نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (46)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    بالأمس بنينا أو سلّمنا أننا لو قبلنا مبنى من يرى أن النقود والوحدات النقدية مثليّة لا أنها قيمية, قلنا بأنه لو سلمنا أن الوحدات النقدية عندنا مثلية لابد أن يلتفت إلى هذه النكتة وهي أن النقود يعني ما يقع بها التبادل في المعاملات وما يقع بها التبادل في الأسواق ونحو ذلك, أن هذه النقود على نحوين:

    النحو الأول: نقودٌ مثليّةٌ ولكنها في نفسها لها قيمة حقيقية, ليست أمور اعتبارية وضعها ورفعها بيد المعتبر لا ليس الأمر كذلك, وإنما لها قيمة حقيقية في نفسها الآن إما من الذهب إما من الفضة إما من النحاس إما من أي معدنٍ آخر لا فرق ولكن في نفسها لها قيمة حقيقية, بعبارة أخرى: تُعدّ سلعةً من السلع, هذا النوع الأول من النقود.

    النوع الثاني من النقود: هو أنّها لا تُعدّ سلعةً من السلع وإنما وإن كانت مثلية إلا أنها الخصوصية المقوّمة لها -إن صح التعبير- بمنزلة الفصل المقوّم لها -كما قرأنا في المنطق- مقوّمها الأساسية قوتها الشرائية وقيمتها التبادلية, يعني إنما وضعت لا لخصوصية في كونها دولار أو درهم أو ريال أو تومان أو فلس ونحو ذلك لا أبداً, هذه العناوين أي قيمة لا توجد لها أي قيمة, قيمتها في ماذا؟ قيمتها في قوتها الشرائية ليست هي سلعة من السلع التي يبذل بإزائها مال -إخواني الأعزاء التفتوا إلى هذه النكتة- هذه أقولها باعتبار أنه أساساً المال في علم الاقتصاد لا يطلق إلا على ما هو سلعة وله قيمة حقيقية, أما الوحدات النقدية في علم الاقتصاد عندما يأتون إلى دولة ليحسبوا قوتها الاقتصادية وإنتاجها وقدراتها في ذلك البلد ما يحسبون من قدرتها الاقتصادية كم تملك أوراق نقدية أبداً ما يحسبون ذلك, لماذا؟ لأن الأوراق النقدية بيد الدولة أي وقتٍ تشاء ماذا؟ طيب إذا كانت القوة الاقتصادية للبلد تبنى على مقدار ما تملكه من وحدات نقدية, طيب كل دولة تطبع مئات الترليونات من وحداتها النقدية فتكون أقوى دولة اقتصادية, لا لا أبداً, في علم الاقتصاد عندما يأتون إلى المال ورأس المال لا تُعد الوحدات النقدية رأس مال, إلاّ إذا تبين أن هذه الوحدات النقدية قائمة على أساس رصيد واقعي في عملية الإنتاج.

    يعني حتى أضرب مثال للإخوة لكي يكون واضح, الآن مثلاً الصين تملك الترليونات من الدولارات أين؟ في أمريكا, هذه تُعدّ قيمة اقتصادية لماذا؟ لأنّه في مقابل هذه الوحدات والأوراق النقدية تملك قوة اقتصادية نموها يصل تقريباً إلى عشرة في المائة سنوياً وهذا ما لا يوجد حتى في أقوى الدول في العالم, إذن ميزوا جيداً.

    الآن قد يقول قائل: سيدنا بالأمس أنت قلت بأن الأوراق النقدية أيضاً مالٌ, الجواب: هنا لابد أن نميز بين ما هو مالٌ فقهاً وعرفاً واعتباراً, وما هو مالٌ بحسب اصطلاح علماء الاقتصاد وكم يقع الخلط بينهما, البعض يتصور أنه لما في علم الاقتصاد الأوراق النقدية ليست مال, إذن في علم الفقه والعرف أيضاً ليست مال مع أنه ليست كذلك, التفتوا إلى هذه النكتة لأنه الاصطلاحات إذا لم تحفظ لأنه لكل علمٍ اصطلاحاته الخاصة به ما ينبغي خلط العلوم بعضها مع البعض الآخر.

    إذن الفصل المقوّم والخصوصية المقوّمة للأوراق والوحدات النقدية في زماننا عموماً هو قدرتها الشرائية وإن كان نوعها وجنسها ومثليتها أيضاً محفوظة, نعم مثليتها محفوظة بشرطها وشروطها, ومن شروطها وخصوصياتها المقوّمة ماذا؟ قوتها الشرائية, وهذا بخلافه في النقود وما يتبادل به في الزمان القديم.

