نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (94)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    كان الكلام في الدليل الذي يمكن اعتماده لإثبات أن الطريق الصحيح لتصحيح الروايات الواردة عن النبي الأكرم’, وأئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أن الطريق لذلك إنما يمر من خلال المنهج الدلالي والمنهج المتني, وبتعبير آخر المنهج المضموني, ومن أهم الفوارق بين هذا المنهج وبين المنهج السندي, أن المنهج الدلالي يوجد فيه تصريح من أئمة أهل البيت وهي روايات العرض, فإنّ روايات العرض على الكتاب من الواضح أنّها ليست بصدد تصحيح النصوص من خلال المنهج السندي كما سيتضح, وإنما هي بصدد تصحيح النصوص من خلال المنهج الدلالي والمضموني, وهذا بخلافه في المنهج السندي, فإن المنهج السندي لا يوجد فيه تصريح من الأئمة, نعم أن الأعلام ببركة السيرة العقلائية استدلوا على صحة المنهج السندي.

    وإلا أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لا يوجد هناك رواياتٌ واضحةٌ تقول بأن الطريق لتصحيح الرواية إنما يمر, نعم توجد روايات ولكن يوجد فيها هذا التصريح الذي يوجد في المنهج الدلالي هذا مختص بهذا المنهج.

    وهذه النصوص كما عرفتم فيما سبق صحيحة ومطمئن بصدورها على كلا المنهجين, على المنهج السندي لأن فيها روايات صحيحة إن لم نقل أنها متواترة كما أشرنا إلى هذا البحث فيما سبق, وعلى المنهج الدلالي أيضاً لأننا عندما عرضناها على الكتاب يوجد عليها شاهد أو لا يوجد؟ اتضح أنّه أولاً: ليست معارضة للكتاب, وثانياً: يوجد عليها شاهد من الكتاب.

    إذن لو صرنا إلى هذه النصوص فإنها يمكن الاعتماد عليها سواء بنينا على المنهج السندي أو على المنهج المضموني, هذا ثانياً, وثالثاً أيضاً: ما ذكر من الموانع من اعتبار هذا الطريق وهذا المنهج اتضح أنه تام أو غير تام؟ ما ذكرناه من الموانع غير واردةً في المقام.

    إذن هذه النصوص صحيحة سنداً يوجد عليها شاهد من الكتاب وهي بصدد تصحيح النصوص الروائية الواردة بأيدينا من خلال المنهج الدلالي لا من خلال المنهج السندي. وهذا أيضاً إذا يتذكر الإخوة نحن فيما سبق أشرنا قلنا أنه ليس بين المنهج الدلالي والمنهج السندي تباين يعني إما هذا وإما هذا, نعم, قد يكون بينهما عموم وخصوص من وجه, يعني قد يكون صحيحٌ سنداً وغير تامٍ مضموناً, وقد يكون تام مضموناً وليس صحيح سنداً, وقد يكون من حيث السند تامٌ ومن حيث الدلالة والمضمون أيضاً تام, فلا يمكن أن يقال أنه يوجد بينهما تباين إما هذا وإما هذا, لا ليس الأمر كذلك.

    ولذا عبرنا فيما سبق أنه ليس بين المنهجين مانعة الجمع وإنما مانعة الخلو كما أشرنا إلى هذا البحث فيما سبق.

    هذه مجموعة الأمور التي طرحناها بحمد الله تعالى في الأبحاث السابقة مع إضافة بعض النكات.

    أما بحثنا لهذا اليوم, ما هي أهم النتائج المترتبة على هذا المنهج؟

    النتيجة الأولى الأساسية: التي لابد أن يلتفت إليها, أنّ هذه النصوص ليست مختصة بباب تعارض الروايات لأن البعض حاول أن يجعل هذه النصوص مرتبطة بماذا؟ أنه إذا كان للرواية معارض عند ذلك نذهب إلى المرجحات المرجحات هي موافقة الكتاب أو مخالفة العامة ونحو ذلك, مع أنه هذه النصوص صريحة وواضحة وصحيحة في أن القضية أعم سواء كان هناك معارض أم لم يكن هناك معارض فلابد من عرض ما ورد عنهم على ماذا؟ على كتاب الله سبحانه وتعالى, >ما جاءكم عنا فاعرضوه على كتاب ربنا< إذن عندما ننظر إلى هذه النصوص نجد أنها عامة لا تختص بباب التعارض.

