بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
قلنا بأن الاتجاه الذي نختاره في مثل هذه الموضوعات هو أننا عندما نأتي إلى النصوص التي تكلمت عن الغناء وعن المغني وعن المغنية ونحو ذلك من الألفاظ لا نذهب إلى اللغة بشكل عام وإنما نحاول أن نفهم مفهوم هذه الأمور من خلال الظروف المحيطة بصدور هذه النصوص, الآن سواء انطبق على المعنى اللغوي العام أو كان مصداقاً من مصاديق ذلك المعنى العام اللغوي, كما في المقام, فإننا ذكرنا من الناحية اللغوية الغناء هو كل صوت فيه ترجيع, وفيه مد وله كيفية مخصوصة, الآن أعم من أن يكون حسناً أو غير حسن والشارع عندما حرم لم يحرم ذلك العنوان وإنما عنون هذا الموضوع الخارجي للحرمة.
وشواهد ذلك في النصوص متعددة, فإنه تارة يعبر فيه مجلس الغناء وثانية يعبر فيه بيت الغناء وثالثة يعبر فيه غناءٌ لم يعصَ الله به, ورابعة يعبر عنه بأنه لم يدخل الرجال أو يدخل الرجال عليها, إشارة إلى المصداق, وخامسة وسادسة, هذه العناوين واضحة أنها تشير إلى حقيقة خارجية وهذا ما سنعرضه إن شاء الله تعالى من خلال استعراض جزئي للنصوص التي تكلمت عن حرمة الغناء أو عن عدم مطلوبيته عن مكروهية الغناء بنحو عام, لأنه جملة من العناوين التي وردت في ذلك من قبيل أنه يُعد من النفاق أو ينبت في القلب النفاق أو .. أنه مثلاً بيت لا تدخل فيه الملائكة ونحو ذلك.
ومن الواضح المسلم به أن كثيراً من المكروهات يصدق عليها هذه العناوين, يعني أنتم لو تراجعون النصوص التي حملها الأعلام على المكروهات كثير منها عنوانها أنه جزء من أجزاء النفاق أنه بيت لا تدخله الملائكة ونحو ذلك, هذه العناوين لا دلالة فيها على الحرمة بل هي أعم من الحرمة الاصطلاحية والكراهة الاصطلاحية.
نعم, النصوص التي تكلمت مما أوعد الله عليها النار هذه دالة على الحرمة بلا ريب, أما النصوص فنمر عليها مروراً سريعاً.
منها: ما ورد في ذيل أنا -الوسائل مع الأسف الشديد لم أأتي بها, فقط الوافي جئت بها- روايات كثيرة واردة في ذيل {والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما} في ذيلها توجد في الروايات في (الوسائل, ج17, ص304, الحديث الثالث والحديث الخامس).
ومنها: في (الوافي, ج17, ص214) في ذيل هذه الآية هذه الروايات, وهي: الرواية رقم24 من أبواب وجوه المكاسب الباب 34 كسب المغنية وشرائها وما جاء في الغناء, تبدأ الأحاديث من 17121 في الحديث الرابع والعشرين من هذا الباب, الرواية: >عن الحسن ابن هارون قال سمعت أبا عبد الله يقول: الغناء مجلسٌ لا ينظر الله إلى أهله< من الواضح بأن الإمام لم ينظر إلى الصوت بما هو صوت أنه صدر من شخص أنه يجوز استماعه أو لا يجوز استماعه؟ وإنما ينظر إلى المجالس مجالس اللهو التي كانت قائمة في ذلك الزمان, وإلا ما هي العلاقة بين قوله الغناء وبين قوله مجلس, الغناء ليس مجلساً أساساً, وإنما الغناء باعتبار أنه في ذلك الزمان هذا الغناء المحرم إنما كانت هناك مجالس وبيوت -كما في زماننا أيضاً- في كثير من البلدان هناك مواقع مخصوصة لمثل هذه المجالس المحرمة. ومع الأسف الشديد أنه بعض هذه المجالس أيضاً بعناوين مختلفة تنجر إلى ماذا؟ إلى مجالس اللهو واللعب والحرام عند بعض الذين يلبسون العمة بعنوان أنه فرحة فلان وفرحة فلان وإلا لا واقع لها لا من قريب ولا من بعيد التي هي واقعاً مجالس لهو وواقعاً مجالس حرام, وترتكب فيها كل المحرمات بعنوان أنها كذا وكذا. على أي الأحوال.
قال: >الغناء مجلس لا ينظر الله إلى أهله وهو مما قال الله عز وجل {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله}< إذن تبين أن القضية ليست مرتبطة بكيفية مخصوصة وإنما النظر إلى قضية خارجية موجودة في هذا المجال.
