بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين
من باب تتمة المقدمة التي أشرنا إليها, أنا كنت أعزائي في كربلاء ودرسي كان في النجف, ويا ليت أن أعلام أساتذتي كالسيد الشهيد كالسيد الخوئي لو كان بالإمكان واحد يسألهم يرون يسألوهم نحن كم يوم تغيّبنا عن الدرس, أنا كنت أذهب من كربلاء إلى النجف 78 كيلو متر, الآن ما أدري المسافة كم صارت بين كربلاء والنجف, وبكل تلك الصعوبات, لأنه ذاك الوقت لم يوجد الآن تعال اركب سيارة و.. وحقك كانت باصات توجد نحن نقف مائة مئتين نفر عندما يأتي الباص بالعركة حتّى نصعد بالباص ولا مرة ولا مرتين هذه عمامتنا نحن وما أعرف أشد العمامة وهكذا نحن امكبعين بالعباية هكذا إلى أن واصلين حتّى يشدون العمامة. البحث في المثابرة وليس في أصل الدرس.
الدرس كنّا نحضره عند شيخنا الأستاذ الشيخ جوادي آملي الله يطيل في عمره, كان عندنا طلّاب صباحاً كان درسه الساعة سبعة أو سبعة ونصف, كن على ثقة مجموعة من الأساتذة أساتذة جامعة من طهران صباحاً يومياً يأتون من طهران يحضرون الدرس سبعة ونصف صباحاً, تقولون في أي وقت يخرج من طهران, أقول: بلي, طالب العلم هذا.
ولذا ضعوا برنامج لأنفسكم, برنامج المثابرة هو الذي ينتج, وإلا ماذا تستطيعون أن توجهوا لي أنه دخولي إلى الحوزات العلمية عندنا بمئات الآلاف صحيح أم لا, أما في كلّ قرن أو قليلاً أقل خمسين سنة ستين سنة سبعين سنة, كم مرجع ومحقق يخرجون من هذه المئات الآلاف؟ أربعة ثلاثة خمسة, أين الإشكالية؟ الإشكالية أين؟ يعني فقط هؤلاء, أبداً هؤلاء كانوا أهل مثابرة أهل جد أهل اجتهاد.
السيّد الحكيم& صاحب المستمسك في أيامه الذي كان تحصيله, كان يقول هذا المعنى, يقول أنا الليالي كنت ما أنام ولكن ليالي باردة كانت فأمامي منقلة عرفت كيف وكتاب أمامي للمطالعة فواضع يدي بطريقة إذا نعست أو غفيت هذه يدي أين تقع؟ في المنقلة فاحترق فأفز مرة ثانية, بلي عند ذلك يصير كتاب (المستمسك) بلي.
تعالوا ضعوا برنامج والوقت أيضاً يوجد, لا يقول أحد فاتنا القطار, الوقت موجود ولكن برنامج مثابرة, اطمأنوا وقت السفر يأتي وقت الراحة يأتي وقت الذهاب والإياب يأتي وقت الجلسات الاجتماعية والسهرات الليلية التي لا يعلم فيها كيف يعصى الله … الآن هذه الفترة عندكم خمسة عشر سنة عشرين سنة التي قدرة على المطالعة وقدرة على التحصيل وقدرة على الجد والاجتهاد هذه لا تضيعوها.
تعالوا معنا إلى درسنا بالأمس.
قلنا: كان الكلام في العامل الرابع, هذا العامل الرابع قلت من العوامل المشتركة التي تنفعنا كثيراً في فهم اختلاف الروايات الواردة عن النبي وخصوصاً الأئمة والأخص الأئمة المتأخرين يعني من الإمام الباقر, طبعاً في كلمات الإمام أمير المؤمنين أيضاً موجودة, ولكن من زمان الإمام الصادق والكاظم والرضا وغيرهم تجد أن الروايات العقائدية والروايات التفسيرية فضلاً عن الروايات الفقهية يوجد بينها اختلاف والاختلاف واسع النطاق, وهذه ليست مختصة بمدرسة أهل البيت حتّى في كتب السنة, وكتبت كتب كثيرة في هذا المجال.
