بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
في المقدمة بودي الإشارة إلى أن هذا البحث الذي عرضنا له وإن كان بحثاً في كثير من أبعاده يُعد من الأبحاث الكلامية, ولكنه أتصور وأعتقد أن الإخوة على ذُكر من أنه مثل هذه الأبحاث الكلامية والعقائدية بل والفلسفية والمعرفية ليست مبتدعة في الأبحاث الأصولية والفقهية.
لا يتبادر إلى ذهن أحد أن هذه الطريقة التي نحن نتحدث فيها مثلاً هذه بدعة مثلاً – أقصد من البدعة المنهجية يعني وإلا ليست كل بدعة مصداق كل بدعةٍ ضلالة- هذه ليست بدعة منهجية أنتم انظروا إلى علم الأصول تجدون بأنه هناك مجموعة من المسائل عرض لها الأعلام تفصيلاً مع أنها لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بمباحث علم الأصول.
على سبيل المثال: عندما يصلون إلى بحث الأوامر يدخلون في بحث نظرية الأمر بين الأمرين, وأي علاقة بين البحث الأصولي ونظرية الأمر بين الأمرين, وما يقوله المعتزلة وما يقوله الأشاعرة وما يقولوه الفلاسفة في مسألة أن فعل الإنسان اختياري أو ليس باختياري وأن الاختيارية بماذا تتحقق هل تتحقق بهذا النحو أو تتحقق بذاك النحو, لعله يبقى الطالب سنة أو أكثر في هذه المباحث وهو بحثٌ كلامي صرف, الآن لماذا أن علماء الأصول بحثوا هذه المسألة في محله لابد أن نسأل ونبحث انه توجد هناك نكتة لبحث هذه المسألة هناك أو لا توجد.
على سبيل المثال: حجية الدليل العقلي في قبال جملة من علمائنا الذين أنكروا حجية الدليل العقلي يعني في قبال الأخباريين الذين قالوا أن العقل ليس بحجة على التفصيل, طيب هذه المسألة ليست مسألة أصولية وإنما مسألة مرتبطة بنظرية المعرفة, أو ما بحثوه في مسألة أن ظواهر القرآن حجة أو ليست بحجة, وأنتم تعلمون أن الظواهر القرآنية ليست مختصة بالأحكام الفقهية, وعشرات المسائل الإخوة, إخواني وأعزاء بحثت لسبب أو لاستطرادٍ سموه ما شئتم.
هذه المسألة التي نحن وقفنا عندها إلى الآن شخصياً لم أجد حتى ولو رسالة في هذا البحث, لا أنه لم أجد كتاباً في هذا البحث, لم أجد حتى رسالة الإخوة الذين لعلهم وقفوا على ذلك واقعاً يدلّونا على ذلك, أنه الطوائف الواردة فيما يتعلق بالمخالفين, طبعاً فيما يتعلق بالطهارة والنجاسة ونحو ذلك بحث بحثاً مفصلاً ولكن فيما يتعلق بالأبعاد الكلامية للمسألة في المخالفين في الواقع إلى الآن أنا لم أجد يحاول أن يجمع بين هذه الروايات المختلفة بحسب الألسن في هذا المجال.
طيب هذه كانت مقدمة. أما أصل البحث.
بالأمس بينا للإخوة بأن النصوص بينت أن البغض والعداوة والنصب مانعة من الدخول إلى الجنة, بلغ ذلك الإنسان ما بلغ من العبادات والصلاة والصيام, بل بتعبير النبي الأكرم’ >لو عبد الله عبادة سبعين نبي, ثم جاء يوم القيامة وهو جاحد لولاية علي أكبه الله على منخريه في نار جهنم< ولكن التفتوا إلى العبارة >جاحد لولايتهم< لا جاهل بولايتهم, وفرق كبير بين الجحود للولاية وبين الجهل بالولاية, بين إنكار الولاية بعد العلم بها وبين عدم العلم بها.
قرانا بعض الروايات, ومن الروايات التي تؤكد هذه الحقيقة بشكل واضح وصريح, ما ورد في روايات أو في كتاب جامع أحاديث الشيعة, في جامع أحاديث الشيعة المجلد الأول في ص597, هذه مجموعة من الروايات تكلمت عن ذلك.
