بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
كان الحديث في الوحدات النقدية الاعتبارية, لأننا قسمنا الوحدة النقدية أي ما يُتعامل بها وتقع في قبال سلعةٍ من السلع إلى قسمين:
قلنا: الدرهم والدينار الحقيقي أي ما له قيمة حقيقية في نفسه, ولكنه مع ذلك يستعمل كنقدٍ من النقود أيضاً كما هو المتعارف في الأزمنة القديمة, ولعله أيضاً في أزمنة أخرى أيضاً يكون كذلك.
القسم الثاني: وهي الوحدة النقدية الاعتبارية, الوحدة النقدية ليست لها قيمة في نفسها وإنما قيمتها إنما هي في اعتبارها من قبل الجهة المصدرة لها والمعطية للاعتبار لها فإن بقيّ الاعتبار بقيت الوحدة النقدية وإلا سقطت الوحدة النقدية. على أي الأحوال.
قسمنا هذا التقسيم الثنائي فيما سبق وجئنا إلى ما يتعلق بالوحدات النقدية الاعتبارية.
فيما يتعلق بالوحدات النقدية الاعتبارية, إخواني توجد اتجاهات ثلاثة في هذه المسألة:
الاتجاه الأول: ولعله المشهور بين جملة من الأعلام المعاصرين وهو أن الوحدة النقدية سواءٌ كانت دينار أو درهم أو دولار أو تومان أو ريال أو أي شيء آخر هذه الوحدات النقدية مثليّة محضّة, وعلى هذا الأساس فإذا قبضت إما بالقرض أو أنه تعلقت ذمة أحد بها والمدين تعلّقت ذمته بها, لا يجب عليه الإرجاع إلا بذلك العدد الاسمي والرقم الاسمي الذي تعلّق, على سبيل المثال إذا اقترض مائة درهم أو دينار لابد ماذا؟ أن يرجع المائة درهم والمائة دينار سواءٌ قلت قيمتها الشرائية أو زادت قيمتها الشرائية, الزيادة والنقيصة سواء كانت أمراً ضئيلاً أو كانت أمراً فاحشاً, الذي يقترض مائة دينار قبل خمسين سنة ويغصب ذلك والآن يريد أن يرجع ليس عليه إلا أن يرجع خمسين دينار, الذي يمهر المرأة قبل مائة سنة أو قبل سبعين سنة قبل ثلاثين سنة كذا مبلغ, الآن عندما يريد أن يعطي المهر أيضاً يعطيها بنفس الحد, الذي يغصب الذي يقترض الذي يضمن باعتبار أنه الضمانات كثيرة في الأسواق كما تعلمون خصوصاً في مثل زماننا أنه جنابك تذهب وتضمن أخوك في البنك وبعد ذلك لا يدفع فينبغي عليك ماذا؟ أن تؤدي ذلك الضمان ونحو ذلك, عقود الضمان كثيرة سواء كانت في التلف أو في الإتلاف وسواءٌ كان في القرض أو في الأثمان يعني أنه أنت تبيع سيارتك بعشرة ملايين دينار ولكنه الثمن تدفعه نسيئة تدفعه بعد سنة أو سنتين, عشرة ملايين هذا اليوم غير عشرة ملايين بعد سنتين فهل أنت تضمن الفرق في الثمن, القضية جدُ واسعة ومعقدة وطويلة الذيل في كل المعاملات وفي كل الأبحاث المعاملات بالمعنى الأعم, فلا يتصور أحد أن المسألة بسيطة في عنوانين وثلاثة يمكن حلّها, ولكنه نحن كما يتذكر الإخوة من باب الإشارة دخلنا إلى البحث وإلا ليس بحثنا بحث تفصيلي في الأوراق النقدية على أي الأحوال.
الرأي الأول الذي ينتخبه السيد الخوئي+ ولعله السيد السيستاني (دام ظله) ولعله جملة من الأعلام الآخرين يعتقدون بأن هذه القضية قضية مثليّة محضّة لا يوجد فيها أي تأثيرٍ للقوة الشرائية لا زيادة ولا نقصاً إلا إذا سقطت تلك الوحدة الاعتبارية فله حساب, والمقصود من السقوط هنا يعني أنّه انتهى اعتبارها من الجهة المعتبرة لها, هذا هو الاتجاه الأول.
الاتجاه الثاني: الذي يعتقد أنّ الأوراق أو الوحدات النقدية, طبعاً في بعض الكلمات أوراق, لا ليس بالضرورة أن تكون أوراق وإن كان اصطلاح هو ولا مشاحة في الاصطلاح, المراد الوحدة النقدية أعم من أن تكون ورقاً أو غير ورق, الأوراق النقدية أو الوحدات النقدية إنما هي قيمية محضّة.
