بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
انتهينا بحمد الله تعالى إلى أن الطائفة التي تقول أن قبول الأعمال مشروطٌ بولاية أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) فالمراد منها هو الثواب الإلهي والوعد الإلهي, وأن الطائفة التي تكلمت عن أن منكر الولاية يُكب على منخريه في نار جهنم, فالمراد منها هي الطبقة الأولى وهم النواصب الذين نصبوا العداء لأهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وبالخصوص للإمام أمير المؤمنين باعتبار أن ذاك كاشف عن النفاق >يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق<, فالمنافق كما تعلمون هو {في الدرك الأسفل من النار}.
وأن الطائفة التي قالت أن الإنسان المسلم يدخل إلى الجنة بشرط عدم البغض فإنه إشارة إلى الطبقة الثالثة والرابعة التي قلنا بأنه تدخل الجنة بحسب الفضل الإلهي لا بحسب الوعد الإلهي, هذا هو مقتضى الجمع بين الطوائف التي وردت في المقام.
ولعل في كلمات العلامة المجلسي+ إشارة إلى هذه المطالب, قال في بحار الأنوار – طبعاً هو لم يعرض المسألة كما عرضنا ولكن النتائج التي انتهى إليها تقريباً تنطبق مع النتائج التي أشرنا إليها, يقول في المجلد الثامن ص363 باب من يخلد في النار ومن يخرج منها, في ذيل الحديث 41 يقول: تذييلٌ, اعلم أن الذي يقتضيه الجمع بين الآيات والأخبار أن الكافر المنكر لضرورٍ من ضروريات دين الإسلام, بعد ذلك يتضح أن مراده من المنكر يعني غير القاصر يعني المقصر المعاند, بقرينة قوله: لا يخفف عنه العذاب إلا المستضعف الناقص في عقه وهو المستضعف الفكري, أو الذي لم يتم عليه الحجة الذي قلنا فيما سبق بأنه لا يوجد عنده استضعاف فكري ولكنه لم تقم عنده الحجة, ولم يقصر في الفحص والنظر, يعني إذا احتمل أن الحق في الإسلام ولم يفحص فإنه يكون مقصراً, هذه نفس النتائج التي أشرنا إليها فيما سبق.
طيب هذه الطبقة طبقة المستضعفين فكرياً أو الذين لم تتم عليهم الحجة أو الذين فحصوا ولم يصلوا إلى الحقيقة ما هو حالهم؟ قال: فإنه يحتمل أن يكون من المرجون لأمر الله كما سيأتي تحقيقه في كتاب الإيمان والكفر.
طيب واضح بأن المجلسي يرى أن هذه القواعد التي أشرنا إليها لا تختص بالمسلمين بل تجري في غير المسلمين أيضاً, وهذه قضية مهمة جداً وهي ما هو حال غير المسلمين بالنسبة إلى اعتقادهم بالإسلام وعدم اعتقادهم به.
وأما غير الشيعة الإمامية من المخالفين وسائر فرق الشيعة ممّن لم ينكر شيئاً من ضروريات دين الإسلام, فهم فرقتان: إحداهما المتعصبون المعاندون منهم ممن قد تمت عليهم الحجة فهم في النار خالدون, وهذه طبيعية جداً كما أشرنا إلى الأبحاث فيما سبق مع البحث في مسألة الخلود, الآن لسنا في بحث الخلود وإنما في بحث الدخول في النار.
والأخرى: المستضعفون منهم وهم – التفتوا إلى الأقسام- وهم الضعفاء في العقول مثل النساء العاجزات والبله وأمثالهم هذا القسم الأول, ومن لم يتم عليه الحجة هذا القسم الثاني ممن يموت أو كان في موضعٍ لم يأتي إليه أصلاً خبر الحجة, واضحة هذه, هذه نفس المصاديق التي أشرنا إليها تفصيلاً في الأبحاث السابقة.
إذن ثلاث طبقات أو ثلاث فئات:
الفئة الأولى: الضعيف فكرياً وعقائدياً وعقلياً لا يستطيع أن يميز بين الحق والباطل.
