بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
اتضح في البحث السابق بأن حقيقة وجوهر الانقلاب لا تختلف عن الاستحالة, بناءً على ذلك وحيث أن الاستحالة قلنا أن الأصل فيها ومقتضى القاعدة فيها أنه إذا تبدل الموضوع فإنه يتبدل الحكم الشرعي وهذا أصل عقلي وشرعي باعتبار أن الأحكام تابعة للموضوعات فإذا تبدلت الموضوعات ولو تبدلاً عرفياً فإنه بطبيعة الحال تتبدل الأحكام, هذا هو مقتضى القاعدة, فإذا ثبت وتبين أن الانقلاب ليس من حيث الحقيقة والجوهر يختلف عن الاستحالة إذن بطبيعة الحال مقتضى القاعدة أن حكم الانقلاب والاستحالة يكون شيئاً واحداً, ولكنه مع ذلك قلنا أنه يوجد في المقام مانع يمنع من العمل بمقتضى القاعدة وهي الرطوبة المسرية, فإنه بمقتضى القاعدة وإن كان الحكم يتبدل من النجاسة والحرمة إلى الطهارة والحلية, إلا أنه بمقتضى النجاسة أو بمقتضى المانع الخارجي أياً كان هذا المانع أعم من أن يكون إناءً أو أن يكون ملحاً أو أي شيء آخر, مقتضى المانع الخارجي فإنه لا يمكن الحكم بمقتضى القاعدة وهي الطهارة والحلية, وإنما توجد هنا نجاسة وحرمة ولكنه لا بمقتضى الذاتي بمقتضى الحرمة والنجاسة الذاتية بل العرضية.
من هنا بطبيعة الحال إذا أردنا أن نقول بالطهارة لابد من دليل وإلا مقتضى القاعدة بقاء النجاسة وبقاء الحرمة السابقة, ولكن لا الذاتية بل العرضية, فهنا لابد أن نرجع إلى الأدلة الموجودة بأيدينا هل تدل على الطهارة أو لا تدل على الطهارة؟ طبعاً هنا روايات كثيرة موجودة ومختلفة ولكنه الآن ليس بحثنا الآن في الانقلاب والاستحالة والروايات واستقراء الروايات ولكنه بنحو الإجمال كما قلنا لأنه فقط نحن نريد أن نتكلم في أقسام موضوعات الأحكام الشرعية.
في وسائل الشيعة التي هي طبعة مؤسسة آل البيت في المجلد الخامس والعشرين ص370 توجد مجموعة من الروايات يعني كتاب الأطعمة والأشربة الباب واحد وثلاثين باب عدم تحريم الخل وأن الخمر إذا انقلبت خلاً حلت, بينّا فيما سبق بأنه لابد أن لا نكون أسرى وأسراء للأمثلة الواردة في الروايات.
الرواية الأولى: وهي صحيحة السند >عن محمد ابن يعقوب الكليني عن علي ابن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل ابن دراج وابن بكير جميعاً عن رزارة عن أبي عبد الله الصادق قال: سألته عن الخمر العتيقة تجعل خلاً, قال: لا بأس< وواضحة الرواية.
الرواية الثانية: وهي موثقة >وعن عدة من أصحابنا عن أحمد ابن محمد ابن عيسى عن الحسين ابن سعيد عن فضالة ابن أيوب عن ابن بُكير عن عبيد ابن زرارة قال سألت أبا عبد الله الصادق عن الرجل يأخذ الخمر فيجعلها خلاً, قال: لا بأس<.
ومجموعة من الروايات في هذا المقام.
إذن إلى هنا اتضح لنا بأنه هذا الموضوع أيضاً الذي هو النوع الأول اتضحت معالمه بشكل واضح.
النوع الثاني من الموضوعات, قلنا أن هناك الموضوعات على أنواع وعلى أنحاء, هذا تمام الكلام في النوع الأول الذي يتبدل فيه الموضوع وهو الاستحالة وفي الضمن دخلنا إلى بيان الفرق بين الاستحالة والانقلاب و.. إلى غير ذلك كما أشرنا.
