نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (73)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قلنا أن هناك اتجاهاً لعله هو المشهور بين الفقهاء ولكن القدماء من الفقهاء ذهبوا إلى أنّ ما يصدق عليه الغناء ينقسم إلى قسمين غناءٌ محرم وغناءٌ محلل, وبهذا يختلف هذا الاتجاه عن الاتجاه المشهور بين المتأخرين أن كل ما صدق عليه الغناء فهو محرم.

    هؤلاء يقولون الأمر ليس كذلك وإنما النصوص التي بأيدينا سواء كانت الآيات أو الروايات وكذلك كلمات اللغويين عندما نقف عندها نجد أنها تقسم الغناء إلى قسمين أساسيين, وأشرنا بالأمس إلى بعض كلمات الأعلام من الفقهاء ولكنّ المتقدمين منهم.

    وهنا بودي أن أشير إلى أننا لسنا بصدد الإصرار على تصحيح ما صدر من الفيض الكاشاني وإنما نريد أن نطرح البحث فإن اتفق البحث مع ما يقوله الفيض الكاشاني فبها ونعمت, وإلا فلا نتفق معه في كل ما يقول, يعني: البحث ليس منصباً عن الدفاع عن الفيض الكاشاني وإنما البحث العلمي إلى أين يوصلنا. هذه نكتة.

    النكتة الثانية: أنه أكدت مراراً فيما سبق والآن أيضاً أشير أن البحث ليس على مستوى الفتوى وإنما البحث بحث عملي نظري والأدلة بيد الإخوة فإن شاءوا إن يتجهوا بهذا الاتجاه أو بذاك الاتجاه.

    من أولئك الذين أيضاً يصرحون بأن الغناء ينقسم إلى قسمين محلل ومحرم ونفسه النراقي المولى أحمد ابن محمد مهدي النراقي في (مستند الشيعة, ج14, ص139) يصرح بشكل واضح لا مجال للشك فيه يقول: [مضافاً إلى معارضتها مع ما دلّ على أن الغناء على قسمين حلال وحرام] الغناء المقسم هو الغناء على قسمين لا أنه ما دلّ على الحرمة فهو الغناء, أما إذا كان هناك شيء محلل فهو خارج موضوعاً تخصصاً لا ليس الأمر كذلك, مع أنّه يصدق عليه الغناء عرفاً لغةً سمه ما شئت ولكنّه مع ذلك لا دليل على حرمته [كالمروي في قرب الإسناد للحميري بإسناد لا يبعد إلحاقه بالصحاح عن علي ابن جعفر] على الخلاف الموجود في المسألة جملة من الأعلام يعبرون صحيحة علي ابن جعفر, [عن أخيه قال: سألته عن الغناء هل يصلح في الفطر والأضحى والفرح, قال: لا بأس ما لم يعصَ به] واضح بأنه سئل عن الغناء, عندما يقول [لا بأس ما لم يعصَ به] هذا معناه أنه قسم الغناء إلى غناء فيه معصية وإلى غناء ليس فيه معصية إلى غناء حلال وإلى غناء حرام [والمروي] هذه شواهد مؤيدات هذه [والمروي في تفسير الإمام العسكري عن النبي’ في حديثٍ طويل فيه ذكر شجرة طوبى وشجرة الزقوم والمتعلقين بأغصان كل واحدة منهما] هذه شجرة طوبى عجيبة أمرها ونحن أشرنا إلى هذا البحث مفصلاً في كتاب المعاد, شجرة طوبى لا يوجد بيت من بيوت أهل الجنة إلا ويوجد غصن من أغصان شجرة طوبى في ذلك البيت, وأصل هذه الشجرة روايات مختلفة بعضها تقول أنّه في بيت علي, بعضها تقول في بيت رسول الله, بعضها تقول في بيت فاطمة وهناك أشرنا بأنه لا تنافي بين هذه الروايات باعتبار أنه بيتهم جميعاً واحد هذه وتلك وأولئك جميعاً, قال في تلك الرواية التي في تفسير العسكري [قال: ومن تغنى بغناءٍ حرامٍ] من الواضح هذا يكشف عن أن الغناء منه ما هو حلال ومنه ما هو حرام, [ومن تغنى بغناء حرام يبعث فيه على المعاصي فقد تعلق بغصنٍ منه أي من شجرة الزقوم فإن الأول صريح وصحيحة ..] إلى آخره.

    إذن هذا القول من الأقوال الذي كان يوجد فيه جملة من أعلام فقهائنا السابقين والمتقدمين يقولون أن الغناء بنفسه ينقسم إلى هذين القسمين. فإن انطبق ذلك على كلام الفيض الكاشاني فبها ونعمت, أما إذا لم ينطبق كما قلت لا يوجد هناك إصرار على تصحيح ما ذهب إليه الفيض الكاشاني, هذه مسألة.

    البحث الآخر الذي لابد أن يلتفت إليه قبل الدخول في الأدلة والإشارة إليها إجمالاً لأننا ذكرنا أنه لا نريد أن ندخل البحث بشكل كلاسيكي تفصيلي كما كان بحثنا وديدنا في الأبحاث السابقة أنه نشير إلى الأبحاث بشكل إجمالي حتى الإخوة يكونون على صورة من هذا البحث.

    النكتة الأخرى التي لابد أن يلتفت إليها: أنّ الغناء مقولة الغناء عندما نقول غنا يغني غناء ونحو ذلك أعم من أن يكون حلالاً أو أن يكون حراماً أن الغناء أولاً وبالذات من مقولة الصوت الأصوات والألحان من الواضح ليس مطلق الصوت غناء وإنما الهيئة المخصوصة, أو من مقولة اللفظ يعني أن النظر لا علاقة لنا إلى الأصوات وإنما النظر إلى الأقوال, طيب لا إشكال ولا شبهة أن الغناء ليس من مقولة الألفاظ والمادة وإلا كثير من المواد والألفاظ محرمة التي هي كذب التي هي شهادة زور, التي هي بهتان التي هي غيبة, هذه مقولة الألفاظ ولا يصدق على أي واحد منها أنها غناء.

    إذن لا إشكال أن الغناء ليس من مقولة المادة وحدها فقط, إنما الكلام بين الأعلام أن الغناء هل هو من مقولة الألحان والأصوات بكيفية وهيئة خاصة أو الغناء هو المركب من الهيئة والمادة؟.

    وإذا تتذكرون السيد الخوئي+ فيما سبق ماذا قال؟ قال: بأن الغناء لا أقل الشرعي مقوم بركنين من هيئة ومن مادة, طبعاً ولم يقم دليلاً على هذا المعنى وإنما فقط ادعى هذا المعنى والإخوة أيضاً يمكنهم أن يرجعوا إلى هذا البحث بشكل واضح وصريح كما قلنا في (المحاضرات) هناك بشكل واضح وصريح يقول: [والذي ينبغي أن يقال إن مفهوم الغناء ليس] مفهوم الغناء الآن لا أعلم هل مقصوده مفهوم الغناء اللغوي مفهوم الغناء الشرعي, في الكتاب هذا البحث غير واضح, [ان تكون المادة باطلة لهوية ويشهد له من تفسير لهو الحديث بالغناء] كما أنه ورد في الروايات الشاهد يأتي بهذا [فقال×, والثاني أن تكون الهيئة مشتملة على المد والترجيع فبانتفاء أحدهما لا يصدق الغناء] يعني: إذا كانت هناك هيئة بلا مادة فإنه يسمى غناء أو لا يسمى غناء؟ هذا المعنى قلنا بأنه أيضاً جملة من الأعلام الآخرين لم يوافقوا على ذلك قالوا وإنما المراد من الغناء لغةً مفهوماً وضعاً يعني تلك الهيئة المخصوصة, وهذا الذي ذهب إليه جملة من الفقهاء وكلمات اللغويين أيضاً تصير على أن المراد من الغناء يعني الصوت يعني الغناء من مقولة الصوت ولا علاقة بالمادة بذلك, سواء كان بهذا الماء أو كان بهذه المادة, سواء كانت مادة لهوية تثير الشهوات أو كانت مادة ذكر ووعظ مراثي إلى غير ذلك, وكلمات اللغويين في هذا المجال واضحة وصريحة. أنا أشير إلى بعض كلماتهم.