الفئة الثانية: الذين لم يأتي إليهم أو لم تتم عندهم الحجة, يعني ماذا لم تتم؟ يعني ذهبوا بحثوا ولكن لم تتم عندهم الحجة على حقانية هذه الحقيقة, وإلا لم يقصروا ذهبوا وبحثوا وأنتم لا تتوقعون أن بحث كل واحدٍ لابد أن يكون ثلاثين عام, بحث كل إنسان بحسب ذلك الإنسان, حتى في التوحيد, في التوحيد عندما نقول لابد أن يكون عن اجتهاد لا عن تقليد, ما معنى أن يكون عن اجتهاد؟ يعني يجلس في الحوزة ويدرس أسفار عشرين سنة لا ليس هذا المقصود, المقصود البعرة تدل على البعير, هذا القدر كافٍ, أو بتعبير البعض: عليكم بدين العجائز ونحو ذلك, كلٌ بحسبه, واقعاً عليكم بدين العجائز, لكن مع الأسف الشديد للفرار البعض يحاول أن يخلص يقول أفضل شيء علينا بدين العجائز, لا, يغفر للجاهل سبعون ذنب ولا يغفر للعالم ذنب واحد, العجائز ذاك دينهم أما أنت, بلي عش عيشة العجائز لا أنه تأخذ امتيازات العلماء وتعيش دين العجائز هذه لا ينسجمان, ينبغي عليك أن تكون إما العجائز مطلقا أو العلماء مطلقا أما في الامتيازات علماء وفي المسؤوليات عجائز هذه لا تنسجم واحدة مع الأخرى, على أي الأحوال.
قال: ومن لم يتم عليه الحجة, يعني بحث نظر ذهب, إخواني الأعزاء لا تستغربون من هذا الأمر, أنت أيضاً كذلك الآن بينك وبين الله قيل لك أن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) هم وسائط الفيض بين الله وبين عالم الإمكان من الملائكة من الأولين من الآخرين من السموات من الجنة من النشآت, تقل لي والله هذا جداً ثقيل عليّ أذهب وأبحث, ذهبت وبحثت شهر شهرين ثلاثة انتهيت أن الأئمة لم يثبت لهم هذا المقام, وافترض أن هذا كان ثابت في الواقع, تحاسب يوم القيامة أو لا تحاسب يوم القيامة؟ لا لا تحاسب يوم القيامة, نعم, إذ احتملت الحقانية وتركت تكون مقصر عند ذلك قد تكون مؤاخذاً, هذه قضية عامة غير مرتبطة بالمخالف أو غير المخالف, على أي الأحوال.
قال: ومن لم يتم عليه الحجة, أو كان يعني ومن لم تصل إليه الحجة فرق بين من لم تتم العلامة المجلسي يفرق كاملاً بين من لم تتم عليه الحجة وبين من لم تصل إليه الحجة, أو كان في موضعٍ لم يأتي إليه خبر الحجة هؤلاء ما هو حكمهم؟ فهم المرجون لأمر الله, {إما يعذبهم} إشارة إلى الآية المباركة في سورة التوبة, {إما يعذبهم وإما يتوب عليهم} بعد فيرجى لهم النجاة من النار, طيب القضية متساوية لماذا تقول رجاء النجاة؟ يقول: باعتبار أن رحمته سبقت غضبه.
هذه خلاصة ما تقدم بحمد الله تعالى في ثلاثة أربعة أيام الماضية, جيد.
عندنا بحث أخير بقي أنا أشير إليه إجمالاً, إنشاء الله حتى نرجع إلى البحث الثاني من الأبحاث وهي خصائص الأحكام الصادرة يعني الأحكام الولائية, وهو بحث أساسي إنشاء الله فقط ننتهي من هذا البحث ندخل فيه بإذن الله تعالى إنشاء الله في هذا اليوم.
البحث الخامس: هو أن من لم يعتقد بإمامة أئمة أهل البيت, وهذه المسألة التي تطرح على الفضائيات بشكل واسع النطاق إخواني الأعزاء ويحاولون أن يجدون حاجزاً بين المسلمين وبين فكر أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وأن علماء مدرسة أهل البيت هذا اعتقادهم وهو أنهم يقولون أن غير الإمامي ليس بمؤمن أصلا وإنما هو مسلم, إذن فكل هذه الآيات التي تكلمت عن المؤمنين ووعدتهم وأعطتهم وقالت, كلُ مشمولين أو غير مشمولين لها؟ غير مشمولين لها.