    أنا أنقل لكم رواية جيدة في هذا المجال: في (وسائل الشيعة, المجلد الثامن عشر ص190) الرواية هذه, الرواية في كتاب التجارة أبواب الصرف الباب الثاني عشر, باب أنه يجوز قضاء الدين من الدراهم والدنانير وغيرها بأجود منها وبأزيد ..إلى آخره. الراوية >عن خالد ابن الحجاج قال: سألته عن الرجل كانت لي عليه مائة درهم عدداً فقضانيها مئةً وزناً< هذا معناه ماذا؟ معناه أن الدرهم كان له قيمة أو ليس له قيمة؟ كان له قيمة وإلا إذا لم تكن له قيمة الوزن بما هو وزن أي قيمة له, الآن أنت حول الأوراق النقدية إلى عملات معدنية يعني إذا أعطيته أكثر وزناً يعني أعطيته أموال أكثر؟ لعله أقل بمراتب من الأوراق, لا لا, معناه أنه أعطي عندما يقول >قضانيها مئةً وزناً, قال: لا بأس< باعتبار أنه الوزن كان أكثر من العدد, أكثر من العدد عدداً أو أكثر من العدد واقعاً وقيمة >قال: لا بأس ما لم يشترط< إذن تبين أنه كانت توجد زيادة واقعية في هذا الوزن >وقال جاء الربا من قبل الشروط إنما يفسده الشروط< وهذا ما سيأتي بحثه بعد ذلك.

    إذن التفتوا جيداً, إذن في المقدمة لابد أن الإخوة يلتفتوا أنه نحن نتكلم في ماذا؟ في تلك النقود, هذا أؤكده باعتبار أن الأعلام عندهم خلط كبير في هذا المجال, في كلمات الأعلام إذا صار وقت أقرأ بعض كلمات الأعلام أنه عندما يريد أن يقول لا تجوز الزيادة في هذا النحو من الوحدات النقدية يستدل بالروايات الواردة في ذلك الزمان, حتى يكونوا الإخوة على بينة ولا يتصورون بأنه نحن نتكلم هذا في الهواء الطلق, لا ليس الأمر هكذا.

    انظروا ماذا يقول السيد السبزواري+ في (مهذب الأحكام, المجلد الثامن عشر, ص25) يقول: >إذا حصل دينٌ بنقدٍ معينٍ كمئة ريال سعودي مثلاً سواء كان من الاقتراض أو من ثمن البيع أو غيرهما إلى أجلٍ معلوم وزاد سعر ذلك النقد أو نقص عنه عند حلول الأجل عن سعره يوم الاشتغال لا يستحق إلا عين ذلك النقد, ولا ينظر إلى زيادة سعره ونقصانه< إلى أن يقول هو في الحاشية يقول: >أن يكون متعلق الديّن الورق النقدي المعيّن كمائة ريال سعودي كائناً ما كان السعر من حيث نسبته إلى سائر النقود ولا إشكال في فراغ الذمة بإعطائه عند حلول الأجل كائناً ما كان السعر بحسب النقود لفرض بناء هذا النحو من الديّن عليه ولا يضرّ زيادة قيمته بحسب سائر النقود أو تساويه معه أو بنقيصةٍ عنه وقد ورد لصورة النقيصة فيمن استقرض دراهم وأسقطها السلطان وجاء بدراهم أخرى من أنه ليس للدائن إلا الدراهم الأولى< مع أنه الروايات واردة في أي دراهم؟ في الدراهم التي لها قيمة في نفسها, يعني لها قيمة حقيقية, وحديثنا في ماذا؟ في هذه الأوراق النقدية التي ليست لها قيمة حقيقية, إذن يكون قياس مع الفارق أو بلا فارق؟ قياس مع الفارق, أصلاً هذا التنظير في غير محله -المراد من القياس ليس القياس الباطل التنظير يعني- أن هذا ليس ذاك الموضوع مختلف الموضوع هناك الدراهم التي لها قيمة حقيقية وأما الدراهم التي في زماننا لها قيمة حقيقية أو مرتبطة بقوتها الشرائية؟ مرتبطة بقوتها الشرائية, كيف يمكن الاستدلال على بطلان هذه المعاملة بروايات مرتبطة بمعاملة أخرى, طيب هذا الذي أشرت إليه مراراً أن الأعلام لا يميزون – طبعاً بعضهم- وإلا جملة منهم التفتوا إلى هذه النكتة أن هذه غير تلك وأن أحكام هذه غير أحكام تلك وسنشير إلى بعض كلماتهم. جيد.

