بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
في أول هذه الدورة في السنة الماضية بيّنا أنه ما هو موضوع بحثنا في هذه الدروس.
قلنا: نحن نبحث في مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي, وبيّنا ما هو المراد من المفاتيح ولماذا أسمينا هذه الدروس بأنّها عملية ولم نسمها عِلم, وكذلك لماذا قيّدناها بالاستنباط الفقهي؟.
هذه نكات أشرنا إليها في الأبحاث السابقة أي في مقدمة السنة الماضية, وبيّنا بأن هذه الدروس وهذه الأبحاث ليست هي أبحاثٌ فقهية بالمعنى المصطلح عليه في الحوزات العلمية, بمعنى أن نأخذ باباً من الأبواب الفقهية, ثم نقول بأنه المسألة كذا أو المسألة كذا ونحو ذلك, هذا لم نتعارف عليه أو لم نعمله في السنة الماضية, وإن كنا دخلنا في عدّة أبواب فقهية وبحثناها كباب الزكاة.
وكذلك ليست هذه الدروس هي أبحاث في القواعد الفقهية, لأن القواعد الفقهية معروفة وواضحة وطريقة البحث فيها ايضا واضحة, افترضوا نأخذ قاعدة كقاعدة الفراغ أو قاعدة التجاوز أو قاعدة ما يضمن بصحيحة ونحو ذلك من القواعد ويبحث فيها, أيضاً لم يكن ليس بحثنا في قاعدة من القواعد الفقهية ولا في بابٍ من الأبواب الفقهية.
وكذلك ليس البحث هنا بحثاً مرتبط بالقواعد الأصولية والمسائل الأصولية بالمعنى المصطلح عندنا في الأبحاث الأصولية, الآن عندما نرجع إلى البحث الأصولي تجدون بأن البحث الأصولي واضح يبدأ إنشاء الله تعالى هذا الدرس الذي بعد ذلك سنبدأ في بحث الأصول, والطريقة التي بحث الأعلام في علم الأصول.
وإن كنّا نعتقد أن هذه الأبحاث التي نعرض لها يمكن أن تشكل مزيجاً من هذه المسائل ولكن بالبُعد التطبيقي مع البُعد التطبيقي لها, يعني عندما نؤسس قاعدة من القواعد الآن هذه القاعدة هل هي قاعدة كلامية أو قاعدة فقهية أو قاعدة أصولية أو مسألة أخرى أساساً لا يهمّنا كثيراً البحث في هويتها وماهيتها, ننتقل بعد ذلك إلى بيان مجموعة من التطبيقات لتلك القاعدة حتى يتضح لماذا هذه القاعدة لها أثر, هل هي قاعدة من قبيل ما لو نذر حتى تظهر الثمرة في النذر فقط أو لا, لها تطبيقات أساسية في الأبحاث الاستنباطية في أبواب مختلفة من الفقه.
في الواقع بأنه في السنة الماضية يتذكر الإخوة حاولنا أن نقف عند هذه المقولة وهي: تأثير الشروط والظروف الزمانية والمكانية بالمعنى الذي فسّرنا به الزمان والمكان في الأبحاث السابقة, لا الزمان والمكان الفلسفي أو العرفي وإنّما بالمعنى الذي أعطيناه لتأثير الزمان والمكان في هذا المجال.
في هذه السنة نحاول إنشاء الله تعالى أيضاً نتمم تلك الأبحاث طبعاً إنشاء الله كما هو واضح للإخوة نحن نريد أن نقف عند مسألة الخمس وكتاب الخمس, ولكن لا بهذه الطريقة التقليدية الكلاسيكية الموجودة الآن افترضوا نأخذ متن العروة ونقف عند مسألة, مسألة, لا ليس هذا بحثنا, وإنّما لنا طريقة أخرى في بحث هذا الكتاب أي -كتاب الخمس- إنشاء الله تعالى بعد عدّة أيام بعد بعض المقدمات أشير إليها وأدخل في ذلك البحث الأساسي.
