بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
قبل الدخول في المناقشة الثانية للاستدلال بالآية التي تقدم الكلام عنها بالأمس, بودي أن ألخص ما انتهينا إليه في مسألة حرمة الغناء.
يمكن تلخيص ما تقدم في النقاط التالية:
النقطة الأولى: ما هو الغناء لغةً؟ وليكن في علمكم أن هذه هي المسألة التي وقع الاختلاف الشديد فيها, بعض قال بأن الغناء كل صوت ممدود ممتد أعم من أن يكون مطرباً أم لم يكن, أعم من أن يكون جميلاً أو غير جميل, وهذا الذي أشرنا إليه أن جملة من كلمات اللغويين تشير إلى هذه الحقيقة.
أنا كتب اللغويين عادةً لم توجد عندي عادةً إلا كتابين أو ثلاثة ولكنّه لذا أنقل من هذا الكتاب وذاك الكتاب وإلا ينبغي عادةً أن ننقل كلمات من أصل نفس الكتب. هذه منقولة في (كتاب المكاسب, للشيخ الأنصاري, الطبعة الحديثة, لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم, ج1, ص291) هناك أشرنا بالأمس إلى بعض كلمات اللغويين يقول: [ومنها: ما عن المصباح أنّ الغناء هو الصوت] (مصباح المنير, مادة غنم) [وعن آخر أنّه مد الصوت وعن النهاية أنه تحسين الصوت وترقيقه, وعن النهاية أيضاً أن كل من رفع صوتاً ووالاه فصوته عند العرب غناء] طيب هذه الكلمات وأمثال هذه الكلمات تبين لنا أن الغناء عنوان عام يصدق على كل صوت حسناً كان أو غير حسن, مطرباً بالمعنى الاصطلاحي عندنا الذي يقولون الصوت المطرب محرم أو لم يكن مطرباً بهذا المعنى. هذا هو البحث الأول.
وجملة من الأعلام إنما اختلافهم في هذه المسألة يعني: في المراد من الغناء لغةً, أين تظهر الثمرة؟ تظهر الثمرة أنه إذا قلنا أن الغناء كل صوت حسن, طيب لم يقل أحد من الفقهاء أن كل صوت حسن فهو محرم, إذن قد يكون من الغناء محلل وقد يكون من الغناء محرم, أما إذا صار المبنى أن الغناء لغةً هو ذلك الصوت الخاص اللهوي الباطل, طيب بطبيعة الحال قراءة القرآن بصوت غير هذا الصوت فغناء أو ليس بغناء؟ ليس بغناء, إذن هذه هي القضية الأولى, الإخوة إذا أرادوا أن يحققوا في مسألة الغناء أولاً: محل النزاع فليحرروه أين؟ في البحث اللغوي حتى بعد ذلك عندما يأتون إلى البحث الشرعي وحرمة الغناء شرعاً يعرفوا أنه يصدق عليه الغناء لغةً أو لا يصدق عليه الغناء لغةً.
ولذا نجد أن علماً كالشيخ الأنصاري+ يشير إلى هذه القضية بشكل واضح وصريح يقول المشكلة الأصلية أين موجودة؟ موجودة في هذه المسألة وهي مسألة الغناء, دعوني أنا أبينها في المقدمة, في (ج1, ص303) يقول: [وبالجملة فنسبة الخلاف إليه] إلى من؟ إلى صاحب كفاية الأحكام الذي مقالة من؟ مقالة الفيض الكاشاني أو هما في مقالة واحدة, يقول: [فنسبة الخلاف إليه في معنى الغناء أولى من نسبة التفصيل إليه في الغناء] المشكلة أين؟ في أن الغناء معناه واسع يشمل حتى التغني بالقرآن فيقال غناء محلل, أو لا الغناء لغةً مختص بماذا؟ بهذا الصوت اللهوي الباطل إذن قراءة القرآن بصوت حسن هذا يصدق عليه غناء أو لا يصدق عليه غناء؟ لا يصدق عليه غناء, إذن هذه هي, ولذا هو مصر – الشيخ الأنصاري- مصرٌ على أن الغناء مختص -لغةً- مختص بهذا الصوت المخصوص اللهوي الباطل, إذن ما عداه فليس بغناء, لا أنه غناء ولكنه محلل, إذن ليست المسألة تفصيل في حكم الغناء واحد يقول هذا الغناء محلل والآخر يقول هذا الغناء محرم, المشكلة الأصلية أين؟ في معنى الغناء لغةً. إذن هذه هي القضية الأولى المحور الأول من البحث الذي إن شاء الله إذا أردتم أن تكتبوا رسالة في الغناء تعرفون أن المدخل, لأنه مع الأسف الشديد أن هذه القضية لم تحرر في كلمات الفقهاء, تجد بأنهم يدخلون يخرجون وأنت ما تدري في النتيجة هؤلاء يوجد اختلاف بينهم أو لا يوجد اختلاف؟ منشأ الاختلاف أو واحدة من محاور وعُقد الاختلاف هو المعنى اللغوي للغناء. ويكون في علم الإخوة في جملة من الأحيان في المسائل الفقهية المشكلة ترجع إلى المعنى اللغوي ذاك يتصور يصدق عليه هذا يقول لغةً لا يصدق عليه, هذا هو المحور الأول.