ومع الأسف الشديد أن بعض من لا تخصص له يخرج على الفضائيات ويؤكد هذه القضية وهو أن هؤلاء ليسوا بمؤمنين ولكنهم من المسلمين.
ولعله أيضاً في الثقافة العامة بين الطلبة هذا المعنى أيضاً موجود, ولكن هنا لابد أن نقف عند هذه القضية لنرى بمقتضى النصوص القرآنية والآيات القرآنية والروايات يثبت هذا الأمر أو أنه لا يثبت.
البحث الآن ليس في قضية أن هؤلاء مقصرون أو ليسوا بمقصرين, معذور أو ليس بمعذور, البحث في أن الذي لم يعتقد بإمامة أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) بغض النظر عن كونه معذور أو غير معذور, مقصر أو غير مقصر, هل يطلق عليه أنه مؤمن أو لا يطلق؟ وعندما أقول مؤمن أتكلم بنحو القضية المهملة لا أنه أريد أن أقول أن إيمانه على حد إيمان سلمان الفارسي ليس هكذا, لا أريد أن أتكلم على الإيمان بدرجاته جميعاً بنحو الموجبة الكلية وإنما بنحو القضية المهملة أصل الإيمان, يصدق عليه مؤمن أو لا يصدق عليه مؤمن؟
طبعاً مراراً ذكرنا أعزائي فيما سبق بأنه القصور وعدم القصور, العذر وعدم العذر هذا لا يؤثر في العنوان, مثلاً افترض غير المسلم حتى لو كان معذوراً في النتيجة مسلم أم كافر؟ كافر, لأن من لم يعتقد برسالة الرسول الأعظم فهو كافر, الآن معذور أو غير معذور هذا لا يؤثر, يعني أخذ الإيمان برسالة الرسول الأعظم كقضية موضوعية في الاتصاف بالإسلام, فمن لم يتصف بهذا, لم يوجد فيه هذا الشرط فهو ماذا؟ فهو كافر معذوراً أم لم يكن, الآن بحثنا ليس في أنه معذور أو ليس بمعذور هذا تقدم, وإنما بحثنا أنه مؤمن أو ليس بمؤمن؟
لكي يتضح الجواب إخواني الأعزاء أنا بودي أن أشير إلى مقدمة, هذه المقدمة محتواها:
أن الإسلام له إطلاقات متعددة في الشريعة, يعيننا على فهم الإيمان بعد ذلك, ولكن أنا أشير إلى إطلاقين للإسلام:
الإطلاق الأول للإسلام: ما يقابل الإيمان, ما هو المراد من هذا الإسلام؟ وهو أن يقر الإنسان بقوله وفعله – يعني يذهب يصلي- بالإسلام ولكن يوجد عنده إيمان قلبي وعقد قلبي أو لا يوجد؟ لا يوجد – وهذا هو المنافق- المنافق ما هو فرقه عن المسلم؟ وما هو فرقه عن الكفار؟ المنافق يؤمن بالإسلام ظاهراً يعني قولاً وفعلاً ولا يؤمن بالإسلام قلباً وإن كان يؤمن به قالباً ظاهراً, الكافر من هو؟ هو الذي لا يؤمن بالإسلام قلباً وقالباً ظاهراً وباطناً, يصرح بأنه أنا لا أقل الإسلام, المؤمن من هو؟ المؤمن هو الذي يقبل الإسلام قولاً لفظاً فعلاً واعتقاد قلبي بذلك يعتقد بذلك يؤمن بالإسلام قلباً وتظهر آثار الإسلام عليه لفظاً قولاً وفعلاً.
قد يطلق الإسلام إخواني الأعزاء في قبال الإيمان وهذا هو الذي أشارت إليه الآية المباركة في سورة الحجرات {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم} واضحة الآية المباركة لا تحتاج إلى بيان.