من أهم تلك المقدمات التي لابد أن نقف عندها لمعرفة كتاب الخمس, إخواني الأعزاء هو معرفة أن التشريعات الصادرة في الكتاب والنصوص الواردة عن النبي وأئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أنّ هذه التشريعات هل هي على نحوٍ واحد ومن نوعٍ واحد, أو أنّ هذه التشريعات مختلفة.
إذا كانت من نحوٍ واحد ومن نوعٍ واحد فما هي الآثار المترتبة.
إذا كانت من أنواع متعدّدة فما هي الآثار المترتبة.
ثم ندخل في بحث الخمس لنعرف أن تعريف أو وجوب الخمس وتشريع الخمس من أي نوع من أنواع الحكم الشرعي, ومن أي نوع من أنواع التشريعات التي صدرت عن النبي وأئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
على سبيل المثال: نحن نعرف أنّ هناك مجموعة من التشريعات صدرت, بل هي في الأعم الأغلب هكذا, هي تشريعات أبدية وأزلية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها, باعتبار أن الشريعة ختمت بخاتم الأنبياء والمرسلين.
وعلى هذا الأساس فما شرع لا يمكن لأحدٍ لا أن يغيّره ولا أن يبدّله ولا أن يزيد فيه ولا أن ينقص منه ولا أن ينسخه ولا أي شيء آخر, يعني عندما شرع رسول الله’ وجوب الصلاة أو أن هذه الصلاة أربع ركعات أو ركعتين أو ثلاث ركعات, هذا حكم لا يمكن لأحدٍ لا بالزمان ولا بالمكان ولا بتغيّر الظروف ولا بتغيّر الشروط ولا بتغيّر التكنولوجيا ولا بتغيّر حياة الناس هذا حكمٌ ثابت لا يتغيّر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها, هذا نوع من التشريع.
ولكن هناك مجموعة من التشريعات صدرت من النبي الأكرم’ لا بعنوان أنّها تشريعات أساسية في الشريعة, بل بعنوان أنه حاكمٌ في الأمة الإسلامية, يعني بعنوان أنه حاكم ومتصدي لشؤون المسلمين فمجموعة من التشريعات عبّر عنها أحكام ولائية, عبّر عنها أحكام حكومتيّه, عبّروا عنها أحكام سلطانيّة, ما شئت فعبّر, هل أن هذه التشريعات أحكامها, خصوصياتها كالقسم الأول من التشريعات أو أنها ليست كذلك؟
طيب من الواضح أن هذا النوع من التشريعات يختلف عن النوع الأول من التشريعات, هناك مجموعة من الأحكام صدرت من النبي باعتبار أنه قاضٍ في مسائل النزاع والخصومة بين المسلمين, هذه التشريعات أيضاً حكمها كالتشريعات الأولى القسم الأول القسم الثاني أو أنها لها حكم وخصوصيات أخرى تختلف عن الأولى والثانية.
إنشاء الله تعالى بشكل تفصيلي سنقف عند أولاً ما هي أقسام التشريعات الصادرة عن النبي وأئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) الآن ما أريد أن أرفع السقف أقول حتى في القرآن الكريم, ولكن بعد ذلك سيتضح حتى في القرآن أن جملة من الأمور هل صدرت بنحوٍ واحد بأنحاء متعددة, هذا بحثه إنشاء الله تعالى سنقف عنده.
طيب أين ينفعنا ذلك؟ ينفعنا ذلك في باب تعارض الأدلة, عندما تتعارض الأدلة لابد أن نعرف أن هذا التشريع أساساً كان مذ صدوره مقيد بظرفٍ معين أو غير مقيد, فإذا كان مقيد بظرفٍ معين فالتشريع الذي يأتي بعد ذلك ليس معارضاً له, متى يكون معارضاً له؟ إذا كان التشريع متجاوزاً الزمان والمكان معاً.
