بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين
قلنا: بأنَّ السنة تطلق تارةً ويراد بها ما يقابل الكتاب, كما في قولهم: (الكتاب والسنة) وأخرى تطلق ويراد بها ما يقابل الواجب الذي هو المستحب يعني يقال السنة أي المستحب في قبال الواجب, الثالثة تطلق السنة ويراد بها ما يقابل الفرض, أي: واجبٌ أو تشريعٌ في قبال تشريع الله, يعني: كما أن هناك تشريعات صدرت من الله مباشرةً ووصلت إلينا عن طريق تبليغ النبي, المشرّع من؟ هو الله سبحانه وتعالى ولكنّه أوصل ذلك التبليغ إلينا هو رسول الله.
وهذا ما نعتقده في مسألة سواء كان البعد التشريعي يعني البعد الفقهي الأصغر أو البعد الفقهي الأكبر, في مسألة الإمامة نحن نعتقدها أنها ماذا؟ نصبٌ من رسول الله لعلي والأئمة هو جعلهم أئمة وخلفاء من بعده أو أن الله جعل هؤلاء أئمة وخلفاء للرسول وقال لرسوله {بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} أي منهما؟
من الواضح نحن نعتقد أن نصب علي للإمام من بعده ليست هذه من جعول رسول الله كما كان يجعل والي على مكة أو والي على اليمن وهكذا, هذه ليست جعل من الله, جعل من من؟ جعل من الرسول’ ولكنّه ماذا؟ هذا الجعل دائماً جعل صحيح ومقبول وممضى من قبل الله سبحانه وتعالى ولكنّه جعلٌ من قبله.
نحن نعتقد في الأحكام الشرعية الموجودة بأيدينا هذه المنظومة الواسعة, نعتقد أن هذه الأحكام الشرعية على قسمين على صنفين:
الصنف الأوّل من الأحكام: هي تلك الأحكام التي شرّعها الله وبلّغها رسوله إلينا, الآن ما ندخل الأئمة وإلا معتقد أنه أيضاً هناك صنف آخر أيضاً أحكام شرعها الأئمة, وليست الأحكام الولائية ما أتكلم في الحكم الولائي, أتكلم عن الأحكام الثابتة في الشريعة. ما الدليل على ذلك؟ ما الدليل على وجود هذين القسمين من التشريعات, الآن ما ندخل في البحث العقائدي والكلامي وإنما في البحث الفقهي, ما الدليل؟
أعزائي في هذا اليوم أنا أحاول أن أقرأ مجموعة من النصوص, هذه النصوص كلّ نصٍ يشير إلى مجموعة من النكات وأعلق على كلّ نص نص.
هذه النصوص في هذا المجال كثيرة, الكتاب الأوّل كتاب (بصائر الدرجات, ج2, ص228) أعزائي هذه كتاب بصائر الدرجات من الكتب الأساسية في تراث مدرسة أهل البيت, يعني الرجل لأنه تعلمون بأنه وفاته في سنة 290 من الهجرة, يعني كان معاصراً للغيبة الصغرى, فإذن كان قريب العهد من الأئمة وأصحاب الأئمة (عليهم السلام) وهو الرجل من الثقات الأجلاء, أقرأ مجموعة من الروايات. (باب التفويض إلى رسول الله).
الرواية الأولى: >عن أبي جعفر, قال: إن الله خلق محمداً’ عبداً فأدبه حتّى إذا بلغ أربعين سنة أوحى إليه وفوّض إليه الأشياء, فقال: {مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}<.
انظروا إلى هذه الرواية, فيها تفويض مطلق, تفويض تكويني وأيضاً تفويض تشريعي, ولكنّ الآية التي جاءت بعد ذلك يقول: كأنه التفويض تفويض من التشريع {مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} من الواضح أنه مرتبطٌ بحسب الأنس العرفي, وإلا بالدقة يمكن أن يكون شاملاً للتفويض التكويني, الآن نحن قدر متيقن التفويض التشريعي, هذه رواية.
الرواية الثانية: >سمعت أنّه سمع أبا عبد الله وأبا جعفر يقولان: إن الله فوّض إلى نبيه أمر خلقه ليُنظر كيف طاعتهم< لا, هذه واضحة أنها مرتبطة بعالم التشريع, لأن الطاعة وعدم الطاعة هذه مرتبطة بالأمور التشريعية وإلا الأمور التكوينية فأنت لست مخيراً بأن تطيع أو لا تطيع. >قال: {مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}<.
