نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (115)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    بحمد الله تعالى ولو بنحو الإجمال اتضحت جملة من الخصوصيات التي تتميز بها التشريعات الصادرة من الشارع, وبينا بأن هذه التشريعات يمكن تقسيمها بنحوٍ من أنحاء التقسيم إلى تشريعات تبليغية وإلى تشريعاتٍ ولائية, وأشرنا إلى بعض الفروق الأساسية الموجودة ما بين هذه التشريعات.

    في هذا اليوم نحاول إنشاء الله تعالى بقدر ما يمكن أو يسع له الوقت أن نشير إلى بعض التطبيقات التي وقع الكلام فيها بين الفقهاء, أن هذه التشريعات هل هي من التشريعات من القسم الأول أو أنها تشريعات من قسم الثاني.

    والنتيجة المترتبة على ذلك واضحة هو أنه إذا ثبت أنها من الأول فهي ثابتة وهي جزء من الشريعة وهي قائمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها, أما إذا لم يثبت أنها من التشريعات من القسم الأول بل هي من التشريعات في القسم الثاني بطبيعة الحال إذن ليست هي جزء من الشريعة وليست هي ثابتة وليست هي دائمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وإنما تابعة لظروفها الخاصة بها والتي صدرت فيها.

    الآن ما هي النتيجة المترتبة على ذلك, إنشاء الله تعالى من خلال البحث سيتضح ذلك, نشير إلى بعض التطبيقات.

    التطبيق الأول: لهذه التشريعات أو التشريعات الولائية, من القواعد الثابتة في الشريعة والتي لم يختلف فيها أحد أن الإنسان يستطيع أن يتصرف في ملكه بأي نحوٍ من أنحاء الملك المسموح به, كأن يبيع ذلك الشيء كان يؤجر ذلك الشيء كأن يهب ذلك الشيء أن يعطي ما يملكه في قبال عوض أو أن يعطي ذلك لا في قبال عوض وهذا واضح لا نحتاج فيه إلى دليل, هذه من الضرويات أو الضرورات الثابتة عند المسلمين.

    من موارد ذلك مسألة الماء, وأن الإنسان إذا كان يملك ماءاً معيناً فإنه يستطيع أن يبيعه أو أن يتصرف فيه كما يشاء.

    في وسائل الشيعة المجلد الخامس والعشرين مؤسسة أهل البيت في ص418 من هذا الجزء يعني بعبارة أخرى كتاب إحياء الموات الباب السادس باب جواز بيع الماء المملوك في قناةٍ وغيرها بدراهم وبغلّة – هنا مكتوبة بغلة يعني التشديد لا يوجد ولكن المقصود وبغلّة لا ببغلةٍ مثلاً- يذكر روايات ثلاث:

    الرواية الأولى: >عن أبي عبد الله الصادق (عليه أفضل الصلاة والسلام) سألته عن الرجل يكون له الشرب مع قومٍ – خصوصاً في تلك الأزمنة هذه القضية شائعة في ذلك الزمان بل الآن أيضاً في المناطق الزراعية هذا الأمر موجود أيضاً الآن إما بنحو الملكية وإما بنحو الحق لا فرق في ذلك, >يكون له الشرب مع قومٍ في قناةٍ فيها شركاء< الصباح لك المساء لي أو هذا القدر لي وذاك لك >فيستثني بعضهم عن شربه< عن المقدار الذي يملكه أو له حق يستغني لا يحتاج إلى ذلك >أيبيع شربه, قال: إن شاء باعه بورقٍ وإن شاء باعه بكيل حنطة< يعني بدراهم أو بغلّة.

    طبعاً في هذه الروايات أيضا توجد روايات معتبرة, هذه الرواية مثلا معتبرة.

    الرواية: >عن عبد الله ابن الكاهلي, قال: سأل رجل أبا عبد الله الصادق وأنا عنده عن قناةٍ بين قوم لكل رجل منهم شرب معلوم فاستغنى رجل منهم عن شربه أيبيعه بحنطة أو شعير, قال: يبيعه بما شاء هذا مما ليس فيه شيء<.

    ورواية ثالثة: في قرب الإسناد – على الكلام الموجود في قرب الإسناد- >عن علي ابن جعفر عن أخيه<- يعني أنه ثابت أنه مسند إليه أو لا- >قال: سألته عن قومٍ كانت بينهم قناةٍ ماء لكل إنسانٍ – في بعض النسخ لكل أحد- منهم شرب معلوم فباع أحدهم شربه بدراهم أو بطعام أيصلح ذلك, قال: نعم لا بأس<.

