نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (119)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    كان البحث في هذه المسألة المهمة والأساسية والسيّالة في كثيرٍ من الأبواب الفقهية, وهي أنه بعد أن ثبت أن إنكار النبوة أو إنكار التوحيد يؤدي إلى أن المنكر يسمى كافراً, بعد ذلك سيتضح أنه لماذا أعبر أنه يسمى كافراً.

    هذا تقريباً لا يوجد خلاف في هذه المسألة, ومرادنا من الكفر هنا هو الكفر بالاصطلاح الفقهي بمعنى تلك الآثار المترتبة على هذه التسمية على هذا العنوان, تعلمون أن الأحكام الشرعية تابعة للعناوين للأسماء, فمتى يسمى الإنسان كافراً ومتى يسمى مسلماً؟ الجواب: أنه إذا أنكر التوحيد أو أنكر نبوة خاتم الأنبياء فهو كافر.

    وهذه مسألة لا خلاف فيها.

    إنما الكلام في أن إنكار الضروري أيضاً يؤدي إلى الكفر كسببٍ مستقل وفيما سبق يتذكر الأعزاء أننا بينا ما هو المراد من الضروري؟ الضروري هو: الأمر الثابت الواضح ثبوته, يعني الذي لا يقع فيه كلامٌ من أحد فإنه ضروري, وهنا لا بأس أن أشير قبل أن أدخل في البحث:

    أن الضروري يختلف حاله فقد يكون حدوثاً وبقاءً مسألة من المسائل وحكم من الأحكام يكون ضرورياً وقد يكون حكم حدوثاً ضروري إلا أنه بقاءً يكون نظري, كما أشرنا في مباحث أو مسألة الإمامة بالمعنى المصطلح عليه عند أئمة أهل البيت, أو عند مدرسة أهل البيت, فإننا ذكرنا بأن الإمامة وإن كانت ضرورية حدوثاً خصوصاً بالنسبة لمن كان محيطاً بالرسول الأعظم’ إلا أنه بعد ذلك لم يثبت أنها من الضروريات وهذا ما صرح به جملة من الأعلام كالسيد الخوئي, الفقيه الهمداني, كلهم قالوا أنها إذا ثبت أنها ضرورية فهي من ضروريات المذهب وليست من ضروريات الدين.

    وهذا يكشف عن أنها حدوثاً كانت ضرورية إلا أنه بقاءً صارت غير ضرورية.

    وقد يكون الأمر بالعكس وهو أنه حدوثاً قد تكون المسألة نظرية ولكن بمرور الزمان تتضح المسألة وضوحاً تصل إلى حد الضرورة, كما نحن نعتقد أنه في زمن ظهور الإمام لا إشكال ولا شبهة أن مسألة الإمامة تكون من أوضح ضروريات الدين ولكن في زمان الظهور, مع أنها في زماننا الآن نظرية ولكنها يمكن أن تكون ضرورية.

    ومن هنا ذكرنا بأن الضروري ليس أمرٌ مطلق بل هو نسبي, قد يكون في زمانٍ واحد بالنسبة إلى قوم شيء ضروري وإلى آخرين نظري وهكذا, هذه مسألة لابد أن يلتفت إليها الأعزة وهي: أن الضروري لابد أن يلتفت إليه أنه يدخل فيه الزمان والمكان والظروف والشروط والتربية والإعلام والسياسية كلها تدخل في جعل مسألة من المسائل ضرورية أو ليست ضرورية.

    فيما يتعلق بإنكار الضروري – نحن مضطرين لإعادة بعض الأبحاث حتى تترابط الأبحاث- فيما يتعلق بإنكار الضروري قلنا بأنه لا إشكال ولا شبهة أنه إذا كان إنكار الضروري يؤدي إلى إنكار أحد الأصلين السابقين فلا إشكال أنه أيضاً يؤدي إلى الكفر, لا لأنه إنكار الضروري بل لأنه إنكار الرسالة أو إنكار التوحيد وإثبات وجود الله (سبحانه وتعالى).