قال: الرواية طويلة >قال: قال أبو عبد الله يا ميسر أي البلدان أعظم حرمة؟ قال: فما كان منا أحدٌ يجيبه حتى كان الراد على نفسه< الإمام عندما يسأل واقعاً لا يجرأ أحد على أن يجيب الإمام لأننا قد نجيب ونخطأ في محضر الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) قال ما كان يجرأ أحد أن يجيب حتى يكون هو الراد على نفسه, فقال: >مكة, فقال أي بقاعها أعظم حرمة, قال: فما كان منا أحدٌ يجيبه حتى كان الراد على نفسه فقال ما بين الركن إلى الحجر, والله< قسم في الروايات, >والله لو أن عبداً عبد الله ألف عامٍ حتى ينقطع علبائه< هذه (العلبات) العراقيون يعرفونها والرواية واضحة وهي عصبةٌ موجودة في العنق, >حتى ينقطع علبائه هرماً ثم أتى ببغضنا أهل البيت لرد الله عليه عمله< وهذا هو الذي أشرنا إليه في الطبقة الأولى والطبقة الثانية.
الرواية الثانية, وهي, رقم الرواية, طبعاً هذه الروايات أرقامها لعله الطبعات تختلف, الرواية 1055, الرواية الثانية 1056, الرواية عن أبي جعفر >قال: قال رسول الله’ لو أن عبداً عبد الله ألف عامٍ ثم ذبح كما يذبح الكبش ثم أتى الله ببغضنا أهل البيت لرد الله عليه عمله<.
وهنا بودي أن الإخوة يعلموا هذه النكتة جيداً عنوان أهل البيت ليس المراد منه علياً وفاطمة والحسن والحسين, أعزائي, عنوان أهل البيت النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين وهذا متفق عليه بين روايات الفريقين والمدرستين, لا يتبادر فقط في رواياتنا هذه, في روايات صحيحة عندهم أيضاً أن عنوان أهل البيت ليس مختص بالأربعة وإنما يشمل حصراً هؤلاء الخمسة, وهذا منها, قال: >ثم أتى الله ببغضنا أهل البيت< رسول الله ماذا؟ هو المتكلم.
الرواية الأخرى: >عن الباقر× قال قلت له: لا يصعد عملهم إلى الله ولا يقبل منهم عملا, فقال لا, من مات وفي قلبه بغض لنا أهل البيت ومن تولى عدونا لم يقبل الله له عملا<.
وكذلك الرواية 1057 وكذلك 1058, روايات متعددة.
الرواية الأخرى: >قال جعفر ابن محمد في قوله {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم} قال: يعني إذا أطاعوا الله وأطاعوا الرسول …< إلى أن قال: >قال عداوتنا تبطل أعمالهم< يعني الحبط الذي وارد عندنا في الروايات.
وكذلك رقم الرواية, روايات كثيرة في هذا المجال الإخوة هم يراجعونها.
من هذه الروايات, أيضاً ما ورد في صفحة 589, الرواية طويلة إلى أن قال: >والحجة بعدي على الناس أجمعين استوجب الجنة من تولاك واستوجب دخول النار من عاداك< استوجب ماذا؟ دخول النار وأيضاً هذا الذي أشرنا إليه في الطبقة الأولى وفي الطبقة الثانية.
إذن الطائفة الأولى إخواني الأعزاء من الروايات واضحة الدلالة, طبعاً الإخوة الذين يريدون أن يراجعون أيضاً هذه الروايات بشكل تفصيلي ايضا, طبعاً أكثرها واردة في جامع أحاديث الشيعة, حدود مائة رواية واردة هنا, ولكنه أيضا في وسائل الشيعة المجلد الأول هذه الطبعة دار إحياء التراث المجلد الأول ص123 أيضاً إشارات واضحة لهذا المعنى أنه عبرت تعبر عدو عاداك, مبغض, وفي روايات أخرى عبرت تعبير الجاحد التفتوا جيداً, هذه التعابير تؤدي مضموناً واحداً, كما أشرنا.