ومن الروايات أيضاً هذه الرواية رقم 24 من هذا الباب.
ومن الروايات أيضاً الرواية الأولى قال: >عن أبي بصير سألت أبا جعفر× عن كسب المغنيات< طيب هذا تعبير كسب المغنيات هذا معناه أنه هذه الامرأة أساساً حرفتها عملها الغناء, لا انه تجلس في البيت تغني لنفسها وإنما وظيفتها ماذا؟ الذهاب إلى المجالس لأجل, وأنا أتصور الآن لو تنظرون أنتم الآن تصرف الملايين لعقد هذه المجالس في هذا البلد وذاك البلد وتدعى إليه هذه المغنية أو تدعى إليها تلك المغنية, أو هذا المغني أو ذاك المغني, إشارة إلى هذه الحالات, هذا لا بمعنى أنه نريد أن نقول أن الصوت بما هو صوت محرم, التفتوا, أنا لست قائلاً لو فرضنا أن الكاشاني قائل بأن الغناء في نفسه غير محرم, وإنما الحرمة للمقارنات, الجواب: أول من يخالف أنا, أنا اعتقد أن الغناء في نفسه ما هو؟ محرم ولكن الإمام ينظر إلى أي نوع من الغناء المحرم؟ يشير بالإشارة الخارجية هذا النوع من الغناء المحرم الذي كانت تعقد له المجالس مجالس الفسق والفجور والحرام واللهو والخمر و… وإلى غير ذلك, لا أن الغناء بمقارناته وإلا في نفسه هو لا يوجد فيه إشكال. كما أشرنا فيما سبق وعبارة أيضاً الفيض الكاشاني وهي واضحة وهي: أنه لو لم يكن الغناء في نفسه محرماً لما كان تعلمه كفر, ولما كان تعلمه من النفاق, طيب الغناء في نفسه حلال في نفسه نعم إذا جاءت المقارنات يكون حرام أما لماذا من تعلم فهو كذا, من علّم فهو كذا, لماذا؟ من أخذ الأجر عليه فهو كذا مطلقاً لماذا؟ باعتبار أن النظر إلى هذه المجالس وإلا إذا كان الغناء في نفسه محلل طيب تقرأه في مجالس لا توجد فيه هذه المقارنات المحرمة أو المغني يقرأ ولا توجد هذه المقارنات المحرمة. على أي الأحوال.
قال: >عن كسب المغنيات< يعني يشتري مغنية ليرتزق ليكتسب من ورائها, كسب المغنيات أنه يكتسب من ورائها يعني حرفة المغنية هذه حرفتها قال: >التي يدخل عليها الرجال حرامٌ< طيب هذه ماذا يعني >التي يدخل عليها الرجال حرام<؟ يعني ماذا؟ يعني هذه المجالس التي كانت معقودة لهذا الأمر, هذه الرواية.
الرواية الثانية: وهي الرواية الرابعة من هذا الباب >سئل أبا الحسن× عن شراء المغنية؟ فقال قد يكون للرجل الجارية تلهييه< طيب هذا أي لهو الذي الإمام× يقول: >وما ثمنها إلا ثمن كلب وثمن الكلب سحت والحست في النار< واقعاً كل جارية إذا ألهت مالكها يكون ثمنها سحتاً مثلاً, أيتصور هذا أصلاً يخطر على ذهن أحد ولو كان إلهائاً مستحباً محللاً هذا يكون حراماً مثلاً؟ أبداً, وإنما يشير إلى تلك الأمور التي كانت هي اللهو يعني لهو الحديث ليضل عن سبيل الله.
الرواية الأخرى وهي الرواية الخامسة: >عن ابن فضال عن أبي عبد الله عن محمد القاطري عن أبيه عن أبي عبد الله قال سأله رجل عن بيع الجواري المغنيات< طيب لأجل ماذا تباع الجارية المغنية؟ حتى تذهب تكنس في البيت؟ ليس هكذا وإنما تباع لأجل يكتسب بعملها فقال: >شرائهن وبيعهن حرام وتعليمهن كفر واستماعهن نفاق< الآن استماع الغناء هذا بحث آخر, هذا ليس داخل في بحثنا, وإن كان بالملازمة يحاول البعض يقول إذا كان الاستماع محرماً إذن نفس العمل محرم, الآن هل هذا تام أو الملازمة بأمر أعمل هذا مرتبط بالاستماع الآن ليس بحثي لا أريد أن أدخل فيه. هذه الرواية واضحة وصريحة أنه أساساً نفس تعلم الغناء بما هو غناء حرامٌ بغض النظر أن توجد معه المقارنات أو لا توجد معه المقارنات, ولكن أي نحو عندما يقول مغنيات أي غناء الغناء اللغوي؟ ذاك الذي قراناه في علم اللغة ما هو اللغة المفهوم اللغوي؟ الجواب: كلا, المراد مجلسٌ كذا, يدخل عليها الرجال ونحو ذلك.
