نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (56)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    انتهينا في البحث السابق من نظرية سيدنا الشهيد+ في مسألة أصالة الظهور, واتضحت النقاط التالية يعني خلاصة ما تقدم يمكن ذكره في نقاط:

    النقطة الأولى: أن الظهور ينقسم إلى ذاتي وإلى موضوعي.

    النقطة الثانية: أن الظهور الموضوعي هو الحجة وليس الظهور الذاتي.

    النقطة الثالثة: أن لكل نصٍ ظهورٌ موضوعيٌ واحد لا متعدد قد يصاب وقد يخطأ قد نصيبه وقد نخطئه.

    النقطة الرابعة: أن الظهور الموضوعي الحجة إنما هو الظهور الموضوعي المنعقد للنص في عصر الصدور لا في عصر الوصول مع فرض الاختلاف.

    النقطة الخامسة: أن إحراز ذلك الظهور مع بعدنا عنه بمسافات زمنية طويلة إنما يكون على أساس أصلٍ عقلائي هذا الأصل العقلائي وإن كنّا لا نجزم فيه بالمطابقة لاحتمال المخالفة, لكن السيرة المتشرعية أو الإمضاء الشرعي أمضى هذه السيرة العقلائية.

    هذه هي النقاط الخمس التي تشكل مضمون هذه النظرية وهي أصالة الظهور عند سيدنا الشهيد, وفي اعتقادي أن هذه النظرية ليست مختصة بالسيد الشهيد وإنما هي المتعارفة وهي المعمول عليها وهي المتبعة في علم أصول الفقه وهو الذي يسير إليه أعلامنا والمحققون من علمائنا, نعم, لم يبينوها بهذا الشكل ولكن هذه هي النظرية.

    هذا خلاص ما تقدم.

    أمّا فيما يتعلق بنظريتنا في أصالة الظهور.

    إذا يتذكر الإخوة الأعزاء قلنا بأن هذه النظرية توجد فيها مجموعة من الأصول الموضوعة ومجموعة من الأسس التي تنطلق منها هذه النظرية, قلنا أن الأسس والأصول والقواعد التي تنطلق منها النظرية هي هذه الأسس الثلاثة:

    الأساس الأول: أن هناك واقعاً قبل النص, والنص إنما هو كاشف عن ذلك الواقع, لأنه مبنانا كما يقال مبنى العدلية قائم على أساس المصالح والمفاسد الواقعية النفس الأمرية, ذلك الواقع قد نصيبه وقد نخطئه, وهذا أصل أيضاً ثبت في محله وهو أنّنا من المخطئة لا من المصوبة.

    الأساس الثاني: أن ذلك الواقع ليس واقعاً إن صح التعبير رجراجاً متحركاً متغيراً متبدلاً متطوراً متكاملاً لا ليس الأمر كذلك, وإنما ذلك الواقع ماذا؟ واقعٌ واحدٌ ثابتٌ مطلقٌ دائميٌ لا يتبدل ولا يتغير إلى غير ذلك من العناوين الأخرى, هذا الأساس الثاني.

    الأساس الثالث: الذي قلنا بأنه أيضاً قضية واضحة لا تحتاج إلى دليل أننا قد ندرك ذلك الواقع من خلال النص, عفواً, قد فهمنا لذلك الواقع من خلال هذا النص ليس ثابتاً بل هو فهم متغير متعدد متبدل متطور سمه ما شئت, لماذا؟ دليله بينّا بالأمس وفي الأبحاث السابقة قلنا بأن الدليل هو أننا نحن نتعامل من خلال اللغة, يعني لكي نفهم النص, النص الكاشف عن الواقع نتعامل مع النص من خلال, طيب لا نتعامل مع النص من خلال عالم الإشارات, ولا من خلال عالم الرؤية, ولا من خلال عالم الغيبيات, نتعامل مع هذا النص القرآني من خلال اللغة واللغة ظاهرة اجتماعية تتبدل تتغير تتطور تتبدل معانيها السياقية والتركيبية إلى غير ذلك, طيب بطبيعة الحال فهمنا الذي يقوم على أساس اللغة وقواعد اللغة أيضاً سوف يكون متبدلاً, أنا أتصور كالقواعد المنطقية والرياضية لا تحتاج إلى استدلال, هذا مضافاً إلى الواقع التاريخي أمامكم أنتم, انظروا بأنه العرفاء لهم فهم الفلاسفة لهم فهم, الفقهاء فيما بين أنفسهم هذا اتجاهه أصولي هذا اتجاهه أخباري, لا هذا مربوط بالسي آي أي, ولا ذاك مربوط بالسي آي أي, ناس مؤمنين فقهاء عدول كلهم همه الأساسي أن يفهم الواقع وأن يصل إلى مراد المشرع ولكن هذا يتخذ هذه الآيات وهذه الأدوات, وذاك يتخذ آليات وأدوات أخرى ومنطق ومنهج آخر للوصول إلى الواقع, إذن الواقع التاريخي يثبت هذه القضية القضايا الاجتماعية واللغوية تثبت هذه الحقيقة فلا نحتاج إلى مزيد بيان لهذه النقطة.