رواية ثالثة: >إن الله تبارك أدّب نبيه فأحسن تأديبه فقال: {خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ}, فلما كان ذلك أنزل عليه {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}< التفتوا هذه أوضح الروايات >وفوّض إليه أمر دينه< واضحة أنها مرتبطة بعالم التشريع >فقال: {مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}<. التفتوا جيداً ثمَّ الإمام فرّع على ذلك >قال: فحرّم الله الخمر بعينها وحرم رسول الله كلّ مسكرٍ< التفتوا >فأجاز الله ذلك< ما معنى أجاز؟ إذا كان الوحي نازل من الله فهل للإجازة معنى إذن؟ الإجازة متى تكون قبل الوقوع أو بعد الوقوع؟ بعد الوقوع, يعني رسول الله بما فوض إليه من أمر الدين حرّم, ولكن الله أمضى ذلك, وعندنا روايات كثيرة في قضية قبل وبعد, أنظروا إلى البحار, الآن أقرأ روايات (بصائر الدرجات) مرة أخرى.
انظروا إلى (البحار, ج25, كتاب الإمامة, باب نفي الغلو, ص337) الرواية جداً مفصلة, الرواية >قرأت عند أبي جعفر قول الله {لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ}< هذا الخطاب لمن؟ ومن ينفي الولاية التشريعية وتفويض التشريع إلى رسول الله, واحدة من أدلتهم ماذا؟ هذه الآية, يقول لأن القرآن قال: {لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ} أصلاً كلّ ما عندك أنت من أين؟ من عندنا, انظروا ماذا قال, والروايات متعددة في قضية {لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ} انظروا إليها في (نور الثقلين), و(البرهان) عشرات الروايات.
قال: >بلى والله إن له من الأمر شيئاً وشيئاً وشيئاً وليس حيثُ ذهبت< ثمَّ الإمام (عليه السلام) يدخل في بحث أن هذه الآية التي تقول {لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ} في أي شيءٍ؟ يقول: إن الله سبحانه وتعالى أبلغه بأنَّ علياً أن يكون ماذا؟ هو الخليفة أبلغ للناس ولكن رسول الله كان ينظر إلى الزمان والمكان وظروف واتهامات وأخاف يتهموني وكذا, كان يؤخر الإبلاغ, هنا نزلت الآية قالت له ماذا؟ هذه القضية لا تتدخل فيها, هذه مديرها من؟ الله, {لَيْسَ لَكَ} فلهذا قال: >وليس حيثُ ذهبت ولكنّي أخبرك أن الله تبارك وتعالى لما أمر نبيه أن يظهر ولاية علي فكّر< يعني رسول الله >في عداوة قومه له ومعرفته بهم وذلك للذي فضّله الله به عليهم في جميع خصاله كان أول من آمن به, فلما فكّر النبي في عداوة قومه له في هذه الخصال وحسدهم له عليها, ضاق عن ذلك فأخبره الله أنّه ليس له من هذا الأمر شيءٌ< هذه القضية ليست مرتبطة لك >إنَّما الأمر فيه إلى الله أن يصيّر علياً وصيه وولي الأمر بعده فهذا عنا الله< بهذه الآية >وكيف لا يكون< ثمَّ الإمام يرجع عندما قال: >إن له من الأمر شيئاً وشيئاً وشيئاً< قال: >وكيف لا يكون له من الأمر شيء وقد فوّض الله إليه< التفتوا إلى العبارة >أن جعل ما أحلّ فهو حلالٌ< من أحل؟ رسول الله. >أن جعل ما أحلّ< رسول الله, إذا كان مبلّغاً {مَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} لا معنى لأن ينسب الجعل لمن؟ ينسب لرسول الله’ >أن جعل ما أحلّ فهو حلال, وما حرّم فهو حرام, قال: {مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}<.