رواية أخرى وهي الرواية الثامنة من هذا الباب الرواية >قال إسحاق ابن عمر عند وفاته بجوارٍ له مغنيات أن يبعنّ ويحمل ثمنهن إلى أبي الحسن×, قال إبراهيم فبعت الجواري بثلاثمائة ألف درهم< واضح بأن هذا الثمن الغالي لأي سبب؟ لسبب أنها يكتسب منها أكثر من هذا العمل >فحملت الثمن إليه فقلت له إن مولىً لك يقال له إسحاق بن عمر أوصى عند وفاته ببيع جوارٍ له مغنيات وحمل الثمن إليك وقد فعلت وبعتهن وهذا ثمن ثلاثمائة ألف درهم فقال لا حاجة لي فيه إن هذا سحت<.
رواية أخرى وهي رواية 23 من هذا الباب بنفس هذا المضمون السابق. يقول: >إن الشيطان< الرواية عفواً, >عن الشحام عن أبي عبد الله الصادق× بيت الغناء< هناك كان عندنا عنوان مجلس وهنا عندنا عنوان بيت, يعني معدٌ لأجل هذا العمل >بيت الغناء لا يؤمن فقيه الفجيعة ولا تجاب فيه الدعوة ولا يدخله الملك< الآن بغض النظر عن البعد الذي أشرنا إليه وهو أنه هل يدل على الحرمة أو لا يدل أنا محل الشاهدي عندي تعبير البيت >بيت الغناء<.
ورواية أخرى في هذا الباب وهي رواية 31 من هذا الباب عن أبي عبد الله قال: >استماع الغناء واللهو< ومن الواضح أن هذا العطف ليس مغايرة وإنما عطف تفسير يريد أن يقول الغناء الذي هو لهوي >استماع الغناء واللهو ينبت النفاق في القلب كما ينبت أزماء الزار< جيد.
هذه مجموعة الروايات الواردة في هذه والتي فيها شواهد واضحة وقرائن واضحة على أنه ليس المراد الغناء بمفهوم اللغوي العام.
الآن في المقابل عندنا مجموعة من الروايات لا فقط أجازت الصوت الحسن بل رغبت في أن يُقرأ القرآن بالصوت الحسن.
من هذه الرواية >هي مرسلة الفقيه< على الخلاف أنه مرسلات الفقيه تقبل أو لا تقبل على أي الأحوال أنه قال أو أنه قيل على آخره على الخلاف الموجود في مرسلات الفقيه, >الفقيه سال رجل علي ابن الحسن عن شراء جارية لها صوت< طيب من الواضح ليس المراد صوت يعني كل جارية لها صوت, وهذا يكشف لك أنه كان يطلق الصوت ويراد به الصوت المخصوص الذي فيه ترجيع وبعبارة أخرى المعنى اللغوي له وهو الغناء ولكنه عبر عنها لها صوت, >فقال: ما عليك لو اشتريتها فذكرتك الجنة< بماذا ذكرتك الجنة؟ طيب ليس بمشيتها, بصوتها, واضح إذن بهذا, ولذا هذا يعني بقراءة القرآن جملة من الأعلام يقولون يعني هذا ليس من كلام الإمام وإنما تفسير من الشيخ الصدوق, >يعني بقراءة القرآن والزهد والفضائل التي ليست بغناء< طيب هذا على المبنى هو يعتقد أنه باعتبار أنه فسر كل ما هو غناء فهو محرم إذن لابد أن لا يصل إلى درجة الغناء هذا مرتبط به, ولكنّه أساساً لها صوت يعني أن هذا الصوت بدل أن يذكر الإنسان ويذهب به إلى الفجور والمعاصي يذكره بالآخرة إلى غير ذلك وهذا المعنى الذي أشار إليه الكاشاني في آخر كما قرأنا عبارته في موارد متعددة قال: [وعلى هذا فلا بأس بسماع التغني بالأشعار المتضمنة ذكر الجنة والنار والتشويق إلى دار القرار ونحو ذلك] كما أشرنا إلى ذلك.
