الأخبار

تعارض الأدلة (34)

بسم الله الرحمن الرحيم

و به نستعين

و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

كان الكلام في النوع الثالث من الأحكام التي صدرت عن النبي’ وأئمة أهل البيت (عليهم السلام) وإن كانت الأحكام الصادرة عن الأئمة المتأخرين بعد الإمام أمير المؤمنين قليلة باعتبار أن يدهم لم تكن مبسوطة للقضاء.

فيما يتعلق بالأحكام القضائية مقدمةً لابدَّ أن نعلم أنها ليست مطلقة, يعني: ليست من قبيل النوع الأوّل من الأحكام, >حلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة< وإنما هي – إن صح التعبير- قضية أو حكم في واقعةٍ, وهذا الحكم مرتبط بتلك الواقعة ولا تتجاوز تلك الواقعة إلى غيرها من الوقائع.

وبتعبيرهم: أن الجزئي – في المنطق- لا يكون كاسباً ولا مكتسباً, فإذن لا يمكن عندما نعدد الدين ثابتات الدين نضع من أجزائها الأحكام القضائية أيضاً, كما أننا لم نكن نضع في أجزاء الدين والدين الأحكام الولائية, لا نضع الأحكام القضائية.

والنتيجة المترتبة على ذلك: لابدَّ أن نميز أن هذا الحكم الذي صدر من النبي هل هو من النوع الأوّل من الأحكام حتّى يكون عاماً ومطلقاً أو هو من النوع الثاني أو الثالث الذي هي الأحكام القضائية أو الولائية, ضربنا مثال وقرأنا هذا المثال للأعزة بالأمس من البخاري.

هذا الكتاب الذي الآن سأقرأ منه بعض المطالب من الكتب الأساسية فليكن في علم الأعزة, أنا عندما أأتي بكتاب واستدل به اطمأن أنه من الكتب الأساسية عند القوم لا استند إلى أي كتاب كان, قال الخارزمي وقال قنذوزي حنفي وقال شافعي… أبداً هذه ليست بالضرورة, كما أنه في واقعنا الشيعي أيضاً كذلك, واقعاً أنتم أي كتاب من كتب علماء الشيعة أو المنتسبين إلى الشيعة مورد استناد الشيعة مثلاً؟ لا ليس الأمر كذلك, وإنما أعلام المدرسة هم مورد الاستناد في المطالب العلمية.

هذا الكتاب وهو من الكتب المفيدة أيضاً – الأعزة إذا عندهم وقت واقعاً يطالعون هذا الكتاب- وهو كتاب (الفروق للإمام المشهور بالقرافي الإمام القرافي, متوفى 684 من الهجرة) في المقدمة هناك يقول بأنه أنا في هذا الكتاب [وجمعت فيه من القواعد خمسمائة وثمان وأربعين قاعدة أوضحت كلّ قاعدة بما يناسبها من الفروع المترتبة عليها] هذا جداً مفيد, يعني يذكر القاعدة الفقهية أو القاعدة الأصولية أو أي قاعدةٍ كانت ثمَّ يبين أن هذه القاعدة تترتب عليها الفروع التالية, الفرع الأوّل الفرع الثاني, فهي واقعاً تعطي القارئ ارتباط وثيق بين النظرية وبين التطبيق, وهذه مهمة, التي عادةً نحن في أبحاثنا الأصولية هذا التطابق حتّى في أبحاثنا النحوية هذا التطابق أو التطبيق غير موجود, يعني نذكر القاعدة النحوية نذكر القاعدة البلاغية نذكر القاعدة الكذائية, ولكنه نطبقها على زيد وعمر, لا نطبقها على آية في القرآن لا نطبقها على حديثٍ نبوي, لا نطبقه على كلام ولوي ونحو ذلك, وهذا مفيد جيداً.

