نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (79)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    كان الكلام في جواز التكسب بالدم وعدم جواز ذلك, قلنا أن البحث عن الدم وأحكام الدم بطبيعة الحال يقع في أبواب ثلاثة:

    الباب الأول: وهو ما يتعلق بباب الطهارة والنجاسة وأنه متى يكون الدم طاهراً ومتى يكون نجساً, وما هي أحكام نجاسته وكيف يتطهّر ونحو ذلك من التفصيلات التي تذكر عادةً في كتاب الطهارة والنجاسة.

    الباب الثاني الذي يبحث فيه عن الدم وعن أحكام الدم وهو: ما يتعلق بجواز أكله وشربه وأنه هل يجوز ذلك أو لا يجوز؟ ومن الواضح أن هذا مرتبط بباب الأطعمة والأشربة.

    البحث الثالث هو ما يتعلق بجواز التكسب بالدم وأنه هل يجوز البيع والشرائط وباقي الانتفاعات المترتبة على التكسب به أو لا يجوز؟ وهذا ما يتعلق بباب المكاسب المحرمة وهو بحثنا في هذا المقام.

    ندخل إلى البحث مباشرة, استدل على حرمة التكسب بالدم بأدلة متعددة:

    الدليل الأول الذي استدل به وإن ترك في كثير من مصنفات الأعلام هو الاستدلال بالآيات القرآنية وبعد ذلك سيتضح أنه لماذا الأعلام في الأعم الأغلب عندما يدخلون إلى الباب الفقهي أو الأبحاث الفقهية يبدءون بالنصوص الروائية ولا يلتفتون إلى الآيات القرآنية إلا نادراً أو كشاهدٍ ومؤيدٍ ونحو ذلك, ما هي النكتة الفنية لهذه القضية, هذه الدعاوى أو هذه الكلمات الموجودة على الألسنة والتي مع الأسف الشديد حتى بعض من يتلبس بالعمة يكررها أنّ المدرسة الأخرى مهتمون بالقرآن ونحن لا نهتم, هذا الكلام لا أساس له إخواني الأعزاء وإنما هناك نكتة فنية بغض النظر عن صحة هذه النكتة أو عدم صحتها, ليست قضية الاهتمام وعدم الاهتمام.

    استدل على ذلك بآيات من القرآن وحيث أن هذه الآيات جميعاً مضمونها واحد إذن سوف نتكلم نحن في آية واحدة ومنه يتضح الكلام في باقي الآيات.

    هذه الآية وهي نحاول الوقوف عندها وهي الآية الثالثة من سورة المائدة, قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} ثم يأتي هذا المقطع الذي سيأتي الحديث عنه لاحقاً {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا} وهي آية الولاية إلى أن تقول الآية: {فَمَنْ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.

    هناك أصلٌ حاول بعض المفسرين أن يأصله لاستفادة مطلق الدم, مطلق حرمة الدم, ما معنى أن الدم حرام؟ لا معنى أن تتعلق الحرمة أي حرمةٍ كانت حرمة الأكل والشرب, أو حرمة الاستعمال في الأمور المشترطة بالطهارة, لأنه إذا ثبتت نجاسته بطبيعة الحال ما يشترط فيه الطهارة يجوز استعمال الدم أو لا يجوز؟ لا يجوز, أو حرمة التكسب, إذا تعلقت وهذا أصل فليبحث عنه الأعزاء أنه وجدته في بعض كلمات المفسرين, إذا تعلقت الحرمة بعينٍ لأن الآية قالت: {حرمت عليكم} ما قالت التكسب بالدم الآن محل حديثنا الميتة ولحم الخنزير دعوه في مكان آخر, الآن حديثنا في الدم لم تقل الآية حرم عليكم أكل الدم, حرم عليكم التكسب بالدم لم تعين الحرمة وإنما علقت الحرمة بماذا؟ بنفس العين الخارجية ولا معنى أن تكون العين الخارجية متصفة بالحرمة, ما معنى أن الدم حرام أله معنىً هذا, لأن الحرمة وعدم الحرمة والجواز وعدم الجواز وباقي الأحكام التكليفية أو الوضعية إنما هي أوصاف فعل المكلف يعني فعل المكلف يتصف أنه حلالٌ أو حرام, يتصف بأنه واجب أو ليس بواجب يتصف بأنه صحيح أو فاسد, أما أن العين الخارجية تتصف بأنها محرمة له معنى أو لا معنى له؟ من الواضح أنه لا معنى, لأن الحرمة من أحكام الأعيان الخارجية؟ أو من أحكام أفعال المكلفين؟ من الواضح أنها من أحكام من العناوين التي لا تنطبق إلا على أفعال المكلفين لا على الأعيان الخارجية, إذن نحتاج إلى تقدير هنا. نقول: حرمت عليكم أكل الميتة, حرمت عليكم أكل الدم, أو حرم عليكم التصرف مطلق التصرف في الميتة الآن سواء كان بالأكل أو بأي انتفاع آخر.