النوع الثاني: وهو أنه لا يحصل عندنا تغيّر في ذات الموضوع كما في النوع الأول وهو الاستحالة وإنما الموضوع يبقى على حاله وإنّما الذي يتغيّر شروط وقيود الموضوع, التفتوا, الموضوع من حيث الموضوعية باقٍ على حاله لم يتبدل وإنما الذي يتبدل عوارض الموضوع قيود الموضوع شروط الموضوع, ومن الآن أنتم قيدوا هذا التقييد لم يوجد في كلمات الأعلام ولكن أنا أذكر هذا القيد لهذا النوع من الموضوع حتى إن شاء الله تعالى بعد ذلك سيتضح ما هو مرادي منه, عبروا عنه القيود والشروط الداخلية أو القيود والشروط المتصلة في قبال القيود والشروط الخارجية أو المنفصلة, الآن ما هو مرادنا من ذلك, بعد ذلك سيتضح, ولكن هنا عندما نذكر ونشير إلى هذا القسم الثاني أو النوع الثاني من الموضوعات أن ذات الموضوع ثابت ولكن المتغير ما هو؟ إنما هو قيوده وشروطه الداخلية.
في هذا القسم الثاني أو النوع الثاني من الموضوعات إخواني الأعزاء توجد أبحاث متعددة فقط الآن نشير إليها إجمالاً حتى نصل إلى موضوعنا الأصلي وهو الذي نقول أن الزمان والمكان يؤثر على موضوع الحكم الشرعي ما هو مرادنا من تأثير وفي أي قسم وفي أي نوع من هذه الأنواع التي نشير إليها.
يعني بعبارة أخرى: نحن الآن نتكلم بشكل واضح وصريح بشكل فني في تحرير محل النزاع, أساساً عندما نقول أن الموضوع يتغير بتغير الزمان والمكان هل هو من النوع الأول هل هو من النوع الثاني, هل هو من النوع الثالث, هل هو من النوع الرابع, هل هو من النوع الخامس, لعله سبعة أو ثمانية أقسام من الموضوعات نحن عندنا ولابد أن يلتفت إليها الفقيه, الفقيه في كثير من الأحيان لا توجد عنده مشكلة في الحكم الشرعي وإنما المشكلة أين والتحير أين؟ في موضوع الحكم الشرعي وإلا الأحكام واضحة إذا كان هذا خمر فلا إشكال أنه نجس وحرام, وإذا كان خل فلا إشكال في أنه طاهر وحلال, إذا كان حاضر فلا إشكال أنه ما هو؟ يجب عليه الإتمام والصيام, إذا كان مسافر فلا إشكال, ولكنه بماذا يتحقق أنه حاضر وبماذا يتحقق أنه مسافر؟ بماذا يتحقق أنه خل وبماذا يتحقق أنه خمر؟ المشكلة الأصلية في الموضوعات التحيّر الأصلي عند الفقيه في الأعم الأغلب.
ولذا أنتم تجدون في الرسائل العملية في الأعم الأغلب عندما يريدون أن يتكلم الفقيه يتكلم بنحو القضايا الشرطية, لماذا يتكلم بنحو القضية الشرطية؟ باعتبار أنه لا يعلم أو لا يستطيع أن يشخص فيترك تشخص الموضوع لمن؟ للمكلف والمكلف المسكين ايضا عندما يرجع إلى العرف يجد الأعراف مختلفة أهل الخبرة مختلفون و… إلى غير ذلك, وإلا إذا ثبت أنه غناءٌ لهوي على سبيل المثال فلا إشكال في الحرمة, وإنما الكلام أنه ما هو موضوع الغناء اللهوي ونحو ذلك, على أي الأحوال.
فيما يتعلق بهذا النحو الثاني توجد عندنا أبحاث متعددة:
البحث الأول: من الذي يشخص الموضوع وقيود الموضوع وهذه وظيفة من؟ وظيفة العقل الدقيّ, وظيفة العرف, وظيفة الشرع وظهور الأدلة ما هو؟ وأنا أتذكر هذا البحث تقدم الكلام عنه ولكنه من باب الإشارة حتى تترابط الأبحاث.
هذا البحث أشار إليه إجمالاً الشيخ الأنصاري -الشيخ الأعظم+- في فرائد الأصول هذه الطبعة التي هي مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجامعة المدرسين في المجلد الثاني ص693, هناك تحت عنوان -حتى الإخوة يراجعون- خاتمةٌ الأول بقاء الموضوع في الزمان اللاحق والمراد به معروض المستصحب, هناك عنده (فلابد من ميزان يميّز به القيود المأخوذة في الموضوع عن غيرها) على أي أساس نقول هذا قيدٌ مأخوذ في الموضوع أو غير مأخوذ في الموضوع؟ هل الميزان هو العقل, هل الميزان هو العرف, هل الميزان هو الشرع أي منهما؟ يقول: (الأول وهو أحد أمور) وهذا يكشف على أنه ممكن أن يكون بعض الأحيان الميزان عقلي ويمكن أن يكون بعض الأحيان الميزان عرفي, ويمكن أن يكون الميزان شرعي من باب مانعة الخلو لا مانعة الجمع وقد يكون عقلياً وعرفياً وشرعياً ولكن من باب مانعة الخلو أنه إما وإما وإما.