واحدة من أهم عوامل اختلاف هذه الروايات هو أنها لم ترد لدرجة واحدة من الناس, لأن المعارف الإلهية ليست على درجة واحدة, وإنما المعارف على درجات متعددة, وأفضل أعزائي, وأفضل طريق لمعرفة تعدد مراتب المعارف الإلهية هو النظر إلى روايات >حديثنا صعب مستصعب< وهي عشرات الروايات. تلك الروايات مراراً ذكرنا للأعزة أن تلك الروايات هي عينت لنا أن المعارف الدينية ليست على درجة واحدة. المعارف بغض النظر عن المتلقين لتلك المعارف, نفس المعارف ليست لها درجة وإنما لها درجات ومراتب.
إشارة إجمالية وإن شاء الله الكتاب بأيدي الأعزة موجود, وهو: ما أشرت إليه تفصيلاً في كتاب (علم الإمام) في كتاب (علم الإمام, ص429) هناك مجموعة من الروايات قالت أن هناك من المعارف ما لا يحتملها إلاَّ أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام), ما لا يحتملها إلاَّ أهل البيت, والروايات كثيرة.
نموذج: >قال أبو عبد الله الصادق لأبي بصير يا أبا محمد إن عندنا والله علماً من علم الله والله ما يحتمله ملكٌ مقرب ولا نبيٌ مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان والله ما كلف الله ذلك أحداً غيرنا ولاستعبد بذلك أحداً غيرنا<.
سؤال: إن شاء الله بعد ذلك سيتضح في الأصول اللاحقة وأن كلّ مرتبة من مراتب المعرفة وكل مرتبة من مراتب الإيمان بالمعرفة تستلزم مرتبة من مراتب الأعمال المناسبة لها.
ولذا أنتم تجدون الإنسان إذا لم يبلغ كثير من التكاليف ليست عنده, عندما يبلغ عنده بعض التكاليف, عندما يصل إلى درجة علمية عنده تكاليف أخرى وهكذا.
أهل البيت كان عندهم, ومن هنا إذا تتذكرون ارجعوا إلى العامل السابق, قلنا: أنه ليس بالضرورة كلّ ما عملوه وفعلوه والتزموا به نجعله ماذا؟ من واجبات الشريعة لا أبداً, لعله تلك الأحكام كانت من مختصاتهم. هذه مجموعة من الروايات بودي أن الأعزة يراجعونها هناك قيمة هذه الروايات, الرواية >أن حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله ملكٌ مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد امتحن قلبه للإيمان< سلام الله عليهم التفت, إلى أن قال (عليه أفضل الصلاة والسلام): >فأحسن الحديث حديثنا< جيد هذا حديثكم نحتمله نحن؟ قال: >لا يحتمل أحدٌ من الخلائق أمره بكماله حتّى يحدّه< فإذا حدّه يستطيع أن يفتهم. لأنه نحن نعيش في مرتبة أعلى من مرتبة وجودية, فإذا ما لم يحدوه ما لم يضيقوه.
تتذكرون ضرب لكم مثال، أنت عندما يضعون أمامك طعام كثير تستطيع مرة واحدة تأخذ الطعام وتضعه في فمك أو لا تستطيع؟ مع أنه كله تأكله أنت, ولكن مرة واحدة تستطيع أن تأكله؟ لا, لماذا؟ لأن هذه الأداة وهذا الفم لم يستوعب إلاَّ قدر اللقمة لا أكثر, فلابدَّ أن تحده أولاً, حتّى تبتلعه ثانياً. كذلك في العلم هذه مرتبة من العلم, هذه فيها لوازم ولعل بعض ما ذكروه من الأحكام والمعارف والواجبات والمحرمات مرتبطة بأي مرتبة؟ مرتبطة بهذه, بعضها بينوها من قبيل صلاة الليل, بعضها بينوها, {ومن الليل فتجهد به نافلة لك} هذه ليس لكل واحد, الآن نعم طوبى بيني وبين الله تأسى بنبيه فما جعل فريضة عليه هو جعله على نفسه فريضة, اطمأنوا الآثار الدنيوية والآثار الأخروية تأتي. اطمأنوا.