طيب من الواضح بناءً على هذا الاتجاه فإنه يقع في قبال الاتجاه الأول, وبطبيعة الحال سوف يؤثر ذلك على القيمة الشرائية لأنّه صارت قيمية فإذا صارت قيمية لابد أن يدفع القيمة, فالذي يشتغل به ذمة الضامن بأي نحوٍ من أنحاء الضمان لا تشتغل الذمة بالعدد وبتلك الوحدات النقدية المثليّة, وإنما الذي يشتغل القيمة الشرائية فكأنه عندما أنت أعطيت قرض لأحد مائة دينار, أنت شغلت ذمته بقوةٍ شرائية وقيمةٍ تبادلية معينة, وعلى هذا الأساس فأنت لست ضامناً للعدد بما هو عدد وإنما ضامن لهذه القوة الشرائية, عند ذلك هذه فيها نتائج كثيرة, الآن تلك الوحدة العددية تلك الوحدة النقدية بقيّت سقط اعتبارها لم يسقط اعتبارها أساساً لا علاقة لك أنت بتلك الوحدة النقدية حتى نقول أن الاعتبار باقي أو أن الاعتبار غير باقي وإنما الذي اشتغلت به الذمة يعني على اليد ما أخذت ما اشتغلت به الذمة هو القوة الشرائية سواء زادت سواء نقصت المهم أنت هذا القدر اشتغلت به الذمة, على اليد ما أخذت حتى تؤدي, تؤدي ماذا؟ لا أنه تؤدي المثل وإنما تؤدي القوة الشرائية التي ضمنها المدين, هذا أيضاً الاتجاه الثاني وهو الذي احتملناه في أول الأبحاث إذا تتذكرون.
الاتجاه الثاني: الذي هو في فرض التنزل ذكرنا, قلنا هو أنه نقبل أنها مثليّة ولكنها ليس مثليّة كما في الاتجاه الأول وإنما مثليّةٌ مقوّمة لها القوة الشرائية يعني أن المدين الضامن يضمن هذه الوحدات متقوّمة بقوتها الشرائية وهذا أيضاً له إن شاء الله بعد ذلك عندما ينتهي البحث في هذه الموانع عند ذلك سندخل ما هي الآثار المترتبة, إذا بنينا على المثليّة المحضّة أو القيمية المحضّة أو المثليّة المضَمَنة للبعد القيمي الذي هو الاتجاه الثالث, هذا الاتجاه الثالث يحاول أن يجمع بين الاتجاه الأول والثاني, يعني لا يجعلها قيمية محضّة كما في الاتجاه الثاني, ولا يجعلها مثليّة محضّة كما في الاتجاه الأول وإنما يأخذ من الأول شيء ومن الثاني شيء ويكون هذا الاتجاه الثالث مثليّة ولكنّ القيمة الشرائية التبادليّة أو القوة الشرائية لهذا المثل تكون مضمنّة فيها مقوّمة فيها لا أمر انتزاعي منها – كما يقولون- وإنما مقوّمة لها, فإذا سقطت القيمة القوّة الشرائية لا يكفي أن يعطي المثل كما في الاتجاه الأول, على أي الأحوال. هذه هي الاتجاهات.
وحديثنا كله هذا إخواني الأعزاء مبنيٌ إما على الاتجاه الثاني وإما على الاتجاه الثالث أما على الاتجاه الأول فالقضية واضحة, ومن هنا واقعاً لابد أن يأتي أو يُبحث بحث مستقل في بيان حقيقة هذه الوحدات وهذا إذا يتذكر الإخوة نحن عندما تكلمنا فيما سبق وإن شاء الله بعد ذلك سيأتي أيضاً وهو أنّه عندنا موضوعات هذه الموضوعات ما هي؟ موضوعات مستحدثة, هذا الموضوع من الموضوعات التي تكلم عنها الشارع أو من الموضوعات التي لم يتكلم عنها الشارع؟ الشارع تكلم عن الدرهم والدينار في موارد في باب الصرف تكلم, في باب الزكاة تكلم, في باب الديات تكلم, هذه مسألة الدرهم والدينار أنا عندي الآن كتاب في خمس مجلدات موارد استعمال الدرهم والدينار في الشريعة, جداً أبحاث فيها موضوع الدرهم والدينار ولكن أي درهم ودينار؟ ذلك الدرهم والدينار الذي له قيمة حقيقية في نفسه يعني الذهب والفضة المسكوكتين بسكة المعاملة وبسكة التبادل فيما بين الناس.
