الأخبار

تعارض الأدلة (25)

بسم الله الرحمن الرحيم

و به نستعين

و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

كان الكلام في مصداقٍ من مصاديق التفويض. بعد أن ثبت أن الله سبحانه وتعالى فوض إلى النبي وإلى الأئمة شؤون الدين, وبينّا ما معنى هذا التفويض في الابحاث السابقة.

طبعاً يوجد بحث آخر في مسألة التفويض الآن لو أدخل فيه لعله يأخذ وقتاً كثيراً, ولكنه أشير إليه كعنوان, وبحثه إن شاء الله لعله في مناسبة أو فرصة أخرى.

وهي: أنه هل أنه فوّض إليهم في منطقة الفراغ فقط, أو أوسع من ذلك؟

إذا قلنا أن المفوَّض إليهم في منطقة الفراغ, بمعنى: أنه في مورد المباح فوّض إليهم. المباح قد يجعلوه واجباً وقد يجعلوه حراماً, وقد يجعلوه مستحباً وقد يجعلوه مكروهاً, مثلاً: زيادة ركعتين على الظهر, هذا كان ممكناً لا يوجد فيه مخالفة للشرع, ولكنه هل فوض إليهم تحليل الحرام أو تحريم الحلال؟ وما معنى تحريم الحلال >المؤمنون عند شروطهم إلاَّ ما يحرموا حلالا أو يحللوا حراماً< ما معنى أساساً هذه الجملة؟ هذا البحث لعله إن شاء الله في فرصة أخرى.

في هذا اليوم أنا فقط أريد أن أقف في هذه القضية, وهي: أنه كما ثبت في محلّه أن الإبلاغ الابتدائي للوحي إنَّما هي من مسؤولية النبي’, وذلك لقوله تعالى {لتبين للناس ما نزّل إليهم} أو {بلّغ ما أنزل إليك}.

هنا طرحنا هذا التساؤل بالأمس وهو: أنه هل فوّض إليه أن يرجأ أو يبلغ هذا بالنيابة؟ أن يُعطي هذا الإبلاغ لشخصٍ ويبلغ الناس إبلاغاً ابتدائياً, هل أعطي هذا أو لم يُعطَ ذلك؟ وقلنا: تترتب على ذلك ثمرات مهمة في بحث بيان الأحكام, خصوصاً نحن الذين نعتقد بأنَّ عصر بيان الأحكام لم ينتهي بعصر النبي’ بل استمر إلى الإمام الثاني عشر, ولذا عندما نقول: السنّة, نقول السنة بالمعنى الأعم ما يشمل قول النبي بل قول المعصوم وفعل المعصوم وتقرير المعصوم, كتاب الله والسنّة, المراد من السنة ليس فقط سنة النبي وإنما السنة بالمعنى الأعم.

الجواب: نستطيع أن نستدل على هذه الحقيقة من القرآن الكريم لإثباتها, طبعاً مع بيان المصداق من النصوص المتواترة أو القطعية الصدور.

من الأبحاث التي طُرحت في المقام, هي ما ورد في (سورة طه الآية 25) الآية هناك قال تعالى بالنسبة إلى موسى وهارون {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا} محل الشاهد: {قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى} إذن كلّ الذي طلبه لوزيره موسى طلبه لوزيره هارون الله سبحانه وتعالى أعطاه لا أنه لم يعطه. لأن القرآن الكريم جداً دقيق في هذه المسائل المكان الذي يريد أن يعطي يقول أعطيت والمكان الذي ما يريد أن يعطي ماذا يقول؟ ما أعطيت, لا يمر هكذا حتّى تقول ديبلوماسية القرآن أبداً أبدا, لا يوجد عنده مع أحد ديبلوماسية, مكان الذي يقول لا, لا, إبراهيم قال: {إني جاعلك للناس إماما} إبراهيم أيضاً طلبها لمن؟ لذريته, قال: {ومن ذريتي} ولم يقيده بقيد أبداً, قال: {ومن ذريتي} تعطيها لذريتي, الله قال له بلي أعطيها لذريتك ولكن بشرطها وشروطها, ماذا؟ {لا ينال عهدي الظالمين} يعني موجودة في ذريتك إلاَّ الذين ظلموا, الآن أولئك الذين لبسوا إيمانهم بظلمٍ منهم, ذاك بحثٌ آخر, المهم القرآن الكريم لا يمر هكذا.