ولذا يقول: (وهو أحد أمور: الأول: العقل فيقال إن كذا) فالإخوة إنشاء الله البحث يراجعونه ونحن لا نريد أن نقرأ. (الثاني: أن يرجع في معرفة الموضوع للأحكام إلى الأدلة) انظروا الكلام كان أين؟ في قيود الموضوع ولكنه الآن البحث أوسع أنه سواء كان قيود الموضوع أو نفس الموضوع (ويرجع إلى الأدلة) يعني الأدلة الشرعية (ويفرّق بين قوله الماءُ المتغيّر نجسٌ) التفتوا جيداً إلى تعبيرات الشيخ (وبين قوله الماءُ يتنجس إذا تغيّر) يقول واضح الفرق بين هذين التعبيرين بحسب الظهور العرفي (فيجعل الموضوع في الأول الماء المتلبس بالتغيّر) فإذا زال تغيّره فنجس أو ليس بنجس؟ هذا بحث ومن ذلك عند ذلك يأتي الاستصحاب أنه يستصحب أو لا يستصحب؟ فيزول الحكم بزوال ماذا؟ التغيّر لأنه النجاسة إنما ذهبت لا للماء وحده وإنما ذهبت للماء بقيد تغيّره ومن الواضح أن المقيد عدمٌ عند عدمه, المشروط عدم عند عدم شرطه, الآن يوجد عندي ماء ولا يوجد فيه قيده والنص الشرعي قال الماء المتغيّر نجس ولم يقل الماء إذا تغيّر فهو نجس. وفي الثاني لا, يكفي حدوث التغيّر فإنه يصدق عليه أنه هذا ماء تغير أو لم يتغير وإن كان الآن فعلاً ماء متغيّر أو غير متغيّر؟ غير متغيّر.
لذا يقول: (فيزول الحكم بزواله وفي الثاني نفس الماء فيستصحب) يعني موضوع الحكم الشرعي النجاسة هو نفس الماء لا الماء بقيد التغير (فيستصحب النجاسة لو شك في مدخلية التغيّر في بقائها وهكذا, الثالث) هذا إذا قلنا الأدلة الشرعية (الثالث أن يرجع في ذلك إلى العرف) نرى بأن العرف يرى بأن هذا الموضوع باقي أو قيود الموضوع باقية أو غير باقية (فكل مورد يصدق عرفاً أن هذا كان كذا سابقاً جرى فيه الاستصحاب وإن كان المشار إليه) في حين الاستصحاب (لا يُعلم بالتدقيق) العقلي يعني الأمر الأول (أو بملاحظة الأدلة) الأمر الثاني (كونه موضوعاً) بل حتى لو علم بحسب الأدلة الأولى والثانية أنه عُلم عدمه أيضاً العرف يرى أن هذا هو ذاك.
ثم يضرب مثالاً (مثلاً قد ثبت بالأدلة أن الإنسان طاهر والكب نجس فإذا ماتا) مات الإنسان والكلب (فإذا ماتا واطلع أهل العرف على حكم الشارع عليهما بعد الموت) يقول: (فيحكم بارتفاع طهارة الأول) أما (وبقاء نجاسة الثاني) الآن لماذا مع أنه كلاهما صارا جماداً لماذا يتبدل الحكم؟ يقول العرف هكذا يفهم.
إذن البحث الأول: وهو بحث أساسي ينبغي أنت في الرتبة السابقة كفقيه كمستنبط للحكم الشرعي أن تعيّن تكليفك أنه أنت تتبع العقل تتبع العرف تتبع الأدلة أو تجمع بينها, ثم ما هو الميزان متى تعمل العقل والدقة, ومتى تعمل العرف, ومتى تعمل ظواهر الأدلة, هذه لابد أن تتضح في الرتبة السابقة وإلا إذا تبقى فبطبيعة الحال تكون له آراء بعدد كتبه. هذا هو البحث الأول الذي لابد أن يلتفت إليه. وأنا أتذكر في الأبحاث السابقة وقفنا قليلاً أو بمقدارٍ يكفي عند هذا البحث.
البحث الثاني: في مسألة القيود, القيود قد تكون قيوداً للملاك وقد تكون قيوداً للحكم وقد تكون قيوداً للموضوع, الآن هناك بحث مفصل عميق عند أعلامنا أنه جميع القيود المأخوذة في الحكم هل ترجع إلى قيود الموضوع أو لا, هذا إن شاء الله مناسبة إذا صارت نطرحه ولكنه الآن الموجود في الكلمات هذا, وهو أن القيود قد تكون قيود الملاك وقد تكون قيود الحكم وقد تكون قيود الموضوع.