سؤال: عشرات الأحكام في الشريعة مرتبة على الدرهم والدينار, مثلاً في باب الصرف أنه هل التقابض يكون كذا أو لا يكون؟ في باب الديات عندما نقول لابد أن يعطي ما أدري ألف دينار أو عشرة آلاف درهم أو … إلى غير ذلك, في باب الزكاة أنه الذهب والفضة إذا كانت مسكوكة, هذه كلها أحكام مرتبطة بالدرهم والدينار المصطلح عليه شرعاً, ولكن هذا الدرهم والدينار الذي الآن عندنا هل هو نفس ذلك الدرهم أو غيره موضوعاً؟ طيب من الواضح أن هذا الدرهم والدينار غير ذاك الدرهم والدينار, ذاك معادلٌ أو مآله إلى الذهب والفضة وهذا لا علاقة له بالذهب والفضة وإنما هو اعتبارٌ من اعتبارات التي تضعها الجهة المصدرة لها, فيكون الدرهم والدينار أو الوحدات النقدية من الموضوعات المستحدثة, طيب إذا كانت من الموضوعات المستحدثة لابد أن يعقد لها بحثٌ واضح وصريح ومستقل لمعرفة أنه ما هو حقيقتها هل أنها مثلية محضة هل أنها قيمة محضة هل أنها مثلية مضمنة ومتقومة بالقيمية ونحو ذلك وهذا الذي بشكل واضح وصريح لم يأتي, نعم جملة من الأعلام عندما جاءت مناسبة من المناسبات بحثوا أو في المجلات العلمية بحثوا هذه القضية ولكن ليست من العناوين المعنونة في حوزاتنا العلمية, جيد إذن حديثنا ينصب على الاتجاه الثاني والثالث يعني إما القيمية وإما المثلية المتضمنة للقوة الشرائية.
قلنا بأنه بحسب ما نعتقده وبحسب التحليل الذي قدمناه لذلك أن القوة الشرائية تكون مضمونة, وهذا الضمان مطلق أعم أن يكون في دينٍ أو أن يكون في غرامةٍ وأعم من أن يكون في تلفٍ أو في إتلافٍ أو أي شيء كان, المهم إذا جاءت في عهدته وحدة نقدية هو ليس ضامن للعدد بما هو عدد اسمي وإنما ضامن لها إما قيمةً محضاً, كما في الاتجاه الثاني, وإما مثلاً مضمن للقوة الشرائية كما في الاتجاه الثالث.
بناءً على هذين الاتجاهين قلنا أنه توجد هناك عدة موانع لابد أن يلتفت إليها, تكلمنا في المانع الأول, ما هو المانع الأول؟ وهو أنه ذكرنا أنه في المانع الأول: الأدلة الدالة على أن كل زيادةٍ فهو ربا, طيب هذا أجبنا عنه مفصلاً فيما سبق أنه ما هو المراد من الربا هل هو مطلق الزيادة الربوبية أو المراد من الربا هو الزيادة في رأس المال, النفع في رأس المال, الربح في رأس المال وهذا بينّاه فيما سبق.
المهم هو هذا المانع الثاني لعله, وهو المانع الذي يقوم على أساس النصوص وهو أن النصوص دلت على أنه ليس له إلا الدراهم الأولى, هذه النصوص قراناها للإخوة ولكنه من باب الاستذكار لأنه التعطيل طالع, في الوسائل المجلد الثامن عشر وذكرنا الباب هناك, الرواية وهي موثقة >عن يونس قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا× أنه كان لي على رجلٍ دراهم, وأن السلطان أسقط تلك الدراهم< التعبير أسقط التفتوا >وجاءت دراهم أعلى من الدراهم الأولى ولها< هذه الدراهم الأولى >ولها اليوم وضيعة< هذا ضمير >ولها< يعود على مَن؟ على الدراهم الأولى, يعني لها وضيعة عن هذه الدراهم التي موجودة قرينتها أيضاً موجودة لأنه قال: >وجاءت دراهم أعلى من الدراهم الأولى< إذن الدراهم الأولى فاليوم إذا قيست قيمتها إلى الدراهم الفعلية تكون قيمتها أنقص >فأي شيء لي عليه الأولى التي أسقطها السلطان أو الدراهم التي أجازها السلطان< وهي الدراهم الثانية التي هي أعلى, >فكتب لك الدراهم الأولى< يعني تلك التي هي أنقص, أما هذه التي هي أعلى فلك أو ليست لك؟ فليست لك.
قد يقال: بأن هذه الرواية صريحة بأنه عليه أن يدفع ما كان عليه الدراهم الأولى الآن سواء قلت قيمتها الشرائية زادت قيمتها الشرائية, الذي اشتغلت به ذمة المدين هي الدراهم الأولى يعني المثلية المحضة تلك الدراهم عليه أن يؤديها الآن. قد يستدل بهذه والرواية موثقة صحيحة مقبولة لا شك فيها إذن على هذا الأساس قد يكون هذا مانعاً من العمل بمقتضى القاعدة التي أشرنا إليها, لأنه نحن الذي بينّاه كأنه كان مقتضى الأصل الأولي القاعدة الأولية, طيب يقال نرفع اليد عن ماذا؟ ما كانت عندنا رواية حتى تكون هذه رواية معارضة لها, وإنما كان هناك تحليل عرفي تحليل عقلائي لهذه الوحدات النقدية.
