بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
كما ذكرنا بالأمس بأنه هذه المسألة وهي مسألة مرجعة القرآن ومحورية القرآن وأنه الثقل الأكبر في استنباط جميع المعارف الدينية سواء ما يتعلق منها بالأمور العقدية والإيمانية أو ما يتعلق منها بالأمور العملية هذه هناك نصوص كثيرة سواء على مستوى النقص القرآني أو على مستوى النصوص الواردة عن النبي الأكرم وأئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وأشرنا بالأمس أن هذا هو بنفسه مفتاحٌ من مفاتيح عملية الاستنباط وأن الإنسان ما لم يقف على هذه المسألة لا يحق له أن يمارس عملية الاستنباط أعم من عملية الاستنباط العقدي والإيماني أو عملية الاستنباط العملي والفقهي.
ونزولاً عند رغبة جملة من الإخوة الأعزاء طلبوا أنه نوضح هذه القضية بشكل أوضح توضيحاً وبيناناً, أنا أشير إلى بعض النصوص الواردة في هذا المجال, النصوص الواردة على محورية القرآن وأنه يشتمل على كل شيء, كثيرة جداً ولكنّه كما يقال >ما لا يدرك كله لا يترك كله< الرواية عن الإمام الصادق× كما ينقلها في (جامع أحاديث الشيعة الجزء الأول ص180 الحديث 70, أبواب المقدمات ونحو ذلك) قال الرواية: >عن الإمام الصادق×: إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن< ومن الواضح المراد من الفتن ليس خصوص الفتن العقائدية بل مطلق الأمور التي تولد فتنة وشبهة عند الإنسان, قال: >ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة, ومن جعله خلفه ساقه إلى النار وهو الدليل يدل على خير سبيل<.
الآن ما هو المراد من مفردات هذه النصوص, واقعاً أنا أتركها إلى فهم الإخوة وإلا إذا أردنا أن نعلق على هذه النصوص يأخذ وقتاً كبيراً.
النص الثاني في (جامع أحاديث الشيعة, النص الثاني, أو في نهج البلاغة في الخطبة رقم 133, بنسخة الدكتور صبحي الصالح) قال: >وكتاب الله بين أظهركم ناطق لا يعيى لسانه وبيت لا تهدم أركانه وعزٌ لا تهزم أعوانه كتاب الله تبصرون به وتنطقون به وتسمعون به وينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض ولا يختلف في الله ولا يخالف بصاحبه عن الله<.
نص آخر أيضاً في (نهج البلاغة) قال: >واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش والهادي الذي لا يظل والمحدث الذي لا يكذب وما جالس هذا القرآن أحدٌ إلا قام عنه بزيادة أو نقصان< طبعاً بشرط المجالسة لا بالقراءة والغفلة عن القرآن, >زيادة في هدى أو نقصان من عمى واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة< الإنسان إذا التجأ إلى القرآن فهو غني وإذا ابتعد عن القرآن فهو فقير, >ولا لأحد قبل القرآن من غنى< لا قبل القرآن ولا بعد القرآن.
رواية أخرى والرواية طويلة الإخوة يرجعون إليها في (الخطبة رقم 110) بنفس البيان. رواية أخرى عن الإمام الصادق قال: >القرآن هدىً من الضلال وتبيان من العمى واستقالة من العثرة ونور من الظلمة وضياء من الأحداث وعصمة من الهلكة ورشد من الغواية وبيان من الفتن وبلاغ من الدنيا إلى الآخرة وفيه كمال دينكم, وما عدل أحد عن القرآن إلا إلى النار< هذه في (أصول الكافي الجزء الثاني ص600 كتاب فضل القرآن الحديث الثامن) طبعاً هذه النصوص كثيرة جداً وأنا أشرت إليها في كتاب أصول التفسير يمكن للإخوة أن يرجعوا إليها, ولكن كما هو واضح قد يقول قائل: أنه هذه النصوص أرجعت إلى القرآن ولكن بنفس مقتضى القرآن الكريم الذي قال لنا {ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} وبمقتضى {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}< وذلك لأنه {ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} طيب قال في الحديث الثقلين المتواتر ليس القرآن بما هو قرآن بل القرآن وعترتي أهل بيتي, إذن هذه النصوص جميعاً يتضح بأنها ليست نظرية حسبنا كتاب الله أو كتاب الله حسبنا, وإنما بمقتضى حديث الثقلين المتواتر أنه إذا أردنا النجاة من الضلالة فلا يكون