المحور الثاني: الذي وقفنا عنده هو أن الغناء لغةً من مقولة الصوت يعني من الكيف المسموع ولا علاقة له بالمادة سواء كان بهذه المادة أو لم يكن بهذه المادة. وهذه قضية أيضاً تقريباً مورد الاتفاق بين المحققين في علم اللغة, وهو أن الغناء من مقولة الصوت لكن لا مطلق الصوت بل على لحن خاص على امتداد خاص و… إلى غير ذلك.
ولذا مثال جيد يضرب الشيخ الأنصاري يقول: لو من بعيد سمعت أحداً صوتاً معيناً وإن لم تلتفت إلى الألفاظ تقول يغني مع أنه لو سئلت ماذا يقول, تقول ما أدري ماذا يقول ولكن يغني, طيب إذا كان الغناء متقوم بركنين -كما يقول السيد الخوئي+- المفروض أن هذا غناء أو ليس بغناء ما لم يشخص المادة؟ مع أنه يصرح الشيخ الأنصاري+ أيضاً في هذا الموضع (ج1, ص307) يقول: [فإنه لا ريب أن من سمع من بعيد صوتاً مشتملاً على الإطراب المقتضي للرقص أو ضرب آلات] هذا مرتبط بالموسيقى [أو ضرب آلات اللهو لا يتأمل في إطلاق الغناء عليه إلى أن يعلم مواد الألفاظ] إذن مسألة الغناء مسألة مرتبطة بماذا؟ متقومة بركنين؟ الجواب: كلا متقومة بركن واحد أساسي وهذا ما يؤكده علماء اللغة أيضاً, أن الغناء من مقولة الصوت أو الصوت واللفظ أي منهما؟ لا, من مقولة الصوت لكن لا مطلق أي صوت يقال عنه غناء وإنما كما قالوا الصوت الممدود الصوت الممتد الصوت الذي فيه موالاة, الصوت الذي فيه ترجيع, عبروا عنه ما شئتم.