من هذه الروايات الرواية 311 الرواية: >نزل جبرائيل× على النبي’ قال: يا محمد السلام يقرأك السلام ويقول خلقت السماوات السبع والأرضين السبع وما عليهن وما خلقت موضعاً أعظم من الركن والمقام ولو عبداً دعاني منذ خلقت السماوات والأرض ثم لقني جاحداً لولاية علي لأكببته في سقر< وهذا أيضاً إشارة إلى ماذا؟ إلى أن البغض والجحود مانع من الدخول إلى الجنة, أساساً لا مجال في البحث في هذه المسائل, الجحود بالمعنى الذي ذكرناه (رجاءً شيخنا) الجحود بالمعنى الذي ذكرناه وهو لغةً وعرفاً واصطلاحاً يعني نفي ما في الإثبات قلبه وإثبات ما في القلب نفيه, وبتعبير القرآن الكريم {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم} قرآنياً لغةً استعمالاً الجحود لا يستعمل في الجاهل الجحود فرع العلم, أما لو كان جاهلاً فلا يقال له جاحد إلا بالتوسعة.
(كلام أحد الحضور) اسمعني شيخنا قلت بعد البحث, مراراً قلت بعد البحث, الحديث 313 أيضاً في هذا الباب قال سمعت أبا الحسن× يقول: إن لله في وقت كل صلاةٍ يصليها هذا الخلق لعنة, قال قلت جعلت فداك ولمَ قال بجحودهم حقنا< إذن التعبير بالجحود, وتعبير آخر >وتكذيبهم إيانا< وتكذيبهم إذا كان على الحجة يكذب أحد, الآن لو جاءك شخص وكذبته على الدليل وعلى البرهان واقعاً تستحق اللعنة الإلهية؟ هذا إنما يستحق اللعنة الإلهية لأنه كذّب مع الدليل أو كذّب بلا دليل, وإلا الآن كثير من الدعاوى الموجودة في المعارف الدينية عندما يقال فلان وفلان نحن نكذبها أو لا نكذبها؟ بل وظيفتنا الشرعية ماذا؟ أن نكذبها عندما يقولون أن فلان أفضل وأن فلان فعل كذا أو لم يفعل كذا, إذن هذا التكذيب الذي بقرينة اللعنة ليس مطلق التكذيب وإن كان عن حق بأي دليل؟ بالأدلة التي تقدمت قرآنياً وعقلياً ثابتة في محلها.
ومن هنا هذه العداوة والبغضاء أين تظهر؟ يعني الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أيضاً بينوا هذه الحقيقة ثبوتاً وأيضاً بينوها لنا إثباتاً, قالوا بأنه إذا رأيتم عندما يذكر محمد وآل محمد وخصوصاً عندما يذكر آل محمد تشمئز قلوبهم, هذا الاشمئزاز مقام الإثبات, مقام ثبوته ما هو؟ هو البغض والعداوة.
الروايات في ذلك كثيرة, منها أنا أشير فقط روايتين, ما ورد في جامع أحاديث الشيعة رقم الرواية 1037 الرواية عن علي ابن الحسين قال: >قام رسول الله’ فحمد الله وأثنا عليه ثم قال ما بال أقوام إذا ذكر عندهم آل إبراهيم وآل عمران فرحوا واستبشروا وإذا ذكر عندهم آل محمدٍ’ اشمأزت قلوبهم, الآن هذا الاشمئزاز يظهر بعناوين مختلفة الآن ليس محل بحثها, اشمأزت قلوبهم والذي نفس محمد بيده لو أن عبداً جاء يوم القيامة بعمل سبعين وهو ممن يشمئز قلبه عند ذكر آل محمد ولقى الله بغير ولايتنا وولاية أهل البيت ما قبل الله منه عملا.
وكذلك الرواية 1039 من هذا الباب أيضاً بنفس البيان >اشمأزت قلوبهم وكلحت وجوههم والذي بعثني بالحق نبيا لو أن رجلاً …<.
انظروا هذا الاشمئزاز له مظاهر أنا أشير إلى بعض مظاهره لإثباته, أنتم واجدين في جملة من الأحيان هؤلاء الذين يخرجون على الفضائيات يقولون مباشرة بمجرد عندما يقع اللعن على فلان وفلان, يقولون نحن هل نلعن علي ابن أبي طالب على المنابر, يعني في نفسه ماذا يوجد؟ في نفسه يريد أن كان هذا مباح له ولكنه بإجماع المسلمين من سب علياً خرج من الدين, هذا اللسان وإلا أنت لا تجد هذا اللفظ على ألسنة عموم المسلمين أبداً, أصلاً لا يخطر على ذهنه أنه يسب ماذا؟ يسب علياً يشتمل علياً يلعن علياً, نعم الخط الأموي فعل ذلك كثيراً.