    إذن هذه الروايات تبين الإباحة, من الواضح أنه يحق له أن يتصرف في ملكه ومن الأمور التي يتصرف أن يبيع الآن إما بدراهم أو بغلّة, إلى هنا القضية لا يوجد فيها جديد على مقتضى القواعد الأولية.

    إنما الكلام هذه الطائفة الثانية من الروايات التي وردت عن رسول الله’ في هذا المورد بالخصوص وهي أيضاً فيها روايات معتبرة وصحيحة.

    الرواية الأولى: التي هي في باب السابع من باب إحياء الموات, الرواية الأولى: >عن أبي عبد الله الصادق (عليه أفضل الصلاة والسلام) قال: نهى رسول الله عن النطاف, ما هو النطاف؟ قال: أن يكون له الشرب يعني من قناةٍ, فيستغني عنه فيقول النبي’ لا تبعه أعره أخاك أو جارك< اللام ظاهرة في النهي, فإذن هناك جواز وبمقتضى القواعد تلك الروايات أنا أشرت إليها حتى أبين أن تلك مقتضى القاعدة لا يوجد فيها جديد.

    الرواية الثانية: وهي أوضح من الرواية الأولى, >عن أبي عبد الله الصادق (عليه أفضل الصلاة والسلام) قال قضى رسول الله’< التفتوا جيداً إلى قوله قضى رسول الله, >بين أهل المدينة< إذن القضية مرتبطة بمن؟ في دولته وفي المدينة, >بين أهل المدينة في مشارب النخل أنه لا يمنع نفع الشيء وقضى بين أهل البادية – التي محل الشاهد عندنا- أنه لا يمنع فضل ماءٍ< أنت إذا يوجد عندك فضل ماء في البادية تستطيع أن تمعنه تقول لا أعطيه, لا أبيعه أو أريد أن أبيعه بثمن كذا؟ يقول لا لا أبداً >لا يمنع فضل ماء ليمنع فضل كلاء< ثم النبي’ طبق عليها القاعدة قال> لا ضرر ولا ضرار, وقال< الآن وقال إما الإمام وإما الرسول الآن ليس محل الشاهد هذه الجملة.

    ثم رواية ثالثة: >قضى رسول الله في أهل البوادي أن لا يمنعوا فضل ماءٍ ولا يبيعوا فضل كلاء<.

    جيد, السؤال المطروح: ماذا نفعل في الجمع بين هاتين الطائفتين, هنا واقعاً يوجد نحوان من الجمع – التفتوا لي جيداً حتى تعرفون هذه القضية سيالة في كل الفقه لا فقط في هذا المورد- وهو أنه: إذا افترضنا أن كلتا الطائفتين تتكلم عن التشريعات التبليغية إذن يوجد بينهما تعارض واضح, لأن تلك تقول لا بأس وهذه تقول لا تبع, واحدة ناهية وواحدة مجوزة, وأنتم تعلمون بمقتضى القاعدة الأعلام ماذا يفعلون في مثل هذه الموارد؟ في مثل هذا الموارد يحملون الدالة على النهي يحملونها على الكراهة, بقرينة ماذا؟ بقرينة الدالة على الجواز, لأن الدال على الجواز نص في المطلوب والدالة على النهي ظاهر – واحدة من وجوه الجمع العرفي- ومن الواضح أنه إذا تعارض النص والظاهر يحمل الظاهر على النص, إذن بالجمع العرفي نقول بأنه يجوز البيع ولكن على كراهةٍ.

    وهذا ما فعله نفس الحر العاملي العلامة الحر العاملي, حيث أننا نجد أنه عنون الباب بهذا العنوان (باب كراهة بيع فضول الماء والكلأ) وواضح لماذا عنوان باب كراهة, مع أن النصوص واضحة دالة على ماذا؟ دالة على النهي والنهي ظاهرٌ في الحرمة, طيب لماذا من أين تقول أنها ظاهرة في الكراهة أو أنها كراهة؟ هذا إشارة إلى الجمع العرفي.

    ولذا هنا توجد حاشية للعلامة الشعراني, هذه الحواشي إخواني الأعزاء موجودة في الوسائل الطبعة القديمة وليس في هذه الوسائل الطبعة الجديدة, في الوسائل الطبعة القديمة توجد هناك حواشي للعلامة الشعراني – الذي عنده تعليقات مفصلة على شرح الأصول الكافي للمازندراني- وحواشيه أيضاً قيمة جداً, ولذا لا يتصور البعض أن هذه وسائل الجديدة مغنية عن كل ما لا لا أبداً يوجد هناك حواشي هذه الحواشي لم تأتي أين؟ لم تأتي في هذه الوسائل المطبوعة في مؤسسة أهل البيت.