    في (لسان العرب, ج10, ص138) هذه هي العبارة, يقول: [والغناء من الصوت] الغناء من مقولة الصوت يعني من مقولة الألحان طبعاً المراد منه ليس مطلق الصوت وإنما ماذا؟ [والغناء من الصوت ما طُرب به] قال, إلى أن يقول: [وعندي أن الغزل والمدح والهجاء إنما يقال في كل واحدٍ منها غنيت وتغنيتُ بعد أن يلحن أو يلحن فيغنى به].

    إذن المادة لها مدخلية أو لا مدخلية لها؟ لا مدخلية له وإنما المدخلية أين؟ في الصوت الملحن في اللحن الخاص في الصوت على كيفية مخصوصة, هذا كلام ابن منظور الأفريقي في لسان العرب.

    وكذلك في تهذيب اللغة, طبعاً كلمات الآخرين أيضاً كابن أثير وغيرهم كذلك, كذلك في (تهذيب اللغة, ج8, ص174) عبارته واضحة في هذا المجال, يقول: [وأما الحديث الآخر ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن] الآن هذه رواية واردة أو غير واردة المهم هكذا يقول حديث, [فإن عبد الملك أخبرني عن الربيع عن الشافعي أنه قال معناه تحزين القراءة وترقيقها] إذن أرجع الغناء إلى ماذا؟ إلى القراءة إلى اللحن المخصوص [تحزين القراءة وترقيقها ومما يحقق ذلك الحديث الآخر >زين القرآن بأصواتكم< ونحو ذلك, وقال أبو العباس أن الذي حصلناه من حفاظ اللغة في قوله >كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن< أنه على معنيين على الاستغناء] يتغنى بعضهم يقول أن يستغني بالقرآن عن غير القرآن [وعلى التطريب] هذا هو المعنى الثاني يعني أيضاً أرجعه إلى الهيئة وإلى الصوت [على معنيين على الاستغناء وعلى التطريب, قلت: فمن ذهب به إلى الاستغناء فهو من الغنى مقصور, ومن ذهب به إلى التطريب فهو من الغناء] وليس الغنى [من الغناء الصوت ممدود] إذن أرجع الغناء لا الغنى أرجع الغناء إلى الصوت الممدود المرجع الذي فيه الموالاة ونحو ذلك.

    إذن البحث الآخر أو النكتة الأخرى التي كان ينبغي أن يشار إليها وهو: أساساً أن الغناء إنما هو مرتبط بمقولة الهيئة بالصوت الممدود الذي له خاصية معينة.

    طيب الآن هنا يأتي هذا السؤال وهو: أنه إذا قبلنا أن الغناء منه ما هو محلل ومنه ما هو محرم, هذا معناه أن الغناء لغةً إذن هو أعم أو أخص أو مساوي للغناء الشرعي؟ من الواضح أنه من الناحية اللغوية يكون الغناء الذي هو من مقولة الصوت الممدود أو الكيفية الخاصة أعم من الغناء بالمصطلح الشرعي المحرم.

    الآن هنا يأتي هذا التساؤل وهو أنه أي لحن يكون حرام؟ ما أدري واضح الآن بعد أن اتضحت هاتين المقدمتين, المقدمة الأولى: أن الغناء عنوان عام مقسم تحته غناءٌ محرم في الشريعة وغناء غير محرم محلل, هذا أولاً.

    وثانياً: اتضح لنا لغةً أن الغناء من مقولة الصوت الملحون له لحنٌ خاص له ترجيع خاص هنا يأتي هذا التساؤل وهو أنه أي لحن يكون محرم وأي لحن يكون محلل, بقطع النظر عن المادة الموجودة في ذلك اللحن, يعني النظر بناء على هذا البيان النظر إلى المادة أو ليس لنا نظر إلى المادة؟ لا علاقة لنا بالمادة, وإنما إذا كان اللحن يعني ذلك الصوت الخاص الهيئة الخاصة إذا كانت محرمة في الشريعة, الآن سواء كانت المادة لهوية أو المادة ذكرية ومناجاة و.. وإلى غير ذلك, لأن التحريم إنما تعلق بأي شيء؟ تعلق بذلك اللحن المخصوص بذلك الصوت الخاص, وكذلك العكس إذا كان اللحن مجاز عند ذلك المادة لا علاقة لنا بها, نعم, إذا قلنا بأنه إشكال ليس من باب أنه غناء بل من باب أنها كلمات باطلة كلمات لهوية كلمات مثيرة من قبيل كلمات التهمة كلمات الشبهة كلمات الغيبة كلمات النميمة ونحو ذلك, هذه لا علاقة لها بالهيئة التي هي مجاز فيها.

    من هنا يمكن تقسيم الهيئات يعني الألحان إلى ثلاثة أقسام:

    القسم الأول: هي ذلك اللحن -الذي هو الغناء بحسب الاصطلاح- ذلك اللحن المخصوص والهيئة المخصوصة المشتركة يمكن أن تصب في مواد محللة ويمكن أن تصاب في مواد محرمة, طيب هذه جائزة أو غير جائزة؟ الجواب: بما هو لحنٌ جائز او محرم؟ الجواب: لا جائز ولا محرم, إن استعملت في المواد التي فيها إثارة الشهوات فيكون محرماً لا باعتبار الهيئة بل باعتبار مقارنات الهيئة وهي المادة. وإن استعمل في مواد محللة كالمراثي وذكر أهل البيت والقرآن الكريم والمناجاة وإنشاد الشعر فيكون محللاً, لا باعتبار أنه غناء محلل بل باعتبار أن المواد لا إشكال فيها وهذه الهيئة مشتركة بين هذا وهذا, فإذا استعلمت هنا نقول حرام وإذا استعملت هنا نقول ماذا؟ إذن لا يقول لي قائل أنه إذا وجد أحد يرثَ أهل البيت أو يذكر مناقبهم بطريقة موجودة في كلمات الآخرين يقول هذا غناء حرام؟ لا لا أبداً, إذا كان ذلك الغناء وذلك اللحن من الألحان التي هي ليست مختصة بأهل الفسوق والفجور استعمالها في ذلك الموقع هل يحرمها أو لا يحرمها؟ لا لا يحرمها, لأنه نحن عندنا -خصوصاً الذين يعرفون مسائل المقامات- يعرفون بأنه أساساً كتب مكتوبة في هذا المجال يمكن مطالعتها أيضاً, بأنه هناك مقامات يمكن أن تستعمل فيها كلمات لهوية وقد تستعمل فيها كلمات ماذا؟ قد تستعمل فيها قول الزور لهو الحديث وقد تستعمل فيها ما يذكرك بالجنة ويشوقك إلى الجنة, أما أن اللحن والهيئة مشتركة هنا وهناك هذا لا يمنع من استعمالها.

    طيب بناء على هذا القسم الأول يتضح القسم الثاني والثالث وهو أن القسم الثاني من الألحان: هي تلك الألحان المختصة بمجالس اللهو والفسوق والمجون ونحو ذلك, يعني واضح أنه عندما, وأنا أتصور أن البعض بفطرته بسليقته بغريزته أن يشخص أن هذا اللهو من الألحان أو أن هذا اللحن من الألحان المختصة بتلك المجالس الخاصة, ولذا تلك أيضاً تحتاج إلى أستاذة وإلى جامعات وإلى كليات وإلى واقعاً إلى تدريب و.. وإلى غير ذلك.

    هذه الألحان لو قرئ بها القرآن فيكون محرم من جهتين: الجهة الأولى: أنه لحن محرم, الجهة الثانية: أنه استهزاء بالقرآن, لأنه تستعمل المادة في مثل هذه الألحان محرم أصلاً, استهزاء أصلاً.

    ولذا أنتم تجدون بأنه كثير من الناس بفطرته الأولية إذا وجد لحن من تلك اللحون المختصة وجاء أحد أن يرثي به الحسين تجدهم يشمئزون أو لا يشمئزون؟ يشمئزون من ذلك حتى ولو كان فيه ذكر الحسين, حتى لو كان فيه القرآن حتى … إلى غير ذلك. الآن عندما نقول بأنه ألحان أهل الفسوق ليس بالضرورة نريد أن نقول بأنه لابد أن تكون المجالس مجالس فيها شرب الخمر فيها اختلاط الرجال لا لا, نفس هذا اللحن محرم في نفسه, تقول إذن كلام الفيض الكاشاني الذي يقول: [كالمتعارف في ذلك الزمان] هذه من باب الإشارة إلى بعض المصاديق, وإلا نفس هذا اللحن من المحرمات, تعلمه حرام, أخذ الأجرة عليه حرام, نفسه, حتى لو كان مع نفسه يقرأ, لأنه إذا ثبتت الحرمة للحن فلا فرق إذا كان حراماً فلا فرق أن يكون معه المقارنات.