فهنا عندما يقول: {قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى} يعني كلّ الذي تحتاج ذكرته في دعاءك الله سبحانه وتعالى استجاب له ذلك. جيد.

هنا وقع كلام بين الأعلام, التفتوا جيداً, بأنه {أشركه في أمري} ما هو؟ هل المراد الشراكة في أمري يعني النبوة؟ أو المراد الشراكة في أمري شيءٌ آخر؟

السيّد الطباطبائي, بحث تفسير مفصل أعزائي, أنا بنحو الإجمال ألخصه حتّى أصل إلى محل الكلام, السيّد الطباطبائي في (الميزان, ج14, في ذيل هذه الآية من سورة طه, ص147) هذه عبارته, يقول: [فمعنى قوله {وأشركه في أمري} سؤال الإشراك في أمرٍ كان يخصه] يخص من؟ يخص موسى, بأي قرينة يخصه؟ بقرينة أنه ما قال وأشركه في الأمر, قال: {وأشركه في أمري} يعني مختصٌ بمن؟ بموسى, وإذا كان المراد النبوة طيب ليست مختصة بموسى كان يقول وأشركه بالنبوة.

ولذا كلّ من يفسر المراد من الأمر يعني النبوة, طيب لماذا ينسبه إلى نفسه هنا في هذا المقام؟

يقول: [في أمرٍ كان يخصه] ما هو هذا الذي يخصه؟ [وهو تبليغ ما بلغه من ربه بادئ مرّة] أنه من الأمور المختصة بالنبي أنه إذا أراد أن يبلغ من المسؤول عن التبليغ, هو مسؤول عن التبليغ وليس من حق الآخرين أن يبلغوا, نعم هو يبلغ الناس ثمَّ فليبلغ الشاهد الغائب.

[فهو الذي يخصه ولا يشاركه فيه أحدٌ سواه ولا له أن يستنيب فيه غيره] ليس من حقه هذا لأن هذه من مختصات النبوة [وأما تبليغ الدين أو شيء من أجزائه بعد تبليغه بتوسط النبي فليس مما يختص بالنبي] كلّ من بلغه فليبلغ الشاهد الغائب. إذن التبليغ الابتدائي من مختصات من؟ من مختصات النبي’ يعني من مختصات من أمر بالإبلاغ {بلغ ما أنزل إليك من ربك} وهذا هو مقتضى القاعدة أيضاً, الآن من باب الأمثال أقربها للأعزة, أنتم واجدين بأنه إذا شخص أعطى وكالة لأحد ليس بالضرورة إعطاءه الوكالة دليل على توكيله على أن يوكل غيره, ولذا إذا أراد أن يحصل على صلاحية توكيل الغير يحتاج إلى أمرٍ إضافي أصل الوكالة لا تكفي, أنتم واجدين في باب الصلاة, هذه المسألة مطروحة, في باب الإجارة يقول: إذا استأجرك للصلاة للصوم للعبادة هل تستطيع أن تعطيه لغيرك أم لا؟ يقول: الأصل المباشرة, الأصل فيه المباشرة إلاَّ إذا استفدت من المتكلم أو من العقد أو من الإجارة الإطلاق ذاك بحث آخر, وإلا الأصل فيه أنه يباشر ذلك العمل, الإبلاغ الإلهي أيضاً كذلك.

ولذا يقول بعد ذلك السيّد الطباطبائي: [فليس مما يختص بالنبي بل وظيفة كلّ من آمن به ممن يعلم شيئاً من الدين وعلى العالم أن يبلغ الجاهل وعلى الشاهد أن يبلغ الغائب ولا معنى لسؤال إشراك أخيه معه] إذا كان المراد هو الإبلاغ العام, طيب هذا ليس مختص بهارون حتّى يطلب, طيب كلّ من سمع من النبي وظيفته أن يبلغ العالم الجاهل والحاضر الغائب.