قلنا فيما سبق إذا يتذكر الإخوة, قلنا بأن هذه الرواية لو كانت وحدها لكنا لعله يمكن أن يقال بأنه مانعة عن العمل بمقتضى القاعدة, ولكن هذه الرواية معارضة بمثلها في موردها, يعني أيضاً توجد رواية أخرى صحيحة موثقة معتبرة تقول عليه هذه الدراهم الجديدة لا الدراهم الأولى.
الرواية: >كتبت إلى الرضا× أن لي على رجل ثلاثة آلاف درهم وكانت تلك الدراهم تنفق بين الناس تلك الأيام وليست تنفق اليوم فلي عليه تلك الدراهم بعينها< هي نفسها الأولى >أو ما ينفق اليوم بين الناس, قال: فكتب إليّ: لك أن تأخذ منه ما ينفق بين الناس كما أعطيته ما ينفق بين الناس< أنت أعطيته ما كان رائجاً وتقع به القيمة التبادلية والآن اشتغلت ذمته بما كان رائجاً فالآن أيضاً لابد أن يعطيك رائجاً.
الآن ما أريد أن أدخل في فقه الرواية الثانية, لأنه بحثي الآن واقعاً ليس هذا, ولكنّه أساساً الرواية الثانية هذه الرواية التي قراناها ثانياً, أساساً هذه ليست فيها وضيعة إذن مرتبطة بمحل الكلام أو غير مرتبطة بمحل الكلام؟ لو كانت هناك وضيعة كانت تنطبق على محل الكلام, ولكنّه الآن الرواية الأولى فقط كان فيها وضيعة فتنطبق على محل الكلام, أما الثانية التي قراناها فلا توجد, الآن بغض النظر.
هذه الرواية الثانية يقال بأنه معارضة للرواية الأولى, وأنتم تعلمون بأنه إذا وقع تعارضٌ بين الروايتين فمقتضى التعارض ما هو؟ التساقط -طبعاً على مبنى جملة من الأعلام- فمقتضى التعارض التساقط, طيب إذا تساقطت هاتان الروايتان فعند ذلك هل يوجد مانع من العمل بالقاعدة أو لا يوجد مانع؟ لا يوجد.
من هنا نجد أن جملة من الأعلام حاولوا الجمع بين هاتين الروايتين, وجدت في كلمات الأعلام وجوهٌ من الجمع والمعالجة بين هاتين الروايتين:
المعالجة الأولى: التي وردت في كلماتهم هي المعالجة التي ذكرها جملة من الأعلام المعاصرين منهم السيد الإمام+ في كتابه البيع ومنهم السيد السبزواري في مهذب الأحكام وجملة من الأعلام.
السيد السبزواري في مهذب الأحكام في الجزء الأول أو في الجزء واحد وعشرين ص58 من مهذب الأحكام هذه عبارته, يقول: >والأخبار الواردة في المقام على قسمين: أحدهما ما عن يونس قال كتبت إلى الرضا×< فينقل لنا الرواية الثانية التي قراناها, يقول: >ولابد من حملّها على ما مرّ من القسم الثاني< يعني ماذا؟ يقول الرواية التي قالت >عليه الدراهم الرائجة< هذا فرضها فرض السقوط, يعني كان التامة يعني لا اعتبار بالدراهم الأولى, والرواية التي قالت بأنه >عليه أن يعطي الدراهم الأولى< هذه معناه أن رواجها كان باقياً وكانت تنفق بين الناس إلا أنه وجدت دراهم أخرى في السوق فقلت قيمة تلك وإلا لم تسقط من الاعتبار, وهذه فتوى جملة من المعاصرين الآن يقولون إذا كان اعتبار النقود والوحدات النقدية باقياً فلا يجب على المدين فلا يضمن إلا ذلك العدد سواءٌ قلت قيمتها الشرائية أو زادت, لعله استناداً إلى هذا الذي أشرنا إليه, هذا هو الوجه الأول للجمع بينهما, وهو أن رواية التي تقول >أنه يأخذ الدراهم الجديدة الرائجة< هذا في فرض سقوط الأولى عن الاعتبار, أما الذي يقول عليه الدراهم الأولى هذا ليس في فرض سقوط الأولى بل بقاء اعتبار الأولى وإن كانت هناك دراهم جديدة جاءت إلى السوق وأدت إلى نقيصتها ووضيعتها, هذا المعنى كما قلنا يشير إليه السيد السبزواري هنا, يقول: >لابد من حمل النص الأول على ما مرّ من القسم الثاني< القسم الثاني إسقاط أصل المالية رأساً فليست للسابقة ماليةٌ رأساً, ثم ينقل الرواية الثانية التي أشرنا إليها وهي الدراهم الأولى يقول: >ولابد من حملهما على سقوط الرواج الفعلي لا سقوط أصل المالية المحفوظة جمعاً بين الطائفتين من الروايات< هذا كلام السيد السبزواري.