مثلاً: الآن هذا البحث مطروح إخواني الأعزاء وموجود في كتب الأعلام وهو: أنه أساساً الخمس في الأرباح فيما زاد على المؤونة لا مطلق الخمس, لا غنائم الحرب, لا فيما زاد على المؤونة, هذا الخمس هل هو حكم تشريعي كالصلاة أو أنه لا حكم ولائي صدر من الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام)؟
الآن لماذا طرح الأعلام هذه القضية؟ طرحوا هذه القضية باعتبار أنهم وجدوا أنه إلى زمان الإمام الصادق وما قبل ذلك أساساً لا يوجد أي أثر في كلمات النبي والأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لا على مستوى التشريع ولا على مستوى الجبايّة, يعني أنتم تعلمون عندما نأتي إلى الزكاة نجد أن الزكاة على مستوى التشريع كان موجود في زمن رسول الله وبعد ذلك, وعلى مستوى الجبايّة ايضا كان في زمن رسول الله وبعد ذلك >خذ من أموالهم صدقة< أساساً رسول الله كان يبعث الجبّاة حتى يجبّوا الزكوات والصدقات, ولكنَّ التأريخ لا يذكر لنا أنه بعث أحداً ليجبي له الخمس, يعني تشريع الخمس ما كان موجود أو كان موجود؟
واقعاً هذه قضية شغلت أذهان الفقهاء بأنه لماذا أن قضية الخمس تأخر إلى زمن الإمام الصادق, لذا اضطر بعضهم أن يقول: نعم, أن هذا الخمس أو أن هذا التشريع كان مشرّعاً في زمن رسول الله ولكن إظهاره أوكل إلى من؟ إلى الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وبعض قال شيء آخر ثانٍ وثالث ورابع, لأن القضية واقعاً تشغل الذهن, على أي الأحوال.
إذن إخواني الأعزاء, مسألة أن الخمس حقيقة الخمس, ماهية الخمس, تشريع الخمس بيان نوع الحكم الموجود في الخمس, قضية أساسية, معرفتها تؤثر على طريقة فهمنا للأحكام الواردة أين؟ في بحث الخمس.
ولكنه ما أريد أن أستعجل الأبحاث مباشرة وأدخل إلى هذه المقدمات ولكنه من باب ولو افترضوا التيمن أيضاً, بودي أنه في هذا اليوم أحاول في هذا اليوم والأيام اللاحقة إنشاء الله تعالى إلى أن يكتمل نصاب الدرس بإذن الله تعالى, والإخوة أيضاً أذهانهم تأنس هذه الأبحاث, هو أنه أريد أن أشير إلى نموذجين فقهي وأصولي في تأثير عنصر الزمان والمكان.
هذه القضية التي أنا أتصور أنها هي العنصر المحوري في عملية الاستنباط الفقهي.
على ما أفهم من الأدلة الموجودة بأيدينا, وفي كلمات علمائنا توجد إشارات لذلك لا أنه مغفولٌ عنها, ولكنها لم يؤسس لها كنظرية, ولم يُؤسس لها كمسألة ولم تعنون كمسألة سواءً كان في الأبحاث الفقهية أو الأبحاث الأصولية.
وإنما هذه المسألة أغلق النظر عنها تركت إلى جانب, ولكنه عندما نأتي إلى كلماتهم نجد أن كلماتهم تشير إلى ضرورة أخذ هذا العنصر بعين الاعتبار من كلمات الأعلام, يعني ليس فهمي الشخصي, وإنما من كلمات الأعلام وجملة من هذه الكلمات تصرح أن الزمان له مدخلية في هذا الزمان كذا وفي هذا الزمان كذا, هذه إنشاء الله أشير إلى كلماتهم في الأبحاث اللاحقة.
أما المثال الفقهي: – واعتبروه أيضاً تيمنٌ واقعاً أن نبدأ بهذا البحث- وهو: فيما يتعلق, وإذا إنشاء الله الإخوة عجبهم أن تصير هذه رسالة مختصرة واقعاً مفيدة, وهو أنه: ما يتعلق بزيارة الإمام الحسين (عليه أفضل الصلاة والسلام).
عندما نأتي إلى الروايات الواردة, سيتبين بعد ذلك أن عنصر الزمان أين يتحكم فيها, عندما نأتي إلى زيارة الإمام الحسين (عليه أفضل الصلاة والسلام) نجد أن الروايات عرضت لجهات أربع من البحث, التفتوا جيداً إليها:
الجهة الأولى: من البحث أن هناك مجموعة كبيرة من الروايات التي ظاهرها, الذي لا مجال للمناقشة فيه, ظاهرها وجوب وفريضة زيارة الإمام الحسين (عليه أفضل الصلاة والسلام) كأي فريضة من الفرائض الأخرى, طبعاً ولم يعين أنه مرة أو مرتين أو عشرة, عند ذلك نبحث إلى البحث الأصولي أنه يدل على الوحدة أو يدل على التكرار, ذاك بحث آخر. المهم أصل الفريضة بنحو القضية المهملة.