هنا يأتي إلى (ص221, طبعات مختلفة) [الفرق السادس والثلاثون] التفتوا جيداً إلى العبارة يعني عنوان الفرق [الفرق] بين ماذا وماذا [بين قاعدة تصرفه بالقضاء وقاعدة تصرفه بالفتوى] وهي التبليغ [وقاعدة تصرفه بالإمامة] وهي الأحكام الولائية, وهذه قاعدة أساسية واقعاً, وهي أنه أساساً ما صدر عنه فتوىً – إن صح التعبير- أو تبليغاً – كما عبّرنا- ما هو فرقه عن الذي صدر عنه قضائياً وما هو فرقهما عمّا صدر عنه ولائياً وإمامياً, هذه قاعدة أساسية, يشير, يقول: [تقدم أن رسول الله هو الإمام الأعظم’ والقاضي الأحكم والمفتي الأعلم فهو إمام الأئمة وقاضي القضاة وعالم العلماء فجميع المناصب الدينية فوضها الله تعالى إليه في رسالته, فهو أعظم من كلّ من تولى منصباً منها في ذلك المنصب إلى يوم القيامة, فما من منصب ديني إلاَّ وهو متصفٌ به في أعلى رتبةٍ ومن هنا تمت ذلك لخلفائه] للأئمة الاثني عشر, وإلا لو لم يوجد له مقام تبليغ مقام الإمامة مقام القضاء, لما ثبت لخلفائه >الخلفاء من بعدي اثنا عشر< هذه ثابت لخلفائه أيضاً على هذا الأساس.

[غير أن غالب تصرفه بالتبليغ] وهذا هو الذي إذا يتذكر الأعزة فيما سبق قلنا أن بعضهم يقول: إذا شككنا إذا صدر تبليغاً او قضاء أو ولائياً نحمله على التبليغ لماذا؟ لأن الغالب فيه هذا المعنى, وهذا بحث يحتاج إلى مكان آخر.

إلى أن يقول, والبحث جداً مفصل, إلى أن يقول يطبق ذلك [المسألة الثالثة] يطبق ذلك على المسائل, على سبيل المثال يذكر قضيةً والآن مورد اختلاف شديد بين فقهاء الإمامية >من أحيا أرضاً ميتةً فهي له< سؤال: هذه قضية تبليغية يعني تشريعية أو قضية ولائية صدرت من النبي’؟ أي منها؟ المشهور هي قضية تبليغية, ولذا اضطر فقهائنا في عصر الغيبة, إذا جاء أحد وأحيا أرضاً مواتاً وكانت لمصلحة المجتمع يقول لا, هنا نقف أمامه, وإلا أصل القاعدة من قبيل >الناس مسلطون على أموالهم< هنا بشكل واضح وصريح يقول لا, هذه في ذلك الزمان -أنا أقول في ذلك الزمان في كلامه لا يوجد- كان نحتاج إلى الإحياء فجاء بمقتضى إمامته قال >من أحيا أرضاً مواتاً فهي له< يعني: نحن نعيش في بلدٍ استثمارات فيه ضعيفة, الإمكانات فيها ضعيفة البناء فيه ضعيف الزرع فيها ضعيف كلّ شيء ضعيف, أنت إذا تقول له تعال واشتري اشتري يأتي أو لا يأتي المستثمر؟ لا يأتي, تقول له جيد جداً, >من أحيا فهي له< ولكنه قيده فهي له لأربعين عام, >حتّى يحيوا لك ذلك البلد< بعد الأربعين قل لهم أنتم حصتكم انتهت اذهبوا ولكنه بعد أحييتم البلد. هذا ممكن حكم ولائي. وهذا نحن نعتقد به. نحن لا نعتقد في قاعدة >من أحيا أرضاً مواتاً< حكم تبليغي.