    من هنا حاول البعض أن يقول أن الآية لم تعين بأن الحرام ما هو إذن نستفيد من ذلك الإطلاق وهو أن مطلق التصرفات في الدم أعم من أن يكون أكلاً شرباً بيعاً تكسباً انتفاعاً استعمالاً أي نوع من الأنواع التصرف فهو ماذا؟ يعني من قبيل ما ورد في نص رواية تحف العقول أن الشارع حرّم جميع أنحاء التقلب في الدم, الآن هذا التقلب كان بالأكل والشرب كان بالاستعمال كان بالانتفاع كان بالتكسب كان بأي نحو من الأنحاء.

    إذن هذه الآية يمكن, طبعاً أنا بودي أن الإخوة إن شاء الله تعالى يرجعون في هذا اليوم أو راجعوا قبل هذا, يجدون أن جملة من الأعلام المعاصرين عندما دخلوا إلى هذا البحث مباشرة دخلوا إلى الروايات الآن إما الروايات العامة أو الروايات الخاصة, وعرضوا للآية أو لم يعرضوا للآية؟ أبداً لم يقفوا عند الآية وإذا وقف بعضهم وقف لصفحة أو نصف صفحة أو لبعض الكلمات وتجاوز ببيان سيأتي إن شاء الله.

    ولكنه في الواقع أن الآية ليست هذه الآية أنا إنما أريد أن أقف عند هذه الآية ونظير هذه الآية حتى يتضح بأن المنهج في كيفية التعامل مع النصوص والآيات القرآنية في هذا المجال. هذا هو وجه الاستدلال بالآية المباركة بنحو الإجمال. طيب هذا الاستدلال تام أو غير تام؟

    طيب ظاهر الأمر بلي حرمت عليكم من الواضح أن الحرمة لا تتعلق بالأعيان وإنما تتعلق بأنه لابد أن يكون يعني فعل المكلف وفعل المكلف هنا لم يقيد بأنه أكلٌ إذن مطلق التصرفات والتقلبات في الدم والميتة ولحم الخنزير ونحو ذلك.

    أخواني الأعزاء, نحن فيما سبق ذكّرنا الإخوة والآن أنبه عليهم وهو أنه نحن عندما نحتاج قاعدة أصولية باعتبار أنه ما عندنا درس أصول أولاً, حتى أنه نقول أنه حققنا هذه القضية هناك الآن فعلاً, وثانياً: أنه شخصياً أنا لست مائلاً كثيراً أنه هذا البحث الأصولي كاملاً ينفصل عن البحث الفقهي والبحث الفقهي كاملاً ينفصل عن البحث الأصولي, نعم إلى حدٍ ما لابد أن يكون له هذا درس وهذا درس, ولكنّه إذا أردنا أن يتمرس أن يتعلم طالب بحث الخارج على عملية الاستدلال وكيفية الممارسة ينبغي ذكر القاعدة الأصولية وتطبيقها في مكان واحد, حتى يعرف بأنه هذه القاعدة الآن مثلاً أن يكون المولى في مقام البيان, طيب أن يكون المولى في مقام البيان هناك لم يذكروا لك أمثلة, هناك يقول القاعدة الأصولية, أما هنا الآن واحدة من أهم تطبيقاتها وهو أنه ما معنى أن يكون المولى في مقام البيان.

    ولذا نحاول كما فعلنا في الأبحاث السابقة, عندما نأتي إلى قاعدة أصولية أو قاعدة مرتبطة بعملية الاستنباط من قريب أن نقف عندها ولو إجمالاً حتى يكون تذكر للإخوة الأعزاء وأيضاً يكون تطبيق جيد للقواعد الأصولية, وهذا أيضاً ما فعلته أنا في التفسير, في التفسير لم أوافق على المنهج الذي سار عليه ومشى عليه السيد الطباطبائي+, السيد الطباطبائي جاء وبحث البحث التفسيري ثم لم يتعرض للبحث الروائي على الإطلاق, ثم جاء وقال بحث روائي, وعندما يأتي القارئ لا يستطيع في كثير من الأحيان أن يربط البحث التفسيري بالبحث الروائي مع أنه هو في كثير من الأحيان عندما يستفيد شيء من الرواية يقول كما استظهرناه من الآية, يعني يريد أن يقول أن هناك انسجام كامل بين الظهور القرآني وبين الظهور الروائي, ولكن لأنه أحدهما انفصل عن الآخر هذا التطبيق يتضح أو لا يتضح؟ لا يتضح.