الروايات الواردة في هذا المجال ليست قليلة إخواني الأعزاء, هذه الجهة الأولى إنشاء الله أقرأ بعض الروايات.
الجهة الثانية: من البحث إخواني الأعزاء: تعرضت لوجوب وأن هذه الزيارة مفترضة حتى لو لزم منها الإلقاء في التهلكة, وأنتم تعلمون مؤونة إثبات مثل هذا الوجوب يحتاج إلى مؤونة كثيرة, لأنه نحن حتى وجوب الحج عندنا لابد أن يكون مأمون ماذا؟ مأمون الطريق والسرب و.. إلى غير ذلك, أما عندما نأتي إلى روايات فريضة ووجوب زيارة الإمام الحسين يقول حتى لو لزم منه الضرر والخوف و.. إلى غير ذلك.
الجهة الثالثة: في زيارة الحسين والتي وقع فيها بحث بين الأعلام: هي مسألة أن زيارة الإمام الحسين أفضل أو زيارة الإمام الرضا (عليه أفضل الصلاة والسلام).
الجهة الرابعة: في زيارة الحسين: هي مسألة الثواب التي ذكر لهذه الزيارة, بعضها حجّة, بعضها تسعة, بعضها عشرة, بعضها تسعين.. إلى ما شاء الله من الروايات التي ذكرت للزيارة.
طيب الآن أنا أريد استعرض الآن بنحو الإجمال وإلا قلت هي رسالة واقعاً تستحق أيضاً الإنسان يبحثها, هي رسالة مفيدة في هذا المجال خصوصاً في ثقافة الناس وفي ثقافة المبلغين, أنا استعرض هذه الجهات الأربع بنحو الإجمال وفي الضمن أشير إلى معالجات جملة من فقهائنا في المسألة, كيف عالجوها وكيف اعتقد بمعالجتها.
إذن عنصر الزمان إخواني الأعزاء ليس عنصراً ثانوياً, بل أعتقد أنه يستطيع أن يدخل في عمق مباحث الاستدلال الفقهي.
أما الجهة الأولى من البحث: وهي كونها فريضة.
الروايات الواردة في ذلك كما قلت للإخوة كثيرة:
منها هذه الروايات الواردة في بحار الأنوار – هذه الطبعة المعروفة وهي المائة وعشرة مجلدات- الجزء رقم101, ص3 التي هناك روايات تقول, الباب إن زيارته واجبة مفترضة مأمورٌ بها وما ورد من الذم والتأنيب والتوعّد على تركها وأنها لا تترك للخوف ونحو ذلك, طيب أتصور الباب واضح عنوان الباب, روايات متعددة.
الرواية الأولى: وجملة من الروايات أيضاً معتبرة هذا مضافاً إلى أنه طيب عندما, هو ينقل هنا حدود أربعين رواية في هذا الباب, أتصور أن القضية إن لم نقل أنها متواترة معنى, فلا أقل أنها يطمئن الإنسان بصدور بعض مضامينها, لأن الإخوة يعرفون بأنه نحن مبنانا ليس ذاك المبنى الذي بينه السيد الخوئي+ وإنما مبنى آخر أشرنا إليه في آخر السنة الماضية وهو أنه التزاوج والجمع بين المنهج السندي والمنهج الدلالي والمضموني.
الرواية الأولى: >عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه أفضل الصلاة والسلام) قال: مُرُ شيعتنا بزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) إلى أن قال وزيارته مفترضَة على من أقر للحسين بالإمامة من الله (عزّ وجلّ)<, هذه رواية, وكذلك هذه الرواية الأولى.
الرواية الثانية: أيضاً >عن محمد بن مسلم عن الباقر (عليه أفضل الصلاة والسلام) قال: مُرُ شيعتنا بزيارة قبر الحسين فإنّ إتيانه مفترضٌ على كل مؤمن<.
