بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
كان الحديث في الآية التي استدل بها على تحريم التكسب بالدم, قلنا أن الاستدلال بهذه الآية المباركة يتوقف على إثبات الإطلاق فيها. وثبوت الإطلاق فيها يتوقف على إحراز مقدمات الحكمة, ومن مقدمات الحكمة إحراز أن المولى في مقام البيان من هذه الجهة, وقد أشرنا بالأمس أنه لا يوجد عندنا دليل على أن المولى في مقام البيان من هذه الجهة بل يوجد دليل على العدم كما ذكرنا بلحاظ الظروف الموضوعية التي صدر النص فيها وأن المنفعة الغالبة للدم هي الأكل, وعلى هذا الأساس إذا أردنا أن نفهم هذا النص لابد أن نفهمه في هذا الإطار, الإطار الموضوعي للنص, هذا بحسب الظروف والشروط الموضوعية التي صدر النص فيها, والذي يشهد لذلك ويؤيد ذلك بل ويدل عليه هي القرائن الداخلية المحيطة بالنص, يعني: هذه الآية المباركة لعلها وردت في ثلاث أو موارد أربعة في القرآن الكريم باختلاف المضمون, وعندما نتأمل فيها جميعاً نجد أنها تتكلم عن الأكل لا عن شيء آخر, إذن عندما قالت الآية المباركة {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} بلحاظ تلك القرائن الخارجية وهذه القرائن الداخلية يتضح بأنه لا تدل الآية على الإطلاق بل لا مجال للإطلاق فيها, أما الآيات التي ذكرت في المقام فهي كالتالي:
الآية الأولى: وهي الآية الثالثة من سورة المائدة, قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ} الآية في الأخير قالت: {فَمَنْ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ} والمراد من المخمصة يعني الجوع الشديد يعني ما يتعلق بمسألة الأكل لا بشيء آخر. صحيح أن الآية قالت {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} ولم تعين أن المحرم هو الأكل أو الأعم من الأكل وغير ذلك ولكن من خلال التفريع الوارد في الآية يتضح أنّ المحرم هو الأكل لا جهة أخرى وإلا لا معنى لأن يحرم عليها فقط مسألة {فَمَنْ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ} طيب هنا أنواع أخرى للاضطرار للبيع مثلاً للتكسب للانتفاع, لماذا فقط يفرع عليها المخمصة الذي هو الجوع الشديد والذي يتعلق بالأكل. هذا هو الشاهد الداخلي إن صح التعبير في الآية المباركة.
وكذلك الآية اللاحقة لها, الآية اللاحقة لها يتضح منها أن السؤال أو التحريم بماذا يتعلق؟ لأن الآية اللاحقة تقول: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ} في قبال {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ} من الواضح أن الطيبات من أجل ماذا؟ لا لأجل الانتفاع وإنما لأجل الأكل, إذن بقرينة {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمْ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ} إذن أنت من أول الآية الثالثة إلى آخر الآية الرابعة تجد بقرائن أن الحديث في الحلية والحرمة ونحو ذلك كلها متعلقة بالأكل يعني الجهة المبحوث عنها في الآيتين أي جهة؟ جهة الحلية والحرمة في الأكل لا الحلية والحرمة في باب المكاسب, ونحن ذكرنا في مقدمات الحكمة لكي نجري الإطلاق لابد من إحراز أن المولى في مقام البيان من تلك الجهة, وهنا توجد قرينة على أن المولى في مقام البيان من جهة المكاسب والحلية في هذا البعد؟ الجواب: لا فقط لا يوجد بل القرائن على عكس ذلك كلها مرتبطة بباب الأطعمة والأشربة لا بباب الطهارة والنجاسة ولا بباب المكاسب المحرمة, هذه هي الآية الأولى التي استدل بها في المقام.
طبعاً عند ذلك إذا لم يكن عندنا دليلٌ على الحرمة فعند ذلك نرجع إلى القواعد إلى العمومات الأولية {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} وغير ذلك {أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} وغير ذلك, هذا إذا قلنا أن هذه الآيات ليست في أصل التشريع وإنما في بيان القاعدة العامة.
