نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (45)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    حتى تتضح الصورة ونزولاً عند طلبة بعض الإخوة الأعزاء في الدرس أنه هذا البحث بمقدار ما يعمق حتى تتضح معالمه وتندفع بعض الإشكالات الواردة التي أنها لزوم الربا في المقام, بودي أنه لعله في يوم أو يومين نقف عند هذا البحث بشكل أوضح لأنه المسألة واقعاً ابتلائيّة والمسألة تدخل في صلب حياتنا الفردية والاجتماعية.

    في المقام توجد صورٌ ثلاث:

    الصورة الأولى: هو سقوط أصل اعتبار الوحدة النقدية, يعني أن الدولة تسقط النقد السابق, وهنا أصلٌ أنا بودي أن الإخوة لا ينسوا هذا الأصل وهذه القرينة المتصلة نحن حديثنا في الوحدات النقدية الاعتبارية لا الوحدات النقدية -إن صح التعبير- الحقيقية التي لها اعتبارٌ في نفسها, حديثنا ليس في الوحدة النقدية الحقيقية كالذهب والفضة, الآن سواء كانت مسكوكة أم لم تكن مسكوكة, في ذلك الزمان عموماً التعامل كان من خلال الدرهم أو الدينار أو الوحدات النقدية التي لها قيمة حقيقية في ذاتها بغض النظر عن أن تكون مسكوكة يتعامل بها يشترى بها شيء يباع بها شيء أم لم تكن. حديثنا في هذه الوحدات النقدية.

    ولذا إن شاء الله تعالى بعد ذلك عندما نأتي إلى الروايات -لأنه صار القرار قليلاً يتضح- يتبين بأنه أساساً تلك الروايات لا علاقة لها بمحل الكلام, هذا أولاً. وثانياً: الآن نتكلم على مقتضى القاعدة الأولية الآن ما هو مقتضى النصوص الخاصة إن وردت, عند ذلك لابد أن يشار.

    إذن البحث في مقامين:

    المقام الأول: مقتضى القاعدة أساساً لو كنا نحن ومقتضى القواعد الأولية ماذا نتعامل مع مثل هذه الوحدات النقدية المعروفة في زماننا.

    المقام الثاني: ما هو مقتضى النصوص الخاصة إن كانت هناك نصوص خاصة تشمل المقام.

    أما المقام الأول: وهو بحثنا في الأوراق النقدية الاعتبارية. توجد صور ثلاث:

    الصورة الأولى: أن تسقط القيمة السوقية للوحدة النقدية, الدولة تبدلها من وحدة نقدية إلى وحدة نقدية أخرى, هذا ممّا لم يختلف فيه أحدٌ من الفقهاء أنّه ينبغي عليه أن يُعطي القيمة ولا يجوز له إعطاء المثل, وهذا واضحٌ باعتبار أنّ المثل له قيمة أو ليست له قيمة؟ لا, صارت ورق لا قيمة لها.

    الصورة الثانية: أن يبقى الاعتبار قائماً للوحدة النقدية ولكنّ القدرة الشرائية والقيمة السوقية للوحدة النقدية تختلف ولكن اختلافاً متعارفاً اختلافاً مُعتدّاً به اختلافاً, ليس اختلافاً فاحشاً أضعاف مضاعفة, ذاك الاختلاف الذي على أساسه تقوم المعاملات, الآن جنابك عندما تشتري حاجة أو تبيع حاجة واقعاً تريد أن يكون الثمن والمثمن أحدهما مساوياً للآخر مائة بالمائة رياضياً؟ أساساً إذن لا تحصل معاملة ولا يحصل تجارة, لماذا؟ لأن الذي يبيع يريد أن يربح والذي يريد أن يشتري أيضاً يريد أن يربح, هذا القدر من الفارق بين الثمن والمثمن هذا القدر مغتفرٌ, ولذا لا يقال بأنه فيه غَبنٌ مثلاً, متى يحصل الغَبن؟ إذا كان الفارق واسعاً شاسعاً فاحشاً.

    الصورة الثانية: أن يكون للوحدة النقدية فارقٌ في القوة الشرائية من حين الأخذ إلى حين الأداء ولكنّه فارقٌ غير كبير, فارقٌ متعارف هنا ضامن لهذا القدر أو ليس بضامن؟ أيضاً لا إشكال ولا شبهة أنه ليس بضامن. يعني إذا كانت الوحدة النقدية في البلد لا يوجد في البلد إلا تضخم واحد في المائة, اثنين في المائة, ثلاثة في المائة أقل أو أكثر هذا ليس يعني من وضع يده على النقد وعلى الوحدة النقدية بعد ذلك الدائن لا يستطيع أن يطالبه بأكثر من المثل وإن كان هناك فارق اثنين بالمائة, خمسة بالمائة أقل أو أكثر لأن هذا ليس فارقاً فاحشاً وليس اختلافاً فاحشاً, وهذا واضحٌ أيضاً, هذه الصورة الثانية أيضاً لا إشكال فيها.