الآن تعالوا معنا إلى مشكلة هنا, هذه المشكلة التي قد تتبادر إلى ذهن الإخوة وهي أنه سيدنا ماذا نفعل بتلك النصوص التي صرحت بشكل واضحٍ وصريح أن الأعمال لا تقبل إلا بولاية أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لا أقل هذا يتنافى مع ما تقدم قبل ذلك من أنه البغض مانعٌ هنا هذه الروايات تقول الولاية ماذا؟ الولاية شرط, ومن الواضح بأن الولاية شرط أخص من قولنا البغض مانع, والروايات التي وردت في هذا المجال لا أقل يمكن أن يقال بأنها متواترة تواتراً معنوياً, وهو أن الله لا يقبل عمل عاملٍ إلا ماذا؟ إلا بولايتنا أنه لا ثواب إلا بولايتنا لا نفع من الأعمال – مراده من الأعمال أعم من الاعتقاد يعني الجوارحي والجوانحي- إلا بولايتنا, والروايات في ذلك كثيرة جداً, فقط أنا أشير إلى بعضها وهي الواردة في وسائل الشيعة المجلد الأول في باب بطلان العبادة بدون ولاية الأئمة واعتقاد إمامتهم, الروايات كثيرة.
من هذه الروايات: >لو أن رجلاً قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله التفتوا إلى التعبير, التعابير في الطائفة الأولى ماذا كانت؟ كانت جاحداً مكذباً عدواً مبغضا, ولكن التعابير هنا تبدلت صارت ماذا؟ ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالته عليه ما كان له على الله حقٌ – هذه جملة حق ضعوا تحتها كم خط- ما كان له على الله حقٌ في ثوابه, له حق هذا الإنسان على الله أو ليس له حق؟ بلي التفتوا جيداً؟ ليس له حق, الرواية صريحة, لا يوجد فيها لا أكبه على منخريه ولا في سقر, طبعاً توجد روايات أخرى ولكن وجه الجمع سيأتي.
المهم أنه تقول ليس له نفعٌ ليس له حق على الله والتعبير لم يعرف ولاية أولياء الله.
الرواية الثانية أيضاً بنفس المضمون وهي الرواية 299, في حديثٍ >عن الصادق من لم يأتي الله (عزّ وجلّ) يوم القيامة بما أنتم عليه لم تقبل منه حسنة< التفتوا جيداً إذن يقبل عمله أو لا يقبل؟ لا يقبل.
رواية ثالثة: وهي رواية 301, الرواية أيضاً طويلة في حديث قال: بعد نبيها’ وبعد تركهم الإمام الذي نصبه فلن يقبل الله لهم عملاً ولن يرفع لهم حسنة حتى يأتوا الله من حيث أمرهم ويتلوا الإمام الذي أمروا بولايته ويدخلوا من الباب الذي فتحه الله ورسوله لهم.
هذا النص, ونصوص كثيرة تشير إلى حقيقة التفتوا جيداً, وهو أن الطريق لقبول الأعمال يمر من باب ماذا؟ من الباب الذي فأتوا البيوت من أبوابها >أنا مدينة العلم وعلي بابها< هذا هو بابها إذا كانوا أتوا من هذا الباب فتقبل الأعمال وترفع الحسنات, أما إذا لم يأتوا من هذا الباب يقبل أو لا يقبل؟ لهم ثواب أو ليس لهم ثواب, لهم حق أو ليس لهم حق؟ ليس لهم ذلك.
وكذلك الرواية 308 من نفس الباب إخواني الأعزاء قال: الرواية لنا فقلنا الله ورسوله, قال لنا علي ابن الحسين أي البقاع أفضل فقال الله ورسوله وأبن رسوله أعلم, فقال لنا أفضل البقاء ما بين الركن والمقام, ولو أن رجلاً عمر ما عمر نوحٌ في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يصوم النهار ويقوم الليل في ذلك المقام أو المكان ثم لقى الله (عزّ وجلّ) بغير ولايتنا< هذا التعبير بغير ولايتنا يشمل المبغض ويشمل الجاهل الضال المستضعف الآن المستضعف إما بهذا المعنى أو بالمعنى الذي أشرنا إليه, >قال: لم ينفعه ذلك شيئا< ينفعه أو لا ينفعه؟ لا ينفعه.