هذه الجملة معروفة ما أدري سامعيها أو لا, ميرزا علي القاضي الكبير أستاذ هذه الطبقة من العرفاء والكبار يقول السيّد الطباطبائي+ أنا كنت واقفاً عند صحن الإمام أمير المؤمنين ومتوجه إلى الدعاء أو الزيارة فوقف إلى جنبي وقال لي هذه الجملة من؟ ميرزا علي القاضي, >إن كنت تريد الآخرة فصلي صلاة الليل, إن كنت تريد الدنيا فصلي صلاة الليل< هو يفسر, يقول أنا الآن فهمت أن الذي يريد الآخرة يصلي صلاة الليل أما يريد الدنيا يصلي صلاة الليل يعني ماذا؟ قال نعم, باعتبار أنه سوف يشيع في الناس أنه هذا يصلي صلاة الليل فالناس يثقون به ويعطون له أماناتهم وكل شيء يعملون, حتّى لو كانت للدنيا, يثقون أو لا يثقون بمجرد أنه في الوسط يذيعون أن هذا يصلي ماذا؟ بيني وبين الله الناس يعطون له من القيمة ما لا يعطونه للآخرين, هذا من قبيل كلمة لا إله إلاَّ الله, واجدين التوحيد, التوحيد له قيمة عجيبة, من قالها مؤمناً هذه آخرته الحمد لله ثقلها في الميزان في الميزان لا يوجد أثقل, من قالها منافقاً فأيضاً عصمت ماله دمه وعرضه وكل شيء عصمت بهذه الكلمات, أعزائي وايضا توجد في كلمات أهل البيت.
أعزائي هذه مرتبة من مراتب العلم.
المرتبة الثانية من مراتب العلم وهي: المعارف التي لا يحتملها إلاَّ خواص شيعتهم, وهو المعبر عنها في النصوص مؤمنٌ أو عبدٌ امتحن الله قلبه للإيمان< الرواية هذه, >قال: حديثنا صعب مستصعب خشنٌ مخشوشٌ فانبذوا إلى الناس نبذاً فمن عرف فزيدوه< قليلاً قليلاً, فإذا وجدتم بأنه بدأ يستوعب ويرتاح وتطمأن النفس ماذا تفعلون؟ أما إذا وجدتموه مباشرة ماذا؟ بدأ ينفر, أنت قل لا, مقصودي ماذا؟ >فانبذوا إلى الناس نبذاً فمن عرف فزيدوه ومن أنكر فأمسكوا< أنا بودي خصوصاً أعزائنا الذين يرتقون المنبر أو يصعدون إلى الفضائيات هذه يلتفتون إليها, قواعد عجيبة لأهل البيت في كيفية إيصال معارفهم إلى الناس, >فأمسكوا لا يحتمله إلاَّ ثلاث ملكٌ مقرب أو نبيٌ مرسل أو عبدٌ امتحن الله قلبه للإيمان<.
رواية أخرى: >قال: إن حديث آل محمدٍ’ ثقيلٌ صعبٌ مستصعبٌ ثقيلٌ مقنعٌ أجرد ذكوان لا يحتمله إلاَّ ملكٌ مقرب أو نبيٌ مرسل أو عبدٌ مؤمن امتحن أو مدينةٌ حصينة<.
وهكذا مجموعة من هذه الروايات التي أنا بودي أن الأعزة يلتفتون إليها جيداً. هذه أيضاً مرتبة هذه مرتبة من المعارف هذا بشكل عام, طبعاً يكون في علمك كلّ مرتبة هذه فيها ماذا؟ يعني كلّ مرتبة ليست متواطية كلّ مرتبة أيضاً ماذا؟ يعني ما هو مرتبط إلاَّ نحن أهل البيت اطمأنوا أيضاً في أهل البيت يوجد ماذا؟ >وعليٌ أفضلنا< >الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير< هذه الخيرية ليست في القضايا الاعتبارية, أما >رسول الله وعليٌ فلهما فضلهما< أصلاً ذاك بحث آخر, الأئمة عندما يتكلمون عن مقاماتهم تقول له طيب رسول الله, يقول لا لا ذاك نحن نتكلم ما بعد تلك المرتبة (سلام الله عليهم) هذا لابدَّ أن نعرفها, طبعاً هذه كلها تدخل في كمال الإيمان, هذه إن شاء الله بعد ذلك أشير هذه لا تدخل في أصل, يعني الشخص إذا لم يؤمن بهذه هذا لا يخرجه عن مدرسة أهل البيت, لأنه أنا أميز بين أصل الإيمان وكمال الإيمان. هذه مرتبة.
