نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (26)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    كان الكلام في مجموعة من الأمثلة التي أشرنا إليها في الأبحاث السابقة, وهذه الأمثلة كما تعلمون كانت من مختلف الأبواب الفقهية.

    السؤال المطروح هو أنه: ماذا يستفاد -طبعاً أشرنا إلى بعض هذه الأمثلة وسنشير إلى أمثلة أخرى كثيرة في المقام- ماذا يستفاد من مجموع هذه الأمثلة؟

    في المقدمة لابد أن نشير إلى أنّه ليس الهدف في بيان هذه الأمثلة تكثير هذه الأمثلة لا, وإنّما نريد من خلال هذه الأمثلة وغيرها أن نكتشف المذهب الفقهي في مدرسة أهل البيت, يتذكر الإخوة نحن في الأبحاث السابقة قلنا بأن المذهب لم يكتشف وإنما علينا اكتشافه بأي طريق نكتشف المذهب؟ من خلال البناء العلوي يعني نأتي إلى كتاب الطهارة نأتي إلى كتاب الصلاة, إلى كتاب الحج وبالخصوص إلى المعاملات بالمعنى الأعم باباً باب رواية رواية نجد أنها جميعا توجد بينها مشتركاً واحد, ما هو ذاك المشترك؟ هو أن الزمان والمكان له مدخلية الآن في الموضوع إما في المتعلق إما في الحكم إما في مصاديق الموضوع والمتعلق بهذا نص من خلال هذا الاستقراء إلى أن للزمان والمكان دوراً في عملية الاستنباط, وليس الهدف فقط تعداد هذه الأمثلة أو ذكر هذه الأمثلة, وهذا ليس من القياس في شيء وإنما من خلال ذكر التطبيقات المتعددة.

    وهذا المعنى يتذكر الإخوة فيما سبق أن السيد الشهيد& ونقلنا عباراته من (كتاب اقتصادنا) هناك أشار إلى هذه القضية هناك في (ص394 من كتاب اقتصادنا) هذه عبارته هو يقول بأنه: >لابد أن ندخل كثير من المسائل ومن الضروري بهذا الصدد أن نضيف إلى القانون المدني النظام المالي أيضاً بوصفه أحد الأبنية العلوية للمذهب الاقتصادي< ثم يأتي في مكان آخر يقول: >وعلى أساس ما تقدم يصبح من الضروري أن ندرج عدداً من أحكام الإسلام وتشريعاته التي تعتبر بناءً فوقياً للمذهب في نطاق عملية اكتشاف المذهب< لأننا قلنا أن الطريق الذي نستعمله هو الطريق الإني, وليس هو الطريق اللمي في المقام, >ولأجل هذا سوف يتسع البحث في هذا الكتاب لكثير من أحكام الإسلام في المعاملات والحقوق التي تنظم العلاقات المالية بين الأفراد كما يتسع لبعض أحكام الشريعة في تنظيم العلاقات المالية بين الدولة والأمة وتحديد موارد الدولة وسياستها العامة في إنفاق تلك الإيرادات وهكذا< هذه كلها من خلال الأحكام الجزئية نستطيع أن نصل إلى النظرية العامة الآن في مورد الكلام إلى النظرية العامة في الاقتصاد الإسلامي أو المذهب الاقتصادي. ولكنّه نحن نريد بشكل أوسع من هذا, نريد أن نصل إلى النظرية العامة في تأثير الزمان والمكان في عملية الاستنباط في عملية الاستنباط الحكم الشرعي, ولذا لابد تقريباً أن نستقرأ الفقه من أوله إلى آخره.

    طبعاً إذا يتذكر الإخوة نحن مراراً وتكراراً ذكرنا قلنا: أن الفقه جزءٌ من كل, وهذا ما يصرح به جملة من الأعلام المحققين أن الفقه ليس هو منفصل عن الأبعاد الأخرى للشريعة الإسلامية وللمعارف الإسلامية بشكل عام ولذا لا يمكن الاكتفاء فقط بالمنظومة الفقهية والبناء الفقهي الفوقي لاكتشاف تأثير الزمان والمكان, وإنما لابد أن ندخل الرؤية الكونية يعني المباني العقائدية النظريات الأخلاقية للوصول إلى تلك الرؤية التي نريدها, هذه الرؤية المنظومية التي أتكلم عنها مراراً وتكراراً.