    الصورة الثالثة: -التي هي محل الكلام- وهو: أن الوحدة النقدية تكون باقية على حالها -التفتوا- هذا أولاً, وثانياً: أن قدرتها الشرائية من حين وقوعها تحت اليد إلى حين الأداء اختلف اختلافاً فاحشاً, تضخم يوجد في البلد أو أنه فارقٌ في القوة الشرائية ثلاثين في المائة, خمسين في المائة, مائة في المائة, بعض البلدان -إخواني الأعزاء- قد يصل إلى ألف في المائة قد يصل إلى خمسة آلاف في المائة وتوجد بعض البلدان الفقيرة هذه حالتها موجودة, في مثل هذه الحالة ما هو القرار؟ وما هو الحكم الشرعي؟ وما هي مقتضى القواعد الفقهية في المقام؟

    إذن اتضح أن محل النزاع في هذه الصورة الثالثة, لا في الصورة الأولى ولا في الصورة الثانية.

    في الصورة الثالثة ذَكر جملة من الأعلام الذين بحثوا هذه المسألة لأنه ما يمكن إدعاء الشهرة والإجماع فيها لماذا؟ لأنها مسألة متأخرة وأساساً النقود ليس لها عمر لعله إلا كذا سنة, هذا مضافاً إلى أنه ليس كل الفقهاء عرضوا لهذه المسألة, مَن عرض لهذه المسألة تقريباً المعروف بينهم أنّ الأوراق النقدية أو الوحدات النقدية الاعتبارية مثليّة, فإذا كانت مثليّة فأدائها يكون على حد ما كان حين اشتغال الذمة بها, اشتغلت الذمة بمائة وحدة نقدية, الآن بعد سنة سواء كان الفارق اثنين في المائة في القوة الشرائية أو كان الفارق مائة في المائة في القوة الشرائية عليّ ماذا؟ أن أعطي المائة, أنا لا علاقة لي أن قوتها الشرائية قلّت أو زادت أو نقصت إلى غير ذلك.

    في مقابل هذا التوجه نحن أشرنا إلى اتجاهٍ آخر, قلنا: لا, أنّه في هذه الصورة ليس فقط المدين أو الذي يده على المال أو على تلك الوحدة النقدية ليس فقط ضامن لأصل المال يعني للوحدات النقدية, بل ضامن للقوة الشرائية أيضاً, لماذا؟ أشرنا بالأمس قلنا: لأننا نعتقد أنّ الوحدات النقدية ليست مثليّة وإنما هي قيمية.

    هذا الكلام الذي أشرنا إليه من خلال أسئلة بعض الإخوة وإشكالاتهم اتضح أنهم هكذا تصوروا, أنّنا إذا بنينا على المثلية فلا ضمان في القوة الشرائية, وإذا بنينا على القيمية فهناك ضمان في القوة الشرائية, إذن كأنه المرجع المسألة ارتبطت بأي شيء؟ بأن الوحدات النقدية الاعتبارية -مرة أخرى أقول- هل هي مثلية أو هي قيمية؟ فإن كانت قيمية فلا ضمان في القوة الشرائية, وإن كانت قيمية فهناك ضمان في القوة الشرائية.