تعالوا مرةً أخرى إلى البصائر, في (رواية 1348, بحسب هذه النسخة التي عندي, التي هي, أشير إلى الطبعة الإخوة يراجعون, الطبعة: انتشارات المكتبة الحيدريّة, الطبعة الأولى) ورواية أخرى: >عن أبي عبد الله قال: إن الله أدّب نبيه على أدبه فلما انتهى به إلى ما أراد قال له {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ففوض إليه أمر دينه فقال: {مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}< التفتوا >وإن الله فرض في القرآن ولم يقسم للجَد شيئا< الجد له تشريع فرض إلهي أو لا يوجد؟ لا يوجد >وإن رسول الله أطعمه السدس< إذا كان وحي من الله لا, وإن الله أبلغ رسوله أن يجعل للجد السدس, لا أن رسول الله تفضّل عليه ومنّ عليه بأنَّ أطعمه السدس >وأن رسول الله أطعمه السدس فأجاز الله له<.
إذن المراد {مَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} لابدَّ أن يتوسع المراد, أعم من أن يكون وحياً ابتدائياً تأسيسياً أو أن يكون وحياً امضائياً, ما أدري واضح صار. يعني: أن كلّ ما قاله فهو صواب, ما جعل, لا أنه مجتهد قد يصيب وقد يخطأ, وإلا هذا الجعل الفقهاء أيضاً يفتون في الأحكام الشرعية, ولكن إفتاء الفقهاء قد يكون مصيب لحكم الله الواقعي, وقد يكون مخطئ, ولكنّه ما يجعله ما يعطيه برأيه ما يفتي فيه رسول الله كله هو حكم الله الواقعي.
رواية أخرى: >إن الله أدّب نبيه حتّى إذا أقامه على ما أراد قال له {خُذْ الْعَفْوَ} فلما فعل ذلك رسول الله زكاه فقال {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} فلما زكاه فوض إليه أمر دينه فقال: {مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} فحرّم الله الخمر وحرم رسول الله كلّ مسكر< هذه كلها في ذيلها توجد >فأجاز الله له ذلك< يعني الإمضاء المتأخر.
هذه مجموعة من الروايات التي أصل التفويض ما هو؟ ثابت.
ولذا صاحب البحار عندما يأتي إلى روايات التفويض, يقول, وذكر أيضاً هذا المعنى ذكره في (مرآة العقول) في (ص336, من البحار, كتاب الإمام, ج25, باب نفي الغلو) يقول: [فذلكة: إن الغلو في النبي والأئمة إنَّما يكون..] إلى أن يأتي يقول: [الثاني: التفويض في أمر الدين] الأوّل: التفويض في أمر الخلق, الثاني: التفويض في أمر الدين, [أن يكون الله] يقول وهذا يحتمل فيه وجهان: [الأوّل: أن يكون الله فوض إلى النبي والأئمة عموماً أن يحلوا ما شاءوا وأن يحرموا ما شاءوا من غير وحي وإلهامٍ أو يغيروا ما أوحى الله إليهم بآرائهم وهذا باطل لا يقول به عاقل] وهذا من الواضح [الثاني: أنه لما أكمل نبيه بحيث لم يكن يختار من الأمور شيئاً إلاَّ ما يوافق الحق والصواب] أساساً وصل إلى مقام ما اختاره فهو الواقع [ولا يحلُ بباله ما يخالف مشيته تعالى في كلّ باب, فوّض إليه تعيين بعض الأمور] هو فوّض قال أفعل, هذا أنا وضعته ماذا تقول؟ تريد أن تبقيه على حاله, لا أنه تنقصه؟ لك الحق أن تنقصه, يعني صلاة الصبح ركعتين أنت أعطيتك تفويض أن تجعلها ركعه؟ لا لا, لا أنت مفوض أن صلاة الصبح تجعلها كم ركعة؟ ثلاثة, فلهذا قال: [تعيين بعض الأمور كالزيادة] ما يقول كالزيادة والنقيصة, النقيصة لا معنى له, لأن هذا التصرف في وحي الله في فرض الله هذه ليست من صلاحياته واقعاً {لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ} [كالزيادة] هذه الزيادة الآن أعم من أن تكون زيادة واجبة أو زيادة مستحبة, أعم من أن تكون في حكم تكليفي أو أن تكون في حكم وضعي كما قلنا في الإرث .. إلى آخره يشير إلى مجموعة من الأمثلة في هذا المجال.
الآن تعالوا معنا أعزائي إلى جملة من هذه التطبيقات الواردة في المقام.
التطبيقات أعزائي, الحق والإنصاف أنا من هنا الإخوة الذين عندهم رسائل يريدون أن يكتبون في الماجستير أو الدكتورا واقعاً فليختاروا هذا البحث لأنه من الأبحاث البكر الجيدة والمفيدة والتي تترتب عليها آثار كبيرة في علمية الاستنباط, أنا أشير إلى بعض هذه النماذج.