طيب هنا, فقط أنا أريد هنا بتعبيرنا – أضرب حاشية مختصرة وإن شاء الله بحثه سيأتي- إذن الآيات التي تكلمت قالت {واجتنبوا قول الزور} وقوله تعالى {يشتري لهو الحديث} هذه مرتبطة بالغناء أو ليست مرتبطة بالغناء؟ لماذا؟ لأنه هذه مرتبطة بالقول ونحن حديثنا في الصوت ما هي علاقة هذه؟ نعم عندنا مشكلة واحدة وهي أنه إذن ماذا نفعل بالروايات؟ الآن ذاك بحث آخر, الآن لو كنا نحن وهذه الآيات واقعاً كنا نأتي إلى الآيات نقول {واجتنبوا قول الزور} كل ما يرتبط بالزور سواء كان كذباً بهتاناً غيبةً شهادة زور, فيه غناء أو ليس فيه غناء, منه الغناء أو ليس منه الغناء؟ ليس منه الغناء, هنا المشكلة وهو أنه كيف أن الإمام× طبق قول الزور على الغناء, طيب هذا محور أصلي لابد أن يلتفت إليه. أو {يشتري لهو الحديث} كما في الآية المباركة في سورة لقمان الآية الثانية {ومن الناس يشتري لهو الحديث} الحديث مقولة اللفظ والمادة أو من مقولة الهيئة والصوت؟ طيب من الواضح يعني: الحديث اللهو, يعني: اللفظ أو الألفاظ الملهية, اللطيف ليست بمجرد أن تكون ألفاظ ملهية التفت, ألفاظ ملهية تضل عن سبيل الله, {ليضل عن سبيل الله} هذا هو المحرم, ما علاقتها من قريب ومن بعيد بالغناء, ولكن أيضاًِ عندنا مشكلة وهي أن الإمام× ماذا؟ ذكر من مصاديق لهو الحديث -لا أنه فسر- ذكر من مصاديق لهو الحديث ذكر ماذا؟ ذكر الغناء, من هنا واقعاً الفقهاء وقعوا في حيص وبيص, المحققين الملتفتين وإلا غير الملتفتين يعبرون هكذا, ولكن الملتفت طيب كيف هذه من مقولة وهذه من مقولة أخرى, كيف أن الإمام طبق مقولة على مقولة أخرى, هذه من مقولة الكيف هذه من مقولة اللفظ والكلام, طيب كيف ينطبق أحدهما على الآخر, ولذا اضطر جملة من الأعلام أن يتكلف ما يشاء من التكلف حتى يفسر كلام الإمام, إلا أن نقول أن الإمام× عندما يقول غناء مراده خاص في الغناء لا المعنى اللغوي وهذا لم يثبت أن الإمام يستعمل الغناء بمعنى آخر غير المعنى اللغوي, طيب هذا المحور الثاني الذي لابد أن يلتفت إليه.
المحور الثالث: أن الأدلة – هذه نقولها الآن بنحو الفتوى-أن الأدلة من الكتاب والسنة – الإجماع لا قيمة له في المقام لأنه حتى لو كان فهو مدركي واضح- أن الأدلة من الكتاب والسنة لم تحرم الغناء مطلقا, إلا في صورة واحدة وهو أن نقول أن المراد من الغناء لغةً يعني الهيئة المخصوصة بأهل اللهو والفجور والفسق, إذن كان ذاك هو المعنى اللغوي فنقول أن الشارع حرم كل أقسام الغناء, يعني ما كان لهوياً ومنسجماً مع مجالس الفسق والفجور, أما إذا قلنا أعم من هذا لغةً فالشارع حرم كل أقسام الغناء أو لم يحرم؟ لم يحرم, حرم بعضه وأحل بعضه, هذه أيضاً ترجع إلى المحور الأول الذي أشرنا إليه.
الآن نحن نتكلم على المبنى الذي نحن اخترناه, أن الغناء عام إذن على هذا الأساس الشارع حرم كل أقسام الغناء أو قسم معين منه؟ قسم معين منه, التفت.
المحور الرابع: أي شيء حرمه؟ الجواب: هنا بيت القصيد وهو أنّنا نقول أن القضية أهل البيت عندما حرموا الغناء كان بنظرهم مجالس اللهو في زمن بني أمية وبني العباس, لا نخصصها بتلك ونقول ما كان من هذا القبيل, يعني مجالس اللهو التي كانت, هذا مجالس اللهو بعنوان بيان المصداق لا أنه أساساً إذا لم يكن له مقارنات فليس بحرام. التفتوا.
نحن نقول أن الصوت اللهوي المنسجم أو المختص بمجالس اللهو والفسوق في نفسه حرام. وجد معه هذه المقارنات أو لم توجد معه هذه المقارنات؟ أصلاً واحد خطيب يعجبه أن يدندن ذلك الأسلوب اللهوي الباطل. مع نفسه في البيت, يجوز أو لا يجوز؟ الجواب لا يجوز. لكن لماذا نظر هذه؟ نريد أن نشير إلى المصداق الواضح لها, نريد أن نقول أن هذا مصداق من مصاديقها الواضحة انظروا إلى تلك المجالس.
وهنا يأتي البحث الذي تقدم وهو مدخلية الزمان والمكان في فهم موضوع الحكم الشرعي.