    الآن هنا أنا بودي أن أشير إلى نكتة لابد أن الإخوة يلتفتوا إليها أساساً هل يوجد عندنا ضابط شرعي في المثلي والقيمي أو لا يوجد؟ الجواب: لا يوجد, نحن لا توجد عندنا آية أو رواية تقول أن الضابط القيمي كذا والضابط المثلي كذا, أنتم تتذكرون أنني في السابق أشرت إلى هذه القضية قلنا: بأنه عندما نبحث عن الضابط إذا كان هناك نصٌ شرعي, أما إذا لم يكن هناك عندنا نصٌ شرعي يقول ما هو ضابط المثلي وما هو ضابط القيمي إذن لابد أن نرجع إلى ماذا؟ إلى العرف, العرف ماذا يقول أن أي شيء مثلي وأن أي شيء قيمي؟ إذا كان الأمر كذلك, المعروف بين الأعلام أن الأوراق النقدية أو الوحدات النقدية -سواءٌ كانت أوراق أو غير أوراق لا يفرق- أن الوحدات النقدية بطبيعتها مثلية, بأي دليلٍ؟ قالوا: لأنه المثلي عرفاً يعني ما له أمثال والوحدات النقدية لها أمثال أو ليس لها أمثال؟ نعم, نحن الآن عرفاً لو نرجع ونقول له أي شيءٍ هذا مثلي أي شيء؟ يقول أنظروا إذا كان له أمثال مماثلة له, أمثال أخرى مماثلة له فيكون مثلياً, طبعاً عندما نقول مماثلة ليس مرادنا المماثلة الفلسفية في الحقيقة النوعية أو … إلى غير ذلك, مرادنا المماثلة العرفية, إن كان له مثلٌ فيدخل في المثلي, وإن لم يكن له أمثال مماثلة له عرفاً فيدخل في القيمي, طيب الآن سؤال: الآن عندما تضع يدك أنت على الأوراق النقدية أو على الوحدات النقدية واقعاً لها أمثال لها مماثل أو ليس لها مماثل؟ نعم, هذه الوحدة النقدية لها مماثل وهذه الوحدة النقدية, أصلاً لو وقع اختلاف أساساً لا قيمة لها, لابد أن تكون بعضها مماثلة للبعض الآخر, التفتوا. وقاعدة عرفية فلسفية -ما أدري عبروا- >حكم الأمثال واحد< من الطبيعي أنه إذا كان أمثال طيب أنا أخذت مائة فلابد أن أدفع مائة, انتهت القضية, الوحدات والأوراق الوحدات النقدية بطبيعة العرف والارتكاز العرفي والعقلائي أنها لها أمثال أو ليس لها أمثال؟ لها أمثال, هذا أولاً.

    القيد الثاني أو الركن الثاني الذي ذكره, هذا أنا كله أدخل في بيان كأنه استدلال القائلين بأن الوحدات النقدية مثلية تلتفتون أم لا, إذن أولاً: أنّ لها أمثال, ثانياً: أننا نحن ذكرنا أن الأوراق أو الوحدات النقدية هي وسيلة للتبادل ليست هي مال, ولكنها وسيلةٌ للتبادل المالي, ومن هنا إذن فلها قيمة في نفسها أو ليست لها قيمة في نفسها؟ في نفسها ليست لها قيمة لأنه لا نتكلم في الدرهم والدينار الذي له قيمة مستجنة في نفسه, وإنما هي وسيلة لشيء آخر, هؤلاء يقولون القائلون بالمثلية يقولون لا, لا نوافق على ذلك, فإن الوحدات النقدية في نفسها أيضاً لها مالية, ولذا عرفاً التي احترقت نقوده ماذا يقول؟ احترقت أموالي, إذا سرقت نقوده ماذا يقول؟ يقول سرق مالي, وهذه القضية ما أريد أن أدخل فيها تفصيلاً وهذه قضية مربوطة بتعريف المال فقهاً ما هو, أنه لابد أن نبين الضابط أن هذا مال أو ليس بمال ما هو؟ ما أدري واضح أم لا.

    هنا جملة من الأعلام عندما جاؤوا إلى تعريف المال هكذا قالوا.

    السيد الحائري في (فقه العقود الجزء الأول ص107) يقول: >مقصودنا بالمال ما يُرغب في امتلاكه بالعوض< يعني أنت تبذل بإزائه عوضاً, طيب هذا العوض أيضاً مالٌ يعني تبذل بإزائه مالاً, طيب جيداً أنا عندما عندي عشرة آلاف دينار أبذلها بإزاء ماذا؟ الكتاب, طيب الذي عنده الكتاب يبذل الكتاب أيضاً بإزاء ماذا؟ طيب تلك العشرة آلاف مال أو ليست بمال؟ إذا لم تكن مالاً, فلماذا يبذل مالاً بإزاء ما ليس بمال؟ إذن عرفاً الوحدة النقدية أيضاً مالٌ وإلا إذا لم يكن مالاً عرفاً عقلائياً طيب يبذل بإزائه شيء أو لا يبذل؟ ما له قيمة؟ لا يبذل, إذن من البذل بإزائه ما نعتبره مالاً نستكشف أنه هو ماذا أيضاً؟ هو مالٌ.

    ولذا أنا أتصور التعريف الأدق لهذا, التعريف الأدق للمال هو أن نقول هكذا, نقول: >ما يرغب العقلاء ويبذلون بإزائه مالٌ< بغض النظر عوض وغير عوض, مطلق أساساً, كل ما يرغب فيه العقلاء ويبذلون بإزائه مال أو ما له مالية يُعد مال, والوحدات النقدية يرغب فيها العقلاء أو لا يرغب فيها العقلاء؟ بل أهم ما يرغب فيه العقلاء, أيوجد شخص, إلا, ذاك صاحبنا ذهب إلى أحد الأعلام قال له بأنه أنا أستمع بأنه قال له ما هي الموسيقى؟ قال له: ما يطرب, قال: طيب أنا أستمع الموسيقى ولكن ما أطرب؟ قال: له لأنك حمار, وإلا الموسيقى إذا كانت مطربة ولم تطرب فتوجد إشكالية أين؟ الإشكالية فيك, إذا واقعاً ما ترغب, نعم الآن حد المال الذي يرغب فيه ذاك بحث آخر, وإلا الوحدات النقدية يرغب فيها العقلاء أو لا؟ ولو الحد الأدنى في النتيجة, الآن شخص يريد الحد الأعلى وشخص يكتفي بالحد الأدنى, المهم.

