بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
تتمة لبحث الأمس قلنا: أن السيد الشهيد+ وإن كان في جملة من أبحاثه ملتفت إلى دور الظروف الاجتماعية والشروط التي تحيط بالنص وأن النص لابد أن يقرئ ضمن تلك الظروف والشروط ولا يمكن تجريد النص من ظروفه وشروطه, طبعاً هذه الأبحاث بشكل واضح وصريح الإخوة يمكن أن يراجعوها في (كتاب اقتصادنا من ص404 إلى ص430 تقريباً) هذه الثلاثين صفحة ضروري الإخوة يطالعوها للوقوف على بعض القواعد التي أشار إليها السيد الشهيد+ فيما يتعلق بدور الظروف المحيطة بالنص وكيف تؤثر في فهم النص, وكذلك دور الظروف الاجتماعية والثقافية والفكرية التي تحيط بالمتلقي للنص, هذا الذي عبرنا عنه بكيفية فهم النص, يعني أنه الظروف الاجتماعية والحياة الثقافية ومجموعة الشروط المجموعة لا تؤثر فقط على عصر الصدور وإنما تؤثر أيضاً على عصر الوصول أيضاً, قد نتصور من خلال ارتكازات راسخة في الذهنية العقلائية أن هذا الذي نشعر به كسيرة عقلائية أن هذا ممتد في عمق التأريخ, ولذا نثبته من خلال أصالة عدم النقل مع أنه هذه السيرة مستحدثة هذه الارتكازات حادثة جديدة, إذن ينبغي الالتفات إلى أنه لا ينبغي لا أن نجرد النص من الظروف المحيطة به, ولا أن نجرد المتلقي عن الظروف المحيطة به, يعني المتلقي أيضاًَ له دور في فهم هذا النص, النصوص التي وردت في الشريعة ليست معلقة في الهواء, النصوص التي وردت في الشريعة وردت لكي نفهما أنا وأنت ضمن قواعد وأسس وضوابط معينة, وما لم نحدد هذه الضوابط في الواقع أنه نعيش فوضى في فهم النصوص الشرعية, ولعلكم الآن تجدون أن هذه النظريات الحديثة التي كثيراً ما يسأل الإخوة عنها أنها صحيحة أو غير صحيحة وهي المعبر عنها بتعدد القراءات في الواقع بأنه مبدأ تعدد القراءات مما لا إشكال فيه, وإنما الإشكال كل الإشكال في المنهجية التي ينبغي على الذين يريد أن يقرأ نصاً يريد أن يفهم نصاً كيف يتعامل مع ذلك النص, وما لم يتحدد الرؤية السابقة للمتلقي لنص معين لا يمكنه ولا يحق له أن يدخل لقراءة وأن يقدم قراءة عن النص.
ولعله هذه القضية للمرة العشرين أو أكثر نحن في هذه الأبحاث قلنا أنكم عندما تريدوا أن تدخلوا لفهم قراءة أو لفهم نظرية أو لتقييم اتجاه إخواني الأعزاء لا تذهبوا إلى النتائج التي قيلت فتناقشوا هذه المقولة أو هذه المقولة أو هذا الرأي أو ذاك الرأي, هذه لا ينتهي إلى نتيجة.
اليوم أنت ترد واحداً غداً ذاك المنهج إذا كان خاطئاً يولد عشرة أفكار خاطئة أخرى, وهذا هو هذا الذي تجدوه الآن في الساحة الثقافية والفكرية خصوصاً في المجتمعات المفتوحة, في المجتمعات المفتوحة بطبيعة الحال لا يكون هناك رقيب ولا يوجد هناك ضابط وخصوصاً في الأكاديميات في الجامعات, الآن في الحوزات العلمية لعدة اعتبارات هناك بعض المحدوديات التي تحدد الطالب لعدة اعتبارات الآن لا أريد أن أشير إليها أشرت إليها في كتاب الثابت والمتغير في المعرفة الدينية, أما في الجامعات هذه المحدوديات موجودة أو غير موجودة؟ غير موجودة. إذن إذا أردت أن تدخل لتفهم هذه المقولة أو تلك, هذه النظرية أو تلك, هذه القراءة أو تلك, إخواني الأعزاء أول ما تدخلون على الخط ابحثوا عن منهج القائل, ما هو المنهج؟ هل هو منهج مستدل ممكن الاعتماد عليه أو لا يمكن الاعتماد عليه؟
أضرب لكم مثال: أنتم الآن تجدون بحمد الله تعالى ما أدري مما يؤسف له هذا من حسن حظ الشيعة من سوء حظ الشيعة, أنه جملة من فضائياتنا الشيعية أساساً قوامها قائم على الرؤية يعني أن الخطيب أن المتكلم أن العالم يصعد ينزل إذا تلخص كل خطابه تجد سبعة عشر رؤية وثلاثة عشر هكذا نقول وهكذا قالوا وانتهى. طيب أنت هذه الرؤية ناقشها ثم ماذا؟ هو بالأمس رأى عشرة رؤيا ينقلها لك, والحمد لله عشرات الكتب مكتوبة في الرؤى, إذا ما هو الطريق؟ الطريق أن تذهب وتوعي الناس توصل الناس هذه القاعدة أن الرؤيا لها قيمة أو ليست لها قيمة. إذا استطعت أن توجد هذه الثقافة في الأمور, هو الناس بمجرد أن يسمعوا شخص يتكلم بالرؤى يجلسون تحت منبره أو ما يجلسون؟ ما يجلسون, ولا يعتنون بمنبره, انتهت القضية.