الآية الثانية: الآية 172 من سورة البقرة, قال تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}, طيب القرينة الآية التي قبلها واضحة تشير إلى هذا المعنى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ} إذن هذا التحريم متعلق بماذا؟ ذاك كان متعلق كلوا تلك والمحرم عليكم في الأكل ما هو؟ المحرم عليكم في الأكل هذه الأمور {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ} إلى آخر الآية المباركة.
ومن الآيات الأخرى الواردة في المقام وهي: الآية 145 من سورة الأنعام, في هذه الآية المباركة قال تعالى, هذه صدر الآية واضح, {قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} إذن القضية مرتبطة بباب ماذا؟ بباب الأطعمة والأشربة, إذا أردنا أن نتجاوز إلى غير هذا الباب نحتاج إلى إحراز أن المولى في مقام البيان من تلك الجهة للقاعدة التي اشرنا إليها فيما سبق {قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ} إلى نفس المضمون السابق.
ومن الآيات الأخرى الواردة في هذا المجال: ما ورد في سورة النحل لعله 114 و115, في سورة النحل, نعم في سورة النحل قال تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} أيضاً الآية السابقة عليها بنفس البيان الذي تقدم في سورة البقرة, {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ}.
إذن هذه الآيات الأربع جميعها في القرآن الكريم لها علاقة بباب المكاسب المحرمة في الدم أو لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد والذي أضفنا إليها هي الظروف الموضوعية المحيطة بصدور هذه الآيات المباركة.
إذن من ناحية الأدلة القرآنية والنص القرآني هل يوجد هناك منعٌ للتعامل بالدم أو لا يوجد هناك منع؟ من حيث النص القرآني لا يوجد منع, الآن لعله توجد من طرق أخرى تمنع من التعامل بالنص القرآني, طبعاً هذه الآيات كثيراً تنفعنا, طبعاً لا فقط في مسألة الدم, مسألة الميتة أيضاً كذلك, يعني إذا بحثنا أن الميتة هل يجوز التكسب بها أو لا يجوز التكسب بها؟ أيضاً لا يمكن الاستناد إلى مثل هذه الآيات, مسألة لحم الخنزير أيضاًِ هل يمكن التمسك بهذه الآيات أو لا يمكن التمسك بهذه الآيات؟ في مسألة التعامل لا في باب الأطعمة والأشربة لا في باب النجاسة والطهارة, باب النجاسة والطهارة له أدلته الخاصة باب الأطعمة والأشربة هذه تقول لا يجوز, وباب المكاسب هذه لا علاقة لها.
إذن من الناحية القرآنية لا يوجد عندنا دليل في حرمة التكسب بالميتة والدم ولحم الخنزير ونحو ذلك, الآن لعله توجد روايات خاصة دالة على ذلك أو آيات أخرى, هذه الآيات لا يمكن الاستناد إليها لتحريم التكسب بهذه الأمور, وحرمة التكسب بها. جيد.
الدليل الثاني: فيما يتعلق بالدليل الثاني في كلمات الأعلام لا توجد إلا هذه الرواية, وهي الرواية المعروفة بمرفوعة الواسطي, الرواية واردة في (وسائل الشيعة, ط مؤسسة آل البيت, ج24, الباب 31 ما يحرم من الذبيحة وما يكره منها, الرواية الثانية رقم 30266 الرواية واردة في الكافي >عن محمد ابن يعقوب الكليني عن محمد ابن أحمد عن أبي يحيى الواسطي رفعه, قال: مر أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام) بالقصابين فنهاهم عن بيع سبعة أشياء من الشاة, نهاهم عن بيع الدم< هذه واضحة نص بأنه أساساً لا يجوز التكسب بالدم ومن أوضح المصاديق ولا يمكن أن يقال فقط حرمة البيع, المراد أنه مطلق التكسب وإنما ذكر البيع باعتباره أوضح المصاديق, >قال: نهاهم عن بيع الدم والغدد وآذان الفوائد والطحال والنخاع والخصي والقضيب, فقال له بعض القصابين يا أمير المؤمنين ما الطُحال والكبد إلا سواء فقال كذبت أءتني بتورين – إنائين من ماء- أنبأك بخلاف ما بينهما< ثم أثبت له بأنه لا أساساً الطُحال مرجعه إلى الدم, بخلاف الكبد. على أي الأحوال هذه القضية علمية تجريبية لا علاقة لنا بها, المهم عندنا هذا الأصل وهو أنه نهاهم عن بيع الدم. طيب.