    العلامة الشعراني هناك يعني في المجلد السابع عشر, هذه كان في مجلد خمسة وعشرين ص419 هنا في المجلد السابع عشر ص333 في نفس الباب يقول: استنباط الكراهة من الأحاديث التي هي ظاهرة في الحرمة, لسبق الذهن إليه من قول الفقهاء, باعتبار أن هذا هو المتعارف عند الفقهاء هي القاعدة التي يتعاملون بها.

    سؤال: إذا قلنا أن الأمر ليس كذلك, يعني أن الدالّ على الجواز تشير إلى النوع الأول من التشريعات يعني تشريعٌ تبليغي والذي هو نهيٌ إشارة إلى النهي أو إلى التشريع الولائي, يوجد تعارض بين الروايتين أو لا يوجد بين الطائفتين تعارض؟ أصلاً لا تعارض بينهما لأن ذاك يشير إن صح التعبير إلى العنوان الأولي وهذا يشير إلى العنوان الثانوي هذا يشير إلى أن النبي’ أعمل ولاية الأمر أعمل صلاحيته ووجد بأنه لكي واقعاً تنمو الثروة الزراعية وأن الأمة لا تحتاج إلى غيرها وأن المجتمع الإسلامي لا يحتاج, الآن في ظروف معينة قضى بين أهل البادية أن لا يمنع فضل ماءٍ, قضى بين أهل البادية, ومن الواضح أن المراد من القضاء هنا ليس باب الخصومة باب القضاء اصطلاحاً أعم قد يطلق قضى في باب الخصومة التي هي أحكام قضائية وقد يقرأ قضى وهذه القرينة التي أشار إليها السيد الإمام بالأمس قال بأنه: في الأعم الأغلب عندما يطلق لفظ أمر أو قضى أو حكم فيراد به الأوامر السلطانية.

    هذا المعنى الذي أشرنا إليه هو الذي يرجحه بشكل واضح وصريح ومبين وبضرس قاطع السيد الشهيد& في كتابه اقتصادنا, هناك في ص726 من هذا الكتاب تحت عنوان مبدأ تدخل الدولة, هذه عبارته هناك, يقول: وهذا النهي نهي تحريم كما يقتضيه لفظ النهي عرفاً وإذا جمعنا إلى ذلك رأي جمهور الفقهاء القائل بان منع الإنسان غيره من فضل ما يملكه من ماءٍ وكلأ ليست من المحرمات الأصيلة في الشريعة ليست من المحرمات الثابتة, كمنع الزوجة نفقتها مثلاً أو شرب الخمر أمكننا أن نستنتج أن النهي من النبي صدر عنه بوصفه ولي الأمر فهو ممارسة لصلاحياته في ملئ منطقة الفراغ حسب مقتضيات الظروف لأن مجتمع المدينة كان بحاجة شديدة إلى إنماء الثروة الزراعية والحيوانية فألزمت الدولة الأفراد ببذل ما يفضُل من ماء وكلأهم للآخرين تشجيعاً وهكذا نرى أن بذل فضل الماء فعل مباح بطبيعته إلا أنه في ظروف معينة قد يلزم ولي الأمر بالنهي أو بالوجوب.

    ويناقش هذه القضية بشكل واضح ومفصل في ص302 من الكتاب في حاشية له هناك, يقول: وقد اعتقد بعض الفقهاء في قضاء النبي بان لا يمنع فضل الماء أو نفع الشيء أنه نهي كراهةٍ لا نهي تحريم, لماذا اعتقد هؤلاء ذلك؟ للنكتة التي أشرنا إليها أنهم اعتبروا كلا الطائفتين من سنخ كلا التشريعين من سنخ واحد, مع أنهما بقرائن أنهما ليسا من سنخ واحد.

    الآن نحن لسنا بصدد أن نفتي, أنا بصدد أريد أن أبين أن هذه القضية وقع فيها خلاف بين الفقهاء, فطبقة تقول هكذا وطبقة تقول هكذا ما هي القرينة؟ قرينة أنه قضى.