ومجموعة من الروايات واردة في هذا المجال في (الأصول من الكافي). في (الأصول من الكافي, ج2, ص615) السند ليس مهماً وخصوصاً نحن نتكلم في المستحبات الآن في (ص614, باب بعنوان كتاب فضل القرآن باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن) الرواية الأولى التي قرأناها بالأمس >عن الصادق قال قال رسول الله اقرؤوا القرآن بألحان العرب وبأصواتها وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكبائر فإنه سيجيء من بعدي أقوام سيرجعون القرآن ترجيع الغناء<. هذا الذي قلنا مراراً هذا الألف واللام الغناء, هذا يحمل على عمومه أو يحمل على ما كان متعارفاً في ذلك الزمان؟ هذا هو الخلاف المنهجي الذي نقول لا فقط في هذا المورد في موارد أخرى.
رواية أخرى وهي الرواية الثالثة في هذا الباب.
الرواية السادسة >عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله قال إن الله عز وجل أوحى إلى موسى ابن عمران إذا وقفت بين يديّ فقف موقف الذيل الفقير وإذا قرأت التوراة فاسمعنيه بصوتٍ حزين< باعتبار أنه قاعدة نحن نؤسسها هنا نقول غناء كل نصٍ بحسب ذلك النص, طيب أنت عندما تتكلم في الآيات أو تقرأ الآيات القرآنية إذا قلنا يغنا يغنا بماذا؟ بالصوت الذي ينسجم مع النصوص القرآنية مع الأدعية مع الأذكر, وهذا نوع من الغناء كما أشرنا وإن كان يصدق عليه غناء لغةً وإن كان يصدق عليه غناء عرفاً لكن من الألحان المشتركة بين وبين أو من الألحان المختصة بقراءة القرآن.
ومنها: >عن أبي عبد الله قال النبي’ إن من أجمل الجمال الشعر الحسن ونغمة الصوت الحسن<.
ومنها: أيضاً الرواية التاسعة >قال النبي’ لكل شيء حلية وحلية القرآن الصوت الحسن<.
ومن الروايات: >ما بعث الله نبياً إلا حسن الصوت<.
ومنها: >قلت لأبي جعفر إذا قرأت القرآن فرفعت< السائل يقول أبي بصير >قال قلت لأبي جعفر إذا قرأت القرآن فرفعت به صوتي جاءني الشيطان فقال إنما ترائي به أهلك والناس, قال: يا أبا محمد اقرأ قراءة ما بين القراءتين تسمع أهلك ورجع بالقرآن صوتك<. الآن ليس بالضرورة نحن قلنا ورجع بالقرآن ليس بالضرورة اقرأه بألحان أهل الفسوق, لأن الصوت المرجع فيه عام يشمل ذاك ويشمل هذا. >ورجع بالقرآن صوتك فإن الله عز وجل يحب الصوت الحسن يُرجع فيها ترجيعا<.
طيب هذه مجموعة من الروايات بهذا الاتجاه, ومجموعة من الروايات بذاك الاتجاه. طيب ما هو حلّلها ظاهرها ماذا قد يقال؟ التعارض كما أشرنا بالأمس.
إخواني هنا منهجنا يتضح أثره على ماذا وفرقه عن المناهج الأخرى. التفتوا جيداً. على أساس منهجنا نحن نعتقد بأنه يوجد تعارض بين هذه النصوص أو لا يوجد تعارض؟ لا يوجد تعارض لأن تلك تتكلم عن غناءٍ من نوع معين, وتقول حرام, وهذه تتكلم عن, طبعاً رواية أخرى دعوني أقرأها ذهبت عن بالي, وهي الرواية الواردة في (مجمع البيان) أنا بودي أن الإخوة هذه الرواية يراجعوها لأنه أنا لم يسمح لي الوقت بأن أراجعها الرواية >عبد الرحمن ابن السائل قال قدم علينا سعد ابن أبي وقاص فأتيته مسلماً عليه فقال مرحباً يا ابن أخي بلغني أنك حسن الصوت بالقرآن, قلت: نعم والحمد لله, فقال: فإني سمعت رسول الله< الرواية في (مجمع البيان في المقدمات في أول مقدمات الفن السابع) >قال: فإني سمعت رسول الله يقول إن القرآن نزل بالحزن فإذا قرأتموه فابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا وتغنوا به فمن لم يتغنَ بالقرآن فليس منّا<. طيب الآغايون أيضاً مباشرة قالوا الرواية عاميّة وماذا؟ أسقطوها, ولكن واقعاً نحن ليس هذا منهجنا, منهجنا إذا كانت الرواية عاميّة لابد من الذهاب إلى سند الرواية ومعرفة أنه يمكن الوثوق بها أو لا يمكن الوثوق بها. لعله من مجموعة القرآن يمكن الوثوق بصدور هذه الرواية عن النبي الأكرم’.
