نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (109)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    نزولاً عند رغبة الإخوة الأعزاء حيث أن كثير من الأعزاء طلبوا أنه تبين هذه المسألة بنحوٍ أكثر مما أشرنا إليها في البحث السابق.

    قلنا بأنه توجد هنا مجموعة من الأبحاث المرتبطة بالإمامة كما تعتقدها مدرسة أهل البيت.

    البحث الأول: هو أن الإمامة التي تعتقدها مدرسة أهل البيت هل هي ضرورة أو ضرورية من ضرورات الدين أم أنها ليست كذلك؟ هذه القضية أشرنا إليها وبينا أنه توجد هناك اتجاهات ثلاثة:

    الاتجاه الأول: يعتقد أنها من الضروريات حدوثاً وبقاءً, يعني من ضروريات الدين.

    الاتجاه الثاني: أنه لا يعتقد أنها من الضروريات لا حدوثاً ولا بقاءً.

    الاتجاه الثالث: وهو الذي يعتقد أنها من الضروريات في صدر الإسلام بالنسبة لمن كان يحيطُ بالرسول الأعظم’ لا لجميع المسلمين في صدر الإسلام, يعني ليست من الضروريات بالنسبة إلى من اجتمعوا في غدير خم مثلاً وإنما هي من الضروريات بالنسبة لمن كان حول رسول الله ورأى وسمع أقواله ورأى أفعاله وعاش معه فكان يقف على كامل ما فعله وما قاله رسول الله, لا يحتاج إلى أن ينقل له, ناقل في هذا المجال.

    ولعل في كلمات الإمام أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام) تصريح بهذا المعنى في بعض خطبه يعني إشارة إلى هذا الأمر الثالث الذي أشرنا إليه, وهو: ما ورد في الخطبة 149 الإمام× يقول ومن خطبة له× يومي فيها إلى ذكر الملاحم يقول: >حتى إذا قبض الله رسوله’ رجل قومٌ على الأعقاب {فإذا مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم}<. رجع قوم على الأعقاب وليس جميع المسلمين رجعوا على الأعقاب, >وغالتهم السبُل واتكلوا على الولائج ووصلوا غير الرحم, وهجروا السبب الذي أومروا بمودته ونقلوا البناء عن رص أساسه فبنوه في غير موضوعه.

    طيب هذا واضح أنهم كانوا يعلمون أن هذا البناء هذا الأساس أين لابد أن يبنى ولكن هؤلاء بنوه في غير موضعه عن علمٍ ومعرفةٍ بذلك, ثم الإمام× يبين خصائص هؤلاء الذين فعلوا ذلك, قال >معادن كل خطيئة وأبواب كل ضاربٍ في غمرة قد ماروا في الحيرة وذهلوا في السكرة على سنةٍ من آل فرعون من منقطع إلى الدنيا راكٍ أو مفارق للدين مباين< طيب من الواضح أن هذه الأوصاف لا تصدق على أولئك الضعاف فكرياً أو عقلياً أو الذين لم يعلموا أو كان جهلهم جهل قصوري ونحو ذلك من الأمور.

    هذه المسألة أشرنا إليها الآن لا نقف عندها كثيراً.

    المسألة الثانية التي أشرنا إليه أنه: أطلق عليهم في النصوص بأن هؤلاء كفار ومرتدون وبينّا فيما سبق ما هو المراد من الفكر والارتداد في كلمات أئمة أهل البيت عندما أطلق هذان الوصفان والمفهومان على من أنكر ولاية أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وقلنا أنه ليس المراد من هذا الكفر والارتداد لا ما يقابل الإسلام ولا ما يقابل الإيمان وإنما المراد منهما ما يقابل الطاعة لله (سبحانه وتعالى), يعني أمروا بأمرٍ فخالفوا ذلك الأمر عن علمٍ بذلك.

    الأمر الثالث: أو البحث الثالث وهو البحث الذي نحتاج إليه قليلاً.

    وهو أنه أساساً إلى هنا كنا نتكلم عن هؤلاء بحسب البحث الفقهي, الآن لو أردنا أن نوسع هذه المسألة لنبحث عن أولئك الذين لم يؤمنوا لا أقول أنكروا لأن الإنكار فرع المعرفة, إلا أن يؤخذ الإنكار بمعنىً أعم.

    ما هو حال من لم يؤمن بإمامة أئمة أهل البيت بالمعنى الذي تقصده مدرسة أهل البيت من هؤلاء الأئمة, يعني العصمة يعني الإمامة السياسية, يعني خلافة رسول الله يعني هذه الأمور المتفق عليها في مدرسة أهل البيت.