إذن ارجعوا أولاً وأخيراً إلى المنهج, ارجعوا إلى المنهج. ولذا أنتم تجدون أن الأكابر أن الأعلام من علمائنا في النتيجة عندما يريد أن يدخل في أي مساحة لفهم الدين أولاً يحدد المنهج الذي يريد أن يتبعه, الآن أنتم ترون أن علماء الفقه علمائنا فقهائنا (رضوان الله تعالى عليهم) أولاً: أسسوا مراراً قلت, أسسوا علم الأصول, علم الأصول ما هو إخواني؟ بغض النظر أننا نوافق عليه أو نختلف معه, علم الأصول: هو منهج عملية استنباط الحكم الشرعي, الآن عندك كلام أنت, لا تأتي وتناقش في الفقه, تعال أين؟ تعال في علم الأصول قل هذه القاعدة نوافق وهذه القاعدة لا نوافق, أما في الفقه طيب رد في هذه المسألة هذا المنهج هذه القاعدة توجد لك عشرات المسائل الأخرى بنفس الطريقة, ما تحل المشكلة.
ولذا أولئك الذين وهذه قاعدة لا يتبادر أنا لست ما أريد أن أدور مدار الألفاظ, أولئك الذين تجدهم في حوزاتنا العلمية لا يعتنون بعلم الأصول اعرفوا بأنهم ليسوا علماء حقيقيين, لماذا؟ باعتبار أن الفقه إلا, ألا أن يتلاعب ماذا يفعل؟ أن الذي يريده بالأصول هو يتأمل من هذا الإسلام هذه القواعد أين يقولها في الفقه ما عندنا مشكلة.
صاحب الحدائق& ما كتب كتاب في علم الأصول, ولكنه في مقدمة الحدائق ماذا كتب؟ فوائد, انتهت القضية, الآن انظر إلى الفوائد ترى أنها هي المسائل الأصولية لكن هو الآن عنده مشكلة مع اللفظ لا مشكلة هذا لا يهم كثيراً, ما يريد أن يسميه علم الأصول, باعتبار أنه هذا مستورد ما أدري من أين؟ المهم ليس هذا.
السيد الشهيد& عندما أراد أن يوجد هذه المنظومة الفكرية التي يتحرك عليها, أنظروا إلى المنظومة الفكرية التي يتحرك فيها السيد الشهيد الصدر& تجدون أن هذه المنظومة الفكرية قائمة بعد أن اخترع وبعد أن أوجد وبعد أن انتهى إلى نظرية الأسس المنطقية في الاستقراء تجد كل منظومته الفكرية قائمة على ماذا؟ على نظرية الاحتمال, إذا أنت عندك كلام مع السيد الصدر أين لابد تذهب؟ لا تذهب إلى أنه ماذا قال في الفقه ماذا قال في الأصول ماذا قال في الرجال ماذا قال في الفلسفة ماذا قال في المنطق ماذا قال في الكلام ماذا قال في التأريخ ماذا قال في الاجتماع ماذا قال في التفسير الموضوعي, أنت أين ما تذهب تجد بطانة كل هذه الأبحاث قائمة على ماذا؟ على نظرية الأسس, فإذا جنابك أنت لا تعرف نظرية الأسس, أصلاً ما تدري هذا المبنى ما هي مقوماته ما هي أسسه ما هي قواعده, تفهم المنظومة الفكرية لسيد محمد باقر الصدر أو لا تفهمها؟ لا تستطيع أن تفهمها.
السيد الطباطبائي+, ملا صدرا, محي الدين ابن عربي, ابن سينا, هؤلاء الأكابر كونوا على ثقة أي واحد إذا أراد أن يقرأ لا يتعب نفسه في النتائج, وفي التفصيلات وفي الاستنتاجات إذا أراد أن يلخص العلم فليذهب إلى منهج ذلك العالم إلى منهج ذلك الفقيه فليقف على مبانيه فإذا وقف على مبانيه وقف على كل تراثه الذي يقوله.