    ومن هنا تجد أن بعض العوام ما أريد أن أقول بعض الجهلة, بعض الجهلة وأقولها أنه يقولون أن تفسير الميزان تفسير سني لا يعتني بالروايات, هذا سببه ماذا؟ سببه أنه ما استطاعوا أن يطبقوا ذاك البعد التفسيري مع البعد, الاستظهار القرآني مع الاستظهار الروائي. على أي الأحوال أرجع إلى محل كلامي وإلى هذا المنهج.

    ولذا عندما أقول بهذا بطبيعة الحال أدعوا الإخوة في أبحاثهم الفقهية أو الأصولية وبالعكس إذا وصل إلى مسألة أصولية في الأصول يحاول أن يطعمها ببعض الأمثلة الفقهية, لا يذهب بأنه نذر زيد, لا يذهب إلى نذر توجد مسائل فقهية تطبيق للمسائل الأصولية, حتى يأنس طريقة الاستدلال, عندما يبحث فقهي فليأتي بالقاعدة الأصولية من موضعها ويطبق, ونحن مراراً قلنا أنه لا يوجد مائز علمي فني منهجي بين علم الأصول وعلم الفقه هو علم واحد حقيقة في عملية الاستنباط, ولكن هذا العلم الواحد له عناصر مشتركة وله عناصر مختصة وهذه العناصر المختصة هي تطبيقات تلك العناصر المشتركة. جيد.

    الآن هنا يأتي هذا البحث وهو أن الأعلام ذكروا في مقدمات الحكمة لإثبات الإطلاق قالوا لكي يثبت الإطلاق لابد أن يكون المتكلم في مقام البيان أما إذا لم يكن المتكلم في مقام البيان فهل أحرزنا مقدمة من مقدمات الحكمة أو لم نحرز؟ الجواب: لم نحرز إذن لا يمكن إجراء مقدمات الحكمة وإثبات الإطلاق ما معنى هذه الجملة إخواني الأعزاء التي تتكرر على الألسنة ونكررها في كثير من الأحيان.

    هذه القاعدة من القواعد الأساسية في منهج عملية الاستنباط, ليست هنا, نحن كم إطلاق عندنا في الأبحاث الفقهية؟ كلها تقوم على هذا العنصر وهو أن يكون المولى في مقام البيان.

    البحث في هذه المقدمة له بحثان وإن كنا قليلاً نبتعد عن بحثنا ولكن مهم نريد أن نطبق على المقام.

    البحث الأول أو الأمر الأول: تارةً نشك أن المولى عندما يتكلم هل هو في مقام البيان أو ليس في مقام البيان؟ الآن تكلم بكلامٍ أنا لا أعلم هل هو في مقام بيان مراده بكلامه أو هو في مقام الإهمال ما معنى في مقام الإهمال؟ يعني لا يريد أن يوصل إليّ مراده من خلال كلامه, هذا أين يتصور؟ هذا يتصور في مقام أنه نائم وقال ماذا؟ وقال شيء, طيب هل أقول أنه في مقام البيان أو لا أقول؟ غافل وتكلم شيء, سكران وتكلم شيء, وهكذا عناوين متعددة, هل هو في مقام البيان أو ليس في مقام البيان؟ لا ليس في مقام البيان, ولكن هناك قاعدة توجد وهو أنه إذا لم تكن هذه الصوارف يعني الفغلة والنوم والسكر و.. إلى غير ذلك لا إنسان عاقل إنسان لا يتوقف على أنه حكيم أو غير حكيم لا يتبادر إلى ذهنك لا لا أبداً, حتى لو لم يكن حكيماً وإلا لو اشترطنا الحكمة أولاً: لابد أن نثبت من يتكلم من العقلاء أو ثبت أن هذا حكيم أو مخبول لا لا أبداً, لم يقل أحد أنه لابد أن نذهب ونثبت أنه حكيم, فقط إذا أحرزنا أنه كأي إنسان آخر يتكلم ما هو مقتضى الأصل الأولي؟ يقولون: مقتضى القاعدة والأصل الأولي والظهور العقلائي والسيرة العقلائية هو أنه من تكلم بكلامٍ إذا شككنا أنه في مقام البيان أو لا فالأصل أنه في مقام البيان. إلا إذا دل الدليل دليل صارف عن أنه في مقام البيان الآن داخلية خارجية ظروف محيطة لا أعلم, أنه تقية غير كل هذه عوامل خارجية, مقتضى الأصل الأولي أن المتكلم إذا تكلم بكلامٍ له معنىً فهو في مقام البيان يعني ماذا؟ يعني أنه يريد أن يوصل مراده بكلامه, بألفاظه.