    إذن على هذا الأساس إخواني الأعزاء, الركن الثاني في المثلي أيضاً متحقق, أولاً: أن يكون مالاً والثاني أن يكون له مماثل, والوحدات النقدية هي مالٌ وأيضاً لها مماثل, إذن من أوضح مصاديق المثلية.

    والشاهد على ذلك -يعني يؤيد المثلية- يعني يؤيد المثلية أنا أريد أن أقوي دليل القائلين بالمثلية, والشاهد على ذلك هو أنه: جنابك لو أعطيت لأحد مائة دينار عراقي أو مائة دولار أو أي وحدة نقدية أخرى حين الأداء أراد أن يؤدي إليك القدرة الشرائية للمائة, أنت ملزم أن تقبل أو غير ملزم؟ يعني يريد أن يقول لك أنا كم أعطيتك؟ أنا كم أخذت منك؟ تقول أخذت مني مائة دولار, تقول له الآن بما يعادلها دقيقاً في السوق من القدرة الشرائية أريد أن أعطيك دينار عراقي, أنا الدائن ملزم أن أقبل أو غير ملزم أن أقبل؟ لا غير ملزم أن أقبل لأنه يؤدّيني على اليد ما أخذت حتى تؤدي -وإن كانت رواية ضعيفة السند يكون في علم الإخوان, نعم مقتضى القواعد الأولية هذا المضمون وإلا رواية ضعيفة نعم رواية عاميّة هي- على اليد ما أخذت, وهذا يكشف عن أن للوحدة النقدية خصوصية وإلا إذا لم تكن لها خصوصية إلا القدرة الشرائية, كان ينبغي سواء أعطاني بهذا الجنس أو بهذا الجنس أو بهذا الجنس وكان معادل للقدرة الشرائية يجب على الدائن أن يقبل؟ مع أنه لا يجب عليه أن يقبل, هذا شاهدٌ أو كاشفٌ عن أنه أساساً للوحدة النقدية أيضاً خصوصية وموضوعية, أحسنتم, إذا كانت له موضوعية هذا كاشفٌ عن المثلية وليس كاشفاً عن القيمية, ما أدري واضح إلى هنا.

    إلى هنا نحن نريد أن نمشي مع القائلين بالمثلية إلى الآخر لنرى -الآن القائل يقول طيب سيدنا هذا على خلاف ما تقول- أقول جيد, أنا أريد أن أمشي إلى الآخر مع المثلية وأرى بأنه حتى لو بنينا على المثلية هل هو ضامن للقدرة الشرائية أو غير ضامن؟ أريد أن أفسخ القاعدة التي تصورها البعض وهو أن القضية مرتبطة بالقيمي وبالمثلي فمن قال بالمثلي لا يضمن القوة الشرائية, ومن قال بالقيمي يكون ضامناً, لا أريد أن أنتهي إلى هذا أو نريد أن نعرف أنه يمكن أن نقول بالمثلية ومع ذلك نقول بضمان القوة الشرائية أو لا يمكن ذلك؟ ما أدري واضح, لأنه نحن بحثنا ليس تفصيلي وإلا لو كان بحثنا تفصيلي في النقود أنا كنت ذكرت الوجوه التي يمكن أن يقوى بها المثلية أو القيمية ولكن حيث أنه قد يتوهم أن هذه القضية مرتبطة بهذه المسألة, فلهذا نحن نريد أن نقول لو تنزلنا وقلنا أن الوحدات النقدية أيضاً ما هيّ؟ مثلية وليست قيمية هل يمكن بعد ذلك أن نقول بضمان القوة الشرائية أو لا يمكن؟

    الآن وصلنا إلى هنا, أن الأوراق النقدية أو الوحدات النقدية ما هيّ؟ مثليّة, ما هو الضابط في ضمان المثليات ما هو الضابط؟ المشكلة كل المشكلة هنا.