    يعني بعبارة أخرى نحن نقول: الآن إذا انطبق على كلام الفيض فبها وإلا لم ينطبق فلا يهمنا, أنّ هذا العنوان وهو الصوت المخصوص محرمٌ في نفسه لا بعنوان جزء العلة بل بعنوان تمام العلة, سواء اقترن معه المقارنات المحرمات أو لم يقترن معه؟ من هنا قد يقال أن هذا القول يختلف عن القول الذي يقوله الفيض الكاشاني.

    الجواب: الفيض الكاشاني عنده كلام في تفسير الصافي هذا المورد الثالث الذي نشير إليه يعني في مفاتيح الشرائع وفي الوافي وفي تفسير الصافي, في (تفسير الصافي, طبعة خمس مجلدات, ج1, ص62) هناك عنده عبارة يقول: [المستفاد من هذه الأخبار جواز التغني بالقرآن والترجيع به] جواز التغني يعني هو غناء [والترجيع به بل استحبابهما] يعني التغني بالقرآن والترجيع به [فما ورد من النهي عن الغناء كما يأتي في محله إن شاء الله] التفتوا إلى العبارة [ينبغي حمله على لحون أهل الفسق والكبائر, وعلى ما كان معهوداً في زمانهم].

    إذن أولاً يقول: لحون أهل الفسق هذا اللحن في نفسه محرم. لو قرأت القرآن بهذا اللحن الذي هو لأهل الفسق والكبائر حتى لو كان قرآناً فهو محرم, وإذا ذكر بعده وقال وعلى ما كان معهوداً في زمانهم هذا من باب بيان المصداق, وإلا في زماننا أيضاً إذا كانت هناك ألحان.

    هذا الذي إذا يتذكر الإخوة في باب الأدوات الموسيقية والآلات الموسيقية, الفقهاء ماذا يقولون؟ يقولون أن الآلات الموسيقية على أقسام ثلاثة: قسم مشترك, طيب إذا صار مشترك يستعمل هنا ويستعمل هنا, وقسم آلة موسيقية مختصة بأهل الفسوق والفجور هذه من الآلات التكسب بها محرم, نحن نريد أن نقول في الغناء أيضاً كذلك هناك ألحانٌ مختصة بمن؟ بأهل الفسوق وهذا هو الغناء المحرم لا مطلق ما يصدق عليه أنه غناء من الألحان المشتركة بين المحلل والمحرم, أو من الألحان المختصة بالمحلل لأن هناك مجموعة من الألحان واقعاً أنت في مجالس اللهو لو قرأت مثلاً أغنية بتلك الألحان المختصة بالمناجاة وبالذكر وبالمراثي يقبلون منك أو لا يقبلون؟ أيضاً يسخرون منك, يقولون هذا اذهب واقرأها في المسجد في الحسينية لماذا؟ لأن هذا اللحن مختص بأولئك, يعني بمن؟ الغناء الخاص أو اللحن الآن لا نسميه غناء حتى لا ينفرون الإخوة, نعبر عنه تلك الألحان الخاصة بمجالس الذكر بقراءة القرآن, الآن انتم انظروا إلى قراءة القرآن هناك طرق متعددة من قراءة القرآن من تجويد ومن ترتيل عندما تأتون إلى التجويد واقعاً مدارس متعددة موجودة في كيفية, الآن أنتم عندما تذهبون إلى مصر قراء مصر تجد عندهم نحوٌ من التجويد وعندما تذهب أنت إلى مدرسة الحجار لا تجد هناك أصلاً تجويد, كل الذي عندهم ترتيل وواقعاً عندما تسمع ذلك الترتيل الموجود هناك والترتيل الموجود في مصر, تجد فرقاً شاسعاً بين النحوين, ولكنه كلها ألحان أو ليست بألحان؟ بلي أصوات مخصوصة فيها ترجيعات مخصوصة, الآن أنت لا مشاحة في الاصطلاح تريد أن لا تسميها غناء فلا تسمها, ولكن لغةً هي غناء, هي الصوت الممدود بترجيع خاص وتطرب الإنسان واقعاً تطرب, وأنا لا أعلم لماذا أن هؤلاء الأعلام أو بعض الأعلام عندهم إصرار بمجرد أن جاء الطرب ماذا ينفر منه. ومن قال أن كل طرب هو فيه إشكال وحرام, هذا من أين جاءنا؟

    عندما الطرب الذي يثير في الإنسان الشهوات الفجور الحرام ونحو ذلك, وإلا بينكم وبين الله >يحزنون لحزننا ويفرحون لفرحنا< يعني إذا انا الآن الحان مخصوصة في مجالس ولاداتهم وفي مجالس الخاصة بهم وفرحنا لذلك وطربنا لذلك هذا فيه إشكال شرعي, من قال ذلك, من قال دائماً أنه لابد أن يحزن, طيب بعضه أيضاً يطرب الإنسان ولكن يطربه ويوجهه إلى الكمالات إلى ذكر الله إلى الآخرة إلى الجنة إلى الخوف من النار أو يوجهه إلى ماذا؟ {اثاقلتم إلى الأرض} يعني إلى الشهوات إلى الدنيا إلى الارتباط بها إلى شرب الخمر و.. وإلى غير ذلك.

    ولذا أنتم عندما ترجعون إن شاء الله إذا صار وقت سوف أقرأ لكم بعض العبارات, جملة من الأعلام, الآن إذا الإخوة صار عندهم وقت يطالعون هكذا ولو يتصفحون كتاب الأغاني للأصفهاني ذاك الوقت يعرفون بأنه أساساً كثير من المحرمات من الزنا وشرب الخمر وارتكاب المحرمات الأخرى إنما كان منبعها أي مجلس؟ هذه المجالس, مجالس الغناء يعني هي التي كانت تثير فيهم القيام بمثل هذه القبائح, كما أنه أنتم الآن تجدون أن بعض الأناشيد وبعض الأنواع من الموسيقى تثير في الإنسان الحمية تثير في الإنسان الغيرة تثير في الحروب تثير في الإنسان القدرة القوة الوقوف أليس كذلك, طيب في المقابل أيضاً كانت هناك ألحان تثير فيه الخنوثة تثير فيهم الأعمال المحرمة شرب الخمر و… إلى غير ذلك. بل إن شاء الله إذا عندهم وقت الإخوة هذا عندما يقول الفيض الكاشاني: [كان معهوداً في زمانهم عليهم السلام في فساق وسلاطين بني أمية وبني العباس من تغني المغنيات] يريد أن يقول أساساً التاريخ عندما تراجعوه ولكن مع الأسف الشديد نحن نتعامل مع الأبحاث الفقهية بعيداً عن هذه القضايا جميعا فلهذا نستغرب, كونوا على ثقة كثير من القرارات الأساسية إنما كانوا يأخذون فيها الإمضاء من الخليفة ومن الملك ومن الحاكم في أي مجلس؟ في هذه المجالس, لأنه بطبيعتها هذه المجالس تهيأ لهذه الأمور.

    التفتوا وإلا ليس مقصوده أنه تعال الآن نذهب إلى مجالس بني أمية وبني العباس نرى خصوصياتها فإذا وجدت في زماننا نطبق نقول محرمة, إن لم يكن نقول أصالة البراءة الإباحة, لا ليس الأمر كذلك, يريد أن يشير إلى مصداق إلى مثال, هذه المجالس قد تكون بأشكال أخرى في زماننا.

    إذن على هذا الأساس يتضح بأنه -ما نعتقده نحن ما نشير إليه كبحث علمي منهجياً- هو أن الغناء من مقولة الصوت واللحن المخصوص الذي له طريقة خاصة في الأداء هذا اللحن إذا كان مشترك فالذي يقارنه هو الذي يعين حكمه, وأما إذا كان مختصاً بأهل الفسوق والفجور فهو المحرم سواء كانت المادة في ذكر الله أو كانت في رثاء الحسين أو كانت في أمر لهوي مؤدي إلى الفجور والمحرم.

