نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (87)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    كان الكلام في هذه النقطة أو البحث المنهجي في فهم النصوص والبيانات الواردة عن أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

    قلنا في الأبحاث السابقة أن هناك منهجين وأن هناك أطروحتين:

    الأطروحة الأولى: تعتقد أنّ البيانات الواردة عن أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) ليست هي إلا على مستوىً واحد وهي البيانات العامة التي وردت لعموم الناس, وأنّ حملت هذه البيانات والمعارف إلينا, هم الطبقة المعروفة والمصطلح عليها بفقهاء أصحاب الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام). يعني: الذين نقلوا إلينا الحلال والحرام, أمثال محمد ابن مسلم وزرارة وهذه الطبقة التي هي معروفة وقد وردت روايات عظيمة في حق هؤلاء, طبعاً إن شاء الله تعالى سنعرض أيضاً لا يتبادر إلى الذهن أن هؤلاء فقط ورد في حقهم المدح, بعد ذلك سيتضح أن جملة من أعلام هؤلاء بل كبير هؤلاء وهو زرارة ورد فيه من الذم ما يفوق جابر بعشرات المرات, وهذا سأشير إليه بعد ذلك, ولكن باعتبار أن زرارة يُعد علماً من أعلام أصحاب أئمة أهل البيت, ولذا ذاك الذم لا يؤثر على موقعه الرسمي في فقهاء أصحاب أئمة أهل البيت, هذه طبقة هذا بحث وهو الذي سرى عليه جملة من الأعلام وقرأنا عباراتهم في هذا المجال.

    إذن عندما نقول فقهاء أصحاب الأئمة مرادنا أولئك الذين نقلوا إلينا الحلال والحرام, أعم من أن تكون لهم روايات في أبواب أخرى مرتبطة بالتفسير والعقائد أم لم تكن لهم, وإنما المدار على أنّهم نقلوا إلينا الحلال والحرام, وأتصور العبارات التي قراناها فيما سبق وافية بهذا المجال ويمكن مراجعتها في كلمات الأعلام.

    الأطروحة الثانية أو المنهج الثاني: يعتقد أنّه ليس معارف أهل البيت أولاً على درجة واحدة, وإنما لها درجات وهي بيانات متعددة بعضها لعموم شيعتهم بعضها لخواص شيعتهم, وبعضها لأخص الخواص من شيعتهم, وعلى هذا الأساس فلم يقبلوا نظرية أن الذي يمثل معارف أهل البيت هم طبقة واحدة, لا أنّهم رفضوا تلك الطبقة بل أضافوا إلى تلك الطبقة طبقات أخرى من أصحاب وعلماء أصحاب الأئمة هؤلاء الذين عبّر عنهم بأنهم كانوا يحملون أسرار معارف أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام), وهؤلاء بالإضافة إلى أنهم نقلوا روايات عن الحلال والحرام إلا أنهم لم يكتفوا بذلك وإنما عرفوا بأنهم ينقلون روايات متعلقة بأبحاث أخرى من العقائد والمعارف العالية التي صدرت عن أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

    هذان منهجان والمحقق والمتابع والذي يريد أن يدخل إلى معارف أهل البيت لابد أن يحدد موقفه في الرتبة السابقة أنه يعتقد بالمنهج الأول أو يعتقد بالمنهج الثاني. وأما الدخول بلا تعيين المنهج هذا من قبيل من يدخل إلى أبحاث الاستنباط وهو لم يعين موقفه أن خبر الثقة حجة أو ليس بحجة, أن الظهور حجة أو ليس بحجة؟ أن الظهورات القرآنية حجة أو ليست بحجة؟ كيف أن تلك المسائل تُعد من مفاتيح المباحث المنهجية, كذلك هذه المسألة تُعد من أصول المباحث المنهجية التي ينبغي الالتفات إليها.

    وهنا لابد أن أشير ولو إجمالاً لأنه إن شاء الله تعالى بالقدر الذي سيسع المجال والأيام الباقية سنقف عند مسألة المنهج المتني والمنهج الدلالي, في المنهج الدلالي والمتني بغض النظر عن الراوي وعن السند ننظر إلى متون الروايات إلى الدلالات إلى المضامين, فإن بنينا على المنهج الأول, والأطروحة الأولى كما أشار إليها سيدنا الشهيد وجملة من الأعلام هذا معناه أنّ الراوي لو نقل روايات ليست بضمن هذا الإطار الذي نقله فقهاء أصحاب الأئمة هذا يشكل عام ضعف أم عام قوة؟ ذكر سيدنا الشهيد أن هذا يشكل عام ضعف بالنسبة إلى هؤلاء وإن كان الراوي ثقة. هنا السيد الشهيد بشكل واضح وصريح يتكلم عن المنهج المتني والمنهج المضموني والدلالي.

