بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين
انتهينا بحمد الله تعالى في الأبحاث السابقة من بيان النوع الأوّل من الأحكام والذي انقسم إلى أيضاً نحوين من الأحكام. هذا النوع الأوّل قلنا: أنه يُعد جزء من الشريعة ويُعد من الأمور الثابتة في الشريعة.
نعم, تارةً أن التشريع إلهيٌ وصادرٌ منه سبحانه وتعالى, وأخرى أن التشريع من النبي’ بعد امضائه من قبل الله سبحانه وتعالى.
وإذا قبلنا أن الأدلة دلت على أن الأئمة أيضاً لهم هذا المقام ايضاً هناك تشريعات صدرت من الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
هذا كله فيما يتعلق بالنوع الأوّل من الأحكام, أو النوع الأوّل والثاني, إذا قبلنا أن التشريعات الصادرة من النبي والأئمة نوعٌ آخر بطبيعة, لأنه الآن لماذا نقول نوعٌ آخر؟ باعتبار اختلاف الآثار, وقد قرأنا في الأبحاث الفلسفية أن تعدد الأثر يكشف عن تعدد المؤثر, نحن واحدة من أهم الأدلة عندنا لتعدد الأنواع هو تعدد الآثار المترتبة على كلّ نوعٍ نوع.
فمن ذاك القبيل أيضاً نقول في المقام, فإنَّ الآثار التشريع الذي صدر من الله سبحانه وتعالى تختلف عن آثار التشريع الصادر من النبي, أو الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
النوع الثالث, أو عبروا عنه النوع الثاني لا فرق, النوع الثالث: في هذا النوع الثالث هي الأحكام التي صدرت من النبي’ ومن الأئمة, فهذا لا مجال لم يختلف فيه أحد, هي الأحكام الصادرة من النبي والأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) واصطلح عليها بالأحكام الولائية أو اصطلح عليها بالأحكام السلطانية, وأمثال ذلك.
هذه الأحكام تارةً نحن نتكلم في أصل ثبوتها للنبي والأئمة, وأخرى نتكلم في مصاديق ذلك, يعني أنه صدر منهم أم لم يصدر, لعل الصلاحية ثابتة ولكنهم لم يعملوا تلك الصلاحية الولاية ثابتة ولكن لم يعملوا تلك الولاية.
من هنا أعزائي إن شاء الله تعالى بعد ذلك سيتضح أنه وقع اختلاف شديد بين فقهاء المسلمين في كثير من الأحكام أنها هي أحكام من النوع الاول أو أنها أحكام من النوع, يعني هل هي أحكام جزء من الشريعة أو أنها أحكام ولائية أي منهما؟ بعضها اتفقوا عليها, قالوا لا إشكال ولا شبهة أن هذا حكمٌ ولائي, وبعضها اختلفوا فيه أنه هذا من الحكم الولائي أو من الحكم غير الولائي. الآن ما هي الفوارق بينهما؟ إن شاء الله بعد ذلك سنشير إليهما.
إذن التفتوا, الآن ما نتكلم في المصاديق في الأمثلة المتفق عليها والمختلف فيها له بحثٌ آخر, وإنما كلامنا في أصل هذه الأحكام الولائية وهل تتميز عن الأحكام غير الولائية أو لا تتميز؟
الجواب: تمتاز الأحكام أو تفترق الأحكام الولائية عن الأحكام من النوع الأوّل بقسميه أو من النوع الأوّل والثاني في الخصوصيتين التاليتين:
الخصوصية الأولى: أن الأحكام المرتبطة بالنوع الأوّل والنوع الثاني حلاله حلال إلى يوم القيامة, وحرامه حرامٌ إلى يوم القيامة, يعني تعد أجزاء الشريعة التي لا يمكن لا الزيادة عليها ولا النقيصة فيها, حتّى يكون الأمر واضح كصلاة الصبح, صلاة الصبح هي ركعتان لا يمكن إضافة حرف عليها, ولا يمكن إنقاص حرف منها, صوم شهر رمضان صوم شهر رمضان لا يمكن لا أن يضاف عليه شيء ولا أن ينقص منه شيء وأنت عندما تأتي وتعدد أجزاء الشريعة تجعل من أجزاء الشريعة ماذا؟ الصوم, الحج, الصلاة, ونحو ذلك.