وكذلك الرواية العاشرة: >لو أن أحدكم حج دهره ثم لم يزر الحسين بن علي لكان تاركاً حقاً من حقوق رسول الله’ لأنّ حق الحسين (عليهم أفضل الصلاة والسلام) فريضة من الله واجبة على كل مسلم<.
وكذلك الرواية الثامنة عشر من ذلك أيضاً بهذا المضمون.
طيب سؤال: ما هو الحكم في هذا؟ واقعاً فقهانا في هذه المسألة على القاعدة, ذهب جملة من الفقهاء إلى وجوب زيارة الحسين – أتكلم في القضية المهملة- إلى وجوب زيارة الحسين, وذهب المشهور أو الأكثر من فقهائنا – ما أريد أن استعمل هذه التعبيرات لأنها قضايا نسبية- وذهب الأكثر من فقهائنا إلى أن هذه الروايات مخالفة للضرورة الفقهية المسلّمة بين المسلمين جميعاً من أنه لا يوجد عندنا سفر واجب غير سفر الحج, ولم يثبت أن ذلك واجب في غير هذا المورد.
أما الرأي الأول: فذهب إليه جملة من أعلامنا الأخباريين في هذا المجال – ومنهم أيضاً المجلسي- المجلسي& في ص10 من هذا الجزء 101 يقول: ثم اعلم أن ظاهر أكثر أخبار هذا الباب وكثير من أخبار الأبواب الآتية وجوب زيارته (صلوات الله عليه) بل كونها من أعظم الفرائض وآكدها, التفتوا جيداً فقيه مثل المجلسي يقول هذا الكلام … إلى أن يقول: ولا يبعُد القول بوجوبها في العمر مرةً مع القدرة, طيب طبيعي باعتبار أن القدرة هذا شرط عام موجود في كل التكاليف غير مختص بزيارة الحسين, وإليه كان يميل الوالد العلاّمة, وسيأتي التفصيل في حدّها ولا يبعُد القول به أيضاً – يعني كلام المجلسي- والله يعلم.
في مقابل هذا الآن – إذا صح هذا التقسيم الأخباري والأصولي- نجد بأنه فقهائنا الآخرين من الخط والاتجاه والجناح الآخر في المدرسة أنكروا هذه القضية قالوا: باعتبار أنه مخالف للضرورة الفقهية القائمة بين علماء المسلمين, الذي هذا الكلام بشكل تصريح وجدته في كتاب (الحق المبين في تصويب المجتهدين وتخطأ الأخباريين)- وليس الإخباريين هذا الخطأ شائع ليس إخباري وإنما أخباري جمع أنه أتباع الخبر جمع الأخبار- الشيخ الأكبر شيخ جعفر كاشف الغطاء المتوفى 1228, وهذا الكتاب ما كان عندنا جزاه الله خير جناب الشيخ سحبه لنا وجاء به, هناك في ص47 من الكتاب يقول: ومنها قولهم – يعني قول الأخباريين- ومنها قولهم: بوجوب زيارة سيد الشهداء لبعض أخبارٍ ظاهرها ذلك, وفيه أن ذلك على خلاف الطريقة المسلمين فإن الواجب من السفر مقصورٌ عندهم على الحج, ثم يلزم على كلامهم أن وجوبه أشد من وجوب الحج لماذا؟ لعدم توقفه على الاستطاعة في الحج, كما في الحج فإنه في الحج {لمن استطاع إليه سبيلا} ولكنه في وجوب زيارة الحسين يوجد {من استطاع} أو لا يوجد؟ طيب الروايات واضحة ومطلقة سواءً كان مستطيعاً مالياً أم لم يكن مستطيعاً, لأنه بدني – يعني الوجوب بدني لا مالي- ولو قيل بالمالية لزم إلحاقه بالحقوق المالية وأبحاث أخرى ولوازم أخرى يشير إليها صاحب كاشف الغطاء.
هذا الكلام أيضاً اطمأنوا صاحب الجواهر أشار إليه, ابن إدريس أشار إليه, الشهيد أشار إليه, جملة من فقهائنا الكبار أيضاً قالوا لا يوجد هناك وجوب.