    إنما الكلام في أنه لو لم يؤدي ذلك يعني لشبهة حصلت للشخص لاجتهاد ذهب واجتهد وانتهى إلى نتيجة تخالف ضروري من ضروريات – طبعاً المسألة في بعض الأحيان قد تكون فرضية في بعض الأمثلة ولكن في أمثلة أخرى قد تكون واقعية وصحيحة ولها مصاديق- قلنا في هذه المسألة توجد أقوال ثلاثة:

    القول الأول: وهو لعله أدعيّ عليه الإجماع أن إنكار الضروري مطلقاً سببٌ مستقلٌ للكفر, بغض النظر عن أنه يؤدي إلى إنكار أحد الأصلين المتقدمين أو لا يؤدي, وإنما هو سببٌ مستقل للكفر.

    في مقابل ذلك قالوا – القول الثاني- قالوا: أن إنكار الضروري لا يؤدي إلى الكفر مطلقا, الآن أيضاً أبين في القول الثالث سيتضح المراد من الإطلاق ما هو.

    القول الثالث: وهو الذي نسب إلى العلامة الشيخ الأنصاري – الشيخ الأعظم- حيث فصّل بين القاصر والمقصّر, قال: إذا كان إنكاره ناشئاً عن قصورٍ فإنه لا يؤدي إلى الكفر, أما إذا كان الإنكار – إنكار الضروري- ناشئاً عن تقصيرٍ فإنه يؤدي إلى الكفر, ما هو دليله؟ دليله يقول: إذا كان الإنكار قصورياً لا يعاقب على ذلك, فكيف يمكن أن يعاقب أن يكون الشيء الذي لا يعاقب عليه سبباً لأن يتصف بالكفر, لا يؤاخذ عليه فكيف يكون سبباً للكفر.

    هذا المعنى طبعاً وارد في كتاب الطهارة للشيخ الأنصاري – أنا ما كان عندي كتاب الطهارة أنقل المطلب من المستمسك للسيد الحكيم+_ يقول – طبعاً في الجزء الأول ص380- قال: وشيخنا الأعظم+ فصّل بين المقصّر والقاصر فبنى على الكفر في المقصّر إذا أنكر بعض الأحكام الضرورية, عملاً بإطلاق النصوص والفتاوى – التي قلنا أنها ادعي الإجماع عليها- في كفر منكر الضروري, وعلى عدمه في القاصر لعدم الدليل على سببيّته للكفر – هذا هو الدليل الأول- والدليل الثاني مع فرض عدم التكليف بالتدين بذلك الحكم, لأنه هذا القاصر أساساً كلّف بأن يعتقد بهذا الأمر أو لم يكلّف؟ لم يكلّف لأنه قاصر فإذا لم يكن مكلفاً به كيف يكون إنكاره سبباً لتسميته بالكافر, مع فرض عدم التكليف بالتدين بذلك الحكم ولا العمل بمقتضى ذلك الحكم إذا لم يكن مكلفاً به هل مكلف بتطبيقه أو غير مكلف؟ غير مكلف بمقتضاه, كما هو المفروض, ويبعد أن لا يحرم على الشخص شرب الخمر ويكفّر بترك التدين بحرمته, أصلاً كيف يمكن أنه, افترضوا أنكر ضروري وهو أنكر حرمة شرب الخمر, ومن الواضح أن حرمة شرب الخمر من الضروريات, يقول كيف يمكن أن نتصور أنه لا يحرم عليه شرب الخمر ومع ذلك إذا لم يتدين بالحرمة يؤدي إلى أن يكون كافراً, لا يجتمعان.

    قال: ويبعد أن لا يحرم على الشخص – باعتباره قاصر- أن لا يحرم على الشخص شرب الخمر, أما ويكفّر بترك التدين بحرمته, هو لا يحرم عليه شرب الخمر ولكن إذا لم يعتقد بحرمة شرب الخمر فهو كافر.

    الآن هذا البحث لعله لا حاجة للبحث فيه طويلاً, طيب نفس هذا الكلام إخواني الأعزاء نقوله في الأصل الأول والأصل الثاني, هناك لو فرضنا أنه أنكر الرسالة ماذا؟ قصوراً لا تقصيراً كافر أو ليس بكافر؟ ماذا يقول الشيخ الأعظم؟ لا إشكال يقول أنه كافرٌ, مع أنه قاصر مكلف أو غير مكلف؟ إذن مسألة التكليف في كلام الشيخ+ وقع خلط بين المسألة الفقهية وبين المسألة الكلامية, نحن ليس بحثنا في أنه يعاقب أو لا يعاقب, العقوبة وعدم العقوبة بحث كلامي وبحثنا الآن أن هذا الإنسان مسلم أو ليس بمسلم, بغض النظر عن انه كان معذوراً في الإنكار أو كان مقصوراً وغير معذور في الإنكار, على أي الأحوال.