إذن المائز الأوّل, أن الأحكام من القسم الأوّل هي جزء من الشريعة وهذا بخلافه الأحكام الولائية, ليست جزءً من الشريعة, يعني أنت عندما تعدد لي أجزاء الشريعة ليس من أجزائها الحكم الولائي الذي صدر من النبي, أو الحكم الولائي الذي صدر من الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام)؟ ليست جزءاً من الدين بهذا المعنى, هذه الخصوصية الأولى.
الخصوصية الثانية: أن الأحكام التي هي من النوع الأوّل بقسيمه كلها أحكام ثابتة لا أنها تابعة للظروف أبداً, ليست تابعة لا للظروف ولا للشرائط ولا للمكان ولا للزمان, نعم العناوين الثانوية له حساب آخر, ولكن لو كنّا نحن والعناوين الأولية هذه أحكام ثابتة لا تتغير أبداً.
وهذا بخلافه في الأحكام الولائية فإنَّ الأحكام الولائية بطبيعتها هي متغيرة, قد توجد في زمان وقد لا توجد في زمان آخر. قد تثبت من إمام وقد تنفى من إمام آخر.
الإخوة الذين يحضرون بحث الخمس تتذكرون, نحن عندما جئنا خمس أرباح المكاسب قلنا: أنها من الأحكام الولائية, ولذا تجدون أن الإمام الجواد يجعلها نصف السدس والإمام الهادي يجعلها خمس.
فلو كانت ثابتة لا يمكن لأحدٍ أنه في زمان يجعل صلاة الصبح ركعتين في زمان آخر يجعل صلاة الصبح ثلاثة ركعات, صلاة المغرب ثلاثة ركعات في زمان وفي زمان آخر أربع ركعات لا أبداً تبقى ثابتة ولا تتغير بأي – بحسب العنوان الأولي- لا يقول لنا قائل: سيدنا عناوين ثانوية, لا عناوين ثانوية أنتم أيضاً تقول, العنوان الأولي. هذه العنوان الأولي لها متغيرة لا العنوان الثانوي لها متغير.
الأحكام من النوع الأوّل بالعنوان الثانوي قد تتغير الحرام يكون حلالاً ولكن بالعنوان الثانوي, ولكنه الأحكام الولائية بعنوانها الأولي ثابتة, أو بعنوانه الأولي متغيرة؟ بعنوانها الأولي متغيرة من زمان إلى زمان. ما أدري واضح هذا المعنى.
الخصوصية الثالثة: هذه ليست خصوصية تمتاز بها, لا, تشترك مع النوع الأوّل والثاني, التفتوا, يعني هذه جهات الامتياز جهات الافتراق بين الأحكام الولائية والأحكام غير الولائية, جهة الاشتراك ما هي؟ أنه يجب التسليم لها والطاعة فيها, لا فرق بينهما, يعني إذا صدر من إمام أو من النبي’ حكم ولائي فإنه يجب التسليم له فيها, تجب طاعته فيها على حد طاعة الأحكام من النوع الأوّل, لا فرق من هذه الجهة, ومخالفة الأحكام الولائية من هذا النوع, كمخالفة الأحكام من النوع السابق غير الولائي, وذلك لأدلة كثيرة, الآن نحن لسنا بصدد الأدلة وإنما بصدد فقط بيان المبدأ التصوري, {اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} خصوصاً إذا قبلنا وأولي الأمر هذه مختصة بالأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) {النبي أولى من المؤمنين بأنفسهم} هذه الأولوية كما هي ثابتة للنبي ثابتة لباقي الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
هذا أعزائي هو النوع الثالث من الأحكام الصادرة من الشريعة, التفتوا جيداً. ما علاقة هذا البحث ببحث تعارض الأدلة؟
الجواب: إذا صدر حكمان من النوع الأوّل وتخالفا فيما بينهما, إذن يقع التعارض. هذا يقول صلاة الصبح واجبة ذاك يقول صلاة الصبح ليست بواجبة فيقع التعارض, لأنه هذا الوجوب بنحو الثبات وذاك أيضاً بنحو الثبات, الأحكام غير الولائية بطبيعتها ثابتة جزء من الشريعة فلا معنى أن تكون متعارضة فيما بينها. أما إذا كانا كلا الحكمين الصادرين المختلفين المتعارضين كانا ولائيين, أو كان لا أقل أحدهما ولائي يقع التعارض أو لا يقع التعارض؟ حكمٌ ولائي صدر من النبي وحكمٌ ولائي آخر صدر من الإمام الصادق, يوجد تعارض بينهما لا, لأن الحكم الأوّل مرتبط بشروطه والحكم الثاني مرتبط بشروطه فلا تعارض, فإذا جنابك وافترضت كلاهما حكم ثابت, ماذا تقول؟ تقول وقع التعارض في الأدلة.