ما هي قيود الملاك؟ قرأتم في الحلقة الثالثة وفي الكتب الأصولية أن القيود التي لها مدخلية في الملاك قد تكون قيود وشروط الاتصاف وقد تكون قيود وشروط الترتب, بمعنى أنه قد أن القيود يكون قيداً في وجود المصلحة وعدم وجود المصلحة, يعني إذا هذا القيد لم يتحقق لا توجد مصلحة, نعم إذا تحقق هذا القيد أو الشرط تتحقق المصلحة, الدواء فيه مصلحة مطلقة للإنسان أو مصلحته للإنسان بقيد المرض؟ وقبل المرض توجد مصلحة أو لا توجد مصلحة؟ لا توجد مصلحة بل يحرم عليه أن يشرب الدواء, وإذا تمرض لا أنه يجوز أن يشرب الدواء, يجب عليه أن يشرب الدواء ولو لم يشرب لخالف هناك لو شرب لكان مخالفاً.
هنا المرض قيدٌ وشرطٌ في تحقق الملاك وإلا قبل تحقق هذا الشرط والقيد أساساً يوجد ملاك أو لا يوجد؟ لا يوجد, وهذا هو الذي يصلح عليه الأعلام بشروط الاتصاف يعني اتصاف الملاك أو اتصاف الفعل بالمصلحة وقبل تحقق هذا الشرط أساساً لا مجال لهذه المصلحة ولهذا الملاك.
الأمر الثاني: أنه لا, أن القيد ليس قيداً في وجود المصلحة في الفعل وإنما في تحققها خارجاً. وإلا ما لم يوجد هذا الشرط هذه المصلحة لا يمكن استيفاءها وإلا قبل تحقق هذا الشرط يمكن الاستيفاء أو لا يمكن الاستيفاء؟ لا يمكن الاستيفاء, تذهب جنابك إلى المريض يراك مريض يقول أنت لابد أن تستعمل الدواء الكذائي ولكن هذا الدواء تستعمله بعد الطعام وإلا قبل الطعام تستعمله أو لا تستعمله؟ لا, هذا الشرط وهو بعد الطعام ليس في وجود المصلحة وإنما في كيفية استيفاء المصلحة, يعني إذا أردت أن أحقق وأستوفي هذه المصلحة لابد أن يكون بعد هذا.
هذا الذي عبر عنه السيد الشهيد بشروط الاتصاف وشروط الترتب, الإخوة لعله المصادر الأخرى ليست بأيديهم, في الحلقة الثالثة في ص242, تحت عنوان قاعدة إمكان الوجوب المشروط قال (للوجوب ثلاث مراحل وهي الملاك والإرادة وجعل الحكم وفي كل من هذه المراحل.. فاستعمال الدواء للمريض واجب) إلى أن يقول (وكل ما كان من هذا القبيل يسمى بشروط الاتصاف) أما (وشرب الدواء من قبل الآمر بعد شرطٍ معين يسمى بشروط الاتصاف).
هذا المعنى بشكل واضح وصريح جاء في كلمات الأعلام ولكنه لعله لم يقولوا شروط الاتصاف وشروط الترتب.
منهم المحقق العراقي في نهاية الأفكار المجلد الأول هذه الطبعة التي هي مؤسسة النشر الإسلامي الجزء الأول ص292, هذه عبارته هناك قال: (ولتنقيح المرام في المقام لابد من بيان مقدمةٍ في شرح اختلاف القيود في كيفية دخلها في المصلحة وعدم كونها على نمط واحد فنقول: اعلم بأن القيود في دخلها على المصلحة على ضربين: منها ما يكون راجعاً إلى مقام الدخل في أصل الاحتياج إلى الشيء) يعني إذا لم يتحقق هذا القيد أساساً نحتاج إلى الدواء أو لا نحتاج إلى الدواء؟ لا نحتاج إلى الدواء في أصل الاحتياج إلى الشيء التفت (واتصاف الذات بكونها صلاحاً) السيد الشهيد هذه الاتصاف ماذا فعل بها؟ شروط الاتصاف هذه منها, ولولاه (ومنها ما يكون راجعاً إلى مقام الدخل في وجود المحتاج إليه وتحقق ما هو المتصف بالمصلحة) التي عبر عنه السيد الشهيد بشروط الترتب. هذا المعنى الإخوة يراجعونه بحث قيم وواضح ودقيق في هذا المجال.