    ما هو حال من لم يعتقد بهذه الإمامة المخصوصة في الآخرة, في الدنيا كما تعلمون له بحثه الخاص به وهو أنهم مسلمون أو ليسوا بمسلمين؟ اتفقت الكلمة على أنهم ماذا؟ من المسلمين وتجري عليهم أحكام الإسلام و … إلى غير ذلك.

    إنما الكلام في البحث الأخروي وهو ما هو حال هؤلاء هل هناك طريق للنجاة والدخول إلى الجنة حتى لو لم يكونوا ممن آمن بهذا الاعتقاد واعتقد هذا الاعتقاد أم لا.

    في المقدمة أنا بودي أن أشير إلى أصل لابد أن يلتفت إليه الإخوة وهو مغفول عنه في كثير من الأبحاث.

    إخواني الأعزاء, هناك مجموعة من العناوين كعناوين الإسلام, الإيمان, هذا مسلم هذا مؤمن هذا كافر كتابي هذا كافر غير كتابي هذا مرتد هذا مرتد فطري هذا مرتد ملي, ونحو ذلك من العناوين.

    هذه العناوين في الدنيا لها أحكامها الفقهية الخاصة بها, يعني عندما نأتي إلى أبحاث الطهارة والنجاسة والإرث والنكاح والذبح وعشرات المسائل والأبواب الفقهية بل مئات المسائل الفقهية مترتبة على هذه العناوين في الفقه, إذا كان مسلماً له نحو من الأحكام, إذا كان مؤمناً له نحو من الأحكام, إذا كان كافراً كتابي له نحو من الأحكام, كافر غير كتابي له نحو من الأحكام, كان مرتداً فطرياً له نحو من الأحكام, مرتد غير فطري له نحو من الأحكام.

    السؤال المطروح: هل أن لهذه العناوين مدخلية في الثواب والعقاب في الجنة والنار, أو ليست لها مدخلية؟

    مع الأسف الشديد أن البعض يتصور أن الجنة والنار أيضاً مرتبطة بهذه العناوين, يعني إذا كان مؤمناً فيدخل الجنة, إذا لم يكن مؤمناً بحسب الاصطلاح الذي عندنا يدخل الجنة أو لا يدخل الجنة؟ لا يدخل الجنة إذا كان مسلماً مؤمناً يدخل الجنة أما إذا كان كافراً يدخل أو لا يدخل؟ لا يدخل, مع أن الأمر أعزائي لا علاقة لهذه العناوين بالدخول إلى الجنة أو النار, فقد يكون مسلماً مؤمناً ويدخل النار, وقد يكون كافراً بحسب الاصطلاح الفقهي ويدخل الجنة.

    الآن لا تستغرب الآن نقرأ الروايات لا تستعجلون وكلمات الأعلام بالقدر الذي لا نطيل على الإخوة.

    إذن أعزائي الآن لماذا أقول هذا الكلام لأنه البعض يقول: إذا كان على سبيل المثال, إذا كان المخالف بحسب النصوص كافراً إذن الكافر مصيره إلى ماذا؟ إلى النار, لا ليس الأمر كذلك, حتى لو صدق على المخالف أنه كافر فلا ملازمة بين الكفر والنار, ولا ملازمة بين الإسلام والإيمان والجنة؟

    الروايات في ذلك كثيرة, ولكن أنا أبدأ أولاً: ببعض كلمات الأعلام حتى أنه نخرج من هذا الاستيحاش الذي أجده على وجوه الأعزاء, وبعد ذلك أشير إلى الروايات.

    قد يكون الإنسان مسلماً مؤمناً بحسب الاصطلاح يعني ممن والى أهل البيت ولكن مرتكباً للكبائر ومات عن غير توبةٍ نصوح, وقع الخلاف بين الأعلام بأنه يدخل النار أو لا يدخل النار؟

    أنا هنا أتيت بكلام لصاحب البحار الذي هو من المتشددين في هذا المجال.

    صاحب البحار في المجلد الثامن في كتاب العدل والمعاد باب من يخلد في النار ومن يخرج منها, يقول: وأما أصحاب الكبائر من الإمامية فلا خلاف بين الإمامية في أنهم لا يخلدون في النار, الآن هذا بحث الخلود في النار لا أريد أن أقف عنده.