    ولذا هو+ أيضاً بعد ذلك يأتي ويقول: >المفاهيم تساهم في عملية الاكتشاف< ليست فقط الأحكام الفقهية هي التي تساهم في عملية اكتشاف المذهب وإنما المفاهيم الأفكار العامة الثقافة العامة العقائد الأخلاق كلها لها دور في عملية الاكتشاف >ونعني بالمفهوم كل رأي للإسلام أو تصور إسلامي يفسر واقعاً كونياً أو اجتماعياً أو تشريعياً< هذه السعة بهذا يستطيع الفقيه أن يكتشف نظرية من النظريات. نعم, إذا أراد أن يكتفي بالأحكام التجزيئية والجزئية.

    إخواني الأعزاء مثل ما ذكرنا في التفسير الموضوعي وفي التفسير التجزيئي, في التفسير التجزيئي أنت في القرآن ماذا تفعل؟ تأتي إلى الآية مفردات الآية ولا علاقة لك بالآيات القرآنية الأخرى, أما في التفسير الموضوعي للقرآن ماذا تفعل؟ تحاول أن تأخذ مفردة وتعرف ما هو نظر القرآن وماذا قالت النصوص عن تلك المفردة لتكتشف النظرية عن هذه المفردة أو عن هذه الواقعة أو عن هذه النظرية, الآن نحن حديثنا نريد أن نكتشف دور الزمان والمكان بالمعنى المتقدم, يعني الظروف والشروط الاجتماعية والسياسية والاجتماعية والعلاقات الدولية وحالة الناس من اليسر والضيق والعسر والحرج وحالة الناس من السلم والحرب وقوة الدولة المالي الاقتصادي هذه مجموعة الظروف التي تحيط بزمان صدور النص.

    السؤال المطروح: -إذا اتضحت هذه المقدمة ولو الإجمالية وتفصيلها إن شاء الله الإخوة يراجعون في كتاب اقتصادنا وفي مواضع أخرى- إذا اتضحت هذه المقدمة يأتي هذا التساؤل: هل أن مجموعة هذه الظروف التي تحيط زمان صدور النص -الآن سواء كان نصاً قرآنياً أو كان نصاً من السنة- هل أن هذه الظروف المحيطة بزمان صدور النص الديني هل تشكل قرائن مقيدة قرائن لفهم النص أو لا علاقة لها بذلك؟

    المنهج الموجود بشكل عام في الحوزات العلمية أساساً لا يعطي اعتباراً لمثل هذه الظروف والشروط بمختلف أبعادها في فهم النص.

    المنهج الذي نريد أن نؤسس له في هذه الأبحاث نريد أن نقول أن هذه الظروف والشروط لها مدخلية واضحة في فهم هذا النص, وأنا أتصور الآن عندما نرجع إلى الأمثلة السابقة واضحٌ جداً, يعني الشارع عندما قال الزكاة في هذه الأمور التسعة هل نأخذ بعين الاعتبار مال الناس ومال التجارة عند الناس والبُعد التجاري عند الناس لفهم هذه التسعة أو لا نجردها عن ظروفها التي صدرت فيها أي منهم؟ المنهج المتعارف ماذا يقول؟ يقول: لا علاقة لنا بأنه هذه التسعة كانت تشكل عمدة الثروة الموجودة بين الناس أو أساساً لا وجود لها أصلاً في المجتمع, الشارع قال: الزكاة في هذه التسعة, فإن وجدت هذه التسعة أو بعضها فتجب الزكاة, وإلا فلا تجب الزكاة انتهت القضية.

    أما نحن ماذا نقول؟ نقول لا, عندما الشارع قال هذه التسعة كان يأخذ بعين الاعتبار الظروف المالية والظروف الحياتية التي يعيشها الناس, في العيوب الموجبة للفسخ يتذكر الإخوة واحدة من الأمثلة التي ضربناها وأشرنا إليها في أبحاث سابقة, العيوب الموجبة للفسخ بالنسبة إلى الزوجين كلا الزوجين, هذه العيوب أخذت بنحوٍ مجردة عن الواقع الطبي أو أخذت مع الاعتبار الواقع الطبي في ذاك الزمان؟

    بعبارة أخرى: الإمام× وهذا تابع لك, أنت تقول لا أنا استكشف واستظهر أنه لا هذه أمور تعبدية محضة ولا علاقة لنا بغير ذلك, هذا منهج أنت حرٌ أن تنتخبه وهذا هو المنهج الموجود في الحوزات العلمية ولكن مع هن وهن يريدون تجاوز هذا المنهج ولكن بشكل جزئي لا بشكل كلي, يقول: أنا أدوري مدار هذه الأمور التي ذكرت كعيوب للزوجين موجبة للفسخ, أما ما زاد عن ذلك فلا علاقة لعيوب الفسخ بذلك, نعم قد تدخل عناوين أخرى من الضرر والحرج و… عناوين أخرى, أما عيوب الزوجين يمكن أن تشمل الإنسان المصاب بمرض معدٍ الغير قابل للعلاج أو غير شامل لذلك؟ القضية كل القضية في هذا المجال في هذا البحث.