ولذا يأتي في (ص160 من نفس المجلد) هناك البحث بودي أن الإخوة يراجعوه مفصلاً لأنه ما عندي وقت أقرأها كله, يقول: [نعم, على أن الإضافة في قوله {أمري} تفيد الاختصاص].

أعزائي نكتة من قواعد تفسير الميزان, كثير من الأبحاث المهمة موجودة في البحث الروائي, قد لا تجده في البحث التفسيري, لأن البعض قد يتصور أن البحث الروائي السيّد الطباطبائي فقط يريد أن ينقل الروايات, لا لا, أعزائي, كثير من النكات التفسيرية الأساسية يشير إليها في ذيل الروايات التي يشير إليها في البحث الروائي. لأن هذا البحث الآن في البحث الروائي.

يقول: [على أن الإضافة في قوله {أمري} تفيد الاختصاص فلا يصدق على ما هو مشتركٌ بين الجميع] لأنه قال {أمري} [نعم التبليغ الابتدائي وهو تبليغ الوحي لأول مرة أمرٌ يختص بالنبي فليس له أن يستنيب لتبليغ أصل الوحي رجلاً آخر, فالإشراك فيه إشراكٌ في أمره وفي قول موسى ما يشهد بذلك إذ يقول: وأخي هارون هو أفصح مني لسانا] طيب أفصح مني لسانا حتّى ماذا يفعل؟ يعني أنا الذي أريد أن أبلغه لعلي ما استطيع أنه لساني فيه ما فيه, فاعطي نيابة على ماذا؟ وهذا هو دليل {أشركه في أمري} يقول: [وهو أفصح مني لساناً فأرسله معي رد أن يصدقني إذ ليس المراد بتصديقيه إياه أن يقول صدق أخي] طيب صدق أخي طيب النار كلّ يجر الناس إلى ماذا؟ طيب أخوك وصار نبي وأنت أيضاً تقول أي والله كلّ ما يقول يصدق, طيب ما صار دليل هذا, يقول بل المراد ماذا؟ [بل أن يوضح ما أبهم من كلامه ويفصّل ما أجمل ويبلغ عنه بعض الوحي الذي كان عليه أن يبلغه]. ما أدري واضح إلى هنا المطلب.

إذا اتضح ذلك, فأنا لا أحتاج افترضوا أصل موضوعي >أنت مني بمنزلة هارون من موسى< يعني نفس المواقع التي أثبتها القرآن لهارون بالنسبة إلى موسى فهي ثابتة لعلي بالنسبة إلى الخاتم’, وحتى نعرف أن كلّ المواقع وكل المسؤوليات وكل ما ذكر في القرآن ثابت لعلي ولا يوجد استثناء إلاَّ النبوة يعني ما غير النبوة, كلها داخل, إلاَّ أنه لا نبي بعدي, إذن الذي يخرج من المستثنى منه ما هو؟ فقط النبوة, فقط, إذن {أشركه في أمري} حتّى لو قبلنا هناك في النبوة هنا ماذا؟ في علي لا في النبوة لأنه النبوة أغلق بابها بعد النبي’. وهذا حديث ذكرت أنا مراراً للأعزة, هذا الحديث من القوّة بمكان أن ابن تيمية الذي شكك في حديث الغدير لم يشكك في حديث المنزلة, يعني من حيث السند عند السنّة أقوى بمراتب من حديث الغدير الذي هو متواتر قطعي عندنا.

ولذا أنا اعتقد أن حديث المنزلة من الأحاديث واقعاً المظلومة في الوسط الشيعي, لأنه نحن التفتوا جيداً, في حديث الغدير.

دعوني أبين لكم نكتة مهمة في الأدلة الكلامية لإثبات الإمامة, حديث الغدير سنداً ومضموناً سنّة, أما حديث المنزلة سنداً من السنة ولكن مضموناً ماذا؟ قرآني, يعني أنت تقول بأنه وزير لا يقول أي رواية قالت وزير, لا صريح القرآن قال ماذا؟ وزير, قال {أشركه في أمري} صريح القرآن علي شريك لرسول الله في أمره لا في الأمر, إذن تعالوا نبحث أعزائي والله هذا البحث يستحق شهر نقف عنده, ما هي اختصاصات مقام النبوة, عليٌ ماذا فيها, شريك فيها إلاَّ الخاتمية إلاَّ النبوة الخاتمة, والباقي كلها, إذا عطيته علماً أفضل الأولين والآخرين فعليٌ شريكه, إذا أعطيت عصمةً فعلي شريكه, إذا أعطيته وجوب الطاعة فعليٌ ماذا؟ شريكٌ, إذا كان النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم فعليٌ شريكه, وهكذا كلّ ما تريد.