    والتحقيق: أن كل موحدٍ يوم القيامة لا يخلد في النار, كل موحدٍ مسلماً كان أو غير مسلم, نعم الذي أشرك لا يُغفر له {إن الله لا يغفر أن يشرك به} على أي الأحوال ذاك ليس بحثنا في الخلود, الخلود له بحث آخر وبحث تفصيلي أساساً, أساساً الخلود الدوام الأبدي أو الخلود يعني المكث الكثير والخلود بأي معنىً, هذا إنشاء الله في محله في أبحاث الخلود.

    وأما أنهم هل يدخلون النار أم لا؟ إذن إمامي يعني مسلم بحسب الاصطلاح مؤمن, أريد أن أقول لا ملازمة بين الإيمان الاصطلاحي وبين الدخول في الجنة, قال: وأما أنهم هل يدخلون النار أم لا؟ فالأخبار مختلفة فيهم اختلافاً كثيراً ومقتضى الجمع بينها أنهم يحتمل دخولهم في النار, إذن لا يوجد جزم بأنه لا يدخلون النار.

    طبعاً آراء أنا قلت هذا من الآراء المتشددة وإلا جملة من أعلامنا يقولون لا إشكال أنهم ماذا؟ يدخل النار, يعني بالقطع والجزم واليقين يقول يدخلون النار.

    نعم في آخر المطاف يقول لأنه يقيم الدين يقول لأنه قد ورد في أخبار أخر أن الشيعة من شايع علياً في أعماله وأن الإيمان مركب من القول والعمل, نعم الأخبار الأخرى تشير إلى أنهم تشملهم شفاعة أئمة أهل البيت ذاك حديث آخر, الآن الكلام في أن هؤلاء يدخلون أو لا يدخلون, أما يخرجون أو لا يخرجون, ذاك بحث آخر.

    هذا في هذا الطرف, إذن لا ملازمة بين الإيمان الاصطلاحي بمجرد الإيمان والدخول إلى الجنة, الآن تعالوا إلى الطرف الآخر, ولا ملازمة بين الكفر الاصطلاحي والدخول إلى النار, يمكن أن يكون بحسب الاصطلاح الفقهي يكون ماذا يطلق عليه, قولوا ماذا يطلق عليه؟ كافر, فقهاً مما لا ريب في كفره وليس المراد من الكفر, الكفر في مقابل الطاعة لا, الكفر في مقابل الإيمان, الكفر في مقابل الإسلام, أكثر من ذلك, ليس الكفر بمعنى ما يقابل الطاعة, الكفر بمعنى ما يقابل الإسلام, هل توجد ملازمة إذا صدق عليه أنه كافر اصطلاحاً بمعنى ما يقابل الإسلام والإيمان, فبالضرورة أنه من أهل النار أو لا ملازمة بينهما؟ لا ملازمة.

    السيد الخوئي+ في التنقيح المجلد الثالث إخواني الأعزاء في ص58 من الكتاب, هذه عبارته, يقول: والمراد بالكافر من كان منكراً للألوهية أو التوحيد أو الرسالة أو ضرورياً من ضروريات الدين, هذا نص عبارة من؟ عبارة السيد صاحب العروة.

    يقول: قد اعتبر, التفتوا جيداً, قد اعتبر في الشريعة المقدسة أمورٌ على وجه الموضوعية في تحقق الإسلام, يعني ما لم توجد هذه الأمور يصدق عليه فقهياً مسلم أو لا يصدق؟ لا يصدق, بمعنى أن إنكارها أو الجهل بها – يعني هذه الأمور الموضوعية- يقتضي الحكم فقهياً بكفر جاهلها أو منكرها, إذن من أنكر الرسالة فهو كافر هذا بلا ريب, الآن كان عن علمٍ عن جهلٍ عن ضعف عن عدم فهم, ليس المهم هذا, المهم من الناحية الفقهية حتى لو كان ما كان أقول هذا كافر ليس بمسلم من لم يؤمن بالرسالة, ولكن من حيث العقاب الأخروي هذا البحث الفقهي, من حيث العقاب, وإن لم يستحق بذلك العقاب, إذن لا توجد ملازمة إذا ثبت أنه كافر إذن بالضرورة لابد أن يكون معاقباً لا توجد ملازمة, وقد يكون ناجياً, ثم يبين السيد الخوئي+ يقول: لاستناد جهله إلى قصوره أو كونه من المستضعفين, فإذا كان هذا الكُفر في قبال الإسلام في قبال الإيمان فضلاً عن الطاعة في قبال الطاعة, إذا كان ناشئاً من القصور قاصر أو الاستضعاف وبعد ذلك سنبين إذن بالضرورة يستحق العقاب الأخروي أو لا ملازمة بينه وبين العقاب الأخروي.