النقطة الأخيرة المحور الأخير وهو: أن تشخيص أن هذا الصوت اللهوي منسجم مع مجالس اللهو والفجور والفسق وغيرها تشخيصها موكول لمن؟ هذا موكول إلى العرف, كما في أي موضوع آخر من الموضوعات التي تشخيص مصاديقه موكول إلى الأعراف.
هذه المحاور الخمسة التي أشرنا إليها فيما سبق. وعلى هذا الأساس حينما ندخل إلى الأدلة سيتضح بأنه أساساً الأدلة هل تفيد حرمة الغناء أكثر من هذا الذي قلناه أو لا تفيد. هذه قضية.
القضية الثانية -التي بودي أن أقف عندها ولو لبعض دقائق أو بمقدار من الوقت حتى نخرج من وحشة الوحدة- لأن البعض يتصور أن هذه مختصة والفقهاء لم يقولون هكذا, أريد أن استعرض لكم كلمات الشيخ الأنصاري في هذا المجال, أريد أن أرى أن الشيخ الأنصاري بيني وبين الله بعيد عمّا نقوله أو هو يقول نفس هذا الكلام أو أنه بعيد عمّا يقوله الفيض الكاشاني أو بعيد عمّا يقوله صاحب كفاية الأحكام يعني: الشيخ الأنصاري, يعني من فقهائنا الأعلام المتأخرين, الآن نفس هذه المحاور الأربعة أو الخمسة التي أشرت إليها أحاول أن أقف عندنا في كلمات الشيخ الأنصاري.
أما المحور الأول: الشيخ الأنصاري في المحور الأول يختلف, يقول: أساساً الغناء ليس كل صوت ممدود حسن أو غير حسن, بل ليس كل صوت ممدود حسن, بل المراد من الغناء لغةً هو هذا الغناء المحرم شرعاً, يعني: الخاص بمجالس أهل الفسوق والفجور. في موردين فقط أنا أشير الإخوة هم يراجعون. في (ج1, ص290) هذه عبارته, يقول: [وظاهر هذه الأخبار بأسرها] طبعاً العبارات عندما أقرأها بعض المحاور داخلة يعني أيضاً البحث اللغوي وأيضاً أنه من مقولة الصوت وغير ذلك. [وظاهر هذه الأخبار] الأخبار الدالة على الحرمة حرمة الغناء. [بأسرها حرمة الغناء من حيثُ اللهو والباطل, يعني: الكيفية المخصوصة؟ من حيث كونه لهواً وباطلاً ليس المادة لا علاقة لنا بالمادة, سواء هذه الكيفية قرأت بها القرآن أو قرأت بها القصيدة الكذائية التي فيها ما فيها لا فرق, هذه عندما يقول [من حيث اللهو والباطل] هذه وصف الكيفية لا وصف المادة يصرح بذلك وبعد ذلك يقول: قرأت بها قرآناً او قرأت بها كلاماً باطل كلاماً زوراً لهو الحديث, التفتوا إلى العبارات: [فالغناء وهو من مقولة الكيفية للأصوات لا علاقة للمادة بالغناء] يعني هذه هيئة نتكلم عن الهيئة -إن صح التعبير- لا عن المادة, [فالغناء وهي من مقولة الكيفية للأصوات كما سيجيء] يصرح بهذا المعنى [إن كان] الغناء أي غناء؟ المفهوم اللغوي مفهومه اللغوي, [إن كان مساوياً للصوت اللهوي الباطل] إذن اللهوي الباطل قيد الأصوات لا قيد الألفاظ والكلمات المادة [للصوت اللهوي والباطل كما هو الأقوى] إذن هو يعتقد أن الغناء لغةً استعمل في ماذا؟ يعني وضع لأي شيء؟ وضع لكل صوت ممتد؟ يقول لا ليس هكذا, لكل صوت ممتد حسن الذي أضيق؟ يقول لا ليس هكذا. إذن الغناء ماذا؟ يقول: [الغناء موضوع للصوت الممتد اللهوي الباطل] هذا يصرح به. ما أدري واضح صار.