    إذن الأمثلة أو ما ذكرناه في باب الديات الإخوة يتذكرون قلنا أن هذه الديات التي ذكرت في كلمات أهل البيت^ هل كان المأخوذ فيها الحالة المالية للناس أو لم يكن فيها هذا البُعد قيداً وشرطاً في فهم هذه النصوص, هم قالوا ماذا؟ قالوا بأنه نجري مقدمات الحكمة, ما هي مقدمات الحكمة؟

    الأول: أن يكون المولى في مقام البيان ويقيناً المولى لا أقل في النصوص باعتبار أنهم عندهم بحث في الآيات القرآنية أن المولى في مقام البيان هناك أو في مقام الإجمال والإهمال, النصوص ما عندهم شك أنها في مقام البيان.

    الثاني: أن لا يوجد هناك ما يدل على التقييد, هذا الثاني.

    الثالث: -الآن هذا القيد أعم من أن يكون متصلاً كما هو المشهور أو حتى لو كان القيد منفصلاً كما يذهب إليه المرزا على الخلاف الموجود في المسألة- القيد الثالث: أن لا يوجد في الأفراد قدرٌ متيقن كما ذكر صاحب الكفاية أيضاً على الخلاف في هذه المسألة.

    سؤال: هل الظروف المحيطة بصدور النص أيضاً تشكل قيداً أو لا تشكل قيداً؟ يعني الحالة المالية للناس تشكل قيداً في النص أو لا تشكل قيداً في النص أيضاًِ؟ هل هي قرينة متصلة أو ليست قرينة متصلة؟

    المنهج الموجود يقول: أنه قرينة متصلة أو ليس كذلك؟ يقول: لا علاقة له, سواء النص صدر في زمان الرسول الأعظم’ أو في زمان أمير المؤمنين أو في زمان الفتوحات الإسلامية في العصر العباسي أو في زمان الجواد والهادي والعسكري, نحن لنا علاقة بالظروف التي صدر فيها النص أو لا علاقة لنا بذلك؟ المنهج المتعارف يقول لا علاقة, ولذا أنت لا تجد الآن عندما تدخل في بحث المعاملات في أي كتاب من كتاب المعاملات وعشرات بل مئات الكتب التي ألفت في هذا المجال عندما يريدوا أن يتعاملوا مع النصوص لا ينظرون إلى أن هذا النص صادر عن الإمام أمير المؤمنين أو صادر عن الإمام الجواد أو العسكري أو الرضا (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لماذا؟ لأنه لا يرون أي أهمية للزمان حتى ننظر أن هذه الرواية صادرة من الأمير أو صادرة من الرضا (عليه أفضل الصلاة والسلام), ولا ينظرون إلى الظروف التي أحاطت بصدور النص ما هي الظروف الاقتصادية ما هي الظروف المالية ما هي الظروف الاجتماعية ما هي الظروف السياسية ما هي العلاقات التي تحكم الناس بعضهم مع البعض هل المجتمع كان قائم على هذا الأساس كان قائم على ذاك الأساس, يقول: الشارع قال مائة إبل ولو نذهب نحن إلى القمر أيضاً نقول مائة إبل ما عندنا علاقة لأن هذا أمر تعبدي صدر من من؟ من الشارع, نعم إذا الإبل لم تكن في القمر نضع ما يقابله الآن ما هو المقابل الموجود في الإبل هناك نقول به, هل الأمر هكذا كما هو المتعارف أو أن القضية لا؟

    ولذا نحن قلنا أنه لا يكون الفقيه فقيهاً حتى يعرف زمان صدور النص من الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام), هذا على هذا المنهج, وإلا على المنهج الآخر لا علاقة له بالزمان. نعم, إذا إذا دلّت هم الأصل عندهم لا مدخلية للزمان والمكان الأصل فيه لا مدخلية, ونحن نريد أن نقول الأصل فيه المدخلية إلا إذا دل في موردٍ أن الزمان والمكان لا مدخلية له, نحن أيضاً نقول أنه مطلق يشمل كل زمان ومكان كما هو في العبادات في الأعم الأغلب كذلك.