    ولذا قال: ولذا اضطروا إلى هذا اللون من التأويل لانتزاع طابع الحتمل والوجوب عن قضاء النبي اعتقاداً منهم بأن الحديث لا يتحمل إلا أحد معنيين ثم يشير… لكن هذا الواقع لا يبرر تأويل قضاء النبي ما دام من الممكن أن نتحفظ لقضاء النبي بطابع الحتمل والوجوب كما يشع به اللفظ ونفهمه بوصفه حكماً صدر من النبي بما هو ولي الأمر نظراً للظروف الخاصة التي كانوا المسلمين يعيشونها وليس حكماً شرعياً عاماً كتحريم الخمر أو الميسر.

    سؤال: هذا الآن هنا ما أطرحه فقط أعنونه للإخوة حتى تعرفون بأن هذا البحث طويل الذيل لماذا أشرنا إلى هذه المقدمة.

    سؤال: لو دلت قرينة على ذلك انتهينا نقول هذه قرينة دالة على أن هذا التشريع تشريع ولائي وليس تشريع تبليغي إذن يرتفع التعارض.

    الآن لو أن الأمر لم يكن بهذا الوضوح بمقتضى القواعد هذا الحكم أولى أم الحمل الذي يتصرف في ظهور النهي ويحمله على الكراهة أو لا أيهما عرفيةً – هذا أصل آخر غير هذا الأصل- ما أدري واضح أم لا, كيف عندكم في قواعد الجمع أوفي باب التعارض أن الحمل على كذا أولى من الطرح, هناك يقولون بأنه بقدر ما يمكن ينبغي أن لا نطرح الرواية, الجمع أولى من الطرح.

    طيب سؤال: في باب الجمع التفتوا التي هذه المسألة مع الأسف لم تطرح في باب التعارض لكن ينبغي أن تطرح, في باب الجمع توجد هناك أولويات أو لا توجد أولويات؟ الآن عندنا جمعان هنا, صحيح أم لا.

    جمعٌ: يتصرف في ظهور إحدى الطائفتين ظاهرها في النهي ماذا يفعل لها؟ يحملها على الكراهة, هذا تصرف ماذا؟ في ظهورها, ولكن يقول ببركة ماذا؟ بقرينة الطائفة الأولى.

    وجمعٌ آخر: يتصرف في ظهورها أو يبقيها على ظاهرها؟ يبقيها على ظاهرها, أيهما أولى هذا الجمع أولى أو ذاك الجمع أولى, بنحوٍ كبروي؟

    إذا ثبت أن الجمع الثاني أولى يقدم, إذا ثبت أن الجمع الأول أولى أيضاً يقدم, إذن المورد الأول إخواني الأعزاء أتصور واضح للأعزة وهو أنه بناء على الجمع الذي نحن نشير إليه كما أشار إليه السيد الشهيد, إذن أساساً يوجد تعارض أو لا تعارض بين الطائفتين؟ لا تعارض يعني من السالبة بانتفاء الموضوع.

    أما بالنسبة على الجمع الذي ذكره الأعلام فهو من التعارض يعني هناك يوجد تعارض ولكنه مع ذلك يحمل عليه أو يجمع بينهما بالجمع العرفي.

    بعبارة أخرى: أريد أن أقول: بناءً على الذي نحن نذكره كثير مما يسمى باب التعارض أو تعارض يوجد تعارض أو لا تعارض؟ لا تعارض بين الطائفتين من النصوص, هذا المورد الأول.

    المورد الثاني: هل يجوز بيع الثمرة قبل نضجها على الشجرة أو لا يجوز؟

    الروايات المجوزة لذلك كثيرةٌ جداً, طبعاً الروايات مختلفة جداً في هذا الباب تقريباً ثلاثة أربعة طوائف هذه الروايات بعضها تقول مع الضميمة بعضها بلا ضميمة بعضها لسنة واحدة بعضها لسنتين أو أكثر, بعضها يجوز بعضها لا يجوز طوائف متعددة وواقعاً المسألة من المسائل المعقدة في محلها, وهو أنه: هل يجوز بيع الثمار قبل بدو صلاحها كما هو الاصطلاح, أو قبل نضجها هل يجوز أو لا يجوز؟