    هذه هي الأسس الثلاثة -التفتوا جيداً- هذه الأسس الثلاثة التي ينطلق منها مباني العدلية في الأصول في الفقه في التفسير في أي بعد إنما ننطلق من هذه الأصول الثلاثة, أن هناك واقع وهذا الواقع واحد وأن فهمنا لهذا الواقع متعدد لا واحد.

    الآن ما هو الشيء الذي نقبله أي قدرٍ نقبله من هذه الأسس؟ وأيها لا نقبلها, إخواني الأعزاء, الآن أنا ما أريد أن أدخل في تفاصيل كل أساسٍ من هذه الأسس, هل نقبلها أو لا نقبلها, ولكنّه بنحو الإجمال أشير إليها.

    فيما يتعلق بالأصل الأول والأصل الثالث لا يوجد عندنا الآن كلام كثير فيما يتعلق بهذين الأساسين والأصلين الأول والثالث, يعني أن هناك واقعاً قد نصيبه وقد نخطئه, هذا لا يوجد عندنا كلام كثير حوله.

    الأصل الثالث أن فهمنا لهذا الواقع من خلال النص ليس واحداً بل هو متعدد وهذا أيضاً لا يوجد عندنا كلامٌ حول هذا الأساس وهذه القاعدة وإنما كلامنا كل الكلام في الأصل الثاني, يعني أن هذا الواقع ماذا؟ واحد, واقعاً أن الواقعيات واحدة أو ليست واحدة, يعني عندما نضع يدنا على أي مسألة.

    إخواني الأعزاء وإن كنّا قليلاً نخرج عن البحث الكلاسيكي للفقه, وأنا ذكرت للإخوة إذا يريدون بحوث كلاسيكية في الفقه موجودة عشرات الدروس الكلاسيكية, يمكنهم أن يذهبوا إلى تلك, ولكن أنا في اعتقادي أن هذه أسس البحث للتعامل مع النص الديني الذي هو أوسع بكثير من البحث الفقهي المتعارف.

    ولذا أنا أؤسس للإخوة هذه القضايا وبعد ذلك أيضاً نرجع إلى منهجنا السابق.

    إخواني الأعزاء هذه القضية تُعد أم القضايا وأساس القضايا المعرفية وهو أن الواقع في كل مفردةٍ دينية أو في كل مفردة من مفردات المعرفة الدينية, سمها ما تشاء, سواء كانت هذه المفردة مرتبطة بالبعد العقائدي أو هذه المفردة مرتبطة بالبعد الأخلاقي, أو هذه المفردة مرتبطة بالبعد الفقهي والعملي, نحن لا يوجد عندنا شيء آخر, في المفردات أو في منظومة المعرفة الدينية إما عقائدية وإما عملية الآن هذه العمليات إما وجوب إما حرمة إما استحباب إما كراهة إما إباحة إما .. إلى غير ذلك, فلا يوجد عندنا شيء, في كل مفردةٍ من هذه المفردات التي تكون عندنا منظومة المعرفة الدينية, هل أنّ واقعها واحدٌ أو أن واقعها متعدد؟

    المشهور أن الواقع واحد, نحن أيضاً نتفق معهم أن الواقع واحد, لا يوجد عندنا شك في أن الواقع واحد أيضاً لا يتعدد, ولكن اختلافنا مع مشهور المحققين أنّ هذا الواقع الواحد هل هو متواطي أو أن هذا الواقع الواحد مشكك أيٌ منهما؟ هم يذهبون إلى أنه واقع واحد متواطي, ونحن نعتقد أن هذا الكلام غير تام, الآن من خلال الأمثلة سيتضح لا تستعجلون أنه ماذا نريد أن نقول.