ملا صدرا عنده أربع خمس قواعد هو معتقد بها هي منهجية عملية الاستنباط الفلسفي كل الفلسفة قائمة على هذه, أصالة الوجود, التشكيك في الوجود, اتحاد العاقل والمعقول, هذه وحقك لا تتجاوز سبعة إلى عشر قواعد, أنت افهم هذه المعنى الحرفي افهمها جيداً أين ما تذهب تجد آثاره واضحة تقول هذه نظرية ملا صدرا, أما إذا ما تفهم, تقول لماذا هنا هكذا يقول ولماذا هنا هكذا يقول؟ أنت إذا أردت أن تفهم النجف الحديثة بتعبير سيدنا الأستاذ& سيد محمد تقي الحكيم أردت أن تفهم النجف هو كثيراً كان يعجبه أن يعبر عن مدرسة النائيني وما بعد يعبر عنها بالنجف الحديثة, إذا أردت أن تفهم النجف الحديثة لابد أن ترجع إلى النائيني تنظر النائيني ماذا فعل؟ ثم بعد ذلك هذا أي مدرسة, ولذا السيد الصدر& كان يقول: قالوا في مدرسة النائيني, ولم يقل قال النائيني, سألناه يوماً يعني ماذا مدرسة النائيني, قال لأنه النائيني بنى أطروحة ونظرية وجملة من نتائج النظرية هو لم يشر إليها ولكن تلامذته على نفس النهج مشوا وانتهوا إلى نتائج وإن لم يقلها ولذا أنا أنسبها للنائيني لماذا؟ باعتبار أن النائيني هو الباني لهذه المدرسة هو الباني لهذا الأصول, أنت إذا أردت أن تفهم واقعاً الآن السيد الخوئي وتلامذة السيد الخوئي و… إذا ما تقرأ دورة في النائيني خصوصاً تقريرات السيد الخوئي+ واقعاً لا تستطيع أن تفهم أنه أساساً هؤلاء جاؤوا بجديد أو لم يأتوا بجديد, عندهم مطالب كثيرة ما عندهم مطالب كثيرة؟
أنا نقلتها لبعض الإخوة لعله في المجالس الخاصة, في يوم كنا في خدمة ميرزا جواد+, صار بحث أخذ عطاء وأنا سألته أسأله كثيرة في طريقة تحضيره للأبحاث أنا عندما أجلس مع الأعلام واقعاً أسأله كيف تحضر, طريقة بحثك كيف كيف تدرس كيف تطالع أي الكتب تطالعها عندما تعطي البحث, سألته عندما تريد أن تذهب إلى درس الفقه حتى يحصل لك الاطمئنان أنك فحصت, لأنه تعلمون بأنه قبل الفحص يستطيع الإنسان أن يفتي أو لا يستطيع؟ فعندما تفتي لكي يحصل لك الاطمئنان أنك فحصت ماذا تراجع في الفقه؟ يقول: أنا ما احتمل يوجد شيء آخر وراءهن, قال مستمسك وتنقيح, قلت انتهى قال بلي أنت طالع كافي, طبعاً الذي يفهمه الميرزا+ من المستمسك والتنقيح كل شخص لا يستطيع أن يفهمها ذاك يفهم أشياء أنت تقول عجيب هذه موجودة, يقول بلي, سألته سؤال آخر قلت له بأنه أنت كم تتوقع بأنه أضافوا على الميرزا تلامذة الميرزا مباني كثيرة خصوصاً في علم الأصول, قال: أنت تصورك كم؟ قلت له بأنه -طبعاً بالفارسي- قلت بأنه اعتقد خمسة بالمائة, ابتسم قال: (خيلي زياد كفتي) كثيراً قلت, قلت له كم توقعك شيخنا؟ قال: اثنين بالمائة, هذا عَلم ميرزا جواد بيني وبين الله من الذين يطمأن إليهم فقهاً وأصولاً هذا الذي مشهور بأنه في الفقه قوي لا لا, إن لم يكن في الأصول أقوى فليس أضعف في الفقه, يكون في علمكم, وهو أقوى من كثير من هؤلاء المعروفون في الحوزات أنه أصوليين. لأنه أنا حضرت عنده ميرزا جواد+ وأيضاً سمعت له, يعني لا فقط حضرت عنده ثلاثة أربع سنوات فقهاً وأصولاً, أيضاً التي لم أحضرها عنده ماذا؟ كاسيتات موجودة, لأنه أنا كثير السماع, كثير السماع, لا أبالغ إذا قلت أني لعلي من الأستاذة الكبار وليس كل واحد أسمعه, أني قد سمعت فوق الخمسة عشر ألف درس, لا يوجد شيء الذي واقعاً احتمل أنه فيه مطلب ما أذهب إلى سماعه أبداً.
