباتٌ لمسألةٍ بخبر واحدٍ وما يخفى عليك ما فيه] يعني: أنه هذا المرجح يقبل أو لا يقبل؟ ولا يخفى أو [وما يخفى عليك ما فيه] الشيخ استند إلى مسألة من هذا القبيل إلى خبرٍ واحد. ماذا يريد أن يقول المحقق؟ التفتوا أعزائي.
يقول: أعزائي, خبر الواحد نحن نقبل أنه حجة ولكن لا نقبل حجيته في كلّ مكان, إذا المسألة من المسائل المهمة والأساسية والضرورية لا يمكن أننا نعتمد على خبرٍ واحد صحيح حتّى لو كان صحيح السند في ذلك, لأن القضية قضية مهمة, نعم مسألة جزئية فرعية نحتمل.
وهذا بحث قيم جداً من المحقق, جدُ مهم, أنه أنظر إلى أهميّة المسألة, والقائلون بذلك يستندون إلى, يقولون أنظروا أنّ الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) عندما وجدوا أن القياس باطلٌ ماذا فعلوا؟ كيف تعاملوا مع مسألة القياس الفقهي؟ وردت عنهم مئات عشرات النصوص والأمثلة والاستدلالات لإبطال ماذا؟ لإبطال القياس الفقهي, ولم يكتفوا بإطلاق هنا وبروايةٍ هنا وبعموم ثالث, لا أبداً, يقول هذه المسائل ليست من المسائل الفرعية حتّى يكتفى بخبرٍ واحد, وإنما هي من المسائل الأساسية من المسائل المحوريّة وهو كيف نعالج التعارض بين الروايات.
ولذا عبارته جد عبارة مهمة, وتؤسس لأصلٍ قال: [والظاهر أن احتجاجه في ذلك بروايةٍ رويت عن الصادق وهو إثباتٌ لمسألةٍ] الآن بعض النسخ علمية, بعض النسخ علميّة [بخبر واحدٍ وما يخفى عليك ما فيه مع أنّه قد طعن فيه فضلاء من الشيعة كالمفيد وغيره] يعني لم يوافقوا على الترجيح بموافقة العامّة ومخالفة العامّة [فإنَّ احتج بأنَّ الأبعد لا يحتمل إلاَّ الفتوى] أن الأبعد عن العامة ليس إلاَّ الفتوى الحقيقية والأقرب إلى العامة ليس إلاَّ عدم الفتوى الحقيقية فإنَّ احتج بهذا, [فإنَّ احتج بأنَّ الأبعد لا يحتمل إلاَّ الفتوى والموافق للعامة يحتمل التقيّة, فوجب الرجوع إلى ما لا يحتمل إلاَّ الفتوى] قلنا التفت, قلنا: لا نسلم بذلك, من قال أنه كلّ من كان أبعد عن العامة فإنه قد صدر فتوىً وحقيقة من, وأنا أتمم هذا الكلام لأن كلامهم على سبعين وجه, لعل مصالح أخرى ذكروها, من قال بأنه مسألة ماذا؟ هذا الذي تشيرون إليه, يقول: [قلنا لا نسلم أنه لا يحتمل إلاَّ الفتوى] ذلك الأبعد [لأنه كما جاز الفتوى لمصلحة يراها الإمام كذلك تجوز الفتوى بما يحتمل التأويل]. وجوهٌ متعددة واردة لماذا تجعلون الاختلاف منشأه ما هو؟ عاملٌ واحد. [مراعاة لمصلحة يعلمها الإمام وإن كنّا لا نعلمها].
ثمَّ, إضافة إلى هذا كله حتّى أختم هذا البحث وإن شاء الله غداً ندخل للعامل الثالث.
التفتوا, هذه قضية كبروية أنا معتقد بها وأسست لها وسأشير أين ذكرت ذلك, أسست لها أعزائي, أنا اعتقد أنه بعد تهيأ الظروف لطرح إطار وأساس ومدرسة أهل البيت بعد الإمام السجاد, وإلا إلى زمن الإمام السجاد واقعاً الظروف لم تكن مهيأ, ولذا الإمام السجاد (عليه أفضل الصلاة والسلام) اضطر أن يبين المعارف من خلال الأدعية, من خلال الصحيفة السجادية, يعني أنتم تجدون روايات عن الإمام السجاد؟ لا تجدون, نادرة, هذا معناه أنه ما كان عنده لا مدرسة فقهية ولا حوزات علمية ولا تدريس, الآن هذا المقدار الذي كان يستطيع أن يناجي ربه بالدعاء, ثمَّ يضمن معارف المدرسة أين؟ في الأدعية, أما قبل ذلك وهو الإمام الحسين, واضح بأنَّ الإمام الحسين (عليه السلام) ماذا كان منشغل وأن الظروف كان تسمح لبيان معارف أهل البيت أو لا تسمح؟ إقصاءٌ كامل لمدرسة أهل البيت, وإنما الذي كان حاكماً هو الإسلام الأموي, الإسلام الذي أسس له ما بعد رسول الله وبلغ أوجه على يد معاوية, واستمرت هذه المدرسة, المدرسة الأمويّة في كلّ أبعادها, جداً يخطأ الإنسان إذا يتصور أنه بني أمية أسسوا مدرسة سياسية, لا لا أبداً, حاولوا أن يفرغوا الدين من جميع محتوياته العقائدية والفقهية والسياسية والاجتماعية. بالنحو الذي حتّى ما استطاع العباسيون أيضاً أن يرفعوا اليد عن بعض مبينات أصول المدرسة الأموية والاتجاه الأموي.