التمسك بأحدهما دون الآخر, يعني بشكل واضح وصريح لا التمسك بالقرآن من دون العترة من غير العترة منجٍ من الضلالة ولا التمسك بالعترة وجعل القرآن على جانب من دون القرآن ينجي من الضلالة وأنتم تعلمون أنه وقع طرفٌ في هذا الإفراط ووقع طرف آخر في ذلك التفريط, طرف قال كتاب الله حسبنا, وحسبنا كتاب الله يعني من دون العترة من دون النبي, وطرف آخر قال حسبنا العترة من غير كتاب الله, هذا لا ينجي من الضلالة وذاك أيضاً لا ينجي من الضلالة, الآن المصاديق لكم أنتم, من يصدق عليه هذا الإفراط ومن يصدق عليه ذاك التفريط الأمر إليكم, المهم أن حديث الثقلين المتواتر بين علماء المسلمين يقول: >ما إن تمسكتم< لا به, وإنما >ما إن تمسكتم< لا به ولا بها ما إن تمسكتم بها فإنكم لن تضلوا بعدي أبداً >ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً< إذن المنجي من الضلالة مطلقا سواء كان في الأبعاد العقائدية سواء كان في الأبعاد العملية هو الالتزام والإتباع بهما الإتباع لهما معاً القرآن والعترة, ولكنه نفس نصوص حديث الثقلين من طرق المدرستين قالت بأنه بجعل ولكن بشرطها وشروطها أن يكون القرآن هو المحور وأن يدور الحديث الوارد عنهم في إطار القرآن ذاك هو الثقل الأكبر وهذا هو الثقل الأصغر, هذه النقطة لابد أن تكون محفوظة لا يتبادر إلى الذهن أن أحدهما في عرض الآخر, بل أن أحدهما في طول الآخر يعني الأول القرآن هو الأصل وما زاد عن ذلك يعني النصوص الروائية هي العترة, الآن لماذا؟
أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) بشكل واضح وصريح أشاروا إلى أن جميع المعارف موجودة في القرآن وهذه القضية واضحة وصريحة في كلماتهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام) منها ما ورد في (تفسير النعماني) الرواية عن الإمام الصادق× أقرأها بسرعة قال: >إن الله تبارك وتعالى بعث محمداً’ فختم به الأنبياء فلا نبي بعده وأنزل عليه كتاباً فختم به الكتاب فلا كتاب بعده أحل فيه حلالاً وحرم حراماً فحلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة فيه شرعكم< كل ما تحتاجون من شريعة أين موجود؟ موجود في هذا الكتاب, >فيه شرعكم وخبر من قبلكم وبعدكم وجعله النبي’ علماً باقياً في أوصيائه< إذن أيضاً مضمون حديث الثقلين محفوظ في هذا النص, >فتركهم الناس وهم الشهداء على كل زمان وعدلوا عنهم ثم قتلوهم واتبعوا غيرهم ثم أخلصوا لهم< لهؤلاء الغير الذين قتلوا أهل البيت >ثم أخلصوا لهم الطاعة حتى عاندوا من أهدر ولاية ولاة الأمر وطلبوا علومهم< قال: >ونسوا حظاً مما ذكّروا به وذلك أنهم ضربوا ..< إلى آخره, الإمام× ثم يبدأ أن أولئك الذين اكتفوا بالقرآن من دون العترة يقول: >وذلك أنهم ضربوا القرآن بعضه ببعض واحتجوا بالمنسوخ وهم يظنون أنه الناسخ, واحتجوا بالمتشابه وهم يرون أنه المحكم واحتجوا بالخاص وهم يقدرون أنه العام واحتجوا بأول الآية وتركوا السبب في تأويلها ولم ينظروا إلى ما يفتح الكلام وإلى ما يختموا ولم يعرفوا موارده ومصادره إذ لم يأخذوا عن أهله فضلوا وأضلوا<.
والآن أنت واقعاً الآن لو تنظر إلى خريطة الفكر الإسلامي عموماً غير مدرسة أهل البيت بل وحتى بعض من هم في مدرسة أهل البيت عندما تركوا القرآن جانباً واقعاً ضلوا وأضلوا >واعلموا رحمكم الله أنه من لم يعرف من كتاب الله عز وجل الناسخ والمنسوخ والخاص من العام والمحكم من المتشابه والرخص من العزائم والمكي والمدني وأسباب التنزيل والمبهم من القرآن في ألفاظه المنقطعة والمؤلفة وما فيه من علم القضاء والقدر والتقديم والتأخير والمبين والعميق والظاهر والباطن والابتداء والانتهاء والسؤال والجواب والقطع والوصل والمستثنى منه والجار فيه والصفة لما قبل مما يدل على بعد والمؤكد منه والمفصل ومواضع فرائضه وأحكامه ومعنى حلاله وحرامه الذي هلك فيه الملحدون والموصول من الألفاظ والمحمول على ما قبله وما بعده فليس عالم بالقرآن ولا هو من أهل القرآن<.