على هذا الأساس إخواني الأعزاء, على هذا الأساس فإن الإيمان يلازم الإسلام وليس العكس هذا الإسلام التفتوا جيداً, فإن الإيمان يلازم الإسلام يعني كل مؤمنٍ فهو مسلم ولكن وليس كل مسلم فهو مؤمن, من قبيل ما قرأنا في بحث النبوة والرسالة فإن كل رسول نبي ولكن ليس كل نبي رسول.
ومن هنا النصوص تكلمت عن هذه القضية بشكل تصريح وواضح في هذا المجال, يعني كثير من النصوص أشارة إلى هذا المجال.
منها هذه الراوية – الروايات كثيرة أنا أشير إلى نص واحد منها- الرواية الواردة في الأصول من الكافي باب الكفر والإيمان باب أن الإيمان يشرك الإسلام, الحديث 1515 يعني بعبارة أخرى هذه الطبعات الموجودة بأيديكم الجزء الثاني ص26, الرواية عن الإمام الباقر× قال: >سمعته يقول الإيمان ما استقر في القلب وأفضى به إلى الله (عزّ وجلّ) وصدقه العمل بالطاعة لله والتسليم لأمره< أما >والإسلام ما ظهر من قولٍ أو فعلٍ< فقط الآن يوجد معه إيمان أو لا يوجد؟ إن وجد معه الإيمان في القلب فهو وإلا فلا, >وهو الذي عليه جماعة الناس وبه حقنت الدماء وعليه جرت المواريث وجاز النكاح واجتمعوا على الصلاة والزكاة والصوم والحج فخرجوا بذلك من الكفر وأضيفوا إلى الإيمان يعني صاروا في دائرة الإيمان وإن لم يكونوا مؤمنين, والإسلام لا يشرك الإيمان والإيمان يشرك الإسلام وهما< يعني الإسلام والإيمان >بالقول والفعل يجتمعان< أما في الاعتقاد يفترقان أحدهما عن الآخر >كما صارت الكعبة في المسجد والمسجد ليس في الكعبة, وكذلك الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان وقد قال الله (عزّ وجلّ) {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا} فقول الله (عزّ وجلّ) أصدق القول< ثم السائل يسال: بأنه الثواب ماذا؟ >قال: الثواب على الإيمان لا الثواب على الإسلام< لماذا؟ باعتبار أن الثواب مترتب على الإيمان بشرطها وشروطها, وهذا الإنسان يوجد عنده إيمان أو لا يوجد عنده إيمان؟
إذا تتذكرون في بحث الأمس أشرنا إلى هذا, الإمام الصادق× قال: >الإسلام يحقن به الدم وتؤدى به الأمانة, وتستحل به الفروج والثواب على الإيمان لا الثواب على الإسلام<.
إخواني الأعزاء, هذه النصوص لا علاقة لها بمبحث الإمام, هذه تتكلم بماذا يتحقق الثواب وبماذا لا يتحقق الثواب, بماذا تتحقق الأحكام الشرعية وبماذا لا تتحقق الأحكام الشرعية, لا علاقة بهذه المسألة بمسألة الإيمان بالإمامة من لم يؤمن فهو مسلم ومن آمن فهو مؤمن, أساساً ارجعوا إليها لا علاقة لهذه الروايات على الإطلاق بالمسألة التي هي محل البحث, هذا الإطلاق الأول للإسلام.
الإطلاق الثاني للإسلام: يطلق الإسلام لا فقط ويشترك مع الإيمان بل يشترك مع جميع مراتب الإيمان, هذا الإطلاق الثاني غير الإطلاق الأول, التفتوا, هذا الإطلاق الثاني عندما يقول إسلام ما يقول الإسلام في قبال الإيمان, وإنما يقول الإسلام بما يشمل الإيمان, من قبيل ما ورد في روايات كثيرة أيضاً منها هذه الرواية وروايات متعددة, في الجزء الثالث ص117 من الأصول من الكافي الطبعة الحديثة.