    إذا كان الأمر فيما يرتبط بالنحو الأول من النقود يعني التي لها قيمة حقيقية لها حكمها, في وقتها سنبحث ما هو حكمها, نحن حديثنا الآن في النقود التي ليست لها قيمة حقيقية في نفسها وإنما قيمتها الحقيقية بماذا؟ بقدرتها وقوتها وقيمتها التبادلية وقوتها الشرائية, طيب إذا كان الأمر كذلك إذن لابد أن تكون محفوظة سواء كان في الدين يعني في القرض أو كان في أي معاملة فيها ضمان سواء كان عقود غرامة إتلاف عقود أخرى الآن نتكلم بشكل عام لا أنه في عقد القرض فقط في الدين فقط, الآن القضية أعم من ذلك. جيد.

    إذن القدرة الشرائية لابد أن تكون محفوظة عندما يريد المدين أن يدفع تلك الوحدات النقدية, الآن إلا إذا كان هناك شرط من أحد الطرفين على الآخر, ذاك حديث آخر >المؤمنون عند شروطهم< إذا اشترط المدين قال بأنه أنا هذه المائة التي أعطيتها لك بعد خمس سنوات فقط هذه المائة أعطيها إليك, صعدت نزلت زادت نقصت أنا مسئول أو لست مسئولاً؟ والدائن أيضاً قال قبلت ما عندي مشكلة, أو الدائن يشترط على المدين يقول له بأنه أعطيك المائة لكن إذا بكرة هذه قيمتها صارت ربع فلابد أن تدفع الفرق, المدين ماذا يقول؟ قبلت ما فيه مشكلة, هذه ما عندنا مشكلة معها ويصرحون بهذا, الآن أنا ما أدري إذا كانت ربا كيف بالشرط يكون حلال, طيب >المؤمنون عند شروطهم< طيب بشرطها وشروطها لابد أن يكون ماذا؟ >ما لم يحللوا حراماً أو يحرموا حلالاً< طيب ليس مطلق الشروط, على أي الأحوال بحثه سيأتي لا أريد أن أستبق الأبحاث.

    إذن القوة الشرائية لابد أن تكون محفوظة, ولكن الوحدات النقدية لابد أن نميّز لأنه نحن جعلنا الخصوصية المقوّمة قوتها الشرائية وقدرتها التبادلية, تارة أن القوة الشرائية للوحدة النقدية تضعف في نفسها بسببٍ من الأسباب, وأخرى أن القوة الشرائية للوحدة النقدية لا تضعف ولكن البضائعة أو السلعة الموجودة في الأسواق العالمية أو الأسواق المحلية قيمتها ترتفع في نفسها, لا لضعفٍ في الوحدة النقدية بل لزيادة سعرٍ في السلعة, الآن افترضوا وتعلمون الآن في كثير من الأحيان شركة من الشركات معمل مصنع من المصانع يصير فيه خلل فيصير قلة في السوق فبقانون العرض والطلب تلك السلعة قيمتها ترتفع, هذا ليس معناه أن الدرهم أو التومان أو الدينار قيمته ضعفت لا لم تضعف ولكنه السلعة قيمتها ارتفعت في السوق, تارة هكذا. وتارة لا أن القوة الشرائية للوحدة النقدية تكون ضعيفة, والضامن المدين, الضامن متى؟ في حالة أن القوة الشرائية للوحدة النقدية ضعفت لا إذا زادت قيمة الأسعار أسعار السلع والقيمة الشرائية.

    الآن تقول لي سيدنا هذه تمييزها ليس أمراً سهلاً, أنا ايضاً أقول ليس أمراً سهلاً, ولكنه فيه علامات كثيرة, أضرب لكم مثالاً واضح:

    انظروا الآن في العالم تعلمون في الآونة الأخيرة لعله السنة الماضية 2009 قيمة الذهب صعدت في العالم ازدادت قيمة الذهب في العالم لعله عشرين إلى خمسة وعشرين ثلاثين بالمائة قيمة الذهب صعدت في العالم, فإذا جئنا إلى بلدنا على سبيل المثال هنا أو في أي مكان آخر ووجدنا بأنه أيضاً قيمة الذهب عندنا صعدت الآن في العالم صعدت خمسة وعشرين في المائة وهنا صعدت عندنا سبعة وعشرين بالمائة, ثمانية وعشرين بالمائة, هذا معناه أن القوة الشرائية للوحدتنا النقدية ضعفت أم لم تضعف؟ لم تضعف لماذا؟ باعتبار أن الذهب قيمته صعدت هذه السلعة قيمتها صعدت ونحن أيضاً عندما كنا نشتري الذهب قبل سنة بمائة الآن نشتريه بمائة وعشرين أو بمائة وثلاثين هذا نفس القيمة الموجودة لهذه السلعة في العالم لهذا الذهب في العالم, فإذا وجدنا في العالم أن الذهب قيمته صعدت بنسبة عشرين بالمائة ولكن عندما جئنا إلى ولايتنا رأينا وجدنا صعد بخمسين بالمائة, هذا مرتبط بالسلعة أم مرتبط بالوحدة النقدية؟ من الواضح أن عشرين إلى ثلاثين بالمائة منها مرتبطة بالسلعة أما زاد عن ذلك فمرتبطة بالوحدة النقدية, واضح.