طيب بينكم وبين الله إذا الإنسان لم يقف على معارف القرآن, نعم الآن لو تأتي إلى علماء إلى فقهائنا تجد الحق والإنصاف هذه الأمور كلها في الرواية يعرفونها جيداً, أما في كثير من الأبحاث القرآنية يعرفون عنها شيئاً أو لا يعرفون؟ تجدون أنهم أساساً لم يعرضوا لها, لا أنه الملكة لا توجد, لو أرادوا لعرفوا.
بتعبير سيدنا الشهيد هذه أنقلها عن مجلس الدرس ولعله موجودة في كتاباته لا أعلم, السيد الشهيد+ يقول: أنا كنت بالأمس وهذه القضية معروفة لابد للإخوة يقول: كنت بالأمس أزور مولانا زيارة أمير المؤمنين× وكانت طريقته& و+ عندما يدخل إلى باب أمير المؤمنين يقف بالباب ويقرأ بصوتٍ مرتفع والناس يجتمعون خلفه, هذه طريقته في الزيارة لا في هذه الطريقة المحنطة الذي نحن ندخل ونخرج, لا, على الطريقة كأنه شخص يزوّر الناس, كان الذي يدخل يتصور أن هذا يزوّر الناس وهؤلاء الناس أيضاً كانوا يجتمعون عشرين ثلاثين أنا رأيت بعيني لا نقلاً من أحد, يقول: بالأمس أنا في زيارتي لأمير المؤمنين جاءني أحد وسألني عن آية قلت لا, هذه ليست آية من القرآن, ثم رجعت إلى البيت أخذت معجم الآيات وجدت بأن هذه الآية التي أنا قلت أنها ليست بآية هي ماذا؟ آية في القرآن, ثم علّق هو+ قال: والله لو كنت أسال عن شرق الفقه وغربه لما ضاعت عليّ الرواية, ولكنّه أسأل عن آية في القرآن لا أعلم أنها آية أو ليست آية, وهذا هو صار السبب أنه عطّل درس يوم الأربعاء الفقه وجعل مكانه هذا التفسير الموضوعي الذي الآن بأيدي الإخوة, وفي ذاك المجلس مدح السيد الطباطبائي وأثنى على حوزة قم قال فيها تفسير ولكنّه حوزة النجف لا يوجد فيها تفسير, والجملة التي أنا سمعتها بأذنيّ منه قال لو كان السيد الطباطبائي في النجف لتتلمذت على يديه, طبعاً هذا الكلام قاله في أوج مرجعيته لا أنه قالها في أول حياته لا في أول شبابه, في أوج مرجعيته وصادرة منه تلك المؤلفات العظيمة, ولكنّه قال لو كان في النجف لتتلمذت على يديه. جيد.
إذن إخواني الأعزاء أنّه أن الفقه -بتعبيره هو- أن الفقه كالعجيبة بيدي واقعاً أنت عندما تجلس مع فقهائنا الكبار تجد أن الفقه كالعجيبة في أيديهم ولكنه تجدهم أنهم على أحسن التقادير إذا أرادوا أن يستدلوا أيضاً بآية يقولون ما مضمون الآية كذا وكذا لماذا؟ لأننا لم نأنس القرآن الكريم, بتعبير الإمام أمير المؤمنين لم نجالس القرآن الكريم ما جالسنا القرآن, على أي الأحوال.
تتمة رواية الإمام الصادق, يقول: >ومتى ما ادعى معرفة هذه الأقسام مدعٍ بغير دليلٍ< لا يقول أنا إذا صرت فقيه إذن أنا عالم بكل علوم الشريعة لا لا أبداً لا ملازمة أنت فقيه بلي فقيه تبقى فقيه, والآن بعد ذلك واقعاً لابد أن يصير عندنا بحث صغروي وهو أنه هل الإنسان إذا لم يقف على معارف القرآن هل يمكن أن يكون فقيهاً -بحسب اصطلاح أهل البيت- أو لا يكون فقيهاً؟ ذاك بحث آخر لعلنا نوفق للإشارة إليه.