    هذه على مستوى البحث اللغوي وعلى مستوى بحث كلمات الفقهاء. أما على مستوى الأدلة الواردة في المقام, على مستوى الأدلة الواردة في المقام, هناك مجموعة من الآيات استدل بها على هذا المعنى.

    الآية الأولى: وهي جزء من الآية 30 من سورة الحج, وهو قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}. هذه الآية 30 من سورة الحج, في (وسائل الشيعة, ج17, ص303) هناك مجموعة من الروايات التي فسّرت, التفتوا يعني ظاهر الرواية تفسير قول الزور بأنه الغناء, التفت, فسّرت, ما معنى فسّرت؟ يعني هذا هو المراد من قول الزور, عند ذلك يصدق على غيره أو لا يصدق على غيره إذا قلنا تفسير؟ الجواب: لا يصدق على غيره, وهذا هو الفرق الأساسي بين التفسير وبين ذكر المصداق, عندما نقول تفسير يعني هذه الكلمة يراد منها ماذا؟ يعني من قبيل ما نقول أن الغناء لغةً تفسيرها الصوت الممدود, فيصدق على القول أو لا يصدق على القول؟ لا يصدق على القول لماذا؟ لأن هذه تفسيرها لا الصوت الممدود مصداقها حتى يكون لها مصداق آخر, جملة من الروايات ظاهرها أنها فسّرت قول الزور بأنه الغناء.

    منها: هذه الرواية, الرواية: >عن درست عن زيد الشحام قال سألت أبا عبد الله× عن قوله عز وجل: {واجتنبوا قول الزور} قال: قول الزور الغناء< إذن يفسر قول الزور بالغناء. هذه الرواية الثانية من الباب تحريم الغناء حتى في القرآن وتعليمه وأجرته والغيبة والنميمية, الحديث 22595, هذا هو الحديث الثاني من هذا الباب, إلا أن الرواية ضعيفة بدرست.

    الرواية الثانية: وهي الرواية التاسعة من هذا الباب يعني الباب 99 الذي هو كتاب التجارة ما يكتسب به, الرواية >عن سهل ابن زياد عن يحيى ابن المبارك عن عبد الله بن فلان عن سماعة بن مهران عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله×: عن قول الزور, قال: الغناء< إلا أنها مجهولة بحيى ابن المبارك.

    الرواية الثالثة: الواردة في المقام هي الرواية 20 في هذا الباب وهي >عن أحمد بن محمد عن أبي أحمد محمد ابن أبي عمير عن علي ابن أبي حمزة البطائني< وتعلمون ما الكلام الموجود في البطائني, >عن عبد الأعلى قال سألت جعفر ابن محمد عن قول الله: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} قال: الرجس من الأوثان الشطرنج وقول الزور الغناء< إذن أيضاً ظاهرها التفسير.

    نعم, في ضمن هذه الروايات هناك رواية صحيحة السند وهي: >عن أبيه عن محمد بن يحيى الخزاز عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله×, سألته< لا عفواً ليست هذه الرواية.

    الرواية رقم 26, >الرواية عن ابن أبي عمير عن هشام< التي هي رواية معتبرة صحيحة السند >عن أبي عبد الله× في قوله عز وجل: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} قال الرجس من الأوثان الشطرنج وقول الزور الغناء<. طيب جيد.

    هذه مجموعة من الروايات التي فسّرت وإلا الآية المباركة لا علاقة لها بالغناء وإنما من خلال التفسير إذن الاستناد إلى الروايات الواردة في تفسير الآية المباركة.

    هذا البحث نوقش فيه بعدة مناقشات, المناقشات المهمة أنا لا أقل أشير إلى مناقشتين:

    المناقشة الأولى: وهي التي ذكرها النراقي في المستند, يقول هذه الروايات التي فسّرت قول الزور بالغناء معارضة بروايات أخرى صحيحة السند فسّرت قول الزور بغير ذلك, فيحصل بينها تعارض, الآن ماذا نفعل في التعارض إما التساقط إما مرجحات ذاك بحث آخر, المهم لو كنا نحن وهذه النصوص بلي, ولكن عندنا روايات أخرى فسّرت قول الزور بشيء آخر, منها هذه الرواية التي قراناها >عن حماد ابن عثمان< وهي الرواية 21 من نفس الباب >عن ابي عبد الله الصادق× قال سألته عن قول الزور قال: منه قول الرجل للذي يغني أحسنت< إذن هذا أيضاً شريك في الإثم إذا قال لقائل تكلم بكلام وكان حرام وقال له أحسنت فهو شريك في الإثم معه, طبعاً هذا الكلام إذا الإخوة يريدون أن يراجعوه موجود في (مستند الشيعة, ج14) يقول: [بل يعارضها, >قالت سألته قال منه قول الرجل الذي يغني< فإن الأخبار الأولَه باعتبار الحمل تدل على أن معناه الغناء وذلك] يعني هذا النص [يدل على أنه غير الغناء أو أنه أعم منه بل فيه إشعار ..] إلى غير ذلك. هذه في (ص138, من مستند الشيعة).

    ورواية أخرى أيضاً موجودة في هذا الباب التي هي سندها ليس بمعلوم أنها صحيح وهي ما ورد في (تفسير الصافي, ج3, ص377) الرواية: >في الكافي والقمي عن الصادق< في ذيل الآية 30 من سورة الحج, قال: [في الكافي والقمي عن الصادق× قال: الرجس من الأوثان الشطرنج وقول الزور هو الغناء وزاد في المجمع: وسائر أنواع القمار وسائر الأقوال الملهية] هذا من؟ زاد في المجمع أما [وعن النبي’ عدلت شهادة الزور بالشرك بالله ثم قرأ هذه الآية] إذن المراد من قول الزور ماذا؟ شهادة الزور, شهادة الزور ما هي علاقتها بالغناء أصلاً.

    ومن هنا تجده بشكل واضح وصريح يقول: [وبملاحظة هذين المتعارضين المعتضدين بظاهر اللفظ وباشتهار تفسيره بين المفسرين بشهادة الزور أو مطلق القول الباطل يوهن دلالة تلك الآية على حرمة مطلق الغناء] فلا مجال لأنها متعارضة.

    هذه هي المناقشة الأولى.

    إلا أن هذه المناقشة إنما تنحل أو تحل من خلال قاعدة, وهو أنه: أساساً عندما يتكلم الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) ويذكرون الغناء أو يذكرون شهادة الزور أو يذكرون أحسنت أو غيرها هل هذا تفسير أو بيان للمصداق أي منهما؟ فإن قلنا تفسير فيوجد تعارض, وإن قلنا لا أساساً أهل البيت عندما يشيرون القاعدة ما هي؟ بيان المصاديق وهذا بحث لابد أنت جنابك لابد عندما تدخل بحث التفسير في المقدمة ماذا تفعل؟ تحقق لي أصل عندما يقول أهل البيت القرآن نزل نصفه فينا ونصفه في أعدائنا من هو أعدائهم؟ فقط أولئك الأول والثاني والثالث وما أدري .. هؤلاء أعدائهم وبني أمية وبني العباس أعدائهم أو في زماننا أيضاً يوجد لهم أعداء؟ طيب من الواضح بأن هذه الروايات كلها لابد أن تحمل على التفسير إذا ذكروه في الروايات فلان وفلان وفلان أو يحمل على بيان المصداق وهذا أصل أساسي في عملية التفسير, والشاهد على ما نقول أن الإمام عندما هنا, ونحن هنا ندعي أن الإمام عندما قال الغناء ليس بعنوان التفسير بل بعنوان المصداق الشاهد على ذلك قول (عليه أفضل الصلاة والسلام) والذي لم يلتفت إليه النراقي في هذا المجال قال: >سألته عن قول الزور, قال: منه قول الرجل< منه هذه كلمة منه يعني ماذا؟ يعني من مصاديقه, من مصاديق قول الزور, لا من تفسير الآية. لو التفت إلى هذه الكلمة لعلم أنه أساساً الآية ليست بصدد التفسير.

    إذن هذه المناقشة لا يمكن إيرادها على الآية.