    الروايات كما قلت الدالة على الجواز كثيرة حتى أنه عبر عنها صاحب مجمع الفائدة والبرهان المقدس الأردبيلي في المجلد الثامن ص200, – على القاعدة- الآغايون ايضا دخلوا هنا في بحث عقلي بأنه إذا الثمرة لم تظهر فبعدُها معدومة فهل يجوز بيع المعدوم أو لا يجوز وبحث عقلي عندهم في المقام, يقول: وأما الدليل العقلي من؟ المقدس الأردبيلي – هذا الذي الإخوة الأعزاء الذين يحضرون الأصول الذي قلنا هذا تداخل الأبحاث واقعاً تولد إلى هذه, وإلا ما علاقة العقل بمثل هذه المسألة- يقول: وأما الدليل العقلي وهو أنه غير معلوم فلا يجوز بيعه, فقد يقال أنه قد جوز في الرواية وليس بمعدوم بالكلية, ثم يدخل إلى هذا البحث, يقول: مع قول البعض بجواز بيعه كذلك للروايات الكثيرة كما ستجيء, فالروايات الدالة على بيع الثمرة قبل نضجها أو قبل بدو صلاحها روايات كثيرة ولا إشكال في هذا الأصل, طائفة من الروايات واضحة الدلالة تدل على هذه الحقيقة.

    سؤال: في المقابل ماذا؟ في المقابل نجد أن هناك أيضاً أقضيةٌ أو قضاء صدر من رسول الله’ قال ماذا؟ لا يجوز بيعه. هذه الروايات واردة في الوسائل المجلد الثامن عشر هذه طبعة مؤسسة آل البيت ص210, روايات متعددة.

    الرواية: >وسئل عن الرجل يشتري الثمرة المسماة من أرضٍ فتهلك ثمرة تلك الأرض كلها, فقال: اختصموا في ذلك إلى رسول الله’ فكانوا يذكرون ذلك فلما< التفتوا إلى القرينة الموجودة في الرواية, >فلما رآهم لا يدعون الخصومة نهاهم عن ذلك البيع< إذن في الأصل هي كانت جائزة أو غير جائزة؟ كانت جائزة, ولكن رسول الله وجد بأن هذا الحكم الدال على الجواز يولد – يخلق فايلات وتأتي إلى المحاكم القضائية يومياً عشرين فايل يأتي- فكيف حلها رسول الله؟ كان بإمكانه – دواوين القضاء من واحد يجعلها اثنين وثلاثة وعشرة وعشرين وخمسين- رسول الله قال أصلاً لا يجوز بيع الثمرة قبل نضجها, انتهت القضية, فأغلق هذا الباب هذا باب الخصومة, التفت. >فلما رآهم لا يدعون الخصومة نهاهم عن ذلك البيع حتى تبلغ الثمرة< واللطيف أن التعبير جداً دقيق هنا وعجيب التعبير, >نهاهم< ولم يحرمه, عجيب إذن الروايات تميز بين النهي وبين التحريم, هذه نكتة جداً جيده وهو أنه لابد أن نرى أن كل نهي دال على التحريم أو لا, الإمام× لأن الرواية عن الإمام >سئل أبو عبد الله الصادق عن شراء النخل والكرم والثمار ثلاث سنين وأربع سنين, قال لا بأس اشتروها قبل بدو صلاحها< مع أنه الآن في السنة الأولى بدو الصلاح طيب السنة الثانية والثالثة والرابعة بعد لم يبدو صلاحها بعدُ لم توجد الثمرة, في السنوات اللاحقة, قال> لا بأس بذلك< إن لم يخرج في هذه السنة يخرج في السنة القادمة و … إلى غير ذلك.

    قال: >ولم يحرمه ولكن فعل ذلك النهي< فعل ذلك يعني النهي, >ولكن فعل ذلك من أجل خصومتهم, يعني الداعي للقيام بهذا التحريم أو النهي الآن أي نهي هذا, من الواضح أنه لا يمكن أن يقول لي أحد أن هذا النهي نهيٌ تبليغي نهي دال على أمرٍ ثابتٍ في الشريعة إلى قيام الساعة.

    رواية ثانية: >قلت لأبي إن لي نخلاً في البصرة فأبيعه وأسمي الثمن واستثني الكر من التمر أو أكثر أو العدد من النخل فقال لا بأس قلت جعلت فداك بيع السنتين قال لا بأس قلت جعلت فداك إن ذاك عندنا عظيم, قال: أما إنك قد قلت ذلك كان رسول الله’ أحل ذلك< يعني ماذا؟ بيع الثمر قبل صلاحها >فتظالموا< صارت مشاكل بينهم >فقال× لا تباع الثمرة حتى يبدو صلاحها<.