    إذن هذا الأصل إخواني الأعزاء أحفظوه لنا, وهو أنه لا ملازمة كلامية بين الإيمان وبين الدخول في الجنة, ولا بين الكفر وبين الدخول في النار, طيب إذا هذا الأصل اتضح, إذن يتضح لابد أن نعرف أنه ما هي الموازين التي على أساسها نقول هذا يدخل الجنة وهذا لا يدخل الجنة, هذا يدخل النار وهذا ينجو من النار, فالضابط ليس العناوين الفقهية, التفتوا جيداً, الضابط العناوين الفقهية أو لا علاقة لها بذلك.

    لا علاقة لها بذلك, وهذا الذي أشرنا إليه في المقدمة أنه هناك مجموعة من العناوين هذه العناوين بحسب البحث الفقهي لها آثار, ولكن ليس بالضرورة بحسب البحث الكلامي يعني الثواب والعقاب الجنة والنار, أيضاً تترتب عليها هذه الآثار, قد يكون مؤمناً وهو من أهل النار, وقد يكون كافراً يعني بحسب البحث الفقهي وهو من أهل الجنة.

    إذن إذا السيد الخوئي+ في التنقيح يقول أننا نسمي كنا نسمي المخالفين في أبحاثنا مسلموا الدنيا وكفار الآخرة لا يذهب إلى ذهنك أن هؤلاء في الدنيا تجري عليهم أحكام الإسلام وفي الآخرة هم من أهل النار, هذا لا يتبادر إلى ذهنك, هذا الخطأ الشائع الآن, أنه عندما نحكم أو عندما يحكم فقهياً عندنا بكفر المخالف حتى لو كان هذا الكفر كفر في مقابل الإسلام, هذا يلازم النار أو لا يلازم النار؟ لا ملازمة بينه وبين النار.

    هذه العبارة من العبارات المشهورة عن السيد الخوئي+ أنه يعبر عن هؤلاء يقول كنا نصطلح عليهم بهذا المعنى, وهو قد كنا سمينا هذه الطائفة في بعض أبحاثنا بمسلم الدنيا وكافر الآخرة, في التنقيح المجلد الثالث ص63.

    إذن عندما يقول كافر الآخرة ليس بالضرورة يريد أن يقول هو من أهل ماذا؟ الآن إما في النار أو مخلد في النار, لماذا؟ لأنه هو في ص58 يقول: كافر ولكن يستحق العقاب أو لا يستحق العقاب؟ لا يستحق العقاب, إذن هذه الجملة تكون قرينة على المراد الذي ذكره في ص63, يريد أن يقول نحن نريد أن نتكلم في البحث العنواني يعني في البحث الفقهي لا في البحث, لا في بحث الجنة والنار.

    هذه القاعدة أحفظوها إخواني الأعزاء جيداً وإلا لو لم تحفظوها للزمت محاذير كثيرة.

    الآن تعالوا بناءً على هذا الأصل تعالوا معنا إلى النصوص الواردة بالنسبة إلى طبقات المسلمين أو المسلمون بإزاء إمام أهل البيت ما هو حكمهم الأخروي, الذي قلنا أن عنوان الإسلام والإيمان له مدخلية أو لا مدخلية له؟ لا مدخلية له.

    لابد أن نسأل أنهم ينجون أو لا ينجون؟ إخواني الأعزاء بنحو الإجمال أنا أمر عليها وإلا البحث طويل الذيل, يمكن أن نشير إلى طبقات متعددة للمسلمين لأنه نريد أن نخرج الآن ممن؟ ممن لم يؤمن بالرسالة أولئك لهم حساب آخر, ذاك كافر جزماً ولكنه أيضا بالضرورة ليس يعني بالضرورة من أهل النار.

    طبقة وهذا واضح في التأريخ, طبقة حاربوا أئمة أهل البيت وقتلوهم وشردوهم وفعلوا بهم كل فعل متصور, وهؤلاء من أوضح مصاديق النواصب ومن أوضح من هم من أهل النار بل هم من المخلدين في النار هذا لا يوجد فيهم بحث بين علماء الإمامية والتحقيق كذلك.