    أضرب لكم مثال حتى لا تبتعدون عن البحث: في النتيجة من أصول المعرفة العقدية بل أم الأصول وأم الأمهات هي توحيد الله سبحانه وتعالى أيوجد شك في هذا؟ طيب التوحيد له واقعٌ أو ليس له واقع, والجميع لابد أن يؤمن بالتوحيد, وإن لم يؤمن بالتوحيد فهو مشرك, ولكنّ التوحيد المطلوب للناس جميعاً هل هو درجة من التوحيد يتساوى فيها خاتم الأنبياء والإنسان العادي أو أن التوحيد المطلوب من خاتم الأنبياء شيء والتوحيد المطلوب مني ومنك شيء آخر أيٌ منهما؟

    يعني بعبارة أبدل العبارة: لو أن التوحيد الذي عندي آمن به عليٌ ابن أبي طالب إمام التوحيد, هذا التوحيد مقبول من علي ابن أبي طالب أو ليس بمقبولٍ منه؟ يقبل مثل هذا التوحيد من علي ابن أبي طالب أو لا يُقبل؟

    نصوص صريحة وواضحة -أتكلم على مستوى البحث النقلي- لا أذهب إلى البحث العقلي, على مستوى, مثال أوضح الآن أضرب الأمثلة, أقرأ الروايات لكم, العبادة, العبادة مني ومنك إخواني إذا كانت عبادة العبيد تقبل مني ومنك أو لا تقبل؟ لا إشكال ولا شبهة أنه عموم الناس عبادتهم عبادة ماذا؟ حتى ليست عبادة الأجراء وإنما هي عبادة العبيد يعني خوفاً من النار, تسعة وتسعين من الناس يعبدون الله خوفاً من ناره, وإلا إذا لا يوجد نار فاطمأنوا لا جنة واحدة ألف جنة أيضاً لا تحرك الإنسان في الطاعة والانتهاء من المعصية, والشاهد -مراراً أنا قلت ذلك- والشاهد أنه جنابك صلاة الصبح تجلس وتصلي ولكن قبلها بعشرة دقائق أو عشرين دقيقة ما تقوم وتصلي صلاة الليل, لماذا؟ إذا المدار الثواب فكتبت كتب في ثواب صلاة الليل, لماذا؟ تقول بأنه إذا تقوم لصلاة الصبح لأجل الثواب هذا الثواب الذي أعطي لصلاة الليل أصلاً ما شاء الله, يكفيك أن تعلم {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} المقام المحمود رسول الله وصل إليه من خلال صلاة الليل, عند ذلك أنت تريد دليل أوضح من هذا المعنى, ولكن مع ذلك تعتني بصلاة الليل أو لا تعتني؟ لا تعتني, ولكن تعتني بصلاة الصبح ولو بقيت دقيقتين وتخرج الشمس, ما هو السبب؟ كن على ثقة ليس الجنة, خوفك من النار, وإلا إذا رفعوا النار وقالوا لك بأن صلاة الصبح فيها هكذا ثواب كن على ثقة صلاة الصبح تصلي أو لا تصلي؟ لا تصلي تقول هكذا ثواب ما باللازم, إذن عموماً عبادتنا عبادة ماذا؟ عبادة العبيد, الآن لو فرضنا أن علياً أراد أن يعبد الله عبادة العبيد التي هي مقبولة مني, هل يقبل منه في قبال المعرفة التي يملكها عن الله سبحانه وتعالى أو هذه العبادة لا تقبل منه؟ لا يوجد شك أن هذه العبادة من علي لا تقبل لا أنه لا تقبل هذه العبادة لا لا, من عليٍ هذه العبادة لا تقبل, لماذا؟ لأنّ العبادة إنما هي على قدر المعرفة, بقدر المعرفة الله يطالب الإنسان بالعبادة فإذا كانت معرفته بالله معرفة أعلائية فالعبادة المطلوبة منه ماذا؟ أي عبادة؟ العبادة الأعلائية لا العبادة الأدنائية, فإذن من كان في طبقة علي لا أقل مثل علي لا يوجد مثل علي, من كان في طبقة من؟ في طبقة علي كأولاده المعصومين (عليهم أفضل الصلاة والسلام) هؤلاء أيضاً لهم عبادة ولكن واقعهم العبادي هل هو كواقعنا العبادي أو العبادة تختلف فيما بيننا؟ هذا مقصودي من التشكيك وإلا ليس مقصودي أنه أنا أعبد هو لا يعبد, أنا أؤمن بالتوحيد هو لا يؤمن بالتوحيد, أو هو يؤمن بالتوحيد وأنا لا أؤمن بالتوحيد؟ لا لا, مقصودي جميعاً توحيد ولكنّ التوحيد والمعرفة التوحيدية لها درجة واحدة أم لها درجات متعددة؟ لها درجات متعددة, فالمعرفة التوحيدية الموجودة عند علي أو المطلوبة من علي غير المعرفة التوحيدية المطلوبة من عموم الناس, دعني أقرأ لك نصوص في المعرفة التوحيدية.