    يقول: حتى لو فرض أن الأمر غضضنا البحث عن البحث السندي والسند كان تمام ولكن نجد أن هؤلاء ينقلون روايات لها مذاق خاص وخصوصية هذه عادةً لم نجد آثار ذلك في كلمات من؟ في كلمات محمد ابن مسلم وزرارة وهذه الطبقة من فقهاء أصحاب الأئمة, هذا يشكل نقطة ضعف في هؤلاء الرواة, وأن هؤلاء إما اشتبهوا إما دلسوا إما كذبوا وإما وضعوا هذه الأحاديث من عند أنفسهم, أما على المنهج الآخر ماذا؟ يعني لو بنينا على أنه لا, معارف أهل البيت ليست على درجة واحدة وإنما لها مستويات وأنّ تلامذتهم بعضهم كانوا ينقلون هذه المعارف وبعضهم كانوا ينقلون هذه المعارف, هذه نقطة قوة أو نقطة ضعف؟ سوف تشكل هذه نقطة قوة في هؤلاء, إذن له أثر مهم في المنهج الدلالي, وهذا ما أشرنا إليه الإخوة يتذكرون من باب التذكر فقط, في (تقريرات السيد الحائري, ج2, ق2, ص230) هناك قال: [ومن هنا ننبه على مطلبٍ عام] يعني قاعدة يؤسس لها في المنهج المتني لا في المنهج السندي, [وهو أنه في جملة من الموارد تنفعنا في مقام تقدير رواية الراوي وتقييمها مراجعة حال الراوي تاريخ الراوي] المهم [ومجموع ما نقله من الروايات فقد ترى مثلاً عدداً كبيرة من الأحاديث متفقة على مضمون ما بحيث كان المفروض حصول العلم بهذا المضمون بعنوان التواتر] بحسب القاعدة هذا العدد من الرواة لو نقلوا كان ينبغي أن يحصل لنا التواتر في ذلك بحساب الاحتمال, [لكن تكشف أو يكشف بالفحص ظاهرة مشتركة عن حال رواتها تناسب الإيحاء المشترك بضمون تلك الأحاديث مما يسقطها عن درجة التواتر المفيد للعلم].

    فإذن تشكل نقطة ضعف عند من لم يؤمن بالاتجاه الثاني أو الأطروحة الثانية وآمن بالاتجاه الأول والأطروحة الأولى, وهذه نقطة أساسية أخواني الأعزاء.

    ولذا تجدون بأنه جملة من الأعلام عندما نأتي إلى تقييمهم للرواة وفي السند نجد بأنهم يضعون يدهم على ما نقله, إن شاء الله بعد ذلك سيأتي في جابر ابن يزيد الجعفي واحدة من موانع توثيقه وعدم الاعتماد عليه أنه يقول لم ينقل روايات كثيرة في الحلال والحرام, التفتوا, بعبارة أخرى: في الحوزة العلمية كان يدرس فقه أو ما يدرس فقه؟ ما يدرس فقه, هذه نقطة قوة أم نقطة ضعف؟ هذه نقطة ضعف في ذلك المنهج لأنه أساساً العالم الفقيه لابد الفقه أولاً, الآن إذا صار عنده وقت يذهب إلى علم الكلام والتفسير, وإذا ما كان عنده, بل إذا اختص بعلم الكلام والتفسير يشكل هذه نقطة ضعف علمية في شخصيته, هذا هو الميزان, وهذا كان قديماً وحديثاً الآن أيضاً آثاره واضحة في الحوزات العلمية.

    يقول: [فالإطلاع على خصوصية الراوي وحاله ومزاجه وما ينقل من سائر الروايات] النظر إلى الروايات العامة, وهذا مهم بغض النظر عن أننا نتفق مع سيدنا الشهيد أو لا نتفق, إخواني الأعزاء ما ينبغي للعالم للفقيه أن يرجع النجاشي يقول ثقة, هذا ما يكفي خصوصاً فيما يرتبط بأعلام أصحاب أئمة أهل البيت, ثقة ليس بثقة نسقط رواية نقبل رواية, لا, لابد من التفحص التام عن مجموع الروايات التي نقلها ماذا؟ ذلك الراوي حتى نقول أنه يعتمد عليه أو لا يعتمد عليه, لا يقول لنا قائل سيدنا هذه عملية الاجتهاد تتعقد كثيراً, نقول نعم, هذه هي العملية الاجتهادية بطبيعتها كلما تعمقت العلوم كلما توسعت العلوم كماً كيفاً بطبيعة الحال تتعقد العملية الاجتهادية وإلا الأصول في ذلك الزمان, عدة الأصول كان يسويها لنا الشيخ الطوسي, أما في هذا الزمان عدة الأصول تسوي شيخ الطوسي أو ما تسوي شيخ الطوسي؟ شيخ طوسي في زماننا, طيب بطبيعة الحال عدة الأصول في ذلك الزمان لا يكفي لأن يكون أصولياً في زماننا, ولكن في ذلك الزمان عدة الأصول جعلت من الشيخ الطوسي شيخ الطائفة, هذه طبيعة العلوم أنها بطبيعتها تتكامل, على أي الأحوال, هذا هو الأثر الطبيعي والأثر المنهجي ونتيجته في المنهج الدلالي والمتني, إن بنينا على المنهج الأول سوف يكون نقطة ضعف, أما إن بنينا على المنهج الثاني سوف يكون عام قوة في هذا المجال.