ولذا هنا إخواني الأعزاء افتحوا لي قوس وهو: (أنه كثير من التراث إخواني الأعزاء حتى لو كان من طريقنا ضعيف يمكن من جمع القرائن ولكن بالتتبع في كتب الآخرين أن نتأكد وبجمع القرائن أن هذه الرواية صادرة عن النبي الأكرم’. أما بمجرد أن الرواية عاميّة واتركها على جنب لا لا هذا المنهج لا نوافق عليه على الإطلاق أبداً. هناك كثير من النصوص عن طرقنا عن النبي’ لعله لم تصح سنداً, لكن من طرقهم قد نرجع إليهم الناس الذين نقلوا الرواية ناس لعله أيضاً موثوقيين ونحن عندنا نحن لا نشترط في علم الرجال أن يكون الناقل إمامياً أن يكون ثقةً, طيب هذا القدر يمكن جمع القرائن للتثبت أن هذه الرواية, واطمأنوا أن كثير من الحقائق يمكن أن نجدها هناك وإن كانت عن طرقنا ضعيفة السند, وهذه قضية أساسية مهمة خصوصاً في القضايا العقائدية في القضايا الفقهية لا تكونون بعيدين عن تراث الآخرين وعن المدارس والاتجاهات الفكرية الأخرى خصوصاً مع هذا التراث الضخم الذي الآن موجود بأيديهم) على أي الأحوال.
هذه الرواية موجودة, ولذا بعضهم حاول أن يتأول هذا المعنى واقعاً إما بأن يرميها بضعف السند عاميّة وانتهينا, وإما أن يقول >تغنوا به< بمعنى الغناء يعني استغنوا منه, حتى يتخلص من مضمون الرواية يعني إما مناقشة سندية بأنها عاميّة وإما مناقشة دلالة ومضمونية أنه ليس المراد من >تغنوا بالقرآن< من الغناء وإنما من الغنى استغنوا بالقرآن. طيب ما هو الحل؟
بالنسبة إلينا نحن ما عندنا مشكلة تغنوا بالقرآن وهناك أجر المغنية سحت وحرام الغناء أوعد الله عليه ذاك نوع من الغناء وهذا ماذا؟ يوجد تنافي بينهما أو لا يوجد تنافي؟ لا يوجد تنافي, إذن بالنسبة إلينا لا في هذا قاعدة عامة في باب التعارض لابد أن ننظر إلى ظروف الرواية لنرى أن الظروف واحدة أو أن الظروف متعددة, فإن كانت واحدة عند ذلك يقع التعارض أما إذا كانت الظروف متعددة وكان الفرق فارقاً بين الظروف عند ذلك تحمل على نحو وتلك تحمل على نحو, كما الإخوة في باب الزكاة الذين كانوا حاضرين عندنا, قلنا أن الروايات التي جعلتها في هذه الأمور لزمان والتي جعلتها في أمور أخرى لا تعارض بينهما حتى نحمل أحدهما على التقية أو على الاستحباب أو .. وإنما هذه لزمان وتلك لماذا؟ وهذه واحدة من أهم النتائج وأعظم وأخطر النتائج المترتبة على داخلة الزمان والمكان في عملية استنباط الحكم الشرعي أو موضوعات الأحكام الشرعية وهو أنه في كثير من الأحكام مما يمكن تصور فيه تعارض لا يوجد تعارض في المقام, هذا هو العلاج الذي نحن ننتخبه في المقام.
العلاج الآخر أو الاتجاه الآخر يقول لا, يقول يوجد بين هاتين الطائفتين تعارض بنحو العموم والخصوص من وجه, الآن هذا التعارض إما مستحكم وإما غير مستحكم, يعني إما تعارض بدوي يمكن الجمع العرفي فيه وإما تعارض لا يمكن الجمع العرفي فيه, السيد الخوئي وجملة من الأعلام قالوا لا, هذا التعارض يمكن الجمع العرفي فيه, فلهذا حلوها بطريق من الطرق وأشرنا إليها بالأمس.
هناك اتجاه ثالث يقول أساساً هذا تعارض مستحكم بين أدلة الدالة على حرمة الغناء والأدلة الدالة على جواز الغناء او استحباب الغناء, فإذا استحكم التعارض بين الطائفتين لابد أن نذهب إلى المرجحات, المرجحات ما هي؟ إما عرضها على الكتاب وإما مخالف العامة, وهذا ما صرح به أمثال صاحب الحدائق+, (صاحب الحدائق في المجلد الثامن عشر من كتابه ص112) هذه عبارته بعد أن نقل مجموع الروايات, يقول: [ثانياً: أنه من القواعد المقررة عن أصحاب العصمة في مقام اختلاف الأخبار هو العرض على كتاب الله تعالى والأخذ بما وافقه وأنّ ما خالفه يضرب به عرض الحائط والعرض على مذهب العامة والأخذ بخلافه] طبعاً الآن ما ندخل في بحث مبنائي مع صاحب الحدائق وهو أنه تلتزم بحجية ظواهر القرآن أو لا تلتزم بحجية ظواهر القرآن, فإن التزمت بحجية ظواهر القرآن يحق لك أن تعرض >اعرضوه على كلام ربنا< أما إذا لم تلتزم كما صرحت به في الدرر النجفية لك ذاك الوقت لا معنى للعرض على الكتاب, على أي الأحوال, هذا بحثٌ مبنائي, المهم نحن المبنى بالنسبة إلينا صحيح.