من هنا لا ينقسم الغناء عنده إلى محلل, لا معنى له, لأن ذاك المحلل ليس بغناء عنده, الغناء عنده ماذا؟ ومن هنا يتصورون أن هذا قائل بالتفصيل وهذا غير قائل بماذا؟ مع أنه هذا مرتبط بالتفصيل يعني مرتبط بالحكم الشرعي؟ لا أبداً وإنما الاختلاف إن صح التعبير اختلاف لغوي, هو يرى أن هذا الذي يقوله حلال أنا اسميه غناء هو يقول لغةً ليس بغناء وإن كان يتفق معي أن هذا الأصوات التي يقرأ بها القرآن إن لم تكن من الأصوات المختصة بمجالس الفسق والفجور, هي ماذا؟ يجوز قراءة القرآن ويجوز قراءة الأذكار ولكن لأنه لا يلتفت إلى هذه النكتة يقولون لا, أن الفيض الكاشاني قائل بالتفصيل, ما أدري واضح استطعت أن أوصل المطلب إلى ذهن الإخوة. وهذا ما يصرح به وقرأنا العبارة.
قال: [كما هو الأقوى وسيجيء] عنده أن الغناء ماذا؟ هذا, [فهو] يقول إذا كان الغناء لغةً هذا معناه فهو التفتوا [وإن كان أعم] افترضوا أن شخص يأتي ويقول بأنه المعنى اللغوي للغناء ماذا؟ أعم من الصوت اللهوي الباطل إذن وجب تقييده في الشريعة هكذا جزافاً لا نقول أن كل غناء محرم, [وجب تقييده بما كان من هذا العنوان] يعني كان صوتاً بشرط أن يكون لهوياً باطل, التفت [كما أنه لو كان أخص] أصلاً جاء شخص فسر الغناء لغةً بمعنى الأخص, يقول عند ذلك نقول الغناء الشرعي ما هو؟ أعم منه, [كما أنه لو كان أخص وجب التعدي منه إلى مطلق الصوت الخارج على وجه اللهو] إذن هذا اللهو وباطل وكذا كلها قيود الصوت لا قيود المادة, [وبالجملة] إذن ماذا تقول من المحرم؟ يقول: [فالمحرم هو ما كان من لحون أهل الفسوق والمعاصي] إذا كانت الألحان مختصة, تتذكرون بالأمس قسمنا الألحان والأصوات إلى ثلاثة قلنا مشتركة ومختصة بهؤلاء ومختصة بأولئك يقول: المحرم من الغناء أي صوت؟ [الصوت المختص بأهل الفسوق والمعاصي] الآن لو سألنا الفيض الكاشاني قلنا اضرب لنا مصداق, يقول: هذه المصاديق انظروا إلى بني أمية هذه, أهل البيت لم يتكلموا كل ما صدق عليه غناء فهو محرم. قال: [ورد النهي عن قراءة القرآن بها] الآن سواء كان مساوياً للغناء أو أعم أو أخص [مع أن الظاهر أن ليس الغناء إلا هو] يعني الصوت اللهوي الباطل, هذا في (ص290 و291).
وكذلك في (ص307) هذا المعنى موجود بشكل واضح. جيد.
سؤال: الآن قرأنا العبارة, سؤال: الشيخ الأنصاري ماذا يعتقد أي نوع من الأنواع محرم؟ واضح بأنه لا يعتقد بأنه كل ما صدق عليه الغناء ولو لم يكن مختصاً بمجالس اللهو والفسوق فهو محرم, هذا المعنى يصرح به في (ج1, ص288) يقول: [وبالجملة فكل صوتٍ يُعد في نفسه مع قطع النظر عن الكلام المتصوت به لهواً وباطلاً فهو حرام] وهذا هو الغناء المحرم, الغناء المحرم ما هو؟ ليس مركب من عنصرين من هيئة ومن ماذا؟ حتى إذا انتفى أحدهما ينتفي الحكم الشرعي لا أبداً ليس هكذا, لأنه هذا الذي استفدناه من كلمات السيد الخوئي+ قال: الغناء المحرم مركب من عنصرين الهيئة والمادة, لا ليس الأمر كذلك, المادة لها حسابٌ آخر.