    وهذه لها تطبيقات لا فقط في المعاملات حتى في باب العبادات, إن شاء الله تعالى بعد ذلك سنتكلم, الآن مرة نحن تكلمنا عن العيوب ومرة تكلمنا عن الزكاة ومرة نتكلم عن الخمس ومرة نتكلم عن الاحتكار إن شاء الله بعد ذلك, ومرة نتكلم عن صلاة القصر, الروايات واقعاً منظورها أن الإنسان يقصر ويفطر بمجرد طي هذه المسافة الشرعية بأي طريق كان أو طي هذه المسافة الشرعية إذا أخذت من الإنسان وقتاً يوماً كاملاً أي منهما؟ لابد أن ننظر إلى الروايات إذا دلت الروايات أنه إنما وجب القصر في ثمانية فراسخ لأنه قطع ثمان فراسخ في ذلك اليوم كان يأخذ زمان مسيرة يوم, والروايات صريحة وصحيحة في هذا المجال, إذن المدار ليس فقط على المسافة التي أنت قطعتها بعشرة دقائق, وإنما على مسيرة يوم, إذا استظهرت الآن ما أريد أن أستبق البحث, إذا استظهرت من النصوص هذا المعنى, فإذا أنت في نصف ساعة سافرت وتحققت المسافة الشرعية ولم يتحقق مسيرة يوم تقصر أو لا تقصر؟

    القضية ليست بهذه البساطة تتجاوزها قضايا تجميلية -إن صح التعبير- في الفقه لا أبداً, قضايا أساسية تغير كل وجه الفقه عندنا. مبنىً آخر منهج آخر مدرسة آخر في كيفية التعامل مع النص الديني؟ طبعاً لا تتصورون أنه فقط في النصوص إن شاء الله تعالى بعد ذلك سنستقرأ لكم الآيات القرآنية لماذا أنه من أنفق قبل الفتح ليس كمن أنفق بعد الفتح؟ كلاهما هذا أنفق في سبيل الله وهذا أيضاً أنفق في سبيل الله ما هو فرق هذا الإنفاق عن ذاك الإنفاق؟ أليس للزمان والمكان دور, إذا لم يكن للزمان والمكان دور لماذا لم يتساوى من أنفق قبل الفتح ومن أنفق بعد الفتح؟

    طبعاً الآن تساويهم هل هي في الحقوق وأخذهم من بيت مال المسلمين أو في شيء آخر ذاك بحث آخر, لماذا أساساً؟ إذن القضايا فيها أدلة لماذا أنه إذا كان في حالة كذا يجوز الهروب من مواجهة العدو وفي حالة كذا لا يجوز. إذا كان عشرة يساوي ألف لا يجوز أما إذا ضعف فيجوز و.. الآيات القرآنية صريحة في هذا المجال في باب الجهاد, تقول (الآن وجد فيكم ضعفا) الحكم تبدل يعني ماذا (الآن وجد فيكم ضعفا)؟ لماذا يتبدل حكم الله الواقعي إما هذا أو ذاك لا معنى له, وعشرات الموارد القرآنية تجد أن للزمان والمكان دور في تبدل الموضوع في تبدل المتعلق في تبدل الحكم الشرعي في تبدل ملاكات الحكم الشرعي في .. إلى غير ذلك, وبعد لم نتكلم في مسألة دور الزمان والمكان في فهم النص الشرعي. وهذا بحث مهم ودقيق إن شاء الله في محله يأتي.

    طيب الآن أيضاً أرجع إلى الأمثلة, إذا يتذكر الإخوة نحن أشرنا إلى مجموعة من الأمثلة, ومن الأمثلة المهمة في هذا المجال هذا المثال: الفرار من الأمراض المعدية هل يجوز أو لا يجوز؟ يعني في بلدٍ يوجد مرض معدٍ, طبعاً في الروايات إذا كان هناك طاعون, الآن أنت إذا تريد أن تدور مدار الموضوع في الرواية فإذن لابد أن تبحث أنه ما هو المراد من الطاعون؟ تتجاوزه أو لا تتجاوزه؟ يقول لا ليس من حقي أن أتجاوزه لماذا؟ لأنه النص يقول الطاعون إذن لابد أن نذهب إلى اللغة وإلى الاستعمالات ونجده ونقف عنده. أما إذا كان المراد من الطاعون كمثال باعتبار أنه في ذاك الوقت إيدز لا يوجد, ولا افلونزا الخنازير ولا أمراض معدية أخرى موجودة, لا أنها ليست موجودة, موجودة ولكن ليست مكتشفة أو أصلاً ليست موجودة, لأنه الروايات عندنا صريحة وصحيحة السند انظروا في الجزء الثاني من أصول الكافي إذا كثرت المعاصي إذا كثر الزنا ازدادت الأمراض التي لم تكن قبل ذلك, أساساً توجد أمراض جديدة تستحدث مع استحداث المعاصي الموجودة, الآن ذاك بحث آخر.