    إذن جعل هذه النصوص جعل هذا البحث في باب التعارض لعله في غير محله, لأن هذه الروايات تقول لابد من العرض على الكتاب أعم من أن يكون للرواية معارض أم لم يكن لذلك معارض.

    والروايات في هذا المجال واضحة وصريحة, أنا أشير إلى بعض هذه الروايات, في (وسائل الشيعة, ج27, ص106) هناك مجموعة من الروايات بعضها أيضاً صحيحة السند.

    الرواية الأولى: >عن السكوني عن أبي عبد الله الصادق قال قال رسول الله’: إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه<. طيب من الواضح سواء وجد لها معارض أم لم يوجد لها معارض فهي أعم. هذه الرواية رقم 10 من الباب يعني بعبارة أخرى: (باب وجوه الجمع بين الأحاديث المختلفة وكيفية العمل بها) مع أنه هذه الروايات أعم من عنوان الباب. وهي (أبواب صفات القاضي الباب 9, باب وجوه الجمع بين الأحاديث المختلفة, الرواية 10 من هذا الباب).

    الرواية الثانية: وهي >عن ابن فضّال عن علي ابن عقبة عن أيوب ابن راشد عن أبي عبد الله الصادق وهي صحيحة السند, قال: ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف< الآن أعم أن يكون له معارض أو لم يكن له معارض ومخالف.

    الرواية الثالثة -وهي الرواية الثالثة عشر من هذا الباب وأيضاً صحيحة السند- الرواية: >عن يحيى الحلبي عن أيوب ابن الحر قال سمعت أبا عبد الله الصادق يقول: كل شيء مردودٌ إلى الكتاب والسنة وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف<.

    وكذلك الرواية الخامسة عشر من هذا الباب, الرواية: >عن أبي عبد الله الصادق قال: خطب النبي بمنى فقال أيها الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله< أعم من أن يكون له معارض أم لم يكن له معارض.

    وكذلك الرواية الثامنة عشر من هذا الباب, الرواية, طبعاً مرسلة, >عن أبي جعفر (عليه أفضل الصلاة والسلام) قال: إذا جاءكم عنّا حديثٌ فوجدتم عليه شاهداً أو شاهدين من كتاب الله..< إلى آخره.

    وكذلك الرواية 37 من هذا الباب التي أشرنا إليها فيما سبق, قال: >انظروا أمرنا وما جاءكم عنّا فإن وجدتموه للقرآن موافقاً فخذوا به وإن لم تجدوه موافقاً فردوه<.

    إذن هذه النتيجة الأولى وهي من أهم النتائج أنّ روايات العرض على الكتاب ليست مختصة بباب التعارض, بل هي شاملة لموارد التعارض والاختلاف وغير ذلك, بعبارة أخرى لا يمكن العمل بأي روايةٍ إلا بعد عرضها على كتاب الله وسنة نبيه القطعية. أما المجيء إلى كتب الحديث والاعتماد إلى السند والانتهاء, فهذا خلاف هذه الروايات المتواترة الصادرة عن النبي وأئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام). هذه النتيجة الأولى.

    النتيجة الثانية:

    هل المطلوب عرض كل الروايات الواردة عنهم سواءٌ كانت صحيحة ومعتبرة أم لا؟ التي يعرض على كتاب الله لابد أن تكون غير معتبرة, أما إذا كانت معتبرة فلا تحتاج إلى العرض على كتاب الله.

    الجواب: أننا نعتقد أن في هذه النصوص تصريحات واضحة الدلالة تبين لنا أنّ كل النصوص لابد من عرضها على ماذا؟ على كتاب الله سواء كانت معتبرة أم لم تكن معتبرة.