إذن معرفة الأحكام الولائية, وتمييزها عن الأحكام غير الولائية يضيّق لنا دائرة كبيرة من أبحاث من دوائر تعارض الأدلة واختلافها, إذا لم تلتفت إلى هذا تقول وقع التعارض وقع التعارض, وعند ذلك – تعال بتعبيرنا سوي لنا جنطة- من القواعد لحل التعارض بينهما, إما تقية إما الحمل على الاستحباب إما … وفي الأعم الأغلب هنا تكلفات في هذه الجموع لأنها في الأعم الأغلب جموعٌ تبرعية لا يوجد عليها شاهد, ولكن من باب قاعدة (كلما أمكن الجمع فهو أولى من الطرح) تحاول أن تجمع بين هذه النصوص, وإلا لا يوجد وجه جمع بينهما, واحد يقول واجب وواحد يقول ليس بواجب, ولذا اضطر الفقهاء أو بعض الفقهاء أن يقول بأنه إذا ورد واجب وليس بواجب نحمل الذي قال ليس بواجب على الاستحباب بقرينة الواجب. الذي ناقش فيها صاحب الحدائق قال هذا الأصل اين أصله من أين هذا, هذا لا عرفي ولا فيه أصل قرآني ولا أصل روائي لا .. على أي أساس, هذا الذي الآن مشهور في كلمات علمائنا.
إذن أعزائي التفتوا جيداً إذن تمييز الأحكام ومعرفة الأحكام وأنها من أي نوعٍ من الأنواع له مدخلية أساسية إما في توسعة دائرة التعارض أو تضييق دائرة التعارض. وأنت ما لم تم تتوفر على ضوابط ذلك لا يمكنك أن تدخل في بحث عملية الاجتهاد. واقعاً هذه تعد من أهم مفاتيح عملية الاجتهاد, لأنه ما لم تتعرف عليها تقول لي متعارض متعارض … حتّى صار ذلك لعله من علامات روايات أهل البيت, أنها في الأعم الأغلب ماذا؟ متعارضة, بل حتّى في الروايات الصادرة عن النبي’, أيضاً قيل أنها ماذا؟ كتبت الكتب لرفع تلك التعارضات والاختلافات, أما إذا جئنا وميزنا أنواع الأحكام أن هذا الحكم من النوع الأوّل, هذا الحكم من النوع الثاني هذا الحكم من النوع الثالث, هذا الحكم من النوع الرابع, الذي سيأتي إن شاء الله النوع الرابع والخامس, يأتي إن شاء الله, إذا ميزتها ووضعت كلّ شيء في موضعه المناسب عند ذلك تجد دائرة التعارض ماذا؟ تضييق شيئاً فشيئاً, حتّى لا تصير القضية فقط نظرية محضة نشير إلى مثال, أمثلة كثيرة ولكنه هذا المثال الذي هو محل الابتلاء إلى يومنا هذا واختلاف الفتوى على أساسه.