    في مقام الجواب يقولون: بأنّه في المثليّات ينبغي أن يؤدي العين المثلي لأنه عين صارت المثلي الآن سواء كانت وحدة نقدية أو كانت سلعة خارجية كان كتاب أو ساعة أو سيارة لا فرق, عندما يريد أن يؤدي لا أنه ينظر -إن صح التعبير- إلى الخصائص الذاتية للشيء ينظر إلى الخصائص الذاتية والعرضية للعين التي يريد أن يردها, كل الصفات المرتبطة بالعين التي لابد أن يردها لابد أن تكون موجودة في المثل حتى يحق له ماذا؟ حتى يكون أداءً >على اليد ما< هذه ما شاملٌ لأي شيء؟ شاملٌ لكل خصوصيات هذه العين, هذه العين خصوصياتها سواء كانت ذاتية مقومّة أو كانت صفات عرضية.

    أما إذا كانت تلك الأمور تبدلّت فهل يجوز فهل تكون مثلاً أو لا تكون مثلاً؟ لا تكون مثلاً إذا خصوصياتها الذاتية خصوصياتها العرضية مواصفات تلك العين تبدلت تغيرت, هل إذا رد أدّى أم لم يؤدي؟ لم يؤدي, الآن لو فرضنا أنه إخواني الأعزاء العين بما هي عين من خصوصياتها الذاتية والعرضية لم تتبدل, تبدلت الشرائط الخارجية لا الخصائص للعين, كيف تبدلت الشرائط الخارجية؟ كان أنا عندما أخذته كان في البرد الآن ماذا؟ أو أخذت منه -إن صح التعبير- الثلج بالصيف الآن أريد أن أرجع الثلج في الشتاء طيب الثلج تبدل منه شيء, طيب هذا الثلج والله أذهب وحتى نفس ذاك المعمل الذي أخذته منه اشتري وآتيك به, ما الذي تبدل؟ الشرائط الداخلية -إن صح التعبير- للعين تبدلّت أو لم تتبدل؟ لم تتبدل, كنت قد أخذت من عندك ماء في الصحراء الذي القطرة منه تعيد الحياة, والآن جئت هذا المعدني نفسه ذاك كان ماء ملوث وآتيك بماء معدني أحسن منه بعشرة أضعاف ولكن في مكان لتره بدينارين ألف تومان أو خمسمائة, هذا ما الذي تبدل؟ تبدلّت العين المثل؟ لا أبداً المثل على حاله لم يتبدل أبدا, ما الذي يتبدل؟ الشرائط الخارجية للشيء, هذه كل عركتنا على هذه, هذا الزمان والمكان إخواني الأعزاء, وهو أن الزمان والمكان هل هو قيد أو ليس قيداً؟ مشهور الفقهاء يقولون ماذا؟ ليس قيداً أنا ما هي علاقتي بالزمان بالعرض وبالطلب وبالدعاية, افرضوا أنه لم يعملوا دعاية في ذاك الزمان ضد السلعة فالسلعة لها قيمتها, ولكنّه الآن عملوا دعاية مضادة منافس خرج في السوق عملوا دعاية مضادة لهذه السلعة فالسلعة ماذا حدث لها؟ سقطت وكل قيمة لا يوجد فيها, أصلاً الدعايات الموجودة في الإذاعة والتلفزيونات أيضاً قائمة على الإعلانات والإعلاميات عملوا دعايات وبدلوا أذواق الناس, ذوق الناس تبدل, هذا الموديل كانوا يقبلونه الآن هذا الموديل أصلاً لا يريدونه, كان الشيء وفيراً الآن صار شحيحاً نادراً إلى آخره, هذه العوامل تبدلت ولكنه هل تؤثر على العين الداخلية وشرائطها الداخلية أو لا تؤثر؟ مشهور الفقهاء قالوا ماذا؟ لا تؤثر, نحن أيضاً كلامنا مع ماذا؟ هذا الذي إن شاء الله تعالى واحدة من أهم أقسام تغيّر الموضوع أن الموضوع -حتى أربطه بالزمان والمكان- أنّ الموضوع في ذاته وذاتياته في أعراضه وخصوصياته وصفاته تغيّر أو لم يتغيّر؟ لم يتغيّر, طيب ما الذي تغيّر؟ الشروط المحيطة به اقتصادية, نفسيّة, اجتماعيّة, علاقات غيرها تبدلّت, فهل تؤدي إلى تغير الموضوع بحسب الحكم الشرعي أو لا تؤدي؟ ماذا تقولون, البحث هنا.

