نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (22)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    كان الكلام في القرائن التي يمكن تقديمها لإثبات هذا الوجه الخامس.

    طبعاً هناك مجموعة من الأدلة العامة وهناك مجموعة من القرائن والشواهد الخاصة والآن نحن هنا نتكلم في الشواهد الخاصة ولعلنا نوفق إن شاء الله تعالى في بحوث لاحقة أن نشير إلى مجموعة الأدلة العامة التي تبين أن للزمان والمكان تأثيراً واضحاً في الموضوع وفي المتعلق وفي مصاديق الموضوع والمتعلق.

    أما الشاهد الأول: فقد تقدم الكلام عنه فيما سبق.

    أما الشاهد الثاني: فهو النصوص التي تحدثت أن الله سبحانه وتعالى فرض الزكاة في المال, التفتوا جيداً هذا النص بشكل واضح وصريح في عدة نصوص جاء هذا النص ونصوص صحيحة السند أيضاً, تقول: >إن الله فرض الزكاة في المال< ولم تقل أن الله فرض الزكاة في الإبل والبقر والغنم ونحو ذلك, ليس الأمر كالصلاة, إن الله فرض الصلاة, هناك واضح ما هو المتعلق وما هو الموضوع, هنا بشكل واضح النصوص تقول >إن الله فرض الزكاة في المال ووضعه رسول الله في هذه الأمور التسعة< التفتوا جيداً, إذن كاملاً النص يميز بين ما وضعه الله وما فرضه الله سبحانه وتعالى وبينما وضعه رسول الله’ انظروا إلى هذا النص الذي نحن قراناه في الأبحاث السابقة, في (ج9, من الوسائل, ص55, الحديث 4) يعني في نفس الباب الذي أشرنا إليه, وهو باب وجوب الزكاة في تسعة أشياء< وبهذا يتضح أن هذا العنوان إذا تم ما قلناه, أن هذا العنوان الذي ذكره الشيخ أو ذكره الحر العاملي فيه مسامحة, لأنه الزكاة في المال وليس الزكاة في تسعة أشياء بنص الصريح للقرآن الكريم, على أي الأحوال.

    الرواية >عن معاوية العجلي والفضيل عن محمد ابن مسلم وأبي بصير وبريد ابن معاوية والفضيل ابن يسار كلهم عن أبي جعفر وعن أبي عبد الله الصادق^قالا: فرض الله عز وجل الزكاة مع الصلاة في الأموال< هذا هو الفرض الإلهي هذا هو النص القرآني الذي وقفنا عنده فيما سبق, نعم وسنها رسول الله في تسعة أشياء, هذه الزكاة وضعها رسول الله في تسعة أشياء.

    ولذا نحن فيما سبق ميزنا قلنا أنه لابد أن نميز بين فرض الله وسنة رسوله’. >وسنها رسول الله في تسعة أشياء وعفا عمّا سواهن في الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم وعفا عمّا سوى ذلك< وعدة روايات بهذا المضمون يتذكرها الإخوة فيما سبق قراناها.

    الآن السؤال الذي يطرح هنا, وهو: أنّ الرسول سنها يعني سن الزكاة في هذه التسعة وضع الزكاة في هذه التسعة وعفا عمّا سوى ذلك, هل هو أمرٌ تعبدي محض, يعني أن الرسول الله’ أراد أن يمتحن طاعة الناس ليرى, لأنه تعلمون أن جملة من الأحكام الشرعية ليست لها حكمة وليست لها علة وليست فيها مصلحة إلّا معرفة طاعة العبد وانقياد العبد, أساساً الشارع لو سألته لماذا قلت له أفعل كذا ولا تفعل كذا؟ يقول: لأنه أريد أن أراه أنه ينقاد أو لا ينقاد, طيب ما الفائدة؟ يقول: لا, لأن الانقياد في نفسه, الانقياد كمالٌ يعني نفس الانقياد له موضوعية, وأكثر العبادات بهذا الاتجاه, يكون في علمكم, لا أن هناك مصالح وحكم وعلل غيبية نحن لا نعلمها لا لا, علتها حكمتها تطويع العبد معرفة انقياد العبد, وأنا أتصور حتى أنتم عندما تريدون أن تربون أولادكم بعض الأحيان يسألونك لماذا تقول له قم من هذا المكان وأجلس في هذا المكان, ما هي المصلحة الآن يجلس هنا ابنك أو يجلس هناك؟ يقول: لا أريد أن يتعلم أنه يسمع الكلام, أريده أن يتعلم أنه يسمع الكلام لماذا؟ لأنه هذا الإنسان أو هذا المكلف إذا تعلم الانقياد فعند ذلك لا يفرق عنده صغيراً كان أو كبيراً.