    فيما يتعلق بالمعرفة التوحيدية هناك نصوص متعددة في هذا المجال, أنظروا هذه المراتب التي أنا أشير إليها لا أقل أربع مراتب من مراتب التوحيد.

    المرتبة الأولى: ما ورد في توحيد الصدوق في ص46, طبعاً هذه كمثال وإلا في الإمامة أيضاً كذلك, في المعاد أيضاً كذلك, في النبوة أيضاً كذلك, هذه ليست من باب فقط من باب المختصة بالتوحيد, لا لا, في كل المعارف العقدية فإن الواقع لها واحدٌ ولكن واحد متواطي أو واحد مشكك؟ انظروا.

    سؤال يأتي إلى الإمام الرضا× >قال سألت أبا الحسن الرضا عن التوحيد, فقال هو الذي أنتم عليه< هذا الذي موجود بين أيديكم, وأنت اذهب إلى الناس واسألهم أنت تؤمن بالتوحيد هذه الوحدة عددية أو ليست بعددية؟ ماذا يجيبك يقول عددية وغير عددية ماذا؟ الله واحد وانتهت القضية, يعني واقعاً هؤلاء عموم الناس بل حتى عموم الطلبة, لو تسأله وتقول له أن التوحيد الذي أنت تؤمن به هل هي وحدة عددية يعني مثل هذا الكتاب واحد الله واحد أو وحدة أخرى؟ المهم هذا الذي نحن فهمناه >والعرف ببابك< يقول واحد يعني مثل الكتاب, هذه رواية الذي يقول: >ما أنتم عليه< هذا التوحيد الذي عندكم.

    أمّا نفس الإمام الرضا× أو الإمام أمير المؤمنين في توحيد الصدوق ص83 يُسأل عن التوحيد والرواية لابد أن قرأتموها أيضاً, >أن إعرابياً قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين فقال يا أمير المؤمنين أتقول أن الله واحد؟ قال: فحمل الناس عليه قالوا يا أعرابي أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسم القلب, فقال أمير المؤمنين دعوه فإن الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم< نحن نعارك الجماعة على من؟ على خاطر التوحيد, لا يوجد عندنا شيء آخر >ثم قال يا أعرابي إن القول في أن الله واحد على أربعة أقسام فوجهان منها لا يجوزان على الله عز وجل ووجهان يثبتان فيه, فأما اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل واحد يقصد به باب الأعداد< فهذا يجوز عليه أو لا يجوز عليه؟ ولكنّه هناك الإمام الرضا قال >ما هم عليه الناس< ماذا يفهمون ما عليه الناس ماذا يفهمون غير الواحد العددي؟ لا يفهمون, ولكن هذا يقبل من الناس لماذا؟ لأن الناس أساساً ليس سطحهم الفكري والمعرفي أكثر من ذلك, حتى يطالب بمعرفة توحيدية وراء هذه المعرفة >أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم<, قال: >فهذا ما لا يجوز لأن ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد, أما ترى أنه كفر من قال ثالث ثلاثة وكفّر وقول القائل هو واحد من الناس يريد به النوع من الجنس فهذا ما لا يجوز عليه لأنه تشبيه وجلّ ربنا عن ذلك وتعالى وأما الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل هو واحد ليس له في الأشياء شبهٌ كذلك وقولنا أنه أحدي المعنى يعني أنه لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم كذلك ربنا عز وجل< طيب هذه المعاني الواردة في هذا الحديث واقعاً ممكن أن تكون مطلوبة من عموم الناس هذه المعاني, هذا النحو من التوحيد, الذي نوع وجنس ووهم وانقسام معنى أو انقسام خارج وانقسام وأنحاء الانقسام هذا ممكن أن يراد من الناس؟