طيب أنتم تعلمون بأنه أساساً المناقشة هذا الكلام ليس تاماً من الناحية الفنية, طيب افترضوا أن المسلمين عندهم ضرورة فقهية على عدم الوجوب, طيب هذا يؤثر علينا, كثيراً من الأمور لا توجد عندهم ضرورة فقهية عليها, بل الضرورة الفقهية عندهم على خلافها وهي واجبة عندنا, هذا ما يكفي.
ولكنه المهم هذه المسألة إلى الآن مطروحة وهي: أنه هل زيارة, وإن كان المتعارف في أذهاننا أنها من المستحبات المؤكدة لماذا؟ باعتبار أن هذا الجناح الثاني في مدرسة أهل البيت قال أنها مستحبة استحباباً مؤكداً, كيف بأي دليل؟ قالوا لأنّنا ذهبنا ووجدنا في جملة من الأحيان أن الشارع لأهمية المستحب وإثبات تأكده يعبر عنه ماذا؟ بأنها واجبة, بأنها فريضة, فإن كانت هذه القرينة كافية فبها ونعمت, وإن لم تكن كافية فلابد أن يبحث من جديد أنه ما هو الدليل على رفع اليد عن ظهور هذه الأدلة وهذه الروايات المعتبرة وليست قليلة.
هذه الجهة الأولى من البحث.
الجهة الثانية من البحث: وهي الجهة التي أشرت إليها قبل قليل وهي: أنه حتى مع الوقوع في الضرر والخوف ونحو ذلك, ما أشير روايات كثيرة روايات متعددة.
منها: هذه الرواية التي في الجزء101, ص9 الرواية رقم31, الرواية عن معاوية بن وهب -وعجيب الروايات الواردة في فضل زيارة الحسين- وهذه الخصوصيات عموماً الذين ينقلونها هم خواصّ أصحاب الأئمة وهذا معناه أن هذه الكلمات ما كانوا يبينوها, وهذه نقطة أساسية بودي أن الإخوة يلتفتوا إليها جيداً وهي أنه أساساً من الناقل لهذه الروايات, في الأعم الأغلب نحن لا نلتفت أن الناقل زرارة محمد بن مسلم معاوية بن وهب, هذه الطبقة من علماء مدرسة أهل البيت فقهاء أصحاب الأئمة, أو أنه أصحاب عاديين نقلوا لا لا, عندما ينقلها الخواص ينقلها الفقهاء يكشف عن أن أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) هذه المسائل ما كانوا يقولوها لكل أحد >أمرنا أن نكلم الناس على قَدْر عقولهم< لا أنها مطلقاً على أي الأحوال.
>عن معاوية بن وهب عن الصادق (عليه أفضل الصلاة والسلام) قال, قال لي: يا معاوية لا تدع زيارة قبر الحسين لخوف, طيب مطلقة لا يكون الخوف الآن خوف مالي, خوف بدني, خوف جسدي, خوف الإلقاء في التهلكة, خوف الموت, خوف الشهادة, مطلقة الرواية, لخوف فإن من تركه رأى من الحسرة ما يتمنى أن قبره كان عنده أما تحب أن يرى الله شخصك وسوادك فيمن يدعوا له رسول الله وعليٌ وفاطمة والأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام)<.
طيب سؤال: واقعاً سؤالٌ أساسي وهو أنه: ماذا تقولون أنه الأعلام في باب السفر ماذا قالوا؟ بأن السفر إذا كان فيه الخوف على النفس يكون سفراً مباحاً أم سفر معصية؟ لا فقط سفر معصية بل لا تقصر فيه الصلاة ولا … طيب هذا تخصيص في تلك الأدلة مثلاً رفع اليد عن تلك, أو أنه لا تلك الأدلة باعتبار أن الضرورة الفقهية قائمة عليها, وأنه التكليف لابد أن لا يلزم منه الإلقاء أين؟ في التهلكة, إذن هذه الأدلة لابد أن نرفعها على وجهٍ آخر.