    إذن عندما قلنا أنه أساساً يحكم بكفر منكر الضروري مطلقا أو لا يحكم بكفر منكر الضروري مطلقا مرادنا من الإطلاق ما هو؟ مرادنا يعني قاصراً كان أو مقصرا, القول الأول والقول الثاني لا يفرق بين أن يكون قاصراً أو مقصرا ذاك الأول يقول بكفره مطلقاً والثاني يقول بعدم كفره مطلقا.

    أما القول الأول:

    فيما يتعلق بالقول الأول يتذكر الأعزة أننا ذكرنا بأنهم استدلوا على ذلك بالإجماع واستدلوا على ذلك بمجموعة من الشواهد – شواهد أربعة أشرنا إليها- واستدلوا على ذلك بمجموعة من النصوص التي أشرنا إليها فيما سبق, وتقدم الكلام عن هذه الأدلة الثلاثة الإجماع والشواهد والنصوص, قلنا أن النصوص على طوائف ثلاث:

    الطائفة الأولى: ما عبر فيها >أدنى ما يكون به العبد مشركا<.

    الطائفة الثانية: وهي التي عبر عنها وهي بلسان >من جحد الفرائض فهو كافر< هذه الطائفة الثانية التي قلنا فيها عنوان الجحود وبينا فيما سبق أن عنوان الجحود بلي من جحد فريضة من الفرائض فهو بالضرورة كافرٌ إذا أخذنا الجحود بالمعنى اللغوي والاصطلاحي للجحود وهو إنكار ما ثبت عند الإنسان إثباته, إنكار ما هو ثابت عنده, طيب إذا كان ثابت أن هذه فريضة وأنكر طيب مآله إلى إنكار الرسالة.

    إذن الطائفة الأولى قد تكون نافعة لأنه لا يمكن أن يكون مشركاً ويكون مسلماً على سبيل الفرض.

    الطائفة الثانية لا تنفعنا لماذا؟ لأنه أخذ فيها عنوان الجحود, وعنوان الجحود ينفعنا أو لا ينفعنا؟ لا ينفعنا لأننا نحن نريد أن نقول بأنه أنكر أعم من أن يكون ثابتاً عنده أو لم يكن ثابتاً, وإلا لو أنكر بعد ثبوت الحكم أنه من الشريعة هذا مآله إلى إنكار الأصل الأول أو الأصل الثاني.

    الطائفة الثالثة التي هي الطائفة المهمة من هذه الطوائف هي التي بلسان >من ارتكب كبيرةًً وزعم أنها حلالٌ أخرجه من الإسلام إلى الكفر<.

    هذه هي الطوائف الثلاث.

    قلنا لكي يجاب أو لكي نجيب يتضح الحال في هذه الطوائف لابد من تأسيس أصل, هذا الأصل وإن كان الآن يهمنا في هذا البحث ولكن أعزتي في كل الأبحاث العقائدية وفي كل الأبحاث الفقهية هذه المسألة نحن نحتاج إليها.

    وهو الوقوف على أنه ما هو المراد من الكفر, ما هو المراد من الشرك, ما هو المراد من الإسلام, ما هو المراد من الإيمان, ونحو ذلك.

    بعبارة أخرى: أن النصوص التي عندنا عندما تقول كافر, هل المراد كلما أطلقت الكافر تريد الكافر بالمعنى الذي يقابل الإسلام أو أنه ليس كذلك.

    إن كان هذا وهو أنه كلما أطلقت فهو كافر يعني ما يقابل الإسلام الاصطلاحي, هذا معناه لا فقط منكر الضروري, بل أكثر المسلمين هم كفّار لماذا؟ لأنه في الروايات أطلق على المرائي أيضاً كافر, أطلق على المرتشي أيضاً كافر, أطلق على العاصي أيضاً كافر, أطلق على من لم يشكر أيضاً منكر النعمة أيضاً كافر, أطلق على من ترك فريضة من الفرائض أطلق عليه في القرآن أنه كافر, {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا… ومن كفر} يعني ماذا {ومن كفر} يعني من أنكر وجوب الحج؟ لا أبداً, ومن أنكر يعني من لم يقم بوظيفته الشرعية, طيب أطلق على من لم يقم بوظيفته الشرعية أطلق عليه الكافر.