ولذا أتصور هذه الثروة الضخمة الموجودة ميرزا جواد, ثروة علمية يكون في علمكم فقهاً وأصولاً وبحمد الله تعالى دورته الفقهية أيضاً تصل إلى سبعين مجلد يعني ثروة فقهية كبيرة على أي الأحوال.
أخواني الأعزاء الآن أنا ما أدري أين كنا وإلى أين وصلنا, المهم, المنهج هو الأساس في عملية قراءة أي نصٍ سواءٌ كان ذلك النص, طبعاً النص الديني المقصود واضح- سواءٌ كان ذلك النص مرتبطاً بالأمور العقائدية, مرتبطاً بالأمور الفقهية والعملية, مرتبطاً بالأمور التاريخية, الآن أنتم التأريخ أمامكم هذه الفوضى الموجودة عندنا لا أقل في قضية الإمام الحسين (عليه أفضل الصلاة والسلام) أنه كثير من الأحداث التي تنقل على الفضائيات على المنابر هذه ما هو المنهج لتصحيحها صحيحة غير صحيحة, ما وقع في صدر الإسلام من أحداث ما هو الطريق نحتاج إلى منهجٍ تأريخي يصحح أو يضعف.
إذن إخواني الأعزاء السيد الشهيد&, مع أنه كان ملتفتاً بشكل واضح وصريح إلى تأثير الظروف والشروط الاجتماعية والأفكار الثقافية في النص وفهم النص ومتلقي النص عصر الصدور عصر الوصول كان منهجه من الناحية الأصولية في علم الأصول أنه الظهور الموضوعي واحدٌ وأنه موجود أين؟ موجود في عصر الصدور النص ولا يوجد في محل آخر, ولذا اعتمد الإجماع وأشرنا بالأمس للأخوة قلنا بأنه ماذا يقول السيد الشهيد في (ج4, ص312) هذه عبارته وقرأنا بعضها وكانت النتيجة هذه, قال: [كما أنه لا يحتمل في حقهم أن يكونوا قد غفلوا عن مقتضى القاعدة الأولية المخالفة لتلك الفتوى لأنهم هو نقلته إلينا بحسب الفرض خصوصاً إذا كانت تلك القاعدة] إلى أن يصل [وهو] طيب قد يقول قائل كما ذكرنا أنّه المحقق الأصفهاني ماذا قال؟ قال: لعلهم استندوا إلى رواية هذه الرواية لو وصلت إلينا لم نقبلها سنداً أو دلالةً أو لا سنداً ولا دلالة, السيد الشهيد ماذا يقول؟ يقول: [وهو أنهم قد تلقوا الحكم المذكور بنحو الارتكاز العام الذي لمسوه عند الجيل الأسبق منهم وهو جيل أصحاب الأئمة] إذن هي رواية حتى تنقل حتى يشكك في سندها ودلالتها أو ارتكاز؟ سؤال: هذه الارتكازات على أي أساس تنشأ؟ الإخوة الذين كانوا معنا في تسلسل الأبحاث هذه الارتكازات قد تنشأ من فهم المتلقي بحسب الظروف المحيطة به ومن قال أن ذلك الفهم الذي على أساسه تلقوا هذه النصوص وهذا الفهم هو حجةٌ علينا, وهذه هي مناقشتنا لهذا, نحن لا نقول أنه خبر حتى يقال أنه يناقش فيه سند أو دلالة ثم لماذا لم ينقلوه إلينا, إذا كانت رواية طيب لماذا لم تنقل هذه الرواية, وهم نقلوا الروايات الضعيفة فلماذا لم ينقلوا حتى الرواية التي استندوا إليها في مقام الاستنباط؟ الجواب: لم تكن رواية واقعاً لم تكن رواية وإنما كانت بتعبير السيد الشهيد كانت ارتكازاً وأنا أعبر عنها كانت فهماً سائداً عند أصحاب الأئمة وهؤلاء كانوا قريبي العهد بأصحاب الأئمة فاستندوا إلى هذا الارتكاز إلى هذا الفهم.
من هنا أنا قلت مراراً أن الشروط الموضوعية لعله نحن نفهم من هذا النص أو من هذه النصوص شيئاً آخر, إذن ليس بحجة علينا, إذن الإجماع لا يمكن أن نستند إليه, هذا واحد.