    وهكذا باقي السلع, أنت تستطيع من خلال المقايسة, طبعاً هذه تحتاج إلى متخصصين وليست عمل الإنسان المتعارف, أنّه يستطيع من خلال مقايسة السلع الموجودة في العالم وينظر نسبة زيادتها في البلدان استقرت وحداتها النقدية, لا أنه تقيس هذه البلدان بالصومال, تقول لا وضعنا جداً جيد, لا لا تنظر إلى البلدان التي عملاتها ووحداتها النقدية ما هي؟ ثابتة تقريباً, وإذا يوجد فيها تضخم يوجد واحد في المائة اثنين بالمائة ثلاثة بالمائة, هذه من أوضح الطرق المتعارفة لتشخيص أن الضعف نشأ من الوحدة النقدية نفسها أو أنه نشأ من صعود أسعار السلع في العالم أي منهما؟ استخراج النفط الآن, قد يقول شخص البنزين كنا نشتريه كذا الآن نشتريه كذا, نعم باعتبار أنه استخراج النفط كان يكلف البرميل افترض عشرة دولارات الآن يكلف البرميل ثلاثين دولار, هو استخراج النفط صارت معادلة معقدة جداً فتحتاج إلى مصاريف أكثر فبطبيعة الحال سعر مشتقات النفط أيضاً صعدت, هذا البنزين بنفسه قيمته صعدت في العالم لا لأنه ضعفت الوحدة النقدية, فإذا كان الوحدة النقدية وقوتها الشرائية ناتجاً من ذاتها فالمدين ضامن, أما إذا كان ناشئاً من عوامل خارجية مع بقاء الوحدة النقدية على قوتها الشرائية فالمدين ضامن أو ليس بضامن؟ المدين غير ضامن, ما أدري واضحة الصورة التي إلى الآن بيناها إلى الإخوة, هذه من الناحية النظرية نحن نعتقد.

    طبعاً يكون في علم الإخوة من الناحية العملية أيضاً نلتزم به, يعني فتوائياً أيضاً ما عندنا أي إشكال في هذا, والقضية واضحة جداً في أذهاننا, أنه أساساً حتى في كذا, فلهذا واقعاً لابد الإنسان إذا يريد أن يعطي مال لأحد قرضاً يستطيع أيضاً الآن أخاف في ذهنه يقول لا يوجد شرط ضمني, طيب يشترط عليه أنه أنا عندما أدفع لك هذا القرض فبعد خمس سنوات أستلم منك ماذا؟ أستلم من هذا المقدار من القرض بحسب قوته الشرائية, فإذا كان نفسه فبها ونعمت, إذا كان أقل لابد أن تدفعي الزيادة, الآن يوجد بحث إذا زادت قيمتها أنا لابد أن أدفع أقل أكثر هذا بحث سيأتي إن شاء الله أشير إليها, افترض أن الوحدة النقدية زادت قوتها, فأنا أخذت مائة فالآن قوتها صارت ضعف فأنا أدفع خمسين يعني؟ الجواب: لا, تدفع نفس المائة, بحثه سيأتي لماذا؟ ما هو تخريجه الفني والفقهي, واضح.

    الآن إذا كان الأمر كذلك, ننتقل إلى الإشكالات الواردة في المقام, وهذا من أهم الأبحاث, وهو أنه إلى الآن نظرياً بحسب المقام الأول من البحث وبمقتضى القاعدة نحن نقول أن القوة الشرائية كما أنّ أصل المال في ذمة المدين القوة الشرائية للوحدة النقدية أيضاً في ذمة المدين كما هو ضامن لأصل الاعتبار يعني كان التامة هو ضامن للقوة الشرائية يعني كان الناقصة. واضح هذا.