    مع هذه القرائن الموجودة في هذه النصوص التفتوا بأنه صاحب الحدائق كيف حملها, صاحب الحدائق باعتبار الذهنية الفقهية قائمة على أن التشريعات كلها من نوع واحد إذن كلها تشريعات ماذا؟ جزء من الشريعة وثابتة ولا تتغير طيب واقعاً يوجد تعارض.

    ولذا صاحب الحدائق+ عندما يأتي إلى هذه القضية في الجزء التاسع عشر في هذه الطبعة الموجودة عندي وهي دار الكتب الإسلامية, في ص324 من البحث يقول: الفصل الثامن في بيع الثمار من النخل, في ثمرة النخل وتحقيق الكلام فيها أنه لا خلاف بين الأصحاب في جواز بيعها بعد ظهور صلاحها هذا متفق عليه إنما الكلام قبل ظهورها, ثم ينقل روايات الطوائف الأربعة التي أشرت إليها, … إلى أن يقول: فكيف كان فإن صحيح بريد وصحيحة الحلبي وصحيحة ربعي صريحة في الحل وعدم الحرمة, كما قال المقدس الأردبيلي أن الروايات الدالة على الجواز كثيرة جداً, فلابد فيتعين العمل بها لصحتها وصراحتها يعني جواز البيع قبل بدو الصلاح, فلابد من ارتكاب التأويل فيما كان ظاهراً في منافاتها, المنافاة ماذا؟ هذا الذي نقل عن الرسول الأعظم’ أنه ماذا؟ لا يجوز, ماذا؟ إما بالحمل على الكراهة – على القاعدة- لأنه افترض من نوع واحد كلاهما واحد دال على الجواز وواحد دال على النهي والحرمة التشريعية والجمع العرفي يقتضي الحمل على الكراهة, أو بالحمل على التقية – على مبناه+ أنه- ولذا كل من جاء بعده ناقشه يا شيخنا بيني وبين الله هم أيضاً مختلفتين في هذه القضية ولعله في كثير من الأحيان متفقين معنا إذن الحمل على التقية, فدخلوا الفقهاء في بحث أن العامة كانوا يقولون أو لا يقولون, كله منشأه ما هو؟ منشأه هذه القضية, إذن أنت من أول الأمر لابد أن تحدد موقفك – مع اليمين أنت أم مع ماذا؟ مع التحالف أو مع الائتلاف حل المشكلة لا يمكن أن تبقى هكذا في الوسط- الموقف ما هو؟ وهو أنه تعين لي أن هذه التشريعات كلها من نوع واحد أو من أنواع متعددة؟ فإن كانت من نوع واحد.

    إذن إخواني الأعزاء ماذا أريد أن أقوله, طبعاً هذا الذي أقوله احتمله جملة من الأعلام لا يتبادر إلى الذهن أنه والله هذا أنا أول مبتدعٍ أبتدع هذه القضايا لا, جملة من الفقهاء منهم صاحب الجواهر&, صاحب الجواهر عندما يصل إلى هذه المسألة في المجلد الرابع والعشرين ص63 هذه عبارته هناك, يقول: ومراده بقرينة >قال فتظالموا فقال لا تباع الثمرة حتى يبدو صلاحها< ومراده بقرينة الخبر الأول أن نهي النبي لأجل قطع الخصومة لا الحرمة, إذن هذا النهي ماذا؟ لا لإثبات أنها جزء من الشريعة وأنها محرم بيعها قبل بدو صلاحها, وإنما حتى يرفع الخصومة بين الناس في ذاك الزمان, – هذه قضية جداً مهمة- ليس من باب القياس من باب الاستئناس بصلاحيات ولي الأمر, إذن على هذا الأساس إن قبلنا أن ولي الأمر في زمن الغيبة له صلاحيات من هذا القبيل إذن كثير من القضايا يستطيع أن يقول لا فقط في الأحكام التكليفية في الأحكام الوضعية, يقول هذه المعاملة ممنوعة, مولانا الناس مسلطون, يقول بلي مسلطون ولكن هذه المعاملة تخلق لنا مشاكل كثيرة بين الناس, يستطيع أن يقطع دابرها بأن يقول هذه المعاملة صحيحة أم فاسدة؟ فاسدة, هذا الفساد فساد من القسم الأول من التشريعات أم من القسم الثاني من التشريعات كبيع ما لا يملك مثلا على سبيل المثال.