من الموارد الأخرى التي أيضاً السيد الشهيد مشى على حسب مسلك المشهور وهو: ما أشار إليه في (ج4, ص426) وهو [أن خبر الثقة إذا زوحم بإمارة أخرى بوثاقة الراوي في الإمارية فهل يكون مشمولاً لدليل الحجية أيضاً؟ الصحيح عدم شمول دليل الحجية له, يعني نحن استندنا إلى خبر الثقة استناداً إلى السيرة العقلائية, السيرة العقلائية هي دليلنا لحجية الثقة خبر الثقة, فلو وجدت هناك إمارة أو أمارة أقوى من السيرة العقلائية وتزاحمت مع السيرة العقلائية فهل يبقي حجيتها لخبر الثقة أو لا يبقى؟ طيب هذه السيرة الأقوى أو الأمارة الأقوى ما هي؟ يقول إعراض المشهور عنها. فإن إعراض المشهور يكون أمارة أقوى من دليل حجية خبر الثقة يقول [الصحيح عدم شمول دليل الحجية والسبب فيه أنّ الوثاقة هي ملاك الحجية تكون بحسب الارتكاز العقلائي وظهور الدليل والسنة اللفظية المحمولة على الارتكازات العقلائية ملحوظة فإذا ابتليت بمزاحمٍ أقوى أوجب وهن احتمال صحة النقل فلا تشمله السيرة العقلائية فلا يكون حجة] ومن هنا فصّل السيد الشهيد بين أن الإعراض موهن ولكن العمل ليس بجابر, كما أشرنا مراراً توجد نظريات ثلاثة:
النظرية الأولى تقول: أن الإعراض موهن وأن العمل جابر.
النظرية الثانية تقول: لا الإعراض موهن ولا العمل جابر.
النظرية الثالثة وهي نظرية السيد الشهيد وهي التفصيل بين الإعراض وبين العمل.
هذا أيضاً مبني على ذلك الأصل أي أصل؟ أصل أن الظهور الموضوعي الحجة هو ماذا؟ أن الظهور الموضوعي واحد لا يتعدد هذا أولاً.
وثانياً: أن هذا الظهور الموضوعي الواحد هو أين موجود؟ في عصر الصدور لا في عصر الوصول, وشواهد أخرى موجودة في كلمات الأعلام لا نطيل الكلام فيها.
هذا تمام الكلام في الدائرة الأولى المساحة الأولى وهي: تأثير الزمان والمكان أو الظروف الاجتماعية والفكرية والثقافية في فهم النص الديني.
الدائرة الثانية: بحثنا من الآن بحث جديد دائرة جديدة, طبعاً لا نخرج عن تأثير الزمان والمكان.
الدائرة الثانية: وهي تأثير الزمان والمكان والمستجدات الحياتية والتقدم العلمي على ملاكات الأحكام الشرعية لا على نفس الحكم الشرعي ولا على متعلقه ولا على موضوعه ولا على الحكم وإنما على ملاك الحكم يعني لماذا قال الشارع أن هذا واجب وهذا حرام, نتكلم في المناطات والملاكات التي أوجبت هذا الحكم أو ذاك الحكم.
في هذا المجال سنذكر لكم بعض النماذج من هذا البحث:
النموذج الأول أو المثال الأول: ما يتعلق بمسألة التكسب بالدم, هل يجوز التكسب بالدم أو لا يجوز التكسب بالدم, الآن العنوان عام وإن كان بعد ذلك سيتضح أنه الكلام في الدم النجس لا مطلق الدم, الآن بحثه سيأتي ولكن هذا هو العنوان الذي ذكره الأعلام في كتاب المكاسب المحرمة, لم يقيد أحد جواز التكسب بالدم النجس أو بالدم المحرم وإنما العنوان عنوان عام وهو جواز التكسب بالدم هل يجوز أو لا يجوز؟ تقريباً إن لم نقل أنّ هناك إجماع لا أقل هناك شهرة عظيمة على عدم جواز التكسب بالدم. الآن الذي يريد أن يعتمد على هذه الإجماعات وهذه الشهرات طيب الآن لا يطيل يراجع كلمات الفقهاء ويجدهم طبعاً من المدرستين من مدرسة أهل البيت ومن مدرسة الصحابة, ومن المدرسة الآخر تقريباً المشهور بينهم عدم جواز التكسب بالدم, وأن التكسب بالدم معاملة مشروعة أو معاملة باطلة؟ معاملة باطلة لا يترتب عليها أثر لا في نقل الثمن لا في نقل المثمن.
لكي تتضح أبحاث هذه القضية أولاً: لابد أن نعرف أن بحث الدم إنما يكون في أبواب ثلاثة في الفقه وإذا لم نلتفت إلى هذه النكات, طبعاً هذه إنما أسس لها كقواعد لا أنها مرتبطة بهذا البحث.