يقول: [ولا ريب في أن مقتضى الترجيح بهاتين القاعدتين المتفق عليهما نصاً وفتوىً هو القول بالتحريم مطلقا] بعبارة أخرى: الروايات التي دلت على التحريم هي الموافقة للكتاب, والروايات التي دلت على الجواز مخالفة للكتاب, ثم ننتقل إلى المرجح الثاني, الروايات الدالة على التحريم مخالفة للعامة والروايات الدالة على الجواز موافقة للعامة, إذن بمقتضى القاعدتين موافقة الكتاب ومخالفة العامة الترجيح مع من؟ الترجيح مع النصوص الدالة على التحريم مطلقاً ولو كان قرآناً [وأن ما دل على الجواز يُرمى به لمخالفته لظاهر القرآن] هذا ه والمرجح الأول, [أو موافقته للعامة] هذا هو المرجح الثاني, [هذا فيما كان صريحاً في الجواز [أما فيما لم يكن صريحاً في الجواز فليست عنده القدرة لمعارضته الأدلة الدالة على الحرمة [وهو أقل قليل في أخبارهم لا يبلغ قوة المعارضة لما قدمناه لأخبار التحريم, فإما تمسكهم] إلى آخره.
نفس هذا الكلام بشكل أكثر تفصيلاً أشار إليه في (مفتاح الكرامة, ج4, الذي هو كتاب المتاجر عندي, ص52) مفصلة العبارة هنا يعني في حكم الغناء في كتاب المتاجر, يقول: [وأما حكمه فلا خلاف كما في مجمع البرهان في تحريمه وتحريم الأجرة عليه وتعلمه وتعليمه واستماعه سواء كان ذلك في قرآن أو دعاء أو شعر أو غيرها حتى قام المحدث الكاشاني والفاضل الخراساني فنسجا على منوال الغزالي] طبعاً يكون في علمكم الغزالي ليس هذا, الغزالي له رأيٌ آخر, رأيت أنه الآن إذا جئت برأييه يصير دفاع عن الغزالي نحن لا خلق لنا لهذه الأمور, الغزالي قال الغناء يختلف باختلاف حالات الإنسان, الشاب حرام عليه يسمع, العجوز يجوز له أن يسمع, ذاك حديث آخر, لكنه يسمعون شيء و.. الغزالي عنده مبنى آخر يقول بأنه أساساً الإنسان في أوائل الشباب لابد أنّه ينذر وفي أواخر عمره لابد أن يبشر, باعتبار بشير ونذير, يقول لابد في أوائل شبابه تخوفه وفي أواخر عمره تبشره مباني أخرى قائمة على أساس الآن عرفان تصوف لا ليس مهم عندي, ذاك مبنى آخر مرتبط بشخص واحد, لا مرتبط بالغناء أنه يقسم توجد مقارنات أو لا توجد مقارنات, بحث موكول إلى إحياء الغزالي. على أي الأحوال.
[فنسج على منوال الغزالي وأمثاله من علماء العامة] انظروا هذا الذي مباشرة بمجرد أنه أنت قلت شيء ما ينسجم مع مزاجي ما ينسجم مع مبناي أنا أو غير لا يفرق مباشرة أنت متأثر بالعامة أنت متأثر بالغرب أنت متأثر بالأفكار أنت علماني هذا المنطق هذا لا أقل نحن الطلبة الذي جيلنا يختلف عن الأجيال الأخرى تعالوا نتعامل بمنطق آخر بمنهج آخر مع الآخرين, بمجرد أنه لا تنسجم مع الرأي لا تقول له أنت علماني لا تقول له أنت لبرالي, واضح أسسك العقائدية ضعيفة واضحة, رأي قلته أنا تعالوا هذا الأسلوب وإلا اطمأنوا هذا الأسلوب لم ينجح السابقون ولم ينجح اللاحقون بدليل أنتم وجدتم كل ما تتهمون أولادكم جيلكم الجديد المثقفين بهذا الاتهام بينك وبين الله بسبب هذه الاتهامات أحد منهم رجع إليكم؟ هذا ليس طريق, يقول هذا ليس بصحيح وهذا ليس بصحيح.. على أي الأحوال.