المرتبة الثالثة: ما ورد في (ص402) طبعاً روايات عديدة أنا أقرأ رواية واحدة التي إن شاء الله الإخوة يراجعونها.
المرتبة الثالثة: >قال: يا بني< الرواية عن الإمام الباقر >يا بني< الرواية: >عن أبي عبد الله الصادق, قال: قال: أبو جعفر الباقر يا بني< الخطاب من الباقر للصادق >يا بني اعرف منازل الشيعة على قدر رواياتهم ومعرفتهم< منازل الشيعة, منازلهم أين؟ يعني في صدر المجلس وآخر المجلس؟! أو منازلهم في القرب والارتباط بالله وبهم, >فإنَّ المعرفة هي الدراية للرواية وبالدرايات للروايات يعلو المؤمن إلى أقصى درجات الإيمان إني نظرت في كتاب علي فوجدت في الكتاب إن قيمة كلّ امرئ وقدره معرفته, إن الله تبارك وتعالى يحاسب الناس على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا< الآن هذا النص الأخير أحفظوه لي هذا مرتبط بتعدد مراتب ماذا؟ الآن نحن نتكلم في تعدد مراتب المعرفة, الناس ماذا؟ الناس مراتبهم في القبول واحدة أم مختلفة؟ نعم هذه, وبطبيعة الحال سوف تختلف درجات إيمانهم وتختلف درجات تكاليفهم.
والروايات في هذا أعزائي أيضاً كثيرة ارجعوا إليها. وآخرها ما ورد في (ص415) وهي رواية طويلة الذيل المهم هناك الطبقة الرابعة الآن إما اعتبروها هؤلاء من السنة أو اعتبروها من الشيعة ولكن في أدنى درجات الارتباط بأهل البيت من هؤلاء؟ هؤلاء الذين أنت أي معرفة من معارف أهل البيت إذا نقلتها إليهم تشمأز قلوبهم ويقولون عقلي ما يقبل, هؤلاء أيضاً على طبقتين: طبقة التي حتّى على أدنى درجات الإيمان وهي معرفة أهل البيت لا يقبلونها فلا يؤمنون بعصمتهم فيقولون هؤلاء مجموعة من التابعين وايضا من الدرجة الرابعة والخامسة من التابعين, أصلاً لا يقبلونهم من الدرجة الأولى من التابعين. وطبقة يقول لا, قليلاً أحسن, واجدين أيضاً عندنا في أواسطنا في قم أيضاً موجودين فضلاً عن مكان آخر, يقول بيني وبين الله مجموعة من الناس الطيبين العلماء الأبرار الذين كانوا يصلون صلاة الليل أناس جيدون, أما عصمة وما أدري علم ووساطة فيض .. هذه من أين جئتم بها, هذه كلها مرتبطة ما أدري بغلاة كذا وكذا .. سامعين لابدَّ هذا الكلام, هذه الرواية تشير إلى هذا, تقول: >إن حديثنا هذا تشمئز منه قلوب الرجال, فمن أقر به فزيدوه ومن أنكر فذروه إنه لابدَّ أن تكون فتنة يسقط فيها كلّ بطانة ووليجة حتّى يسقط فيها من كان يشق الشعر بشعرتين< عجيب, يعني نحن بتعبيرنا الآن ماذا نقول؟ يعني: من المحققين, من المدققين, أيضاً يقول يسقطون في بعض الفتن, >حتّى لا يبقى إلاَّ نحن وشيعتنا<.