ولذا ينفتح بابٌ لمعارف الأئمة ولخصوص الإمام أمير المؤمنين, واقعاً له بداية وليست له نهاية, لأنه معارف القرآن في النبوة عظيمة جداً {وإنك لعلى خلق عظيم} عليٌ شريك في هذا, بأي دليل؟ {وأشركه في أمري} يعني في مختصاتي إلاَّ ما أخرجه الدليل, الآن إما أخرجه الدليل القطعي كالنبوة, أو أبحاث أخرى فقهية أخرجها الدليل.

ما أدري واضح هذا المعنى.

ولذا تجد بأنه النبي’ هذه القاعدة طبّقها في إبلاغ سورة براءة, يعني سورة البراءة نزلت على من؟ التفت, هذا الربط الذي عادةً مع الأسف ما يربطون بينها, الله سبحانه وتعالى أنزل سورة براءة على من؟ على رسول الله, الوظيفة الأصلية من الذي لابدَّ أن يبلغ هذه القواعد الأصلية الموجودة في سورة براءة؟ وظيفة من؟ وظيفة النبي’, لمن أعطاها؟ هذا فيه كلامٌ كثير, من أكاذيب التاريخ هذه ولكن مع ذلك نحن نسلّمها الآن, ونحن أيضاً ندعها ولعله أيضاً صحيحة, الآن ما أدري أن أدخل في بحث أنه أعطيت لأبي بكر ما أعطيت لأبي بكر, وإذا أعطيت لماذا أعطيت, أبحاث حتّى عند السنة يوجد تشكيك أنه أعطيت لأبي بكر, الآن ما أريد أن أدخل في هذا البحث لا نذهب إلى هناك, نفترض أنها أعطيت لأبي بكر الخليفة, ولكنه انظروا إلى هذه النصوص الواردة أيضاً واردة في كتب المدرستين.

تعالوا معنا إلى (الميزان, ج9, ص170, في ذيل أول سورة براءة) هناك عنده تعبير السيّد العلامة يقول: [وليتأمل الباحث المنصف قوله: {لا يؤدي عنك إلاَّ أنت أو رجلٌ منك}] هذا أي أداء هذا هذا الأداء العمومي؟ طيب موجود كلّ من تعلم شيئاً من رسول الله’, إذا كان المراد منه الإبلاغ العمومي مختص برجل منك, طيب هؤلاء العلماء كلهم يبلغون عن من؟ عن رسول الله, تعلموا من رسول الله, أصلاً كلّ الصحابة, أعلام الصحابة ألم يتعلموا من رسول الله, إذن لماذا إلاَّ رجل منك؟ إذن تبين هذا الأداء ليس الأداء العمومي وإنما الأداء الخصوصي وإلا لا معنى أنه {إلاَّ أنت أو رجلٌ منك}.

ثمَّ توجد نكتة, انظروا هذا البحث التفسيري للسيد الطباطبائي يقول: [فقد قيل {لا يؤدي عنك إلاَّ أنت}] من هنا قد يأتي هذا السؤال: ما معنى لا يؤدي عنك إلاَّ أنت, ماذا رسول الله عندما يؤدي, يؤدي عن نفسه, ما معنى هذا, لا يؤدي عنك إلاَّ أنت, أصلاً لها معنى؟ لا معنى لها, ماذا لا يؤدي عنك إلاَّ أنت؟ يقول المفروض القاعدة الكلام يقول: [لا يؤدي إلاَّ أنت أو رجلٌ منك] هذه لا يؤدي عنك يعني ماذا؟ التفتوا إلى النكتة, ما أدري الأعزة إلى الآن جاء في ذهنهم هذا السؤال, ماذا يؤدي عني أنا؟ أصلاً يصير من يؤدي عنك يا رسول الله؟ ماذا يقول رسول الله؟ يقول أنا ..أصلاً .. نعم, أنا أو ماذا؟ يقول نعم, هذه الجملة لو كانت, التفتوا إلى النكتة, يقول لو كان رسول يقول لا يؤدي إلاَّ أنا أو رجلٌ مني توهم الشراكة في النبوة يعني إما أنا أو هذا, فقد يصير ماذا؟ [ولكنه قال عنك] إذن أنت الرسول فأنت قد تؤدي أو ماذا؟ فإذن ما يصير شريك للرسالة وإنما يصير شريك في التبليغ فقط.