    انظروا إلى هذه الروايات الواردة في هذا المجال. في (وسائل الشيعة, ج2, ص429, تحت هذا الباب يعني الباب عشرون من كتاب الطهارة جواز الفرار عن مكان الوباء) الآن فسر الطاعون بالوباء, الروايات الواردة هذه والروايات ليست رواية ولا روايتين واردة عن رسول الله بهذا المضمون, قال: >الفرار من الطاعون كالفرار من الزحف< عجيب, يعني أنت إذا في بلد في مكان وجاء الطاعون فيجوز لك أن تخرج منه أو لا يجوز؟ -بتعبير أنا- يعني ليس بالجهنم من حقك أن تخرج من هناك, وليست رواية ولا روايتين. لو فرضنا أنه بينك وبين الله بغض النظر عن تفسير أهل البيت, لو فرضنا نحن كنا نواجه مجموعة من النصوص عن سول الله’ بهذا المضمون أنتم ماذا تقولون؟ أنا أقول, على المنهج الأول يقول بأنه أمور تعبدية رسول الله يقول إذا جاء الطاعون في بلد فيجوز الخروج منه أو لا يجوز؟ لا يجوز, الآن قد يذكر بعض الحكم يقول باعتبار أنه حتى لا يعدون الآخرين باعتبار أنه لا يؤثر باعتبار .. ولكن هذه كلها ليست علة الحكم وإنما هي حكم نحن نشير إليها ولكن نحن ندور مدار ما ورد فيها, لماذا أقول ليست رواية ولا روايتين؟ لأنه يظهر أن القضية كانت واسعة النطاق أنه ليس السائل وسائل من أصحاب أئمة أهل البيت يأتون إلى أئمة أهل البيت ويسألون يا ابن رسول الله ماذا تقولون في هذه الروايات؟ يظهر أن هذه الروايات كانت شائعة بين أصحاب أئمة أهل البيت, انظروا إلى تفسير أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) انظروا أهل البيت كيف يفسرون الروايات.

    الرواية الأولى: >عن أبي عبد الله الصادق× قال: سألت أبا عبد الله الصادق× عن الوباء يكون في ناحية المصر فيتحول الرجل إلى ناحية أخرى في مصر أو يكون في مصر فيخرج منه إلى غيره< ينتقل من محلّه إلى محلّة أخرى أفضل أو من مدينة إلى مدينة أخرى؟ >قال: لا بأس< ثم صار الإمام× بصدد تفسير ما جاء عن رسول الله >قال: إنما نهى رسول الله عن ذلك لمكان ربيئة أو لمكان الربيئة< كما يقول في الحاشية, >في الخبر أن يحفظهم الربيئة هي العين الذي ينظر للقول لأن لا يدهمهم العدو< يعني المراصد التي توضع ماذا؟ يقول هؤلاء كانوا في موقع رصدٍ للعدو فجاء الوباء إلى ذلك المكان فهل يجوز؟ رسول الله قال: >الفرار من الوباء كالفرار من الزحف< إذن ليس مطلقاً هذا وإنما القضية مرتبطة بقضية خارجية معينة, الآن بينكم وبين الله أنا وأنت لو أنه هذه التفاسير لم تأتي من أئمة أهل البيت^ كيف كنا نتعامل؟

    أما المنهج الذي أنا أقوله أقول: كان ينبغي حتى لو لم يأتي التفسير من أهل البيت, كنا ينبغي أن نذهب ونرى أن رسول الله هذه القضية في مكان قالها وفي أي زمان قالها, ولمن قالها؟ الآن افترض أن هذا التفسير لم يأتي من أهل البيت أنا على المنهج الذي أنا أقوله ما هو؟ أذهب أقول بلي أن هذه الروايات ذكرها قالها رسول الله في هكذا زمن وفي هكذا مكان ولمثل هؤلاء الأشخاص الذين كانوا مسؤولين عن حفظ ثغر المسلمين مسؤولين عن حدود الدولة الإسلامية >قال: إنما نهى رسول الله عن ذلك لمكان الربيئة كانت بحيال العدو فوقع فيهم الوباء فهربوا منه فقال رسول الله’ الفار منه كالفار من الزحف كراهية أن تخلو مراكزهم من الرصد< الرصد منهم, القضية جداً واضحة صارت, وهذه التفاسير إخواني من أهل البيت وأمثال هذه ليست تعبدية هذه يريد أن يشير إلى أنه أنت عندما تنظر إلى النص لا تنظره مجرد عن زمانه ومكانه وظروفه والأشخاص الذين سألوا السؤال, ما يمكن فهم النص مجرداً عن هذه الأمور.