على مقتضى المنهج السندي أو تدقيق السند ومعرفة صحة الرواية من عدم صحتها من خلال صحة السند وعدمه؟ من الواضح أن الرواية ضعيفة السند يمكن الاستناد إليها أو لا يمكن الاستناد إليها؟ لا يمكن الاستناد إليها.
ولكنّه لعله قد يقال أنه يوجد هناك طريقان لتصحيح سند الرواية الضعيفة ومثل هذه الرواية أيضاً في المقام, طبعاً نحن عندما نتكلم ليس همنا الآن مرفوعة الواسطي تصح أو لا تصح, وإنما نريد أن نؤسس القواعد المنهجية التي نعتقد بها.
الطريقان هما:
الطريق الأول: هو أن يقال بالاستناد إلى منهج تصحيح السند من خلال المتن, وهذا منهجٌ يوجد به قائل وهو من المناهج القديمة في كلمات علماء المسلمين لا يتبادر إلى ذهن أحد أن هذا المنهج جديد, لا, جملة كبار من علماء المسلمين من مختلف الاتجاهات العقدية والفكرية آمنوا بأنّه يمكن تصحيح سند الرواية, التفتوا المراد من تصحيح السند يعني يمكن إثبات صدور الرواية, لا المراد أن الرواية صحيحة, لا لا, أنه يمكن إثبات أن الرواية صادرة, بعبارة أوضح وأصرح: يمكن إثبات حجية الرواية لا عن طريق السند فقط, يمكن إثبات حجية الرواية عن طريق المتن أيضاً, حتى لو لم يكن السند صحيحاً بمقتضى موازين علم الرجال وعلم الجرح والتعديل.
إذن الآن نحن لسنا بصدد الصدور وعدم الصدور, ولسنا بصدد الواقع وعدم الواقع, وإنما بصدد الحجية وعدم الحجية وأنها حجة أو ليست بحجة؟ هذا هو الطريق الأول.
الطريق الثاني: هو عمل المشهور, هذا الذي استند إليه جملة من فقهائنا المتقدمين ولعله أيضاً يوجد كثير من الأعلام المتأخرين والمعاصرين يؤمنون بقاعدة أن الرواية التي هي ضعيفة سنداً يمكن أن تكون مورد القبول إذا انجبرت بعمل المشهور أو بعمل الفقهاء المتقدمين أو, والعكس أيضاً كذلك كما أشرنا إليه فيما سبق.
أما الطريق الأول, أحاول إن شاء الله تعالى كثيراً لا نقف عندها ولكن إجمالاً, أحاول أن أقف عند هذه القاعدة لأنه في الآونة الأخيرة بدأنا نجد في كلمات جملة من الأعلام طرح هذه النظرية وهذا المنهج, حتى يتضح بأنه نحن إلى أي حدٍ نقبل هذا المنهج وإلى أي حدٍ لا نقبل هذا المنهج.
فيما يتعلق بهذه القاعدة وهو الطريق الأول وهو طريق تصحيح الرواية من خلال المتن يعني حجة الرواية من خلال المتن لا حجية الرواية من خلال السند, أو المصطلح عليه بالمنهج السندي والمنهج المتني أو الدلالي عبروا عنه ما شئتم.