وهو الذي أيضاً أشار إليه المحقق الأصفهاني في نهاية الدراية في شرح الكفاية, هذه الطبعة الموجودة عندي هي الطبعة الحجرية وهي ظاهراً مطبوعة طبعة حديثة في ست مجلدات, ولكن تلك الست مجلدات هذه موجودة في ذيلها هذا المعنى, أنا هناك بحثت ولم أجد الآن ما أدري لعله أنا لم أجد الإخوة يبحثون ويجدون موجودة هذه أو لم توجد, هذه إلى آخر الاجتهاد والتقليد التي هي تعليقته على كفاية الأصول هذه في ست مجلدات المطبوعة حديثة أنا وجدتها هي ستة أم أكثر؟ (كلام أحد الحضور) أم لم يروها الإخوان, ستة بلي التي عندي أنا ستة وما أدري هذه في الطبعة الحجرية. إلى آخر الاجتهاد والتقليد هذه موجودة, ولكنه هو في هذه الطبعة الحجرية يقول: >وبعد فهذه هوامش من شيخنا العلامة آية الله العظمى الشيخ محمد حسين الأصفهاني على الجزء الأول من نهاية الدراية علقها عليه بعدما طبع ذلك الجزء, ولذا كله ماذا توجد في العبارة, عبارة قولنا وتعليقته وليس قوله, يعني هذه تعليقاته على ماذا؟ على تعليقاته هو وليس تعليقة على, أنا هذه في الطبعة الحديثة ما وجدتها مع الأسف الشديد وهي مفيدة جداً وفيها أبحاث عميقة أيضاً هناك في ص287 أيضاً يشير إلى هذا المعنى. يقول: >مضافاً إلى ما مر من أن الخصوصية المأخوذة في الواجب تارة تكون مقومة للمقتضي وأخرى لا تكون مقومة للمقتضي وهذا هو بحثنا الذي يكون مقوماً للمقتضي يكون من شروط الاتصاف والذي لا يكون مقوماً للمقتضي وإنما للاستيفاء يكون شروطاً للترتب.
الآن إخواني الأعزاء الآن بنحو الإجمال هذا البحث. إذا اتضح هذا, هذا هو السبب الذي يؤدي إلى أن قيود الحكم تؤخذ تارة بعنوان مقدمات وجوب ومقدمات واجب, فإذا كان الشرط من شروط الاتصاف عندما يأتي في الحكم يكون مقدمة وجوب لا مقدمة واجب, وقد ذكرنا فيما سبق مفصلاً مسؤولية المكلف إزاء مقدمات الحكم, وأن المقدمة إذا كانت من مقدمات الوجوب يجب على المكلف تحصيل المقدمة أو لا يجب؟ لا لا يجب عليه تحصيل المقدمة, نعم إذا تحققت المقدمة عند ذلك يجب الحكم, إذا وجدت الاستطاعة يجب عليه الحج, إذا وجد المرض يجب عليه استعمال الدواء, لا أنه يذهب يبحث حتى يمرض حتى يستعمل الدواء, ليس هكذا, لا يجب عليه أن يذهب ليمرض نفسه -إلا إذا ما يريد أن يأتي إلى الدرس ذاك بحث آخر- أما لا, أما إذا هو في نفسه يهرب من المرض واقعاً بأنه قبل تحقق الاستطاعة التفتوا إخواني, قبل تحقق الاستطاعة أساساً يوجد مصلحة في الحج أو لا توجد مصلحة في الحج؟ الآن هكذا ظاهر الأدلة أنه أساساً الشارع يقول ما فيها مصلحة, هذا من قبيل الإنسان السالم يذهب ويشرب دواءً الآن ما أريد أن أقول فيه ضرر لأنه ما ينطبق على مثالنا ولكن توجد فيه المصلحة أو لا توجد؟ لا توجد فيه المصلحة. فما كان من شروط الاتصاف يكون من مقدمات الوجوب أما ما كان من شروط الترتب في الملاك ماذا يكون؟ يكون من مقدمات الواجب, ولذا تجد الإنسان أيضاً بحسب الفطرة تجد أنه حتى لو ما يشتهي الطعام ولكن مريض والطبيب قال له إذا أردت أن تستفيد ويترتب الأثر لابد أن تأكل شيئاً ثم تستفيد تجد أنه هو لا يريد أن يأكل الطعام ولكن يأكل الطعام حتى يستفيد من الدواء.