    الآن تقول سيدنا أنت قبل قليل قلت: إذا كان موحداً … الجواب: النصوص ذكرت أن مثل هؤلاء يسلبون التوحيد في ضغطة من القبر يسلب منه التوحيد لو كان موحداً في الدنيا, فيحشر وهو موحد أو غير موحد؟ غير موحدٍ, هذه طبقة واضحة المآل والمصير.

    الطبقة الثانية: الطبقة التي اتضح لها الحق بشكل جلي كأولئك الذين عاصروا رسول الله وأحاطوا به, ولكنه مع ذلك خالفوا أوامره يعني بنص القرآن الكريم {شاقوا الرسول} ليس جهلاً لا قصوراً لا لا, {شاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى} يعني مشاقة عن عمد مشاقة عن علم, إذن هذا قاصر أو ليس بقاصر؟ من الواضح أن هؤلاء لا يشملهم الجهل القصوري, أيضاً هؤلاء من أهل النار, إلا أن يتوبوا ويؤوبوا إلى رشدهم إن كان هناك مجال عند ذلك لهم حساب آخر, وإلا لو ماتوا على ذلك فلا إشكال أيضاً أنهم ماذا؟ لا أقل خالفوا رسول الله لأن رسول الله أمر بذلك وطاعة الرسول واجبة {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} وهؤلاء أطاعوا رسول الله أم خالفوا رسول الله؟ خالفه عن عمدٍ وعلم {شاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى}.

    الآن هناك بحث آخر افتح لي قوس (أن هؤلاء الذين {شاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم} خصوصاً مجموعة من الصحابة الكبار – الآن لا أريد أن أذكر الأسماء- هؤلاء كانوا مسلمين يؤمنون برسول الله أو كانوا منافقين هؤلاء؟ هذا محل خلافٍ بين علمائنا له محل آخر, المشهور يذهب إلى أنهم كانوا من المنافقين, وجملة من الأعلام ومنهم السيد الخوئي+ يعتقد أنه لم يثبت أن هذا ناشئ عن النفاق وإنما ناشئ عن مخالفة رسول الله وشهوة الجاه وشهوة السلطة, هؤلاء هذا الذي منعهم أو أدى بهم إلى أن يمنعوا علياً وأهل بيته مقامهم وخلافتهم, ذاك بحث آخر الآن لا أريد أن أدخل فيه.

    هذه الطبقة الثانية.

    الطبقة الثالثة: أنا أتكلم من الناحية النظرية, لا يقول لي من الناحية الصغروية سيدنا موجودين أو غير موجودين؟ قد يكون غير موجودين, أنا أتكلم من الناحية النظرية التقسيم المنطقي.

    الذين لم يصل إليهم شيء أي حجة على إمامة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) ما وصل إليهم شيء, لم يسمعوا أصلاً, وعندما أقول إمامة أئمة أهل البيت لا يذهب ذهنك إلى علي ابن أبي طالب, لا, نحن نتكلم عن اثني عشر إمام >الخلفاء من بعدي اثني عشر< أصلاً ما وصلتهم الحجة على أن هؤلاء أئمة مفترضوا الطاعة. هذه الطبقة الثالثة.

    هذه الطبقة الثالثة إخواني الأعزاء الروايات عبرت عنهم بالمستضعفين, والمراد بالاستضعاف هنا ليس الاستضعاف الفكري يعني من الناحية الفكرية ضعاف لا يميزون, المراد من الاستضعاف هنا من لم ترفع إليه الحجة, من الناحية الفكرية يستطيع أن يميز بين الحق والباطل, ولكنه قامت عنده الحجة وصلته الحجة أو لم تصل, لا أنه وصلته وخالف وصلته ولم يبحث وصلته وبحث ولم ينتهي إلى نتيجة وصلت الحجة أم لم تصل, وهذا هو الذي أشارت إليه النصوص, في الكافي المجلد الخامس عشر الذي قلت بتعبير آخر في النسخة المعروفة المجلد الثامن ص125 قال: وسألت عن الضعفاء – الرواية عن الإمام الكاظم×- وسألت عن الضعفاء فالضعيف من لم يرفع إليه الحجة, أصلاً ما وصلت إليه حجة, ولم يعرف الاختلاف أصلاً أبداً ولا خاطر في ذهنه أصلاً توجد نظرية اسمها نظرية أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) هذا الاستضعاف ليس هو الضعف الفكري يعني البله والنساء والسذج لا لا لم تصل إليه حجة.

    وأنا أتصور الآن مئات الملايين من الناس في العالم من المسلمين أساساً واقعاً لا يخطر إلى ذهنه هذه القضية.