الباب الأول: وهو ما يتعلق بطهارة الدم ونجاسته. هل أن الدم طاهر أو أن الدم نجس, هذا بحث واقعاً يستحيل أن نقف عنده طويلاً أنه كلما سمي دم فهو نجس أو الدم المخصوص نجس أو دم الإنسان نجس, ثم إذا فرضنا أن دم الإنسان أو دم ما لا يؤكل لحمه نجس هذا الدم خارج بدن الإنسان نجس داخل بدن الإنسان نجس, ثم تتفرع الفروع وهو أنه إذا كان الدم في فضاء الفم ولم يخرج إلى الخارج هل يعد هذا من الداخل أو يعد من الخارج وعشرات المسائل يوجد عندنا عنوان عام كلي يقول كل ما كان دماً فهو نجسٌ؟ لأنه الآن لعله بعض التقارير تقول أنه عندنا دماء اصطناعية لا دماء طبيعية, هذه الدماء الاصطناعية لو كانت فيها كل خصوصيات الدم أيضاً ينطبق عليها أحكام الدم لا ينطبق عليها أحكام الدم؟ هذا بحث واسع أين لابد أن يبحث؟ يبحث في كتاب الطهارة والنجاسة. هذا الباب الأول.
الباب الثاني: الذي يبحث فيه عن الدم, ويا ليت في يوم ما تصل حوزاتنا العلمية ويبحثون الأحكام الشرعية بعنوان الفقه الموضوعي لا الفقه التجزيئي أو الفقه الأبوابي, يعني نحن كم عندنا أبواب للدم؟ كلها أنت تجدها في ثلاث مجلدات مبحوثة هنا, كل ما يتعلق بالدم, هذه كم مفيدة, طبعاً توجد بعض المحاولات من هذا القبيل ولكنها بعدها ابتدائية, ولكن هذا العنوان لو نحن الآن عندنا موسوعة تبحث كل أحكام الدم أنت ببساطة تراجعها, مع أنه أنت الآن تريد أن تراجعها لابد مرة تراجع كتاب الطهارة والنجاسة.
الباب الثاني: باب جواز أكل وشرب الدم, الذي هو أيضاً باب واسع الذي مرتبط بباب الأطعمة والأشربة, وأنتم تعلمون أن القواعد التي تحكم باب الطهارة والنجاسة غير القواعد التي تحكم باب الحلية والحرمة, باب الأطعمة والأشربة, وإذا ما نلتفت إلى الأبواب تتداخل الأحكام يعني هذا مرتبط بالطهار والنجاسة وهذا مرتبط بالحلية والحرمة باب الأطعمة والأشربة هذا له قواعده وهذا له قواعده الخاصة, هذا الباب الثاني الذي يبحث عنه عن الدم.
الباب الثالث: باب المكاسب المحرمة وهو محل بحثنا الذي نريد أن نبحثه وهو أنه هل يجوز التكسب بغض النظر عن أنه طاهر أو نجس, بغض النظر عن أنه يجوز أكله وشربه أو لا يجوز؟ نحن الآن نقطع النظر وإن كان بعد ذلك لابد أن نعرف أنه توجد ملازمة بين هذه الأحكام أو لا توجد ملازمة بين هذه الأحكام, يعني إذا صار الشيء نجس العين هل يجوز بيعه وشرائه أو لا يجوز بيعه وشرائه؟ هل توجد ملازمة بين النجاسة العينية وبين عدم جواز البيع أو لا ملازمة بينهما؟ توجد ملازمة بين عدم جواز الأكل وعدم جواز التكسب والبيع أو لا ملازمة بينهما؟ هذه أبحاث متفرعة أولاً الآن لابد أن نفصل هذه الأبحاث بعضها عن بعض.
إذن الدم له هذه الأبواب الثلاثة بشكل كلي يبحث عنه وهو باب الطهارة والنجاسة, باب الأطعمة والأشربة, باب المكاسب المحرمة. هذه نقطة.
النقطة الثانية: وهو أنه هل يجوز التكسب -نحن الآن بحثنا ليس في باب الطهارة والنجاسة ولا في باب الأطعمة والأشربة وإنما بحثنا في جواز التكسب وعدم جواز التكسب- هل توجد هناك أدلة على ذلك أو لا توجد؟
من الناحية المنهجية في الواقع أنا اعتقد بأنه أساساً إذا يسمح لي الإخوة أن أستعير بمثالٍ وهذا المثال فيه بعد فقهي وأيضاً فيه بعد في علم الطبيعيات وفيه بعد فلسفي, قرأتم في التجريد عندما تدخلون إلى الأبحاث الفلسفية قبل أن يدخل إلى البحث العقائدي يقول بحث في الأمور العامة, يعني ماذا بحث في العلوم العامة؟ يعني بحث في مجموعة القواعد التي نحتاج إليها أين؟ في التوحيد وأيضاً في النبوة وأيضاً في الإمامة وأيضاً في المعاد وأيضاً في العدل وأيضاً في كل المباحث العقائدية, هذا معنى الأمور العامة, ما معنى الأمور العامة؟ الأمور العامة هي تلك القواعد التي يحتاج إليها ليس في بابٍ عقائدي معين وإنما في كلها هذه الأبواب.