ولذا قالوا في مقدمات الواجب على المكلف ماذا؟ أن يحصل تلك المقدمات, الشارع إذا دخل أو إذا تحققت الاستطاعة وجب الحج, مقدمات الحج ماذا؟ من السفر و.. لابد أن يهيئها المكلف, إذا جاء الزوال وجبت الصلاة, الآن الصلاة إذا كان فيها مقدمة من الستر والوضوء والطهارة والاستقرار وكذا, هذه كلها لابد من يهيئها؟ هذه مقدمات الواجب.
هذا فيما يتعلق -وهذا خارج عن بحثنا- وأنا أشرت إليه حتى أميز.
أما عندما نأتي إلى القسم الثالث من المقدمات وهي مقدمات الموضوع, مقدمات الموضوع إخواني الأعزاء -الذي هو محل كلامنا- وله أهمية خاصة بعد ذلك ستتضح وهو أنه في مقدمات الموضوع يمكن تقسيم, طبعاً أولاً في المقدمة لابد أن تميزوا بين ما هو قيود الموضوع وبين ما هو حالات الموضوع, لأنه كثيرٌ ما يقع الخلط بين قيود الموضوع وبين حالات الموضوع يعني ماذا؟ يعني أن الموضوع له حالات معينة, مرة دائري, مرة كروي, مرة مربع مرة أبيض مرة أصفر, افترضوا ماء ويقع في إناء الآن هذا الإناء إذا كان أبيض فلون الماء ماذا يصير؟ أما إذا كان الإناء بشكل آخر طيب يأخذ شكل ذاك اللون وهكذا, هذه قيود الموضوع أو حالات الموضوع؟ من الواضح أنه لا علاقة لها بالموضوع هذه مرتبطة بحالات الموضوع.
ولذا هنا الأعلام تجدون السائل يسأل أنه كان في إناء كذا, كان في كذا, كان في لون كذا, الأعلام يقولون بمناسبات الحكم والموضوع هذه مؤثرة أو غير مؤثرة؟ لا يجعلونها من القيود إما تنقيح المناط إما مناسبات الحكم والموضوع هذا تابع للفهم العرفي.
ولذا تجدون أن الشيخ الأعظم+ قال لابد من ميزان به نميز أن هذا أساساً قيد أو ليس بقيد, ليس كل ما يوجد في الموضوع نجعله قيداً في الموضوع, بمجرد أنه تبدل ذاك نقول تبدل الموضوع, لا ليس الأمر كذلك وإنما لابد من مناسبات الحكم والموضوع مناسبات عرفية نميز أن هذا من حالات الموضوع أو من قيود وشروط الموضوع, ما هو الفرق بينهما, الفرق بينهما واضح فإنه في الحالات تبدل الحال يؤدي إلى تبدل الموضوع أو لا يؤدي؟ لا يؤدي, أما بخلافه في القيود والشروط فإنه مع تبدل القيد أو الشرط يكون الموضوع متبدل لأن المشروط عدم عند عدم شرطه, المقيد عدم عند عدم قيده.
الآن هذه القيود لا الحالات, القيود على نحوين -قيود الموضوع- التفتوا:
النحو الأول: قيودٌ خارجيةٌ واقعيةٌ وجودية في الواقع الخارجي, تستطيع أن تعرفها من قبيل افترضوا أن الجسم أن يكون أبيض أو أن يكون أسود, الآن لماذا نذهب إلى أمثلة أخرى, من قبيل الماء من قبيل أن الماء يتغير أو لا يتغير؟ لا يتغير, هذا التغير وعدم التغير أمر اعتباري أم أمر خارجي؟ من الواضح أن الماء متغير والماء غير المتغير أمران واقعيان خارجيان, الآن بغض النظر أن الماء المتغير نجس أو الماء إذا تغير نجس, بغض النظر نحن نتكلم في التغير, التغيّر الماء هو الماء, يعني لم يتغير عرفاً الماء عن حاله ولذا قلنا في النوع الثاني أن الموضوع ما هو؟ محفوظ وإنما الذي يتغير ما هو؟ قيوده وشروطه ونحو ذلك.
إذن النوع الأول, أو افترضوا العصير العنبي, قبل زوال الثلثين وبعد زوال الثلثين, طيب العصير العنبي عصيرٌ عنبي ولكنه واقعاً شروطه تختلف أصلاً آثاره أيضاً تختلف انظروا إلى آثاره تجدوا الآثار ما قبل الزوال زوال الثلثين شيء والآثار التي ما بعد الثلثين ماذا؟ شيء آخر, هذا النوع الأول.