    إخواني الأعزاء لا طريق للوصول إلى المعنى إلا من خلال الألفاظ سموا الألفاظ هي أبواب المعاني, كيف أنك إذا أردت أن تعرف معنىً من أين تعرفه؟ تعرفه من خلال اللفظ فمعرفة اللفظ أساسي في معرفة المعنى, وفهم المعنى ضروري وأساسي لفهم مراد المتكلم, هذه قضية.

    وهذه متفق عليها لا يوجد أحد يخالف هذا الأصل فقط أنا أشير إليها, من أولئك الذين صرحوا بهذا وأنا ذكرت أنه أنا أشير إلى هذه المصادر باعتبار حتى الإخوة يراجعوها بشكل جيد ومفيد.

    من هذه المصادر التي تقريباً هذا الرجل تراثه غائب في أوساطنا وهو من الأعلام المحققين شيخ حسين الحلي&, قليلاً فتأتي في أبحاثنا حلي وتأتي بصري على أي الأحوال. هذه فلتأتي, على أي الأحوال.

    شيخ حسين الحلي& يكون في علمكم أستاذ كل هؤلاء الفقهاء المعاصرين, لا يوجد أحد من هؤلاء الأعلام المعاصرين إما بلا واسطة وإما مع الواسطة إلا وتتلمذ على يد شيخ حسين الحلي& يعني من السيد محمد تقي الحكيم إلى من هو أدنى منه إلى مجموعة من العلماء الكبار أستاذهم الأوحد من؟ الشيخ حسين الحلي ولكن مع الأسف الشديد لا يوجد هناك, طبعاً وعنده تراث كبير فقهي وأصولي ومنه بحمد الله تعالى هذا التراث الأصولي الذي بدأ أخيراً يخرج بعنوان أصول الفقه, هذا خرج منه خمس مجلدات يعني من أول مباحث الألفاظ إلى آخر المطلق والمقيد خمس مجلدات وتوجد مجموعة من الفضلاء المعاصرين جزاهم الله خيراً الآن بدؤا تحقيق هذا وإخراجه وإن شاء الله خمس أجزاء الأخرى يعني القسم الثاني يعني مباحث القطع إلى آخر التعارض إنشاء الله سيخرج لعله ست أو سبع مجلدات أخرى فهي دورة أصولية قيمة جداً وفيها أبحاث تحقيقية مفيدة الإخوة يكونوا على بينه من هذا.

    هناك في (ج5, ص525) هذه عبارته: [ثم إنّه لو شك في كون الكلام وارداً في مقام البيان أو أنه وارد في مقام الإهمال فلا ريب في أنّ مقتضى الأصل العقلائي هو الحكم بأنّه واردٌ في مقام البيان, إذ الأصل في كلام كل متكلم وإن لم يكن حكيماً أن يكون صدوره منه لبيان تمام مراده فإن قلت إذا احتملنا الإهمال] يقول لابد أن تقوم قرينة على أنه ليس في مقام, وإلا إذا لم توجد القرينة لا يستطيع أن يحتج يقول أنا لم أقصد لم أرد هذا المعنى ليس مرادي هذا هذا ليس من حقه وإنما يكون محجوجاً. هذا المعنى بشكل واضح وصريح موجود في كلامه كما قلت (ج5, ص525).

    وكذلك ما ورد في كلام السيد الخوئي في (الدراسات, يعني تقريرات السيد علي الهاشمي الشاهرودي, ج2, ص336) يقول: [إذا شك في أصل كون المولى في مقام البيان في مقام كونه في مقام الإهمال فبناءُ العقلاء ثابت على كونه في مقام البيان, فإن الغرض من وضع الألفاظ إنما هو بيان المرادات بها وهو واضح وأما..] إلى آخره هذا المعنى.

    وبشكل واضح أيضاً أشار إليه السيد الشهيد في (تقريرات السيد محمود الهاشمي الشاهرودي, ج3, ص418) الإخوة هم يراجعون.

    هذا هو الأمر الأول. إذن هذه القضية مفروغ عنها, وهي أنه إذا شككنا أن المتكلم في مقام البيان أو الإهمال فالأصل المتفق عليه أنه في مقام البيان, هذه نقطة.