    إذن المرحلة الأولى, يعني أقرب ما يكون إلى الأوامر الامتحانية, من قبيل ما أمر الله سبحانه وتعالى به إبراهيم الخليل قال له ما كانت هناك مصلحة في ذبح إسماعيل, إذن أين كانت المصلحة؟ كان أمراً بلا فائدة بلا مصلحة بلا حكمة بلا فلسفة -إن صح التعبير- لا, كان فيه مصلحة وفائدة وحكمة أن يرى أن إبراهيم وصل إلى مقام أنه بيده أن يذبح ابنه إسماعيل أو لم يصل إلى هذا المستوى من الانقياد والطاعة, التفتوا جيداً, أن الانقياد في نفسه كمال, مرة تقول أن رسول الله’ وضع الزكاة في هذه الأمور التسعة لأمر تعبدي محض حتى يمتحن الانقياد, إذا واقعاً استظهرت من النصوص هذا المعنى أنت حرٌ, واقعاً لا يمكن التصرف فيه, لا يمكن الزيادة عليه ولا يمكن النقيصة فيه لأن الانقياد يتحقق بهذا, ولكن هناك عشرات القرائن التي قراناها للإخوة فيما سبق أن الأمر ليس كذلك, وهو أن الله سبحانه وتعالى فرض الزكاة في أموال الأغنياء لسد حاجة الفقراء إذن القضية ليست قضية تعبدية, قضية لمعرفة انقياد العبد وطاعة العبد وإنما هي قضية, نعم فيها بُعد انقيادي وهذا لا ينافي كما أنه في كثير من العبادات هكذا, بالإضافة إلى أبعادها الانقيادية وأبعادها الطاعوية -إن صح التعبير- فيها آثار اجتماعية فيها آثار تربوية فيها … ليست مانعة الجمع إما وإما, ليس الأمر كذلك, لذا بعض الإخوة كان يقول طيب هذه أمور عبادية, نعم أمور عبادية ولكن الأمور العبادية على أقسام واحدة من الأمور العبادية أنه انقياد محض, كما لو فرضنا من قبيل جملة من أحكام الحج, أنه عندما تصل أنت, طبعاً وإن كانت الروايات في الحج ذكرت هذا الطواف سبعة وهذه الطريقة والصفا والمروة ورمي الجمرات هذه ذكرت لها حِكم, ولكن واقعاً واحدة من أهم علل الحج وحِكم هو تطويع العبد على الانقياد وتعليمه الانقياد والطاعة لله, إذن الروايات التي تكلمت >أن الله فرض في أموال الأغنياء ما يسد حاجة الفقراء ولو علم أنه لا يكفيهم لزادهم على ذلك< الإخوة يتذكرون كم رواية قرانا في هذا المجال, طيب وإلا ببركة هذه النصوص إذن يتضح أن هذا الوضع وهذه السنة التي سنها رسول الله هل هي تعبدية محضة أو فيها أبعاد أخرى أيضاً؟ لا فيها أبعاد أخرى وهي أنه يسدُ حاجة الفقراء. ولازمه التفتوا, ولازم الأمر التعبدي لو فرضنا أنها أمور تعبدية محضة, أنه واقعاً لازمه أنه في الزمان الذي تتوفر فيه هذه الأمور التسعة بوفرة وكثرة وتشكل عمدة ثروة الناس, حاجة الفقراء أيضاً تسد من خلال هذه التسعة, أما في مثل زماننا الذي أساساً الآن أي قدر تشكل هذه من ثروة الناس هذه الأمور التسعة, خصوصاً فيما يتعلق بالتمر والزبيب والإبل والغنم .. إلى غير ذلك, طيب هذا معناه أنه بعد ذلك يوجد ما يسد حاجة الفقراء أو لا يوجد ما يسد به حاجة الفقراء؟ لا يوجد ما يسد حاجة الفقراء, طيب هذا نقص في التشريع أم كمال في التشريع؟ هذا نقص في التشريع.

    ولذا نحن في المقدمة الثالثة أشرنا إلى هذه القضية قلنا: أنه أي تشريع يفرض إذا كانت فيه أبعاد اجتماعية غير العباديات المحضة, أبعاد اجتماعية أبعاد إدارية, أبعاد سياسية, أبعاد لتنظيم حياة الناس لابد أن يكون ذلك التشريع قادرٌ على الاستجابة لكل متطلبات الحياة ولكل حاجات الناس وعلى مختلف الأزمنة والأمكنة والأصعدة وعلى مختلف تعدد الحضارات والمدنيات سواء كانت على الأرض أو على كواكب أخرى نحن ندعي ان الإسلام قادر أن يجيب على كل هذه التساؤلات وإن يؤمن احتياجات الناس.