ولذا نجد بأنه المجلسي& بعنوان لعل, لا بعنوان أنه جازم بالأمر, يقول: لعلّ هذا الخبر بتلك الأسانيد الجمّة محمولٌ على خوف ضعيف؛ لأنه لا يجد لها مخرجاً, لماذا؟ لأن الضرورة الفقهية قائمة على أنه يجب أو لا يجب؟ لا يجب, عندما يكون هناك خوف, وهذا أيضاً وجهٌ ذكروه, ولكن الآن هذا تام أو لا؟ إنشاء الله تعالى عندما نستعرض هذه الجهات الأربع سنبيّن رأينا في هذه المسألة, فقط أريد أن أبين أن جملة قالوا بالوجوب مطلقاً حتى مع الخوف, ولكن البعض الآخر قال لا, لا يجب إلا إذا كان خوفاً ضعيفاً ونحو ذلك للضرورة الفقهية القائمة على ذلك.
الجهة الثالثة من البحث: وهي جهة أنه أيهما أفضل, وأنتم الآن تعرفون أنه خلاف يوجد بين فقهائنا في مسألة أيهما أفضل زيارة الإمام الحسين أو زيارة الإمام الرضا (عليهم أفضل الصلاة والسلام), ولعل بعض الأعلام ذهبوا إلى أفضلية زيارة الإمام الرضا على زيارة الإمام الحسين.
وذلك بروايات متعددة, منها: هذه الرواية الواردة في البحار المجلد102 ص38, الرواية هذه: >عن ابن مهزيار قال: قلت لأبي جعفر, أبي جعفر الجواد (عليه أفضل الصلاة والسلام): جعلت فداك زيارة الرضا أفضل أم زيارة أبي عبد الله الحسين (عليه أفضل الصلاة والسلام) فقال زيارة أبي (عليه أفضل الصلاة والسلام) أفضل<, وذلك الآن لماذا؟ وذلك أن أبا عبد الله الحسين يزوره كلُّ الناس- يعني الزيدية يزورونه والإسماعيلية- أيضا يزورونه, أما الإمام الرضا لا يزوره إلا الإثنى عشرية, ومن قال بالإمام الرضا قال بباقي الأئمة بعد ذلك, إذن لا يزوره إلا من؟ الآن الإمام الجواد هذا استدلاله, وذلك أن أبا عبد الله يزوره كلُّ الناس وأبي (عليه أفضل الصلاة والسلام) لا يزوره إلا الخواصّ من الشيعة, والمراد من الخواصّ الشيعة, يعني أولئك القائلون بالأئمة الأثني عشر (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أما الشيعة الزيدية أو الإسماعيلية أو بعد ذلك يزورون الإمام الرضا أو لا يزورونه؟ لا يزورونه<.
ومن هنا ذهب البعض إلى أفضلية لمثل هذه الروايات الواردة, – ومنهم السيد نعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانية- في الأنوار النعمانية الجزائري ذهب إلى هذا المعنى بشكل واضح, قال: ومن هذا قال الجواد, في الجزء الرابع هذه الطبعة الموجودة عندي وهي تبريز سوق المسجد الجامع هذه من الطبعات القديمة مطبعة شركة جاب الآن في أي تاريخ وفي أي سنة لا أعلم, المهم في آخر الجزء الرابع من الكتاب ص263 الرواية, >ومن هنا قال الجواد زيارة أبي أفضل من زيارة جدي أبي عبد الله الحسين لأن جدي يزوره كلُّ أحد وأما أبي فلا يزوره إلا الخالص من شيعتنا, وذلك أن الشيعة تفرقت فرق متعددة والخاص من الشيعة أي شيعة؟ هم الشيعة الأثني عشرية, وهؤلاء هم الذين يزورون الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام)<.
ومن هنا واقعاً, طبعاً وإن كان الرأي الأكثر هو رأي أفضلية زيارة الإمام الحسين على زيارة من؟ وذلك واحدة من أدلتها لأفضلية الإمام الحسين على الإمام الرضا (عليه أفضل الصلاة والسلام) في باب مسألة تفاضل الأئمة وأن الأئمة يتفاضلون فيما بينهم وأن أصحاب الكساء أفضل من باقي الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) على ما هو المشهور, وإلا في المسألة تقريباً سبعة أقوال – في مسألة التفاضل بين الأئمة- حتى أن البعض لا, جعل بعد أصحاب الكساء الإمام الحجّة (عليه أفضل الصلاة والسلام) وأنه أفضل من باقي الأئمة حتى حاول البعض أن يفضله حتى على بعض أصحاب الكساء.