    إذن أعزائي الكرام, لا يمكن لفقيه – التفتوا إلى هذه الحقيقة- لا يمكن لفقيه أن يلتزم كلما ورد عنوان الكافر اريد به الكافر ما يقابل الإسلام, أصلاً غير معقول هذا.

    ولكن مع الأسف الشديد بعض فقهائنا – قدس الله أنفسهم- التزموا أنه كلما ورد عنوان الكفر, كلما ورد عنوان الشرك, وإلا كما قلنا أنه كلما ورد عنوان الشرك يعني اسم المشرك عنوان المشرك كلما ورد إذا كان هو الشرك الحقيقي, إذن {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} طيب إذا ضممت إلى هذه الآية قوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك} إذن أكثر المؤمنين الله يغفر لهم أو لا يغفر لهم؟ آخر هذه من اللوازم من المسلم أنه لا يمكن الالتزام بها.

    إذن من الواضح كما أشرنا في البحث السابق يعني قبل التعطيل, قلنا بأنه أساساً قول بعضنا لبعض لولا فلان لهلكت, أن الإمام قال هذه من مصاديق الشرك, طيب بيني وبين الله إذا كان من هذا المصاديق طيب يطبق عليه أحكام المشرك, طيب تعالوا أنتم إلى الفقه أنظروا أحكام المشرك ما هي أشد من أحكام الكافر, وهل يلتزم فقيه بذلك؟

    ولذا تجدون أن السيد الخوئي+ في التنقيح أشار إلى هذه القضية إجمالاً, طبعاً وأنا أتصور بأنه تحتاج إلى تفصيل أكثر, في التنقيح الجزء الثالث ص63, قال: الذي هو المقصود بالبحث في المقام وذلك لأن للكفر مراتب عديدة, أو قولوا أن للكفر إطلاقات متعددة, قد يطلق وبعد ذلك سيتضح أن هذا الإطلاق هو على نحو التوصيف أو على نحو التسمية وهذا الذي لم يميزه الأعلام جيداً في كلماتهم, الإطلاق إخواني الأعزاء – فقد قاعدة أقولها لكم لأنها تنفعنا كثيراً في الأمور العقائدية والفقهية- الإطلاق الاستعمال أعم من التوصيف والتسمية, والذي هو المدار هو التسمية وليس التوصيف.

    هذا حتى في مباحث التوحيد أيضاً لها آثار عجيبة, يطلق على الله زارع أو لا يطلق؟ القرآن ماذا يقول؟ يقول: {أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون} طيب أنت جنابك ارفع يدك وقل يا زارع يا زارع … يمكن أو لا يمكن؟ تقول طيب هذا القرآن يقول: {أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون} الجواب: نقول بأنه هذا على نحو التوصيف بيان فعلٍ من أفعاله لا على نحو التسمية, ولذا قالوا أن الأسماء الإلهية توقيفية لا توصيفات الله وصفاته توقيفية, هذا البحث الفقهي الكلامي المعروف قالوا أن أسماء الله توقيفية يعني لابد أن تأتي من الشارع, وليس التوصيف التوصيف واردٌ, ولكن التوصيف أنت تصف الله بأنه ماذا؟ {إن الله لا يستحيّ} تستطيع أن تجعل اسم من لا يستحي وتسمي به الله (سبحانه وتعالى)؟ طيب صريح القرآن يقول {الله لا يستحي}.

    التفتوا جيداً إخواني الأعزاء إذن جداً مهم, الأعلام جاؤوا وجدوا أنه في الروايات توجد إطلاقات ولكن ما ميزوا لنا الضابط ما هو؟ هذا الذي سوف إنشاء الله أقف عنده مفصلاً وهو أنه لابد من التمييز بين التسمية وبين التوصيف, والروايات قد تطلق على شخص كافر ولكن بنحو التوصيف لا بنحو التسمية, هذا ضابطه سيأتي, وهذه النكتة الأساسية والمركزية في البحث التي لابد أن نقف عندها. جيد.