    والشاهد على أنه لو كان ذكر هذه الأمور التسعة تعبدية واقعاً للزم في مثل هذا الزمان البُعد المالي يؤمن للفقراء أو لا يؤمن للفقراء؟ غير مؤمن, بدليل الآن أنتم تجدون الناس يدفعون الزكاة تسعين بالمائة من الناس يدفعون الزكاة أو لا يدفعون الزكاة؟ لا أنه يدفعون الزكاة, أنا أتكلم عن المؤمنين الذين يبذلون ينفقون في سبيل الله, لماذا لا يدفعون الزكاة؟ لأنه لا عنده إبل ولا عنده غنم ولا عنده بقر ولا عنده زبيب ولا عنده تمر ولا .. إلى غير ذلك سالبة بانتفاء الموضوع طيب من أين يدفع؟ فواقعاً لو لم يكن التفتوا جيداً؟

    مدرسة الصحابة حلت المشكلة أنه وسعت دائرة الزكاة, ولكن نحن الذي نريد أن نقتصر على هذه التسعة, لو لم يكن الخمس في أرباح المكاسب هل كان هناك بُعد مالي يؤمن حاجة الفقراء في النظرية الإسلامية أو لا يوجد؟ الخمس جاءنا وحل المشكلة قليلاً, وهذا لعله واحدة من الأسباب لتشريع الخمس بعد ذلك سأبينه, هو أنه: لولا الخمس, الآن افترضوا في مذهبنا في مدرستنا لو لم يجب الخمس في أرباح المكاسب لو لم يجب, والناس أيضاً وجب الزكاة في ماذا؟ في تلك التسعة المعروفة, فكم يوجد تأمين, لا أقل الحوزات العملية كانت تؤمن أو لا تؤمن؟ لا تؤمن, من أين تؤَمن, من الزكاة, طيب الناس لا يوجد عندهم زكاة حتى يدفعون, لا أنه ما يريد أن يدفع الزكاة, ما عنده زكاة لا ذهب عنده ولا فضة عنده لأنه أنت ما تقبل أن نحول الذهب والفضة إلى النقدية والمالية نجعلها أوراق, تقول بشرط أن يكون ذهباً وفضاً تقتصر على الموضوع الذي ورد في النص والنص ورد فيه موضوع الذهب والفضة لم يرد فيه الدينار والدرهم والدولار, لم يرد فيه, إذن من أين تؤمن؟

    نعم, نحن انحلت المشكلة في مدرسة أهل البيت عندنا أنه جاءتنا وضع الخمس في أرباح المكاسب, وإلا لولا ذلك لما كان هناك أي تأمين لحاجة الناس في هذا المجال.

    ولعله, هذا أنا أقدمه بعنوان مؤيد وشاهد لا بعنوان دليل, وهو: أنه لو كان ما وضعه رسول الله’ وما فرضه الله كان شيئاً واحداً, بمعنى: أن الذي قاله رسول الله من قبيل ما قاله القرآن وهو فرض الزكاة في الأموال وأن ما وضعه رسول الله هو من قبيل ما قاله الله في كتابه إذن فالتقسيم إلى أن هذا فرض ربكم وسنة نبيكم هذا التقسيم يكون له فائدة أو يكون لغواً؟ التفتوا جيداً, لو فرض أن ما سنّه رسول الله وما فرضه الله في الكتاب بحكمٍ واحد من كل الجهات لا فرق بينهما, كيف أن هناك عيّن المال, هنا أيضاً عيّن التسعة, كيف هناك لابد أن ندور معه هنا أيضاً لابد أن ندور مع التسعة, هذا التقسيم >هذا فرض ربكم وهذا سنّة نبيكم< هذا التقسيم كان له فائدة أو كان لغواً, كان لغواً, لماذا؟ لأنه كما ذكروا في محله أن التقسيم قاطعٌ للشركة, يعني عندما تقسم تقول ينقسم إلى كذا وكذا تريد أن تعطي لكل قسمٍ ماذا؟ نعم توجد مشتركات باعتبار أن المقسم واحد ولكنّه أيضاً توجد أحكام مختصة بالأقسام وإلا إذا لم تكن هناك أحكام مختصة بهذا القسم وبذاك القسم لماذا أن الشارع يأتي ويقسم يقول هذا فرض ربكم وتلك سنة نبيكم, وعندنا شواهد كثيرة في النصوص, في أبواب متعددة في باب الصلاة, في باب الجهاد, في باب الحج, في باب الديات, في باب الحدود, هناك كلما ورد عندنا فرض الله وسنة, في باب الأطعمة والأشربة -إن شاء الله يأتي- في باب الأطعمة والأشربة, كلما ورد فرض الله وسنة النبي أعطي للفرض الإلهي حكم وللسنة النبوية حكمٌ آخر, هذا ليس من باب القياس تقولون أن السيد يقيس, هذا من باب التنظير, أريد أن أستقرأ بأن النصوص الواردة إلينا عندما تتكلم عن الفرض الإلهي وعن السنة النبوية تعطي لكل منهما حكمه الخاص.