    قال: ولم يعرف الاختلاف فإذا عرف وجود الاختلاف فليس بضعيف انتهى, بمجرد أنه يسمع فضائيات مواقع خطيب كذا, أنه يوجد اختلاف توجد مسألة كذا يوجد إمامية هكذا يقولون هذا ضعيف بحسب الاصطلاح أو ليس بضعيف؟ هذا ليس بضعيف لابد أن يبحث ويأتي إلى الحجة.

    الآن جملة أقولها للأعزاء التفتوا جيداً, هذه القضية ليست مربوطة بالآخرين مربوطة بنا أيضاً, أنت إذا كنت على اطمئنان مائة في المائة أن ما كنت عليه حق إذن كنت تحتمل الخلاف أو لا تحتمل الخلاف؟ لا تحتمل تقول بأنه مسلم أن الآخر ماذا؟ أما إذا وقع في ذهنك احتمال أن الحق مع الآخرين؟ فيحق لك أن تسكت أو تهدأ أو لابد من البحث, طبعاً هذه لنا وليست لعوام الناس لأن عوام الناس مساكين لا يمكن أن نقول لهم إذا احتملت فلابد أن تذهب وتبحث, أنت كطالب لابد إذا احتملت أنه أساساً من قال أن الأئمة اثنا عشر لعله أحد عشر إمام, هذا الثاني عشر بعدهُ ماذا؟ ما يكفي أنه على الفطرة وعلى البيعة وعلى … هذا لا يكفي هذه قاعدة عامة وليست قاعدة فقط للآخرين وإنما شاملة لحال كل إنسانٍ يبحث عن التحقيق. هذه الطبقة الثالثة, حكمها ما هو؟ يأتي بعد ذلك.

    الطبقة الرابعة: هؤلاء بنحو من الأنحاء أحبوا أهل البيت لأنه سمعوا في القرآن ماذا قال؟ قال: {لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى} لا أقل القدر المتيقن علي فاطمة حسن حسين عليهم أفضل الصلاة والسلام, أحبوهم لأن الآية نص القرآن أشار إلى هذه الحقيقة.

    هؤلاء إخواني الأعزاء هذه الطبقة الرابعة, على أصناف ثلاثة:

    الصنف الأول: أنهم لم يسمعوا بأي دليلٍ لإثبات إمامة أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) كما هو الحال في الطبقة الثالثة, لم يسمعوا أحبوا أهل البيت ولكن سمعوا بإمامتهم يعني الدليل على إمامتهم وجد عندهم أو لم يوجد؟ هذا هو الأول.

    الثاني: سمعوا ولكنهم ضعاف من الناحية العقلية واقعاً هؤلاء يقيمون دليل أولئك يقيمون أدلة ولكن هو يستطيع أن يميز الحق من الباطل أو لا يستطيع؟ وهذا هو الاستضعاف الفكري, يعني أنهم من الناحية الفكرية لم يبلغوا إلى درجة أن يميزوا بين الحق والباطل, ولعل النصوص التي أشارت البله في الروايات إشارة إلى هذه الطبقة.

    الصنف الثالث: سمعوا لا كالصنف الأول لم يسمعوا ويميزون لا كالصنف الثاني الذين لا يميزون وبحثوا بحثاً كلٌ بحسبه, لا أنه جاء وتتوقع من كل واحد يحتمل الحق في أهل البيت يأتي ويجلس في حوزة قم عشرين سنة لا ليس هذا المقصود, المقصود أنه يسأل ويبحث بالقدر الذي يناسب شأنه فبحث ولم يصل إلى الحق والحقيقة, وأنتم تعلمون في مثل هذه الأيام الوصول إلى الحق أمر سهل أو صعب جداً؟ صعب جداً لوجود هذه الفضائيات والموانع والشبهات والاتهامات والكلمات التي تصدر حتى لعله من أتباع مدرسة أهل البيت بدل أن تقرب الناس تبعد الناس عن مدرسة أهل البيت لم يصل إلى الحقيقة, فما هو حكم الطبقة الثالثة والطبقة الرابعة بأصنافهم الثلاث؟

    الجواب: في جملة واحدة أن هؤلاء جميعاً بحسب النصوص من الناجين يوم القيامة إذا كانت لهم أعمال حسنة واعتقادات بحسب ما يعتقدون, نعم إذا كانت عندهم سيئات يحاسبون لا لأنهم لم يؤمنوا بالإمامة بل لأنهم عندهم معاصي كبائر يحاسبون عليها, التفت الآن اقرأ النصوص.