قال: [فنسج على فلان.. على علماء وخصّا الحرام منه بما اشتمل على محرم من خارجٍ] انظروا هؤلاء إصرارهم على هذه وأنا الآن سوف أقف عند هذه القضية سوف لا أقرأ العبارة كم بقي من الوقت؟ (كلام أحد الحضور) طيب.
أخواني الأعزاء هؤلاء إصرار عندهم الجماعة يعني صاحب الحدائق كما قرأنا عبارته فيما سبق وصاحب مفتاح الكرامة وعلى منوالهما افترضوا السيد الخوئي وكذا أنه الفيض وأمثال الفيض هؤلاء لم يقولوا بحرمة الغناء في نفسه وإنما حرموه بالعرض بالمقارنات التي لهم, وقالوا هذا هو مذهب العامة.
الآن تعالوا معنا ولو لدقائق, أما العرض على الكتاب, إخواني الأعزاء نحن كان عندنا آيتين في القرآن الكريم {اجتنبوا قول الزور} {يشتري لهو الحديث} طيب هذه ما هي علاقتها بتحريم الغناء مطلقاً؟ أصلاً خرج منها تحريم الغناء أو لم يخرج منها تحريم الغناء؟ صرح الشيخ الأنصاري الإنصاف أنها دالة أو ليست دالة؟ ليست دالة, لا تقول لي الروايات المفسرة, الروايات المفسرة تصير رواية هذه أنت تقول العرض على الكتاب, الكتاب يحرم الغناء أو لم يحرم الغناء؟ لم يحرم الغناء, يحرم {واجتنبوا قول الزور} وهذا لا علاقة له, يحرم {لهو الحديث} وهذا لا علاقة له, إذن من أين روايات التحريم موافقة للكتاب من أين هذا؟ تعرضوننا الآيات الدالة على الحرمة لنرى أنها من أين أنها الروايات الدالة على الحرمة موافقة للكتاب؟ طيب هذه الآيات الموافقة للكتاب, والآيات الموافقة للكتاب أساساً لا يوجد فيها.
ولذا نحن قلنا لولا الروايات المفسرة جملة من الأعلام قالوا أصلاً لا دلالة في الآيات على حرمة الغناء, لأن الآية تتكلم عن القول عن الحديث والغناء ما هو؟ من مقولة الصوت والكيفية وأي ربط بين أحدهما بالآخر ما هي علاقة أحدهما بالآخر؟ هذا ما يتعلق بالعرض على الكتاب, أما ما يتعلق بموافقة العامة ومخالفة العامة, الآن تعالوا بينكم وبين الله استعراض ولو جزئي لكلمات العامة لتروا أن العامة واقعاً قائلين بأن الغناء في نفسه محلل وإنما يحرم بمقارناته؟ يكفي أن تراجعوا روح المعاني للآلوسي, (روح المعاني للآلوسي, ج12, في ذيل الآية من سورة لقمان الآية 6 التي هي لهو الحديث) في ذيل هذه الآية يقول: [وعن الضحّاك أن لهو الحديث الشرك وقيل السحر وأخرج ابن أبي الشيبة وابن أبي الدنيا وابن جرير والمنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان قال سألت عبد الله بن مسعود عن قول الله تعالى {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: هو والله الغناء] إذن هذه الروايات تنسجم مع الروايات التي عندها التي فسرت لهو الحديث بالغناء, [وبه فسر كثير] كثيرٌ من الفقهاء فسروا لهو الحديث بالغناء والأحسن تفسيره بما يعم كل ذلك والحق معه لأن لهو الحديث ليس مختص بالغناء الغناء أحد مصاديق لهو الحديث بالبيان الذي تقدم بالأمس. [والأحسن تفسيره بما يعم كل ذلك كما ذكرناه وهو الذي يقتضيه ما أخرجه البخاري في الأدب المفرد] هذا الأدب المفرد للبخاري وكثير من الروايات التي لا تجدوها أنتم في صحيح البخاري أين تجدوها؟ في الأدب المفرد.