    نحن إدعاءنا -إن شاء الله دليله بعد ذلك يأتي- نحن ادعاءنا أنّ الشروط الخارجيّة أيضاً هي قيود في موضوع الحكم الشرعي, فليس فقط إذا تبدل موضوع الحكم الشرعي داخلياً يتبدل الحكم الشرعي, كما ذكرنا في باب الاستحالة, في باب الاستحالة ماذا تبدل؟ تبدل موضوع الحكم الشرعي داخلياً ذاتياً, إذا تتذكرون كان عندنا واحد من أقسام التبدل في الموضوع تبدل قيود وشروط الموضوع, قلنا قيودها قيود وشروط داخليّة, حتى نميز قيود وشروط الموضوع الخارجية عن قيود وشروط الموضوع الداخلية, والآن هذه الوحدات النقدية والأوراق النقدية لم تتغير قيود وشروط وذاتياتها الداخلية, وإنما الذي تغيّر ماذا؟ الشروط والظروف الخارجية, كالمثال الذي ضربناه لكم, كالمثال الذي تذكرونه -إن شاء الله بحثه سيأتي- في باب الاضطرار, الآن مثال واضح جداً, في باب الاضطرار عندما نقول في حال الاختيار هذه ميتة يجوز أكلها أو لا يجوز؟ لا يجوز أكلها, في حال الاضطرار يجوز أكلها أو لا يجوز أكلها؟ يجوز أكلها, ما الذي تبدل الموضوع تبدل؟ واقعاً الموضوع ميتة لا ذاته تبدل ولا قيوده وشروطه تبدلّت, إذن ما الذي تبدل؟ أنا تبدلت من حال الاختيار إلى حال الاضطرار, وهذا قيد داخلي أم قيد خارجي؟ هذا مرتبطةٌ بي لا مرتبة بالموضوع, فمع تبدل الظروف الخارجية لموضوع الحكم الشرعي هل يؤدي ذلك إلى تبدل الموضوع أن ينتقل من موقعه إلى موقعٍ آخر من حكمٍ إلى حكمٍ آخر أو لا يتبدل أي منهما؟ وهذا واحدة من أقسام تغير موضوع الحكم الشرعي وهو أن لا يتغير الموضوع لا ذاتاً ولا صفةً ولا قيداً بل ولا حتّى عنواناً أصلاً عنوانه أيضاً لا يتغيّر هو هو, هذا ميتة, أنت عندما تضع يدك على الميتة في حال الاختيار والاضطرار ذاتاً بتدل؟ لا, قيداً تبدل؟ لا, عنواناً تبدل؟ لا, لأنه ميتة ولكن مع ذلك تقول يجوز. لو تبدلّت الشروط المحيطة كما ذكرنا في مثال البرد, البرد لم يتغير الثلج لا في صفاته لا في ذاته ولا في ذاته ولا في عنوانه أبداً ثلجٌ, ولا تبدل الماء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في عنوانه, ولكن ما الذي تبدل؟ الذي تبدل هو الحر والبرد, الذي تبدل هو أنه في مَ فاز أو في المدينة ونحو ذلك. ما أدري واضح هذا المعنى.

    الآن التفتوا, السؤال الأساسي وهو: أن تبدل -الوحدات النقدية ثابتة لم تتغير هذه الوحدة النقدية هذه الألف دينار أو خمسة آلاف دينار أو المائة دولار هذه الوحدة النقدية قبل خمس سنوات هي هذه وبعد خمس سنوات هي هذه نفس هذه الوحدة النقدية لا تبدل ذاتها ولا أوصافها الداخلية ولا عنوانها لأنه كان الدولار دينار والآن أيضاً الدولار نفس الوحدة النقدية ما الذي تبدل؟ تبدلت الظروف المحيطة الوضع الاقتصادي العام, العلاقات الموجودة بين الناس, تحسن حياة الناس و … إلى غير ذلك- الآن كل تبدلٍ -محلنا في الأوراق النقدية التفتوا- كل تبدلٍ في القوة الشرائية لهذه الوحدة النقدية يكون المدين ضامناً أو ليس كذلك؟ هنا إدعاءنا لا, العوامل التي تؤدي إلى الضمان وعدم الضمان على نحوين -التفتوا رجاء البحث فيه دقة-.

    إخواني الأعزاء العوامل على قسمين: عواملٌ صحيح تؤدي إلى ضعف القوة الشرائية ولكن عوامل كأنها مرتبطةٌ بالوحدة النقدية, وعواملٌ تؤدي إلى ضعف القوة الشرائية لهذه الوحدة النقدية ولكن عوامل خارجة عنها أصلاً ليست مرتبطة بها أصلاً, أجنبية عنها غير مرتبطة, وبعبارة أخرى: أساساً لا علاقة لها مرتبطة بعوامل أخرى لا علاقة لها.