وكذلك الرواية 309 أيضاً: >لو أن عبداً عبد الله مائة عام ما بين الركن والمقام يصوم و … حتى يسقط حاجباه على عينيه ويلتقي تراقيه هرما جاهلاً بحقنا< التفتوا الطبقة السابقة ماذا كانت؟ كانت مبغضاً لنا عدواً لنا, أما هنا التعبير هنا ماذا؟ جاهلاً بنا, هذه النكات التفتوا إليها, قال >لم يكن له ثواب< لا >أكبه الله على منخريه في نار جهنم< الآن لا يقول لي قائل سيدنا توجد رواية, أقول نعم, ولكن هذه عندنا طائفتين لابد أن نرى وجه الجمع لأن تلك قالت >أكبه في سقر< هذه تقول >ليس له ثواب< فقط.
الرواية الأخرى, لأنه بعبارة أخرى: لا ملازمة بعد ذلك سيتضح أن لا يكون له ثواب وأن يكون من أهل ماذا؟ من أهل النار بالضرورة بالملازمة, أما إذا كان عدواً فهو من أهل النار ماذا؟ بالضرورة النصية والنقلية الثابتة.
وكذلك الرواية 310: >لو أن عبداً صف قدميه في ذلك المقام وصام النهار ولم يعرف حقنا< التفتوا جيداً لا >أنكر حقنا< لا >كذب حقنا< فرق بين كذب وعادى وأبغض وبين الجاهل ولم يعرف حقنا وحرمتنا >لم يقبل الله منه شيئا<.
طيب ما هو وجه الجمع بين هاتين الطائفتين, التفتوا جيداً, البحث طويل هو ولكن أنا الله يعلم بقدر ما يمكن أريد أن ألخص البحث لعلي إنشاء الله حتى أوفق في الغد أدخل في بحثنا الأصلي أو أرجع إلى بحثنا الأصلي.
إخواني الأعزاء التفتوا إلى هذه المسألة المرتبطة بقوانين الجزاء الأخروي لأن المسألة كلامية, أن الناس يدخلون إلى الرحمة الإلهية والجنة لا بقانونٍ واحد بل بقانونين أساسيين, توجد قوانين فرعية ولكن أنا أشير إلى هذين القانونين.
القانون الأول: الذي يدخل على أساسه العبد إلى الرحمة الإلهية بمقتضى الوعد الإلهي, الله وعد أن المطيع يدخل إلى ماذا؟ إلى الجنة, طيب الله يخلف الميعاد أو لا يخلف الميعاد, {لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون} {وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا} {إن الله لا يخلف الميعاد} جيد.
هذا الوعد الإلهي التفتوا جيداً, هذا الوعد الإلهي يوجِد حقاً للعبد على من؟ على الله (سبحانه وتعالى) وإلا لو لم يكن هذا الوعد هل لأحد حق على الله أو لا يوجد؟ لا لا أبداً, ليس لأحدٍ حق على الله هذا التعبير >حقنا على الله< كذا هذا بمقتضى ما كتب على نفسه, كتب على نفسه الرحمة, كتب على نفسه أنه يخالف وعده أو لا يخالف وعده؟ لا يخالف وعده, بمقتضى ما كتب على نفسه يتولد حقٌ للعبد على من؟ على الله (سبحانه وتعالى).
هذه الطبقة التي تكون مشمولة للوعد الإلهي, فتدخل إلى الجنة بحقها على من؟ هذا التعبير وإن كان فيه إساءة أدب ولكنه هو المستعمل في الروايات, بحقها على الله من أين جاء هذا الحق؟ جاء من أن الله (سبحانه وتعالى) ماذا؟ كتب على نفسه.
وبتعبير آخر – أيضاً تعبير روائي- أن الله يجب أن يُدخل هؤلاء الجنة, ولكن هذا الوجوب ما هو منشأه عقلي وعقلك؟ الآن أنتم تقولون يجب على الحاكم أن يكون عادلاً, من الذي أوجب على الحاكم أن يكون عادلاً؟ ليس هو أوجب على نفسه لا, حسن العدل وقبح الظلم أوجب عليه ماذا؟ أن يكون, العقل أوجب عليه, الشرع أوجب عليه, الله لا يوجب عليه أحد شيئا, وإنما هو أوجب على نفسه, فعندما أوجب إذن يجب عليه بمقتضى ما كتبه على نفسه أن يدخل هؤلاء الجنة.