    طيب هنا يأتي هذا السؤال: إذا كان الأمر كذلك, سأقرأ النصوص لا تستعجلون, إذا كان الأمر كذلك طيب ما هو الفرق إذن بين أن الله فرض الزكاة في الأموال ووضعه رسول الله في التسعة؟ من جهة الوجوب والإلزام {ما آتاكم الرسول فخذوه} هذا مما لا إشكال فيه, هذا الجهة المشتركة بين فرض ربنا وسنة نبينا, لأنه {ما ينطق عن الهوى, إن هو إلا وحي يوحى} ولكنّه جهة الاختلاف ما هي؟ أين جهة الاختلاف؟ في اعتقادي أن جهة الاختلاف بقرائن ما تقدم فيما سبق من أن الله فرض في أموال الأغنياء ما يكفي الفقراء ولو علم أنه لا يكفيهم لزادهم نستكشف أن النكتة هي هذه وهي أن هذه التي فرضها أو سنها رسول الله متبدلة مرتبطة بالزمان والمكان, أما المرتبطة بالله سبحانه وتعالى متبدلة أو ثابتة؟ لا, تلك ثابتة, ولذا الزكاة في المال هذه تتغير أو لا تتغير؟ لا, إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها, هذا الحكم ثابت إلا أن يأتي نسخ من قبل الله سبحانه وتعالى, وحيث أنه لا نبي بعده إذن لا نسخ في هذه المسألة.

    أقرأ بعض النصوص في ذاك المجال حتى يتضح, طبعاً هذه المسألة مرتبطة ببحث آخر, الآن أنا فقط أشير إلى عنوان ذاك البحث ولعله إن شاء الله سنوفق في مسألة من المسائل أو في بحث من الأبحاث سوف أعرض لذلك, وهو أن التشريعات الصادرة والبيانات الصادرة من النبي هل هي على نحو واحد, طبعاً عندما نقول نبي إخواني الأعزاء -مراراً وتكراراً ذكرت- قلت: مرادنا من النبي يعني السنة بالمعنى الأعم, يعني بيانات النبي والزهراء÷ والأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام). لأنه لا فرق بين بيانات النبي وأهل البيت والزهراء أيضاً, أيضاً إذا كان عندها بيان عندها حكم عندها شيء ولو لم تنسبه إلى رسول الله فهو حجة علينا, لا يتبادر إلى الذهن أن هذه أحكام الأئمة هذه أمور مرتبطة بالأئمة, لا, مرتبطة بالمعصومين الأربعة عشر, سواء كان إمام بحسب الاصطلاح أو لم يكونوا أئمة بالمعنى المصطلح, وإنما يكفي, كيف أن الإمام الصادق لو قال لنا شيء وإن لم يسنده إلى رسول الله فهو حجة علينا, كذلك الزهراء لو قالت شيء وإن لم تسندها إلى علي أو تسنده إلى النبي فهو حجة علينا.

    إخواني الأعزاء, البيانات الصادرة عن النبي والزهراء وأئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) على أنحاء ستة, وهذا مما يؤسف له لعلامة استفهام كبيرة ما أدري أضعها على كل منهجنا الفقهي أنه ما تُعومل إلا نادراً, تُعومل دائماً مع بيانات النبي والأئمة على أنها بنحو واحد, مع أنها ليست كذلك, بعض البيانات الصادرة منهم هي بيانات التشريعات الإلهي. يعني عندما قال: صلاة الصبح ركعتين هذا لا تشريع من عنده ولا أبداً لا ولائي ولا … وإنما تشريع الله عندما قال: {يا أيها الذين آمنوا أقيموا الصلاة} قال لرسوله بيّن لهم الصلاة التي أريدها, ورسول الله, ولذا قال بأنه أساساً صلاة الصبح ركعتين, صلاة المغرب ثلاثة ركعات, صلاة الظهر ركعتان, صلاة العصر ركعتان, وصلاة العشاء ركعتان هذا فرض ربكم, هذا نحو من التشريعات.