طبعاً الآن الشيعة ما هو تعبيرها, وأجمع الرواية حتّى لا أطيل على الأعزة, وأجمع رواية في هذا الباب, ما وردت في (أصول الكافي) وهذه الرواية أعزائي, وايضا علمائنا جزاهم الله خيرا اهتموا بهذه الرواية اهتماماً حتّى كتبت فيها الكتب الكثيرة وهي الرواية المعروفة برواية جنود العقل والجهل, هذه الرواية صدرها جداً عجيب, طبعاً بغض النظر عن سند الرواية نحن نؤمن بأصلاً ذكرناه مراراً للأعزة وهو تفقير النص, يعني قد الرواية هذه من حيث السند تكون ضعيفة ولكن عندما نأخذ فقرة فقرة من هذه الرواية نجد ما يدل عليها وهناك شواهد كثيرة تؤيد هذه الفقرات إذن لا حاجة كثيراً أن نبحث في سند مثل هذه المضامين, هذا مضافاً إلى أن المتن هنا خير دليل على صحة السند. الرواية: >كنت عند أبي عبد الله الصادق وعنده جماعة من مواليه< هذه مهمة >وعنده جماعة من مواليه< إذن تقية توجد أو لا توجد؟ التفتوا, >فجرى ذكر العقل والجهل فقال أبو عبد الله الصادق اعرفوا العقل وجنده والجهل وجنده تهتدوا, قال سماعة: فقلت جعلت فداك لا نعرف إلاَّ ما عرّفتنا, فقال أبو عبد الله: إن الله عز وجل< التفت >خلق العقل وهو أول خلق من الروحانيين عن يمين العرش< هذه النصوص التي قالت أول ما خلق الله العقل أو النور أو نوري >فقال له: أدبر فأدبر ثمَّ قال له أقبل فأقبل فقال الله تبارك وتعالى خلقتك خلقاً عظيماً وكرمتك على جميع خلقك< التفت, طبعاً وفي كلّ واحد منّا نحن البشر هناك حصة وسهمٌ من ماذا؟ من ذاك العقل الكلي الذي هو الصادر الأوّل أو المخلوق الأوّل كلّ بحسبه, على قدر ما آتاهم من العقول, هذه العقول ماذا؟ إذا تريدون أن تتكلمون بلغة العرفان قولوا مظاهر ذلك العقل الكلي, إذا تريدون أن تتكلمون بلغة الروايات قولوا سهام ونصيبكم من ذلك العقل الكلي, التي الروايات ستأتي. يقول: >ثمَّ قال< هذا المهم, >قال: ثمَّ خلق الجهل< عجيب, الجهل أمر وجودي أو عدمي؟ ماذا تقولون, نحن ماذا ندرس في كتبنا الجهل عدم ملكة أليس هكذا؟
الجواب: إذن لابدَّ أن نرجع إلى النصوص لنرى بأنه عندما يطلق الجهل في نصوصنا مباشرة لا نحملها المعنى المنطقي أو الفلسفي أو الكلامي, لأنه إذا كان عدم ملكة فيخلق أو لا يخلق؟ لا معنى لخلقه, ولذا في محله أيضاً قالوا أن الموت ليس أمراً عدمياً, بأي دليل؟ {خلق الموت والحياة} إذا كان الموت أمراً عدمياً طيب فليس بشيء حتّى يخلق, لأن الخلق يتعلق بأمرٍ وجودي وما لا وجود له فلا معنى لخلقه, إذن لابدَّ أن نعرف ما هو المراد من الجهل, الآن ليس فقط الجهل يا ليت فقط الجهل, >قال: ثمَّ خلق الجهل من البحر الأجاج ظلمانياً فقال له أدبر فأدبر ثمَّ قال له أقبل فلم يقبل فقال استكبرت فلعنة< يعني طرده من القرب الإلهي.
وهذا أصل إذا وجدت بأنَّ الشارع بأنَّ العقل بأنَّ الفطرة تدعوك إلى الإقبال وأنت تدبر إذن ماذا يوجد فيك؟ جندٌ من جنود الجهل, أما إذا وجدت أن العقل والفطرة والشرع والدين عندما يقول لك أقبل أنت بكل ارتياح وسكون واطمئنان تقبل إذن ماذا يوجد فيك؟ جندٌ من جنود العقل, على أي الأحوال.