    أما الشواهد الدالة على هذه الحقيقة.

    الشاهد الأول: الإطلاق والعموم المستفاد من هذه الأحاديث, لأنّه في بعضها >كل حديث< والكل من أدوات العموم, في بعضها >كل شيء< في بعضها >كل ما جاءكم عنّا< وفي بعضها >إذا ورد عليكم حديث< الذي هذه هي الإطلاق, إذن هذه النصوص إما بالعموم وإما بالإطلاق شاملة للمعتبرة وغير المعتبرة.

    إلا أن يدل دليل على التخصيص, إذا ورد عندنا دليل على التخصيص عند ذلك نقول لا, الروايات غير المعتبرة نعرضها على كتاب الله سبحانه وتعالى أما الروايات المعتبرة فلا تحتاج إلى العرض على كتاب الله, أو يدل تخصيص أن الروايات المتعارضة تعرض على كتاب الله أما غير المتعارضة فلا, وإلى الآن لم نجد هذا المخصص في هذا المجال. هذا هو الشاهد الأول.

    الشاهد الثاني: ما ورد التصريح به في روايةٍ وهي رواية: (ما ورد في تفسير العياشي, ج1, ص83) الرواية عن محمد ابن مسلم الآن لابد أن ننظر إلى السند فيها, الرواية: >عن محمد ابن مسلم قال أبو عبد الله الصادق يا محمد ما جاءك في روايةٍ من برٍ أو فاجر< سواء كانت صحيحة أم لم تكن صحيحة, وهذا تصريح من الإمام وليس استناد إلى العموم أو الإطلاق, هذا تصريح من الإمام >من بر أو فاجر يوافق القرآن فخذ به وما جاءك في روايةٍ من برٍ أو فاجر يخالف القرآن فلا تأخذ به< هذا أيضاً الشاهد الثاني.

    الشاهد الثالث: هذا الشاهد الآن هذه الروايات السند أنا لم أحقق في السند, ولكن هذه الرواية الثالثة وهي رواية لا أقل مقبولة عمر ابن حنظلة أو على بعض المباني صحيحة عمر ابن حنظلة, كما أنه جملة من الأعلام ومنهم سيدنا الشهيد يصححون هذه الرواية, وهي المعروفة بمقبولة عمر ابن حنظلة, هذه الرواية كما جاءت في (الأصول من الكافي, ج1, ص68) الرواية كما أنتم تعلمون واردة في (كتاب فضل العلم باب اختلاف الحديث) الرواية تقول: >قلت< التفت جيدا >قلت فإن كان الخبران عنكما< عن الباقر والصادق (عليهم أفضل الصلاة والسلام) >فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقات عنكم< إذن هذه موثوقة وهذه موثوقة الإمام ماذا يقول؟ >قال: ينظر ما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به< إذن المدار لا أقل في مورد تعارض الأحاديث الآن بهذا القدر, لا أقل في مورد تعارض الحديثين منهج أهل البيت هو المنهج السندي أو المنهج المتني؟ كلاهما ثقة إذن من حيث البحث السندي فيوجد إشكال أو لا يوجد إشكال؟ يقول الإمام لا تنظر إلى البحث السندي أنظر إلى البحث الدلالي ولمضموني والمتني فخذ به إن وافق, فخذ به يعني من حيث السند؟ لا لا, فخذ به من حيث المضمون, سواء كان السند ثقة أم لم يكن ثقة.

    وأنا لا أعتقد أن للأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لهما منهجان في الإنفراد منهج وفي التعارض منهج آخر, أصلاً أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) بقرينة الروايات السابقة لأنه كنت عندنا شواهد متعددة, إذن المنهج العام ماذا؟ المنهج العام هو هذا, نعم فرض السائل مرتبط بفرض التعارض, لا أن الإمام يريد أن يجعل المنهج الدلالي مختصاً بفرض تعارض الروايات, هذا أيضاً الشاهد الثالث.