قال: >ومتى ما ادعى معرفة هذه الأقسام مدعٍ بغير دليلٍ فهو كاذب مرتاب مفتر على الله الكذب ورسوله ومأواه جهنم وبئس المصير<.
إذن القرآن فيه كل هذه المعارف, لماذا أن النبي الأكرم’ قال بأنه: >ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً< باعتبار أن كل أحد يستطيع أن يقف على جميع هذه المعارف بالقرآن أو لا يستطيع؟ لا يستطيع, ولذا وردت هذه الروايات المعروفة المشهورة التي قرأت قراءة خاطئة وتفسيراً خاطئ وهو أنه ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب وما جمعه وحفظه كما نزّله الله إلا علي ابن أبي طالب والأئمة من بعده (عليهم أفضل الصلاة والسلام) المراد من الجمع ليست الآيات اللفظية حتى يقال إذن هذا القرآن الذي بأيدينا ما هو؟ ناقص, لا, ليس المراد من الجمع يعني الجمع اللفظي وإنما المراد الجمع المضموني الجمع الدلالي الجمع المعرفي, واقعاً كل معارف القرآن ظاهراً وباطناً بيد من؟ بيد الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) ومن هنا جعل حديث الثقلين التمسك بهما ينجي من الضلالة, لأنه لا يمكن لأحد أن يدعي أنه جمع كل معارف القرآن إلا هم (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
سؤال: إذن إلى هنا اتضح لنا بأنه أساساً, طبعاً أهل البيت يكون في علمكم, أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لا فقط هذا كان يدعونه, يدعون أكثر من ذلك, وهذا ما لا يمكن لأحد أن يدعيه واقعاً, لا فقط يدعون على مستوى الكبرى, أنظروا على مستوى الصغرى كانوا يقولون (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
الرواية >عن الإمام الباقر×: قال: إذا حدثتكم بشيء فاسألوني من كتاب الله< يعني أي شيء أقوله لكم اسألوني أين موجود في كتاب الله, طيب من منا يستطيع واقعاً أن يدعي أن كل ما يقوله من أمر عقدي أو عملي يستطيع أن يستخرجه مباشرة من أين؟ من كتاب الله, هذا واقعاً من اختصاصاتهم, ولكن ثبوتاً هذا كله موجود في القرآن, وإثباتاً موجود بأيديهم ونحن لا نستطيع أنه ثبوتاً نعتقد بذلك ولكن إثباتاً لابد أن نتبعهم في هذا المجال, ثم قال في بعض حديثه >أن النبي’ نهى عن القيل والقال وفساد المال وكثرة السؤال فقيل له يا ابن رسول الله أين هذا من كتاب الله< أنت قلت إذا حدثتكم بشيء فسألوني أين في كتاب الله؟ فقال: {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} وقال {لا تأتوا السفهاء أموالكم} وقال: {لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسأكم} … < وهكذا.
إذن أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) بشكل واضح وصريح أشاروا إلى هذه الحقائق بشكل لا مرية فيه, ولكن يبقى هذا التساؤل وهو أنه: صحيح أنهم جمعوا القرآن وصحيح أن الإتباع لهم منجي من الضلالة ولكن بشرطها وشروطها ومن شروطها -يعني ومن شروط حديث العترة- أن يعرض حديثهم على كتاب الله, هذا الشرط, لا انه كل ما وردكم من غير أن تعرضوه على كتاب ربنا فقد صدر منّا ونسب إلينا وإن كان منسوباً إلينا.
إذن المعيار الأساسي وهذا الذي أشرنا إليه بالأمس في روايات العرض على الكتاب, الروايات الواردة في هذا المجال متعددة أنا أشير إلى بعض الروايات. في (ج27, من وسائل الشيعة, طبعة مؤسسة دار إحياء التراث, ص109) مجموعة من الروايات, أنا أقرأ روايتين في هذا المجال.
الرواية العاشرة: >عن السكوني عن أبي عبد الله×< قلنا بالأمس بأنه أساساً الروايات إما متواترة فلهذا كثيراً لا توجد عناية في السند وإما مستفيضة إذن المضمون لا يوجد عندنا فيه بحث.
قال: الرواية عن الإمام الصادق× قال: قال رسول الله’: إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نور فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه< ومن الواضح أن الرواية لها علاقة بباب تعارض الأحاديث أو لا علاقة له؟ لا, مطلقة, تقول ما وافق فخذوه وما خالف, سواء كان للنص معارض أو لم يكن؟.