وبعبارة أخرى الجزء الثاني ص46, الرواية قال أمير المؤمنين×: >لأنسبن الإسلام نسبة لم ينسبه أحد قبلي ولا ينسبه أحد بعدي إلا بمثل ذلك< يعني بعبارة أخرى: أمير المؤمنين هنا يريد أن يقول بأنه حققنا المسألة بما لا مزيد عليه – بلي أمير المؤمنين إذا يقول حققنا بما لا مزيد من حقه, أما غيره فعلى التسامح والكناية والمجاز- قال: >إلا بمثل ذلك, إن الإسلام هو التسليم والتسليم هو اليقين واليقين هو التصديق والتصديق هو الإقرار والإقرار هو العمل, والعمل هو الأداء إن المؤمن< سيدي تتكلم أنت عن ماذا؟ عن الإسلام ما دخل المؤمن؟ لا هذا عنوان للإسلام الذي يشمل كل مراتب الإيمان – لا يصير عندك خلط في القرآن- القرآن الكريم من مكان يقول {قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا} ومكان آخر يقول على لسان إبراهيم {واجعلنا مسلمين لك} نبي من أنبياء أولي العزم يطلب من الله أن يجعله ماذا؟ طيب هذا أي مسلم هذا؟ هذا الإسلام الذي قبل الإيمان أو الإسلام الذي بعد مراتب الإيمان؟ إذن واضح, إذن لا يصير عندك خلط عندما بمجرد تسمع مسلم يعني ذهنك يذهب إلى الإسلام في قبال الإيمان يعني آية سورة الحجرات.
قال: >إن المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه< ثم يأتي برواية أخرى الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) التفت جيداً >قال رسول الله الإسلام عريان فلباسه الحياء وزينته الوفاء ومروءته العمل الصالح, وعماده الورع< جيد هذا أي إسلام هذا؟ هذا الإسلام النفاق هذا؟ محال أن يكون إسلام النفاق عماده الورع >ولكل شيء أساس وأساس الإسلام حبنا أهل البيت< هذا الإسلام قبل الإيمان أو هذا الإسلام بعد الإيمان أي منهما؟
إذن الإطلاق الثاني للإسلام: هو أنه يطلق الإسلام ويراد الإيمان.
إذا اتضح هذا تعالوا معنا إلى الإيمان, التفتوا جيداً تعالوا معنا إلى الإيمان.
في روايات أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) إخواني الأعزاء قد يطلق الإيمان ويراد به مرتبة خاصة من الإيمان, لا مطلق عنوان الإيمان, كيف ذكرنا في الإسلام قد يطلق الإسلام ويراد منه ما يقابل الإيمان يعني مرتبة خاصة منه لا مطلق مراتب الإسلام, هنا قد يطلق الإيمان ويراد به مرتبة خاصة من الإيمان وهي ماذا؟ وهي الإيمان بإمامة أئمة أهل البيت, يقولون من آمن فهو مؤمن ومن لم يؤمن فهو ليس بمؤمن, سيدي يا ابن رسول الله ليس بمؤمنٍ مطلقا أو ليس بمؤمن هذه المرتبة من الإيمان وهي إمامتكم بشرطها وشروطها؟ الجواب يقولون هذه المرتبة من الإيمان لا أنه ليس بمؤمن مطلقا, لماذا؟ باعتبار أن الإيمان له درجات تام وناقص وبتعبير الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أن الإيمان له مراتب متعددة حيث يطلق له حالاتٌ ودرجاتٌ وطبقاتٌ ومنازل تامٌ وناقصٌ, بل تامٌ فوق التمام وناقص … إلى آخره.