    رواية ثانية: >عن ابن محبوب عن علي ابن المغيرة قال قلت لأبي عبد الله: القوم يكونون في البلد فيقع فيها الموت ألهم أن يتحولوا عنها إلى غيرها؟ قال: نعم, قلت: بلغنا أن رسول الله’ عاب قوماً بذلك, فقال: أولئك كانوا في ربية بإزاء العدو فأمرهم رسول الله أن يثبتوا في موضعهم ولا يتحولوا منه إلى غيره فلما وقع فيهم الموت تحولوا من ذلك المكان إلى غيره فكان تحويلهم من ذلك المكان إلى غيره كالفرار من الزحف< >في مقابل العدو< طيب هذا يعطيك ضابط أنه أساساً إذا أنت كنت في مقابل العدو فلك حكم, إذا كنت في البلد وبشكل طبيعي لك حكم آخر, القضية ليست قضية عامة مطلقة لا توجد أحكام مطلقة وإنما الأحكام المطلقة بهذا المعنى, طبعاً كل الأحكام مطلقة -لا يفهم أحد أنه أنا أقول بالنسبية في الأحكام- مرادي أنه الحكم مع شرائطه وقيوده مطلق لا أنه الحكم بلا قيود وشرائط هو مطلق.

    الرواية الثالثة: >في معاني الأخبار, سأل بعض أصحابنا الإمام الرضا× عن الطاعون يقع في بلدة وأنا فيها أتحول عنها؟ قال: نعم, قال: ففي القرية وأنا فيها أأتحول عنها؟ قال: نعم, قال ففي الدار أنا فيها أأتحول عنها؟ قال: نعم< ما في مشكلة >قلت: فإنما نتحدث أن رسول الله قال الفرار من الطاعون كالفرار من الزحف, قال: إن رسول الله إنما قال هذا في قوم كانوا يكونون في الثغور نحو العدو فيقع الطاعون فيخلون أماكنهم يفرون منها فقال رسول الله ذلك فيهم<.

    هذا الذي أقول بأن الزمان والمكان والشرائط هذا مرتبط بالمكان لا فقط مرتبط بالزمان, مرتبط بالمكان أنهم كانوا في الثغور كانوا في مواقع الرصد, هذا هو المكان هذه هي الشروط التي كانت تحيط بهؤلاء, هذا أيضاً مورد.

    من الموارد الأخرى التي ينبغي أن يلتفت إليها وهي ما يتعلق بصرف الزكاة يعني صرف بيت المال وهذه قضية من أوسع الأبواب وأهم الأبواب كيف نصرف ومتى نصرف وأي كم وقدر نصرف؟ القضية جداً أساسية, لو صارت عندنا دولة إسلامية التفتوا جيداً, لو صارت عندنا دولة إسلامية على الموازين القرآنية وهي أنه بيت المال يتشكل من الزكاة التفت, بيت المال لا أنه تأتي من الضرائب لا أنه تأتي من بيع النفط وإنما يتشكل من هذا البعد المالي من هذا الزكاة الذي يؤمن احتياجات والآن بحمد الله تعالى الناس أيضاً تجار وكبار وكذا, طيب الآن عندما نريد من بيت المال أن نفعل ونضع خدمات هل لابد يشترط فقط يستفيدون منها شيعة أهل البيت, باعتبار أن الزكاة لا يجوز إعطاؤها لمن لا يعرف أو أنه إذا بالمواطنين يوجد من غير شيعة أهل البيت يستطيعون أن يستفيدوا من هذه الخدمات أو لا يستطيعون؟ إذا كانوا من أهل الأديان الأخرى أو الشرائع الأخرى مسيح يهود, إذا لم يكونوا أهل دين أصلاً ولكن كانوا مواطنين -باصطلاحنا باصطلاح الدولة الحديثة- يصرف عليهم أو لا يصرف عليهم؟ الدولة تصرف على هؤلاء الفقراء والمحتاجين منهم -بتعبيرنا اليوم- كميتة إمداد إمام تعطي لهؤلاء أو لا تعطي لهؤلاء؟ ماذا؟ طيب أنتم اذهبوا الآن إلى الرسالة العملية وانظر إلى موارد صرف الزكاة تشمل هؤلاء أو لا تشمل؟ لا تشمل, والنصوص ماذا تقول؟ انظروا النصوص بشكل واضح وصريح كيف تتكلم التفتوا جيداً.