    أنا أحاول إن شاء الله تعالى كما قلت في الأيام الباقية من هذه السنة, أن نقف عند بعض الأشخاص المهمين لا مطلقا, وهو أن أولاً تتعرفوا على هؤلاء, وثانياً: تعرفون منهجنا في علم الرجال أيضاً ما هو في الجرح والتعديل, لأنه جملة من الإخوة يسألون بأن السيد الحيدري عندما ينقل الروايات لا نجد أنه يعتني كثيراً صحيح أو غير صحيح مقبول أو غير مقبول, إذن ما هو المنهج الذي يتبعه في هذا المجال, سوف أبينه من خلال بعض التطبيقات في هذا المجال.

    التطبيق الأول -الذي أريد أن أشير إليه- وهو: ما يتعلق بجابر ابن يزيد الجعفي, جابر ابن يزيد الجعفي يمكن أن يبحث في هذه الشخصية من خلال عدّة مستويات أو عدّة أبحاث, وهذا اجعلوه نموذجاً للمنهج الذي نتبعه في كيفية معرفة تقييم الرجال وتقييم أسناد الرواية.

    البحث الأول -الذي لابد أن يلتفت إليه- هو: أن جابر ابن يزيد الجُعفي وقع الاتفاق على صدقه ووثاقته في كتب علماء الجرح والتعديل, الإخوة يتذكرون فيما سبق نحن قرأنا بعض العبارات من ميزان الاعتدال للذهبي, ولعله أوسع من ذلك يمكنكم أن ترجعوا إلى تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني, وهؤلاء من أكثر علماء الرجال تعصباً في قبول أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام), وهذه قضية مهمة, يعني أنا بحسب تصنيفي هؤلاء يعدون على المنهج الأموي, أمويون هؤلاء يعني ابن حجر, طبعاً يكون في علمكم, الضابط في كون الشخص أموي أو ليس بأموي يكون في علمكم, الضابط هو دفاعه عن معاوية وبني معاوية وعدم دفاعه عن ذلك, طبعاً هذا الضابط لست أنا واضعه بل هم الأمويون أصحاب المنهج الأموي يعني عندما يأتون إلى كبار علماء الإسلام كبار علماء الإسلام أمثال النسائي الذي يقولون أنه أدق من مسلم وبخاري ولكنه يتهم بالتشيع لماذا؟ لأنه منحرف عن معاوية أبداً لا انه منحرف عن رسول الله لا أنه منحرف عن الله بل منحرف عن من؟ عن معاوية, أما أمثال الحاكم النيسابوري, بل وجدت أخيراً وهذا لا تصدقون يعني واقعاً لا يصدقه الإنسان, وجدت أخيراً أن الذهبي يُتهم بأنه منحرف عن معاوية, الذهبي الذي يعبر عن معاوية بعبارة واقعاً قل نظيرها في آخر كتاب وصل بيدي تحت عنوان وهو من الكتب المنتشرة الآن في السعودية, تحت عنوان (إسكات الكلاب العاوية بفضائل أمير المؤمنين معاوية) وفي هذا الكتاب يضع فهرساً للعلماء الذين تسقط عدالتهم بمجرد عدم الترحم على المعاوية لا شتم معاوية, يقولون عندما يذكرون اسمه ماذا؟ لا يترضون عليه هذا كافٍ للانحراف عن من؟ عن الإسلام والمسلمين وهذا القدر كافي, ولذا يدخل فيه النسائي ويدخل فيه الذهبي ويدخل فيه, والغريب لا تصدقون يدخل فيه أبو الفرج الأصفهاني يعني شيء لا يصدق أبو الفرج الأصفهاني معروف بكونه أموي يقول لا, هذا أيضاً متشيع, ويشكل على الذهبي لماذا تعبر عن النسائي فيه تشيعٌ لا هذا مغالي لماذا لأنه لم يكتب في فضائل معاوية.