    يقول: بأنه إن للكفر مراتب عديدة – الآن هذا تعبير مراتب فيه بحث المهم- منها ما يقابل الإسلام وهذا هو محل الكلام أنه مسلم وكافر والأبحاث الفقهية مترتبة على هذه الأمور.

    يقول: ويحكم عليه بنجاسه وهدر دمه وماله وعرضه – طبعاً وليس مطلقاً إذا لم يكن ذميّاً- وإلا إذا كان ذميّاً قواعد أخرى لا بهذا الإطلاق الموجود.

    ومنها: ما يقابل الإيمان, ويحكم بطهارته واحترام ماله يعني نقول كافر ومرادنا ليس بأنه ليس بمسلم وإنما مرادنا ليس بمؤمن.

    ومنها: ما يقابل المطيع, نقول كافر وليس مرادنا من الكافر يعني ليس بمسلم, بل مرادنا من الكافر ليس بمطيع, يعني عاصي.

    ومنها: في بعض الروايات, ومنها: ما يقابل المطيع ويقال أن العاصي كافرٌ وقد ورد أنه {إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفورا}. وورد في بعض الروايات كذا, ومنها, ومنها, يشير إلى أقسام من هذه الأبحاث التي إنشاء الله الإخوة الأعزاء يراجعون ذلك.

    إخواني الأعزاء كما أنه بقرينة المقابلة فهمنا أن للكفر إطلاقاتٌ متعددة بطبيعة الحال سوف يكون الإسلام أيضاً له إطلاقات متعددة, وبطبيعة الحال أن الإيمان أيضاً يكون له إطلاقات متعددة.

    إذن إذا يتذكر الأعزة فيما سبق نحن وقفنا عند هذه النقطة, نقول بأنه نعم, من لم يؤمن بولاية أئمة أهل البيت مؤمن أو ليس بمؤمن؟ ماذا قلنا؟ قلنا: بمعنىً من معاني الإيمان مؤمن, وبمعنىً آخر ليس بمؤمن, إذا أخذنا في الإيمان قيد وشرط الإيمان بأئمة أهل البيت, بهذا المعنى من الإيمان مؤمن أو ليس بمؤمن؟ ليس بمؤمن, ولكن إذا لم نأخذ هذا القيد فهو مؤمن أو ليس بمؤمن؟ نعم مؤمن, وهكذا, وهكذا.

    ولذا تجد أنت عندما ترجع إلى الآيات القرآنية بشكل واضح وصريح عندما يطلق الإسلام يطلق الإسلام باعتباراتٍ متعددة بإطلاقاتٍ متعددة, أنظروا إلى الآيات القرآنية قبل أن نأتي إلى الروايات, الآيات القرآنية قال تعالى: {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم} إذن من لم يدخل الإيمان في قلبه.

    يعني بعبارة أخرى: من ناحية الثبوت والجنان والباطن مؤمن أو كافر؟ كافر, ولكنه أقر بالشهادتين ظاهراً مسلم أو ليس بمسلم؟ طيب هذه درجة من درجات, هذا إطلاق من إطلاقات الإسلام والأحكام كلها جارية الفقهية على ماذا؟ على هذا العنوان على هذه التسمية, وهو الإسلام الذي اصطلحنا عليها الإسلام الظاهري.

    ومنها: في سورة الجن قال تعالى: {فمن أسلم فأولئك تحرّوا رشدا} عجيب هذا رشد يوجد هنا, إذن يمكن أن يكون نفس الإسلام الذي في الآية السابقة أو لا يمكن؟ يعني الذي لم يدخل الإيمان في قبله واقعاً {تحرّوا رشدا} أو لم يتحرّوا رشدا؟ لم يتحرّوا, هنا أيضاً أطلق الإسلام وأريد به {تحرّوا رشدا}.

    أو قوله تعالى في سورة آل عمران {فإن أسلموا فقد اهتدوا} هذا الإسلام نفس ذاك الإسلام الذي {ولما يدخل الإيمان في قلوبكم} أو غير ذاك الإسلام؟ من الواضح أن هذا الإسلام غير ذاك الإسلام إطلاق آخر.