>ثمَّ جعل للعقل خمسة وسبعين جندا فلما رآى الجهل ما أكرم الله به العقل وما أعطاه اضمر له العداوة فقال الجهل يا رب هذا الخلق مثلي خلقته وكرمته وقويته< عجيب الجهل يقول هذا خلق مثلي ويتكلم, >وأنا ضده< هذا يكشف عن أنه أمران وجوديان >وأنا ضده ولا قوة لي به فأعطني من الجند مثل ما أعطيته فقال: نعم, فإنَّ عصيت بعد ذلك فأخرجتك وجندك من رحمتي, قال: فقد رضيت فأعطاه خمسة وسبعين جندا<.
عند ذلك واضح أعزائي فقد الإنسان, التفت القاعدة ومع الأسف الوقت, وبحثي ليس بحث هذا النص حتّى أقف عنده, أعزائي أخشى أن يتهموني أنه سيدنا هذا ليس أصول صار, هذا صار شيء آخر, ولكن مع الأسف الشديد هذه نصوصنا في أصول الكافي الآن إلى الآن يأكلها التراب في حوزاتنا العلمية, بينك وبين الله هذه ما تستحق ستة أشهر نقف عند هذه الرواية, لأنه أنت – يا حظي- ست سنوات تقف عند >لا تنقض اليقين بالشك< أو ما تقف هناك؟ يعني تلك من الإمام وهذه من الشجر؟ طيب هذه أيضاً من الإمام, والله من حيث السند أقوى من تلك الأسناد, أقسم لكم بالله أن ما اعتمدوه في الأبحاث الأصولية والفقهية في كثير من الموارد بعد مئات الترقيعات العلمية هذه الأسناد أقوى منها بمراتب, اذهبوا أنتم حديث الرفع انظروا كم إشكال سندي يوجد فيه, ولكن لأن الآغايون يعرفون أنه إذا يسقطون حديث الرفع فربع الأصول ماذا؟ ينتهي, فلابدَّ أن يصححون, انظروا >لا تنقض اليقين بالشك< انظروا أسنادها, اذهبوا وانظروا الروايات التي استدل بها على حجية خبر الواحد, انظروا كم منها حجة؟ هناك بشق الأنفس يصححون السند, أما هنا, أسهل ما يكون لرد ماذا؟ لرد الرواية.
ولهذا أعزائي التفتوا, دعوني أقرأ لكم هذه العبارة لأنها جداً مهمة في (نهج البلاغة, الخطبة 87 ) الإمام (عليه السلام) انظروا ماذا يقول (في خطبة 85) يقول: >وآخر قد تسمى عالماً وليس به< إذن من هو إذا ليس بعالم إذن من هو؟ يقول: >اقتبس جهائل من جُهّال< عجيب اللباس المظهر لباس ماذا؟ لباس علماء ليس مقصودي عمامة وكذا .. لا لا الذي يحمله ويشار إليه هذا من العلماء, ولكن المحتوى ماذا؟ المحتوى >يحمل من جنود الجهل< ويعلمك ماذا؟ يعلمك هذه, ولذا >من أصغى إلى ناطقٍ فقد ..< لم يقل إلى عالمٍ, انظروا التعبير >أصغى إلى الناطق< فإنَّ كان الناطق عالماً بالمعنى أهل البيت, بتعبير الروايات فإنَّ كان عاقلاً فقد عبد من؟ وإن كان جاهلاً فقد عبد الشيطان, ومتى يتضح له؟ يا ليت في هذه الدنيا يتضح له, في أول .. درجات البرزخ سوف تتضح له, {وَلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ} إذن الفائدة ماذا؟
إذن التفتوا, لابدَّ أن تلتفتوا أنه ممن تأخذون {فلينظر الإنسان إلى طعامه} ماذا ورد في ذيلها عن الإمام أمير المؤمنين؟ فلينظر إلى علمه ممن يأخذه, الآن محل شاهدي لم يكن هذه, هذه مقدمة, محل الشاهد: الإمام (عليه السلام) يذكر الخمسة والسبعين, >فكان مما أعطى العقل الخير وهو وزير العقل وجعل ضده الشر وأعطاه الإيمان وضده الكفر والتصديق وضده الجحود والرجاء وضده القنوت والعدل ..< إلى أن يأتي في (ص51) محل الشاهد: >قال: فلا تجتمع هذه الخصال كلها من أجناد العقل إلاَّ في نبيٍ أو وصيٍ أو وصي نبيٍ أو مؤمن قد امتحن الله قلبه للإيمان< إذن تبين تلك الروايات >أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان< من هو؟ من اجتمعت فيه كلّ صفات العقل, هذا الذي قلت خواص الشيعة هذه, ليس كلّ واحد يتحملها, هذه لأبوذر وسلمان وأويس و .. هذه الطبقة.