وكذلك كلام السيد الإمام+ في كتاب البيع الجزء الأول ص388- 389 يقول: >ثم إن للأخبار المشار إليها وجه جمع مقبول عرفاً وهو أن في صحيحة يونس بطريق الكليني موضوع الحكم ما إذا أعطى ما يُنفَق بين الناس ثم سقطت الدراهم بحيث لا تنفق بينهم< يعني السقوط كان ماذا؟ السقوط كان التامة. >فالمفروض فيها ما يكون السقوط موجباً, وأما صحيحته الأخرى بطريق الشيخ فالمفروض فيها ما يكون السقوط موجباً للوضيعة لا عدم الإنفاق< باعتبار أنه جاءت دراهم جديدة إلى السوق, نقد جديد إلى السوق فالناس يتعاملون بالنقد القديم أو لا يتعاملون؟ فأدى إلى وضيعتها. >فتكون الدراهم بعد إسقاط السلطان رائجة وإن كان فيها وضيعة< نقصت قيمتها >فحكم× بأن له الدراهم الأولى المأخوذة لا الثانية ومعلومٌ أن لا اختلاف بينهما, وهذان الحكمان عقلائيٌ< يعني من سقوط قيمتها الرجوع إلى الجديدة, وعدم الرجوع إلى الجديدة مع بقاء اعتبار الأولى, يقول كلاهما حكمٌ عقلائي عرفي صحيح على القاعدة.
ومن هذا الكلام لعله أيضاً يتضح أن السيد الإمام لا يعتقد أن القوة الشرائية مؤثرة في الضمان سواءٌ زادت القوة الشرائية أو نقصت لا قيمة لها.
طيب, هذه هي المعالجة الأولى التي ذُكرت في المقام.
هذه المعالجة فيها إشكالين:
الإشكال الأول: أنه في الرواية الثانية أيضاً يوجد عنوان الإسقاط, لأن الرواية تقول: >وأن السلطان أسقط تلك الدراهم< طيب مع أسقط تلك الدراهم ما الفرق بينها وبين الرواية الأولى, أنتم تريدون أن تقولون أن الرواية الأولى يوجد فيها سقوط الاعتبار, أما في الرواية الثانية لا يوجد فيها سقوطٌ للاعتبار, هذه عبارة. العبارة الموجودة في الأخير قال: >فأي شيء لي عليه الأولى التي أسقطها السلطان< طيب واضح بأنّ السائل يسأل عن ماذا؟ لا يسأل عن بقائها ولكن سقوط قيمتها, وإنما عن سقوطها رأساً, إذن هذه الإشكالية الأولى.
ولكنّه قد يقال: بأنه لا, هذا السقوط الموجود في الرواية -دفاعاً عن القوم وإلا هذه في كلماتهم غير موجودة- دفاعاً عن القوم قد يقال: أن هذا السقوط ليس سقوط بمعنى كان التامة, وإنما سقوط بمعنى عدم الرواج باعتبار أنه جاءت, إذن لا يمكن حمل السقوط في الرواية على سقوط كان التامة يعني سقوط اعتبار أصل النقد, بقرينة ماذا؟ قال: بقرينة >ولها اليوم وضيعة< واضح, ولها اليوم, طيب إذا سقطت فلها قيمة أو لا قيمة لها؟ لا يبقى لها قيمة, مع أن الرواية ماذا تقول؟ تقول >ولها اليوم وضيعة< هذا معناه أن اعتبارها باقي أو غير باقي؟ نعم, اعتبارها باقٍ ولكنّه لأنه جاءت دراهم جديدة إلى السوق فقيمة الأولى صارت أقل, إلا أن هذا القرينة فإن قلت, قلنا: هذه القرينة غير تامة لماذا؟ لأنه هذه الدراهم هي في نفسها لها قيمة, لو كانت هذه الدراهم دراهم من القسم الثاني يعني اعتبارها بمن اعتبرها وقال لها وضيعة هذا معناه أنه سقطت عن الاعتبار أو لم تسقط؟ لم تسقط عن الاعتبار ولكنه هذه الدراهم دراهم لها قيمة في نفسها, كأن الرواية هكذا تريد أن تقول, أنه هذه الدراهم >وهي لها قيمة< بالإضافة إلى قيمتها الحقيقية كانت رائجة تعطي لها قيمة إضافية, الآن بعد أن سقط رواجها فلا تنفق بين الناس, طيب قيمتها الواقعية محفوظة ولكن قيمة رواجها وقيمة تبادلها سقط عن هذه الجديدة, إذن لا يمكن من قوله >ولها وضيعة< أن نقول أن المراد أنها كانت رائجة ولكنها غير ساقطة. هذا أولاً, الإشكال الأول على هذه المعالجة.