    الآن ترد عدة إشكالات:

    الإشكال الأول: -وهو لعله من أهم الإشكالات وأعقد الإشكالات- وهو: أنه طيب هذا هو الربا المحرم, ما هو الربا؟ الربا أنه أنت تدفع اليوم مائة وبعد سنة تأخذ مائة وخمسين وثلاثين مائة وعشرة, الآن لا فرق أن القوة الشرائية افترض افترقت عشرة بالمائة افترقت عشرين, قلنا القدر المتعارف منها لا محذور فيه, أما القدر غير المتعارف القدر الفاحش وهو أن يكون خمسين بالمائة عشرين بالمائة مائة في المائة ألف بالمائة أنت تكون ضامناً, إذن أنا أقرضك -اجعله في القرض حتى يكون واضحاً وليس في معاملة أخرى- أقرضك كذا وبعد ذلك هذه العملة التي أقرضتك إياها تبين أن القوة الشرائية بسبب عاملٍ ذاتي لا بسبب عاملٍ ارتفاع أسعار السلع في العالم يعني النحو الأول لا النحو الثاني, قيمتها ماذا صارت؟ صارت إلى النصف إلى الربع, فإذن إذا أعطيتني عشرة دنانير أو عشرة آلاف تومان بعد سنة لابد أن ماذا تسلمني؟ لابد أن تسلمني خمسة عشر تسلمني عشرين ألف, وهذا هو الربا الذي من مسلمات القرآن الكريم ومن مسلمات النظرية الإسلامية في باب المعاملات أنه محرماً وضعاً وتكليفاً, تكليفاً حرامٌ ووضعاً باطلٌ, هذه ما فيها شك هذه من الثوابت التي لم يختلف, يعني هذه من ضروريات الدين وهي حرمة الربا. فماذا نفعل؟

    إخواني الأعزاء التفتوا هذه القضية مرتبطة على معرفة تعريف الربا, أصلاً ما هو الربا؟ ما لم نعرف الربا تعريفاً فقهياً دقيقاً لا نستطيع أن نعرف أنه تحقق في المقام ربا أو لم يتحقق ربا, أصلاً ثبت العرش ثم انقش, ثبت الموضوع ثم قل أنه حصل في المقام ربا, لا إشكال ولا شبهة أن الربا لغةً هو الزيادة, وإذا كنّا ندور مدار المعنى اللغوي للربا فلا إشكال أنه حرامٌ لماذا؟ لأنه المائة صارت مائة وعشرين مائة وخمسين حصلت زيادة أو لم تحصل زيادة؟ حصلت زيادة, ولكنّ الربا ليس هو مطلق الزيادة, ليس الربا مطلق الزيادة وإنما الربا هو الزيادة في رأس المال, وهذا الذي أيضاً لا يلتفت إليه مع أن النصوص واضحة.

    النصوص مرة عبّرت الزيادة في رأس المال, ومرة عبّرت نفع, مرة عبّرت ربح, مرة عبّرت منفعة ونحو ذلك, الآن نحن نريد أن نعرف أنا الذي أعطيت مائة وكانت قوتها الشرائية ألف وغداً استرجعت مائة وخمسين وكانت قوتها الشرائية نفس ألف أبداً لم يزد, هذا هل حصل ربح أو لم يحصل عندي ربح؟ هل حصل عندي منفعة أو لم تحصل عندي منفعة؟ هل حصل عندي نفعٌ أو لم يحصل لي نفعٌ؟ هل زاد رأس مالي أو لم يزدد رأس مالي؟ في الواقع أنظروا القضية معادلة رياضية واضحة, وهو أنه إذا فرضنا أن القوة الشرائية هي الفصل المقوم والخصوصية المقومة للوحدة النقدية إذن رأس المال يتعين من خلال العدد أو رأس المال يتعين من خلال القوة الشرائية؟ لا يوجد عاقل أنه يقول أن رأس المال يتعين من خلال العدد وإلا لازمه ذاك أنه جنابك إذا أعطيت لشخص عشرة دولارات وبكرة جاء لك بدل عشرة دولارات أحد عشر ألف دينار عراقي تقول حصلت الزيادة لأنه تلك كانت عشرة وهذه أحد عشر ألف, لا يوجد عاقل يقول هذا, لماذا؟ لأنه يرى أن الوحدة النقدية للدولار هذا صحيح في الدولار واحد ولكن يعادلها في القوة الشرائية ألف ومائة وعشرين دينار, يعني وحدة من هذه العملة. إذن النظر هل هناك نظر إلى العدد أو لا يوجد هناك نظر إلى العدد؟ العدد بما هو عدد لا قيمة له, العدد أمرٌ اعتباريٌ نسبيٌ غير حقيقي عنواني وإنما المدار على الزيادة في المعنون على الزيادة في رأس المال وليس الزيادة في العدد, فإذا كنّا ندور مدار العدد فحصلت زيادة, ولكنّه العدد بما هو عدد واقعاً له موضوعية؟ ما أدري يوجد عاقل يقول له موضوعية؟ المدار إذن ماذا؟ على المحتوى على المعنون على رأس المال, فإذا حصلت هناك زيادة في رأس المال, عند ذلك يوجد ربحٌ يوجد نفعٌ يوجد فائدةٌ عبروا عنه ما تشاءون, والآن عندما نرجع إلى الآيات والروايات.