تعالوا معنا إلى كتاب الزكاة. في كتاب الزكاة, ج9, طبعة مؤسسة آل البيت) طوائف موارد وجود الزكاة على أنحاء متعددة, الطائفة الأولى ما وردت في (ج9, ص53, أبواب ما تجب فيه, باب وجوب الزكاة في تسعة أشياء) والرواية واضحة وصحيحة السند أيضاً.
الرواية: >قال أبو عبد الله: أنزلت آية الزكاة {خذ من أموالهم} في شهر رمضان, فأمر رسول الله’ منادي فنادى في الناس إن الله تبارك وتعالى قد فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة, ففرض الله عليكم من الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم ومن الحنطة والشعير والتمر والزبيب ونادى فيهم بذلك في شهر رمضان وعفى لهم عما سوى ذلك<.
أنت جئت وهذه الرواية هذه الطائفة فرضتها من الأحكام الثابتة قلت: الزكاة في هذه ولا غير, لا فقط قلت الزكاة في هذه, حتّى يحق بعد ذلك يأتي الإمام ويقول ونضيف إليها, لا, استفدت منها الحصر, يعني: تجب الزكاة في هذه ولا تجب في غيرها. والرواية واضحة وصحيحة السند.
تعالوا معنا إلى الطائفة الثانية: في (ص61, من نفس الكتاب, يعني الباب التاسع) الروايات كثيرة أعزائي في هذا الباب >قال: أنه سأله عن الحبوب< طيب سؤال: الحبوب حنطة وشعير وتمر وزبيب تشمل مطلق الحبوب أو بعض الحبوب؟ طيب من الواضح بعض الحبوب, حنطة وشعير هذه حبوب وإلا ليست أكثر من هذا >قال: سأله عن الحبوب؟ فقال: وما هي؟ فقال: السمسم والأرز والدخن, وكل هذا غلةٌ كالحنطة والشعير, فقال أبو عبد الله في الحبوب كلها زكاة< واضح أنا ما أتصور أنه أنت تحتاج عموم أكثر من هذا >في الحبوب< ماذا؟ أولاً: الألف واللام الداخلة على الحبوب, وكلها زكاة. والروايات في هذا الباب متعددة وصحيحة السند.
الرواية الأخرى: >قال: كلّ شيء أنبتت الأرض إلاَّ ما كان في الخضر والبقول فهذا فيه الصدقة في كلّ شيء أنبتت الأرض< أنا ما أتصور تشمل الفواكه والحبوب و.. كلّ ما أنبتت الأرض فيها زكاة.
قال: >وليس ..< أيضاً هذه رواية صحيحة السند >قلت لأبي عبد الله: في الذرة شيءٌ؟ فقال: الذرة والعدس والسلت والحبوب فيها مثل ما في الحنطة والشعير وكل ما كيل بالصاع فعليه تجب فيها الزكاة فعليه فيه زكاة< هذه الطائفة الثانية.
الطائفة الثالثة: وهي أوسع من الطائفة الأولى والثانية, الواردة في (ج9, ص70) وهي المعرفة بمال التجارة, كلّ مالٍ يتاجر به ففيه الزكاة, يعني كمبيوتر تتاجر أو ما تتاجر؟ بلي لابدَّ أن تدفع ماذا؟ زكاة. الروايات كثيرة.
منها: >قال: عن رجل اشترى متاعاً< ما هو المتاع؟ عام, حنطة وشعير وتمر وزبيب وسيارات وبيوت وأراضي و… إلى غير ذلك, >عن رجل اشترى متاعاً فكسد عليه< الروايات صحيحة أقراها, >وقد زكى ماله قبل أن يشتري المتاع, متى يزكي؟ فقال: إن كان قد امسك متاعه يبتغي به رأس ماله فليس عليه زكاة, وإن كان حبسه بعد ما يجد رأسه ماله فعليه الزكاة بعد ما أمسكه بعد رأس المال, وسألته عن الرجل ..<.
رواية أخرى: >سألته عن الرجل يكون عنده المتاع موضوعاً فيمكث عنده السنة والسنتين وأكثر من ذلك؟ قال: ليس عليه زكاة حتّى يبيعه فيمنعه..<.