    إذن إخواني الأعزاء, الطبقة الثالثة الذين لم تقم لهم حجة, الطبقة الرابعة الذين أحبوا بحسب أصنافهم الثلاثة والذين لم تقم عندهم لا حجة أو لا يميزون أو بحثوا فلم يصلوا إلى الحق والحقيقة ما هو حالهم؟

    هذه هي النصوص بحسب الوقت الذي عندي إنشاء الله تعالى يسع الوقت.

    النص الأول: ما ورد في الأصول من الكافي بحسب هذه الطبعة الجزء الرابع ص181 يعني بعبارة أخرى الجزء الثاني بحسب الثمان مجلدات ص405, الرواية: قال: >سألت الباقر (عليه أفضل الصلاة والسلام) عن الدين الذي لا يسع العباد جهلة, فقال: الدين واسع ولكن الخوارج ضيقوا على أنفسهم من جهلهم, قلت: جعلت فداك فأحدثك بديني الذي أنا عليه, فقال: بلى, قلت: أشهد أن لا إله ألله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله والإقرار بما جاء من عند الله وأتولاكم وأبرئوا من عدوكم ومن ركب رقابكم وتأمر عليكم وظلمكم حقكم, فقال: ما جهلت شيئاً هو الله الذي نحن عليه< هذا هو ديننا ليس أكثر من ذلك, ثلاث أربع كلمات ليس أكثر من ذلك, ثم قال: فقلت> فهل سلم أو يسلم أحد لا يعرف هذا الأمر< هذا الذي شرحته لكم, فقال: >لا إلا المستضعفين, قلت: من هم, قال: نسائكم وأولادكم< الآن أنت أين تدخلهم هؤلاء؟ تدخلهم في من لا يميزون لم يصل إليهم الحق, أنت حر ولكن أنا أتصور أن هذا داخل في الطبقة الذين لا يميزون, يعني أكثر أهل الجنة من البله, هذه الروايات إشارة إلى هذه.

    قال: >نسائكم وأولادكم<, ثم قال (عليهم أفضل الصلاة والسلام) >أرأيت أم أيمن فإني أشهد أنها من أهل الجنة< الإمام يشهد من أهل الجنة, >وما كانت تعرف ما أنتم عليه< لا فقط لا تدخل النار التفت, الآن قد يأتي شخص ويقول أن هؤلاء من أصحاب الأعراف لا لا أبداً ليسوا من أصحاب الأعراف على بعض المعاني وإنما هي من أهل الجنة وبشهادة من الإمام الصادق العادل المعصوم (عليه أفضل الصلاة والسلام) >فإني أشهد أنها من أهل الجنة وما كانت تعرف ما أنتم عليه< هذه رواية.

    الرواية الثانية: واردة في التفسير القمي المجلد الثاني في ص260 في آخر آية من سورة المؤمن, الرواية جداً قيمة التفتوا جيداً, الرواية عن الإمام الباقر قال: قلت له جعلت فداك الرواية تصريح فيها >ما حال الموحدين المقررين بنبوة محمد’ من المسلمين المذنبين الذين يموتون وليس لهم إمام ولا يعرفون ولايتكم< هو محل النزاع اليوم, محل النزاع, >فقال: أما هؤلاء فإنهم في حفرهم يعني في البرزخ لا يخرجون منها فمن كان له< انظروا الإمام× نقل الأمر إلى ماذا؟ إلى الأعمال الصالحة والأعمال غير الصالحة >فمن كان له عمل صالح ولم يظهر منه عداوةٌ< هذه مسألة إذا صار وقت والإخوة أيضاً إذا طلبوا سأقف عندها, هل الولاية شرط للدخول إلى الجنة أو البغض مانع للدخول إلى الجنة؟ النصوص صريحة أنه ليست الولاية شرط بل العداوة مانعةٌ وفرق كبير بين أن نجعل الولاية شرط وبين أن نقول العداوة مانعةٌ, على أي الأحوال.

    قال: >ولم يظهر منه عداوة فإنه يخد له خداً إلى الجنة التي خلقها الله, حتى يلقى الله< هذا في البرزخ >حتى يلقى الله فيحاسبه بحسناته وسيئاته فإما إلى الجنة وإما< ماذا؟ ولذا قلنا بعد الحساب الإمامة تخرج وإنما يدخل الحسنات والسيئات.