الإمام عندما قال >ليس بمؤمن< لا يريد السالبة الكلية يريد مرتبة من مراتب الإيمان, الآن تقل لي أين القرينة؟ سيأتي البحث, ولكن الآن أبين المطلب, مثل ماذا؟ أقرأ لك رواية واحدة التي الروايات كثيرة, أيضاً في أصول الكافي الجزء الثالث ص70, بعبارة أخرى الجزء الثاني ص25, الرواية >سأل رجل أبا عبد الله الصادق× عن الإسلام والإيمان ما الفرق بينهما؟ فلم يجبه, ثم سأله فلم يجبه, ثم التقيا في الطريق وقد أزف من الرجل الرحيل< قرب منه >فقال أبو عبد الله قد أزف منك رحيلٌ فقال نعم, فقال فألقني في البيت, فلقيه فسأله عن الإسلام وعن الإيمان ما الفرق بينهما, فقال: الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم شهر رمضان فهذا هو الإسلام, قال: والإيمان معرفة هذا الأمر< هذا الذي شائع على الألسن منشأه مثل هذه الروايات, >والإيمان معرفة هذا الأمر, فإن أقر بها ولم يعرف هذا الأمر< التفت إلى العبارة >فإن أقر بها< يعني أقر بأصول الإسلام المنافق يقر بأصول الإسلام لا لا يقر, فقط يظهرها لقلقة لسان, >فإن أقر بها ولم يعرف هذا الأمر كان مسلماً وكان ضالاً< هنا يأتي هذا البحث وهو أنه أساساً, أما >وقد يطلق الإيمان ويراد به كل مراتب الإيمان< هذا الإطلاق الأول من الإيمان وهو يراد به مرتبة من الإيمان كما قلنا الإسلام مرتبة من الإسلام, هذه المرتبة الثانية من الإيمان أو الإطلاق الثاني وهو الذي >قلت له جعلت فداك صف لي جعلت فداك حتى أفهمه فقال: الإيمان عملٌ كله والقول بعض ذلك العمل قلت صف لي جعلت فداك حتى أفهمه قال: الإيمان حالاتٌ ودرجاتٌ وطبقاتٌ ومنازل فمنه التام المنتهي تمامه ومنه الناقص البين نقصانه ومنه الراجح الزائدُ رجحانه, قلت: إن الإيمان ليتم وينقص ويزيد< يبين الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) والروايات أن الإيمان على عشر درجات أو على تسعة وأربعين درجة أو على سبعين درجة الروايات كثيرة في هذا المجال.
نحن نعتقد أن الإيمان بمعناه العام بنحو القضية المهملة صادقة على كل مسلمٍ إذا اعتقد بها قلباً, مرة لا يعتقد فهو منافق, أما إذا كان معتقد بالتوحيد معتقد بالنبوة الآن بأي سبب لا يعتقد بالإيمان إما للعناد وإما للقصور وإما لعدم تمامية الحجة هذا مؤمن أو ليس بمؤمن؟ مؤمن نعم مؤمن ولكن إيمانه تام أو إيمانه ناقص؟ ناقص, بل أكثر من ذلك المسيحي الذي يعتقد بالوحدانية يعتقد بالله بالطريقة التي هو يعتقدها مؤمن أو ليس بمؤمن؟ نعم مؤمن بالله (سبحانه وتعالى) وكافر بالإسلام, يصدق عليه مؤمن وأيضا ماذا؟ هذا الإنسان مؤمن المسلم الذي اعتقد مؤمن ولكن درجات الإيمان ما هي؟ وبعد ذلك سأبين لا ملازمة بين الإيمان وبين النجاة في الآخر بالأمس بينا قبل أمس بينا أنه توجد ملازمة أو لا توجد ملازمة؟ لا ملازمة, لا يذهب ذهنك أنه إذا صار مؤمن فيدخل الجنة لا لا ملازمة بين ذلك, من حقك أن تسأل ما القرينة؟ يعني قرينة الجمع أنه تحملون ذاك على المرتبة الأعلائية وهذا على هذا؟
الجواب: القرآن الكريم قبل النصوص الواردة في المقام, وهذه نقطة أساسية ولم أجد من التفت إليها بحسب تتبعي ولعل الإخوة إذا وجدوا أحد قد ذكرها فليقل لي أين ذكرها, تعالوا معنا إلى قوله تعالى في سورة طه الآية 82 {وإني لغفار لمن تاب} احفظها معي {لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} النصوص المستفيضة عندنا من الاهتداء ما هو؟ الاهتداء إلى ولايتنا, القرآن ماذا يعبر عن هؤلاء قبل الاهتداء إلى الولاية آمنوا أو لم يؤمنوا؟ إذن مؤمنين أو ليس بمؤمنين؟ من قال بأن هؤلاء ليسوا بمؤمنين, مؤمنين, مؤمن والنصوص أقراها لك الآن, فقط الآن أريد أن استفيد من ظاهر الآية المباركة {وإني لغفار} يعني يستحق عليّ ماذا؟ لأن الله (سبحانه وتعالى) تتذكرون بالأمس قلنا {كتب على نفسه} {إنما التوبة على الله} أيستطيع شخص أن يقول له واجبة عليك يقول لا أنا أوجبته على نفسه ولكن هذه التوبة لمن أقبلها بشرطها وشروطها, ما هو شرطها؟ شرطها الاهتداء إلى أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وإن كان مؤمناً وعمل صالحاً, الروايات في ذلك إخواني الأعزاء كثيرة أنا أشير إلى روايتين ثلاثة منها.