التفتوا: >أو مؤمن قد امتحن الله قلبه للإيمان وأما سائر ذلك من موالينا< هذا انظروا والقسمة قاطعةٌ للشركة أنا وأمثالي أين نقع؟ نحن لم نقع في المؤمن ذاك من يجتمع فيه الخمسة والسبعين >وأما سائر ذلك من موالينا فإنّ أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود< بعضهم كم فيه؟ واحد, بعضهم اثنين, بعضهم ثلاثة, بعضهم خمسة, بعضهم تسعة, بعضهم عشرين بعضهم ثلاثين وهكذا, يقول: بعض هذه الجنود >حتّى يستكمل وينقى من جنود الجهل< وهذه أيضاً عجيبة أن الإنسان يجتمع فيه الأضداد يعني ممكن أن يكون فيه خمسة من جنود العقل وسبعة وثلاثين من جنود الجهل, لا تقولون لا يصير, لا, يصير, الإنسان جامع بين الأضداد, وإذا وجدتم أن الإنسان جامع بين الأضداد هذا المقصود, هو واحد من مصاديقه هذا, >فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الأنبياء والأوصياء وإنما يُدرك ذلك بمعرفة العقل وجنوده وبمجانبة الجهل وجنوده وفقنا الله وإياكم لطاعته ومرضاته< كما يقول الإمام (عليه السلام).
هذا تمام الكلام في الأصل الثاني.
أما الأصل الثالث:
الروايات عبرت – فقط أعنون إن شاء الله البحث يأتي غداً- الروايات عبّرت العلم والمعرفة, تارةً تطلق المعرفة في النصوص ويُراد منها التصديق الإيمان, وأخرى تطلق المعرفة ويُراد منها أو العلم ويُراد منها من غير التصديق يعني ما يكون مقدمة للتصديق, أحسنتم, يعني أنا الآن عالم ولكنه مؤمن وكثيراً افترضوا أن هؤلاء المستشرقين الذين جاؤوا وقرؤوا القرآن وكتبوا في القرآن وفي علوم القرآن وفي النبي وفي الإسلام, علمهم لعله أكثر من كثير منّا, ولكن مؤمن أو غير مؤمن؟ غير مؤمن, إذن لا ملازمة بين العلم والمعرفة بالمعنى اللغوي وبين الإيمان.
وأخرى لا, في نصوصنا لابدَّ أنتم تميزوها من خلال القرائن, وأخرى تطلق المعرفة ويراد بها الإيمان.
إذن أعزائي, {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم} هذا خير شاهد على الانفصال والانفكاك, مع أنه يوجد استيقان وعلم ولكن في مقابله يوجد إيمان أو جحود؟ لأن النصوص هنا قالت, والإيمان ويقابله الجحود, والتصديق ويقابله هذا التصديق الكلامي لا التصديق المنطقي. لأن التصديق له اصطلاحات متعددة, ما أدري واضح.
الآن نحن نفترض أن هذه درجات المعرفة يعني درجات العلم, فيترتب عليها درجات الإيمان, إذن لما كانت درجات المعرفة متعددة, فبطبيعة الحال الإيمان بها واحد أو متعدد يكون؟ يكون متعدداً.
من هنا استفاضت بل تواترت النصوص أن الإيمان له مرتبة أو له مراتب؟ له مراتب, بسبب تعدد مراتب المعرفة والعلم, وهذا ما سيأتي.
والحمد لله رب العالمين.