الآن لماذا يعزلوها في محل خاص, يعزلوها باعتبار أن هذه الأمور العامة أين يبحثوها؟ يبحثوها في التوحيد, طيب لماذا لا يبحثوها في الإمامة؟ القضية ليست مختصة بكتاب التوحيد ولا بكتاب العدل وليست مختصة بالإمامة وليست مختصة بالنبوة, إذن لا معنى.
ولذا تجدون السيد الشهيد& أولاً: في أول الفتاوى الواضحة ماذا فعل؟ قال شروط التكليف العامة, يعني ماذا؟ يعني نحن لا معنى نأتي أولاً باب الصلاة يشترط أن يكون بالغاً عاقلاً و… وعندما يأتي باب الصوم أيضاً يشترط أن يكون عاقلاً بالغاً, وعندما تأتي إلى باب الحج تجد أيضاً كذلك, ولهذا تجد فقهائنا عموماً هذه ماذا يفعلون؟ يكرروها الشروط العامة, مع أن هذه من الأمور العامة التي لابد أن تعزل.
إخواني الأعزاء في كل باب فقهي, التفتوا هذه منهجية مهمة في عملية الاستدلال, في كل باب فقهي التفتوا, لا مجموعة الأبواب, السيد الشهيد& جاء بالشروط العامة في كل الأبواب الفقهية لا لا, أنا أدعوا إلى شيء آخر, في كل باب فقهي هناك مجموعة من القواعد مرتبطة بهذا الباب فقط, يعني هي الأمور العامة لأي شيء؟ بخصوص ذلك الباب لا في كل الأبواب الفقهية يعني فقط مرتبطة بباب الزكاة, فقط مرتبطة ماذا؟ لا أول بسم الله الرحمن الرحيم الزكاة معناه لغةً واصطلاحاً, هذا ليس منهجي, المنهجي ما هو؟ أنه ما هي الأمور العامة المرتبطة بباب الزكاة, عندما تنتهي منها تدخل إلى التفصيلات وإلى المسائل. في باب المكاسب أيضاً نحن نحتاج إلى قواعد وأمور عامة يعني ماذا؟ يعني ما هي القواعد العامة التي في كل أبواب في كل مسائل المكاسب المحرمة أنت تحتاج إليها؟ طيب هذا مكانه فارق في حوزاتنا العلمية, القواعد العامة في المكاسب, القواعد العامة الأمور العامة للمكاسب.
إن شاء الله إذا توفقتم في يوم كتبتم مكاسب التفتوا إلى هذه القواعد العامة التي نحتاج إليها.
والقرآن الكريم من باب الفتوى أقولها لكم, القرآن الكريم الآيات التي تعرض فيها لباب التجارة والمكاسب كلها قواعد عامة, ولكن لم نلتفت, حديث تحف العقول في باب المكاسب يُعد ماذا؟ من القواعد العامة يعني من الأمور العامة في عملية المكاسب, ولذا تجدون أنتم في كل أبواب المكاسب مقطع منه وضعه في هذا الباب, مقطع منه وضعه في هذا الباب, ومقطع آخر في هذا الموضع لماذا؟ لأنه معطي مجموعة قواعد عامة في هذا المجال.
الآن أذكر لك مثال أو مثالين وإن كان خارج بحثنا وبعد ذلك تأتي الإشارة إليه.
أولاً: إذا حرم شيء يحرم ثمنه أو لا يحرم ثمنه؟ هذه أين أضعها أنا في الدم أو في المني أو في الكلاب؟ الجواب: أبداً لا في الدم ولا في المني ولا في الخنزير ولا في أي باب آخر وإنما هي من الأمور العامة, أثبت قاعدة >إذا حرم شيء حرم ثمنه< عند ذلك أأتي إلى باب الدم ومسائل الدم أرى بان الدم هل هو حرام أو ليس بحرام؟ فإذا ثبت أنه حرام يحرم ثمنه انتهت القضية, سواء عندي أدلة خاصة على أنه لا يجوز التعامل بيع وشراء الدم التكسب أو ما عندي أدلة خاصة, لأن الأدلة العامة كافية, إذا نجس شيء صار نجساً عيناً كالبول كالدم كالمني يجوز التكسب به أو لا يجوز التكسب؟ فقط في باب النجاسات أنا فقط أثبت هذا نجس هذا نجس إذن يتضح في باب المكاسب يجوز التعامل عليه أو لا يجوز التعامل عليه؟ لا يجوز التعامل عليه انتهت.