ما ورد في غاية المرام وحجة الخصام الجزء الثالث ص317 ينقل هناك تقريباً اثنا عشر رواية, الإخوة إنشاء الله يراجعوها, من هذه الروايات الرواية >عن الباقر في قوله {وإني لغفار} قال ألا ترى كيف اشترط ولم تنفعه التوبة والإيمان والعمل الصالح< اشترط ماذا؟ >حتى اهتدى ولو جهد أن يعمل بعمل ما قُبل منه حتى يهتدي, قال قلت إلى من جعلني الله فداك؟ قال: إلينا أهل البيت< إذن مؤن أو ليس بمؤمن؟ مؤمن, له عمل صالح أو ليس له عمل صالح؟ {وجئنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا}.
ثم راوية أخرى, الرواية >عن الإمام الباقر× والله لو أنه تاب وآمن وعمل صالحاً ولم يهتدي إلى ولايتنا ومودتنا ومعرفة فضلنا ما أغنى عنه ذلك شيئا< هذه من قبيل الروايات أنه ينفعه عمله أو لا ينفعه؟ فإذن لا يمكن أن يكون مشمولاً بالوعد الإلهي, نعم يكون مشمولاً بالفضل الإلهي كما أشرنا, >فما هذا الاهتداء بعد التوبة والإيمان والعمل الصالح, قال: معرفة الأئمة والله إمام بعد إمام<.
ولذا الإمام أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام) في الاحتجاج الجزء الأول ص368 هذه عبارته التي هي من أوضح العبارات – الآن لا نبحث السند باعتبار أنه القضية ثابتة- يقول: >وأما قوله {وإني لغفار} فإن ذلك كله لا يغني إلا مع الاهتداء< التفتوا إلى العبارة >وليس كل من وقع عليه اسم الإيمان كان حقيقاً بالنجاة< هذه القاعدة التي أسسناها قلنا لا ملازمة بين الإيمان وبين النجاة التفتوا إلى استدلال الإمام >قال وليس كل من وقع عليه اسم الإيمان كان حقيقاً بالنجاة مما هلك به الغواة, ولو كان ذلك كذلك لنجت اليهود مع اعترافها بالتوحيد, مع أنها مؤمنة أو غير مؤمنة؟ نعم, ولكن هذا كافي للنجاة أو غير كافي؟ غير كافي, >وإقرارها بالله ونجى سائر المقربين بالوحدانية< التفت جيداً هذه ايضا إذا صحة الرواية الإمام× يقر لإبليس أنه كان مقراً بالوحدانية ما كان منافق >يقول ونجى سائر المقرين بالوحدانية من إبليس فمن دونه في الكفر وقد بين الله ذلك بقوله …< إلى آخره, ثم قال >وللإيمان حالاتٌ ومنازل يطول شرحها< على أي الأحوال.
إذن هذه القضية واضحة.
ومن هنا ذهب جملة من أعلام الإمامية إلى أننا عندما نقول بأنه هؤلاء ليسوا مؤمنين ليس مرادنا الإيمان بالمعنى الأعم وإنما نفي الإيمان بالمعنى الأخص.
منهم الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء في أصل الشيعة وأصولها عندما يأتي إلى عقائد الشيعة يقول: ولكن الشيعة الإمامية زادوا ركناً خامساً وهو الاعتقاد بالإمامة فمن اعتقد بالإمامة بالمعنى الذي ذكرناه فهو عندهم مؤمن بالمعنى الأخص, ولم ينسب القضية إلى نفسه وإنما ينسبها إلى علماء الإمامية, وإذا اقتصر على تلك الأركان الأربعة التي أشرنا وهي أصول الدين يعني التوحيد العدل المعاد النبوة, يقول: وإذا اقتصر على تلك الأركان الأربعة فهو مسلم ومؤمن بالمعنى الأعم.