رواية أخرى وهي الرواية الحادية عشر: >عن عبد الله ابن أبي يعفور قال: وحدثني الحسين< الرواية فيها: قال: >سألت أبا عبد الله الصادق× عن اختلاف الحديث< التفتوا السائل يسال عن ماذا؟ عن اختلاف الحديث >يرويه من نثق به ومنهم من لا نثق به, قال: إذا ورد عليكم حديث< صحيح أن سؤال السائل مرتبط باختلاف الحديث, الآن ما معنى الاختلاف؟ نحن حملنا الاختلاف على التعارض وإلا ليس من المعلوم أن السائل يسأل عن تعارض الأحاديث, يسأل عن اختلاف الأحاديث بالمعنى العام, الآن ليس بحثي هذا.
قال: >إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله’ وإلا فالذي جاءكم به أولى منه<.
والمشهور بين علمائنا كما ذكر جملة من علمائنا أنه أساساً العرض على الكتاب ليس مختص بموارد الاختلاف والتعارض بين الروايات, أنظروا إلى كلام الأستاذ سيدنا الشهيد+ في (ج7, ص318, من تقريرات السيد الهاشمي) هذه عبارته هناك بعد أن ينقل هذه الرواية هناك يقول: >والتعبير باختلاف الحديث الوارد في كلام السائل< لا في جواب الإمام >سواء أريد به تنوع الحديث< لا تعارض الحديث >سواء أريد به تنوع الحديث بمعنى مختلف الحديث أو أريد به تعارض الحديث< بالمعنى المصطلح في باب التعارض والتراجيح >أو تهافت الحديث أو أريد الحديث المختلف المتناقض مع المسلمات والمركوزات الدينية الثابتة بالكتاب والسنة< يقول: >التعبير باختلاف الحديث في كلام السائل لا يضر بالاستدلال< أي استدلال؟ الاستدلال أن كل حديث لابد أن يعرض على كتاب الله, سواء كان المراد هذا لماذا؟ يقول: لأن الاستدلال إنما يكون بجواب الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) لا بسؤال السائل الذي يحتوي على كبرى كلية مستقلة تدل على أن كل حديث< التفتوا جيداً هذه النصوص جداً عميقة وخطيرة, لا أن الحديث لا يكون مخالف لكتاب الله لا, لابد أن يوجد عليه شاهد من كتاب الله, التفتوا إخواني الأعزاء, مرة نقول لا يوجد له مخالفٌ طيب أنا أرجع إلى القرآن الآن ليس له مخالف الآن إما بنحو السالبة بانتفاء الموضوع أو بأي نحو آخر أو المحمول, وأخرى لا, لابد أن يكون عليه شاهد من كتاب الله, طيب جنابك إذا لم تعرف القرآن بيدك وأنت لا تعرف القرآن من أوله إلى آخره كيف تعرف أن هذا الحديث يوجد عليه شاهد من كتاب الله أو لا يوجد؟ ولا يقول لنا قائل أن هذه في القضايا الأصلية هذه فقط في القضايا العقدية في القضايا الإمامية, صريح الرواية صحيحة السند يقول: >كل حديث< أيوجد عندنا عموم أفضل من لفظة كل, >كل حديث وردكم< قال: >إذا ورد عليكم حديث< قال: >مستقلة تدل على أن كل حديث ليس عليه شاهد من الكتاب الكريم ومن السنة النبوية فلا يؤخذ به< طبعاً لابد بحث آخر أن المراد من السنة النبوية يعني ماذا؟ يعني خبر الآحاد؟ فنفس الكلام الكلام الكلام, إذن لابد أن يكون السنة النبوية القطعية المسلّمة لا مطلق السنة النبوية.