النموذج الأوّل: ما ورد في (الأصول من الكافي, ج1, ص662) يعني بعبارة أخرى: (كتاب الحجة, باب التفويض إلى رسول الله وإلى الأئمة في أمر الدين) والرواية معتبرة: >عن علي بن إبراهيم< على الكلام الموجود >عن أبيه, عن ابن أبي عمير عن عمر ابن اذينه, عن فضيل بن يسار, قال: سمعت أبا عبد الله يقول لبعض أصحاب قيس الماصر: إن الله عزّ وجلّ أدّب نبيه فأحسن أدبه فلما أكمل له الأدب قال {لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ} ثمَّ فوّض إليه أمر الدين والأمة ليسوس عباده فقال عزّ وجلّ {مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} وإن رسول الله كان مسدداً موفقاً مؤيداً بروح القدس لا يزل ولا يخطئ في شيء مما يسوس به الخلق فتأدب بآداب الله<.
وهذا هو معنى الروايات التي وردت, التفتوا إلى هذا النص من النصوص القيمة والمهمة في هذا المجال, قال: >وجئت تسأله عن مقالة المفوضة< تتصور أنه نحن فوّض إلينا نفعل كما نشاء >لا, بل كذبوا, بل قلوبنا أوعيةً لمشيئة الله, فإذا شاء شئنا, وإذا شئنا< كما في الرواية التي قرأنا ماذا >أجاز لنا< لماذا؟ لأنهم وصلوا إلى مرحلة كاملاً لا يعصون الله ما أمرهم يعلمون ماذا يريد الحق سبحانه وتعالى, وفرقٌ كبير بين أنه هو يقول له افعل وبين أن يفوض وما يفعله هو ماذا؟
ولذا هذا المعنى الذي ذُكر للزهراء‘ >إن الله يرضى لرضا فاطمة< إذا رضيت فاطمة ماذا؟ إذا رضيت عن أحد الله ماذا؟ يرضى, هذا الذي قلنا أعلى مراتب الرضا أن يكون رضا الله تابعاً لرضا عبدٍ من عباده, عموماً العبد رضاه يكون تابعاً لرضا الله, هذا التسليم بالقضاء والقدر, أما هؤلاء بلغوا مقاماً أنهم إذا شاءوا قبل الله منهم, وإذا رضوا, قبلوا منهم ما رضوا, المهم الرواية: >ثمَّ أن الله عزّ وجلّ< بعد أن بين التفويض في أمر الدين >قال: إن الله عزّ وجلّ فرض الصلاة ركعتين ركعتين عشر ركعات فأضاف رسول الله إلى الركعتين ركعتين وإلى المغرب ركعةً فصارت عديل الفريضة< هذه الركعات التي أضافها صارت عديل للفريضة >لا يجوز تركهن إلاَّ في السفر وأفرد الركعة في المغرب فتكرها قائمةً في السفر والحضر فأجاز الله له ذلك كله, فصارت الفريضة سبعة عشر ركعة, ثمَّ سنّ رسول الله النوافل أربعاً وثلاثين< التفتوا جيداً, هذه هنا السنة المراد أي سنة؟ انظروا والتي قبلها سنّة أيضاً ولكن أي سنة؟ (كلام أحد الحضور) نعم, وإذا أنت ما تميز هذه تقول وقع التعارض بين الروايات, فلابدَّ كاملاً تميز أنه اللفظ الوارد أنه سنّة هذه أي سنة؟ سنةٌ في قبال الفرض, سنة يعني تشريع في قبال تشريع الله أو مستحبٌ في قبال الواجب, >ثمَّ سن رسول الله النوافل أربعاً وثلاثين ركعة مثلي الفريضة فأجاز الله عزّ وجلّ له ذلك< تعلمون لماذا؟ حتّى مسألة التفويض من غير إذن ماذا؟ من قبيل ما ورد في عيسى في القرآن كلما قال يحيي قال يميت وهكذا تكرار وحده إذني, إذني, حتّى لا يأتي إلى ذهنك واحد بكرة يقول الاحتياج حدوثاً لا بقاءً لا لا, هذه وأجاز, وأجاز .. حتّى يثبت هذه الحقيقة.