إذن نفي الإيمان ليس معناه نفي الإيمان نفي الأخص لا يلازم نفي الأعم كما هو واضح.
وكذلك ما ذكره الشيخ المظفر في كتابه عقائد الإمامية هذه عبارته – التي هي ايضا عبارة دقيقة التي لم أجد أنه شرحوها كما ينبغي- نعتقد أن الإمامة أصل من أصول الدين لا يتم الإيمان إلا بالاعتقاد بها, لا أنه لا يتحقق الإيمان لا أنه ينفي كان التامة ينفي كان الناقصة, ينفي كمال الإيمان لمن لم يؤمن بالإمامة لا أنه ينفي أصل الإيمان بذلك.
هذا تمام الكلام إخواني الأعزاء في هذه الأبحاث الأربعة الخمسة التي كنا نحتاج إليها وأعتذر للإخوة أنه أطلنا تقريبا أربعة خمسة دروس في هذا البحث.
نرجع إلى بحثنا الأصلي عندنا وقت أربع خمس دقائق.
كان بحثنا الأصلي في هذه الجهة, وهي: أن التشريعات الصادرة من النبي’ على أنحاء متعددة, النحو الأول من التشريعات هي التشريعات التي تعد جزءً من الشريعة, يعني بعبارة أخرى: >حلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة<.
النحو الثاني من التشريعات عبرنا عنها: التشريعات الولائية أو التدبيرات السلطانية – عبروا عنها ما تشاؤون- هذا الذي أدى بناء إلى إثبات الإمامة السياسية للنبي الأكرم ولأئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
في هذا النوع من التشريعات وهي القسم الثاني, هل أن هذه التشريعات التي تصدر من النبي الأكرم’ وفي اعتقادنا التشريعات التي تصدر من الأئمة أيضاً بعنوان أنها تشريعات ولائية تدبيريّة سلطانيّة, هل أنّ أحكامها متحدة مع أحكام النحو الأول من التشريعات أو تختلف هذه الأحكام في النحو الثاني عنها في النحو الأول.
يعني أضرب لكم أمثلة, الإنسان إذا ثبت له أن هذا التشريع تشريع إلهي وهو أنه حرمة الكذب وجوب الصلاة حرمة الزنا, حرمة الغيبة, حرمة النميمة, وجوب الصوم وجوب الحج.
أولاً: أن هذا التشريع من التشريعات الثابتة في الشريعة يتبدل بتبدل الزمان والمكان أو لا يتبدل؟ لا لا أبداً في كل زمان ومكان هذه التشريعات ثابتة بشرطها وشروطها كما هو منقح في محله.
ثانياً: إذا خالفها الإنسان خالف رسول الله أم خالف الله؟ طيب من الواضح أن هذه المخالفة لمن؟ لله لأنه رسول الله مبلغٌ عن الله (سبحانه وتعالى) حتى تلك التشريعات التي هو يشرعها أيضاً هي ماذا؟ تبليغ عن الله (سبحانه وتعالى) وهذا بيناه فيما سبق في النحو الأول من التشريعات, فعندما يخالف لمن يخالف, يخالف الحق (سبحانه وتعالى) ما هي النتائج المترتبة على ذلك؟ من النتائج المترتبة على ذلك العقاب الأخروي يوم القيامة خصوصاً إذا آمنا بنظرية تجسم الأعمال فإن الزنا يكون بنحوٍ هناك وأن الكذب يكون بنحوٍ هناك, وأن الغيبة كما قرأتم في محله كما قرأنا في مسألة تجسم الأعمال يوم القيامة هذه تتجسد له هذه الأعمال.
السؤال المطروح: أحكام القسم الثاني, الأحكام من القسم الثاني هل في الخصوصيات كالقسم الأول, أو أنها تختلف عن أحكام القسم الأول؟
بنحو الإجمال, نقول أنه تتفق في بعض الوجوه وتختلف في وجوه كثيرة نشير إليها.
والحمد لله رب العالمين.