    النقطة الثانية: إذا فرض أنّ الأمر الذي هو بصدد بيانه المولى المتكلم له اعتبارات متعددة, كما في محل كلامنا, يعني الآن الدم فيه حكم أو فيه أحكام متعددة لأبواب متعددة؟ قد يكون مرتبط يريد أن يبين الطهارة والنجاسة, وقد يريد أن يبين حرمة الأكل والشرب وجواز ذلك, وقد يريد أن يبين حرمة التكسب والانتفاع ونحو ذلك, لو فرض أن الشيء الذي أحرز أن المولى بينه يعني أحرزنا الأمر الأول سموها القضية المهملة, ولكنّه هل هو في مقام البيان من جميع الجهات أو هو في مقام البيان من بعض الجهات دون البعض الآخر, ما هو مقتضى الأصل؟ وكثيراً إخواني الأعزاء يقع خلط بين الأمر الأول والأمر الثاني؟ يقول: مقتضى الأصل أنه في مقام البيان لا لا, أحفظوا هذه, أنتم ترون كثير من الاشتباهات أو بعض أنصاف أهل العلم الذي أنا أعبر عنهم عوام العلماء لا العلماء, العوام لأننا عندنا نوعان من العلماء علماء العوام طيب هذا مقتضى القاعدة لابد يرجعون إليهم غير المتخصصين, وعندنا عوام العلماء هؤلاء إذا نسبتهم إلى العلماء هم علماء أم عوام؟ نعم إذا نسبتهم إلى العوام قد يكون علماء وإلا في الواقع هم عوام إذا نسبوا إلى العلماء بالحمل الشائع. جيد.

    هؤلاء يخلطون بين الأمر الأول وبين الأمر الثاني, يقول مقتضى القاعدة أن المولى في مقام البيان, هنا لابد أن أقول لكم: اتفقت الكلمة أنه إذا كان الشك هذه فتاوى لا مورد اختلاف لا تتصور أنه هذا يقول هذا يقول لعله اختلاف في المبنى لا لا أبداً, المحققون ببيانات فنية منهجية.

    يقولون: إذا شككنا أن المولى في مقام البيان من جهاتٍ متعددة أو من جهة واحدة مقتضى الأصل الأولي ما لم نحرز أنه في مقام البيان من تلك الجهة لا يمكن التمسك بمقدمات الحكمة لإثبات ذلك. ما أدري واضح أم لا, يعني ماذا؟ يعني الآن أنا الشارع, اضرب مثال: الشارع قال لي {فكلوا مما أمسكنا} بالنسبة إلى الكلاب, أو كلاب الصيد فكلوا, الآن أنا أشك أن الشارع عندما قال فكلوا, الآن هذا بحث وهو أكل مما أمسكه الكلب أو الصيد فيه عدة أبحاث:

    أولاً: أنه بمجرد الإمساك تتحقق التذكية أو لا تتحقق التذكية؟ هذا بحث.

    ثانياً: أن هذا الكلب إذا بلعابه إذا مسك ذاك الحيوان الذي اصطدته هذا لعابه طاهر أم نجس؟ لا إشكال نجس, فعندما مس ذلك الحيوان الذي أمسكه هذا يجب تطهيره عندما أريد أن أأكله أو لا يجب تطهيره؟ قد يقول قائل الشارع قال {فكلوا مما أمسكنا} ولم يقيد أنه يجب عليك أن تطهره قبل أن تأكله؟ الجواب: لابد أن نعرف أن الشارع في هذا النص >كلوا فريسة الكلب< هو بصدد البيان من كل الجهة أو بصدد البيان من جهة التذكية أي منهما؟ أما الجهات الأخرى فهي ملحوظة للمتكلم أو غير ملحوظة؟ فإذا علمنا أنها غير ملحوظة واضح إذا شككنا فالأصل هي ماذا؟ لا يمكن التمسك بمقدمات الحكمة لإثبات الإطلاق لإثبات أنه يجوز الأكل ولو مسه نجس, لا لا أبداً فقط من جهة باب التذكية.

    العفو التفتوا جيداً, العفو عن الأمور النجسة التي لا تتم بها الصلاة منفرداً في محله, إذا تحمله معك لكن لا تتم الصلاة بها منفرداً مانع أو ليس بمانع؟ لا ليس بمانع.

    طيب سؤال: حتى ذلك الشيء الذي لا تتم به الصلاة منفرداً لا نجاسته لو فرضنا أنه كان مغصوباً أيضاً يجوز أو لا يجوز؟ لو كان نجس فقط الرواية عفت عما لا تتم الصلاة به منفرداً يجوز حمله معي, طيب لو فرضنا أنه بالإضافة إلى أنه كان نجس كان مغصوب, هل يمكن التمسك بإطلاق أدلة العفو ليشمل حتى المغصوب أو لا يمكن التمسك بها؟ الجواب: لا يمكن لماذا؟ لأن المولى بصدد البيان من حيث أن المحمول نجس أو طاهر, لا بصدد البيان من جهة أنه مغصوب أو ليس بمغصوب؟ هذا لا يمكن إجراء مقدمات الحكمة لإثبات الإطلاق وأنه في مقام البيان حتى لو كان مغصوباً أيضاً لا لا يمكن ذلك.