    مناقشة أخرى تأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قلنا أن هناك اتجاهاً لعله هو المشهور بين الفقهاء ولكن القدماء من الفقهاء ذهبوا إلى أنّ ما يصدق عليه الغناء ينقسم إلى قسمين غناءٌ محرم وغناءٌ محلل, وبهذا يختلف هذا الاتجاه عن الاتجاه المشهور بين المتأخرين أن كل ما صدق عليه الغناء فهو محرم.

    هؤلاء يقولون الأمر ليس كذلك وإنما النصوص التي بأيدينا سواء كانت الآيات أو الروايات وكذلك كلمات اللغويين عندما نقف عندها نجد أنها تقسم الغناء إلى قسمين أساسيين, وأشرنا بالأمس إلى بعض كلمات الأعلام من الفقهاء ولكنّ المتقدمين منهم.

    وهنا بودي أن أشير إلى أننا لسنا بصدد الإصرار على تصحيح ما صدر من الفيض الكاشاني وإنما نريد أن نطرح البحث فإن اتفق البحث مع ما يقوله الفيض الكاشاني فبها ونعمت, وإلا فلا نتفق معه في كل ما يقول, يعني: البحث ليس منصباً عن الدفاع عن الفيض الكاشاني وإنما البحث العلمي إلى أين يوصلنا. هذه نكتة.

    النكتة الثانية: أنه أكدت مراراً فيما سبق والآن أيضاً أشير أن البحث ليس على مستوى الفتوى وإنما البحث بحث عملي نظري والأدلة بيد الإخوة فإن شاءوا إن يتجهوا بهذا الاتجاه أو بذاك الاتجاه.

    من أولئك الذين أيضاً يصرحون بأن الغناء ينقسم إلى قسمين محلل ومحرم ونفسه النراقي المولى أحمد ابن محمد مهدي النراقي في (مستند الشيعة, ج14, ص139) يصرح بشكل واضح لا مجال للشك فيه يقول: [مضافاً إلى معارضتها مع ما دلّ على أن الغناء على قسمين حلال وحرام] الغناء المقسم هو الغناء على قسمين لا أنه ما دلّ على الحرمة فهو الغناء, أما إذا كان هناك شيء محلل فهو خارج موضوعاً تخصصاً لا ليس الأمر كذلك, مع أنّه يصدق عليه الغناء عرفاً لغةً سمه ما شئت ولكنّه مع ذلك لا دليل على حرمته [كالمروي في قرب الإسناد للحميري بإسناد لا يبعد إلحاقه بالصحاح عن علي ابن جعفر] على الخلاف الموجود في المسألة جملة من الأعلام يعبرون صحيحة علي ابن جعفر, [عن أخيه قال: سألته عن الغناء هل يصلح في الفطر والأضحى والفرح, قال: لا بأس ما لم يعصَ به] واضح بأنه سئل عن الغناء, عندما يقول [لا بأس ما لم يعصَ به] هذا معناه أنه قسم الغناء إلى غناء فيه معصية وإلى غناء ليس فيه معصية إلى غناء حلال وإلى غناء حرام [والمروي] هذه شواهد مؤيدات هذه [والمروي في تفسير الإمام العسكري عن النبي’ في حديثٍ طويل فيه ذكر شجرة طوبى وشجرة الزقوم والمتعلقين بأغصان كل واحدة منهما] هذه شجرة طوبى عجيبة أمرها ونحن أشرنا إلى هذا البحث مفصلاً في كتاب المعاد, شجرة طوبى لا يوجد بيت من بيوت أهل الجنة إلا ويوجد غصن من أغصان شجرة طوبى في ذلك البيت, وأصل هذه الشجرة روايات مختلفة بعضها تقول أنّه في بيت علي, بعضها تقول في بيت رسول الله, بعضها تقول في بيت فاطمة وهناك أشرنا بأنه لا تنافي بين هذه الروايات باعتبار أنه بيتهم جميعاً واحد هذه وتلك وأولئك جميعاً, قال في تلك الرواية التي في تفسير العسكري [قال: ومن تغنى بغناءٍ حرامٍ] من الواضح هذا يكشف عن أن الغناء منه ما هو حلال ومنه ما هو حرام, [ومن تغنى بغناء حرام يبعث فيه على المعاصي فقد تعلق بغصنٍ منه أي من شجرة الزقوم فإن الأول صريح وصحيحة ..] إلى آخره.

    إذن هذا القول من الأقوال الذي كان يوجد فيه جملة من أعلام فقهائنا السابقين والمتقدمين يقولون أن الغناء بنفسه ينقسم إلى هذين القسمين. فإن انطبق ذلك على كلام الفيض الكاشاني فبها ونعمت, أما إذا لم ينطبق كما قلت لا يوجد هناك إصرار على تصحيح ما ذهب إليه الفيض الكاشاني, هذه مسألة.

    البحث الآخر الذي لابد أن يلتفت إليه قبل الدخول في الأدلة والإشارة إليها إجمالاً لأننا ذكرنا أنه لا نريد أن ندخل البحث بشكل كلاسيكي تفصيلي كما كان بحثنا وديدنا في الأبحاث السابقة أنه نشير إلى الأبحاث بشكل إجمالي حتى الإخوة يكونون على صورة من هذا البحث.

    النكتة الأخرى التي لابد أن يلتفت إليها: أنّ الغناء مقولة الغناء عندما نقول غنا يغني غناء ونحو ذلك أعم من أن يكون حلالاً أو أن يكون حراماً أن الغناء أولاً وبالذات من مقولة الصوت الأصوات والألحان من الواضح ليس مطلق الصوت غناء وإنما الهيئة المخصوصة, أو من مقولة اللفظ يعني أن النظر لا علاقة لنا إلى الأصوات وإنما النظر إلى الأقوال, طيب لا إشكال ولا شبهة أن الغناء ليس من مقولة الألفاظ والمادة وإلا كثير من المواد والألفاظ محرمة التي هي كذب التي هي شهادة زور, التي هي بهتان التي هي غيبة, هذه مقولة الألفاظ ولا يصدق على أي واحد منها أنها غناء.

    إذن لا إشكال أن الغناء ليس من مقولة المادة وحدها فقط, إنما الكلام بين الأعلام أن الغناء هل هو من مقولة الألحان والأصوات بكيفية وهيئة خاصة أو الغناء هو المركب من الهيئة والمادة؟.

    وإذا تتذكرون السيد الخوئي+ فيما سبق ماذا قال؟ قال: بأن الغناء لا أقل الشرعي مقوم بركنين من هيئة ومن مادة, طبعاً ولم يقم دليلاً على هذا المعنى وإنما فقط ادعى هذا المعنى والإخوة أيضاً يمكنهم أن يرجعوا إلى هذا البحث بشكل واضح وصريح كما قلنا في (المحاضرات) هناك بشكل واضح وصريح يقول: [والذي ينبغي أن يقال إن مفهوم الغناء ليس] مفهوم الغناء الآن لا أعلم هل مقصوده مفهوم الغناء اللغوي مفهوم الغناء الشرعي, في الكتاب هذا البحث غير واضح, [ان تكون المادة باطلة لهوية ويشهد له من تفسير لهو الحديث بالغناء] كما أنه ورد في الروايات الشاهد يأتي بهذا [فقال×, والثاني أن تكون الهيئة مشتملة على المد والترجيع فبانتفاء أحدهما لا يصدق الغناء] يعني: إذا كانت هناك هيئة بلا مادة فإنه يسمى غناء أو لا يسمى غناء؟ هذا المعنى قلنا بأنه أيضاً جملة من الأعلام الآخرين لم يوافقوا على ذلك قالوا وإنما المراد من الغناء لغةً مفهوماً وضعاً يعني تلك الهيئة المخصوصة, وهذا الذي ذهب إليه جملة من الفقهاء وكلمات اللغويين أيضاً تصير على أن المراد من الغناء يعني الصوت يعني الغناء من مقولة الصوت ولا علاقة بالمادة بذلك, سواء كان بهذا الماء أو كان بهذه المادة, سواء كانت مادة لهوية تثير الشهوات أو كانت مادة ذكر ووعظ مراثي إلى غير ذلك, وكلمات اللغويين في هذا المجال واضحة وصريحة. أنا أشير إلى بعض كلماتهم.