    الرواية واردة في (الفروع من الكافي, ج3, ص496, في أول كتاب الزكاة, باب فرض الزكاة وما يجب في المال من الحقوق) والرواية ظاهراً سندها أيضاً جيد, الرواية الأولى: >عن حريز عن زرارة عن محمد ابن مسلم أنهما قالا لأبي عبد الله الصادق أرأيت قول الله عز وجل {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب وال.. فريضة من الله}< الرواية لمن يريد أن يراجعها أيضاً موجودة في (من لا يحضره الفقيه, ج2, ص4, حديث 1577) وكذلك في (تهذيب الأحكام, ج4, ص49, الحديث2) قالت الرواية السائل يسأل يقول: >أكل هؤلاء يعطى وإن كان لا يعرف< لان الرواية ذكرت ابن السبيل وذكرت الرقاب وغارمين طيب مدين هذا, >أيعطى وإن كان لا يعرف< تعلمون أن عنوان لا يعرف ليس مختصة بالمسلم غير العارف كل من ليس بعارف فهو ماذا؟ كل من لم يعتقد بمدرسة أهل البيت فيصدق عليه لا يعرف, ليس بعارف, >أيعطى أو لا يعطى< انظروا إلى تفصيل الإمام×, قال: >فقال: إن الإمام< الإمام ليس الإمام المصطلح عندنا يعني الأئمة الاثنى عشر ليس هكذا, الإمام يعني إمام المسلمين يعني كانت له دولة وكان حاكماً وكثير من نصوصنا تكلمت عن عندما قالت إمام أرادت الإمام يعني الحاكم يعني الوالي يعني المسؤول يعني الزعيم يعني ولي الأمر عبر عنه ما شئت, ليس المراد الإمام المصطلح أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) >قال: إن الإمام يُعطي هؤلاء جميعا< لماذا؟ >قال: لأنهم يقرون له بالطاعة< أنا بتعبيري لأن هؤلاء جميعاً مواطنين موجودين عنده أين يذهبون يعيشون في هذا البلد سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين سواء كانوا عارفين أو غير عارفين؟ يعطي هؤلاء, إذن يشترط أن يكون عارفاً أو لا يشترط؟ لا يشترط, ثم قال: >قال قلت: فإن كانوا لا يعرفون؟ قال: يا زرارة لو كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف لم يوجد لها موضع< طيب كم أولئك الذين يعرفون مثلاً في كل زمان؟ في بعض الأزمنة قليل وفي بعض الأزمنة كثير, طيب إذا كانوا قليلين فقط نعطيها لهؤلاء ولا نعطي لغيرهم, فغير صحيح هذا >وإنما يُعطى من لا يعرف ليرغب في الدين< ليأتي إلينا >فيثبت عليه< هذه إلى هنا ليس محل الشاهد وإن كان ينفعنا كثيراً, >وأما اليوم< أي يوم؟ اليوم الذي نحن نعيشه فيه الذي نحن أئمة وأيدينا مبسوطة والزكاة تصل إلينا وأموالنا كثيرة أو أنه لا نحن لسنا مبسوطي اليد ولا الأموال كثيرة وليس بيدنا شيء, فماذا نفعل؟ يقول: >فأما اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك إلا من يعرف< في هذا الزمان الذي قلت – بتعبيرنا- الموارد المالية التي اضطررنا على أساسها لعله والله العالم أن نضع الخمس بدل الزكاة فلا يحق لك لماذا؟ لأنه هذه الموارد المالية عساها أن تصل فقط إلى ماذا؟ أن تكفي لمن يعرف فكيف تعطي لمن لا يعرف؟ >أما اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك إلا من يعرف فمن وجدت من هؤلاء المسلمين عارفاً فأعطه دون الناس<.

    إذن تبين أن الإنسان إذا كان إماماً فله طريقة يعني إذا كان مسؤولاً فله كيفية في الصرف أما إذا لم يكن مسؤولاً؟ هناك كيفية أخرى في الصرف, لا ينبغي الخلط هذه ليست أحكامها متساوية مختلفة الأحكام, هذا حكم وذاك حكم آخر, إذن المعطي ما هو وضعه؟ ما هو وضعه المالي ما هو وضعه السياسي, وهذا الذي قلنا أن الزمان أن الشروط أن الظروف لها مدخلية في فهم النص الشرعي, وهو أن الشخص الموزع من, أن الشخص الآخذ من هو؟ إلى آخره. هذا مورد.

    من الموارد الأخرى في هذا المجال وهي من الموارد الجيدة في هذا المجال الذي هذه تدخل في باب استلام الحجر في الطواف, انظروا الآن شيئاً فشيئاً ندخل في باب العبادات أيضاً الآن تلك كانت في غير باب العبادات, في باب العبادات, في (فروع الكافي, ج4, ص404) هناك مجموعة من الأحاديث في هذا المجال, أنا أقرأ ثلاثة أحاديث منها لأن الوقت لا يسع. والروايات صحيحة.