النوع الثاني من القيود: وهذا هو المهم ذاك أمره سهل بعد ذلك سيتضح أنه أمره سهل, لماذا؟ لأنه نحن لم يقم عندنا دليلٌ أنه لابد أن يتبدل الموضوع كاملاً حتى يتبدل الحكم الشرعي, نحن قلنا أن الأحكام تابعة للموضوعات, فإذا تبدل أصل الموضوع أو تبدل قيد من قيود الموضوع فإنه يتبدل الحكم التابع للموضوع.
إنما الكلام في هذا القسم الثاني, وهو أنه لا يوجد هناك لا تغيّر لا في ذات الموضوع عرفاً فضلاً عن العقل, ولا تغيّر في قيوده الخارجية هو هو, وإنما الذي يتغير عنوانه, هذه المرأة قبل الزواج وبعد الزواج ماذا تغير فيها؟ هذه المرأة قبل الزواج وبعد الزواج؟ تغيّرت ذات المرأة حتى ندخل في باب الاستحالة يعني في القسم الأول؟ الجواب: كلا, المرأة هي, تغيّرت شروط المرأة الخارجية؟ هي, لا كانت بيضاء صارت سوداء ولا كانت متغيرة صارت غير متغيرة أبداً, إذن ما الذي تغير بعد الزوال؟ جاء عنوان اعتباري أنه قبلها لم يصدق عليها زوج الآن يصدق عليها زوج بماذا؟ بلفظين أنكحت قبلت انتهت القضية, هذه أمور اعتبارية أم أمور واقعية؟ اتفقت الكلمة أن هذه, الآن تقل لي أنها ناشئة ذاك البحث في الملاك, بحثنا ليس في الملاك بحثنا في هذا الحكم الشرعي, في الأحكام وهو اتفقت الكلمة أن الأحكام أمور اعتبارية وليست أمور تكوينية, نعم بناءً على نظرية العدلية أنها ناشئة من مصالح ومفاسد واقعية تكوينية ذاك بحث آخر, الآن نتكلم في الحكم الشرعي, تجدون بأنه قبل هذا الأمر الاعتباري كانت تستطيع أن تخرج في أي وقت تشاء, ولكن بعد هذا الأمر الاعتباري تستطيع أن تخرج من بيتها ضمن شروط من غير إذن زوجها أو لا تستطيع؟ وهكذا عشرات الأحكام التي تترتب.
هذا ماءٌ مباح هذا الماء مباح المباحات الأولية الموجودة في الطبيعة هذه كانت أنت تستطيع أن تأخذها أنا آخذها وأي واحد يستطيع أن يأخذها ولكن بمجرد أنك ماذا فعلت؟ استملكتها بالحيازة تملكتها ماذا صار هذا الشيء هذا الماء أو الخشب أو الأرض ماذا صار؟ صار مملوك طيب الملكية أين هي دلني عليها في الخارج جوهر عرض واقع خارجي أيوجد شيء في الخارج اسمه ملكية؟ هل يوجد في الواقع الخارجي شيء اسمه الملكية؟
الجواب: كلا أمر اعتباري بدليل أنه هذا اليوم هذا الكتاب لي أقول ملكي وأقاتل دونه وبعد ساعة ماذا؟ لا يحق لي أن أمسه هذا يكشف عن أنه أمر حقيقي أم أمر اعتباري؟ أمر اعتباري, الآن أنا مالك بعد ساعة صار ملكاً للورثة وانتهت القضية والآن كذا وهكذا. وعشرات الأمثلة بل المئات في الفقه أنه تجد أن الذي يتغير لا هو موضوع الحكم الشرعي ولا القيود الخارجية لموضوع الحكم الشرعي وإنما الذي يتغير عنوان الموضوع كان شيئاً وصار ماذا؟ التفت, هذا البحث سينفتح منه إذا تم هذا الباب هذا واقعاً من الأبواب التي ينفتح منها ألف باب, الآن تقل لي أين؟ واحدة من مصاديقها الحيل الشرعية هنا, في الحيل الشرعية الموضوع تغير؟ هو الحيلة الشرعية ماذا تريد أن تفعل أساساً فلسفة الحيل الشرعية هي ماذا؟ أن الموضوع يبقى على حاله قيود الموضوع وشروطه تبقى على حالها, إذن ماذا يتغير؟ العنوان تبدله فقط, هذا ربا أقرضتك مائة بمائة وعشرين حلال أم حرام؟ لا, زنا بل سبعين درهم منه في سبعين زنا, هذا على ماذا أنت مجبور أن تذهب وتفعل مائة بمائة وعشرين قرض طيب قل بعتك مائة بمائة وعشرين طيب ماذا تغير من الواقع الخارجي؟ هذا الفساد العظيم وهذا الظلم {لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} هذا كله تبين كان مربوط بماذا؟ بلفظ واحد أنت بدله ولا تقل أقرضتك بل قل بعتك انتهت القضية وهذه أمامكم أنتم الرسائل العملية أقرؤوها, وليس في هذا المورد في عشرات الموارد الأخرى طبعاً أنا ما أتكلم في الضميمة في الضميمة يوجد شيء خارجي انضم إليها الآن ذاك بحث أنه يحقق الغرض أو ينقض الغرض ذاك بحث, أنا ما أتكلم الآن في الضميمة أتكلم في تغير العنوان من غير تغير المعنون لا ذاتاً ولا قيداً, جائز أو ليس بجائز؟ جملة من الأعلام بل لعله المشهور بين الفقهاء أنه الأحكام تابعة للعناوين, وهنا العنوان واحد أم العنوان متعدد؟ العنوان متعدد بمجرد أن تشكل عليهم يقولون فما بالك الفقه كله أساساً قائم على أنه إذا تبدل العنوان والشاهد على ما نقول هذا أمامكم المرأة لا تبدل ذاتها ولا قيودها وإنما تبدل عنوان اعتباري صار يصدق عليها زوجة قبل ساعة ما يصدق بعد ساعة يصدق انظروا تبدلت الأحكام, لماذا تأتون إلى المعاملات والحيل الشرعية تستبعدون هذا المعنى, إذن هذه القضية أحفظوها لنا.