    في (لسان العرب, ج10, ص138) هذه هي العبارة, يقول: [والغناء من الصوت] الغناء من مقولة الصوت يعني من مقولة الألحان طبعاً المراد منه ليس مطلق الصوت وإنما ماذا؟ [والغناء من الصوت ما طُرب به] قال, إلى أن يقول: [وعندي أن الغزل والمدح والهجاء إنما  يقال في كل واحدٍ منها غنيت وتغنيتُ بعد أن يلحن أو يلحن فيغنى به].

    إذن المادة لها مدخلية أو لا مدخلية لها؟ لا مدخلية له وإنما المدخلية أين؟ في الصوت الملحن في اللحن الخاص في الصوت على كيفية مخصوصة, هذا كلام ابن منظور الأفريقي في لسان العرب.

    وكذلك في تهذيب اللغة, طبعاً كلمات الآخرين أيضاً كابن أثير وغيرهم كذلك, كذلك في (تهذيب اللغة, ج8, ص174) عبارته واضحة في هذا المجال, يقول: [وأما الحديث الآخر ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن] الآن هذه رواية واردة أو غير واردة المهم هكذا يقول حديث, [فإن عبد الملك أخبرني عن الربيع عن الشافعي أنه قال معناه تحزين القراءة وترقيقها] إذن أرجع الغناء إلى ماذا؟ إلى القراءة إلى اللحن المخصوص [تحزين القراءة وترقيقها ومما يحقق ذلك الحديث الآخر >زين القرآن بأصواتكم< ونحو ذلك, وقال أبو العباس أن الذي حصلناه من حفاظ اللغة في قوله >كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن< أنه على معنيين على الاستغناء] يتغنى بعضهم يقول أن يستغني بالقرآن عن غير القرآن [وعلى التطريب] هذا هو المعنى الثاني يعني أيضاً أرجعه إلى الهيئة وإلى الصوت [على معنيين على الاستغناء وعلى التطريب, قلت: فمن ذهب به إلى الاستغناء فهو من الغنى مقصور, ومن ذهب به إلى التطريب فهو من الغناء] وليس الغنى [من الغناء الصوت ممدود] إذن أرجع الغناء لا الغنى أرجع الغناء إلى الصوت الممدود المرجع الذي فيه الموالاة ونحو ذلك.

    إذن البحث الآخر أو النكتة الأخرى التي كان ينبغي أن يشار إليها وهو: أساساً أن الغناء إنما هو مرتبط بمقولة الهيئة بالصوت الممدود الذي له خاصية معينة.

    طيب الآن هنا يأتي هذا السؤال وهو: أنه إذا قبلنا أن الغناء منه ما هو محلل ومنه ما هو محرم, هذا معناه أن الغناء لغةً إذن هو أعم أو أخص أو مساوي للغناء الشرعي؟ من الواضح أنه من الناحية اللغوية يكون الغناء الذي هو من مقولة الصوت الممدود أو الكيفية الخاصة أعم من الغناء بالمصطلح الشرعي المحرم.

    الآن هنا يأتي هذا التساؤل وهو أنه أي لحن يكون حرام؟ ما أدري واضح الآن بعد أن اتضحت هاتين المقدمتين, المقدمة الأولى: أن الغناء عنوان عام مقسم تحته غناءٌ محرم في الشريعة وغناء غير محرم محلل, هذا أولاً.

    وثانياً: اتضح لنا لغةً أن الغناء من مقولة الصوت الملحون له لحنٌ خاص له ترجيع خاص هنا يأتي هذا التساؤل وهو أنه أي لحن يكون محرم وأي لحن يكون محلل, بقطع النظر عن المادة الموجودة في ذلك اللحن, يعني النظر بناء على هذا البيان النظر إلى المادة أو ليس لنا نظر إلى المادة؟ لا علاقة لنا بالمادة, وإنما إذا كان اللحن يعني ذلك الصوت الخاص الهيئة الخاصة إذا كانت محرمة في الشريعة, الآن سواء كانت المادة لهوية أو المادة ذكرية ومناجاة و.. وإلى غير ذلك, لأن التحريم إنما تعلق بأي شيء؟ تعلق بذلك اللحن المخصوص بذلك الصوت الخاص, وكذلك العكس إذا كان اللحن مجاز عند ذلك المادة لا علاقة لنا بها, نعم, إذا قلنا بأنه إشكال ليس من باب أنه غناء بل من باب أنها كلمات باطلة كلمات لهوية كلمات مثيرة من قبيل كلمات التهمة كلمات الشبهة كلمات الغيبة كلمات النميمة ونحو ذلك, هذه لا علاقة لها بالهيئة التي هي مجاز فيها.

    من هنا يمكن تقسيم الهيئات يعني الألحان إلى ثلاثة أقسام:

    القسم الأول: هي ذلك اللحن -الذي هو الغناء بحسب الاصطلاح- ذلك اللحن المخصوص والهيئة المخصوصة المشتركة يمكن أن تصب في مواد محللة ويمكن أن تصاب في مواد محرمة, طيب هذه جائزة أو غير جائزة؟ الجواب: بما هو لحنٌ جائز او محرم؟ الجواب: لا جائز ولا محرم, إن استعملت في المواد التي فيها إثارة الشهوات فيكون محرماً لا باعتبار الهيئة بل باعتبار مقارنات الهيئة وهي المادة. وإن استعمل في مواد محللة كالمراثي وذكر أهل البيت والقرآن الكريم والمناجاة وإنشاد الشعر فيكون محللاً, لا باعتبار أنه غناء محلل بل باعتبار أن المواد لا إشكال فيها وهذه الهيئة مشتركة بين هذا وهذا, فإذا استعلمت هنا نقول حرام وإذا استعملت هنا نقول ماذا؟ إذن لا يقول لي قائل أنه إذا وجد أحد يرثَ أهل البيت أو يذكر مناقبهم بطريقة موجودة في كلمات الآخرين يقول هذا غناء حرام؟ لا لا أبداً, إذا كان ذلك الغناء وذلك اللحن من الألحان التي هي ليست مختصة بأهل الفسوق والفجور استعمالها في ذلك الموقع هل يحرمها أو لا يحرمها؟ لا لا يحرمها, لأنه نحن عندنا -خصوصاً الذين يعرفون مسائل المقامات- يعرفون بأنه أساساً كتب مكتوبة في هذا المجال يمكن مطالعتها أيضاً, بأنه هناك مقامات يمكن أن تستعمل فيها كلمات لهوية وقد تستعمل فيها كلمات ماذا؟ قد تستعمل فيها قول الزور لهو الحديث وقد تستعمل فيها ما يذكرك بالجنة ويشوقك إلى الجنة, أما أن اللحن والهيئة مشتركة هنا وهناك هذا لا يمنع من استعمالها.

    طيب بناء على هذا القسم الأول يتضح القسم الثاني والثالث وهو أن القسم الثاني من الألحان: هي تلك الألحان المختصة بمجالس اللهو والفسوق والمجون ونحو ذلك, يعني واضح أنه عندما, وأنا أتصور أن البعض بفطرته بسليقته بغريزته أن يشخص أن هذا اللهو من الألحان أو أن هذا اللحن من الألحان المختصة بتلك المجالس الخاصة, ولذا تلك أيضاً تحتاج إلى أستاذة وإلى جامعات وإلى كليات وإلى واقعاً إلى تدريب و.. وإلى غير ذلك.

    هذه الألحان لو قرئ بها القرآن فيكون محرم من جهتين: الجهة الأولى: أنه لحن محرم, الجهة الثانية: أنه استهزاء بالقرآن, لأنه تستعمل المادة في مثل هذه الألحان محرم أصلاً, استهزاء أصلاً.

    ولذا أنتم تجدون بأنه كثير من الناس بفطرته الأولية إذا وجد لحن من تلك اللحون المختصة وجاء أحد أن يرثي به الحسين تجدهم يشمئزون أو لا يشمئزون؟ يشمئزون من ذلك حتى ولو كان فيه ذكر الحسين, حتى لو كان فيه القرآن حتى … إلى غير ذلك. الآن عندما نقول بأنه ألحان أهل الفسوق ليس بالضرورة نريد أن نقول بأنه لابد أن تكون المجالس مجالس فيها شرب الخمر فيها اختلاط الرجال لا لا, نفس هذا اللحن محرم في نفسه, تقول إذن كلام الفيض الكاشاني الذي يقول: [كالمتعارف في ذلك الزمان] هذه من باب الإشارة إلى بعض المصاديق, وإلا نفس هذا اللحن من المحرمات, تعلمه حرام, أخذ الأجرة عليه حرام, نفسه, حتى لو كان مع نفسه يقرأ, لأنه إذا ثبتت الحرمة للحن فلا فرق إذا كان حراماً فلا فرق أن يكون معه المقارنات.