    أضرب مثال لكل واحدٍ منها: مثال أنّه الدولة افترضوا ضمن الضوابط الاقتصادية لها الحق تطبع مائة مليون وحدة نقدية وليس من حقها أن تطبع أكثر, يعني ضمن الضوابط الاقتصادية علماء الاقتصاد يجلسون يقولون هذه الثروة الموجودة في البلد وهذه القدرة الإنتاجية الموجودة في البلد وهذا الوضع الحاكم في البلد, أنت من حقك في مقابل هذه الثروة كم تطبع مائة مليون, ولكن يضطر البنك المركزي أن يطبع كم؟ مئتين مليون, (فيطيح حظ عملته) مائة بدل أن يطبع مائة يطبع مئتين, عند ذلك النتيجة ماذا تقول؟ النتيجة أن القوة الشرائية لأنه الإنتاج الذي مقابله ازداد أو لم يزدد؟ لم يزدد الإنتاج لأننا قلنا بأنه بحسب القدرة الإنتاجية والثروة الموجودة في البلد أنت تستطيع أن تطبع مائة مليون وحدة نقدية فإذا طبعت مئتين مليون وحدة نقدية يعني يحصل ضعف إلى النصف لهذه الوحدات الموجودة بأيدي الناس. هذا قسم.

    القسم الآخر, هذا نحوٌ من التضعيف. نحوٌ آخر من التضعيف لا, يأتي تاجر هذه الشركات الأممية هذه الحاجات الموجودة في السوق تشتريها فتكون نادرة أين؟ في السوق, فبقانون العرض والطلب, بيني وبين الله الوحدة النقدية التي عندي ليست ضعيفة باقية على قوتها ولكنه هذا دخل من الخارج واحتكر المواد فأدى إلى أنه سعر هذه القطعة كانت بعشرة الآن السعر ماذا صار؟ صار خمسين, هذه الخمسين ليس لضعفٍ في الوحدة النقدية بل بعامل خارجي هذا المحتكر الذي دخل في الخط, أيوجد فرق بينهما أو لا يوجد فرق؟ الجواب: واضح فرق, لماذا؟ لأنه في النحو الأول أساساً العملة نفسها الوحدة النقدية بنفسها بسبب تصرف من الدولة ضعفت قوتها, إذن يوجد ضعف في نفس, واقعاً يوجد ضعف ذاتي أين؟ ولكن عندما نقول ذاتي ليس بعنوان أنه صفاتها الذاتية أم صفاتها العرضية أبداً وإنما بسبب تصرفٍ من الدولة التي تعطي اعتبار لهذه الوحدات النقدية هذا التصرف الخاطئ أدّى إلى ضعفها حقيقة يوصل إلى النصف يوصل إلى الربع يوصل إلى العشر, إذن الوحدة النقدية ضعفت أما سبب الضعف ما هو؟ الدولة القائمة على هذا, ولكنّه أدّى إلى ضعفها حقيقةً, أما في النحو الثاني واقعاً لم تضعف بدليل أنه بمجرد أنه رفع يده عن الاحتكار أنت تجد بأن القوة الطبيعية لهذه الوحدات النقدية على حالها أبداً, ولو كانت ضعيفة كان ينبغي أن لا تؤثر.

    نحن ندعي أنه إذا كان ضعف القوة الشرائية ناتجاً من النحو الأول فالمدين ضامن؛ لأنّه أساساً هذه القوة الشرائية كأنها صفة مقومة للوحدة النقدية, الآن يقول لست أنا السبب, المدين قد يقول أنه لست أنا السبب, الدولة, نقول لا علاقة لنا أنا أيضاً قد يكون ابنك قد عمل عملاً ولكن أنت ضامن أنا ما عندي علاقة أنه من هو السبب, المهم أن هذه الوحدة النقدية ضعفت فإذا كانت ضعيفة من الذي يضمنها لي؟ يضمنها المدين الذي بيده المال. أما إذا كانت من النحو الثاني الدولة التي أعطت اعتبار لهذا المال تقول والله نحن لم نفعل شيئاً حتى تضعيف ولكن أساساً ما ضعفت, بدليل أنه أنتم اذهبوا إلى بلدٍ آخر تجدون أنه هذه الوحدة النقدية التي لنا محتفظة بقوتها, نعم في هذه المنطقة لأنه هذا دخل على الخط بقانون العرض والطلب أو بقانون الاحتكار أو بأي عاملٍ آخر أدى إلى أنه أنت الذي تريد أن تشتري الحاجة لابد أن تدفع خمسة أضعاف قيمتها الواقعية, هذا لا بسبب ضعف القوة الشرائية للوحدة بل بسبب عامل خارجي لا علاقة له بالوحدة النقدية, في مثل هذه الحالة يكون المدين ضامن أو لا يكون ضامناً؟ نقول لا يكون. نعم, تبقى هذه كبروياً, تبقى صغروياً هذه من يشخصها؟ طيب هذه كما ليست فقط في هذه القضية في عشرات مئات الموارد التي لابد من الرجوع إلى المتخصص إلى البنك المركزي إلى علماء الاقتصاد إلى القائمين على ذلك البلد أو غير ذلك البلد لنقول لهم أنه هل حصل هناك ضعف للقوة الشرائية للوحدة النقدية أم لم يحصل؟ ما أدري واضح هذا المعنى أو ليس بواضح.