    الجواب: كلا, فإن هؤلاء لهم توحيدهم وذاك ليس شركاً يعني لا يتبادر إلى ذهنك يعني من هم في طبقة عموم الناس هذا هو التوحيد الواقعي المطلوب منهم لا أنهم شرك ولكن يتسامح في أمرهم لا, ذاك هو توحيدهم لا أكثر من هذا. أما الطبقة الثانية ما هو المطلوب منهم؟ هذا التوحيد.

    الطبقة الثالثة: في ص143 من توحيد الصدوق, عجيبة هذه الرواية, الرواية عن الإمام الصادق× عن عبد الأعلى عن الصادق× >قال اسم الله غير الله وكل شيء وقع عليه اسم شيء فهو مخلوق فأما ما عبرت الألسنة عنه أو عملت الأيدي فيه فهو مخلوق والله غاية من غاياه والمغيى غير الغاية والغاية موصوفة وكل موصوف مصنوع وصانع الأشياء غير موصوف بحدٍ مسمى لم يتكون فتعرف كينونته بصنع غيره ولم ينتهى إلى غاية إلا كانت غيرة لا يذل من فهم هذا الحكم أبدا وهو التوحيد الخالص فاعتقدوه وصدقوه وتفهموه<.

    الآن بينك وبين الله هذه الجمل إذا أردت أن تفهمها كم تحتاج من الوقت؟ الإمام يقول هذا هو التوحيد الخالص إذن القبل ماذا؟ طبعاً الرواية طويلة الذيل ولا يوجد وقت لكي أقرأها لك.

    الجواب: ذاك أيضاً مرتبة من مراتب الناس الذي ذاك القدر الذي يستطيعون أن يفهموه من التوحيد وهو المطلوب منهم مطلوب أكثر من ذلك أو غير مطلوب؟ لا لأنه الطبقة الثانية يعيشون الشرك, لا لا أبداً, يعيشون عقيدة التوحيد ولكنه لمن هم ماذا؟ التفتوا فرق كبير بين هذا الذي أقوله وبين النسبية, لا يتبادر أن التوحيد أمر نسبي لا, لكل طبقة من الناس بحسب مستوياتهم المعرفية والعقلية هناك درجة من درجات المعرفة الدينية, هذا الذي ورد عندنا أما هم مراتبهم المعرفية لا نعلم, هذا الذي ورد عندنا في النصوص.