في المقدمة هناك تمهيد وأنا أتصور أن هذه القضية لا تحتاج إلى إشارة ولكنه من باب التذكر, وهو أنه 95% إن لم أقل 97% إن لم أقل 99% من معارفنا الدينية قائمة على خبر الواحد. وإلّا لو أنت تريد أن تعد المقطوعات المتواترات في نصوص علماء المسلمين واقعاً لا يتجاوز واحد بالمائة اثنين بالمائة أقصاه ثلاثة إلى أربعة, والباقي وهذا ما يصرح به جملة من الأعلام ومنهم سيدنا الشهيد السيد محمد باقر الصدر+ يقول بأنه خمسة وتسعين بالمائة من معارفنا الدينية معارف نظرية ليست معارف مسلّمة قطعية متواترة لا مجال, ولا فرق بين أن يكون البحث في الأمور العقدية أو في الأمور الأخلاقية أو في الأمور التاريخية, أو في الأمور الفقهية حتى في العقائد, في العقائد أنت كم قضية عندكم متواترة؟ أقصاه نصعد ننزل يميناً يساراً نثبت >من كنت مولاه فهذا علي مولاه< متواتر, أنثبت أن حديث الثقلين متواتر, حتى هذه الأحاديث أيضاً في المقابل يوجد من يشكك في صحتها سنداً, فما بالك بقضايا أخرى, فما بالك بالقضايا التاريخية, في الأعم الأغلب إن لم نقل قريب من الجميع أنها كلها قائمة على أساس أخبار الآحاد بالمعنى الأعم لأخبار الآحاد لا أنه قد ينقلها أكثر من نفر وثلاثة وأربعة ولكن تبقى في إطار خبر الواحد ما لم تكن مستفيضة ما لم تكن مورثة للاطمئنان هذه التفاصيل الآن ما ندخل فيها, بقدر الحاجة أنّه في الأعم الأغلب معارفنا الدينية معارف ماذا؟ أنا أطرح هذه القضية حتى تعرفون إن شاء الله بعد ذلك دور الزمان والمكان التفتوا جيد. طيب جيد جداً, هذا أولاً.
وثانياً: أيضاً نحن نعرف, هذه مقدمة.
المقدمة الثانية: ونحن نعرف مقدار الدس والوضع والتلاعب الذي وقع في أخبار الآحاد حتى كتبت عشرات الكتب في الموضوعات, من الفريقين من هنا ومن هناك كلهم كتبوا موضوعات موضوعات.. أساساً يكون في علمكم في ذلك الزمان أصلاً أجهزة كاملة كانت وظيفتها الأصلية وضع الحديث في هذا الزمان هذا موضوعها منتهي لأنه الآن ما يستطيعون أن يضعون حديث في هذا الزمان, في هذا الزمان فقط الأحاديث الموضوعة ماذا يفعلون لها؟ يصححوها يضعون لها – بتعبيرنا العراقي, يضعون لها بنتلايت- الآن في الآونة الأخيرة الآن انتم اسمعوا في بعض الفضائيات الإيرانية والقنوات والإذاعات الإيرانية هذه الروايات المربوطة بنوروز والتي هي كلها كذا, الآن صارت روايات صحيحة ومقبولة ومسلّمة أساساً أهل البيت و.. لماذا؟ لأنه الثقافة قائمة على تصحيح هذه, لا على ماذا؟ وإلا لو كان العكس يعني كان النظام الذي كان جاء لا يؤمن كما في الأيام الأولى ما كان يؤمن أصلاً لا توجد أحاديث النوروز ولا أبداً إلى آخره, على أي الأحوال دعونا من هذا. الآن إذا من هنا أخرجونا فلا ندري إلى أين نذهب…على أي الأحوال.
إذن التفتوا جيداً, الآن أجهزة لوضع الأحاديث نحن لا يوجد عندنا, لكن اطمأنوا في زمن صدر الإسلام بعد رسول الله, بل لا ليس بعد رسول الله في زمن رسول الله, الروايات الواردة من الفريقين الرواية تقول أن رسول الله لا مرة ولا مرتين صعد المنبر قال >كثرت الكذابة عليّ< في زمانه >كثرت الكذابة عليّ ألا فمن كذب عليّ فليتبؤا مقعده من النار<. >كثرت الكذابة عليّ فمن جاءكم عني فاعرضوه على كتاب ربي< هذه روايات العرض لا يتبادر إلى الذهن لا فقط واردة عن طرقنا عن طرقهم أيضاً واردة طبعاً على حسب مباني الجرح والتعديل عندهم كثير منها ضعيفة هم يقولون أن هذه موضوعات الخوارج. لأنه كانوا يسدون باب الرواية كفانا كتاب الله فهذه الروايات وضعوها حتى يبررون, الآن ذاك بحث آخر ليس بحثي هذا.