ولذا قلنا في الأمس قلنا بأن هذه الهيئة المحرمة لو قرأ بها قرآن أساساً تكون الحرمة مضاعفة لأنه أولاً: أساساً الغناء محرم, وثانياً: استهزاء بالقرآن, لا أنه أصلاً إذا لم تكن المادة فالحرمة غير موجودة, أساساً الغناء من مقولة الصوت, وبالجملة فكل صوت يُعد في نفسه لهواً وباطلاً فهو حرامٌ وكذلك, تعالوا معنا إلى (ص296) [وكيف ما كان فالمحصّل من الأدلة المتقدمة حرمة الصوت المرجع فيه على سبيل اللهو, فإن اللهو كما يكون بآلة بغير صوت -الموسيقى- وبالصوت بالآلة فقد يكون بالصوت المجرد من الآلة] هذا الصوت اللهوي مقياسه ما هو؟ يقول إذا كان مختصاً بمجالس أهل الفسوق والمعاصي [فكل صوت يكون لهواً بكيفيته ومعدوداً من ألحان أهل الفسوق والمعاصي فهو حرامٌ وإن فرض أنه ليس بغناء لغةً] لو فرضنا أن المعنى اللغوي خاص جداً, يقول لا يهمنا كان أعم كان أخص نحن عندنا من الغناء المحرم هذا, هذا ميزانه ما أدري واضح أم لا. بيد من تشخيصه؟ العرف, أما إذا كانت من الألحان والأصوات, كما في الآلات الموسيقة إذا وفقنا نبحث فيها, طيب الآلات الموسيقة بعضها آلات مختصة بمجالس الفسق والفجور, وبعضها تستعمل هنا وأيضاً تستعمل هنا, هذه الآلات المشتركة محرمة أو غير محرمة؟ لا, إذا استعملت هنا تكون محرمة وإذا استعملت هناك تكون محللة بل مستحبة.
يقول: [فهو حرام, وكل ما لا يُعد لهواً] التفتوا إلى هذه العبارة حتى أنه لا تقول بأنه هذا الرأي من ذهب إليه وأنه الفيض الكاشاني من أين جاء بهذا الكلام. [وكل ما لا يُعد لهواً يعني من الأصوات فليس بحرام وإن فرض صدق الغناء عليه] يعني نحن عندنا غناء ما هو؟ غناء إن فرض صدق الغناء عليه, هذا تابع لمبناك في المعنى اللغوي وإن كان هو بعد ذلك يقول فرضاً غير محقق, لماذا فرض غير محقق؟ لأنه هو عنده في البحث اللغوي أنه الغناء هو ذاك لا معنىً آخر.
[لعدم الدليل على حرمة الغناء إلا من حيث كونه باطلاً ولهواً ولغواً وزوراً] هذه العناوين الموجودة في الآيات والروايات. هذا مورد (ص296 و297).
وكذلك في (312) يمكن مراجعة البحث هذا بشكل واضح وصريح هناك يقول: [والذي أظن أن ما ذكرناه في معنى الغناء المحرم من أنه الصوت اللهوي] الغناء المحرم ما هو مطلق الصوت؟ لا, الصوت مع المادة؟ لا, وإنما الصوت المختص بمجالس الفسق والفجور [أن هؤلاءٍ] من هم هؤلاء؟ الفيض الكاشاني وصاحب كفاية الأحكام وغيره [أن هؤلاء وغيرهم غير مخالفين فيه] هؤلاء أيضاً يقولون الآن بعض الأحيان لم يستطيعوا العبارة كما ينبغي أن يوصلوها إلينا.