أنا إنَّما أشرت إلى هذا حتّى تعرفون آثار هذه القواعد التي نحن نشير إليها, هذا التمييز الذي نحن نشير إليه, لا يتبادر إلى الذهن ولكن نحن جئنا إلى قاعدة إلى رواية >من أحيا أرضاً مواتاً فهي له< قرأناها مجردة مباشرة جعلناها حكم شرعي وعند ذلك إذا أردنا أن نقف أمامها التفت, أردنا قلنا بحق من نقف أمامه؟ تقول له ولي الأمر, يقول أنا ما معتقد بولاية الأمر في عصر الغيبة, إذن من حقه يمنعني أو ليس من حقي؟ لأن الأصل عنده ما هو؟ جواز الإحياء.

الآن هذه ثمرة قليلة أعزائي في عملية الاستنباط؟ أصلاً تقلب نعم.

قال: [>من أحيا أرضاً ميتةً فهي له< اختلف العلماء في هذا القول هل تصرّف بالفتوى فيجوز لكل أحدٍ أن يحيي أذن الإمام في ذلك الإحياء أم لا] لأنه حكم شرعي [وهو مذهب مالك والشافعي, أو هو تصرف منه بالإمامة فلا يجوز لأحدٍ أن يحيي إلاَّ بإذن الإمام] فرق كبير بين أن الأصل جواز الإحياء والولي مانع وبين أن الأصل عدم جواز الإحياء إلاَّ بإذن الولي. ما أدري واضح الفرق بينهم.

ثمَّ يأتي إلى المسألة الثالثة, التفتوا جيداً, المسألة الثالثة يقول: [قوله’ لهند بنت عتبة امرأة أبي سفيان] التي قرأنا الرواية بالأمس من البخاري, [لما قالت له: إن أبا سفيان رجلٌ شحيح لا يعطيني وولدي ما يكفيني] هذا الخطأ الشائع جمع الولد, ليس ولد, المعروف ولدي ولدي, نحن لا يوجد عندنا ولده, [لا يعطيني وولدي ما يكفيني, فقال لها (عليه السلام) خذي لك ولوَلَدك] لا ولْدك [وَلَوَلدَك] جمع, [ولَوَلدَك ما يكفيك بالمعروف اختلف العلماء في هذه المسألة وهذا التصرف منه’ هل هو بطريق الفتوى فيجوز لكل من ظفر بحقه أو بجنس حقه أن يأخذه بغير علم خصمه به] يعني الآن نحن دعونا في دائرة الناس في دائرة المرأة أو الزوجة, الزوجة لا يعطيها, إذا تريد أن تأخذ منها هل يحق لها أن تأخذ بلا إذن من الإمام بلا إذن من القاضي أو لابدَّ أن ترفع أولاً أمرها إلى القاضي فالقاضي يسمح لها, فهل هو حكم فتوى حكم تبليغ من النوع الأوّل أو حكم قضاء من النوع الثاني؟ بالأمس أشرنا إلى هذا, التفتوا جيداً.

يقول: [ومشهور مذهب مالك خلافه, بل هو مذهب الشافعي, أم هو تصرف بالقضاء فلا يجوز لأحدٍ أن يأخذ جنس حقه أو حقه إذا تعذر من الغريم إلاَّ بقضاء قاضٍ] هذه المسألة جاءت هنا, هذا مثال وإلا عشرات الأمثلة أيضاً لابدَّ أن نذهب ونقرأ وندرس ونكتب في أقضية النبي لنعرف أن لعله كثير من الأحاديث الموجودة في كتبنا بعنوان جاءت حديث نبوي لا فتوى لا إبلاغ لا من النوع الأوّل وإنما هي كلامٌ قاله في مجلس القضاء, ولكن نحن جردّنا هذا الكلام من خصوصياته وظروفه فصار حكماً كلياً من النوع الأوّل.