روايات متعددة موجودة في المسألة وواقعاً أيضاً مسألة تستحق البحث وأن أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وهذا المتناول على الألسن أننا نور واحد وأننا هذا كله صحيح ولكن هذا لا يتنافى أنهم يتفاضلون فيما بينهم لرواياتٍ متواترة مقبولة ثابتة >وعلي وأبوهما خير منهما< هذا القدر المتيقن أن علي ابن أبي طالب (عليه أفضل الصلاة والسلام) أفضل من باقي الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) إذا كان خيراً من الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة فما بالك بباقي الأئمة >وله< كما في بعض النصوص >وله ثواب أعمالهم< علي ابن أبي طالب لا فقط له ثواب عمله بل ثواب أعمال الأئمة جميعاً ايضا لمن؟ لعلي (عليه أفضل الصلاة والسلام) من غير أن ينقص من أعمالهم كما إنشاء الله في محله إذا صار وقت أيضاً نشير إليه, جيد.
طيب هذه القضية هذه أفضل تلك أفضل أو أساساً لا هذه أفضل ولا تلك أفضل هذه قضية نسبية وقد تختلف من زمان إلى زمان آخر, لعله زمان يصير أفضلية زيارة العسكريين – كما في اعتقادي الآن في هذا الزمان- إنشاء الله بحثه سيأتي بعد ذلك, لأن القضية ليست قضايا مطلقة بهذا النحو الذي يشار إليها كما فهمه أعلام فقهائنا والمجتهدون من أعلام فقهائنا, على أي الأحوال.
هذه أيضاً القضية الثالثة أو الجهة الثالثة.
أطرح الجهة الرابعة إنشاء الله تعالى وتفصيلها بجواب ما يقوله الأعلام في هذا إنشاء الله إلى يوم غد.
الجهة الرابعة: وهو الثواب الذي ذكر لهذه الزيارة, يعني زيارة الإمام الحسين (عليه أفضل الصلاة والسلام) لا أطيل على الإخوة في المجلد رقم101 في ص28 من الكتاب الأحاديث خمسة >زيارة قبر الحسين, عن الرضا, تعدل عمرةً مبرورةً متقبلة< هذه الرواية الخامسة.
وكذلك الرواية تسعة وعشرين من الباب قال: >إن الحسين وكل إلى أن قال فقلت له: بأبي أنت وأمي روي عن أبيك في الحج والعمرة قال: نعم حجة وعمرة حتى عدّ عشر, يعني لا حجة وعمرة واحدة ولا اثنان ثلاث, قلت ثلاث, قال: وأربع, قلت: أربع, قال: وخمس, إلى غير ذلك<.
والرواية الأخرى وهي الرواية الثانية والأربعين من هذا الباب التي هي رواية عن رسول الله’ قالت: يا رسول الله حجةٌ من حِججك, الرواية هذه, قال وهي ثمرة, لماذا تحبه هكذا يا رسول الله, قال: ويلك كيف لا أحبه ولا أعجب به وهو ثمرة فؤادي وقرة عيني أما أن أمتي ستقتله فمن زاره بعد وفاته كتب الله له حجةً من حججي< – يظهر السائل واحدة من نساء النبي- قالـت: يا رسول الله حجةٌ من حججك؟ قال: نعم, وحجتين من ذلك, قالت: يا رسول الله حجتين منها؟ قال: نعم، وأربعة منها, قال, فلم تزل تزاده ويزيد ويضعّف حتى بلغ تسعين حجةً من حجج رسول الله’ بأعمالها.
طيب سؤال: ما هو وجه الجمع؟ الأعلام ذكروا وجه جمع في هذه القضية وإنشاء الله تعالى, يظهر الوقت شارف على الانتهاء هذه كانت اليوم مقدمة (عربون) للدخول في البحث وإلا أصل البحث إنشاء الله تعالى في الأيام القادمة سيأتي.
والحمد لله رب العالمين.