تشخيص ذلك بيد من؟ تشخيص ذلك في (ص297) عبارته أيضاً من الواضحات, يقول: [ثم إن المرجع في اللهو إلى العرف أن هذا اللحن مختص أو ليس بمختص؟ إلى العرف [والحاكم بتحققه هو الوجدان حيث يجد الصوت المذكور مناسباً لبعض آلات اللهو والمرقص ولحضور ما تستلذه القوى الشهوية] التفتوا جيداً, هذا بيان آخر لمجالس بني أمية, هو ما هو؟ آلات ورقص وحضور ما تستلذه القوة الشهوية شراب ومن كون المغني جارية أو أمرد أو نحو ذلك إلى آخره, بدل أن يذكر هذا المواصفات الفيض الكاشاني ماذا قال؟ قال انظروا إلى مجالس بنو أمية, الفرق كله في هذه القضية ذاك ذكر المصداق أنت تذكر العناوين العامة, واللطيف أنه هو+ ملتفت إلى هذه النكتة, يقول: بأنه عندما نراجع كلمات الفيض الكاشاني نجد بلا تكلف ينطبق على ما قلناه, خلافاً لجملة من المحشين الذين ما أدري ماذا أسميهم, أتكلم وطرفنا من؟ الشيخ الأنصاري, هذا لم يقرأ لا فلسفة ولا عرفان ولا متأثر بالأجواء الصوفية والعرفانية حتى يتهمون المسلكين الفيض الكاشاني, بلي ذاك في أجواء العرفاء والعرفاء وضعهم معلوم من هذا الكلام.
وإلا هو + يقول التفتوا هذه عباراته بعد أن ينقلها بشكل واضح وصريح في (ص298) يقول: [والمحكي من كلامه في الوافي أنّه بعد حكاية الأخبار التي يأتي بعضها, قال: الذي يظهر] ينقل العبارة كاملة [وبالجملة فلا يخفى, أقول] كلام من؟ الشيخ الأنصاري, يريد أن يعلق على كلام من؟ الفيض الكاشاني, [أقول: لولا استشهاده ليست بالتي يدخل عليها الرجال] هذا القيد الذي ذكره وقال بأنه معروف بني أمية وكذا [لأمكن بلا تكلفٍ تطبيق كلامه على ما ذكرناه] هذا الذي نحن استفدناه من الأدلة ماذا؟ بلا تكلفٍ التفت, لا أنه نحتاج إلى أن نتكلف لا أن ظاهرها ليس هكذا, لا لا, يقول ظاهرها ماذا؟ يريد أن يشير إلى هذا [بلا تكلفٍ تطبيق كلامه على ما ذكرناه من أن المحرم هو الصوت اللهوي الذي يناسبه اللعب بالملاهي والتكلم بالأباطيل ودخول الرجال على النساء لحظ السمع والبصر من شهوة الزنا دون مجرد الصوت الحسن الذي يذكر أمور الآخرة وينسي شهوات الدنيا, إلا أنه استشهاده بالرواية ليست بالتي يدخل عليها الرجال ظاهر بالتفصيل بين أفراد الغناء] لا, هذا ذكرنا أن هذا الذي ذكره إشارة إلى بيان المصداق لا أنه يريد أن يفصل أنه في نفسه غير محرم, ولكن بمقارناته محرم.
واللطيف أن صاحب كفاية الأحكام بشكل واضح وصريح أشار إلى هذا المعنى, يقول -هذا كلام صاحب كفاية الأحكام- [حمل الأخبار المانعة على الفرد الشائع في ذلك الزمان] هذا الذي قلنا مدخلية الزمان والمكان, قال: [والشائع في ذلك الزمان الغناء على سبيل اللهو من الجواري وغيرهن في مجالس الفجور والخمور والعمل بالملاهي والتكلم بالباطل وإسماعهن الرجال فحمل الفرد المعرّف] التفتوا جيداً [حمل الفرد المعرّف] يعني: الدال على العموم دال على الإطلاق لأنه من مصاديق الإطلاق [فحمل الفرد المعرّف يعني لفظ الغناء على تلك الأفراد الشائعة في ذلك الزمان غير بعيد] يعني: أن الزمان والمكان وإن كان إذا نظرنا إلى اللفظ ففيه إطلاق ولكنه هذه الظروف الزمانية والمكانية ماذا تفعل لهذا الإطلاق, أساساً ينعقد الإطلاق أو لا ينعقد؟ لا أنه ينعقد وهذا مقيد, لأنه من مقدمات الحكمة أن لا يوجد القيد والمفروض أن هذا القيد موجود ولكنّه الزمان والمكان, هذا المعنى أيضاً يشير إليه.