    إذن إخواني الأعزاء اتفقت الكلمة عند الأعلام, السيد الصدر السيد الخوئي الشيخ حسين الحلي وغيرهم الآن أشير إلى المصدر الإخوة يراجعون, أنهم قالوا بأنه لا يكفي أن تحرز أنه في مقام البيان بل لابد من إحراز الجهة التي فيها الإمام أو المتكلم في مقام البيان, انظروا إلى عبارة السيد الشهيد+ في (ج3 من تقريراته, ص418) هذه عبارته, يقول: [والخلاصة أن دور هذه المقدمة إنما يبدأ بعد تعيين أصل المراد وهذا هو المعني بكلمات الفقهاء في الاستدلال من المنع أحياناً عن التمسك بدلالةٍ إطلاقية بدعوى عدم كون المطلق مسوقاً لبيان هذه الجهة مع اعترافهم بان مقتضى الأصل كون المتكلم في مقام البيان] ولكن هذا لا يكفي [وإنما في مقام البيان على نحو القضية الشرطية] الأصل الأول يقول هو في مقام البيان من الجهة التي يريد أن يبين فيها, لا في مقام البيان مطلقاً, هذا إذا فرض تعدد الجهات في ذلك الأمر, أما إذا فرض وحدة الجهة, طيب بطبيعة الحال يكون في مقام البيان من هذه الجهة, هذا أشار إليه.

    وكذلك السيد الخوئي في الدراسات والأعلام الآخرين أيضاً أشاروا إلى هذا المعنى بشكل واضح وصريح, في (ص337) يقول: [وأما إذا أحرزنا كونه في مقام البيان من جهة واحتملنا كونه في مقام البيان من بقية الجهات ويعبر عنه بالإطلاق الوارد في مقام بيان حكم آخر, فلم يثبت بناء من العقلاء على إثبات ذلك أصلا, بل كثيراً ما لا يلتفت المتكلم إلى جميع جهات الكلام, بل أساساً هذا ممكن أو غير ممكن؟ أساساً أخواني الأعزاء إذا كان الشيء فيه أبعاد متعددة ما يمكن جميعها يبين بكلامٍ واحد. ما أدري واضح صار هذا المعنى.

    هنا قليلاً أخرجوا حتى تعرفون القضية المنهجية, وهنا يأتي منهج تفسير كلامهم بعضه ببعض, هذا المنهج ليس في القرآن, هذا المنهج, القرآن يفسر بعضه بعضا أصلاً فقهائنا طبقوه أين؟ طبقوه في الفقه, ولذا أنت تجدهم بأنه أساساً مطلب في باب الطهارة يستعينون برواية موجودة في باب الإرث, هذا تفسير تجزيئي للفقه أو تفسير موضوعي للفقه؟ التفسير الموضوعي نما عندنا في علم الفقه ولكن مع الأسف الشديد ضعيف عندنا في القرآن, وإلا الآن أساساً فقهنا ليس فقه تجزيئي أما اذهبوا إلى فقه العامة تجدوه إلى الآن يقول لك الحكم ويقرأ لك الرواية, هذا نسميه الفقه التجزيئي أما فقهنا ليس فقهاً تجزيئي وإنما فقه موضوعي يعني يأخذ القضية ويحاول من جهات متعددة يبحثها. ما أدري واضح صار إلى هنا هاتان القاعدتان.