    التفتوا جيداً, إذن يوجد نهج هناك منهج يوجد على أساس, يعني نفس النهج الذي نحن وضعناه لمن؟ لعلي× قلنا بأنه >لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق< من يترضى على معاوية يصير على الصراط المستقيم ومن لا يترضى عليه فهو منحرف, هذا منهج واضح.

    والروايات الواردة في ذلك كثيرة يعني وضعوا روايات كثيرة وحتى في أفضل كتبهم وصحاحهم ومسانيدهم.

    أنا عندما أقول ابن حجر وعندما أقول ميزان الاعتدال يعني الذهبي وابن حجر وابن كثير وابن القيم والنووي .. هذه المجموعة ابن تيمية على رأسهم وتبعاً لذلك أذيال هؤلاء أمثال ابن باز ومحمد ابن عبد الوهاب الذي هؤلاء واقعاً ذيول واقعاً أعمى البصر والبصيرة كلاهما أصلاً لا يعرفون شيئاً من العلم هؤلاء ولكن تبعوا لمن؟ وجاءت الأجهزة الحاكمة وكبرت هؤلاء وسمتهم أئمة ومجددين وغير ذلك, على أي الأحوال.

    هؤلاء عندما يوثقون ويقولون أنه صادق ورع ثقة هذه ليست قضية بالسهلة, لا يقول لي قائل بأنه سيدنا إذن ماذا تفعلون بتلك الروايات التي >الرشد في خلافهم< تلك في موارد الخلاف لا في موارد الإجماع, وإلا لو كان الرشد في خلاف هؤلاء إذن هم نقلوا حديث الثقلين إذن الرشد في خلاف ماذا؟ الرشد في خلاف, لا ليس الأمر كذلك, ليس المنهج أنه كلما قالوه >الرشد في خلافهم< هذه في موارد التعارض وعموماً في الحلال والحرام يكون في علمكم أن الرشد في خلافهم على شروط إن شاء الله في باب التعارض سنشير إليها.

    المهم, في كلمات هؤلاء بينوا أنه ورع, طبعاً وصرحوا أنه كذاب بل اكذب الناس ولكن بينوا علة أنه كذاب, ما هو؟ قائل بالرجعة, قائل بالوصايا لأمير المؤمنين, كان يشتمل الصحابة, إن شاء الله بعد ذلك سنبين جملة من كلمات هؤلاء لماذا اتهموه بالوضع, لا أنه اتهموه بالوضع لأنه ليس بصادق, لا أنه اتهموه بالكذب لأنه ليس بصادق, بل اتهموه لأنه يشتمل الأول والثاني, يشتمل الصحابة, أو قائل بالرجعة, أو قائل بعلي أنه وارث علم الأولين والآخرين, هذه هي أسباب الطعن فيه, الآن ليس بحثنا في كلمات أولئك وتقييمهم وأنه ماذا نستفيد, وإنما المهم عندنا ما يوجد في كلمات أعلامنا.

    في كلمات الأعلام عندنا ما ذكره السيد الخوئي, هذا البحث الأول وهو أنه ثقة أو ليس بثقة في (معجم رجال الحديث, ج4, ص25) هذه عبارة السيد الخوئي+ يقول: [أقول: الذي ينبغي أن يقال أن الرجل لابد من عدّه من الثقات الأجلاء لشهادة ابن قولويه وعلي ابن إبراهيم] سنقرأ بعض هذه العبارات [والشيخ المفيد في رسالته العددية وشهادة ابن الغضائري] الذي في الأعم الأغلب ابن الغضائري ماذا يوثق أو يجرح؟ أصلاً طبيعته الجرح, [على ما حكاه العلامة, ولقول الصادق× في صحيحة زياد >أنه كان يصدق علينا<]. الآن هذا هو دليلهم إن شاء الله بعد ذلك إذا بقي وقت أشير إليه, هذا الأمر الأول.

    إذن الأمر الأول: تقريباً أعلام الطائفة وثقوا جابر ابن يزيد الجعفي بل قالوا من الثقات الأجلاء, وأنا لا احتاج أن أطيل الكلام لأن الإخوة يراجعون كلمات الأعلام في هذا المجال.