    المرتبة الرابعة: -وأختم بها مسألة التوحيد- التفتوا إلى هذه الرواية التي هي ما أدري ماذا أقول؟ من أخطر الروايات إن صح التعبير, من أخطر الروايات في هذا المجال هذه الرواية, وهي واردة في (الاحتجاج) أنا أنقلها من السيد الطباطبائي في الميزان المجلد السادس ص102 الذي ينقلها عن الاحتجاج, الإخوة يراجعونها في الاحتجاج, انظروا كيف يميز, يعرف التوحيد التفتوا, يقول: >دليله آياته, ووجوده إثباته< كلمات أمير المؤمنين, >ومعرفته توحيده< عجيب هذه القضية التفتوا, معرفة الله ليست هي معرفة أنه موجود أو غير موجود هذا مفروغ عنه, أساس المعرفة التوحيدية تقوم أين؟ في التوحيد, ولذا تجدون نحن في أصول العقائد أول الأصل ماذا نضعه؟ التوحيد, لأنه هي أساس المعرفة الإلهية هي التوحيد >ومعرفته توحيده< طيب جيد إلى هنا ما عندنا مشكلة, ما معنى التوحيد يا أمير المؤمنين؟ هذه الجملتين خذوها الليلة وفكروا فيها جيداً, الإخوة الذين يحضرون الفصوص أنا واقف عند هذه الجمل كثيراً ولكنه على مستوى هذا البحث. >وتوحيده تمييزه من خلقه< إذا أنت أن تؤمن بالتوحيد لابد أن تميز الخالق عن المخلوق, أما إذا قلت بوحدة الخالق والمخلوق فأنت موحد أو غير موحد؟ إذا قلت باتحاد الخالق والمخلوق فأنت موحد أو غير موحد؟ يعني لا حلول ولا اتحاد >وتوحيده تمييزه من خلقه وحكم التمييز بينونة صفة لا بينونة عزلة< هذا كتاب التفتوا لا أريد أن أطيل على الإخوة هذا كتاب, هذه متمايزات أو غير متمايزات؟ نعم, تمايزهم بأي نحوٍ؟ أحدهما معزول عن الآخر هذا يمين وهذا يسار, هذه البينونة ماذا نسميها؟ بينونة العزلة والانفصال, هذا ماء, فلو كان بارداً أو حاراً هذا الماء البارد أو الحار الحرارة والماء شيء واحد أم شيئان؟ شيئان, لا شيء واحد, فإن الماء شيء والحرارة شيء آخر, ولكنّه التمايز بين الماء والحرارة تمايز عزلي أم تمايز صفتي؟ لا إشكال أنه ليس تمايزاً عزلياً ليس مثل هذا الكتاب, والحرارة من هذا الصوب والماء بالجنب الآخر لا لا, وإنما شيء واحد ولكنّه فيه صفة وموصوف, الإمام يقول التوحيد الحقيقي أن تمايز بينه وبين خلقه لا بينونة عزلة وإنما بينونة صفة, يعني نحن صفات الله؟ حلها أنت في التوحيد, يقول من آمن بينونة عزلة فهو موحد أو ليس بموحد؟ ونحن عموماً نعتقد أن النسبة والتمايز بيننا وبين الله أي بينونة موجودة بيننا؟ أساسنا العقائدي أساسنا الكلامي حتى كبار علمائنا في الكلام أذهب اسألهم قل لهم البينونة بين الخالق والمخلوق أي بينونة؟ بينونة صفة أو بينونة عزلة؟ ماذا يجيبوك؟ أساساً كل التكفير الموجود للعرفاء قائم على أساس ماذا؟ على هذا, هذه أيضاً درجة الإمام, الآن تقول لي سيدنا الرواية ضعيفة, طيب هذه لغة العاجز أنا اعتقدها دائماً, الذي ما يستطيع أن يفهم الذي لا يستطيع أن يفهم يقول هذه روايات موضوعات وكذا … لا أبداً لا موضوعات ولا أي شيء آخر.

    طيب سؤال: الآن لو جاء شخص وأثبت هذا المعنى, هذا المعنى الرابع الذي أشرنا إليه الآن في التوحيد, بالنسبة إليه التوحيد في المراتب السابقة يقبل منه أو لا يقبل منه؟ لا يقبل منه, أما لمن هو في الطبقة الثالثة ذاك التوحيد يقبل, لمن هو في الطبقة الثانية ذاك التوحيد يقبل, لمن هو في الطبقة الأولى ذلك التوحيد يقبل, هنا يأتي هذا التساؤل التفتوا: هل أن المطلوب في واقع التوحيد هو واحدٌ من هذه الأربعة, واقعة لا فهمي, واقع التوحيد هل هو واحد من هذه الأربعة أو الجميع هذه مطلوبات من الناس ولكنٌ كل بحسبه, أيهما؟ التفتوا جيداً, المشهور يقولون واحد إما الأولى أم الثانية أو الثالثة أو الرابعة هذا الواحد المتواطي الذي اصطلح عليه. أنا معتقد أنه ما هو؟ لا واحد مشكك, يعني التوحيد في المرتبة الأولى لطبقة من الناس هو التوحيد الواقعي, التوحيد في المرتبة الثانية هو التوحيد الواقعي لطبقة ثانية, التوحيد في المرتبة الثالثة وهكذا الآن عندنا خمسة ستة عشرة إلى ما شاء الله سمه ما شئت هذا ليس بمهم. ما أدري الآن إذا نقلتم عني أن السيد لا تذهبون وتتهمونني بالنسبية؟ أنا لست قائلاً بالنسبية, أنا قائل كله من كان في الطبقة ألف التوحيد المطلوب منه أي مرتبة؟ هذه, لا أنه المطلوب منه شيء آخر, لا أنه أنا إذا كنت في الطبقة الألف والمطلوب هو التوحيد في الطبقة باء أنا أعيش حالة الشرك ولكن لا أعلم, طبعاً إذا أنت قست المرتبة الأولى إلى المرتبة الثانية واقعاً التوحيد في المرتبة الثانية إذا قيس إلى التوحيد بالمرتبة الأولى يكون شركاً غير مطلوب ولكن لمن كان في مرتبة ماذا؟