    أساساً في آل عمران الآية 19 يقول: {إن الدين عند الله الإسلام} طيب جيد هذا الإسلام الذي هو الدين ما هو؟ أين بُيّن؟ بُيّن في سورة المائدة في الآية 3 من سورة المائدة قال تعالى: {بسم الله الرحمن الرحيم} في سورة المائدة كما هو واضح للأعزة جميعاً الكل يعلمون الآية المباركة وهي قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} هذا الإسلام ماذا من شروطه ومن مقوماته؟ هذا رضيت به الإسلام دينا, مقوماته ما هو؟ الإيمان بأهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

    إذن تنظرون إطلاقات الإسلام في القرآن واحدة أم متعددة؟ متعددة, من لم يؤمن بقلبه أصلا مسلم, هذا اجعلوه في طرف, والطرف الآخر إن الإسلام لا يتحقق إلا بولاية علي بن أبي طالب, وما بينه كلها درجات الإسلام. ما أدري واضح أم لا.

    إذن صريح القرآن الكريم عندما أطلق الإسلام أطلقه بإطلاقٍ واحد أو بإطلاقاتٍ متعددة, بإطلاقاتٍ متعددة؟ إذن لا يحق لنا مباشرة إذا بمجرد أن قال لنا الرواية قالت كافر, نقول المراد الكفر الذي هو الخروج من الإسلام, لا لا أبداً, قد يطلق الكافر في مقابل المعنى الأول, نعم خروج من الإسلام, أما إذا أطلق الكافر في مقابل المعنى الثاني للإسلام خروج أو ليس خروج؟ ليس خروج, في المعنى الثالث خروج أو ليس خروج؟ ليس خروج, في المعنى الرابع خروج أو ليس خروج؟ ليس خروج.

    ولذا تجدون أن الروايات عندما تكلمت عن هذا بشكل واضح وصريح عندما جاءت إلى الإسلام عبرت عن الإسلام بتعبيراتٍ متعددة.

    انظروا إلى هذه الروايات الواردة في أصول الكافي الجزء الثالث ص74 من الجزء الثالث يعني بعبارة أخرى الطبعات الموجودة بأيديكم الجزء الثاني ص26 الرواية 1515 عن الباقر× عن أبي جعفر× قال: >والإسلام ما ظهر من قولٍ أو فعلٍ وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها, وبها حقنت الدماء وعليه جرت عليه المواريث وجاز النكاح واجتمعوا على الصلاة والزكاة والصوم والحج فخرجوا بذلك من الكفر<.

    الآن هذا فيه إيمان قلبي أو لا يوجد؟ قد يكون فيه وقد لا يكون. إذا كان فيه فهو درجة من درجات الإيمان, إن لم يكن فيه فهو إسلام بلا إيمان, هذه درجة من درجات الإسلام أشارت إليه الروايات.

    الدرجة الثانية: وهو ما ورد في هذا الجزء أيضاً ص118 الحديث 1537 قال: الرواية عن الإمام الصادق× >قال: قال رسول الله الإسلام عريان فلباسه الحياء وزينته الوفاء ومروئته العمل الصالح وعماده الورع ولكل شيء أساس وأساس الإسلام حبنا أهل البيت<.

    بينكم وبين الله هذا الإسلام نفس ذاك الإسلام الذي أشارت إليه الرواية الأولى؟ لا أساساً أضافت قيود كثيرة ومع ذلك عبرت ما هو؟ إسلام.

    رواية أخرى: >عن الإمام الجواد قال: قال: أمير المؤمنين, قال رسول الله إن الله خلق الإسلام فجعل له عرصةٌ وجعل له نوراً وجعل له حصناً وجعل له ناصراً فأما عرصته فالقرآن وأما نوره فالحكمة, وأما حصنه فالمعروف وأما أنصاره فأنا وأهل بيتي وشيعته< طيب هذا الإسلام غير ذاك الإسلام الذي أشار.

    بل أكثر من ذلك أنظروا إلى هذا الإسلام الذي يبينه الإمام أمير المؤمنين وهي في ص117 وهي بعبارة أخرى: الجزء الثاني ص46 قال أمير المؤمنين >لأنسبنّ الإسلام نسبةً لم ينسبه أحد قبلي ولا ينسبه أحدٌ بعدي إلا بمثل ذلك< فيستطيع أن يزيد أحد على هذا التعريف أو لا يستطيع يعني واقعاً هنا إذا عبر الإمام بما لا مزيد عليه هذا له مصداقه الواقعي. الإمام يقول: لأعرفنّ الإسلام تعريفاً يمكن أن يزيد أحد شيء عليه أو لا يمكن؟ لا يمكن.