    وإنما أريد أن أقف عند الأمر الثاني, التفتوا, تارةً: يوثق رجلٌ من باب أنه إنسان عادي من عوام الناس ولكنّه عادلٌ ثقة موثوق صادق في أعلى درجات الصدق, هذا لا بأس به وكم له في الناس من نظير, وأخرى يوثق لا على أساس أنه إنسان راوي من الرواة ولكنه ثقة, وإنما يوثق على أساس أنّه من خواص أصحاب أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وبتعبير الأعلام من أولئك القلائل الذين حملوا أسرار أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وعندما نقول حملوا أسرارهم لا يذهب ذهنك سري للغاية, لا لا, المراد من الأسرار يعني حملوا تلك المعارف التي أشرنا إليها وهي >حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان< هؤلاء من المؤمنين الذين امتحن الله قلبهم للإيمان, مرادنا من الخواص وحاملي الأسرار هذا المعنى.

    جملة من الأعلام صرحوا بهذا الأمر, في (تنقيح المقال للمامقاني, ج14, ص131) في هذا الكتاب في الحاشية لهذا الكتاب ينقل مجموعة من كلمات الأعلام إن شاء الله الإخوة يراجعونها, يقول: [آراء علمائنا الإمامية في الرجل] فيشير إلى كلمتين أو ثلاثة أنا أشير إليها يشير إلى كلمة العلامة المجلسي الأول شيخ محمد تقي والد الشيخ محمد باقر المجلسي الذي هو واقعاً أيضاً من العرفاء فضلاً أنه من الفقهاء الكبار, يقول: [عن جابر ابن يزيد وقيل أنه أبو محمد لقا الباقر والصادق ومات في أيامه× ثم قال في فلان والذي يخطر ببالي] هذا كلام المجلسي الأول, [والذي يخطر ببالي من تتبع أخباره أنّه كان من أصحاب أسرارهما^] الباقر والصادق, إذن لم يكن صحابي عادي ثقة وإنما هو من حامل الأسرار والمعارف [وكان يذكر بعض المعجزات أو يعبر عن الأئمة ببعض التعبيرات] هذه التعبيرات لم تكن مأنوسة في أذهان عامة الناس ولهذا قد يقال أنه مغالٍ لهذه التعبيرات التي وردت في كلماته, وإن شاء الله سأقرأ بعض الروايات في هذا. [وكان يذكر بعض المعجزات التي لا يدركها عقول الضعفاء حصل به الغلو في بعضهم ونسبوا إليه افتراءً سيما الغلاة والعامة] ولذا يذكر جملة من كلمات مسلم في أول صحيح مسلم في ذم جابر لأنه يقول بمثل هذه المسائل. يقول: [روى مسلم في أول كتابه ذموم كثيرة في جابر والكل يرجع إلى الرفض وإلى القول بالرجعة وكان مشتهراً بينهم وعمل على أخباره جُل أصحاب الحديث ولم نطلّع] المجلسي الأول يقول [ولم نطّلع على شيء يدل على غلوه أو اختلاطه سوى خبر ضعيف رواه الكشي والله تعالى يعلم]. هذه العبارة الأولى في ص131.

    عبارة ثانية في هذا المجال ينقلها عن الوحيد في تعليقته المطبوعة على هامش (منهج المقال) يقول: [وقطع بأن منشأ تضعيفه هو روايته بعض الأخبار الحاكية عن معجزات الأئمة ممّا لا تتحمله عقول الضعفاء وحكم بجلالته ووثاقته].

    وممن أيضاً أشار إلى هذا المعنى, (المحدث النوري, في خاتمة المستدرك, ج4, الطبعة التي هي لمؤسسة آل البيت, ص197) هذه عبارته, يقول: [وأما جابر فما أشبهه بمحمد ابن سنان في هذا المقام] لأن هؤلاء من طبقة واحدة ومن منهج واحد, [وأما جابر فما أشبهه بمحمد ابن سنان في هذا المقام والحق أنّه من أجلاء الرواة وأعاظم الثقات بل من حملة أسرارهم وحفظة كنوز أخبارهم] هذا كلام من؟ كلام المحدث النوري في خاتمة المستدرك.

    وكلام آخر يوجد أيضاً للخُنساري في (روضات الجنات) إن شاء الله بعد ذلك سأشير إليه. هذا هو الأمر الثاني.

    إذن بنحو الإجمال اتضح لنا كلمات كثيرة أنا من باب النموذج والتتبع أريد الإخوة يتعلمون هذا المنهج أنه عندما يريد أن يعرفوا شخصية ما يكفي مراجعة هذه المختصرات ثقة أو ليس بثقة, لأننا في المنهج الدلالي نريد أن نعرف أن هذا الرجل الذي ينقل هذه المضامين أساساً كان أهلاً لمثل هذه المضامين أو لم يكن أهلاً لمثل هذه المضامين, فإذا كان إنساناً عادياً واقعاً هو بنفسه سوف يكون عامل ضعف أما إذا كان إنساناً لا خاصاً من خواص أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) فالمعارف أيضاً تكون بنفس الدرجة.