سؤال: من هؤلاء الذين يجب إدخالهم الجنة؟ الجواب: بصريح الروايات ليس هم إلا شيعة عليٍ (عليه أفضل الصلاة والسلام) التفتوا جيداً, طبعاً عندما أقول شيعة علي لا يذهب إلى ذهنك كذا, بالأمس ذكرنا أن الشيعة قد يدخلون النار ذاك بحث آخر, المهم مقصودي لو تمت شرائطه يجب على الله ماذا؟
بعبارة أخرى: هؤلاء يثابون على أعمالهم وأعمالهم لها قيمة ونفع عند الله (سبحانه وتعالى), ما أدري واضحة هذه القضية, ولذا أنا أعبر عن هؤلاء, هؤلاء يدخلون الجنة بالوعد الإلهي, والروايات أيضاً كثيرة أنا أقف عند روايتين لا أكثر لأن الوقت ضيق جداً.
الرواية الأولى: واردة في أصول الكافي المجلد الرابع ص290 بحسب هذه الطبعة الخمسة عشر والجزء الثاني ص263 بحسب الطبعات الأخرى, باب أن الإيمان لا يضر معه سيئة والكفر لا ينفع معه حسنة, الرواية >علي ابن إبراهيم عن محمد ابن عيسى عن يونس عن يعقوب ابن شعيب وهي رواية صحيحة السند, >قال: قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه أفضل الصلاة والسلام) هل لأحدٍ على ما عمل ثوابٌ على الله موجَبٌ إلا المؤمنين؟ قال: لا< فإذن الذين يدخلون بثوابهم ويجب على الله بمقتضى وعده الإلهي من هم فقط؟ المؤمنون, بحسب الاصطلاح بالمعنى الأخص للإيمان وإلا عندنا الإيمان على معنىً أعم ومعنىً أخص سيأتي بحثه إنشاء الله.
ولذا هذا المعنى بشكل واضح وصريح تقريباً كل من علق على هذا ومنهم في شرح الأصول للمازندراني في شرح هذه الرواية العلامة الشعراني الذي هو من الأستاذة الكبار, قال: دل على وجوب الثواب للمؤمنين على الله سبحانه, قلنا هذه على منشأها ماذا؟ منشأها ليس عقل وشرع لا لا, منشأها من؟ منشأها هو الله, على الله سبحانه لا لغيرهم؛ وذلك لأن الله سبحانه وعد على العمل بشرائطه ثواباً, ما هي الشرائط؟ حتى يثاب الإنسان, ما هي الشرائط؟ ولاية علي وأهل بيته, وأنا من شروطها, بشرطها وشروطها وأنا من شروطها.
فإذا تحقق العمل مع شرائطه التي من جملتها الإيمان لزم الثواب وثبت وهذا معنى الوجوب على الله (عزّ وجلّ) وهو الذي كتبه بحسب الوعد الإلهي. هذه رواية إخواني الأعزاء.
رواية ثانية: ايضا واردة في هذا المجال وهي واردة في جامع أحاديث الشيعة المجلد الأول ص609 إخواني الأعزاء رقم الحديث 1080 الرواية >قال سمعت الصادق يقول: الإسلام يحقن به الدم وتؤدى به الأمانة وتستحل به الفروج والثواب على الإيمان< يعني أن الذي يثاب عليه من هو؟ هو المؤمن بالمعنى الأخص, هنا أيضاً نكتة حتى يتضح للأعزاء الكرام هذه مسألة أن الحق بهذا المعنى الذي أشرنا إليه وارد في خطبة الإمام أمير المؤمنين في الخطبة رقم 216 يعني في خطب نهج البلاغة النص هذا, خطبة 216 خطبها بصفين يقول: فالحق أوسع الأشياء في التواصف وأضيقها في التناصف لا يجري لأحدٍ إلا جرى عليه ولا يجري عليه إلا جرى له, التفتوا لهذا القانون, الحق في أي موجودٍ؟ كما يجري له يجري ماذا؟ يعني في قبال أي امتياز توجد مسؤولية, وهذا مع الأسف الشديد الذي لا في سياسيينا ولا في كثير من أهل العمة عندنا, له الحق وليس عليه الحق مع الأسف, يعني له كل الامتيازات ولكن يتحمل المسؤولية أو لا يتحمل المسؤولية؟ أبدا, أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أنتم انظروا إلى خطب نهج البلاغة أمير المؤمنين ما من موردٍ ذكر حقه على الأمة أولاً ذكر حق الأمة عليه, ولكن الآن أنتم انظروا إلى الواقع الاجتماعي الواقع السياسي الواقع الديني تجد أنهم دائماً يبحثون عن ماذا؟ عن امتيازاتهم عن حقوقهم, أما ولا يبحث أحد ماذا؟ عن مسؤولياتهم ماذا, على أي الأحوال.