    الشاهد الرابع: وهو شاهد من خلال قاعدة >تعرض الأشياء بأضدادها<. أنّ الأئمة, التفتوا جيداً إلى هذه النقطة, أنّ الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) في موارد ضعف الرواية سنداً لا يقولون لها إذن فهي ماذا؟ ساقطة, وإنما يأمرونا بأن إما إرجاع علمها إليهم وإما التبين, سواء إذا كان المدار على المنهج السندي فبمجرد أن الطريق ضعيف فلابد أن يرمى به عرض الجدار, مع أن الأئمة يقبلون ذلك أم لا يقبلون ذلك؟ طيب لماذا لا يقبلون ذلك, هم يبينون, يقولون لعل هذا الذي نقله إليكم وإن كان سنده ضعيفاً إلا أنه حقٌ صدر منّا وإلينا, إذن فمن رد عليهم فقد رد ماذا؟ طيب هذا ينسجم مع أي منهج, مع المنهج السندي أو مع المنهج المتني؟ لا أتصور أن أحداً يستطيع أن يقول أن هذا مرتبط بالمنهج السندي. أساساً القرآن قبل ذلك أشار إلى هذه الحقيقة, انظروا إلى قوله تعالى: {إذا جاءكم فاسق بنبأ} طيب ماذا؟ لماذا فتبينوا, فاسق, والمنهج السندي ماذا يقول معتبر أو غير معتبر؟ طيب لماذا تبينوا, ما هي الحاجة إلى التبين؟ الرواية ساقطة سنداً, طيب إذا سقط السند فيحتاج أن نتبين؟ القرآن يقول لا, صحيح فاسق ولكنّه لعل الفاسق قد يصدق طيب هو من قال لكم أن الفاسق قد يكذب مائة في المائة من أين جئتم بهذه القاعدة, {فتبينوا أن تصيبوا قوماً} لعله صادق اعملوا به, لم يكن صادق لا تعملوا, ولكنّه لا تعملون لا من باب الفسق بل من باب عدم صحة مضمون ما أخبر به, أما على مستوى الروايات, هذا على مستوى النص القرآني. انا أحاول قليلاً ألخص البحث لعله حتى نلملم البحث ثلاثة أربعة أيام لأنه بعد ذلك تعطيل.

    أما على مستوى الروايات الواردة في هذا المجال, فأنا لا أقل صار عندي وقت أن استخرج روايتين.

    الرواية الأولى واردة في (كتاب البحار, ج2, ص187, وهي الرواية 16, من كتاب العلم, باب أن حديثهم صعب مستعصب وأن كلامهم ذو وجوه كثيرة, يعني باب 26, من كتاب العلم الحديث 16) الرواية: >عن أبي بصير عن أحدهما^قال: لا تكذبوا بحديثٍ أتاكم مرجئي ولا قدريٌ ولا خارجي< طيب هذه من أوضح مصاديق الضعيفة السند, يعني لو كنا نحن والمنهج السندي بمجرد أن جاءنا من خارجي لابد من إسقاطه, مع أن الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) يقول: >لا تكذبوه إذا نسبه إلينا فإنّكم لا تدرون لعله شيء من الحق فتكذب الله عز وجل فوق عرشه< أنا ما أتصور وضوح أكثر تصريح أوضح من هذا النص أن المدار على ما قيل على هذا الكلام, أنه صحيح أو ليس بصحيح.

    إخواني الأعزاء افتحوا لي قوس -أنا عندما أقول افتحوا لي قوس يعني فائدة ملاحظة تستفيدون منها- (إخواني الأعزاء هذه الملاحظة اطمأنوا الآن نحن كثير من النصوص الواردة في نهج البلاغة لو كنا نحن والمنهج السندي, مولانا مشاكل عندنا في النصوص الواردة في نهج البلاغة, يوجد طريق واحد لمحاكمة النصوص الواردة في نهج البلاغة هو ماذا؟ هو المنهج الدلالي, وإلا أنتم انظروا إلى المواقع انظروا إلى استدلالات الطرق الآخر ماذا يستدل؟ يستدل بنهج البلاغة, فإذا لم يكن عندكم المنهج الدلالي وإلا قد تكون بعض هذه النصوص أيضاً من حيث السند تامة السند, معتبرة السند. افتحوا أعينكم هذه القضية جداً خطيرة خصوصاً في مثل هذه الأيام) هذه الرواية الأولى.