ورواية أخرى: التفت لهذه الرواية صحيحة السند >كلّ مالٍ عملت به فعليك فيه الزكاة< طيب سؤال: ماذا نفعل بهذه الرواية؟ الروايات من رسول الله في الأمور التسعة, من الإمام الصادق قليلاً توسعت, من الإمام الرضا صارت كلّ أموال التجارة؟
من هنا واقعاً, مع احترامي لكل الفقهاء وقعوا في حيص وبيص في هذه الروايات, ماذا يفعلون لهذه الروايات, وكلها ماذا؟ وفي كلّ باب من هذه الأبواب عشرات الروايات لا رواية واحدة حتّى نقول بأنه الآن الناقل اشتبه, جاء صاحب الحدائق وقال أن هذه التسعة واجبات والباقي كلها تقية ارموا بها عرض الجدار وانتهت القضية, جاؤوا آخرون على القاعدة قالوا بأنه عندنا واجب وهذا يقول واجب وهذا يقول ليس بواجب, إذن نحملها على الاستحباب. ولذا تجدون بأنه عبر من؟ صاحب الوسائل فيما يرتبط بمال التجارة قال: [باب تأكد استحباب الزكاة في مال التجارة], وعندما جاء في الخضر والبقول والحبوب, قال: [باب عدم استحباب الزكاة في الخضر والبقول ولكن غيرها .. كذا] فيما جاء إلى كذا [باب استحباب الزكاة فيما سوى الغلات الأربعة] وهذا كله الآن تجدوه في الرسائل العملية, عند ذلك بعض المعاصرين أو غير المعاصرين, وجدوا بأنه هذه الروايات فعليه, فعليه, أصلاً خلاف أن نحملها على الاستحباب, قالوا احتياط وجوبي هذه واجب فيها ولكن احتياطاً.
الآن أنت بيك وبين الله كما هم قالوا لنا, أنه هذه المسائل عرفية والأئمة كونوا على ثقة لا يتكلمون لا مع فلاسفة ولا مع الملائكة, يتكلمون مع من؟ هؤلاء الناس, مرة يقول له هذه واجبة, ومرة يقول له هذه, مرة يقول له هذه, آخر بينك وبين الله… عند ذلك نحن نأتي بعد ذلك بشق الأنفس نجعل خمسين قاعدة أصولية حتّى نحل ماذا؟ تعارضات هذه الروايات, أنت كن على ثقة, كونوا على ثقة, لو أنت هذا العمل الذي نحن نقوم به في روايات الأئمة لو صدر من الغير بالنسبة إلى روايات أخرى كنتم تقولون بيني وبين الله هذا تكلّف خلاف الظهور العرفي, ولكن لأنه أنت من باب ضيق الخناق مبتلي تقبلوا هذا, هذا كله منشأه ما هو؟ منشأه أن الأعلام من أول الأمر لم يدخلوا هذا البحث دخولاً فنيا, هو أساساً من قال لكم أن هذه كلها أحكام من النوع الأوّل أو الثاني من قال لكم هذا, ما هو الدليل عليها؟ يوجد دليل, أقمتم دليل على أنها من النوع الأوّل؟ لم يقم أحدٌ دليل, إلاَّ أن الرسول الأعظم’ أصلاً وظيفته التشريع, وكأن الرسول الأعظم لم تكن له شؤون أخرى في حياته, فقط عنده شؤون بلغ, مع أن هذا خلاف الواقع التاريخي, خلاف مسلم, بل النصوص واضحة في ذلك.