    عند ذلك في باب المعاملات أعزائي ينفتح باب عظيم واقعاً باب ينفتح منه ألف باب, أن كثير من هذه النواهي الصادرة من الأئمة في أنه لا تبع لا تبع لا تبع, هذه المراد منها النبي بمعنى التشريع التبليغي أو أن هذه صدرت باعتبار أنها كانت منشأ لخصومات وظلامات وقضايا كثيرة فالأئمة ماذا فعلوا؟ نهوا عنها أي منهما؟ هذا الذي هو غائب عندنا في باب المعاملات.

    أنا إنما ذكرت هذه الأمور حتى يتضح للإخوة الأعزاء أن هذه القضية ليست هذه الأربعة أمثلة وأربعين مثال وأربعمائة تطبيق لا والله مئات من التطبيقات ينفتح فيها هذا الباب, أنا إنما سميت هذه الأبحاث – مفاتيح عملية الاستنباط- لهذا السبب وهو أنه جملة من هذه القواعد سيالة في كل الأبواب الفقهية, في باب المعاملات عندما نرجع إليها نجد أنه واقعاً الظروف في ذاك الزمان جملة من المعاملات كان يسمح لها الظروف أو لا تسمح بها الظروف؟ وإذا كان تسمح فهي منشأ لمشاكل كثيرة.

    ولذا السيد الشهيد أيضاً ينسجم مع هذا التفسير الذي ذكره صاحب الجواهر ويقول: بأنه هذه القضايا أو هذا النهي ليس نهياً تحريمياً بتعبير الرواية يعني ليس تشريعاً من القسم الأول.

    تطبيق ثالث: هذا التطبيق واردٌ في كتب القوم لا في كتبنا الآن لعله بالتتبع لعله موجودة في كتبنا ولكنه في كتبهم وارد بشكل واضح وصريح وصحيح أيضاً, وهو أنه: هل يجوز إذا كانت عندي أرض أن أؤجرها تارة أنا أذهب وأزرع أرضي فلاح ويزرع أرضه مالك للأرض الآن إما مالك لرقبتها إما حق إما … إما هو يزرعها, إذا هو لا يزرعها يؤجرها لآخر هل يحق له أو لا يحق له؟ نعم ضمن القواعد الأولية أنه لا إشكال في أنه سواء أراد أن يرزعها أو أراد أن يؤجرها للآخرين, ولكن انظروا ماذا ورد في هذا الباب.

    في كتاب المصنف لابن أبي شيبه التي هي بتحقيق محمد عوامة هناك في مجلد الحادي عشر ص130 من الكتاب هذه الرواية الأولى الواردة, الرواية >عن رافع ابن خديج قال نهانا رسول الله’ عن أمرٍ كان لنا نافعاً< ذاك الأمر الذي نهانا عنه كان نافعاً ينفعنا ولكن مع ذلك رسول الله نهانا عنه >نهانا إذا كانت لأحدنا أرضٌ أن يعطيها ببعض خراجها< يعني يؤجر هذه الأرض للآخر ببعض خراجها >بثلث أو نصف قال: ومن كانت له أرضٌ فليزرعها< إما هو يشتغل عليها >أو ليمنحها أخاه< يعطيها منحة لأخيه, يستطيع أن يأخذ في قبالها شيء أو لا يستطيع له ذلك؟ لا يحق.

    ولذا نفس هذه الرواية واردة في ص136 أيضا من الكتاب الذي هناك يقول وهذا إسناد صحيح, الرواية أيضاً >قال رسول الله’ من كانت له أرض فليزرعها أو ليُزْرعها أخاه ولا يكرهها بثلث ولا ربع ولا بطعام مسمى< هذه الرواية من الروايات الصحيحة كما قلنا هنا الذي يشير إليها الألباني في صحيح الترمذي المجلد الثاني ص98.

    الآن إنشاء الله تعالى في يوم ما إذا صار وقت لعلنا واقعاً نشير أنه يمكن الاستناد إلى كتب القوم في مثل هذه المسائل أو لا يمكن, لأن البعض غريب على ذهنه انه أن هذه روايات واردة هناك ما علاقتها بالروايات أو بالمباني التي عندنا, على أي الأحوال إنشاء الله أشير إلى ذلك.

    الرواية: >قال نهانا رسول الله عن أمر كان نافعاً … إلى أن يقول صحيح< الرواية 1384.

    السؤال: هذا النهي أي نهي؟ على فرض تمامية الروايات, الآن ما نريد أن نفترضها صحيحة, أو لا أقل فرض أنها صحيحة, هذا أي نهي رسول الله واقعاً أنا صاحب الأرض لا يحق لي أن أكري هذه الأرض أن أوجر لي هذه الأرض يحق لي أو لا يحق لي بمقتضى القواعد.