قال: >فالحق أوسع الأشياء في التواصف وأضيقها في التناصف لا يجري لأحدٍ إلا جرى عليه ولا يجري عليه إلا جرى له ولو كان لأحدٍ أن يجري له ولا يجري عليه لكان ذلك خالصاً لله (سبحانه وتعالى)< فقط الله الذي له الحق وليس عليه الحق, >دون خلقه لقدرته على عباده ولعدله في كل ما جرت عليه صروف قضائه< التفت >ولكنه سبحانه جعل حقه على العباد أن يطيعوه وجعل جزائهم عليه مضاعفة الثواب تفضل منه عليهم< فإذا كان لي حق على الله منشأه من؟ منشأه هو (سبحانه وتعالى) وتوسعاً بما هو من المزيد أهله, جيد, هذا هو القانون الأول.
إذن بالقانون الأول, بشرطها وشروطها, غير الموالي لأئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) يستحق على الله الجنة أو لا يستحق؟ لا يستحق.
وأنا أعتقد أن الروايات التي تكلمت بشرطية الولاية للقبول إشارة إلى هذا القانون وهو أنه لا يوجد – المشروط عدم عند عدم شرطه- فلا يستحق أحدٌ ثواباً وجنةً إلا إذا أتى بالعمل بشرطه وشروطه.
ولكن هذا ليس هو القانون الوحيد الذي يدخل به الإنسان إلى الرحمة الإلهية والفضل الإلهي, ما هو القانون الثاني, وهنا ننتقل إلى القانون الثاني.
وهو أن العبد بعمله يستحق على الله شيء أو لا يستحق؟ لا يستحق على الله شيء وعمله ينفعه أو لا ينفعه يوم القيامة؟ لا ينفعه ولكن هؤلاء الله (سبحانه وتعالى) لجهلهم لقصورهم لعدم وصول الحجة إليهم بأي سببٍ من الأسباب يستحقون العفو الإلهي أو العقاب الإلهي؟ أساساً المنطق الإلهي منطق العقوبة أم منطق الرحمة والعفة أي منهما؟ هذا بودي أن الأعزاء عندما يبحثون في أي مسألة كلامية في أي مسألة فقهية, فلتكن الانطلاقة انطلاق ماذا؟ {سلاماً سلاما} لا انطلاق {كلما دخلت أمةٌ لعنت أختها} فليكن المنطق والانطلاق منطق الرحمة لا منطق العقاب, ولذا تجد القرآن الكريم في 113 سورة في القرآن بدأها بماذا؟ بالرحمة {بسم الله الرحمن الرحيم} في سورةٍ واحدةٍ فقط لم يبدأها بالرحمة وهذه ايضا عوضها في سورة النمل, ولذا في القرآن الكريم 114 جاء لفظ ماذا؟ {بسم الله الرحمن الرحيم} بعدد سور القرآن, ولكن واحدة لم تأتي في أول السورة.
ومن هنا أكدت النصوص التفتوا جيداً, أكدت النصوص أن تقسيم المسلمين ثلاثي لا ثنائي, التفتوا إلى هذه القاعدة, نحن الآن نقسم أتباع أمة محمد إلى موالي وغير موالي يعني دائماً التقسيم ثنائي, ولكن هذا خلاف النصوص الصحيحة والصريحة من أئمة أهل البيت يجعلون الأمة على ثلاثة أقسام:
الأول: هو الموالي.
والثاني: هو المنكر والجاحد.
والثالث: هو الضال والمتحير.
نحن دائماً هذا القسم الثالث ماذا؟ لا ندخله في الحساب نجعل من لم يوالي جميعاً في دائرة واحدة مع أنه ليس كذلك, دعني أقرأ لك بعض الروايات إخواني الأعزاء في هذا المجال, الوقت ضيق جداً.