قال: [فقيل لا يؤدي عنك إلاَّ أنت ولم يقل لا يؤدي إلاَّ أنت أو رجلٌ منك, حتّى يفيد اشتراك الرسالة, ولم يقل لا يؤدي منك إلاَّ رجلٌ منك حتّى يشمل سائر الرسالات إلى آخره]. واضح صار.

إلى أن رسول الله’ الآن بعث الأوّل لأي سبب, ثمَّ أرجعه قيل له, الآن إما من باب تجاهل العارف لبيان أن هذا مقامه أو ليس مقامه هذا المقام؟ يعني: الأوّل له هذا المقام أن يكون ولو وكيلاً عن رسول الله في الإبلاغ الابتدائي أو ليست له هذه الصلاحية؟ ليست له هذه الصلاحية, هذه صلاحية من؟ صلاحية رجلٌ منك.

ولذا التفتوا جيداً, ولذا المحققين من علماء السنة أمثال ابن كثير وابن قيم, التفتوا إلى عمق هذه الجملة قالوا هذه لا تدل ولا تعطي مقاماً لعلي إلاَّ في سورة براءة لا أنها مشتركة عامة, يعني قالوا أن المورد يخصص ماذا؟ لماذا؟ لأنه إذا قبلوا أن علياً شريك الأمر في الإبلاغ الابتدائي إذن علي غداً إذا قال رسول الله قال هكذا, حتّى لو لم يكن أحد من الصحابة قال بذلك لابدَّ أن يقبلون منه, لأنه في النتيجة صحابي صادق ثقة, دعونا عن العصمة, إذا جاء صحابي أبوذر قال سمعت رسول الله يقول كذا, أيوجد شخص يكذبه؟ أبداً, هذا على مبانيكم وعلى مبانينا أيضاً, ما نقول له آتينا بدليل على أنه صحابي آخر قال, طيب علي بن أبي طالب إذا قال شيئاً ولم يقله رسول الله في حياته, هذه {وأشركه في أمري} تعطيه صلاحية أن يعطي أحكاماً لم تكن موجودة.

ولذا السيّد الطباطبائي يقول: [وكيف كان فهو كلام مطلق يشمل تأدية براءة وكل حكم إلهي احتاج النبي إلى أن يؤديه عنه مؤدٍ غيره, نعم أبدع بعض المفسرين] هذه اصطلاحات السيّد الطباطبائي, [أبدع] هذه من الإبداع تعلمون أنتم أبدع ثلاثي من الإبداع, ولكن هو يريد أن يقول ماذا؟ يعني أوجد بدعة, هنا مقصوده من أبدع ليس الإبداع وإنما ابتداع, يقول: [أبدع بعض المفسرين كابن كثير وأترابه هنا وجهاً وجهوا به] أن هذه مختصة ماذا؟ لا تقولون لنا بكرة يقول هكذا, ما أدري واضحة استطعت أن أوصل الفكرة.

النتيجة التفت جيداً, النتيجة ما هي؟ النتيجة: أن علياً (عليه أفضل الصلاة والسلام) وأن الحسن -إذا قلنا هذا الحكم مستمرٌ باعتبار أدلة أخرى- وأن الحسين وأن السجاد وأن الباقر وأن الصادق, عندما يقولون شيئاً ليس بالضرورة أنهم هم شرّعوا, بل المشرع من؟ رسول الله, نعم أخر إبلاغه إلى بعد مائة سنة لمصالحه هو يعرفها, ما أدري واضح.