    الآن سؤال: الآن هذه كلها كنا في طور المقدمة, وإن كان أخذ وقت ولكن مهم, سؤال: إذا فرضنا أن المولى كان في مقام بيان ليس المولى أي متكلم مشرع, كان في مقام بيان أصل التشريع فهل يمكن التمسك بمقدمات الحكمة لإثبات الإطلاق أو لا يمكن؟ اضرب لك مثال التفت جيداً حتى أصل إلى النتيجة المطلوبة عندي, وهو: أنّه مريض صار له أربعة أيام نقول له اذهب يقول لا أنا اعتدت على أنه أتحمل المرض أفضل لي وبعد ذلك أصير زين, يوجد بعض الناس أنا أتحمل المرض يومين ثلاثة أربعة هذا أفضل مما أن أذهب وأشرب دواء وما من دواء إلا يولد داء كما يقول الإمام الرضا (عليه أفضل الصلاة والسلام) فأنا يومين ثلاثة أربعة خمسة ستة يطيب أو لا يطيب؟ لا يطيب, إلى أن بالصدفة يراه طبيب يقول لماذا لا تذهب إلى الطبيب يقول لا لا, يقول له لا, أنت لا تتعالج إلا بالدواء, يعني بمرور الزمن تتعالج أو لا تتعالج؟ تتعالج بالدواء, انتهى, يقول والحمد لله رب العالمين الآن أنا أجري مقدمات الحكمة قال الدواء, يذهب إلى الصيدلية ويقول أعطوني دواء يقال له أي دواء, يقول أي دواء كان, لأنه الطبيب ماذا قال لي؟ قال: لا تعالج إلا, لم يقل لي إلا فلان دواء, طيب أجري مقدمات ماذا؟ ماذا يجاب: يقال أن هذا الاستدلال في محله أو في غير محله؟ في غير محله, لماذا؟ لأنّ الطبيب لم يكن بصدد بيان نوع الدواء هو كان بصدد بيان أصل الدواء لأن الطرف كان يعتقد أنه بلا دواء يشفى من المرض هو قال له لا بلا دواء لا تشفى وإنما بشرط الدواء, أما أي دواء؟ يقول لا هذا لابد أن يتشخص, وإلا ما لم يتشخص يمكن أو لا يمكن؟ إذن يمكن التمسك بإطلاق قول الكلام لا تشفى إلا بالدواء تأخذ أي دواء وتشربه أو لا يمكن التمسك؟ مع أنه كلام الطبيب مطلق أو مقيد وكان في مقام البيان أو لم يكن في مقام البيان؟ الجواب: كان في مقام البيان من جهه الجهة لا من جميع الجهات.

    سؤال: التفت الآن محل بيت القصيد هنا, الآيات القرآنية التي وردت في القرآن ذكروا أن الأصل فيها لبيان أصل التشريع {يا أيها الذين آمنوا أقيموا الصلاة} وأنا شككت أن هذا قيد أو ليس بقيد؟ الآية مطلقة قالت {أقيموا الصلاة} وقيدت بهذا الشرط أو لم تقيد, ماذا يجيبون؟ يقولون الآية ليست في مقام البيان من هذه الجهة القيود والشروط وإنما بصدد بيان الصلاة واجبة أما الصلاة عددها أجزائها شرائطها موانعها أصلاً في مقام بيان هذه الجهات أو ليست في مقام بيان هذه الجهات؟ ليست في هذا المقام, الآن التفت انظر علوم القرآن كيف تؤثر, وحيث أنه يوجد أصل مركوز في ذهن كثير منّا, أن القرآن يبين الكليات والتفاصيل مربوطة بالسنة الواردة عن النبي وأئمة أهل البيت إذن الآيات عموماً بصدد بيان أصل التشريع إذن يمكن الاستدلال بها فقهياً أو لا يمكن؟ ومن هنا منهجياً فنياً بدأت هذه الآيات ماذا؟ حتى آيات الأحكام أنت لا تجدها في أبحاثنا الفقهية بغض النظر عن آيات العقائد وكذا في محله, آيات العقائد كذا استدلال فيها, أما آيات الأحكام أنت في الأعم الأغلب الآن أنتم افتحوا أي كتاب في المكاسب المحرمة مباشرة نادر تجد أولاً يبدأ بالآيات القرآنية مثل ما نحن فعلنا وبدأنا فيها, وإنما مباشرة ورد في صحيحة فلان في مرفوعة فلان في مرسلة فلان ويدخل إلى البحث الآن انظروا أنتم. ما هي النكتة الفنية؟ النكتة الفنية ذاك الأصل وهو أن القرآن أساساً هل هو في مقام البيان من هذه الجهات الأحكام التفصيلات الشرائط الموانع و.. أو ليست في مقام البيان؟ يقولون ليست في مقام البيان وإنما في مقام بيان أصل التشريع يعني الصلاة واجبة بنحو القضية المهملة أما ما هي الصلاة؟ فارجعوا إلى من؟ ولذا في محله أيضاً ذكروا هذه الضروريات تنفعنا شيئاً أو لا تنفع؟ لا تنفعنا شيء, لماذا؟ ولذا أنتم قرأتم في أول الرسالة العملية أنه التقليد في الضروريات ضروري أو لا؟ ليس بضروري لماذا؟ لأنه من المسلمات ما يحتاج الصلاة واجبة تحتاج الصلاة أربع ركعات تعبد أصلاً لا يحتاج إلى هذا أصلها ثابت انتهت القضية, شيئاً فشيئاً هذه النقطة المنهجية أثرت على كثير من الباحثين في البحث الفقهي أنهم عزلوا البحث عن الآيات عن البحث لأنه عادةً في الفقه أنت ما تبحث عن أصل التشريع؟ وإنما تبحث عن التفصيلات عن الأحكام عن الموانع عن … إلى آخره, واضح صار.