الإشكال الثاني الذي يرد على هذه المعالجة: لعله والله العالم يمكن أن يقال أن هذه الرواية التي فيها السقوط لابد أن تحمل على كان التامة والأولى تحمل على كان الناقصة, يعني عكس ما فهمه القوم, لماذا؟ لأنه في الأولى يقول: >إن لي على رجل ثلاثة آلاف درهم وكانت تنفق والآن لا تنفق< طيب أن تنفق وأن لا تنفق ليس معناه أنها معتبرة غير معتبرة, في ذاك الزمان كانت تنفق باعتبار عدم وجود دراهم جديدة, الآن وجدت دراهم جديدة, تلك وإن كانت معتبرة ولكنها لا تنفق, إذن الرواية الأولى وهي رواية تنفق ولا تنفق هي أولى بعدم سقوط من الرواية الثانية التي حملها الأعلام على السقوط. إذن الرواية الأولى لابد أن تحمل على عدم السقوط مع أنه هم حملوها على السقوط, على أي الأحوال.
إذن هذا الجمع فيه إشكاليتين أشرنا إليهما.
الجمع الثاني أو المعالجة الثانية: المعالجة الثانية وردت في كلمات الشيخ الصدوق, الشيخ الصدوق في >من لا يحضره الفقيه في المجلد الثالث ص118< هذه عبارته, بعد أن ينقل الروايات التي أشرنا إليها يقول: >والحديثان متفقان غير مختلفين< كيف؟ يقول: تارةً أنك تعطي لأحدٍ دراهم وأنت ونظرك ليس إلى قيمتها الواقعية, لا تنظر إليها بما هي ذهب وفضة, وإنّما نظرك إلى أنها تنفق بين الناس أو لا تنفق بين الناس, يعني تنظر إلى رواجها في المعاملات السوقية وعدم رواجها, نظرك إلى تبادلها وعدم تبادلها, يعني بعبارة حديثة في عصرنا: نظرك إليها بما هي نقد مرةً هكذا, وأخرى: لا ليس نظرك إليها بما هي نقد, بل بما هي ذهب وفضة وإن كانت مسكوكة بسكة ماذا؟ نظرك إليها بما هي مالٌ واقعي حقيقيٌ بما هي إذا أردنا أن نصطلح باصطلاح حديثة بما هي سلعةٌ سلعة من السلع, الذهب والفضة سلعة أو ليست بسلعة؟ نعم, كما الثوب سلعة كما الحجارة سلعة كما الماء سلعة الذهب والفضة أيضاً سلعة, إذا كان نظرك إليها بما هي نقدٌ طيب من الواضح أنها ينظر إليها رائجة أو غير رائجة, فإذا كانت أعطيته رائجة فالآن أيضاً لابد أن يرجع إليك ماذا؟ يرجع إليك الرائجة فإذا سقطت عن رواجها أصلاً لا علاقة لنا بأنها الآن أسقطها السلطان أو لم يسقطها السلطان, نظر الدائن ما هو, أنه نظر إليها بما هي إنفاق وعدم إنفاق, أو نظر إليها بما هي سلعة من السلع؟ الرواية الأولى تحمل, يعني رواية تنفق ولا تنفق, تحمل على أنها نقدٌ, والرواية الثانية تحمل على أنها سلعةٌ فلا تنافي بين الروايتين.
انظروا إلى عبارته, يقول: >الحديثان متفقان غير مختلفين, فمتى كان للرجل على الرجل دراهم بنقدٍ معروفٍ فليس له إلا ذلك النقد< النقد ليس باصطلاحنا باعتبار نقدٍ معروفٍ يعني نظر إليها بما سلعةٌ بما هي مالٌ بما هي حقيقةٌ لها قيمة, طيب الرواية الثانية تقول بأنه إذا أعطيت هذه السلعة غداً أيضاً لابد أن يرجع لك بهذه السلعة الآن وجدت دراهم أخرى في السوق أعطى منها أو لا توجد؟ أنا أعطيتك خمسين هذا الدرهم وكان نظري لهذه الدراهم, طيب لابد أن يرجع إليّ هذه الدراهم. أما >ومتى كان له على الرجل دراهم بوزنٍ معلومٍ بغير نقدٍ معروف فإنما له الدراهم التي تجوز بين الناس< طبعاً هذا البيان الذي قسمته إلى سلعة وكذا هذا أوضح ما يمكن أن يقال في كلمات الشيخ الصدوق.