    الرواية الثانية: واردة في (البحار, ج25, ص365) يعني بعبارة أخرى (كتاب الإمامة الباب 13, باب غرائب أفعالهم وأحوالهم ووجوب التسليم لهم) الرواية عن الحذاء, الرواية ظاهراً سندها لابد وإلا >عن ابن محبوب عن جميل ابن دراج عن الحذاء قال: سمعت أبا جعفر× يقول: إن أحب أصحابي إليّ أفقههم وأورعهم وأكتمهم لحديثنا< التفتوا جيداً >وأن أسوئهم عندي حالاً وأمقتهم إليّ الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنّا فلم يحتمله قلبه واشمئز منه جحدوا وأكفر من دان به<. أنظروا الإمام يجعل المدار على التحقيق السندي أو يجعل المدار على التحقيق المضموني؟ يقول: >ويروى عنّا< لا فلم يطمئن بصدوره عنّا, فلم ينظر في السند أنه صدر عنّا أو لم يصدر, وإنما ذهب إلى أنّه يحتمله قلبه أو لا يحتمل؟ اشمئز منه أو لم يشمئز؟ يقول إذا اشمئز منه أو لم يحتمله عقله .., هذا الذي الآن متداول مع الأسف الشديد بين بعض المثقفين وأصحاب القلم الذي يقول عقلي والله لا يستطيع أن يقبل هذا المعنى. لا يستطيع أن يقبل هو هذا المعنى, يقول: >وأكفر من دان به< التفت إلى الحديث >ولا يدري لعل الحديث من عندنا خرج وإلينا أسند فيكون بذلك خارجاً من ديننا< من طريقتنا من اعتقاداتنا, والرواية واضحة الدلالة أنها تجعل المدار على هذا البُعد يعني أنّ كل روايةٍ وردت ينبغي عرضها ما ينبغي أن نقف عند السند نقول أنها ساقطة ونسقطها عن الاعتبار لا, كل رواية أولاً: لابد من عرضها على كتاب الله سواء جاءت من موالي أو جاءت من غير موالي, سواء جاءت من محب أو جاءت من خارجي, سواء جاءت من قدري أو من غير قدري, سواء جاءت من مرجئي أو من غير مرجئي.

    أيضاً افتح لي قوس إخواني الأعزاء (عند ذلك هذه عملية الاجتهاد جداً تصبح معقدة أنت ما يكفي فقط تراجع كتب الحديث عندنا, لابد كل ما ورد من تراث حديثي لابد من مراجعته, وإلا لعل هناك مضامين صحيحة وردت من طرقنا لم تصح ولكن من طرقهم وردت ما أريد أن أقول صحت طبعاً وردت صحيحة أيضاً, الآن لا يهمني الصحة عندهم, ولكن وردت منهم وعندما نعرضها على كتاب ربنا نجدها يوجد عليها شاهد أو لا يوجد؟ يوجد عليها, يقبل أو لا يقبل؟ كما في الرواية الضعيفة عندنا. يعني ما الفرق أن الرواية وردت في البحار وضعيفة وعرضناها على كتاب ربنا تقبل أو لا تقبل على هذا الأساس؟ نعم, تقبل, طيب افترضوا أيضاً رواية ضعيفة وردت في كتب القوم في صحيح البخاري في صحيح مسلم في مسند أحمد في .. هذا فضلاً إذا كانت صحيحة على مبانيهم هذه تعطي نقطة إضافية لابد من بحث هذه المسائل, سواء كنا في باب العقائد أو كنا في باب الفروع, فلا, على هذا المنهج, فلا يكون الفحص تاماً وكاملاً إلا بالإحاطة بكل تراث المسلمين سواء كانوا موافقين أو مخالفين.