إذن هذه القضية من المسلمات أنه أولاً: أن معارفنا جميعاً قائمة على أساس 99% أو 95% قائمة على خبر الواحد, وثانياً: أن ظاهرة الوضع والكذب والتلاعب بالأسناد والتدخل فيها واللعن الصادر من الأئمة إزاء جملة من الأشخاص هذه واقعاً من المتواترات من المسلمات في المعارف الدينية عندنا, لا يوجد شك في هذا المجال.
طيب الآن نحن جئنا إلى بعد هؤلاء ونريد أن نتعامل مع هذا الموروث الديني نص القرآن الحمد لله رب العالمين لم يتناوله أحد والحمد لله يوجد إجماع تقريباً على عدم وقوع تلاعب به بالزيادة وبالنقصان وبالتحريف و.. إلى غير ذلك, الآن هذا دعوه إلى جانب, ولكن تعلمون {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} أصلاً بيانات الرسول بيانات أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) هذا الموروث الديني وهو السنة بالمعنى الأعم أو قول المعصوم بالمعنى الأعم هذا كيف نتعامل معه؟
أخواني الأعزاء في قبال هذا الموروث وجد اتجاهان من قديم الزمان يعني: عندما صارت هذه كتب الحديث عندنا, على سبيل مانعة الخلو لا على سبيل مانعة الجمع وقد يجمعان, وإن كان بعض الكتّاب وجدتهم يتصورون أن هذه على سبيل مانعة الخلو إما هذه وإما هذه, هذه ليست منفصلة حقيقية هذه مانعة الخلو لا مانعة الجمع, على أي الأحوال.
المنفصلات الحقيقية تصير مانعة الجمع, أما هنا ليست مانعة الجمع وإنما مانعة الخلو العدد إما فرد أو زوج هذه مانعة الجمع يعني إذا صار فرد ليس بزوج وإذا صار زوج ليس بفرد, ليس قولنا يوجد منهجان على نحو مانعة الجمع بل على نحو مانعة الخلو.
المنهج الأول: وهو المعروف عندهم بالمنهج السندي يعني الذي يقوم على أساس قبول الرواية أو ردها من خلال معرفة صحة السند وعدم صحة السند, فإذا كان السند صحيحاً الآن هذه تحت كلمة صحيحاً ضعوا كم خط؟ مائة خط ضع, لأن هذه صحيحاً هو من يعرف لنا الصحيح ما هي ضوابط الصحيح من يقول هذا صحيح وأنتم تعرفون البحث الموجود.
وهنا جاءت هذه أقسام أبحاث الروايات وتقسيمها إلى صحيحة وإلى حسنة وإلى موثقة وإلى ضعيفة كلها جاءت في ضمن هذه المعادلة معادلة المنهج السندي لأنهم هم كانوا نظرهم إلى الراوي والرواة وجد لهم طبقة واحدة أو طبقات متعددة؟ من حيث الوثاقة من حيث الاطمئنان من حيث الضبط من حيث .. عدّة عناوين انتهوا إلى نتيجة أن هذه صحيحة هذه حسنة, هذه ضعيفة هذه موثقة ونحو ذلك من الأمور. جيد.
السؤال المطروح هنا: أنّ الخبر الواحد على فرض -بنحو القضية الشرطية- كانت صحيحة من حيث السند ماذا تفيدنا نحن الذين وصل إلينا خبر الواحد بنحوٍ صحيح, الآن صحيح ماذا؟ بالتعريف الذي عندك لا عندي الآن, بالتعريف الذي عندك ماذا يفيد؟
الجواب: أيضاً هنا يوجد اتجاهان: اتجاه يقول أن خبر الواحد لا يفيد إلا ظنا, خبر الواحد لا يفيد, لأنه بل أساساً لم يشترط, أقروا الكلمات قالوا لم يشترط حتى أنه يحصل عندك ظن, وإنما هذا أقصى ما يفيده وهو الظن بالصدور. الآن بعد ذلك سيتضح أنه ظن بالصدور أو أنه ظن أو أنه فقط هذا الحجية لا علاقة له بالصدور وعدم الصدور أصلا. طيب هذا الاتجاه الأول.