    تشريعات هي تشريعات من غير أن ينزل فيها وحي من الله هي تشريعات من؟ هي تشريعات النبي, تشريعات أئمة أهل البيت, في منطقةٍ فوض إليهم أمر التشريع فيه, هذا الذي وردت روايات متعددة قال: >من غير أن ينزل فيه وحي, قال: من غير أن ينزل فيه وحي< هو يشرع, كما سنقرأ إن شاء الله تعالى حتى لا نبتعد بعيداً. تعالوا معنا إلى الوسائل. (الوسائل, ج8, ص187, طبعة مؤسسة آل البيت أبواب الخلل الواقع في الصلاة) الرواية أيضاً جملة منها صحيحة السند >عن زرارة ابن أعين قال: قال أبو جعفر الباقر× كان الذي فرض الله< فرض ربكم >على العباد عشر ركعات< طيب هذه العشر ركعات الله لم يبينها في القرآن بينها في القرآن عشر ركعات؟ هذه من التشريعات القسم الأول, وهي التشريعات الإلهية ولكن ببيان النبي وأئمة أهل البيت, >وفيهن القراءة وليس فيهن وهمٌ< المراد من الوهم يعني الشك, يعني سهواً >فزاد رسول الله سبعاً< طيب إذا زاد رسول الله سبعاً طيب إذا كانت من الله لكان حكمها حكم الأول فلا يحتاج فزاد رسول الله؟ هذا قوله >فزاد رسول الله< يعني من قبيل الأول هي أو ليست من قبيل الأول؟ ليست من قبيل الأول, بقرينة ماذا؟ بقرينة أولاً: قسمها, والتقسيم قاطعٌ للشركة, وثانياً قال: >وفيهن الوهم وليس فيهن القراءة< انظروا مباشرة لأنها صارت سنة نبيكم إذن أعطي لها حكم غير حكم فرض ربكم, ودائماً الأحكام التي تعطى للسنة النبوية أو لتشريعات السنة بالمعنى الأعم تجد أنها أدنى حكماً لا أعلى حكماً يعني المقامات محفوظة والدرجات محفوظة, {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول} وهذه من أهم البيانات أنه لماذا كررت الطاعة, لأنه {أطيعوا الله} الله عنده مجموعة من الفرائض والرسول أيضاً عنده مجموعة من التشريعات هو شرعها’ >ليعلم من يطع الرسول ممن يطع الله< لعله بعض الناس يقول إذا من الله فأنا أطيع, أما إذا منك؟ ما أطيع, الله يقول لا, أريد أن أضع دائرة لرسولي هو يشرع أريد أن أرى الناس من لا يطيع منهم؟

    ثم قال في آية أخرى: {ومن يطع الرسول فقد أطاع الله} هذه إذا لا توجد تشريعات للرسول فلا معنى {ومن يطع الرسول فقد أطاع الله} أصلاً لا معنى له, لانه كل ما يقوله الله يقوله عن من؟ يقول عن الله, طيب إذن ما معنى {ومن يطع الرسول فقد أطاع الله}؟ أصلاً معنى لا توجد لهذه الجملة, متى يكون لهذه الجملة معنى؟ إذا فرضنا أن للرسول مجموعة من التشريعات من غير أن ينزل فيهن وحي.

    ولذا في نصف جملة أنا كلها نقل هذه الروايات منقولة في كتاب علم الإمامة الإخوة يراجعونا في مسألة التفويض, التفويض على ستة أقسام وليس كل أقسامه باطل, بعض أقسام التفويض باطل, وبعض أقسام التفويض تصريح الروايات موجودة فيها, >أدبني ربي ففوض إليّ, ثم قال: {ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}<. قال: >فمن شك في الأوليين أعاد حتى يحفظ ويكون على يقين, أما ومن شك في الأخيرتين< التفتوا جيداً هناك الشك مبطل أما هنا ماذا؟ مبطل أو ليس بمبطل؟ وعشرات الروايات الإخوة يراجعونها. الحديث الأول.

    الحديث الثاني: >عن الإمام الصادق× قال: إذا سلمت الركعتان الأوليتان سلمت الصلاة<.