    بعبارة واضحة: -نلخصها في كلمة واحدة- بعبارة أخرى: حسنات الأبرار ولكن للأبرار حسنات لا أنه هذه سيئات للأبرار ولكن هذه الحسنة لو قستها إلى المقربين فهي حسنة أو غير حسنة؟ غير حسنة, ولكنها ليست غير حسنة مطلقا وإنما هي غير حسنة للمقربين, يعني للأبرار حسنات وسيئات وللمقربين حسنات وسيئات أخرى, ولكنّ الجميع في الحد الأدنى مشتركين لا يتبادر إلى ذهنك أنه يوجد تباين لا لا أبداً هذا الذي أسميه تشكيك, الحد الأدنى من الحسنات والسيئات يعني الزنا سواء كان في المرتبة الأولى كان من الذين آمنوا وكان من الأبرار أو من المقربين أو من خاصة المقربين الزنا ماذا؟ حرام, هذا الحد المشترك بين الجميع, هذا متفق عليه, ولكن عندما نصعد من درجة الذين آمنوا ويكون من الأبرار بإضافة أنه الزنا المشترك محرم يضاف إليه ماذا؟ تحريمٌ آخر فإذا وصل إلى درجة المقربين يضاف إليه تحريم آخر فلذا جملة من المحرمات التي هم يعتقدون أنها من المحرمات عليهم ولكن عندما تصل إليّ ولك إما تصير مكروهات وإما مباحات. (كلام أحد الحضور)

    الجواب: هذا الواقع إذا سألته لعلي ابن أبي طالب سألتني قلت له بأن يعيش عيشة المتعارف أقول هذه سيئة لعلي ابن أبي طالب وليس لي, ولذا تجد أمير المؤمنين بشكل واضح وصريح هذا المعنى أشار إليه, انظروا في إحدى خطبه يشير إلى هذا المعنى بشكل صريح الإمام× في (نهج البلاغة من كتاب له رقم 45) هذه عبارته يقول: >ولكل مأمومٍ إماماً يقتدي به ويستضيء بنور علمه ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ومن طُعميه بقرصيه, ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك< أصلاً تستطيعون أن تصلون إلى هذا المقام أو لا تستطيعون؟ ما يمكنكم أن تصلوا وإلا صرت أمير المؤمنين أنت, فمن كان في مقام أمير المؤمنين فلابد أن ماذا يعيش؟ هذا المقام, طيب إذا صار إمام المسلمين وليس أمير المؤمنين ما يمكنه أن يعيش, وهذا قراناه إذا تتذكرون في أول الأبحاث الإخوة الذين حضروا عندنا في أول الأبحاث قلنا لكلٍ درجة خاصة >ولكن أعينوني بورعٍ واجتهاد وعفةٍ وسداد<. فإذا أنت تسألني وتقول لي هذه الدرجات الأعلائية >والله لو أعطيت الأقاليم السبعة على أن أسلب نملةً جلب شعيرة فعلت أو لا أفعل< يا أمير المؤمنين هذا حرام؟ الآن أنتم ارجعوا إلى الكتب الفقهية هذا حرام أو لا؟ مكروه؟ لا والله ليس بمكروه, طيب لماذا يا أمير المؤمنين ما تفعله, يقول نعم لكم لا حرام ولا مكروه أما لعلي ما أريد أن أستعمل حرام ولكن ينبغي أو لا ينبغي؟ لا ينبغي لعلي ذاك هو المطلوب من علي وهذا هو المطلوب منّا, الآن النتيجة التي أريد أن أخذها, طال البحث, النتيجة, إلى الآن ما أخذتنا النتيجة, النتيجة ما هي؟ النتيجة أنا ما معتقد بأنه ما ورد في الشريعة من الواجبات والمحرمات والمستحبات والمكروهات هي الحد الأعلى من التكاليف بل هي الحد الأدنى وفوقها مراتب, نعم الحد الأدنى من الواجبات والمحرمات والمستحبات والمكروهات بينت ماذا؟ التي هذه مشتركات بين جميع الناس, ولكن كلما صعد الإنسان مرتبة معرفية في التوحيد ازدادت تكاليفه من واجبات ومن محرمات, فرب مباحٍ عندي وعندك عندما يصل إلى النبي الأكرم ماذا يصير مباح أم حرام؟ يصير حرام, أو يصير ماذا؟ يصير واجب, ورب مستحب عندي وعندك عندما يصل إلى هذه المقامات العالية ماذا يصير؟ يصير واجب, وأمثلتها كثيرة انظروا إلى مختصات النبي وأهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) تجدون كثير من الأحكام يعني ماذا مختصات؟ ماذا هي امتيازات؟ ماذا هو الدستور بيدهم يكتبوه كيف ما يشاؤون ويفصلونه بالشكل الذي يريدونه, هذا ليس هكذا نحن معتقدين بعصمة هؤلاء, إذن ماذا عندما يصل إليّ يصير مستحب وعندما يصل يمه يصير واجب, صلاة الليل لماذا عندي تصير مستحب وعندما تصل إليه تصير واجبة؟ الجواب: لأنه أحكام الشريعة وهذا هو اختلافنا الأساسي والمنهجي مع المنهج التقليدي القائم في حوزاتنا العلمية, أنا لا أوافق بأنه هذا الفقه الذي بأيدينا هو متواطي للجميع على حد سواء, وإنما أعتقد أن الفقه الذي هو فلسفة الحياة بتعبير السيد الإمام+ يقول: فلسفة الحياة فلسفة السلوك في الحياة هي هذا الفقه العملي الذي بأيدينا, هذا له مراتب له درجات نعم حده الأدنى بُين في كلماتنا لا حده الأعلى.