قال: >والفريضة والنافلة إحدى وخمسون ركعة, منها ركعتان بعد العتمه جالساً تعدان بركعة وفرض الله في السنة صوم شهر رمضان, وسن رسول الله صوم شعبان وثلاثة أيام في كلّ شهر مثلي الفريضة فأجاز الله عزّ وجلّ له ذلك< تعرف الأحكام من جعل الله وأيها من جعل رسوله >وحرّم الله عزّ وجلّ الخمر بعينها وحرّم رسول الله المسكر من كلّ شرابٍ فأجاز الله له ذلك< تلتفتون يتكرر هذا, >وعاف رسول الله أشياء وكرهها لم ينهى عنها نهي حرام إنَّما نهى عنها نهي إعافةٍ وكراهةٍ ثمَّ رخص فيها فصار الأخذ برخصه واجباً على العباد كوجوب ما يؤخذون بنهيه وعزائمه< إن الله كما يحب أن تؤخذ بعزائمه يحب أن يؤخذ برخصه, لا يأتي شخص الآن الحلال حلال محمد الذي قال فيه ما فيه هو هكذا يحرم, يحرم, هذا تابع للسنة بالمعنى العام أو ليس بتابع؟ هذا ليس بتابع, هذه بدعه. قال: >ولم يرخص لهم رسول الله فيما نهاهم عنه نهي حرام, ولا فيما أمر به أمر فرض لازم فكثير المسكر من الأشربة نهاهم عنه نهي حرام لم يرخص فيه لأحدٍ ولم يرخص لأحدٍ تقصير الركعتين اللتين ضمهما إلى ما فرض الله عزّ وجلّ بل ألزمهم ذلك إلزاماً واجباً لم يرخص لأحدٍ في شيء من ذلك إلاَّ للمسافر وليس لأحد أن يرخص ما لم يرخصه رسول الله, فوافق أمر رسول الله أمر الله عزّ وجلّ ونهيه نهي الله عزّ وجلّ, ووجب على العباد التسليم له كالتسليم لله تبارك وتعالى< ولو كان كله بأمر من الله له معنى التسليم له, له معنى؟ يوجد معنى للتسليم له إذا كان كله بوحي من الله؟ لا, هذا تسليم لمن؟ لله.
ولذا جملة من الأعلام في ذيل قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} قالوا هذه الإطاعة الثانية ليست تأكيد للأولى هذه إطاعة تأسيسية؛ لأن الله له فرض فقال تجب الطاعة وأن رسول الله له فرض ووجوب أيضاً يجب التسليم له, هذه رواية والتي هي من الروايات المفصلة والمعتبرة أيضاً.
من الروايات الأخرى: ما ورد في (فروع الكافي) هذه كانت في (أصول الكافي) في (فروع الكافي, طبعة دار الحديث) طبعاً أتكلم عنها, (جزء6, ص25) في هذا الباب توجد مجموعة كثيرة من الروايات أنا أشير إلى بعضها.
الرواية الأولى في هذا الباب (باب, رقم الروايات 4815 وما بعد, كتاب: الصلاة, باب فرض الصلاة) الرواية: >سألت أبا جعفر عمّا فرض الله عزّ وجلّ من الصلاة؟ فقال: خمس صلوات في الليل والنهار, فقلت: هل سماهن الله وبينهن في كتابه< إذن مرتبطة بماذا؟ مرتبطة بالفرض, >قال: نعم, قال لنبيه كذا ..وقال وقال… كلها أشار إليها, أولها كذا, ثمَّ قال {وقرآن الفجر}.. {وحافظوا على الصلوات..} وفي بعضها وهي أول صلاة صلاها رسول الله, قال: ونزلت هذه وفي هذه القراءة {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} صلاة العصر وهو {وقوموا لله قانتين} قال: ونزلت هذه الآية يوم الجمعة< أي آية؟ {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} التفت. يقول: >ونزلت هذه الآية يوم الجمعة ورسول الله في صلاته, فقنت فيها رسول الله< ركعتين, الله فرضها ماذا؟ في السفر, >وتركها على حالها في السفر والحضر< عجيب يعني ماذا؟ نحن أين يوجد عندنا في حالة الحظر نصلي الظهر ركعتين؟ قال هي هذه صلاة الجمعة, هذه صلاة الظهر صارت صلاة الجمعة, هي هذه الظهر رسول الله’ لم يزد عليها فقط في الجمعة صلاة الجمعة, قال: >وأضاف للمقيم ركعتين وإنما وضعت الركعتان اللتان أضافهما النبي يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الإمام فمن صلى يوم الجمعة في جماعة فليصلها أربعة< أما إذا صلاها في جماعة يعني في جمعة فليصلها ركعتين.