الآن تقول لي سيدنا: طيب نحن لسنا مقلدين للقرافي, جيد, نحن لا نذهب إلى القرافي, تعالوا معنا إلى (القواعد والفوائد في الفقه والاصول والعربية للشهيد الأوّل المتوفى 768) يعني تقريباً قرن كامل بعد من؟ بعد القرافي, الآن رأى هذا الكتاب لم يرَ هذا الكتاب لا أعلم ولكنه تقريباً العبارات نفس العبارات والبيانات نفس البيانات, [فائدةٌ] (ج1, ص214) يقول: [تصرف النبي’ تارةً بالتبليغ وهو الفتوى] مع أنه تعبير الفتوى نحن في كلمات الإمامية نادرة الاستعمال وإن كانت الروايات استعملت إذا يتذكر الأعزة أن الإمام أفتى أفتى.. [وهو الفتوى, وتارةً بالإمامة كالجهاد, والتصرف في بيت المال, وتارةً بالقضاء كفصل الخصومة بين المتداعيين بالبينة أو اليمين أو الإقرار وكل تصرفٍ] الآن بدأ يؤسس الآن كلّ واحد يحتاج إلى كلام فقط أنا أريد أن أضع الأعزة في سياق البحث, يقول: [وكل تصرف في العبادة فإنه من باب التبليغ] هذا يحتاج إلى دليل؟ من قال أن كلّ ما قاله في العبادات فهو إبلاغيٌ ولكنه يرسله إرسال الفتاوى [وقد يقع التردد في بعض الموارد بين القضاء والتبليغ] شككنا أن هذا قضاء حكم قضائي أو حكم تبليغي مثاله [فمنه قوله (عليه السلام) >من أحيا أرضاً ميتةً<] الجواب: >من أحيا أرضاً ميتةً< ليس التردد بين القضاء والتبليغ, التردد بين التبليغ والإمامة. لأنه القرافي جعل مسالة إحياء الأرض أين في القضاء أو في الإمامة؟ في الإمامة, إذن هذا, الآن ما أدري على أي الأحوال.

يقول: [فقوله: >من أحيا أرضاً ميتةً فهي له< فقيل تبليغ وإفتاءٌ فيجوز الإحياء لكل أحدٍ, أذن الإمام فيه أم لا, وهو اختيار بعض الأصحاب, وقيل تصرف بالإمامة] طيب أنت تقول بالقضاء كيف صار إمامة؟ لأنه هو يقول [قد يقع التردد في بعض الموارد بين القضاء والتبليغ فمنه قوله (عليه السلام)] إذن يجعله من مصاديق الشك في القضاء والتبليغ, لا الشك في التبليغ والإمامة, طيب لماذا نذكر مثالا؟ المهم نفس الأمثلة الواردة هنا. [فلا يجوز الإحياء إلاَّ بإذن الإمام وهو قول الأكثر, ومنه قوله (عليه السلام) لهند بن عتبة] نفس الترتيب الموجود أين؟ قلت لكم: الآن إما من باب تداعي الأفكار, أنا ما عندي دليل على أن هذا مأخوذ ولكن تسلسل الأبحاث ونفس الأمثلة وغيرها يشير إلى أن الكتاب كان بيده, وهذا هو الذي أشرت إليه الأعزة الحاضرين درس الفقه, يتذكرون قلت: الإطلاع على تراث الآخر مهم جداً, هذا الرجل لو لم يطلع على تراث الآخر اطمأن ما يستطيع أن يكتب كتاب, طبعاً والعكس بالعكس لا يتبادر فقط نحن نستفيد منهم, هم أيضاً كثير من المطالب واقعاً ما نفيدهم أكثر مما, ولكن هذه طبيعة تلاقح الفكر البشري أعزائي, ما جعل الله لرجل كلّ شيء عنده إلاَّ المعصوم, أنت لابدَّ أن تستفيد دائماً من تجارب الآخرين, على أي الأحوال.