نعم, تهيأت الظروف من أوائل زمن الإمام الباقر (عليه أفضل الصلاة والسلام) فبدأت مدرسة أهل البيت تأخذ معالمها والتي وصلت في كمالها على يد من؟ على يد الإمام الصادق (عليه أفضل الصلاة والسلام). وإلا ليس جزافاً أن تسمى مدرسة أهل البيت بالمدرسة الجعفرية, هذه ليست قضية تشريفية, هذه قضية بالإضافة إلى أنها تشريف لهذه المدرسة هو ماذا؟ إشارة إلى واقع علمي, أن الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) تهيأت له من الظروف وهذه هي الفترة التي هي ما بين ضعف وانتهاء واندثار الحكم الأموي وإنشاء الحكم العباسي وأنتم تعلمون أنه أساساً في أواخر 1120 من الهجرة بعد مروان (الحمار) كذا إلى آخره, أساساً لم يكن هناك حكم عند الأمويين لأنه كان كذا وكذا, وعندما جاء أيضاً العباسيون في سنة 132 من الهجرة, أيضاً انشغلوا بتأسيس البناء السياسي لهم إلى أن وصلت الأمور إلى يد أبي جعفر المنصور بدأ الضغط مباشرة على من؟ أنتم تجدون مباشرة فهذه الفترة 15- 20 سنة, الإمام الصادق استغلها بنى هذه المدرسة المباركة التي طلابها الآلاف من مختلف بلاد المسلمين, ولكن عندما استقر الوضع للعباسيين ماذا فعلوا؟ أول عمل قاموا به ماذا؟ استشهد الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) وبعد ذلك ماذا فعلوا بالإمام الكاظم تركوه وحاله أم ضغطوا عليه؟ ولكنّه بحمد الله تعالى المدرسة قد أخذت أبعاد جيدة إلى أن اضطر المأمون أن يجعل الإمام الرضا ولي عهد, هذا معناه أن المدرسة كانت قد أخذت معالمها, بينكم وبين الله أنا السؤال الأساسي الذي عندي لكل هؤلاء الأعلام الذين يجعلون التقية وموافقة العامة أصلاً من أصول مدرسة أهل البيت, أعزائي إذا كان كلّ أهل البيت (عليهم السلام) ما يتكلمون إلاَّ في الزوايا والتكايا والخواص إذن مدرسة أهل البيت كيف تشكلت وتكونت هذه الكتلة التي اضطر المأمون أن يجعل إمامها ولياً للعهد؟
هذا معناه أن الأئمة (عليهم السلام) واقعاً راعوا هذه المسألة أم أسسوا لمدرستهم, والتأسيس لمدرستهم ينسجم مع التقية أو لا ينسجم مع التقية؟ خصوصاً وأن المعركة في ذلك الزمان كانت معركة عقائدية ولم تكن المعركة معركة فقهية, والأئمة لم يثبت عندنا أنهم اتقوا في أمر عقائدي واحد أبداً, أنظروا إلى أبحاثهم في التوحيد, انظروا أبحاثهم في الإمامة, انظروا إلى أبحاثهم في المعاد, أنظروا إلى أبحاثهم في العدل, بكل وضوح أشاروا إلى هذه العقائد.
إذن أين التقية؟ نعم أنا أقول لكم كما قلت وكتبت أنه التقية كانت أنه يحاولون بالقدر الممكن أن لا يقع اصطدام مباشر مع السلطات الحاكمة, هذا البحث بنحو الإجمال أنا أشرت إليه والرسالة موجودة بيد الأعزة, في هذه الرسالة (موارد وجوب الزكاة والخلاف في تحديدها) هناك في (81 -84) هناك أنا بودي الأعزة هذه الليلة يراجعون, البحث في الكبرى, أن القراءة الأولية للحقبة الزمنية إلى أن أقول: [وبعد هذه المقدمة الموجزة نسجل ملاحظاتنا على من يقول بأنَّ مدرسة أهل البيت احتذت حذو مدرسة الطرف الآخر بداعي التقية] هذا كلامٌ لا نوافق عليه [إذ أن ذلك يعني ضياع هوية هذه المدرسة واندراسها وهو خلاف منهجهم وسيرتهم فقد أريقت تلك الدماء الحسينية الطاهرة لأجل تميز هوية هذه المدرسة] وإلا إذا كان مبنى الأئمة على التقية طيب لماذا كلّ هذه الجهود والجهاد والدماء والتضحيات, نعم لابدَّ أن يراعوا بقدرٍ ما [هذا وأن التقية لا يمكن أن تنسجم مع وجود الآلاف من الطلبة في تلك المدرسة, مضافاً إلى أن مدرسة أهل البيت ميزت بالطابع العقائدي في ذلك الوقت لا الطابع الفقهي] هؤلاء في التوحيد لهم مبانيهم, هذا نظرة ألقوا على كتاب الاحتجاج تعرفون بأنَّ المعركة الأصلية كان معركة عقائدية, وإذا كان تقية فلابدَّ للأئمة أن يتقوا في تلك لا في هذه.
أما ما هو مورد التقية [فلا إشكال بأنَّ التقية تنحصر وفقاً لهذا التأسيس في الموارد التي تؤدي إلى اصطدام مباشر مع السلطة الحاكمة لا أكثر من ذلك].
إذن أعزائي, فتلخص مما تقدم أننا وإن كنّا نعتقد أن للتقية دور في اختلاف الأحاديث إلاَّ أنّنا لا نعطي دوراً أساسي بل ولا دور غير أساسي في مسألة موافقة العامة ومخالفة العامة للتقية, وإنما له أسبابه الأخر.
هذا تمام الكلام في العامل الثاني.
العامل الثالث الذي يؤدي إلى تضييق دائرة الاختلاف يأتي في غد.
والحمد لله رب العالمين.