    الحديث الثالث: في هذا المجال >عن زرارة إنما فرض الله كل صلاة ركعتين وزاد رسول الله سبعاً<

    الرواية الثامنة, الرواية التاسعة, الرواية العاشرة, لا نأخذ وقت الإخوة. طبعاً بعض الروايات جداً لطيفة يقول: >لما عُرج برسول الله نزل بالصلاة عشر ركعات ركعتين ركعتين, فلما ولد الحسن والحسين زاد رسول الله’< إذن هذه هي الركعتان, هذه هي الهدية التي قدمها رسول الله لمن؟ للحسن والحسين, هذا مقام الحسن والحسين, >زاد رسول الله سبعاً< إلى أن قال: >وإنما يجب السهو فيما زاد رسول الله فمن شك في أصل الفرض الركعتين الأولتين استقبل صلاته< صلاته باطلة, >أما من شك في الأخيرتين فليس كذلك<.

    هذا النوع الثاني من التشريعات.

    إذن النوع الأول من التشريعات ماذا؟ التشريعات التي تبين فرض الله.

    النوع الثاني من التشريعات, التشريعات من عند أنفسنا.

    إخواني افتح لي قوس: (الخمس أي تشريع من الأول -أرباح المكاسب- من أيهما من الأول أو من الثاني؟ نعم, انظروا هذا البحث الأساسي الذي طرح بينهم وهو: أنه أساساً الشارع عندما شرع وهم أهل البيت يعني ابتداءً من الإمام الصادق وبعد ذلك وخصوصاً في زمن الإمام الرضا الذي تجد بأنه كانوا يبعثون الوفود والعمال ويستقبلون الأموال وتأتي إليهم بعنوان الخمس لا بعنوان الزكاة).

    ومن هنا يُطرح هذا التساؤل: أن هذا التشريع الذي صدر من الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) هل كان من النوع الأول, يعني بيان للفرض الإلهي, وهذا لعله هو المشهور في الذهن العام في فقه الإمامية, إلا جملة من الأعلام يقولون لا ليس الأمر كذلك, هذا أولاً.

    الرأي الثاني يقول: لا, هذا من النوع الثاني, يعني: تشريع من عند أنفسهم, عند ذلك صار بحث بين الأعلام لماذا شرعوا مع أن الزكاة كانت موجودة الله مشرّع الزكاة؟

    جملة قالوا: إنما ذهبوا إلى ذلك لأن الزكاة غصبت منهم, أخذوها منهم الحكّام كانوا يأخذون الزكاة فهم كان عندهم تأمين مالي أو لا يوجد عندهم تأمين مالي؟ فشرّعوا. إذا كان الأمر كذلك فيصير حكم أولي أو يصير حكم ثانوي؟ يصير ثانوي, يعني بمجرد أن الزكاة ترجع إلى وضعها الطبيعي توجد حاجة إلى الخمس أو لا توجد؟ لا توجد.

    أما إذا قلنا أنه من القسم الأول لا, تبقى مستمرة إلى قيام الساعة, وإذا فرضنا أنها من القسم الثاني هل شرعوها لزمانهم أم شرعوها أيضاً لعصر الغيبة؟ أي منهما؟ وهذا أي نزاع لم يطرح كما ينبغي, ولكن ينبغي أن يطرح, أن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) عندما يشرعون هل يشرعون لظروف معينة, أو بمجرد أن يشرعون هي تستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؟ هذا أبحاث إن شاء الله إذا وفقنا في بحث الخمس سنقف عند هذه الأبحاث لا أنه ندخل في التفصيلات, أنا ليس بحثي في بحث الخمس ولا بحثي في باب الزكاة ولا بحثي في باب الصلاة, أنا أريد أن أعرفك أنه لماذا أنه عبرنا عن هذه الأبحاث بأنها مفاتيح يعني باب ينفتح منه ألف باب, أنت إذا هذه الأصول أو هذه القواعد التي أنا أنقحها هنا وواقعاً أحكمت أسسها كثير من الأبواب الفقهية رؤيتك قراءتك فهمك منهجك لفهما سوف يتبدل هذا منهج غير ذاك المنهج السابق.

    هذا النوع الثاني من تشريعات أهل البيت. أو تشريعات السنة.