    قال: وكذلك يفعل بالمستضعفين والبله والأطفال وأولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحلم, وأما النصاب من أهل القبلة< يعني ماذا؟ يعني الذي هو الطبقة الأولى الذي بنحو من الأنحاء تلحق بها الطبقة الثانية, >وأما النصاب من أهل القبلة فإنه يخد لهم خداً إلى النار التي خلقها الله فيدخل عليهم اللهب والشرر والدخان وفورة الحميم< هذا في البرزح >إلى يوم القيامة< ثم بعد ذلك مصيرهم إلى الجحيم< ما أدري واضحة, إشارة إلى الطبقة الأولى التي هي من أوضح المصاديق وكذلك بدليل آخر الطبقة الثانية.

    الرواية الثالثة: ما وردت في تفسير العياشي الجزء الأول ص433, في ذيل هذه الآية المباركة الآية 98 من سورة النساء, الرواية >عن أبي عبد الله الصادق× قال: المستضعفين من الرجال والنساء لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلا, قال لا يستطيعون حيلة أي سبيلاً طريقاً إلى سبيل أهل الحق فيدخلون فيه< ما وصل إليهم الحق وإلا لو وصل إليهم ماذا؟ لاتبعونا ولكن وصل أو لم يصل؟ >فلا سبيل لهم إلى سبيل أهل الحق فيدخلون فيه ولا يستطيعون حيلة أهل النصب فينصبون, لا هم من النواصب ولا هم من أهل الحق, قال: هؤلاء يدخلون الجنة بأعمال حسنة وباجتناب المحارم التي نهى الله عنها, نعم, ولا ينالون منازل الأبرار< هذا طبيعي باعتبار أن الجنة لها درجات, من والى أهل البيت له, كما أن الموالين لا ينالون منازل الأولياء, كما أن الأولياء لا ينالون منازل الأنبياء, كما أن الأنبياء من الدرجة الثانية لا ينالون منازل الدرجة الأولى من الأنبياء يعني أنبياء أولي العزم, هذه ليست مشكلة, ولكن مقصودي ذاك بحث آخر الآن نتكلم في الدخول إلى الجنة بنحو القضية المهملة لا في مقامات الجنة.

    قال: >ولا ينالون منازل الأبرار< هذه أيضاً رواية.

    وآخر رواية حتى أختم البحث لا أطيل على الإخوة الأعزاء, ما وردت في الخصال للشيخ الصدوق في المجلد الثامن, أو الجزء الثاني ص407 في باب الثمانية للجنة ثمانية أبواب الرواية >عن علي ابن أبي طالب عن أبي عبد الله عن أبيه عن جده عن علي, قال: للجنة ثمانية أبواب بابٌ يدخل منه النبيون والصديقون< ونحن بينا في كتاب المعاد رؤية قرآنية أن هذه الأبواب ليست مثل هذا الصالون وفيها أبواب واحد تشريفات أدخلوه من هنا والآخر من هناك لا ليست القضية هكذا, المراد من الأبواب يعني درجات الجنة وطبقات الجنة, أبواب الجحيم أيضا كذلك وليس المقصود أنه واحد من هذه الباب والآخر من هذه الباب, وفي النار لا يوجد تشريف وغير تشريف المراد من الباب يعني ماذا؟ يعني الدرجات.

    قال: >للجنة ثمانية أبواب باب يدخل منه النبيون والصديقون وباب يدخل منه الشهداء والصالحون وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبونا على اختلاف مراتبهم المهم محل الشاهد وباب يدخل منه سائر المسلمين< كل المسلمين يدخلون إلى ماذا؟

    تقل لي سيدنا إذن المعركة على ماذا؟ ذاك بحث آخر أن المعركة على ماذا, وإلا هذه نصوص واضحة وليست رواية وروايتين وخمسة وعشرة, >وباب يدخل منه سائر المسلمين ممن شهد أن لا إله إلا الله ولم يكن في قبله مقدار ذرة من بغضنا أهل البيت< إذن المانع ماذا؟ فإن المبغض يدخل في الناصبي, ذاك المبغض أين يدخل؟ داخل في الطبقة الأولى والطبقة الثانية, هذا أصلاً خروج عن محل الكلام.

    إذن بهذا انتهينا إلى هذه النتيجة الأساسية وهي: أن المسلمين جميعاً يدخلون إلى الجنة بشرط الاستضعاف الذي أشار ولكن تارة الاستضعاف الفكري وتارة الاستضعاف بمعنى عدم وصول الحجة وهذا هو الجاهل القاصر بمعانيه المتعددة.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/06
    • مرات التنزيل : 1111

  • جديد المرئيات