تعالوا معنا إلى النصوص, انظروا شواهد الجمع موجودة بينها, ولكن نحن باعتبار أن الأصل مفترضيه كلها أحكام ثابتة فنقول تعارض, والتعارض يحتاج إلى جمع, تعالوا إلى (ص55, الباب الثامن الرواية5) يقول: >وضع رسول الله الزكاة على تسعة أشياء<. عجيب إذن الله وضع الزكاة في الأموال {خذ من أموالهم} ولكن رسول الله ماذا فعل؟ عينها في هذه الأمور التسعة, لماذا؟ يقول: >وعفى رسول الله عما سوى ذلك< يا ابن رسول الله سيدي لماذا >عفى عما سوى ذلك< لماذا عفى عن التمن؟ لماذا لم يضع الزكاة في الأرز؟
تعالوا معنا إلى (ص64) انظروا الرواية كيف هي واضحة, >قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام): هل في الأرز شيءٌ؟ فقال: نعم, ثمَّ قال< ثمَّ قال يعني ماذا؟ يعني تم الحديث بيني وبينه, هذه ثمَّ يعني كان حديث قبله مع الأسف أبو بصير لم ينقله >ثمَّ قال: إن المدينة لم تكن يومئذٍ أرض أرز فيقال فيه< طيب رسول الله عفى عمّا ذلك لأن الأرز كان موجود في المدينة أو لم يكن موجود؟ طيب لم يكن أرز موجوداً في المدينة, طيب بطبيعة الحال سالبة بانتفاء الموضوع, وإذا يوجد الآن افترض قرينة هذه.
ونحن في هذه رسالتنا >موارد وجوب الزكاة< قلنا باعتبار أن الأرز يحتاج بطبيعته إلى ماء كثير وهذا ما متوفر في ذلك الزمان >قال: ولكنه قد جعل فيه< يعني نحن جعلنا فيه, لماذا يا ابن رسول الله جعل فيه على الطريقة لأنه إذا ينسبه إلى نفسه مباشرة يقال له ماذا هل أنت مشرّع, الإمام (عليه السلام) جعل الفاعل مجعول, طيب هم جعلوه وإلا قبل ذلك هو عفى عما سوى ذلك, >ولكن قد جعل فيه وكيف لا يكون فيه وعامة خراج العراق منه< طيب إذا هذا اغلقناه إذن الخراج من أين نأخذه؟ إذن التفت جيداً, هذه قضية تعبدية >وعامة خراج العراق منه< جيد, الآن ذهبنا إلى افترضوا دولة اسكندنافية والله لا يوجد عندهم تمن, ولكنه عندهم حليب, وعامة خراج هولندا منه, هذا طبيعي هذا, هذا ذكر العراق من باب المثال, طيب القضية تجدها واضحة جداً, فإذن ما جعله رسول الله كان بحكم ولائي وما جعله الأئمة كان بحمل ولائي آخر.
سؤال: إذا كانا حكمين ولائيين يوجد تعارض أو لا يوجد تعارض؟ لا تعارض بينهما, لأن ذاك مرتبط بزمان وهذا مرتبط بزمان آخر. وذكرنا هذا المثال مراراً قلنا إذا النبي قال في الحضر أربعة وفي السفر اثنين, تقول عجيب تعارض رسول الله, يقال: هذا لظرف وذاك لظرف آخر, هذا للحضر وذاك للسفر, هذا للظروف المدينة التي تمن ما فيها, وهذا لظروف العراق التي خراجها من الأرز, ما هو التعارض؟ لا تعارض, ولكن أنت مشكلة قراءتك مشكلة فهمك مشكلة عدم فنيتك في الدخول إلى النصوص, انت فرضت ذاك الحكم حكم ماذا؟ ثابت من النوع الأوّل >فحلاله حلالٌ إلى يوم القيامة< وهذا الذي صدر من الإمام الصادق أيضاً ثابت من النوع الأوّل فهو حلالٌ إلى يوم القيامة, ماذا صار عندك؟ تعارض بين الروايات.
عند ذلك تجد الآن كونوا على ثقة لا أريد أن أبالغ إذا قلت: نصف أبحاث الزكاة مشكلتها هذه, هذه الكتب التي الآن مجلدين ثلاثة أربعة هكذا تكتب يوم على يوم, في يوم كانوا يكتبون في الزكاة عندنا مئة صفحة, صار مئتين صفحة, صار خمسمائة صفحة, صار مجلدين, صار ثلاثة مجلدات, ما أدري في يوم يصير بحث الزكاة ماذا؟ سبع مجلدات, سببه ما هو؟ سببه أن الدخول إلى المسألة ليس دخول فني وصحيح.