    ولذا السيد الشهيد& في اقتصادنا في ص727 تعليقته على هذه الروايات بهذا النحو, يقول: ونحن حينما نجمع بين قصة هذا النهي واتفاق الفقهاء على عدم حرمة كراء الأرض في الشريعة بصورةٍ عامة ونظيف إلى ذلك نصوص كثيرة واردة عن الصحابة تدل على جوزا إجارة الأرض نخرج بتفسير معين للنص الوارد في خبر ابن خديج وهو أن النهي كان صادراً من النبي بوصفه ولي الأمر وليس حكماً شرعياً عاماً, فإجارة الأرض بوصفها عمل من الأعمال المباحة بطبيعتها يمكن النبي بمقتضى قاعدة ملئ قاعدة الفراغ.

    مثال رابع: الذي هذا لعله من الأمثلة المعروفة في أذهان الإخوة وهو: ما ورد أيضا في كلمات الإمام أمير المؤمنين في وصيته أو في رسالته إلى مالك الأشتر التي هي يقول فيها وهي واردة في نهج البلاغة صبح الصالح ص438 من كتاب له رقم 53, >وأعلم مع ذلك أن في كثيرٍ منهم ضيقاً فاحشا وشُحاً قبيحا واحتكاراً للمنافع وتحكماً في البياعات وذلك باب مضرةٍ للعامة وعيب على الولاة فامنع من الاحتكار<.

    التفتوا جيداً, >امنع من الاحتكار< ماذا >قال فإن رسول الله منع منه وليكن البيع بيعاً سمحاً بموازين عدلٍ وأسعارٍ لا تجحف بالفريقين في البائع والمبتاع< هذا ليس في حال القحط في الحالة الطبيعية, في حالة القحط له حكم آخر, لا في حالة طبيعة أنه الآن كل شيء متوفر في الأسواق ولكن تعلمون بأنه بعض التجار أو بعض الشركات عندها القدرة على أن البضاعة الموجودة في السوق بكاملها تجمعها في مخازنها ثم تجعلها قليلة الوجود – يعني بقانون العرض والطلب- تجعلها قليلة العرض فيزداد الطلب, شهر يمنعوها في الأسواق, وأنا أتصور الأعزاء الذين عايشين في إيران ما أدري بين مدة ومدة يقولون شاي لا يوجد, الشاي الذي هو ثلاثة آلاف تومان وإذا به عشرة آلاف تومان يباع, الآن الشاي موجود أين؟ فلهذا بالأمس أنا كنت أتابع التقارير تقول بأنه الآن وزارت التجارة فرضت على كل المخازن لمدة خمسة عشر يوم أن تقول ماذا يوجد في مخازنها إذا لم تقل تصادر بعد ذلك, بيني وبين الله على أي أساس تصادر؟ أنا بضاعتي ما أريد أن أبيعها؟ يقول لا لا هذه القضية بنحو شخصي نعم, كل خمسة عشر يوم إلى خمسة عشر لابد أن تعلن كل ما في مخازنك التفت جيداً, وإذا وجدناها بعد ذلك ماذا؟ تصادر, وكل شهر لابد الخمسة عشر الأولى لابد أن تعلن ماذا يوجد في مخازنك؟ هذه على أي أساس, طبعاً أنت إذا تذهب إلى أي دول من الدول الكذا تجد كثيراً من هذه الأحكام والقوانين موجودة لأن هذه قوانين تدبيرية لإدارة المجتمع. لماذا؟ لأنه تعلمون الآن توجد محاولة لتصحيح الأسعار في إيران فالآن التجار الكبار بدؤوا لأنه يوجد سبعة آلاف مخزن منظم في إيران بدؤوا بجمع كل البضائع الموجودة في الأسواق, وأنت تأتي إلى السوق بعد ذلك تجد دهن أو لا تجد دهن؟ التفت جيداً. طيب هذه ضمن أي قواعد هذه تشريعات يعني تشريعات ثابتة, لو كان أمير المؤمنين لو كان الإمام× الآن حاضر ويريد أن يدير العالم بسبعة مليارات إنسان واقعاً توجد عنده أحكام تدبيرية أو لا توجد عنده أحكام تدبيرية؟ أيعقل أنه لا توجد عنده أحكام تدبيرية.

    لعله توجد تتمة إنشاء الله في يوم السبت.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/06
    • مرات التنزيل : 1055

  • جديد المرئيات