ولذا في الحاشية يقول في (الحبل المتين, للبهائي): [وتركها على حالها في السفر والحضر أي أنه أبقى صلاة ظهر الجمعة على حالها من كونها ركعتين سفراً وحضراً فإنه كان يقصّرها في السفر ويصليها جمعة في الحضر ولم يضف إليها ركعتين أخريين كما أضاف للمقيم ذلك< هذه رواية.
رواية ثانية: >عن أبي جعفر, قال: كان الذي فرض الله على العباد من الصلاة عشر ركعات وفيهن القراءة وليس فيهن وهمٌ< يعني سهواً, >فزاد رسول الله سبعاً وفيهن الوهم وليس فيهن قراءة<.
الآن اتضح لك أنه لماذا الشك في الأولى والثانية مبطل للصلاة, والشك في الثالثة والرابعة ليس مبطل لأنه ليتميز فرض ربكم عن سنة نبيكم.
الرواية الثالثة: >قال أبو جعفر: فرض الله الصلاة وسن رسول الله عشرة أوجهٍ< التفتوا هذه تشريعات النبي >صلاة الحضر والسفر, وصلاة الخوف على ثلاثة أوجه, وصلاة كسوف الشمس والقمر, وصلاة العيدين وصلاة الاستسقاء والصلاة على الميت< هذه كلها تشريعات نبوية. >فرض الله الصلاة وسنّ رسول الله عشرة أوجه< ما معنى سنّه؟ يعني مستحب؟ لا, هذا في قبال الفرض, تشريع رسول الله وإلا الكل يعلم بأنه صلاة الخوف وصلاة الشمس والقمر وصلاة العيدين كلّ هذين الصلوات بعضها مستحبة وبعضها واجبة.
الرواية الخامسة من هذا الباب, التفتوا إلى هذه الرواية جداً لطيفة هذه الرواية >سألت أبا جعفر عن الفرض في الصلاة فقال: الوقت والطهور والقبلة والتوجه والركوع والسجود والدعاء, قلت: ما سوى ذلك؟ قال: سنة في فريضة< ومن هنا أنت تفهم فلسفة وحكمة >لا تعاد الصلاة إلاَّ من خمس< لماذا لا تعاد الصلاة إلاَّ من خمس؟ هذه الخمس التي هي هذه الطهور والقبلة والركوع والسجود .. هذه هي الخمسة صحيح؟ الجواب: لأن تلك ما هي؟ هي فرض الله فرض ربكم وهذه ماذا؟ إذن كلّ الصلاة بتعبيرنا ثمانين بالمائة من الصلاة تشريعاتها ماذا؟ نبوية.
ولذا تجدون بأنه الإنسان إذا نسيها غفل عنها صلاته تبطل أو لا تبطل؟ لا تبطل, قال: >هي سنة في فريضة<.
وكذلك الرواية الثامنة من الباب التي هي 4822, واكتفي بها, >عن أبي جعفر قال: عشر ركعات ركعتان من الظهر وركعتان من العصر وركعتا الصبح وركعتا المغرب وركعتا العشاء الآخرة لا يوجد الوهم فيهن ومن وهم في شيء منهن استقبل الصلاة استقبالا وهي الصلاة التي فرضها الله عزّ وجلّ على المؤمنين في القرآن وفوّض إلى محمد’فزاد النبي في الصلاة سبع ركعات وهي سنة ليس فيهن قراءة< أي سنة؟ السنة المتعارفة أو التي اصطلحنا عليها. >إنَّما هو تسبيح وتهليل وتكبير ودعاء فالوهم إنَّما يكون فيهن فزاد رسول الله في صلاة المقيم غير المسافر ركعتين في الظهور والعصر والعشاء الآخرة وركعةً في المغرب للمقيم والمسافر<. أيضاً هذه الركعة الثالثة في المغرب أيضاً من إضافة رسول الله.
الآن الأبواب الأخرى إن شاء الله تأتي.
والحمد لله رب العالمين.