والتفسير المشهور التفتوا جيداً هذا هو المشهور بين علمائنا, والتفسير المشهور لمفاد هذه الطائفة أنّ كلّ حديث لا يكون في القرآن دلالةً ولو بالعموم والإطلاق توافق مدلوله وتشهد عليه لا يكون مقبولاً, هذا هو المشهور, الآن بينكم وبين الله, إنسان لا أقل لا أنه ليس مفسر لا أقل حتى دورة تفسيرية لم يقرأ يدعي أنه ماذا؟ مجتهد, طيب هذا مقبول عند أحد؟! لا أقل أنا ما عندي بيني وبين الله كل له منهجه ومحترم أيضاً لكن بيني وبين الله أنا من الذين لا يوافق هذا المنهج على الإطلاق, وهذا الدرس إنما بيني وبين الله درسته -تعلمون أنه كم سنة أنا لم أدرس- لأنه ذاك المنهج أنا لا أوافق عليه, أنا ما درست الفقه المتعارف لأن ذاك المنهج لا أوافق عليه, أعتقد بأنه الأصل لابد أن نرجع إلى ماذا؟ لتأسيس التأسيس لابد أين يكون أولاً؟ في القرآن, ولذا أنه إلى الآن أخشى أنه الطلبة يقول لي هذا سيدنا لم يصبح درس فقه, لا يا أخي هذا هو الفقه الذي ينبغي أن يكون هذا هو بمقتضى النصوص التي أقرأها للإخوة, أنا ما استدل استدلال عقلي إخواني ولا أدعي الكشف والرؤيا, أقرأ لكم نصوص من الآيات والروايات, أنه لابد أن يوجد عليه شاهدٌ وفي بعض النصوص شاهدٌ أو شاهدان, لا شاهد واحد.
من هنا يأتي هذا التساؤل المركزي في هذا المفتاح – وإن كان ليس بحثنا- وهو أنه ما هو المقصود بأنه كل قضية وردت, وقد وردت المئات الآلاف من المسائل والروايات يعني كلها هذه تفاصيلها موجودة في القرآن؟ يمكن أن يدعي أحد هذا الإدعاء؟ الآن نعم, قد الإمام× يدعي يقول نعم وهو يستطيع أن يجيب ولكن أنا وأنت نستطيع أن ندعي هذا الإدعاء وهو أنه كل ما ورد في أي رواية من عقائد من فقهيات وعمليات من واجبات من محرمات من مستحبات من مكروهات كلها يوجد عليها شاهد؟ هذا خلاف الوجدان, وهذا القرآن بين أيدينا, أين يوجد على كل حديث ورد شاهد أو شاهدان من كتاب الله؟ أين هذا.
هذا مضافاً إلى أنه لو كان على كل رواية شاهد أو شاهدان من كتاب الله وواضح وبين للزم اللغو من بيان النبي والأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لأنه كل ما نحتاجه موجود في القرآن فماذا نعمل بالرواية, هذه الرواية ماذا تكون؟ تكون مؤيدة تكون مؤكدة وإلا الأصل أين موجود؟ الأصل موجود في القرآن فتحتاج إلى رواية, وافترض رواية لا توجد عندك يؤثر على المقام شيئاً أو لا يؤثر؟ لا يؤثر على المقام شيئاً, إذن من الواضح جداً أنه ليس المقصود من هذه النصوص هذا التفسير المتعارف بين كثير من الفقهاء والأصوليين وهو أنه أن ينظر إلى العرض بمعنى أن يعرض على الكتاب ويجد له شاهد أو شاهدين بخصوص هذا العرض, لو كان هذا المقصود أولاً: خلاف الوجدان, وثانياً: للزم اللغو في هذه النصوص الواردة عن النبي والأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
من هنا لابد أن نتجه إلى بيان المراد من هذه الرواية, ما هو المراد من العرض؟ طبعاً هذه النصوص النصوص المستفيضة بل المتواترة -بتعبير الشيخ اللنكراني+- هذه النصوص تقول لنا أنه لابد أن يعرض على ماذا؟ على كتاب الله, والعرض يقتضي أن له لهذا المعروض جذرٌ وأصل في كتاب الله وإلا إذا لم يكن له لا جذر ولا أصل لا عموماً ولا إطلاقاً ولا نظريةً ولا أي شيء ما موجود في القرآن أساساً العرض يكون لغو سالبة بانتفاء الموضوع لأنه لا يوجد في القرآن حتى نعرضه على القرآن ولكن من خلال روايات العرض نستكشف أن كل ما صدر عنهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أصوله جذوره حقيقته أصله أين موجود؟ موجود في القرآن, وإلا لما قالوا لنا أنه كل ما صدر منّا اعرضوه على كتاب ربنا, فإن لم تجدوا له أصلاً وجذراً وحقيقة في القرآن وشاهداً في القرآن إذن صدر منا أو لم يصدر منا؟ لم يصدر منا لماذا؟ لأنه هم القرآن الناطق هم القرآن النازل, هم لا يقولون شيء وراء معارف القرآن والقرآن ليس ناقصاً حتى هم حتى يتمموه لنا, القرآن نور, القرآن تبيان, وأنزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء لا أقل لكل شيء يرتبط بكمالكم. إذن القرآن ليس ناقصاً حتى يحتاج؟ ومن هنا ترد هذه الإشكالية -دعوني أطرحها ولو في دقيقتين- ترد هذه الإشكالية إذا كان القرآن تاماً وكاملاً وكان نوراً إذن ما هي الحاجة إلى العترة؟ هذه هي الإشكالية التي تذكر عادة من مدرسة الصحابة, إذن لابد أن تلتزموا في الرتبة السابقة بنقص القرآن حتى يتمم من قبل من؟ من قبل العترة.