قاعدة أخرى: >إذا لم يكن للشيء منفعة محللة عقلائية معتد بها< لم يكن لا نجساً ولا حراماً لكن لا توجد فيه أي منفعة, هل يجوز التعامل عليه أو لا يجوز التعامل عليه؟ المعاملة تصير سفهية أو غير سفهية؟ هذه أين لابد أن نبحثها؟ في الأمور العامة, فإذا ثبت أنّه هكذا يعني إذا لم تكن له منفعة عقلائية, فذاك الوقت العلوم الحديثة والتطور إذا قال فيه منفعة المعاملة ماذا؟ إذا قال لا توجد فيه منفعة المعاملة ماذا؟ انتهت القضية, فلا يحتاج إلى أن أبقى في المكاسب المحرمة اثنا وعشرين سنة, فقط بحث المكاسب سوف يكون في بيان الصغريات في بيان المصاديق. ما أدري واضح هذه.
ولكن مع الأسف الشديد في حوزاتنا العلمية بسم الله الرحمن الرحيم يدخل أين؟ في المكاسب المحرمة يبقى سبع سنوات ست سنوات أربع سنوات يقرأ مكاسب ولكن لا يلتفت إلى قاعدة عامة من قواعد المكاسب التي له, ولهذا ترى المسافة ماذا تصير؟ تكبر يوم على يوم, يعني إذا كان قبل.
لأنه توجد قضية الآن أنا ما أدري القضايا المنهجية كيف تأتي إلى ذهني وأنا أيضاً لا استطيع أن أتجاوزها, مولانا في زمن السيد الخوئي&, السيد الخوئي درس سبع دورات علم الأصول, وأقصى دورته لم تتجاوز كم؟ ست سنوات, وبعضها أقل, ست سنوات, ولمن ربا في هذه الدورة؟ أنا أضرب السيد الخوئي مثال ولم أضرب مثال الشيخ الطوسي, لأن الشيخ الطوسي علم الأصول لم يكن بهذا التطور, أنا أضرب مثال علم الأصول عندما وصل بتعبير السيد الحكيم وصل إلى أوجه مدرسة النجف الحديثة إلى أوجه وصل ولكن الدورة الأصولية كم كانت؟ ست سنوات, وربت أعلام مثل محمد باقر الصدر هذه الطبقة ربوا, هؤلاء تربوا في دورات أصولية كم عمرها؟ والآن دورات الأصولية التي عندنا كم صارت؟ ثمانية عشر سنة, خمسة عشر سنة, خمسة وثلاثين سنة, ما أدري والله.. الإشكالية أين؟ هؤلاء ما يعرفون أن يتكلموا أولئك يعرفون, أولئك قصقصوا من العلم وهؤلاء زودوا من العلم؟ لا, أولئك كانوا يعرفون أنه ماذا يعطون للطالب وإنسان إذا ما يعرف أن ماذا يعطي للطالب يبقى والله ثلاثمائة وخمسين سنة يراوح الطالب في مكانه, إذن أرجع إلى البحث.
فقط أعنون البحث.
الآن نحن أخواننا الأعزاء سوف لا نستعمل هذه المنهجية لماذا؟ لأنه نحن ليس بحثنا في المكاسب وإلا أنا كان بودي أن ندخل أين؟ في الأمور العامة أولاً, لأنه هي التي تنفع, ولكن باعتبار أنه ليس بحثنا في المكاسب, وإذا إن شاء الله وفقنا أن نشير إلى بعض قواعدها لاحظت كيف سوف ندخل مباشرة على خط ماذا؟ الأدلة الخاصة, وهي أنه هل يجوز التكسب بالدم أو لا يجوز؟ فإذا كانت هناك أدلة دالة على حرمة التكس بالدم فنغض النظر عن الأدلة العامة, لا نحتاج إليها لأنه ثبت عندنا أن الدم لا يجوز التكسب به, أما إذا لم تتم هذه الأدلة سوف نعكس المنهج, لم تتم هذه الأدلة نحاول أن نستعين ببعض القواعد العامة التي لها مدخلية في عملية أو في مسألة فهم جواز التكسب بالدم, هل تدل على ذلك أو لا تدل؟
وعلى الطريقة التي دخلنا فيها في الغناء إخواني الأعزاء سوف لا ندخل في التفاصيل وإنما في كم بحث نحاول أن نجمع حتى أن الأخوة يكونون على بينة في هذا الموضوع.
والحمد لله رب العالمين.