    لا يقول أحد سيدنا أنت باب الاجتهاد تريد أن تغلقه علينا, بعبارة أخرى تريد تقطع خبزتنا؟ الجواب: في العلوم الأخرى والله بالله لا أحد قال تقطعون خبزتنا ولا أحد قال تريدون تغلقون باب الاجتهاد, في يوم الشخص الواحد كان يمكن أن يكون طبيباً في عشرة موارد, والآن تجدون في العضو الواحد يوجد خمس تخصصات, هذه طبيعة ماذا؟ عمق العلوم, طبيعة توسع العلوم, طبيعة توسع المعرفة البشرية, وإلا ما هو التوجيه الذي تستطيعون أن توجهوه أن العدّة في الأصول ينكتب كتاب واحد أو اثنين في زمان الشيخ الطوسي ويصير أصولي ويصير إمام في الأصوليين, ولكن في زمانه يريد خمسة وتسعين حتى يصير أصولي, لا أقل يريد له ثلاثين سنة حتى يصير أصولي لا أقل يريد عشرين سنة في الحوزات حتى يصير أصولي, بعبارة أخرى: ذاك الأصول الذي كان في زمان الشيخ الطوسي لو اطلّع أصلاً واحد حفظ عدّة الطوسي حفظ المعارج للحلي يصير أصولي أو ما يصير أصولي؟ في ذاك الزمان كان يصير عالم أصولي إمام أصولي, لكن في زماننا ما هو؟ في المرحلة أو الثانية في علم الأصول, لماذا؟ باعتبار هذا العمق الذي حصل في هذه العلوم, بطبيعة الحال يأخذ وقت أكثر ومساحة أوسع. في باب الاجتهاد أيضاً كذلك, المباني إذا تغيرت تغير عملية الاجتهاد, ولذا نحن سمينا أبحاثنا مفاتيح عملية الاجتهاد الفقهي, هذا واحدة من أهم المفاتيح المرتبطة بعلم الرجال, الآن نحن بحثنا أين بدأنا إذا يتذكر الإخوة؟ بحثنا في تأثير الزمان والمكان في موضوعات الحكم الشرعي ولكن هذه تأثير المباني الرجالية في عملية الاجتهاد الفقهي.

    إذن أنت في الرتبة السابقة أخي العزيز أيها الفاضل أيها المحقق أيها المجتهد لابد أن تعين في الرتبة السابقة مبناك منهج سندي أو منهج دلالي. هذه قضية مهمة وأساسية. جيد.

    بناء على هذا الذي قلناه الآن لماذا أن مجرد صحة السند أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لم يعتمدوا عليه؟ يعني ما هي العلة -بحسب فهمي- لأننا نعتقد أن أهل البيت اعتمدوا المنهج الدلالي, والمتني والمضموني وهذا بلا أن يتنافى مع المنهج السندي الذي بيناه المدار على المنهج الدلالي لماذا إخواني الأعزاء؟

    في الواقع أنا أعتقد أن هناك عدّة عوامل أساسية تؤدي بنا إلى أن نلتزم هذا المنهج دون المنهج السندي, أنا الآن فقط استعرضها بشكل عام, بشكل فتى نقاط وبعد ذلك بحسب الوقت الذي يسع إن شاء الله ويسعها إن شاء الله جميعاً لأنه أختصر البحث.