    >إن الإسلام هو التسليم, والتسليم هو اليقين, واليقين هو التصديق, والتصديق هو الإقرار, والإقرار هو العمل, والعمل هو الأداء, إن المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه ولكن أتاه من ربه فأخذه, إن المؤمن< سؤال: طيب هذه إذا كانت الإسلام المصطلح بينكم وبين الله مَن من المسلمين واصل إلى درجة اليقين؟ الذي يقول الإمام الرضا >وأقل ما قسّم بين العباد اليقين< إذن نحن كلنا ماذا نصير؟ خارج الإسلام, كلنا كفار, يقبل أحد هذا اللازم؟

    إذن أعزائي لابد أن ننظر إلى الرواية عندما تتكلم عن إسلام إسلام إسلام وما يقابله لا نسوق الروايات بسوق واحد بفهمٍ واحد بإطلاق واحد باستعمالٍ واحد لا يصح ذلك.

    إذن على هذا الأساس اتضح طبعاً الإخوة أرادوا أن يراجعوا هذا البحث السيد الطباطبائي& أشار إلى مراتب الإسلام في القرآن بحث دقيق وقيم وعميق جداً في الجزء الأول من الميزان, الإخوة الذين يريدون أن يراجعونه البحث مفصل جداً وأنا لا يوجد عندي وقت لأطالعه, في ص301 في ذيل الآية 130 إلى 134 من سورة البقرة يقول: أن الإسلام والتسليم والاستسلام بمعنىً واحد من السلم يقول وله مراتب, الأولى من مراتب الإسلام القبول لظواهر الأوامر والنواهي بتلقي الشهادتين لساناً سواءً وافقه القلب أو خالفه, {ولكن لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا} طيب في مقابل هذا الإسلام ماذا يوجد؟ الشهادتين مع الإيمان بالقلب.

    يقول المرتبة الثانية من الإسلام ما يلي المرتبة الأولى من الإيمان يعني قد يسمى بعد المرتبة الأولى من الإيمان يسمى أيضاً مسلماً وهذا المسلم الذي هو بعد المرتبة الأولى من الإيمان يقابله إيمان خاص به والمرتبة الثالثة ما يلي الإيمان بالمرتبة الثانية, والمرتبة الرابعة ما يلي الإيمان بالمرتبة الثالثة. أنظر إلى قوله تعالى: {قال له} الله يخاطب مَن؟ إبراهيم شيخ التوحيد, {قال له أسلم} عجيب يعني إلى ذاك الوقت إبراهيم كان كافراً بعده؟ أيوجد أحد يستطيع أن يفهم هذا المعنى من الآية المباركة, {قال له أسلم قال أسلمت} الآن {قال أسلمت لرب العالمين} هذا أي إسلام الذي الله يأمر إبراهيم الخليل وإبراهيم الخليل أيضاً ماذا يطيع يقول {أسلمت} نعم هذا الإسلام الأول الثاني الثالث, هذه أعلى مراتب التسليم والانقياد والطاعة لله (سبحانه وتعالى) إذا فسرنا الإسلام بذاك المعنى فلا يبقى عندنا مسلم أصلاً. واضح هذا المعنى هنا.

    إذن فتحصل إلى هنا أعزائي, والوقت أيضاً مع الأسف الشديد لا يسعني لكي أدخل في ذاك الأصل للتمييز بين هذه المسائل.

    إذن أعزائي إلى هنا انتهينا إلى هذه النكتة الأساسية وهي أنه الروايات عندما تعبر كافر, عندما تعبر مشرك, عندما تقول مسلم, عندما تقول مؤمن, لابد أن لا تساق كلها سوقاً – إن صح التعبير- أن لا تساق جميعاً سوقاً فقهيا هذا ليس, لأنه الإسلام بحسب الاصطلاح الفقهي له اصطلاحه الخاص وهو من أقر بالشهادتين ظاهراً سواء وافقه الباطن أو, هذا هو الإسلام الأصل الأول الأصل الثاني, هذا هو الإسلام الفقهي, في الروايات عندما نتكلم إسلام وغير إسلام هل كلها تتكلم عن الإسلام الفقهي أو أنه بعضها عن الإسلام الفقهي وبعضها عن غير الإسلام الفقهي؟ إذن أنت كفقيه ينبغي عندما تدخل إلى النصوص وتجد أنه عبرت هذا ليس بمسلم هذا كافر هذا ليس بمؤمن هذا كذا لابد أن تلتفت جيداً أنه أي إسلام وأي إيمان يريد أن يتكلم عنه.