ولكن مع الأسف الشديد نحن ربعنا فقط أين ذاهبين؟ وذاك أيضاً بمجرد أن يقول له لا توجد في البخاري وصاحبنا أيضاً لا يستطيع أن يجيبه, مع أنه البخاري نفسه إذا البخاري له قيمة فله قيمة في صحيح البخاري وفي الأدب المفرد, وإذا له قيمة فله قيمة في بخاريه وأيضاً في تاريخ الصغير الذي له, وأيضاً له قيمة في تاريخه الكبير اذهبوا وراجعوا, إذا تريدون أن تتعلمون الحجاج فهذا هو أصل الحجاج, هو عندما يقبل البخاري فهو لا يستطيع أن يقول بأنه البخاري جيد في صحيح البخاري وضعيف في غيره من الكتب أبداً لا يقول, وكثير من النصوص أين موجودة؟ موجودة في الأدب المفرد, واللطيف أنه هذا الكتاب الأدب المفرد على طريقة الألباني يكون في علم الإخوة, الألباني حجة لا مناقشة بينهم له, وهذا أيضاً جاء وقد قسم صحيح الأدب المفرد وضعيف الأدب المفرد, فخرج الروايات الصحيحة والروايات الضعيفة, ويا ليت أن هذا نجده في حوزاتنا العلمية أنه كتبنا التفسيرية يعني الأمالي مثلاً, الأمالي الآن كم فيه أحاديث قيمة وعظيمة وفيها تراث كامل في الأمالي, أمالي الشيخ المفيد, أمالي الشيخ الطوسي, أمالي الشيخ الصدوق, لكن هذه رواياتها معتبرة أو غير معتبرة, يا ليت شخص يكتب لنا صحيح الأمالي وضعيف الأمالي, هنا في (صحيح الأدب المفرد, ص212) ينقل الرواية كاملة في هذا المجال, هذه الرواية في باب الغناء واللهو [عن ابن عباس قال: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال الغناء وأشباهه, صحيح الإسناد]. الآن نحن عندنا صحيحات أو ليست بصحيحات؟ تعال واشتغل عليها, مشتغلين عليها بشكل فني منظم, على أي الأحوال الرواية صحيحة عندهم أن الغناء عندهم.
في (الآلوسي) بعد أن ينقل ذلك يقول [وأخرج فلان] إلى أن يقول [وأخرج عن أبي إمامة أن رسول الله قال ما رفع أحد صوته بغناء إلا بعث الله تعالى إليه شيطانين يجلسان على منكبيه يضربان بأعقابهما على صدره حتى يمسك] بعد [وقيل الغناء جاسوس القلب وسارق المروء والعقول يتغلغل في سويداء القلوب ويطلّع على سرائر الأفئدة ويدب إلى بيت التخييل فينشر ما غرز فيها من الهوى والشهوة والسخافة والرعونة] ثم يقول [أن بني أمية] العقال كان يوصون من؟ كانوا يوصون أولادهم [يا بني أمية إياكم والغناء فإنه ينقص الحياء ويزيد في الشهوة ويهدم المروة وإنه لينوب عن الخمر ويفعل ما يفعل السكر فإن كنتم لابد فاعلين فجنبوه النساء] ذاك المجلس لا يكون فيه نساء [فإن الغناء داعية الزنا ومنفذة للمال مسخطة للرب مفسدة للقلب] عند ذلك شخص ينسب لهم يقول العامة قائلون بجواز, ما أدري كيف تصير هذه, طيب هذه كلمات من؟ هذه كلمات العامة, نعم الآن قد يختلفون في بعض الخصوصيات نحن الآن نتكلم في القضية المهمة أنتم تقولون أن العامة قائلون بجواز الغناء في نفسه والحرمة إنما جاءت من أين؟ بل أكثر من ذلك يقول [وفي التاتاراخانية اعلم أن التغني حرامٌ في جميع الأديان] أصلاً هذه ليست مختصة بالإسلام هذه من المشتركات بين جميع الأديان أصل الغناء حرام.
وذكر الإمام أبو بكر الطرطوسي في كتابه فلان, أن الإمام أبا حنيفة كان يقول كذا. وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه, طبعاً شيخ الإسلام الأموي على ما نصطلح عليه, وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب البُلغة أن أكثر أصحابهم على التحريم, تحريم ماذا؟ تحريم الغناء, ثم يشير إلى رأي أحمد ابن حنبل يقول اختلفوا بعضهم قائل بالكراهة وهو يقول لا مراده من الكراهة ليست الكراهة الاصطلاحية وإنما الكراهة الحرمتية, إذن مع كل هذا الكلام وفي كلامهم أبداً لا من قريب ولا من بعيد, الآن قد يكون في كلام الغزالي هذا المعنى موجود ولكن في كلمات الفقهاء لا يوجد بحث أن أصل الغناء محلل في نفسه وإنما حرم لأجل المقارنات.
إذن لا من خلال العرض على الكتاب ينفع هذا الاتجاه ولا من خلال مقايسته مع كلمات العامة ينفع هذا الاتجاه.
هذا تمام الكلام في هذه المسألة, إن شاء الله غداً بحث آخر.
والحمد لله رب العالمين.