    الأمر الثالث: النصوص الواردة في حقه مدحاً:

    الروايات الواردة في حقه كثيرة أكثر من عشرين ثلاثين رواية, ولكن أنا اخترت للإخوة مجموعة من هذه الروايات, طبعاً يكون في علم الإخوة لا أدخل المنهج السندي على الإطلاق لماذا؟ لأنه بنظرية جمع القرائن لا رواية واثنين وثلاث أو أربع لعله أقل من هذا العدد في موارد أخرى الأعلام يقبلون أن الرواية أنها مستفيضة أو يحصل الاطمئنان بصدور بعضها ولو على نحو الإجمال, إذن على هذا الأساس لا ندخل البحث السندي في هذا المجال.

    النص الأول: ما ورد ما أشار إليه المفيد في الاختصاص, الشيخ المفيد في الاختصاص, ص204) هذه عبارته, طبعاً هذه الرواية من باب الاتفاق أيضاً صحيحة السند من الصحيح الأعلائي الجيد التي لا مشكلة فيها, الرواية: >عن زياد ابن الحلال أو الحلاّل -الآن بالضبط لا أعلم- قال: اختلف أصحابنا في أحاديث جابر الجعفي< إذن تبين أن القضية كانت مطروحة في زمن أئمة أهل البيت لا أنها حديثة, >فقلت: أنا أسأل أبا عبد الله الصادق فلما دخلت ابتدأني فقال: رحم الله جابر الجعفي كان يصدق علينا< والرواية صحيحة السند في قبول السيد الخوئي وغير السيد الخوئي كلهم يصرحون أنها صحيحة السند, كما قرأنا قبل قليل السيد الخوئي& قال: [ولقول الصادق× في صحيحة زياد أنه كان يصدق علينا] وفي موضع آخر يقول [إذن لا تكون الموثقة] هناك الموثقة دالة على ذمه بعد ذلك سنشير إليها, [لا تكون الموثقة معارضة للصحيحة الدالة على صدقه في الأحاديث المؤيدة بما تقدم من الروايات الدالة على جلالته ومدحه] هذا اجعلوها في الأمر الأول الذي أنا ما قرأتها [وأنّه كان عنده من أسرار أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام)] وهذا إقرار من علمٍ كالسيد الخوئي+ الذي هو أميل إلى هذا الاتجاه الأول منه إلى الاتجاه الثاني, ولكن يقر أن الروايات دالة على أنه كان من الخواص ولم يكن من العوام. جيد.

    من الروايات الواردة أيضاً في هذا المجال ما ورد عن الكشي, يعني (اختيار معرفة الرجال, ح رقم 340, ج2, ص438) الرواية هذه, >عن ذريح المحاربي< انظروا المحاربي أيضاً يسأل عن من؟ يسأل عن أمثال جابر وطبيعي لأنه يوجد انسجام في الخط, >عن ذريح المحاربي< الذي هو ثقة إن شاء الله إذا صار وقت أيضاً نتكلم عن ذريح أنا سوف أتكلم عن مجموعة من هؤلاء, >عن ذريح المحاربي, قال: سألت أبا عبد الله عن جابر الجعفي وما روى, فلم يجبني< سكت, >وأظنّه قال< يعني السائل يقول >وأظنّه قال سألته بجمعٍ فلم يجبني< بطبيعة الحال أنه في الجمع يمكن توثيقه أو لا يمكن؟ لأنه ينقل تلك الروايات الخاصة, >فسألته الثالثة, فقال لي: يا ذريح دع ذكر الجابر, فإن السفلة إذا سمعوا بأحاديثه شنعوا أو قال أذاع< إذن يظهر أن جابر كان عنده مجموعة من الأحاديث التي ينبغي إذاعتها أو لا ينبغي إذاعتها؟ لا ينبغي, هذا نص منه.