الاتجاه الثاني, طبعاً هذا الاتجاه الذي يقول لا يفيد إلا ظناً ابتلي بمانع ما هو المانع؟ {إن الظن لا يغني من الحق شيئا} ولذا دخلنا في أبحاث أصولية طولاً وعرضاً لإثبات أن هذا خارج تخصصاً خارج تخصيصاً أدلتنا على حجية خبر الثقة هذه كلها نتيجة هذا النهج. ما أدري واضح أم لا.
اتجاه آخر: التفتوا طبعاً هذا فيه رأي آخر بعد ذلك سأبين, اتجاه آخر قال لا, أصلاً خبر الثقة يفيد العلم, خبر الواحد ضمن المواصفات الخاصة يفيد العلم, فإذا أفاد العلم فنحن نحتاج إلى أدلة خاصة لإثبات الحجية أو لا نحتاج؟ لا نحتاج لأن العلم حجيته ذاتية.
طبعاً أنا لم أرَ واقعاً من الأعلام من يقول بأن خبر الثقة يفيد العلم, اتبعوا هذه القضية أنه يوجد أحد يقول أن خبر الثقة يفيد العلم فيكون العلم حجيته ذاتية إذن خبر الثقة حجيته ذاتية.
ولكن في الاتجاه الأول وهو أن خبر الثقة لا يفيد إلا ظناً القائلون بحجية خبر الواحد انقسموا إلى اتجاهين أو إلى رأيين: رأي يقول حتى لو لم يفد ظناً لو كان الخبر صحيحاً فهو حجة, وأقاموا الأدلة, هذا هو رأي مشهور المتأخرين في زماننا وقبل هذا الزمان, ورأي آخر في القديم يقول لا ليس الأمر كذلك, خبر الواحد إذا احتف بقرائن تفيد العلم بصدوره عند ذلك يكون حجة, وإلا إذا لم تكن, لا أنه متواتر إذا صار متواتر فيصير من المتواترات وعلم يصير ويخرج موضوعاً من خبر الواحد, لا لا التفتوا إلى هذه القضية وهي أن خبر الواحد لا يكون حجة ولا يمكن الاستناد إليه إلا إذا كان محفوفاً بقرائن لا أقل تورث العلم العادي أن هذا الخبر صادر ممن؟ صادر من النبي والأئمة, أما إذا لم يكن مقروناً ومحتفاً بهذه القرائن يمكن الاستناد إلى خبر الواحد أو لا يمكن؟ لا يمكن, وهذا هو المنسوب إلى السيد المرتضى بشكل واضح ومنسوب إلى ابن إدريس الحلي و.. ولذا تجدون الشيخ الطوسي عندما يناقش السيد المرتضى يناقشه في هذه القضية. ما أدري واضح ماذا أقول.
طبعاً استقراء ناقص وجدت بأنه المتقدمين القريبين من عصر النصوص يقولون أن خبر الواحد لا يكون حجة إلا إذا كان محتفاً بقرائن تثبت العلم العادي بالصدور, وكلما ابتعدنا عن زمان صدور الروايات وجدت أن الاتجاه الآخر ماذا؟ يقوى يعني أنه يشترط أن يكون محفوفاً بقرائن تورث العلم العادي بالصدور أو لا يشترط؟ وهنا أعتقد أن الزمان والمكان له مأخذ, أولئك الذين كانوا عايشين في الغيبة الصغرى وقريب الغيبة الصغرى وبُعيد الغيبة الصغرى واقعاً كانت أيديهم مفتوحة للبحث عن القرائن لإثبات أن هذا الخبر محفوف بقرائن تثبت الصدور, أما نحن الذين ابتعدنا بعد خمسمائة سنة وبعد ألف سنة نستطيع أن نجمع هذه القرائن أو لا نستطيع؟ فلذا تجد المشهور بين المتقدمين ذاك والمشهور بين المتأخرين هذا, لأنه ذاك يده كانت مفتوحة وبالإمكان أن يجمع القرائن, أما في زماننا يمكن أو لا يمكن؟ نجد شيئاً فشيئاً الأعلام يتنازلون عن هذا الشيء.