    النوع الثالث: الأحكام الولائية, هناك مجموعة من الأحكام يصدرها بما أنه لا بما بيان للتشريع لا تشريع من القسم الأول ولا تشريع من القسم الثاني وإنما بما أنه حاكمٌ, أنتم ارجعوا إلى جملة من الأعلام السيد الإمام, الشهيد الصدر, وغيرهم يقولون أنه >قال له: اذهب واقلعها وارمها< هذا حكمٌ ولائي كان لسمرة ابن جندب في مسألة لا ضرر ولا ضرار, أساساً لا ضرر ولا ضرار لا يقتضي أنه >اذهب واقلعها وارمي بها إليه< أبداً ما يقتضي, إذن كيف؟ قال باعتبار أنه وجد أن هذا يضره من باب أنه حاكمٌ ويستطيع أن يصدّر حكماً ولائياً, هذا نوع ثالث من الأحكام.

    النوع الرابع من الأحكام: الأحكام التي صدرت عنهم في باب القضاء, يعني في فك التنازع والخصومة, هذه لا علاقة لها من التشريعات لا من الأول ولا من الثاني ولا من الثالث التي هي من الأحكام الولائية.

    وهناك مجموعة من الأحكام -ومع الأسف الشديد- لم نلتفت إليها وهي: أنهم ذكروا مجموعة من الأحكام هي أحكامهم أنفسهم >قالوا: نحن لا نفعل ذلك< هذه >نحن لا نفعل ذلك< ليس بالضرورة أنتم أيضاً محكومين بهذه الأحكام, أمير المؤمنين يقول: >والله لو أعطيت الأقاليم السبعة على أن أسلب نملةً جلب شعيرة< فعلت أو لا أفعل؟ لا أفعل, يعني هذا حكمي هذا؟ هذا حكمي أصلاً؟ لم تستطيعوا وهو قال×: >ولكن لن تستطيعوا ولكن أعينوني بورع وتقوى< هذه مجموعة من الأحكام لمن؟ لهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أنفسهم أحكام هم, وجوب حرمة, صلاة الليل رسول الله’ كانت صلاة الليل واجبة عليه, هذا حكم خاص به لا علاقة له بنا, إذن نحن عندما نريد أن ندخل في بيانات النبي وأئمة أهل البيت إذا ما نعرف هذه الخصوصيات لكل نوع من هذه الأنواع الخمسة نخلط أو لا نخلط؟ كما وقع الخلط كثيراً, ومن موارده موردنا وهو أنه رسول الله بين مصاديق الموضوع تصورنا بين الموضوع, مع أنه ليس الموضوع هذا وإنما هذه مصاديق موضوع الزكاة التي أوجبها الله وفرضها الله سبحانه وتعالى.

    ولذا أنتم تجدون واقعاً هذه عجيبة هذه قرينة أخرى, أن أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) ولم يرد واحدة في كلماتهم أن الله كان, كل ما ذكروه من التسعة قالوا وضعه رسول الله, طيب لماذا لا يقولون وضعها الله؟ إذا كانت هذه فرض ربكم يعني هذه التسعة كان ينبغي أن يقول الله فرض عليكم هذه التسعة, ولكن في كلماتهم أبداً لم يرد فرض ربكم عليكم هذا وإنما كله وضعه رسول الله, وضعه رسول الله, وضعه رسول الله, يؤكدون هذه النكتة.

    وفي اعتقادي أن هذه هي التي تفسر لنا نكتة الروايات التي عبّرت أنه >إذا جاءكم عن أولنا شيء وعن آخرنا شيء فخذوا بالآخر< جملة من الأعلام أنا ما عندي وقت واقعاً أشير إلى كلماتهم راجعوها أنتم, واقعاً حاروا في هذه الروايات, ما عندنا نحن باب في باب التعارض اسمه لو تعارضت الروايات يؤخذ بالأحدث, عندما هكذا شيء عندنا هكذا ميزان في باب التعارض؟ أبداً, مع أن الروايات فتحت باباً قال: إذا وجدتم تعارض في رواياتنا فخذوا بالأحدث, للمنهج المتعارف, المنهج المتعارف وجدوا أساساً لا نكتة عقلائية ولا ارتكازية تفسر الأخذ بالأحدث ذاك يبين حكم الله وهذا أيضاً يبين حكم الله, لماذا إذا جاء أقدم وأحدث ماذا الأحدثية والزمان والتأخر يعطي الأرجحية؟

    ولذا سيدنا الشهيد+ في تقريرات بحثه في مباحث الأصول للسيد الحائري في الجزء الخامس من القسم الثاني في ص700 هذه عبارته هناك والحق معه على الرؤيا المتعارفة, يقول: >إن الترجيح بالأحدث على خلاف الموازين والارتكازات العرفية< أصلاً لا معنى له يعني ماذا بالأحدث؟ أنا أقول شيء قبل عشرين سنة في الاجتهاد في الرسالة العملية وأقول شيء بعد عشرين سنة طبعاً من غير تبدل رأي أنا بالنسبة لي قد يتبدل رأيي أقول طيب خذ بالأحدث, طيب الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) تبدل رأي ما عندهم, الأول يبين الحكم الواقعي والثاني أيضاً يبين الحكم الواقعي.