    وقريب أيضاً منه من هذا النص, ما ورد في (الكشي, ج2, ص671, في هذا المجال رقم الحديث 699) الرواية: >عن ذريح, قال: قلت لأبي عبد الله بالمدينة ما تقول في أحاديث جابر, قال: تلقاني بمكة, قال: فلقيته بمكة, فقال: تلقاني بمنى, قال: فلقيته بمنى, فقال: ما تصنع بأحاديث جابر< ما تفعل بها أنت, الآن ذريح المحاربي هو أيضاً من الخواص >ومن يحتمل ما يحتمل ذريح< ولكن يظهر أنّه جابر فوق ماذا؟ هذا الذي نحن قسمنا إذا يتذكر الإخوة قلنا عموم الشيعة خواص الشيعة ومن هم >من شئنا< الذي هي الطبقة الخاصة وجملة من الأعلام يضعون جابر في هذه الطبقة في أخص الخواص, >قال: ماذا تصنع بأحاديث جابر إله -اترك- إله عن أحاديث جابر فإنّها إذا وقعت إلى السفلة أذاعوه< اترك هذه الأحاديث ولا تنقلها أصلاً, وإذا تتذكرون هذه الروايات مؤيدة بعشرات الروايات التي أمرت أصحابهم أنه >من أذاع سرنا علينا< بهذا يتضح معنى أسرارهم, يعني هذه حقائق معارفهم, فقد >أعان علينا< الروايات التي وردت بلعن من أذاع هذه الأسرار, طبعاً إن شاء الله بعد ذلك إذا وفقنا عند ذريح, هذه الرواية جعلوها من الروايات الدالة على ذم من؟ على ذم ذريح لأنه قال: >إذا وقعت إلى السفلة< فالبعض تصور أن ذريح هو من السفلة, فقال عبد الله ابن جبلة [فاحتسبت ذريحاً منهم] من هؤلاء الذين باعتبار أن الإمام يقول كذا.

    وقريب هذا الحديث المحدث النوري في (خاتمة المستدرك, ج4, ص199) هذه عبارته, قال: [وهذا الخبر كالصحيح لمكان جبرائيل وفيه من الدلالة على علو مقامه ما لا يخفى].

    النص الثالث الوارد في هذا المقام أيضاً ما ورد في (الاختصاص, ص216) الرواية هذه >عن عبد الله ابن الفضل الهاشمي قال: كنت عند الصادق جعفر ابن محمد^ إذ دخل المفضل ابن عمر< طيب تعلمون أن الكلام في المفضل ابن عمر إذا صار وقت أيضاً نقف عنده >فلما بصر به ضحك إليه ثم قال إليّ يا مفضل فوربي إنّي لأحبك وأحب من يحبك, يا مفضل لو عرف جميع أصحابي ما تعرف ما اختلف اثنان منهم< جيد >فقال له المفضل: يا ابن رسول الله لقد حسبت أن أكون قد أنزلت فوق منزلتي< ما أستحق هذا الموقع الذي أنت تقوله لي؟ >فقال×: بل أنزلت المنزلة التي أنزلك الله بها, فقال: يا ابن رسول الله< أنظروا أساساً هذه طبقة واحدة كانت معروفة فيما بينها وعلاقاتها طيبة فيما بينهم, فمباشرة يقول >فقال: يا ابن رسول الله, فما منزلة جابر الجعفي عندكم< إذا كان هذا منزلتي عندكم إذن جابر ما هو مقامه عندكم؟ أنت في مكان آخر هكذا أسئلة ما يسأل مسلم ما عنده شغل, لماذا؟ لأنه أساساً الإمام× >كل ميسر لما خلق له< أساساً هو في خط آخر من معارف أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أصلاً ليس شغله هذا, شغله شيء آخر. وهذا بحثه إن شاء الله بعد ذلك سأشير.

    >قال: فما منزلة جابر ابن يزيد منكم, قال: منزلة سلمان من رسول الله’< وأنتم تعلمون منزلة سلمان غير منزلة أبو ذر, ومنزلة أبو ذر غير منزلة مقداد وعمار وهكذا, هؤلاء كانوا طبقات النبي الأكرم’ صحابة النبي الأكرم’, وروايات الارتداد خير شاهد على ما أقول, ارجعوا إلى روايات الارتداد التي مع الأسف الشديد لم تفسر تفسيراً صحيحاً ودقيقاً تصور أنه المراد منه الارتداد الفقهي, وهذا لا علاقة له بالارتداد الفقهي وإنما مرتبط ببحث آخر من الارتداد كالكفر الذي في كلمات أئمة أهل البيت الذي هو بعضه كفرٌ فقهي وبعضه كفرٌ ليس فقهي, ولذا تجدون علم مثل السيد الخوئي يقول: نعبر عن هؤلاء المخالفين مسلموا الدنيا وكفار الآخرة, كيف يصير هذا؟ إذا مسلم كيف يصير كافر؟ الجواب: أن السيد الخوئي ملتفت عالم السيد الخوئي, عندما يقول مسلموا الدنيا يعني في البحث الفقهي, وعندما يقول كفار الآخرة يعني في البحث الكلامي والبحث الكلامي غير البحث الفقهي ومع الأسف الشديد لم أجد أحد من هؤلاء عموم الجهلة الذين يخرجون على الفضائيات عندما ترد هذه روايات الارتداد ارتد إلا ثلاث, إلا خمس, إلا سبع< إلا كذا, أن يقف بعض عند معنى الارتداد, أصلاً أهل البيت عندما يقولون ارتد ما معنى الارتداد هل المراد ذاك الارتداد الفقهي الذي ورد بأنه >تبين عنه زوجته و.. الارتداد الفطري و… إلى غير ذلك أو أنه ارتداد آخر, على أي الأحوال.