طيب هذا الجمع له قرينة أو لا توجد له قرينة؟ في الواقع لعله أفضل قرينة يؤيد به هذا الجمع حتى يخرجه عن كونه جمعاً تبرعياً وجمعاً لا شاهد عرفي عليه, لأنه ليس كل جمع يقبل لابد أن يكون الجمع جمعاً عرفياً حتى يمكن أن يقبل, وهو أن الرواية الأولى عبرت >إن لي على رجلٍ وكانت< قيدها ما قال إن لي على رجلٍ ثلاثة آلاف درهم فالآن عندما أرجعها كيف أرجعها وإنما قيد قال: >وكانت تلك الدراهم تنفق بين الناس تلك الأيام< فقيدها بالتبادل بالنفقة, أما عندما نأتي إلى النص الثاني ما فيه هذه, >أنه كان لي على رجلٍ دراهم وأن السلطان, .. وجاءت دراهم أخرى أعلى من الأولى فأي شيء لي< ففي الرواية الثانية يوجد >وتنفق بين الناس والآن لا تنفق< أو لا توجد؟ فلعله يقال بأنه تلك تحمل على البُعد التبادلي في هذه الدراهم وهذه تحمل على البُعد ماذا؟
إلا أنه كما هو واضح أنه هذا القدر لا يكفي لأنّه صحيح في الأولى يوجد تنفق أما في الثانية لا توجد قرينة على أنه ليس المقصود هو الإنفاق حتى تحمل على شيء آخر. وإن كانت تبرعية هذا الوجه أقل من الوجه الأول إلا أنه أيضاً لا يخلو عن وجهٍ تبرعي لا توجد قرينة يمكن أن نؤيد به هذا الجمع. هذه المحاولة الثانية.
المحاولة الثالثة: وردت في كلمات الشيخ في الاستبصار, الشيخ في الاستبصار في ص100 المجلد الثالث, في هذه المحاولة الثالثة الشيخ هكذا يقول, يقول نحن لا ننظر إلى هذه الرواية الأولى والرواية الثانية وإنما أساساً كلتا الروايتين لبيان القيمة, يعني أن المدين لابد أن يعطي قيمة الدراهم الأولى, لا أن يعطي أعيان الدراهم الأولى, عليه أن يعطي قيمة الدراهم الأولى, أعطى مائة درهم لدين أو أي سببٍ اشتغلت ذمته بمائة درهم, وكان كل عشرة دراهم تعادل دينار, وكانت رائجة هذه الدراهم بين الناس, الآن بعد ذلك لسبب من الأسباب تلك ليست رائجة وإنما راجت دراهم أخرى وعندما جئنا إلى هذه الدراهم الجديدة وجدنا أن كل خمسة منها بدينار, طيب الآن يأخذ لو معطيه مائة درهم يأخذ منه مائة درهم أو يأخذ منه خمسين درهم؟ نعيد المثال. القيمة هي المضمون أعطاه مائة درهم وفي ذلك الوقت تلك الدراهم كل عشرة دراهم كانت دينار, الآن راج غيرها من الدراهم, دراهم أخرى راجت تلك الدراهم ليست موجودة لا تنفق الآن أنفقت ولكن هذه الدراهم الجديدة التي تنفق بين الناس كل خمسة منها بدينار, فيأخذ منه مائة أو يأخذ منه خمسين؟ يأخذ منه خمسين, لماذا؟ لأنه هو يريد أن يأخذ القيمة والقيمة لابد أن هناك عشرة دنانير وهنا لابد أن تكون عشرة دنانير, ذاك هناك مائة درهم كانت العشرة دنانير الآن لابد أن يأخذ منه ماذا؟ خمسين درهم بعشرة دنانير. الرواية الثانية عندما قال >فكتب لك الدراهم< هذه الرواية الأولى.
الرواية الثانية: >لك الدراهم الأولى< ليس مقصود الإمام لك الدراهم الأولى بأعيانها يعني لك الدراهم الأولى بقيمتها إذن لا تنافي بين الرواية الثانية والرواية الأولى. طيب هذا الوجه الثالث والجمع الثالث من أوضح مصاديق الجمع التبرعي لأنه لا يوجد في الرواية الأولى ولا في الرواية الثانية أنه أساساً النظر إلى القيمة بما هي قيمة. جيد.
وعلى هذا الأساس هذه الوجوه من الجمع غير تامة, فهل تكون مانعة من التمسك بالقاعدة أو لا تكون؟ الجواب: لا تكون مانعة, لماذا؟ لأنه يحصل تعارض بين الرواية الأولى والثانية وتتساقط هاتين الروايتين فنرجع إلى مقتضى القاعدة.