إذن القسم الثاني من القيود هي القيود انظروا إخواني الأعزائي الآن أنت قد هذه أنا يقين عندي أنت في مطالعاتك الفقهية والأصولية ألف مرة مار عليها هذه هذا النوع الثاني من القيود ولكنه واقعاً لم تقف عندها جيداً, طيب ما هي الثمرة المترتبة على هذا, هذه هي القضية السياسية أنت لابد أن تعين موقفك في الرتبة السابقة أنه تبدل الموضوع المقصود من تبدل الموضوع بأي معنىً يتبدل الموضوع تبدل الموضوع خارجاً تبدل الموضوع قيداً أو يكفي تبدل الموضوع عنواناً أو اسماً, طيب هذا الآن هذا القدر اكتفينا به في القسم أو النوع الثاني من أنواع الموضوعات.
النوع الثالث -أعنونه إن شاء الله بحثه إلى غد- النوع الثالث بحثه ما فيه تفصيل فقط أمر عليه- وهو أنه لا يوجد تغيّر في أصل الموضوع ولا يوجد تغيّر في قيود وشروط الموضوع وإنما التغير في مصاديق الموضوع, يتذكر الإخوة هذا البحث وقفنا عنده مفصلاً فيما سبق قلنا أن هذه اتفقت الكلمة على أنه لا إشكال ولا شبهة أن تبدل المصاديق تابع للعرف والعرف إذا تبدل المصداق ما عنده مشكلة, وذكرنا مثال الزكاة قلنا بأنه لابد أن نرى أن موضوع وجوب الزكاة هو ماذا؟ هل هو هذه التسعة أو موضوع وجوب الزكاة هو المال, فإذا تبين أن موضوع وجوب الزكاة هو المال إذن ما يصدق عليه مال في كل مجتمع تجب فيه الزكاة, السلاح القوة النفقة هذه كلها عناوين الموضوع لم يتغير تجب النفقة هذا تغير أو لم يتغير؟ أبداً النفقة واجبة مذ صدر الإسلام إلى قيام الساعة >حلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه< تجب ولكنه مصاديق النفقة ما هي؟ طيب قد تتبدل من زمان إلى زمان من مكان إلى مكان ومن عرف إلى عرف, وهذا ايضا بحث لا يحتاج أن نقف عنده كثيراً أيضاً نوع وإنما أشرت إليه هنا فقط للتنبيه أنكم لا ينبغي أن تخلطوا بين تغير الموضوع وتغير قيود الموضوع وتغير مصاديق الموضوع لأنه كثيراً ما يقع الخلط هو التغير يحصل في المصاديق فيتصورون أن التغير يحصل أين؟ في الموضوع, مع أنه لم يحصل التغير في الموضوع وإنما التغير في مصاديق الموضوع.
النوع الرابع: هو تغير الموضوع عنواناً لا حقيقةً ولا قيوداً ولا مصاديقاً ولا بحسب المصاديق لا بحسب الذات متغير الموضوع ولا بحسب القيود متغير الموضوع ولا بحسب المصاديق متغير الموضوع إذن ما هو المتغير؟ فقط العنوان متغير, فهل يؤدي إلى تغير الحكم الشرعي أو لا؟ هذا بحثه سيأتي.
والحمد لله رب العالمين.