ولعله كتاب في هذا المجال جناب الشيخ أوصله إليّ وهو (كتاب نظرية السنة في الفكر الإمامي الشيعي, الذي كتبه حيدر حب الله) هذا الكتاب يحاول أن يثبت بأنه أساساً في الصدر الأول يعني في فقهائنا المتقدمين النظرية التي كانت قائمة هناك أي نظرية؟ نظرية ليس حجية خبر الواحد بما هو خبر الواحد, بل خبر الواحد بما هو محفوف بقرائن تورث الاطمئنان والعلم العادي بصدور الخبر ماذا لا بمجرد أنه خبر صحيح السند إذن ماذا؟ هو حجة, لا ليس الأمر كذلك. وهذه قضية أساسية, الذي يريد أن يبحث أو يحقق الآن ليس بمهم الآن يكتب رسالة عملية, لا لا, يخدم العلم, بغض النظر أنه الآن يريد أن يكتب رسالة عملية أو ما يكتب رسالة عملية, إذن إلى هنا اتضح لنا أولاً: ما هي ضرورة المنهج السندي, وثانياً: ما هي أهم خصائص المنهج السندي, وثالثاً: ما هي أهم الاتجاهات والآراء الموجودة في المنهج السندي.
كما وعدت الأخوة لا أريد أن أطيل إلا إجمالاً أقولها إجمالاً, ما هي نقاط الضعف الأساسية في المنهج السندي؟ هذا الذي تقوم عليه حوزاتنا العلمية.
أهم نقاط الضعف نقطتان أساسيتان:
النقطة الأولى: هو أن المنهج السندي لا علاقة له بأنه صادر أو ليس بصادر, المنهج السندي حتى لو صح السند يعني صدر؟ لعله اشتبه, لعله نقل اشتباهاً خطأً نسياناً, إذن ليس معنى حجية السند يعني ظنية الصدور, فلعل الخبر حجة سنداً وهو غير صادر, ممكن أو غير ممكن؟ نعم, ولعل الخبر ضعيف وهو ماذا؟ هذا المثال المعروف عندنا نحن العراقيين (يفوتك من الكذاب صدق كثير) طيب على هذا مبني, مبني على هذه, أنه ليس بالضرورة أنه إذا اتهم بالضعف يعني كل الذي يقوله ليس بصادر ليس هكذا, وهذا يرجع إلى المبنى الذي أسسناه فيما سبق, قلنا ليس معنى الحجية هو المصيب للواقع الإصابة للواقع وعدم الإصابة للواقع, معنى حجية الخبر ليس الصدور وضعف الخبر يعني ماذا؟ ليس معنى أن الخبر حجة الخبر الصحيح حجة والخبر غير الصحيح ليس بحجة يعني ذاك صادر وهذا ليس بصادر, إذن ما معنى الحجية في الصحيح وعدم الحجية في الضعيف؟ أن ذاك يمكن الاعتماد عليه وهذا لا يمكن الاعتماد عليه.
وهذا إن شاء الله بعد ذلك سيتضح أن المنهج المتني لا, ليس يرتبط بالحجية فقط, بل بالصدور وعدم الصدور. وهذه نقطة امتياز للمنهج المتني وغير موجود في المنهج السندي. هذه النقطة الضعف الأولى.
النقطة الضعف الثانية: التي هي أهم في نظري من النقطة الضعف الأولى-: هذه النقطة الثانية: وهو أنه ما هو المعيار وما هو الضابط في علم الجرح والتعديل, أنت على أي أساس تبني أن هذه الرواية صحيحة وهذه الرواية ضعيفة؟ على أساس رواتها, على أي أساس تقيم الرواية؟ على أساس العدالة, على أساس الوثاقة, هي العدالة ما هي؟ عندك عشرة آراء خمسة عشر رأي عندك للعدالة, على أي أساس؟ على أساس مبانيهم العقائدية؟ أنا وجدت بأنه صاحب الحدائق& عندما يترجم لابن ملا صدرا, أخرجوها يمكن في (الدرر النجفية) أنا ما وجدتها اليوم في (الدرر النجفية) عندما يترجم له, وفي آخر المطاف يقول: [سبحان الذي يخرج الطيب من الخبيث] إذن بالنسبة إليه ملا صدرا ماذا؟ خبيث, فإذا يريد أن يكتب علم الرجال فملا صدرا أين يوضع؟ يوضع, (كلام أحد الحضور) يا ليت في الضعيف, يوضع في الخبيث, يا ليت ضعيف, الضعيف ليس معناه أنه لم تثبت وثاقته, طيب مبنى هذا, مبنى يعتقد أن القائل بالوحدة التشكيكية أو بالوحدة الشخصية هؤلاء ماذا؟ ليس فقط خبيث كافر, منافق, إذا هذا ليس كافر ومنافق فلا يوجد عندنا كافر ولا منافق, كما قال بعضهم, إذا التقييم يصير على أساس ماذا؟ عقائدي, طيب إذا كان الذي يكتب علم الرجال يكون ما معتقد بهذه المباني فكل الرجال في ذاك الخط ماذا يصيرون؟ اكس أحمر عليهم كلهم, طبعاً هذه الظاهرة ظاهرة من أخطر الظواهر التي ابتلي بها المنهج السندي مذ كتب الحديث إلى يومنا هذا.