    يعني بعبارة أخرى نحن نقول: الآن إذا انطبق على كلام الفيض فبها وإلا لم ينطبق فلا يهمنا, أنّ هذا العنوان وهو الصوت المخصوص محرمٌ في نفسه لا بعنوان جزء العلة بل بعنوان تمام العلة, سواء اقترن معه المقارنات المحرمات أو لم يقترن معه؟ من هنا قد يقال أن هذا القول يختلف عن القول الذي يقوله الفيض الكاشاني.

    الجواب: الفيض الكاشاني عنده كلام في تفسير الصافي هذا المورد الثالث الذي نشير إليه يعني في مفاتيح الشرائع وفي الوافي وفي تفسير الصافي, في (تفسير الصافي, طبعة خمس مجلدات, ج1, ص62) هناك عنده عبارة يقول: [المستفاد من هذه الأخبار جواز التغني بالقرآن والترجيع به] جواز التغني يعني هو غناء [والترجيع به بل استحبابهما] يعني التغني بالقرآن والترجيع به [فما ورد من النهي عن الغناء كما يأتي في محله إن شاء الله] التفتوا إلى العبارة [ينبغي حمله على لحون أهل الفسق والكبائر, وعلى ما كان معهوداً في زمانهم].

    إذن أولاً يقول: لحون أهل الفسق هذا اللحن في نفسه محرم. لو قرأت القرآن بهذا اللحن الذي هو لأهل الفسق والكبائر حتى لو كان قرآناً فهو محرم, وإذا ذكر بعده وقال وعلى ما كان معهوداً في زمانهم هذا من باب بيان المصداق, وإلا في زماننا أيضاً إذا كانت هناك ألحان.

    هذا الذي إذا يتذكر الإخوة في باب الأدوات الموسيقية والآلات الموسيقية, الفقهاء ماذا يقولون؟ يقولون أن الآلات الموسيقية على أقسام ثلاثة: قسم مشترك, طيب إذا صار مشترك يستعمل هنا ويستعمل هنا, وقسم آلة موسيقية مختصة بأهل الفسوق والفجور هذه من الآلات التكسب بها محرم, نحن نريد أن نقول في الغناء أيضاً كذلك هناك ألحانٌ مختصة بمن؟ بأهل الفسوق وهذا هو الغناء المحرم لا مطلق ما يصدق عليه أنه غناء من الألحان المشتركة بين المحلل والمحرم, أو من الألحان المختصة بالمحلل لأن هناك مجموعة من الألحان واقعاً أنت في مجالس اللهو لو قرأت مثلاً أغنية بتلك الألحان المختصة بالمناجاة وبالذكر وبالمراثي يقبلون منك أو لا يقبلون؟ أيضاً يسخرون منك, يقولون هذا اذهب واقرأها في المسجد في الحسينية لماذا؟ لأن هذا اللحن مختص بأولئك, يعني بمن؟ الغناء الخاص أو اللحن الآن لا نسميه غناء حتى لا ينفرون الإخوة, نعبر عنه تلك الألحان الخاصة بمجالس الذكر بقراءة القرآن, الآن انتم انظروا إلى قراءة القرآن هناك طرق متعددة من قراءة القرآن من تجويد ومن ترتيل عندما تأتون إلى التجويد واقعاً مدارس متعددة موجودة في كيفية, الآن أنتم عندما تذهبون إلى مصر قراء مصر تجد عندهم نحوٌ من التجويد وعندما تذهب أنت إلى مدرسة الحجار لا تجد هناك أصلاً تجويد, كل الذي عندهم ترتيل وواقعاً عندما تسمع ذلك الترتيل الموجود هناك والترتيل الموجود في مصر, تجد فرقاً شاسعاً بين النحوين, ولكنه كلها ألحان أو ليست بألحان؟ بلي أصوات مخصوصة فيها ترجيعات مخصوصة, الآن أنت لا مشاحة في الاصطلاح تريد أن لا تسميها غناء فلا تسمها, ولكن لغةً هي غناء, هي الصوت الممدود بترجيع خاص وتطرب الإنسان واقعاً تطرب, وأنا لا أعلم لماذا أن هؤلاء الأعلام أو بعض الأعلام عندهم إصرار بمجرد أن جاء الطرب ماذا ينفر منه. ومن قال أن كل طرب هو فيه إشكال وحرام, هذا من أين جاءنا؟

    عندما الطرب الذي يثير في الإنسان الشهوات الفجور الحرام ونحو ذلك, وإلا بينكم وبين الله >يحزنون لحزننا ويفرحون لفرحنا< يعني إذا انا الآن الحان مخصوصة في مجالس ولاداتهم وفي مجالس الخاصة بهم وفرحنا لذلك وطربنا لذلك هذا فيه إشكال شرعي, من قال ذلك, من قال دائماً أنه لابد أن يحزن, طيب بعضه أيضاً يطرب الإنسان ولكن يطربه ويوجهه إلى الكمالات إلى ذكر الله إلى الآخرة إلى الجنة إلى الخوف من النار أو يوجهه إلى ماذا؟ {اثاقلتم إلى الأرض} يعني إلى الشهوات إلى الدنيا إلى الارتباط بها إلى شرب الخمر و.. وإلى غير ذلك.

    ولذا أنتم عندما ترجعون إن شاء الله إذا صار وقت سوف أقرأ لكم بعض العبارات, جملة من الأعلام, الآن إذا الإخوة صار عندهم وقت يطالعون هكذا ولو يتصفحون كتاب الأغاني للأصفهاني ذاك الوقت يعرفون بأنه أساساً كثير من المحرمات من الزنا وشرب الخمر وارتكاب المحرمات الأخرى إنما كان منبعها أي مجلس؟ هذه المجالس, مجالس الغناء يعني هي التي كانت تثير فيهم القيام بمثل هذه القبائح, كما أنه أنتم الآن تجدون أن بعض الأناشيد وبعض الأنواع من الموسيقى تثير في الإنسان الحمية تثير في الإنسان الغيرة تثير في الحروب تثير في الإنسان القدرة القوة الوقوف أليس كذلك, طيب في المقابل أيضاً كانت هناك ألحان تثير فيه الخنوثة تثير فيهم الأعمال المحرمة شرب الخمر و… إلى غير ذلك. بل إن شاء الله إذا عندهم وقت الإخوة هذا عندما يقول الفيض الكاشاني: [كان معهوداً في زمانهم عليهم السلام في فساق وسلاطين بني أمية وبني العباس من تغني المغنيات] يريد أن يقول أساساً التاريخ عندما تراجعوه ولكن مع الأسف الشديد نحن نتعامل مع الأبحاث الفقهية بعيداً عن هذه القضايا جميعا فلهذا نستغرب, كونوا على ثقة كثير من القرارات الأساسية إنما كانوا يأخذون فيها الإمضاء من الخليفة ومن الملك ومن الحاكم في أي مجلس؟ في هذه المجالس, لأنه بطبيعتها هذه المجالس تهيأ لهذه الأمور.

    التفتوا وإلا ليس مقصوده أنه تعال الآن نذهب إلى مجالس بني أمية وبني العباس نرى خصوصياتها فإذا وجدت في زماننا نطبق نقول محرمة, إن لم يكن نقول أصالة البراءة الإباحة, لا ليس الأمر كذلك, يريد أن يشير إلى مصداق إلى مثال, هذه المجالس قد تكون بأشكال أخرى في زماننا.

    إذن على هذا الأساس يتضح بأنه -ما نعتقده نحن ما نشير إليه كبحث علمي منهجياً- هو أن الغناء من مقولة الصوت واللحن المخصوص الذي له طريقة خاصة في الأداء هذا اللحن إذا كان مشترك فالذي يقارنه هو الذي يعين حكمه, وأما إذا كان مختصاً بأهل الفسوق والفجور فهو المحرم سواء كانت المادة في ذكر الله أو كانت في رثاء الحسين أو كانت في أمر لهوي مؤدي إلى الفجور والمحرم.