وكذلك فيما يتعلق بكلام إلى أن آخر المطاف بعد أن ينقل كلام العلمين يعني: الفيض الكاشاني وصاحب كفاية الأحكام, يقول: [نعم, بعض كلماتهم ظاهرة فيما نسب إليهما من التفصيل في الصوت اللهوي الذي ليس هو عند التأمل تفصيلاً بل قولاً بإطلاق جواز الغناء وأنه لا حرمة فيه أصلا وإنما الحرام ما يقترن به من المحرمات] واقعاً نحن هذا لم نجده أين؟ إذا هذه الكلمات للفيض الكاشاني وهذه الكلمات لكفاية الأحكام هذه لا دلالة في أي واحدة منها أن الحرمة للمقارنات وإلا الشيء حلال في نفسه.
إذن اتضح أيضاً المحاور الأصلية التي نحن قلناها أيضاً الشيخ الأنصاري متفق معنا فيها, نعم يوجد محور أو محورين وهو المعنى اللغوي وغير ذلك, هذا هو مورد الخلاف.
الآن إذا اتضح ذلك, تعالوا معنا إلى الآية التي قراناها والآية الثانية, الآية الأولى ما هي؟ {واجتنبوا قول الزور}. قلنا: لو كنا نحن والآية بلا روايات مفسرة لها لكنا نقول مرتبطة بالمقام أو غير مرتبطة بالمقام؟ لا علاقة لها بالمقام.
ولذا السيد الإمام+ في المكاسب المحرمة يقول هذه تحرم ماذا؟ جداً لطيف, لأنه يجد أنه توجد إشكالية في هذه الآية ما يستطيع أن تحل المشكلة في (ص206) هذه عبارته, يقول: [ومن جميع ما تقدم أن الآية تدل على حرمة الغناء .. وبإلغاء الخصوصية عرفاً يستفاد منه حرمة الغناء مطلقا ولو لم يكن هناك لفظ] مضطر أن يحرم الغناء بإلغاء الخصوصية, مع أنه أنا لا أعلم أولاً: أنت ثبت أن الآية في الغناء, حتى بإلغاء الخصوصية ماذا؟ إلا إذا تستند إلى الروايات, وإلا نفس الآية لا تدل على ماذا؟ وهذه هي من المناقشات الأصلية أو المناقشة الثانية التي ترد على الاستدلال بهذه الآية لحرمة الغناء. نعم, يبقى.
يعني بعبارة واضحة وفي جملة واحدة نريد أن نقول: هذه الآية تحرم الغناء أو لم تحرم الغناء؟ ما تحرم الغناء, لماذا؟ لأن الغناء من مقولة الصوت, والآية تحرم اللفظ القول ما علاقة أحدهما بالآخر؟ هذه, بل هذه على خلاف المطلوب أدل لماذا؟ لأنه هذه تقول إذا قلنا أنها تشمل الغناء, تريد أن تقول بأنه نحن لا علاقة لنا بالهيئة, الهيئة محللة أو الهيئة محرمة, نحن ننظر إلى المادة, فإن كانت المادة قول زور فهو حرام إن لم يكن قول زور حرام أو ليس بحرام؟ ليس بحرام, على خلاف المطلوب أدل هذه.
من هنا لابد أن نجد تفسيراً -هذا إن شاء الله تعالى إلى الأسبوع القادم- كيف نجد تفسير طيب كيف نطبق هذه الآية على الغناء في المقام.
وكذلك ما يتعلق بقوله تعالى في سورة لقمان قال: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} أولاً: {لهو الحديث} من إضافة الصفة إلى الموصوف يعني الحديث اللهوي أو اللهو, أليس هكذا, لا أن هذا حديث لهوي, لأنه قد يكون لهواً ولا يكون من قال أن كل لهو باطل, كثير من الأمور التي تلهي ولكنها مقوية على ذكر الله على طاعة الله من قال كل لهو باطل, واقعاً هذه القاعدة بحثوها علمائنا أن كل لهو باطل؟ أو قسم خاص من اللهو باطل, على أي الأحوال {ليضل عن سبيل الله} هنا أيضاً وردت عندنا مجموعة من الروايات ومنها صحيحة السند ومنها موثقة فسّرت لهو الحديث بالغناء, ولكن هنا الروايات أوضح قالت ومنه الغناء, ومنه الغناء فواضحة في بيان المصداق.
هذه إن شاء الله تأتي.
والحمد لله رب العالمين.