[ومنه قوله (عليه السلام) لهند بن عتبة امرأة …. قال: فقل.. فقيل افتاء فتجوز المقاصة للمسلط بإذن الحاكم وبغير إذن وقيل تصرف بالقضاء فلا يجوز الأخذ إلاَّ بقضاء قاضٍ] نفس العبارات التي قرأناها للقرافي, [ولا ريب أن حمله على الإفتاء أولى] لماذا ما هو الدليل؟ ما هي القرينة؟ يقول: [لأن تصرفه بالتبليغ أغلب والحمل على الغالب أولى من النادر].

طبعاً هذه فيها شبهة مصداقية الآن ما أريد أن أفرع وأخرج من البحث [فإن قيل: …] إلى آخره, الإخوة إن شاء الله هنا يراجعون البحث مفيد ومفصل مفيد لهم.

من هنا تجدون أعزائي أن المجلسي في (بحار الأنوار, ج75, ص231) هذا البحث أين يذكره هذا الفرع, يذكر هذا الفرع في باب الغيبة, الآن تقول لي سيدنا هذه المسألة ما هي علاقتها بباب الغيبة؟ يقول: باعتبار أن المرأة والزوجة جاءت إلى النبي تستغيب زوجها فهل يجوز أو لا يجوز؟ فهو ذكر هذا الفرع هناك, يقول: [الثالث] الذي هو يحملها هذا الكلام من النبي يحمله على التبليغ على الإفتاء لا على القضاء, يقول: [الاستفتاء كما تقول للمفتي] إذن البحث أين؟ في القضاء أو في الاستفتاء؟ في الاستفتاء [تقول للمفتي ظلمني أبي وأخي فكيف طريقي في الخلاص والأسلم في هذا التعريض بأنَّ تقول ما قولك في رجل يعني تجعلها قضية حقيقية لا قضية خارجية, [ما قولك في رجل ظلمه أبوه أو أخوه وقد روي أن هنداً قالت للنبي أن أبا سفيان رجل شحيح] يقرأ الرواية [واقول: فذكرت الشحة لها ولولدها ولم يزجها رسول الله إذ كان قصدها الاستفتاء] لا قصدها القضاء بين طرفين. جيد.

إذن أعزائي, إلى هنا اتضح لنا من باب المثال, اتضح بأنه قضية معرفة أن الحكم قضائي أو ولائيٌ أو تبليغيٌ له آثار عظيمة وخطيرة في عملية الاستنباط, فما لم يلتفت إليها الفقيه, في عملية الاستنباط في كثير من الأحيان يقع عنده التعارض والاختلاف لأن النبي نفسه في قضية قضى بشيء وفي قضية أخرى مختلفة موضوعاً ومحمولاً يقضي بشيء آخر, فإذا جردتهما عن ظروف الواقعة يقع بينهما التعارض فتقول وقع التعارض في كلام رسول الله, مع أنه في الواقع يوجد تعارض أو لا يوجد تعارض؟ لا يوجد تعارض لماذا؟ لأن الحكم الأوّل مرتبط بواقعة والحكم الثاني مرتبط بواقعة أخرى.

إذا تتذكرون قرأنا رواية في باب الحج فيما سبق أن الإمام الصادق قال فلان جاء قلت له حجك باطل, الآخر جاءك قلت له حجك صحيح, يا ابن رسول الله لماذا تقول صحيح وباطل, قال: لأن جاء فلان وهو يعلم الحكم فحجه باطل, وفلان جاءني وهو جاهل بالحكم فحجه صحيح, لا تنافي بينهما, ولكن أنت جردتهما عن الواقعتين عن العلم والجهل وأخذتهما مطلقتين كما هي طبيعتنا في عملية الاستدلال فوقع بينهما التعارض فيما بينهما. جيد.

هذا تمام الكلام في هذه الأنواع الثلاثة من الأحكام, الأحكام التبليغية بقسميها بصنفيها التي هي إخبار عن الله يعني فرض ربكم أو إنشاء نبوي أو ولوي كما هو سنة نبيكم هذا القسم أو النوع الأوّل.