    هذه على مستوى البحث اللغوي وعلى مستوى بحث كلمات الفقهاء. أما على مستوى الأدلة الواردة في المقام, على مستوى الأدلة الواردة في المقام, هناك مجموعة من الآيات استدل بها على هذا المعنى.

    الآية الأولى: وهي جزء من الآية 30 من سورة الحج, وهو قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}. هذه الآية 30 من سورة الحج, في (وسائل الشيعة, ج17, ص303) هناك مجموعة من الروايات التي فسّرت, التفتوا يعني ظاهر الرواية تفسير قول الزور بأنه الغناء, التفت, فسّرت, ما معنى فسّرت؟ يعني هذا هو المراد من قول الزور, عند ذلك يصدق على غيره أو لا يصدق على غيره إذا قلنا تفسير؟ الجواب: لا يصدق على غيره, وهذا هو الفرق الأساسي بين التفسير وبين ذكر المصداق, عندما نقول تفسير يعني هذه الكلمة يراد منها ماذا؟ يعني من قبيل ما نقول أن الغناء لغةً تفسيرها الصوت الممدود, فيصدق على القول أو لا يصدق على القول؟ لا يصدق على القول لماذا؟ لأن هذه تفسيرها لا الصوت الممدود مصداقها حتى يكون لها مصداق آخر, جملة من الروايات ظاهرها أنها فسّرت قول الزور بأنه الغناء.

    منها: هذه الرواية, الرواية: >عن درست عن زيد الشحام قال سألت أبا عبد الله× عن قوله عز وجل: {واجتنبوا قول الزور} قال: قول الزور الغناء< إذن يفسر قول الزور بالغناء. هذه الرواية الثانية من الباب تحريم الغناء حتى في القرآن وتعليمه وأجرته والغيبة والنميمية, الحديث 22595, هذا هو الحديث الثاني من هذا الباب, إلا أن الرواية ضعيفة بدرست.

    الرواية الثانية: وهي الرواية التاسعة من هذا الباب يعني الباب 99 الذي هو كتاب التجارة ما يكتسب به, الرواية >عن سهل ابن زياد عن يحيى ابن المبارك عن عبد الله بن فلان عن سماعة بن مهران عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله×: عن قول الزور, قال: الغناء< إلا أنها مجهولة بحيى ابن المبارك.

    الرواية الثالثة: الواردة في المقام هي الرواية 20 في هذا الباب وهي >عن أحمد بن محمد عن أبي أحمد محمد ابن أبي عمير عن علي ابن أبي حمزة البطائني< وتعلمون ما الكلام الموجود في البطائني, >عن عبد الأعلى قال سألت جعفر ابن محمد عن قول الله: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} قال: الرجس من الأوثان الشطرنج وقول الزور الغناء< إذن أيضاً ظاهرها التفسير.

    نعم, في ضمن هذه الروايات هناك رواية صحيحة السند وهي: >عن أبيه عن محمد بن يحيى الخزاز عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله×, سألته< لا عفواً ليست هذه الرواية.

    الرواية رقم 26, >الرواية عن ابن أبي عمير عن هشام< التي هي رواية معتبرة صحيحة السند >عن أبي عبد الله× في قوله عز وجل: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} قال الرجس من الأوثان الشطرنج وقول الزور الغناء<. طيب جيد.

    هذه مجموعة من الروايات التي فسّرت وإلا الآية المباركة لا علاقة لها بالغناء وإنما من خلال التفسير إذن الاستناد إلى الروايات الواردة في تفسير الآية المباركة.

    هذا البحث نوقش فيه بعدة مناقشات, المناقشات المهمة أنا لا أقل أشير إلى مناقشتين:

    المناقشة الأولى: وهي التي ذكرها النراقي في المستند, يقول هذه الروايات التي فسّرت قول الزور بالغناء معارضة بروايات أخرى صحيحة السند فسّرت قول الزور بغير ذلك, فيحصل بينها تعارض, الآن ماذا نفعل في التعارض إما التساقط إما مرجحات ذاك بحث آخر, المهم لو كنا نحن وهذه النصوص بلي, ولكن عندنا روايات أخرى فسّرت قول الزور بشيء آخر, منها هذه الرواية التي قراناها >عن حماد ابن عثمان< وهي الرواية 21 من نفس الباب >عن ابي عبد الله الصادق× قال سألته عن قول الزور قال: منه قول الرجل للذي يغني أحسنت< إذن هذا أيضاً شريك في الإثم إذا قال لقائل تكلم بكلام وكان حرام وقال له أحسنت فهو شريك في الإثم معه, طبعاً هذا الكلام إذا الإخوة يريدون أن يراجعوه موجود في (مستند الشيعة, ج14) يقول: [بل يعارضها, >قالت سألته قال منه قول الرجل الذي يغني< فإن الأخبار الأولَه باعتبار الحمل تدل على أن معناه الغناء وذلك] يعني هذا النص [يدل على أنه غير الغناء أو أنه أعم منه بل فيه إشعار ..] إلى غير ذلك. هذه في (ص138, من مستند الشيعة).

    ورواية أخرى أيضاً موجودة في هذا الباب التي هي سندها ليس بمعلوم أنها صحيح وهي ما ورد في (تفسير الصافي, ج3, ص377) الرواية: >في الكافي والقمي عن الصادق< في ذيل الآية 30 من سورة الحج, قال: [في الكافي والقمي عن الصادق× قال: الرجس من الأوثان الشطرنج وقول الزور هو الغناء وزاد في المجمع: وسائر أنواع القمار وسائر الأقوال الملهية] هذا من؟ زاد في المجمع أما [وعن النبي’ عدلت شهادة الزور بالشرك بالله ثم قرأ هذه الآية] إذن المراد من قول الزور ماذا؟ شهادة الزور, شهادة الزور ما هي علاقتها بالغناء أصلاً.

    ومن هنا تجده بشكل واضح وصريح يقول: [وبملاحظة هذين المتعارضين المعتضدين بظاهر اللفظ وباشتهار تفسيره بين المفسرين بشهادة الزور أو مطلق القول الباطل يوهن دلالة تلك الآية على حرمة مطلق الغناء] فلا مجال لأنها متعارضة.

    هذه هي المناقشة الأولى.

    إلا أن هذه المناقشة إنما تنحل أو تحل من خلال قاعدة, وهو أنه: أساساً عندما يتكلم الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) ويذكرون الغناء أو يذكرون شهادة الزور أو يذكرون أحسنت أو غيرها هل هذا تفسير أو بيان للمصداق أي منهما؟ فإن قلنا تفسير فيوجد تعارض, وإن قلنا لا أساساً أهل البيت عندما يشيرون القاعدة ما هي؟ بيان المصاديق وهذا بحث لابد أنت جنابك لابد عندما تدخل بحث التفسير في المقدمة ماذا تفعل؟ تحقق لي أصل عندما يقول أهل البيت القرآن نزل نصفه فينا ونصفه في أعدائنا من هو أعدائهم؟ فقط أولئك الأول والثاني والثالث وما أدري .. هؤلاء أعدائهم وبني أمية وبني العباس أعدائهم أو في زماننا أيضاً يوجد لهم أعداء؟ طيب من الواضح بأن هذه الروايات كلها لابد أن تحمل على التفسير إذا ذكروه في الروايات فلان وفلان وفلان أو يحمل على بيان المصداق وهذا أصل أساسي في عملية التفسير, والشاهد على ما نقول أن الإمام عندما هنا, ونحن هنا ندعي أن الإمام عندما قال الغناء ليس بعنوان التفسير بل بعنوان المصداق الشاهد على ذلك قول (عليه أفضل الصلاة والسلام) والذي لم يلتفت إليه النراقي في هذا المجال قال: >سألته عن قول الزور, قال: منه قول الرجل< منه هذه كلمة منه يعني ماذا؟ يعني من مصاديقه, من مصاديق قول الزور, لا من تفسير الآية. لو التفت إلى هذه الكلمة لعلم أنه أساساً الآية ليست بصدد التفسير.

    إذن هذه المناقشة لا يمكن إيرادها على الآية.

    مناقشة أخرى تأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/06
    • مرات التنزيل : 1175

  • جديد المرئيات