    النقطة الأولى: -التي لها أثر مهم في هذا المجال- هو: تقطيع الروايات, لأنّه في كثير من الأحيان الروايات قطعّت عندنا, فالسند تام, ولكن المضمون لو كانت معه ما قبله وما بعده كان يعطينا معنىً ولكن الرواية الآن قطعت يعطينا معنىً, إذن فقط تصحيح السند يوصلنا إلى أن هذا المضمون بهذا الذي نفهمه صادر أو لا يوصلنا؟ لا يوصلنا, لماذا؟ لأنه ضاعت هذه القرائن المحيطة بهذا النص, فإذن أعيد الجملة, إذن فقط أن المتكلم ثقة لا يقول لنا بالضرورة أن هذا هو المعنى الذي يريده الإمام لماذا؟ لأن الإمام صدر كلامه في مجموعة كاملة من الكلام وهذا الإنسان ماذا فعل لسبب أو لآخر؟ وخصوصاً إذا كانت القرائن ارتكازية عقلائية, وخصوصاً إذا كان, حتى أربطه ببحثنا, خصوصاً إذا كانت القرائن مرتبطة بالزمان والمكان, يعني الظروف المحيطة بالنص, إذا جردت فإن النص يعطي معنىً إذا أخذت فإن النص يعطي معنىً آخر, طيب أنا من أين أعرف أن هذا النص يراد به مع الزمان والمكان أو مجرداً عن الزمان والمكان, هذا لابد عرضه من القرآن أن هذا المضمون الذي فهمته, وإن كان من سند صحيح, تامٌ أو غير تام. هذه القضية الأولى.

    القضية الثانية: -بنحو الإجمال- قضية تقطيع الروايات, لا فقط ضياع القرائن تقطيع الرواية وهذا ما فعله جملة من الأعلام الموجودة الآن كتبهم بأيدينا, أن رواية واحدة كانت, طبعاً بشكل أو بآخر هذا أيضاً يرجع إلى تضييع القرآن ولكن هو عنوان مستقل وهو تقطيع الرواية. فإنّ تقطيع الروايات أضاع علينا المضمون الأصلي, الرواية أن يأتي هذا الحكم أو هذا البحث العقدي في ذيل هذا.

    أضرب لك مثال حتى أقرب ذهن, إخواني الأعزاء, عندنا بحث أساسي >من كنت مولاه فهذا عليٌ مولاه< ما هو المراد من المولى؟ طيب تدرون يوجد بحث مفصل أن المراد من المولى يعني النصرة, أن المراد من المولى يعني المحبة, أن المراد … إلى آخره, ولكن إذا علمنا في الأعم الأغلب أن في حديث الغدير قبل حديث الغدير يوجد حديث الثقلين حديث الخليفتين -بتعبيري- يعني ماذا؟ يعني لا محبة, لأنه >ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي< إذن ليست قضية محبة, إذن حديث الثقلين حديث الخليفتين يعطي بيان المراد من الولي والمولى في هذه الأحاديث لا محبة وإنما التمسك الأخذ, ما معنى قوله تعالى: {ما آتاكم الرسول فخذوه} يعني ماذا فخذوه يعني فحبوه؟ أو تمسكوا به واتبعوه ما هو معناه؟ >ما إن تمسكتم< >ما إن أخذتم< أصلاً أخذ لا يمكن أن يفسر بمعنى المحبة, إذن حديث الثقلين قرينة يصير على المراد ماذا؟ حتى إذا فرضنا أنه لا توجد في حديث الغدير >أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم< حتى لو فرضنا هذا النص لا يوجد, فقط موجود >أنت ولي كل مؤمن بعدي< طيب قد يقول الولي بمعنى المحبة.

    الجواب: لا, حديث الثقلين يقول الولاية هنا بمعنى الإمامة بمعنى الإتباع بمعنى الخلافة, طيب إذا فصلت أنت هذين الحديثين فهذا يعطي معنى وذاك يعطي معنى آخر. هذا تقطيع الروايات خلق لنا مشاكل عجيبة وغريبة في العقائد وفي الفقه أيضاً.