    طبعاً من الناحية اللغوية أيضاً هكذا, يعني فقهائنا جملة من المحققين منهم التفتوا إلى القضية منهم صاحب الجواهر+ التفتوا ماذا يقول في المجلد الثالث والعشرين ص343 من الجواهر, هذه عبارته, يقول: >ومنه يعلم أن ليس المراد من الربا المحرم مطلق الزيادة كما هو معناه لغةً< ليس هذا هو المراد إذن ما هو المراد؟ >بل المراد به كما في المسالك وغيرها, بيع أحد المتماثلين المقدرين بالكيل أو الوزن مع زيادة في أحدهما حقيقة أو حكماً< الآن الأمثلة التي يضربها المكيل والموزون هذه سلعٌ حقيقية أما اعتبارية؟ حقيقية هذه, إذن الزيادة أين يعتبرها؟ في هذا, ثم في آخر البحث يأتي في ص343 يقول: >وعن وحواشي الشهيد وآيات المقداد -آيات الأحكام- وجامع المقاصد أنه شرعاً زيادة أحد العوضين إلى آخر ما سمعته وعن فقه القرآن أصل الربا الزيادة والربا هو الزيادة على رأس المال< وليس مطلق الزيادة ولو كانت زيادة عددية حتى أنا أبدل الدينار أجعله عشرين درهم أقول عندي زيادي لأنه ذاك دينار واحد وهذا كم عشرين حصلت زيادة أو ما حصلت؟ لا لا يقول عاقل, نعم للطفل قد تستطيع أن تقول له أن تلك وحدة وهذه كم؟ ولكنه في الواقع هذه الوحدة والعشرين واحدة أم متعددة؟ الزيادة على رأس المال من جنسه أو مماثله وغير ذلك. وهذا هو نص القرآن الكريم.

    الإخوة يتذكرون هذا المعنى بشكل واضح وصريح عندما جئنا إلى الآية القرآنية ماذا قلنا؟ طبعاً لغوية أيضاً هذا, أنا وجدت الراغب في المفردات عندما يأتي إلى الربا هكذا يعرّفه, يقول: >والربا الزيادة على رأس المال< لا مطلق الزيادة يُعدُ اصطلاحاً ولو بحسب اللغة, نعم ربا بما هو ربا لغةً الزيادة ولكن في الشرع ما هو؟ الزيادة على رأس المال, ومع حفظ القوة الشرائية هل ازداد رأس المال أو لم يزدد رأس المال؟ لم يزدد رأس المال شيئاً وإنما ازداد العدد لضعف في القوة الشرائية أو لضعف في الوحدة النقدية.

    هذا المعنى بشكل واضح وصريح أيضاً في الآية المباركة موجودة كما قراناه للإخوة من سورة البقرة الآية 279, قال: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ} ليس أعداد أموالكم إذا كانت مائة فلكم كم؟ مائة لا يحق لك أن تأخذ مائة وعشرة أبداً, لا لا, {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} رأس المال ورأس مال الوحدة النقدية بماذا يتحقق؟ بقوتها الشرائية وقيمتها التبادلية لا بعددها بما هو عددٌ, وإلا العدد بما هو عددٌ لا يحقق رأس مال, {لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} الآن أنا ليس بحثي في {لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} بحثي في {فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} ورأس المال في الوحدة النقدية الاعتبارية لا الوحدة النقدية الحقيقية, لأن الوحدة النقدية الحقيقية لا, رأس مالها في قيمتها الذاتية, نعم أضيفت إليها قيمة أخرى وهي القيمة التبادلية وهذه قيمة إضافية ولكن قيمتها الواقعية في ماذا؟ في كونها كذا مقدار من الذهب أو كذا مقدار من الفضة أو من أي معدنٍ آخر. واضح هذا المعنى.

    وأما على مستوى النصوص على مستوى النصوص أيضاً كذلك, النصوص في هذا المجال متعددة.