ولذا أنا قلت مراراً والآن أيضاً أقول, طبعاً أنا أطرحها نظرياً ما أدعي أن الذي أقوله الحق الذي لا ثاني له, لا أنا أقول, وأتحدى أحد أن يقول أنا الذي أقوله حق وقد حققنا المسألة بما لا مزيد عليه, هذا دليل جهلك إذا قلت حققنا المسألة بما لا مزيد عليه, من يستطيع أن يدعي أنه حققنا بما, نعم الإنسان الكامل إذا قال, بلي واقعاً يوجد مزيد عليه أو لا يوجد؟ حتّى إذا كان نبياً معصوماً من أولي العزم لا يستطيع أن يقول بما لا مزيد عليه, لأنه {وفوق كلّ ذي علم عليم} الإنسان الكامل المطلق يعني خاتم الأنبياء ومن هم ورثته, هؤلاء إذا قالوا إلى هنا لا يوجد بعده بحث, انتهت القضية, سمعاً وطاعة, أما أنا وأنت وفلان وفلان وشيخ الفقهاء وإمام المجتهدين وأول المتأخرين ومتأخر الأولين هذه العناوين كلها للدنيا هذه, وإلا باب العلم مفتوح إلى الجميع ولكن على الأسس, ثبت العرش ثمَّ انقش, ثبت أن هذا الذي صدر من الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) ومن النبي’ أحكام من النوع الاول ثمَّ قل تعارضت.
أنا أدعي أنها من النوع الثاني, من الأحكام الولائية, وعندي هذه شواهد تعال ادفع هذه الشواهد وقل لا, هذا الذي تقوله ليس بصحيح عند ذلك أقبل.
إذن أعزائي, فيما يرتبط بالأحكام الولائية, الأحكام الولائية سنخ احكام مرتبطة بأزمانها, وهذا الذي إن شاء الله تعالى بعد ذلك سنقف عليه, واحدة من أهم آثار ونتائج ومعطيات الأحكام الولائية للنبي والأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) تعلمون أين؟ بغض النظر أنه كان يحل مشاكل زمانهم, يعطينا تصور صحيح أننا إذا عشنا تلك الظروف ماذا نتخذ لها من أحكام ولائية, يعني أنت عندك سابقة, نبي وإمام معصوم في مثل هذه الظروف ماذا جعل لها من الحكم الولائي؟ جعل لها هذا الحكم.
ومن هنا لابدَّ أن لا نقرأ الروايات منفصلة عن زمان صدورها, كاملاً لابدَّ أن نقرأ الروايات ومن هنا أنا قلت في باب التعارض أعزائي التفتوا إلى هذا الأصل, باب التعارض ما لم نعلم زمان صدور الرواية, وشروط زمان صدور الرواية أساساً لا معنى لباب التعارض, وهذا الذي مع الأسف الشديد في علم التعارض عندنا موجود أو غير موجود؟ رواية واردة عن الهادي ورواية واردة عن أمير المؤمنين نقول ماذا؟ أنت تعال اقرأ هذه الظروف التي صدرت فيها رواية الإمام الجواد ما هي؟ هذه الظروف التي صدرت رواية أمير المؤمنين ما هي؟ وبهذا تتضح عند ذلك هذه الرواية التي ذكرناها مراراً للأعزة وهو أنه >قال (عليه أفضل الصلاة والسلام)< انظروا أيضاً اضطر أن يعبر عنها باب استحباب >قال: وضع أمير المؤمنين على الخيل العتاق الراعية في كلّ فرس في كلّ عام دينارين وجعل على البرادين دينارا< على القاعدة افترض حكم ثابت, فقال باب استحباب الزكاة على الخيول, هذا أيضاً نتيجة ماذا؟ نتيجة ذاك الأصل الغير الموضوعي وهو أنه نفترض أن هذه أحكام ثابتة, ولذا تجدون باقي الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أبداً أبدا ولا إمام من الأئمة بعد ذلك جاء لا أيّد ولا رفض, لماذا؟ لأنه كان عندهم واضح أن هذه الرواية كانت واردة في ظروف خاصة.
تتمة الكلام تأتي.
والحمد لله رب العالمين.