    الرواية الأولى: >عن عبد الرحمن ابن الحجاج عن أبي عبد الله الصادق قال: كنت أطوف< الإمام الصادق يقول >كنت أطوف وسفيان الثوري قريب مني فقال يا أبا عبد الله كيف كان رسول الله يصنع بالحجر إذا انتهى إليه, فقلت كان رسول الله يستلمه في كل طواف فريضة ونافلة< باعتبار أنه >يد الله في خلقه< كما في الروايات >يصافح الله من خلاله خلقه<, >قال: فتخلف عني قليلاً< سفيان الثوري تخلف عني كان يمشي خلفي >فتخلف عني قليلاً فلما انتهيت إلى الحجر جزت< الإمام الصادق يقول >جزت ومشيتُ فلم استلمه< تحت المجهر يقول: >فلحقني< الثوري >فقال يا أبا عبد الله ألم تخبرني أن رسول الله كان يستلم الحجر في كل طواف فريضة ونافلة, قلت: بلى, قال: فقد مررت به فلم تستلمه؟< طبعاً الروايات فيها مضامين عالية جداً وأن هؤلاء كانوا يتوقعون من أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أن يكونون تابعين مائة في المائة لمن؟ وإلا ما كان عنده اعتراض على العلماء الموجودين الشيوخ الموجودين أبداً, لأن هؤلاء في نظرهم أن أهل البيت كان لهم حساب آخر, يختلفون عن الناس ولذا في أدق الأمور أيضاً كانوا يلاحظون ويشكلون ويعترضون, >فقلت:< التفت إلى جواب الإمام >فقلت: إن الناس كانوا يرون لرسول الله’ ما لا يرون لي< -بتعبيرنا- طيب كانوا ينفرجون له سماطين رسول الله بمجرد أن يقترب من الحجر, كما الآن في زمان رسول الله حباً وكرامةً لرسول الله, وفي زماننا كرهاً وجبراً عندما يأتي مسؤول ماذا يفعلون؟ يمنعون الناس حتى الآغا يستلم الحجر أمامكم الآن انظروا >قال: كانوا يرون لرسول الله ما لا يرون لي, وكان إذا انتهى إلى الحجر أفرجوا له حتى يستلمه وإني أكره الزحام< ولكن هذا لم يفعلوه لي, إذا ما يفعلون يا ابن رسول الله أنت مستحب تتركه؟ يقول: لا أساساً لي هذا مستحب أو ليس بمستحب؟ ليس بمستحب, يوجد نص آخر يقول: >فلا نقول< التفتوا إلى هذا النص الثاني.

    يقول: الرواية: >عن يعقوب ابن شعيب يقول سالت الصادق عن استلام الركن, قال: استلامه أن< -عفواً- >عن معاوية ابن عمار قال أبو عبد الله كنا نقول لابد أن نستفتح بالحجر ونختم به فأما اليوم فقد كثر الناس< يعني نقول أو لا نقول؟ لا نقول به, >كنا نقول, وقد كثر الناس< يعني نقول أو لا نقول؟ طيب إذا أيضاً تقولون, طيب هذا التقسيم بلا موجب يصير, إذن يصير التقسيم لغو, إذن يريد أن يقول الإمام× أنه إذا كثر الناس فالاستحباب موجود أو غير موجود؟ الآن ما أريد أن أقول يوجد كراهة, الاستحباب موجود أو غير موجود؟ لا ليس موجوداً, إذا لم يكن الناس الاستحباب على حاله. إذن أحكام الاستحباب أيضاً تختلف باختلاف المكان أو لا تختلف باختلاف المكان؟ نعم تختلف باختلاف المكان وهذا شاهده.

    رواية ثالثة: -وأختم به حديثي في هذا المورد- وهي الرواية الثالثة: >قال: قلت لأبي عبد الله الصادق× أتيت الحجر الأسود فوجدت عليه زحاماً فلم ألقَ إلا رجلاً من أصحابنا فسألته فقال لابد من استلامه, فقال: إن وجدته خالياً لابد من استلامه وإلا فسلم من بعيدٍ< إذن الاستحباب هو استحباب واحد هذا؟ لا لا, استحبابين له, الاستحباب الأول: مع الزحام, الاستحباب الثاني: مع عدم الزحام, مع عدم الزحام الاستلام, مع الزحام السلام عليه من بعيد.

    وموارد أخرى يأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/04
    • مرات التنزيل : 1321

  • جديد المرئيات