    إذن إذا كانت الخصوصية الخارجية الشرط الخارجي صار بمنزلة خصوصية ذاتية وتنزّل بمنزلة الخصوصية الذاتية أدّت إلى ضعف حقيقي في القوة الشرائية فالمدين ضامن, أما إذا لم يكن هناك ضعف -إن صح التعبير- لا يوجد هناك ضعف بالذات وإنما هو ضعف بالعرض فضامن أو ليس بضامن؟ الآن أذكر, هذه القضية تصير واضحة كبروياً الآن أما صغروياً واقعاً المشكلة في صغروياً, الدولة عملتها قوية ولم تعمل أي عمل يؤدي إلى ضعف الدولة, ولكن صار حصار من الأمم المتحدة فأدّى إلى ضعف ماذا؟ الآن موجودة في العالم الدولة التي تحرم من مجلس الأمن ماذا يؤدي؟ تضعف القوة الشرائية لوحدتها النقدية, طيب هذا من القسم الأول أم من القسم الثاني؟ الجواب: من القسم الأول لا من القسم الثاني, لماذا؟ لأنه الدولة لابد أن تفتح عينها جيداً حتى لا توقع البلد في مثل هذه المطبات إذن هي المسئولة, وإلا ضامن, وإلا أنت, أنا عندي مائة دينار في بيت وجالس ومائة ديناري هذه قوتها, الآن أنت في العلاقات الدولية تخلق لي مشكلة هذه المائة دينار كم تصير قيمتها؟ خمسين, طيب ما هو المسئول أنا ما هو ذنبي أنا أتحمل؟ هذا بحثٌ صغروي لا أريد أن أدخل فقط أريد ذهنك يدخل في بحثها وفي عملها لترون أن القضية جداً أعمق مما أن نجس ندرّس أوقات الصلاة في الحوزة الفقاهة, أريد الإخوة إن شاء الله واقعاً بأذهانهم يرتفعون إلى أفق آخر إذا أردنا للحوزات العلمية أن تبقى تقود الحياة وتقود الناس وتقود المجتمعات لابد أن نرتفع إلى مستوى مشاكل الناس, أما إذا بقينا ثلاثين سنة نقرأ أوقات الصلاة وخمسة وعشرين سنة نقرأ طهارة اذهب أنت وعيش مع أوقات الصلاة مع الطهارة, وعند ذاك الوقت أنت لا تتوقع أن الناس فيما يحتاجون إليه, واطمئن أن الناس ما ينتظرون إلى أن تكتب لهم رسالة عملية وتوضحها لهم, أنت ما تعطيهم الرأي يذهب ويأخذها, >علموهم القرآن قبل أن يسبقكم إليهم المُرجئة< لا يوجد, يوجد تنافس الآن حضاري فكري ثقافي ديني عقائدي, تنافس يوجد أنت ما تمليه من يمليه؟ غيرك يمليه, يوجد تنافس حتى على شكل اللباس الذي تلبسه الآن توجد معركة في العالم أنه يغيّرون ثقافات الناس من خلال ثقافة الملبس, ثقافة الشكل, ثقافة الشعر, كل هذه, أنظروا الآن في مجتمعاتنا انظروا أشكال تجدونها بيني وبين الله ولا تجدوها في نار جهنم, طيب هذه من أين جاءت لنا من أين تأتينا؟ يوجد هجوم مركز, أنت إذا ما تلتفت, اللباس عنصر ثقافي ليست قضية والله ستر وأعبر, لا ليست هكذا القضية, إذا أردت أن تقول أنا أقود ماذا؟ مجتمع, لابد أن تلتفت إلى كل احتياجاته, إذا أنت لم تؤمن حاجاته أين يذهب؟ ابنك في البيت إذا تؤمن عشرة بالمائة من حاجاته تسعين بالمائة من أين يؤمنها؟ إما أن يؤمنها من طرق غير شرعية أو … إلى غير ذلك. أنت أمّن له ثم اعترض عليه.

    إخواني الأعزاء لو جئنا إلى هذا اللباس حتى نقوم بمسؤوليتنا أو لا والله نخرج من هذا اللباس ماذا نفعل بهذه المسئولية هذه, ندفع نحن أنه يوم القيامة نُسأل عن ذلك, أحفظوا هذه القضية.

    وللكلام تتمةٌ تأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/04
    • مرات التنزيل : 1051

  • جديد المرئيات