    في (باب الوسائل المجلد الثامن عشر ص354) يعني بعبارة أخرى الباب التاسع عشر من أبواب الدين والقرض, توجد عدة روايات وهي رواية موثقة أيضاً, >موثقة إسحاق ابن عمار عن أبي الحسن الرضا× قال: سألته عن الرجل يكون له مع رجلٍ مال قرضاً فيعطيه الشيء من ربحه< ربح لا أنه يزيده عدداً >مخافة أن يقطع ذلك عنه فيأخذ ماله من غير أن يكون شرط عليه, قال: لا بأس بذلك ما لم يكن شرطاً< التفتوا جيداً, توجد نكتة إضافية في الرواية, يقول إذا أنت أعطاك قرض وواقعاً ما أعطيته ربح هذا بكرة يعطيك قرض أو ما يعطيك قرض؟ الآن أنت كم تجد من الناس عنده استعداد فقط قربة إلى الله يشتغل؟ يقول جيد جداً يقول والله بالله أنا أريد أن أعطي قربة إلى الله ولكن لا أقل رأس مالي ماذا يكون؟ محفوظ, أما أنا أعطي قربة إلى الله ولكنّه كل سنة خمسة وعشرين بالمائة ثلاثين بالمائة خمسين بالمائة رأس مالي يضيع وإذا أربع سنوات أنا يبقى شيء من رأس مالي أو لم يبقى شيء من رأس مالي؟ لم يبقى شيء من رأس مالي, أصلاً يُسد باب القرض, القرض الحسنة ما هو؟ أنه رأس مالك محفوظ ولكن ما تأخذ زيادة, هذا الشخص ماذا يقول؟ أولاً: يعبر ربح, يعني أنه إذا كان هناك ربح ومع ازدياد العدد مع حفظ رأس المال يوجد ربح أو لا يوجد ربح؟ الآن لا تذهب إلى مكان آخر إن شاء الله بعد ذلك سيأتينا, باب الخمس ماذا نفعل؟ هي الطامة الكبرى أين؟ في الخمس وهو أن يزداد العدد ولكنّه لا توجد زيادة في رأس المال هل يوجد خمسٌ أو لا يوجد خمسٌ؟

    هذه مبنيةٌ على هذه المسألة أنت لابد إذا ما تحقق هذه المسألة في الأوراق النقدية فمن حقك أن تقول رأياً في باب الخمس أو ليس من حقك؟ الآن نحن نقول من باب أنهم غير ملتفتين وإلا بحسب القواعد الفنية واقعاً كل من تكلم بالخمس وليس مبانيه واضحة في الأوراق النقدية أساساً يتكلم على أصلٍ باطل غير واضح أصلاً, لا تقل لي عمامة كبيرة وغيره, هذه في محله, العمائم في محلها محفوظة احترامنا لهم أيضاً محفوظ ولكنه البحث هنا بحث علمي بحث فني نظري هو أنه أساساً لابد أن نعرف أن الغنيمة التي وردت في الآيات والروايات المراد من الغنيمة يعني الزيادة العددية أو المراد من الغنيمة يعني الزيادة أين؟ في رأس المال وفي النفع وفي المنفعة وفي الربح ونحو ذلك أي منهما؟ أنا كان عندي مائة وصار مائة وخمسين, ولكنّ القوة الشرائية للمائة وخمسين هي نفسها القوة الشرائية للمائة, طيب هل يقول بأنه هذه غنيمة هذه فائدة, أو لا يصدق لا عرفاً ولا لغةً ولا اقتصادياً ولا… يصدق عليه أنه فائدة, لأن الفائدة ليست في العدد الفائدة في الخصوصية المقومة والخصوصية المقومة في ماذا؟ في القوة الشرائية والقيمة التبادلية, هذه رواية.