النوع الثاني: الأحكام الولائية.

النوع الثالث: الأحكام القضائية.

سؤال: ما الفرق الأساسي بين هذه الأقسام؟ الجواب: أن القسم الأوّل أو النوع الأوّل يُعد جزءً ثابتاً من الدين, أما بخلاف القسم الثاني والثالث فهي جزءٌ من الدين أو ليست كذلك؟ يعني أنت عندما تعدد الأحكام تقول الصلاة واجبة, الحج واجب, الخمس واجب, أيضاً تعدد هذه الأحكام الولائية والقضائية أو لا تعددها؟ لا لا تعددها, التفت إلى هنا هذا المعنى اتضح.

ولكن توجد هنا نكتة, هذه النكتة التفتوا إليها وخطيرة ومهمة أيضاً, وهي: أن الأحكام الولائية والأحكام القضائية, طبعاً بقي عندنا النوع الرابع الذي إن شاء الله بعد ذلك يأتي وهو ما صدر منه بنحوٍ شخصي هو, في النتيجة مكلفٌ من المكلفين, مرة يتقي مرة لا يتقي مرة يأكل ومرة ما يأكل ومرة يشرب ومرة لا يشرب مرة يجلس ومرة يأكل الفاكهة الكذائية مرة يقف في المزدلفة بالطريق الكذائية, مرة يرفع يده هكذا يكسر رقبته هكذا, هذه كلها ماذا؟ طيب هذه داخلة أيضاً, لأن السنة أعم من القول والتقرير والفعل, طيب هذه أفعاله فهل هي أحكام أو لا؟ وهذه واقعاً باب إذا انفتح ليس قابلاً للغلق, هذا إن شاء الله يأتي في النوع الرابع.

الآن إلى هنا قلنا أن الأحكام الولائية والقضائية ليس فيها بُعد ثابتٌ وجزءٌ ثابت وليست من أجزاء الدين الثابتة, هذا بحسب مدلولها المباشر, ولكن أعزائي, في هذه الأحكام الولائية جميعاً, وفي هذه الأحكام القضائية جميعاً هناك مدلولاتٌ غير مباشرة هي جزء من أحكام الدين, الآن ما نريد أن ندخل مدلول مطابقي مدلول التزامي إذا المدلول المطابقي ليس جزء من الدين فكيف مدلوله الالتزامي ماذا؟ الآن ذاك بحث لا علاقة له ببحثنا. القاعدة نريد أن نؤسس لها التفتوا, التي لعله أنا أول مرة أشير إليها لا أقل أنا أقولها الآن في كلمات الآخرين راجعوا وانظروا أنها موجودة أو لا, أنّ الأحكام الولائية والأحكام القضائية بحسب مدلولاتها المباشرة ليست أجزاء ثابتة في الدين, ولكن لها مدلولات غير مباشرة تُعد أحكام جزء من الدين.

وبيانه: هو أن النبي’ عندما قضى في أهل المدينة أن لا يمنع فضل ماء أو فضل كلأ أليس كذلك, عندما حرّم أكل كذا, عندما وضع أمير المؤمنين الزكاة على الخيول, عندما … عندما كلّ الأحكام الولائية, صحيح بحسب مدلولها المباشر أنها جزء من الدين هذه أو ليست جزء من الدين, ولكن بحسب مدلولها غير المباشر جزء من الدين لماذا؟ لأنه يريد أن يقول لمن يقوم مقامه في عصر الغيبة الكبرى يعني خلفائه يعني رواة الحديث إذا وقعتم في نفس تلك الظروف فما هو تكليفكم تخلق حكم ولائي باختيارك أو أنه أنا قلت لك أي حكم ولائي؟ أي منها؟ ماذا تقولون؟ مطلق باختياره ولي الأمر يخلق حكم ولائي أو إذا كانت نفس الظروف.