    الآن هنا يبقى هذا البحث أنت كفقيه فتحتاج واقعاً علوم القرآن أو ما تحتاج؟ لأنه هذا مبتنية على هذا الأصل الموضوعي قد يأتي واحد ويقول أنه لا, من قال أن القرآن أساساً متبني فقط أصل ماذا؟ في مقام بيان أصل التشريع أما التفاصيل فلا.. لا لا نحن نذكر لكم عشرات الموارد في باب النكاح في باب الطلاق في باب الميراث في باب الدخول على الأبويين ما شاء الله من التفاصيل أين موجودة؟ أصلاً موجودة في القرآن الكريم, لا نوافق على هذا الأصل أساساً هذه الدعوى أن بيان الكليات وظيفة القرآن وبيان التفاصيل وظيفة السنة أصلاً أخواني الأعزاء هذا لا أصل له, نعم فيها روايات يكون في علمكم عندما أقول لا أصل لها لا أنه مسلم مقبول أبداً, كثير من التفاصيل بُينت في القرآن, ولعله جملة من الأمور لعله من الأمور التفصيلية لم تبين حتى في السنة ولكن بينت في القرآن, أحكام الطلاق, أحكام القواعد من النساء, بينك وبين أحكام القواعد من النساء هذه تُعد من الأبحاث الفقهية الأساسية أو التفصيلية التفصيلية؟ التفصيلية, متى يدخلون على الأبويين عندما يكون في ظلمة أوقات الظهيرة أو الليل ما أدري هذه التفاصيل التي ذكرت, هذه تفاصيل أو ليست تفاصيل؟ هذه تفاصيل, من قال بأنه أن القرآن لم يتعرض على التفاصيل من أين هذه؟ إذن أنت جنابك في الرتبة السابقة في بحثك الاجتهادي الاستنباطي لابد أن تنتهي من هذه القضية, وهي أن الآيات هل هي في مقام بيان أصل التشريع هذا أصل في القرآن إلا ما خرج, أو لا, بعض الآيات في مقام بيان أصل التشريع وبعض الآيات ليست في مقام بيان أصل التشريع, الآن تأثيرها على بحثنا ما هي؟ التفت, هذه الآية المباركة {حرمت عليكم} هذه في مقام بيان أصل الحرمة فقط ولا علاقة لها بالتفاصيل حتى لا يمكن إجراء مقدمات الحكمة أو أنها ليست كذلك أي منهما؟ إذا قلنا أساساً الآية فقط بصدد أصل التشريع إذن يمكن أن نطبق عليها ما بيناه من مقدمات الحكمة لإثبات الإطلاق أو لا يمكن؟ لأنه فقط تريد أن تقول الأصل حرام, طيب حرام أكل شرب طعام تكسب, يقول لا لا الآية ليست بصدد بيانها, ما أدري واضح أم لا.

    فإذا قلنا أن هذه الآية وآيات مثيلتها ونظير هذه الآيات في مقام بيان أصل التشريع فينبغي أن تدخل في البحث أو لا ينبغي أن تدخل في البحث؟ لا ينبغي أن تدخل في البحث, لأنه نحن نريد أن نعرف لأنه عندنا حيثيات متعددة, عندنا الطهارة والنجاسة والأكل والشرب وعدم جواز ذلك عندنا التكسب والآية ليست بصدد بيان هذه, وإنما بصدد أصل تشريع حرمة الدم, أكله شربه, هذه كله ملتفت إليه في الآية أو غير ملتفت؟ غير ملتفت إليه.

    ولكنه نحن نعتقد أن هذه الآية ونظير هذه الآيات ليست كذلك, لأنه أصل مبنانا ليس ذاك الأصل الأولي لا نوافق عليه وهو أنّ الأصل في الآيات القرآنية أنها في مقام بيان أصل التشريع لا لا ليس الأمر كذلك, نعم كل آية لابد أن تدرس على انفراد أنها في مقام بيان أصل التشريع أو أنها ماذا؟ وهذا ليس مختصاً بالآيات القرآنية ولعله في كلمات الأئمة ولعل في كلمات النبي أيضاً كذلك, لعل الإمام في مقام بيان أصل التشريع ولعله في مقام بيان جهات أخرى وراء أصل التشريع, هذه ليست مختصة بالقرآن هذه في الروايات أيضاًِ كذلك.

    أخواني الأعزاء نحن في اعتقادنا أن الآيات التي طبعاً عندنا وقت (كلام أحد الحضور) دعوها إلى غد.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/06
    • مرات التنزيل : 1045

  • جديد المرئيات