الجواب: لا, أولاً: هذا منقوض بالنبي الأكرم’ لأن القرآن قال لنا {لتبين للناس ما نزل إليهم} فلو كان القرآن كاملاً وبياناً وتبياناً فنحتاج إلى رسول الله لبيان رسول الله أو لا نحتاج؟ لا نحتاج, مع أن صريح القرآن يقول: {لتبين للناس ما نزل إليهم} إذن إذا جاء البيان أو التبين ليس بالضرورة أن المبين في نفسه ناقص, إذن ما هي وجه الحاجة؟ الجواب: ليس القرآن, التفتوا إلى هذه الجملة أحفظوها, لأنه هذه من الإشكالات السيالة والسيارة في كلمات مدرسة الصحابة, ليس القرآن محتاجاً إلى العترة بل العترة محتاجة إلى القرآن, إذن حديث الثقلين ماذا يقول؟ حديث الثقلين يقول: أنتم لكي تفهموا القرآن تحتاجون إلى العترة, فرق كبير بين أن نقول أن القرآن محتاج إلى العترة حتى تقول يلزم منه النقص, وبين أن أقول أنه أنا هذا الكتاب لكي أفهمه أحتاج إلى العترة, فالحاجة مني لا الحاجة من القرآن, حاجتي لأني لا استطيع, من قبيل كتاب عميق في الطب في الهندسة في الكيميائي في الفلسفة أي كتاب, أنت تحتاج إلى الأستاذ والكتاب واضح بين تحتاج إلى الأستاذ الكتاب يحتاج إلى مبين أم أنت تحتاج إلى أن تفهم الكتاب, أنت تحتاج إلى الأستاذ ليبين, فالحاجة منّا.
بعبارة أخرى: القرآن ثبوتاً لا يحتاج إلى أحد, وإثباتاً لكي نفهمه نحتاج إلى أحد. التفتوا جيداً.
إذن من هنا تأتي هذه القضية المركزية: إذن هذه روايات العرض تقول: >اعرضوه على كتاب ربنا< ماذا يوجد في القرآن يعني ماذا المتوقع من وجوده في القرآن حتى نعرض هذه التفاصيل على ماذا؟ على القرآن؟ ما أدري واضحة القضية, من الواضح أنه ليس الموجود في القرآن كل التفاصيل لا أقل في مقام الإثبات بالنسبة إلينا -لا أقل هذا- الآن ثبوتاً لعله موجود {تبياناً لكل شيء} ولكن أنا وأنت استطيع أن أستخرجه من القرآن أم لا؟ لا, إذن ما هو المراد؟
إخواني الأعزاء في بيان المراد في الحاجة للعرض أو أنه لابد ماذا يوجد في القرآن؟ حتى نستكشف منه أن هذا النص صحيح أو لا يوجد اتجاهان:
الاتجاه الأول: هذا الذي أشرت إليه وهو أنه: تعرض على القرآن فيحتاج أن يكون موافقاً لا يكفي أن لا يكون مخالفاً وإذا المخالفة بنحو المخالفة التباين أو العموم من وجه أو العموم والخصوص المطلق, هذه التفاصيل كلها جاءت في إطار هذا الاتجاه الأول.
الاتجاه الثاني: لا, ليس المراد من أن كل شيء في القرآن يعني كل التفاصيل موجودة في القرآن, وإنما المراد عندما نأتي إلى أي بابٍ فقهي -الآن أنا من باب المثال أضرب ولكن إلى أي باب ماذا؟ عقدي في التوحيد في الإمامة في النبوة في المعاد في الآخرة في كل التفاصيل ولكن باعتبار أن بحثنا بحث فقهي فأنا أضرب أمثلة فقهية- عندما نأتي إلى أي باب فقهي أن الأصول وأن الأسس وأن الإطار الذي يحدد ذلك الباب موجود أين؟ موجود في القرآن, وهذه النصوص الروائية كلها لابد أن تفهم في أي إطار؟ تفهم في إطار ذلك الأصل وتلك الأصول والنظرية التي استنطقت من القرآن الكريم.