ومن هنا تفهم أنت هذا المبنى, يعني الخلفية العقائدية لهذا الكلام, الآن لا أعلم بأنه السيّد الخوئي كان متوجهاً لهذه النكتة أو لا؟ ولكنه النتيجة مذكورة في الكتاب (المستند, ص196) يقول: [بناء على ما سلكناه من تدريجية الأحكام وجواز تأخير التبليغ عن عصر التشريع] تأخير التبليغ لا التشريع, التشريع ماذا؟ جاء من الله, وجاء من رسول الله ولكن رسول الله, هذه من موارد التفويض في شأن الدين, يا رسول الله, متى نبلغ؟ الله فوّض إليه زمان التبليغ, الآن تبلغه؟ قال الأمر إليك أنت, بعد عشر سنوات؟ قال له تابع لك, ولذا تجدون إبلاغ قضية أمير المؤمنين كانت من هذا القبيل وهي أن رسول الله ماذا؟ أخره أخره, الله سبحانه وتعالى – بحسب تحليلينا لمبانيه دخل على الخط قال له إلى هنا وكافي- {ليس لك من الأمر} هنا كافي, هذه أنا أقول الآن, إلهي هذه مشاكلها هذه إشكالياتها {بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} هذا أمرٌ ولائي صدر من الله, فأنت هنا لا تتدخل … هذا من باب المجاز- هنا الله سبحانه وتعالى يدخل على الخط مباشرةً في إبلاغ, واقرؤوا الروايات عشرات الروايات وردت {ليس لك من الأمر شيء} قرأنا واحدة من الروايات فيما سبق, أن الإمام الصادق قال: >بل كان له من الأمر شيءٌ وشيءٌ وشيءٌ, ولكن {ليس لك من الأمر شيء} في تأخير إبلاغ ما أرسلت به وهي إمامة علي (عليه أفضل الصلاة والسلام)<.

طبعاً من حقه النبي’ كان مفوض إليه هذا الأمر, ولذا العبارة هنا واضحة تصير, ولذا هذه الجملة أنا قرأتها لأنه جملة من المعلقين على كلمات سيدنا الأستاذ السيّد الخوئي, يقولون لا معنى بأنه أساساً تأخير التبليغ عن وقت الحاجة هذا خلاف المصلحة هذا خلاف, فإشكالات شديدة على هذا الكلام الذي صدر, ولكن مبانه الكلامي هو هذه النقطة التي أشرنا إليها, وهي أن الرسول’ إذا قبلنا – طبعاً نحن ما قبلنا في أرباح المكاسب- السيّد الخوئي يقول هذا الكلام أين؟ في أرباح المكاسب, يقول: أن رسول الله كان هو الذي شرّع خمس أرباح المكاسب, ولكنّه إبلاغ هذا الحكم أخره إلى زمان الإمام الصادق.

يقول: [من تدريجية الأحكام وجواز تأخير التبليغ عن عصر التشريع, بإيداع بيانه من النبي إلى الإمام ليظهره في ظرفه المناسب له حسب المصالح الوقتية الباعثة على ذلك].

على هذا الأساس التفتوا جيداً, على هذا الأساس ننتهي إلى هذه النتيجة, وهي: أن الأحكام الصادرة التي ذكرت في كلمات الأئمة واقعاً نحن لا نعرف أن هذه تشريعات صدرت من الأئمة بالتفويض الثابت لهم, لأنه ثبت أنه فوض إليهم, أو أنها لا, تشريعات صدرت من النبي أو من الله, وأبلغ النبي بها ولكن فوّض إلى النبي زمان إبلاغها للأئمة فأوكل بيانها لمن؟ وعندنا عشرات التشريعات عندنا في الروايات, إذا يوجد وقت الإخوة يطالعون أنها ستظهر متى؟ في زمن الحضور. فهل هي هذه تشريع ولوي بحسب التفويض أو أنها تشريعٌ إلهيٌ أبلغ لمن؟ للنبي ولكن فوّض زمان إظهاره إلى الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

هذه نقطة تحتاج إلى بعض التوضيحات إن شاء الله إلى يوم السبت.

والحمد لله رب العالمين.

  • جديد المرئيات