    ومن هنا نحن عندما نأتي, طيب النتيجة الأخرى ما هي؟ النتيجة الأخرى إخواني الأعزاء وهو أنه كثير من الأمور التي بُينت في كلمات النبي وأئمة أهل البيت ليست هي تشريعات وخصوصاً في أفعالهم ليست هي تشريعات عامة للأمة وإنما هي أمور مختصة بأفعالهم الشخصية هم, ولكن نحن تصورنا أن هذه أحكام ماذا؟ أحكام مطلقة عامة, مع أنها ليست كذلك, وهذه على الفقيه أن يميز ما هي تلك الأحكام التي صدرت أو بينت من خلال مقاماتهم الوجودية وما هي تلك الأحكام التي بينت بعنوان أنها عامة لجميع المسلمين وعدم الخلط وعدم التمييز بينهما نحن دائماً ننظر إلى الشريعة نراها في عالم وننظر إلى أنفسنا نرى أنفسنا في عالم آخر, لماذا؟ لأننا تصورنا أن جملة من تلك الأمور مرتبطة تكاليف لنا, مع أنها تكاليف لنا أو ليست لنا هي؟ ليست لنا, نعم بعضها عرفناها من قبيل صلاة الليل, عرفنا أنها واجبة لنا أو له’؟ له’ فقط, أما لنا ليست واجبة, هذه بعضها عرفناها ولم نميزها, وهذه نقطة أساسية في فهم الفقه المتعارف بأيدينا, أن نميز بين الحكم الصادر منهم بعنوان أنه تشريع إلهي مطلق لكل زمان ومكان ولكل أحد, وبين الحكم الصادر منهم بعنوان أنه حكم قضائي, وبين الحكم الصادر منهم بعنوان أنه حكم ولائي, وبين الحكم الصادر منهم بعنوان أنه مرتبط بأشخاصهم المباركة, هذه أربعة أو خمسة أنواع من الأحكام صدرت عن النبي وأهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) ولكن في الأعم الأغلب نحن عندما نأتي في مقام الاستنباط نميز بين هذه الأحكام أو لا نميز؟ لا نميز, فنقع في هذا الخلط الذي تجدونه أمامكم. تتمة الحديث تأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/05
    • مرات التنزيل : 1128

  • جديد المرئيات