منها هذه الرواية الواردة في أصول الكافي المجلد الثاني في ص427 يعني في الحديث 1186 بحسب هذه الطبعة, وبطبعات القديمة الجزء الأول ص437 الرواية: >عن الإمام الباقر< وهي صحيحة السند أيضاً >عن أبي جعفر قال: إن الله (عزّ وجلّ) نصب علياً علماً بينه وبين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا< ليس المراد عرفه يعني عرف تاريخ ولادته وكذا, يعني آمن بهذه المعرفة, >ومن أنكره كان كافرا, ومن جهله كان ضالاً< تقسيم أفضل من هذا التقسيم الثلاثي يوجد, إذن ليس كل من لم يوالي علياً وأهل البيت يدخل في خانة الإنكار والجحود والتكذيب والبغض والعداء.
ثم رواية بعدها التي الإمام× يبين ما هو حكم هؤلاء؟ ما هو حكمهم؟ قال: >فهم المرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم< هذه إشارة إلى الآيات الواردة في سورة التوبة, وحيث أن رحمته سبقت غضبه وحيث أن آخر من يشفع أرحم الراحمين, التفتوا جيداً, فيشفع ثم يشفع حتى يمُد لها إبليس عنه, بلي, يعني الله (سبحانه وتعالى) أولاً يفتح باب الشفاعة من يفتح باب الشفاعة؟ صاحب لواء الحمد رسول الله’ إمامنا وشفيعنا إنشاء الله يوم القيامة يفتح باب الشفاعة, ثم يؤذن بالشفاعة للنبي وللأنبياء وللأولياء وللأئمة وللأوصياء وللعلماء ولحفاظ القرآن وللمؤمنين و… أنا كاملاً هذه بالتفاصيل ذكرتها في كتاب الشفاعة, ثم يأتي النداء هل من شافعٍ؟ هل يوجد أحد له القدرة أن يشفع؟ فلا من مجيب لا يشفع, عند ذلك يدخل أشفع الشافعين رب العالمين فيشفع, والرواية واردة من المدرستين, الرواية >يشفع ثم يشفع ثم يشفع< هذا الذي قلت أن منطق الإلهي ليس منطق العقوبة وليس منطق كيف هؤلاء أدخلهم أين؟ نار جهنم وياليت أن الحكام كانوا يفكرون بهذا المنطق, هذا المنطق الإلهي يجد له عذراً حتى يخلصه من العذاب لا يجد له عذراً حتى يعاقبه ويسجنه, >يشفع ثم يشفع ثم يشفع حتى يطمع< في بعض الروايات >حتى يطمع في شفاعته إبليس< وفي روايات أخرى >حتى يمد لها إبليس عنقه< الرواية >سمعت أبا جعفر يقول: إن علياً بابٌ فتحه الله (عزّ وجلّ)< الرواية أيضا من المعتبرات >فمن دخله هذه الدائرة كلمة لا إله إلا حصني, ولاية علي ابن أبي طالب حصني فمن دخله كان مؤمنا, ومن خرج منه< متى يصدق الخروج إخواني الأعزاء؟ هل يصدق الخروج قبل الدخول؟ إلا بالمسامحة, وإلا لا يصدق على الإنسان خرج إلا بعد ماذا؟ إلا بعد أن تمت الحجة عليه, بعد {شآقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى} >ومن خرج منه< هذا الذي قلنا الناصبي أو المعاند >كان كافرا ومن لم يدخل فيه ولم يخرج منه كان في الطبقة الذين قال الله تبارك وتعالى لي فيهم المشيئة< يعني ولهذا الآية المباركة قالت: {وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم} والعجيب أن الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) في المجلد الخامس, الإمام الرضا (عليه أفضل الصلاة والسلام) الرواية الواردة في ص608 من هذا الكتاب بالأمس تتذكرون قرانا مجموعة من الروايات أن المسلمين يدخلون إلى الجنة, الإمام يصرح أن هؤلاء يدخلون من باب أنهم مرجون لأمر الله لا أنهم يدخلون من باب الوعد الإلهي.
قال: >فيحاسبه بحسناته وسيئاته فإما إلى الجنة وإما إلى النار فهؤلاء موقوفون لأمر الله< إذن فتحصل إلى هنا نحن ندعي هذا المعنى, التفتوا جيداً, عندي عبارة إنشاء الله خلاصته الوقت انتهى, دعوا الخلاصة إنشاء الله إلى غد.
والحمد لله رب العالمين.