    هنا تأتي تلك القاعدة التي أشرنا إليها, وهي أنه إخواني الأعزاء لكي نميز بين هذه النصوص جيداً لابد أن نذكر لذلك ضابطة ما هي هذه الضابطة, وهي: أن الروايات عندما أطلقت الكفر أو الإسلام أو الإيمان ونحو ذلك لابد أن نرى أنه تصح التسمية مع التوصيف أو توصيف بلا تسمية.

    أنا دعوني أبيّن القاعدة بشكل أوضح, أعزائي كلما صحت التسمية صح التوصيف, هذه قاعدة عامة, إذا صح أن تقول يا فلان بنحو التسمية تقول يا عادل, تقول يا مؤمن, تقول يا قائم … إذن التسمية تستلزم التوصيف يعني إذا لم يكن متصفاً بهذه الصفة لا يمكنك أن تسميه بهذا الاسم ولا عكس وليس كلما صح التوصيف صحت التسمية, فإنه في كثيرٍ من الأحيان كما قرأنا بعض الآيات القرآنية وكما في هذه الآية المباركة في سورة آل عمران الآية 49 من سورة آل عمران بالنسبة إلى عيسى (على نبينا وعليه آلاف التحية والثناء) في آل عمران الآية 49 قال: {ورسولاً إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآيةٍ من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير, فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله, وأبرأ الأكمه والأبرص, وأحيي الموتى بإذن الله, وأؤنبأكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم, إن في ذلك لآيةٍ لكم إن كنتم مؤمنين} انظروا الآن كم وصف ورد لعيسى؟ الوصف الأول أنه يخلق, الوصف الثاني أنه يحيي, الوصف الثالث أنه يخبرهم بالغيب, هذه ثلاثة أوصاف, سؤال: هل يصح أن نخاطب عيسى أو غيره من أولياء الله من الأنبياء يا خالق يا محيي يا عالم الغيب أو لا يصح؟ ما أدري واضح أم لا؟ الجواب: كلا وألف كلا, هناك نهيٌ أصلاً.

    ولذا تجدون الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) تنفي عن أنفسهم علم الغيب, التفتوا واحدة من الوجوه التي ذكرت للجمع بين أنهم يخبرون عن كل شيء بالغيب وينفون عن أنفسهم بالغيب يقولون على نحو التسمية فهي لمن؟ فهي لله, نعم على نحو التوصيف فهي ثابتة لنا, لا يحق لنا أن نخاطب إماماً أو نبياً نقول له يا عالم الغيب, لماذا؟ لأن هذا الاسم من مختصات من أسمائه المختصة به (سبحانه وتعالى) والعكس بالعكس, التفتوا جيداً, بعض الأحيان يصح أن نصف الله بشيء ولا يصح أن نسميه, كما وجدنا قلنا بأنه أساساً الله يصف نفسه يقول {أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون} ولكن لا يحق لك أن تقول يا زارع, لماذا؟ لأن اسم الزارع فيه إيهامُ الكمال أو إيهام النقص؟ إيهام النقص فلا يصح أن يسمى بها وإن كان يصدر منه هذا الفعل. ما أدري واضحة هذه القضية.

    نفس هذا البيان أعزائي الكرام هو أنه إذا صح التمييز جيداً بين التسمية وبين التوصيف فليس كل توصيفٍ يستلزم ماذا؟ التسمية, هنا نأتي إلى بحثنا وهو أنه لنرى بأنه الأحكام التي رتبت على الكفر والإسلام هل رتبت على التوصيف أو رتبت على التسمية؟ لابد أن نميز, هذا إنشاء الله في غد.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/06
    • مرات التنزيل : 1117

  • جديد المرئيات