    الرواية الثانية: وهي الرواية الثالثة عشر من هذا الباب الذي قراناه, الرواية الثانية: >قلت لأبي إبراهيم× الرجل يكون له على الرجل المال قرضاً فيطول مكثه عند الرجل لا يدخل على صاحبه منه منفعة< هناك ربح هنا ماذا؟ منفعة >فينيله الرجل الشيء بعد الشيء كراهية أن يأخذ ماله< طيب هذا الذي أقرض يرى بأنه توجد منفعة أو لا توجد منفعة, >وخير القرض ما جر نفعاً< ولكنّه بلا شرطٍ, >قال: حيث لا يصيب منه منفعة أيحل له ذلك, قال: لا بأس إذا لم يكن هناك شرط< مضافاً إلى تلك النصوص التي عبّرت النفع >كل قرض جر نفعاً< ومع حفظ القوة الشرائية هل يصدق نفع أو لا يصدق نفع؟ الآن كم عنوان عنونّا عنوان الربح, عنوان المنفعة, عنوان النفع وروايات النفع أيضاً كثيرة, أيضاً موجودة في الباب التاسع عشر نفس الباب الذي أشرنا إليه في ص354 من وسائل الشيعة, عدّة روايات الرواية الرابعة >عن الرجل يستقرض من الرجل قرضاً ويعطيه الرهن إما خادماً وإما فلان.. فيحتاج إلى شيء من منفعته.. إلى أن قال: أوليس خير القرض ما جر نفعاً أو منفعةً أوليس هذا< طبعاً بالحمل بين الروايات قلنا بأنه إذا كان مع الشرط المنفعة, المنفعة لا الزيادة العددية فهو داخلٌ في الربا, أما إذا كان مع الشرط لا تحصل منفعة, أعم من أن يكون شرطاً ضمنياً أو شرطاً مصرحاً به, نفع لا يحصل فقط يحفظ رأس المال, يكون مشمول لهذه الروايات أو لا يكون مشمول لهذه الروايات؟ لا يكون مشمول لهذه الروايات, حتى مع الشرط ولكنّه لا الشرط لا لتحصيل المنفعة ولتحصيل الربح ولتحصيل النفع يعني لتحصيل زيادة في رأس المال, وإنما الشرط لحفظ رأس المال إذن يكون مشمولاً لهذه الروايات التي تقول هذا هو الربا المحض أو لا تكون؟ لا تكون لأن هذا الموضوع غير ذاك الموضوع, ما أدري واضحة هذه القضية إلى هنا.

    إذن على هذا الأساس اتضح إلى هنا بأنه أساساً القيمة السوقية إذا كانت ناقصة بسببٍ مرتبط بضعف الوحدة النقدية فيكون مضموناً على المدين, وهذا ما أشار إليه جملة من الأعلام ومنهم السيد الإمام+ في كتاب البيع الجزء الأول ص387 قال: >ومما ذكرنا يظهر الحال في إسقاط الدول الدرهم عن الاعتبار فإن الدرهم مع وصف رواجه< ولكن مع الأسف الشديد أن السيد الإمام هنا+ لا يميز بين الدرهم الذي هو الذي لا قيمة حقيقية له والدرهم الذي له قيمة حقيقية, يتكلم بشكل عام مع أن هذا الكلام إنما يريد أين؟ إنما يرد فقط في الدرهم من القسم الثاني لا في الدرهم من القسم الأول, >فإن الدرهم مع وصف رواجه واعتباره تحت يده ومضمون عليه ولابد من لحاظ هذه الصفة وتدارك العين الموصوفة بهذه الصفة أي صفة؟ التي لها هذه المالية, سواء كان سقوطه عن الاعتبار موجباً لزوال المالية أو لنقص القيمة, زوال المالية يعني كان التامة, نقص القيمة يعني كان الناقصة, يعني أن أصل الاعتبار محفوظ ولكن قيمة الدرهم نقصت, >فإن دليل الضمان يشملهما باعتبارٍ واحد< نفس الدليل الذي دل على أنه ضامن لأصل اعتبار الدرهم يقول ضامن لأصل ماذا؟ ضامن لقيمة الدرهم أيضاً وليس ضامن لهما >لان الغرامة إن كانت بلحاظ المالية فكما أن ما ليس بمال لا يتدارك به المال كذا المالية النازلة لا تُتدارك بها المالية الغالية< أنت إذا كانت مالية غالية للوحدة النقدية الآن تريد أن تعطي درهماً ماليته نازلة -المالية يعني القدرة الشرائية- فهذا يتُدارك به أو لا يُتدارك؟ يقول: >كما أنه إذا سقط الدرهم عن الاعتبار لا يمكن أن تعطي درهم لا اعتبار به ويُتدارك به درهمٌ له اعتبار كذلك لا يمكن أن تُعطي درهماً ماليته أقل حتى يُتدارك به درهمٌ ماليته أعلى والتحقيق ما عرفت من ضمان الأوصاف الدخيلة في المالية مطلقا لا ضمان أصل المالية فقط< هذا واضح تصريح, ولكنه مع كل هذا يقول: >هذا كله نقوله في غير القرض والدين< في القرض والدين لا نلتزم, الآن لماذا؟ نكتته إن شاء الله تأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/04
    • مرات التنزيل : 1118

  • جديد المرئيات