طبعاً يوجد شاهد روائي على هذا المعنى وجدته موجود في أصول الكافي الآن أقرأه لكم ثم أشرحه إذا صار عندنا وقت, الشاهد الروائي موجود في أصول الكافي الجزء الأول ص286) الشاهد الروائي في باب >كتاب الحجة, باب ما نص الله عز وجل رسوله على الأئمة< الرواية: >عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله الصادق× عن قول الله عز وجل {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} فقال نزلت في علي ابن أبي طالب والحسن والحسين< هذا السؤال المتداول على الألسنة >فقلت له: إن الناس يقولون فلمَ لم يسمي علياً وأهل بيته في القرآن الكريم؟< إذا هذه نزلت في أهل البيت طيب كان سماهم وانتهت القضية, >قال: فلمَ لم يسمي علياً وأهل بيته في كتاب الله عز وجل قال: فقال: قولوا لهم< هذه واحدة من الأجوبة >قولوا لهم< لأنه توجد أجوبة أخرى, >نزلت عليه الصلاة ولم يسمي الله له ثلاث ولا أربع, حتى كان رسول الله هو الذي فسّر ذلك, ونزلت عليه الزكاة ولم يسمي لهم من كل أربعين درهم حتى كان رسول الله هو الذي فسّر لهم ذلك, ونزل الحج ..< وهكذا الإمام× يبدأ ببيان مجموعة من الأمور يقول هذه كلها أصولها أين موجودة؟ في القرآن, إذن فما لا أصل له في القرآن فمقبول أو غير مقبول؟ غير مقبول, لابد أصله أين موجود؟ نعم, تبقى التفاصيل, تبقى الفروع تبقى التشريعات التي تبين, الآن هذه التشريعات على مستوى بيان المصداق على مستوى بيان الموضوع على مستوى غير هذا يختلف من زمان إلى زمان آخر, ونصوص كثيرة تؤكد هذه الحقيقة.
هذه القضية وهو: أن الأصل مذكور -هذه الكلمة نحن نكررها عادة- أن القرآن فيه الأصول وعلى الأئمة ماذا؟ هذا ما هو المراد منه؟
هذه القضية تحتاج إلى بحث نقف عنده قليلاً وهو أن نبين هل يوجد فرق بين المذهب الاجتماعي في الإسلام والتشريعات الإسلامية, عبر تعبير آخر: هل يوجد فرق بين المذهب الاقتصادي والتشريعات المالية والمعاملية وغيرها, أو المذهب هو نفس هذه التشريعات؟
إن شاء الله تعالى غداً سنقف ونبين لكم أنه يوجد في الإسلام مذهب اسمه المذهب الاقتصادي اسمه المذهب الاجتماعي, اسمه المذهب العبادي, اسمه المذهب الإعلامي, اسمه المذهب الفقهي القانوني يوجد مذهب عرفت كيف, وهذا المذهب هو الذي يُؤطر كل التشريعات التي تدخل تحت هذا المذهب, والقرآن يبين ماذا؟ لم يبين التشريعات التشريعات موكولة إلى من؟ موكولة إلى النبي وأهل البيت والمجتهدين ولكن المذهب الذي هو الإطار العام وظيفة القرآن الكريم.
ما أدري أنتم واجدين هذه -حتى أقرب المطلب إلى ذهن الإخوة- أنتم لو ترجعون إلى القوانين الدستورية في كل بلاد تجدون بأنه القانون الدستوري يضع قانون في سطرين, يقول وتشريعاته على من؟ على مجلس النواب أو على المجلس الوطني, فالمجلس الوطني يستطيع بتشريعاته أن يخرج على القانون الدستوري أو المادة الدستورية أو لا يستطيع أن يخرج؟ ولكن كل تشريعاته تصب في إطار ماذا؟ هذه المادة.
هذا يحتاج إلى مقدار من التوضيح والفقيه وظيفته الأصلية قبل الدخول في علمية الاستنباط التجزيئي أن يعين الدستور والقوانين وهذا موجود في حوزاتنا أم غائب؟ عند ذلك ينفتح عندنا باب عظيم لا تقول لي سيدنا قبل خمسين سنة ماذا نفعل؟ قل الآن نتكلم, ينفتح بابٌ عظيم أنه لكل باب فقهي لابد أن يوجد أمور عامة هذه القواعد التي تؤطر ذلك الباب ثم على أساسه ندخل في ذلك الباب الفقهي, هذه صارت مجموعة من الفتاوى إن شاء الله توضيحها والاستدلال عليها إن شاء الله في غد.
والحمد لله رب العالمين.