أنا أذكر لك بعض المصاديق, طبعاً في كلا الاتجاهين, ولا تتصور أن هذه موجودة أين؟ فقط عندنا, لعله موجودة في مدرسة الآخرين بمراتب أعمق وأشد من الذي موجود عندنا. أنا أقرأ لك بعض المصادر.
في (هدي الساري مقدمة فتح الباري شرح صحيح البخاري, ص646) فصلٌ, الفصل, التفتوا [فصل في تعيين أسباب الطعن في المذكورين] على أي أساس نحن نرجع أحدهما على الآخر. إلى أن يقول: [ومن موارد الطعن التشيع] إذا ثبت أنه شيعي فهو ماذا تفعل له؟ خط أحمر, الآن التشيع ماذا؟ يقول: [والتشيع محبة علي] هذا منشأ للطعن, مبنى هذا, والآن تراث المسلمين 80% قائم على هذا الأساس [والطعن محبة علي وتقديمه على الصحابة] لابد إذا سويت سلسلة مراتب بالصحابة علي أين تضعه؟ آخر مرتبة الذي بعده منافقين, بمجرد تصعده باية يقال لك قف هذا تشيع هذا يطعن في عدالتك, انظروا هذا المنهج. تلتفتون أم لا, هذه العبارة لم أقراها, ليست من عندي [والتشيع محبة علي وتقديمه على الصحابة] هذه وحدة هذا التشيع, [فمن قدمه على أبي بكر وعمر فهو غال في تشيعه] هذا في الدرك الأسفل من النار, إلى التحت, بمجرد ماذا؟ لا يقول خليفة لا إمام لا معصوم, لا, الآن نحن إذا قدمناه نصير هكذا أما إذا هم قدموه فلا, هو عين الدين يكون, الآن يا أخي قل اجتهاد هذا اجتهادك وهذا اجتهادي, يقول لا لا, اجتهادي لابد هو الحق واجتهادك هو الباطل [فمن قدمه على أبي بكر وعمر] طبعاً ما طعنّا في أبو بكر وعمر ولكن ماذا فعلنا؟ قدمنا قلنا هذا أفضل من هذا, ولم نقل أن ذاك عليه ما عليه, لم نقل شيء [ويطلق عليه رافضيٌ] الآن اتضح عندكم معنى الرافضي عند هؤلاء, الرافضي ليس فقط يبغض فلان وفلان لا لا, من أحب علياً وقدمه على الخليفتين الأول والثاني هذا رافضي يصير,43:24 ومن هنا يقسمون شيعة أهل البيت إلى شيعي وإلى رافضي, الشيعي يحب علي ويضع علي في الطبقة الأخيرة, الرافضي ذاك, [ويطلق عليه رافضيٌ وإلا فشيعيٌ فإن انضاف إلى ذلك السبُ أو التصريح بالبغض فهذا غالٍ في الرفض] إذن كم اصطلاح صار عندنا, شيعي ورافضي ومغالي ماذا؟ انظروا هذه مباني, عند ذلك كل علم الرجال كتب على هذا الأساس. هذا نص.
يوجد وقت (كلام أحد الحضور) مع الأسف الشديد يقول دقيقة واحدة, تتمة الكلام تأتي.
والحمد لله رب العالمين.