إلا أنه نحن في غنىً عن هذه لماذا؟ باعتبار أنه أساساً هذه الروايات مرتبطة بمحل الكلام أو غير مرتبطة بمحل الكلام؟ في التحليل الذي قدمناه أن هذه الروايات تتكلم عن الدينار والدرهم الذي له قيمة حقيقية في نفسه ونحن حديثنا في الوحدات النقدية التي ليست لها قيمة حقيقية في نفسها, فهذه الروايات أساساً مرتبطة بمحل الكلام حتى تكون مانعة أو غير مرتبطة؟ الجواب: غير مرتبطة بمحل الكلام أصلاً ولا علاقة لها بمحل الكلام.
هذا تمام الكلام في المانع الثاني.
المانع الثالث: ولعله من أهم الموانع الذي يسبب مشكلة في الحياة التعاملية والاقتصادية وهو أنه قد يقال أنه سلمنا في باب الضمان سواء كان تلفاً أو إتلافاً أو غرامةً أو كان ديناً القوة الشرائية ماذا؟ محفوظة, سلمنا معكم المستشكل يقول, ولكنه لماذا تقولون في البيع والشراء أنا اليوم بالنسيئة أشتري منك حاجة بمائة دينار أو دولار أو تومان أو ليرة عبر عنها ما تشاء, عند ذلك أنا بعد ثلاثين يوم أو شهر أو شهرين أريد أن أسددك الثمن, يستطيع البائع يطالبني بالقوة الشرائية أو أنا فقط يحق لي يحق عليّ هذا القدر أي منهما؟ مقتضى هذا الذي ذكرتم أنه أنا عندما أبيع هذا الكتاب بعشرة البائع غداً يأتي إليّ ويقول صحيح أنه قبل ستة أشهر العشرة دراهم كانت قيمة هذا الكتاب ولكن القيمة الشرائية للدراهم ماذا؟ نزلت العملة في صعود ونزول, فأنت لابد أن تعطيني عشرة أو عشرين؟ لابد أن تعطيني, وهذا معناه أنه اختراب كل المعاملات في الأسواق في التعامل بين الناس, ثم يومياً لابد الإنسان أن يحسب ماله كم صعدت القوة الشرائية التضخم كم صار, التضخم صعد نزل وهذه لا نهاية له. بناءً على أصل القاعدة التي أنتم أسستموها كأنه هذه نقضٌ عليها, كأنه هذا مانع من الالتزام بها.
الجواب: كما قلنا بأنه هذا في باب الضمان في باب التلف في باب الإتلاف في باب الغصب, هذا في باب الدين لا يرد وإنما يرد في باب الأثمان فقط. في الواقع أنه في باب الأثمان يوجد كم صورة في باب المعاملات يعني في باب التعامل النسيئة:
الصورة الأولى: أن المدين لم يتأخر عن وقت الأداء لا أنه أخر المال لم يتأخر عن وقت الأداء وصرح بأنه غير ضامن للقوة الشرائية لهذا الثمن, طيب بلا إشكال ولا شبهة أنه ضامن أو غير ضامن إذا قبل الدائن؟ غير ضامن, هذا ما فيها شك.
الصورة الثانية: أن المدين لم يتأخر عن وقت الأداء وصرح الدائن واشترط في عقدٍ لازمٍ بأنه لو نقصت القيمة الشرائية لهذا الثمن أنت تكون ضامن, وقبل من؟ وقبل المدين وقبل الذي أخذ البضاعة, أيضاً هنا لا إشكال في أنه ضامن.
الصورة الثالثة: أن لا يكون هناك التفتوا -مشكلتنا في هذه الصورة الثالثة- أن لا يكون هناك تأخير في الأداء ولا شرط لا من المدين على عدم الضمان ولا من الدائن على الضمان, طيب هنا مقتضى العرف والقاعدة أنه ضامن إذا قلت القيمة الشرائية للثمن أو ليس بضامن؟ التفتوا لا تصريح من الدين ولا شرط من الدائن, هنا واقعاً يرجع إلى العرف الموجود في ذلك السوق. إن كان ظهور حالهما أنه عندما يبيع هذه الحاجة بعشرة أو بمائة مقصوده هذه المائة سواء قلت قيمتها أو ازدادت ولذا عندما تجدون لا فقط قلت إذا ازدادت قيمة الدولار في الأسواق لا يأتي ويقول له أنا بعت لك بمائة وأدفع لك ثمانين أبداً لا يقبل منه عرفاً, إذا كان هناك ظهورٌ عرفي وظهورٌ حالي أن الضمان انصب على ماذا؟ أنه لابد أن يدفع هذا العدد الاسمي والرقم الاسمي, طيب بطبيعة الحال يكون المشتري ضامناً للنزول أو لا يكون؟ لا يكون, لأن البائع..
يأتي الكلام.
والحمد لله رب العالمين.