    السيد الشهيد&, إذا الإخوة يريدون أن يراجعون في (تقريرات السيد الهاشمي, ج7) طبعاً يكون في علمكم, السيد الشهيد يذكر هذه الأمور في باب التعارض سبب وقوع التعارض في الأدلة, أنا في نظري لا, نفس هذه الأدلة سبب أنها لماذا لا يمكن الاعتماد على المنهج المتني, السيد الشهيد هذه يذكرها تحت عنوان (كيف نشأ التعارض في الأدلة الشرعية) هذا الذي ذكر ليس فقط بسبب نشوء, صار سبباً لنشوء التعارض, بل في اعتقادي هذه العوامل سبب لعدم إمكان الاستناد إلى المنهج المتني, يقول: [ضياع القرائن] ويتذكر الأخوة في الأبحاث السابقة, الرواية هذه في رواية >الحسين ابن أبي العلاء, أنه قال: قلت لأبي عبد الله× ما يحل للرجل من مال والده أو ولده؟ قال: قوته بغير سرفٍ إذا اضطر إليه, فقلت له: قول رسول الله للرجل الذي أتاه فقدم أباه, فقال له أنت ومالك لأبيك, قال: إنما جاء بأبيه إلى النبي فقال يا رسول الله هذا أبي ظلمني ميراثي من أمي فأخبره الأب أنه قد انفقه عليه وعلى نفسه فقال النبي: أنت ومالك لأبيك ولم يكن عند الرجل أوكان رسول الله يحبس الأب للابن< فقد حاول الإمام أن ينبيه في هذه الرواية أنّ الحديث المنقول عن النبي قد جرد عن سياقه, فأعطى معنىً آخر, مع أنه بحث أخلاقي لا حكم فقهي وشرعي, هذا من أين جاء؟ يقول: جاء من ضياع القرائن, وإلا لو كانت القرائن محفوظة لما وقع السائل في هذا الإشكال. (كلام أحد الحضور) (ج7, ص30).

    البحث الآخر الذي لابد أن يشار إليه وهي مشكلة عويصة إخواني الأعزاء والأساتذة الفضلاء هي مشكلة التصرف بالمعنى والنقل بالمعنى, والله بالله الناقل جداً ثقة لا جداً ثقة أصلاً في أعلى درجات العليين, ولكنّه كان يعرف اللغة العربية أو ما يعرف اللغة العربية؟ ما يعرف اللغة العربية, انتهت القضية, فعندما ينقل لك الرواية إخواني الأعزاء ينقل الرواية وهو لا يتقن اللغة العربية أنت تتصور أنه كيف ينقلها لك يعني؟ ينقلها بما فهمه, طيب تقول لي والله ناقل والله أنت تصلي ورائه لأنه يصلي صلاة الليل, أقول والله ما عندي شك أنا أيضاً أدري أنه عادل بل أعدل وأوثق مني ولكن هذا المضمون ما ينسجم مع مباني أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام), ومسألة النقل بالمعنى لعله تسعين بالمائة من الروايات الموجودة غير المتواترة هي منقولة إلينا بالمعنى, فما هو الطريق لتصحيح هذه الروايات المنقولة إلينا بالمعنى؟ ما هو الطريق؟ الطريق سند ممكن هذا.

    ولذا السيد الصدر& في مسألة التصرف يقول: [ولهذا يقال أنّ روايات عما الساباطي معروفة بالتشويش] لماذا معروفة بالتشويش عمار الساباطي أليس بثقة؟ لا والله ثقة في أعلى درجات الوثوق, ولكن لأن عمار الساباطي لم يكن يجيد النقل والتصرف في النصوص لقصور ثقافته اللغوية, إذن تبين في علم الرجال عندما نريد أن نذهب إلى شخص ونريد أن نتعرف إليه لابد أن نعرف أن هذا عربي ليس بعربي يعرف القواعد يعرف الفاعل من المفعول من هذه, ولكن أنا وأنت ماذا نفعل؟ هذا قال رواية ونقلها بالمعنى هذا أيضاً قال رواية نقلها بالمعنى والتعارض من خلقه لي؟ الإمام خلق التعارض أم هؤلاء خلقوا التعارض؟ هذا واحد.

    الإمام خلق إشكالية في المضمون أو هو خلق إشكالية بالمضمون؟ هذا بنقله بفهمه نقل لي إشكالية بالمضمون, أيوجد وقت. إذن واضح إلى هنا الأمر, هذا العنصر أي عنصر صار؟ العنصر الثالث وهي قضية النقل بالمعنى. الآن هناك عناصر موجودة أتصور الوقت لا يسمح.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/06
    • مرات التنزيل : 1050

  • جديد المرئيات