    أولاً: دعونا نقرأ الرواية حتى لا نكون بعيدين عن نص الرواية, الرواية واردة في (أصول الكافي), طبعاً الآن لا أتكلم في سندها لأنه الروايات متعددة وإن كان بعضها ضعيف السند.

    الرواية >عن داود ابن فرقد عن معلى ابن خنيس< على ما في معلى ابن خنيس من كلام >قال: قلت لأبي عبد الله الصادق× إذا جاء حديث عن أولكم وحديث عن آخركم بأيهما نأخذ< يعني رواية جاءت عن أمير المؤمنين ورواية جاءت عن الإمام الرضا, باعتبار النص شامل أولكم وآخركم يمكن أن يكون إمامين متجاورين ويمكن أن يكون الإمام الأول والإمام العاشر, >فقال: خذوا به, يعني بالأقدم حتى يبلغكم عن الحي, فإن بلغكم عن الحي فخذوا بقوله<.

    طيب لماذا؟ لأنه أنت تبين الحكم الواقعي وهو لم يبين الحكم الواقعي, هو لم يبين الحكم الواقعي وأنت لم تبين الحكم الواقعي, ما هي نكتة أن يؤخذ بالأحدث, ولذا في نص آخر يقول الشيخ أقرأ الرواية >قال: أبو عبد الله الصادق× إنا والله لا ندخلكم إلا فيما يسعكم< وفي حديث آخر >خذوا بالأحدث< الآن هذه خذوا بالحي وفي نص آخر خذوا بالأحدث.

    رواية أخرى: رواية مرسلة >عن بعض أصحابنا قال أرايتك لو حدثتك بحديث العام ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه بأيهما كنت تأخذ؟ قال: قلت: كنت آخذ بالأخير فقال لي رحمك الله< يعني أيضاً تطبيق قانون الأخير تطبيق قانون الأحدث, ما هي النكتة؟ واقعاً الأعلام وقعوا في حيص وبيص في تفسير هذه الروايات.

    ولذا لم يجعلوا في ميزان باب التعارض إذا تعارضت الروايات يؤخذ بالأحدث, قالوا لأنه لا توجد أي نكتة عقلائية أو ارتكازية تقتضي هذا المعنى, كما قرأنا نص العبارة عن السيد الشهيد+ قال: >إن الترجيح بالأحدثية على خلاف الموازين والارتكازات العرفية<. إذن لماذا أن الإمام× قال: >أحسنت رحمك الله< لماذا قال >خذ بالأحدث< لماذا؟

    اضطروا أن يفسروها بالتقية, ولذا هو وغيره وجملة من الأعلام قال: >والخلاصة أن هذه الروايات مسوقة مساق روايات أخرى واردة بصدد لزوم العمل على التقية< ولذا ما أدخلوها في باب التعارض, ولكن على تأثير الزمان والمكان في عملية الاجتهاد مقتضى القاعدة والارتكاز العرفي ما هو؟ أن يؤخذ بالأحدث أصلاً, إذا وجدتم أن رسول الله قال بالتسعة ووجدتم أن الإمام الرضا قال كم؟ في غير التسعة فخذوا بماذا؟ لماذا؟ ذاك بين واقعي أنت تقية أو أنت واقعي هو تقية؟ يقول: لا هو واقعي وأنا أيضاً واقعي ولكن ذاك لذاك الزمان وهذا لهذا الزمان أصلاً لا علاقة بينهما, أصلاً ذاك لزمان وهذا لزمان آخر.

    هذا يفسر لنا, هذه الروايات لأنه تريد أن تشير إلى هذه النكتة التي أشرنا إليها.

    يبقى عندنا تساؤل أخير: وهو أن تعيين المصداق هنا بيد من؟ نحن الآن قلنا بأنه وضعه في تسعة أو وضعه في أوسع من التسعة هذا مرتبطة بالمصداق وبيان المصاديق هذا تعيين المصداق موكول إلى من؟ هل هو موكول إلى المكلف هل هو موكول إلى العرف, هل هو موكول إلى الحاكم المبسوط اليد الذي له القدرة على الأخذ أو فيه تفصيل؟ يأتي إن شاء الله.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/04
    • مرات التنزيل : 1139

  • جديد المرئيات