    >فقال: ما منزلة جابر منكم؟ قال: منزلة سلمان من رسول الله’, قال: فما منزلة داود ابن كثير الرقي منكم, قال: منزلة المقداد من رسول الله’, ثم أقبل عليّ فقال يا عبد الله ابن الفضل, إن الله تبارك وتعالى< ونقل بعض الأحاديث التي هذه الأحاديث هي التي تخلق المشكلة, فلهذا يتهمون ماذا؟ إما يتهمون بالغلو أو يتهمون بالجبر إما يتهمون بكذا.

    أنقل لك هذه الرواية تقول واضحة هذه الرواية أنها لا تنسجم مع مباني مدرسة أهل البيت, >إن الله تبارك وتعالى خلقنا من نور عظمته وصنعنا برحمته وخلق أرواحكم منّا فنحن نحن إليكم وأنتم تحنون إلينا< يُسأل الإمام× ما هو ذاك الضيق الذي يدخل علينا في عصر يوم الجمعة؟ لماذا نحس بالانقباض؟ >قال: لأنكم خلقتم من فاضل طينتنا< في هذا الوقت أيضاً الإمام× جالس وينظر الفايلات -وطيحان حظنا- فينقبض الإمام فيحزن الإمام لأعمالنا, فيدخل ذلك على شيعتهم, >فمن منكم أكثر ارتباطاً به روحياً يشعر بالانقباض أكثر< أما اللاهي والغافل يحس أو ما يحس؟ لا تراه بالقهاوي وتراه بالحدائق.

    وعجيب في كل مورد هذه الروايات, روايات >يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا< انظروا أيضاً الإمامة يعللون ذلك لأنهم خلقوا من فاضل. والأكثر من ذلك في يوم العاشر من محرم يقول هذا الذي تجدونه باعتبار أنكم قلتم من فاضل طينتنا, ويوم العاشر من محرم يوم ماذا؟ يوم حزن آل البيت, فبطبيعة الحال شيعتهم أيضاً يكونون كذلك.

    >يقول: والله لو جهد< التفت إلى هذه الجملة, هذا من ينقلها, عندنا وقت؟ هذا من ينقلها, يقول طيب واضحة الرواية جبرية, >والله لو جهد أهل المشرق والمغرب أن يزيدوا في شيعتنا رجلاً أو ينقصوا منهم رجلاً ما قدروا على ذلك< عجيب إذن القضية اختيار أو جبر؟ طيب أنت ما لم تفهم؟ >لا نعد الرجل فقيهاً حتى يعرف معاريض كلامنا< حتى يعرف, طيب الآن ما تعرف فمشكلتك أنت لا مشكلة النصوص, طيب هذه تجعل نقطة قوة للراوي أو نقطة ضعف؟ لمن لا يعرف المباني يقول هذه نقطة ضعف ولمن يعرف المباني هذه ماذا؟ وإلا ماذا تفعل بتلك النصوص التي تقول بأنه يوم القيامة كل ما توجد من أعمال صالحة لمخالفينا تؤخذ من صفحاتهم وترد إلى ماذا؟ إلى شيعتهم, طيب فليقرؤوا قرآن بالحج, دعهم يقرؤون دعهم يومياً يختمون القرآن جزاهم الله خير, وكل ما توجد من سيئات شيعتنا تذهب ماذا؟ إليهم, الآن السائل يسأل يقول >يا ابن رسول الله< إذن أين صار قانون >{ولا تزروا وازرة وزر أخرى} {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}؟ قال: بضاعتنا ردت إلينا وبضاعتهم ردت إليهم< الآن هذا قانون في الروايات كيف >بضاعتنا ردت إليهم وبضاعتهم ردت إليهم لأنه إن ذكر الخير كنتم أصله معدنه فرعه أوله< أو كله هنا, فكل ما يوجد خير في أي مكان فمنشأه من أين؟ منهم, إذن بضاعتنا ردت إلينا, هذا بحثه إن شاء الله في أبحاث.

    فمن لم يعرف هذه المباني بطبيعة الحال ينتهي إلى هذه النتائج.

    تتمة الكلام تأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/06
    • مرات التنزيل : 1250

  • جديد المرئيات