أضرب لك مثال حتّى لا نبتعد كثيراً: لو عشنا ظروف الإمام الحسين (عليه السلام) تكليفنا ما قام به الإمام الحسن أو تكليفنا بما قام به الحسين, أي منها؟ يقيناً لأن هذا التشخيص من الإمام تشخيصٌ معصوم يعني إذا عشت نفس تلك الظروف, أنت أيضاً وظيفتك في عصر الغيبة ما هي؟ أن تقوم بنفس هذا الدور.

وإذا عشت ظروف الإمام الحسن, تكليفك ماذا؟ تهادم, دعهم يقولون لك يا مذل المؤمنين دعهم يقولون, أنت وظيفتك إذا شخصت أن الظرف ظرف ماذا؟ ظرفٌ حسني فالتكليف تكليف حسني.

أوضح تعالوا في باب القضاء, إذا جاءتنا امرأة في باب القضاء وأنت حاكم قاضي وشرحت لك ظروفاً مطابقةً لظروف هند, ماذا تقول لها؟ حكم ذاك مشخص من رسول الله, إذن هذه أحكام ثابتة أم متغيرة؟ بحسب مدلولاتها غير المباشرة؟ بحسب مدلولها المباشر مرتبطة بواقعة, أما هذه الواقعة على النحو القضية الحقيقية لا على نحو القضية الخارجية, يعني رسول الله لو جاءت واقعة أخرى له بنفس المواصفات لا يحكم بها بحكم آخر يحكم بنفس الحكم, أنت إذا جاءتك.

ومن هنا لابدَّ أن نرجع إلى الأحكام الولائية والأحكام القضائية للنبي والأئمة لنقرأها جيداً ودقيقاً حتّى إذا ابتلى بها من يقوم بمقامهم في عصر الغيبة الكبرى >فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله< وظيفته ما هي؟ والله ليست فقط يلزم كتاب (وسائل الشيعة) جيد, وسائل الشيعة أيضاً مطلوب ولكن هذا ليس بكافي, شرطٌ لازم ولكن كافٍ أو غير كافي؟ غير كافي.

ولذا تجدون أن الشهيد الأوّل – الآن اتركونا من القرافي- أن الشهيد الأوّل هذه القضية مع أنها قضية في واقعة ولكن أين يجعلها؟ يجعلها في القواعد, على أي أساس قاعدة, هذه ليست بحسب مدلولها المباشرة قاعدة, بحسب مدلولها غير المباشر تُعد قاعدة.

ومن هنا ينبغي أن تلتفتوا جيداً أن الأحكام الولائية التي صدرت تنفعنا كثيراً في إدارة حياة شيعة أهل البيت في عصر الغيبة, لأنها هي التي تلقي بظلالها وتلقي برؤية واضحة أنه لابدَّ أن نعيش أن الفقيه أن راوي الحديث أن الذي يقوم مقام النائب العام للإمام أن يرجع إلى تاريخ الأئمة ليجد بأنه توجد ظروف مشابهة الآن نعيش توجد ظروف مشابهة عاشها الشيعة في عصر الإمام الجواد في عصر الإمام الصادق في عصر الإمام الرضا, فماذا فعل الإمام الرضا, كيف؟ القضية ليست فقط كلها قوانين كلية وأحكام تبليغية. جملة مما صدر من الإمام الرضا أحكام ولائية, جملة مما صدر منها أحكامٌ تدبيرية تدبير حياة الشيعة في زمانه, فإذا لم نقف على تاريخيهم وعلى كيفية إدارتهم للشيعة في تلك الظروف كيف نستطيع أن نستفيد منها أن نستوحي منها, أن نستلهم منها ما نستطيع أن نقوم به في عصر الغيبة.

هذا تمام الكلام, فلا نطيل في النوع الثالث من الأحكام.

النوع الرابع: وهي الأمور الشخصية التي يقوم بها المعصوم في حياته. ويأتي.

والحمد لله رب العالمين.

  • جديد المرئيات