نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (127)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    إنشاء الله تعالى بعد بعض المقدمات التمهيدية المختصرة سندخل بإذن الله تعالى في بحث الخمس.

    ولكنه قبل الدخول إلى هذا البحث وإلى هذا الباب وإلى هذه الفريضة الإلهية أتصور بأنّ الإخوة الأعزاء لا يخفى عليهم أهمية هذه الفريضة المالية.

    هذه الفريضة المالية لا أقل بالنسبة إلينا في الحوزات العلمية تشكل أهمية خطيرة وذلك لجهتين:

    الجهة الأولى: أنها هي المنبع تقريباً الوحيد لإدارة الحوزات العلمية, تعلمون جيداً بأنه لا يوجد هناك منبعٌ ثابت لإدارة الحوزات العلمية, في النتيجة أي مؤسسة من المؤسسات وأي مركز وأي دولة وأي مجتمع يحتاج إلى منابع مالية, ومن الواضح أن الحوزات العلمية على طول التأريخ ليس لها منبعٌ ثابت في الجملة, إنما أقول في الجملة باعتبار أنه إذا كان الوضع الاقتصادي جيداً فهذا المنبع يكون جيداً, وإذا كان الوضع الاقتصادي سيئ ورديء فبطبيعة الحال ينعكس سلباً على هذا البعد المالي.

    إذن يُعد من جهة الخمس هو المنبع الأصيل والوحيد بالنسبة إلى إدارة الحوزات العلمية في البُعد المالي.

    ولكنه الذي أعطى للخمس أهمية استثنائية هو أن هذا المنبع وأن هذه الفريضة استطاعت تقريباً على مر تاريخ الحوزات العلمية في تاريخها الطويل أن تحافظ على استقلالية قرار الحوزة, وهذه نقطة أساسية ومركزية في الحوزات العلمية أعزائي.

    يعني لو تلقون أنتم نظرة خاطفة إلى المؤسسات الدينية والمراكز والحوزات والجامع في الواقع السنّي وعند علماء أهل السنة تجدون الفارق الكبير في القرارات التي تصدر من هاتين المؤسستين الدينيتين.

    أنتم تجدون أن تلك المؤسسات التي بشكل أو بآخر ترتبط مالياً بالنظم السياسية بطبيعة الحال سوف تكون قراراتها قرارات متأثرة بشكل أو بآخر بتلك النظم, ولا أحتاج إلى ذكر الأمثلة باعتبار أن الأعزة لو يلقون نظرة خاطفة حولنا على الدول الإسلامية يكتشفون ذلك.

    ومن هنا أعتقد شخصياً أن هذه الخصوصية التي امتازت بها حوزات مدرسة أهل البيت تُعد من أهم الخصوصيات والامتيازات التي رافقت حوزاتنا العلمية على مر التاريخ, وهو أنها كانت غير متأثرةٍ بمن يحكم النظام السياسي سواء كان موافق أو كان مخالف, أو سواء كان ينهج نهجها أو لا, فإن الحوزات العلمية حاولت أن تحتفظ باستقلالية قرارها, الآن في أي بعد كان ذلك القرار سياسياً كان أو غير سياسي.

    وأنا أتصور أن واحدة من أهم مقومات هذه الاستقلالية هو الاستقلالية في البعد المالي, وإلا لو كنا تابعين في البعد المالي لأي جهةٍ أو مؤسسةٍ أو نظامٍ فإنه بطبيعة الحال سوف ينعكس ذلك على قرار الحوزة.

    إذن أعزائي مسألة الخمس مسألة كما قلت خصوصاً في زماننا, مسألة أساسية طبعاً في كل الأزمنة كان كذلك ليس فقط في زماننا, ولكنه في زماننا تتجلى هذه المسألة بشكل واضح وصريح.

    أما هذه مقدمة تمهيدية مختصرة لأهمية هذه الفريضة.

    هنا في الواقع لابد من البحث في عدّة أبعاد:

    البعد الأول: الذي لابد أن نقف عنده ولو قليلاً وهو أن هذه الفريضة هل أن أصلها قرآني أو أن أصلها روائي؟

    الآن قد يقول قائل بأنه: سيدنا ما الفرق سواء كان قرآنياً أو كان روائياً؟

    الجواب: لا, الآن تجدون في هذا العصر هناك محاولات حثيثة لتضعيف تلك المعارف وتلك المفردات المعرفية التي ليس لها أصل قرآني, أنا أتصور أيضاً الأعزة بإمكانهم أن يلاحظوا الآن الفضائيات والقنوات هناك إصرار على إثبات مثلاً أن الإمامة ليس لها أصل قرآني لماذا؟ باعتبار أنه تلك القدسية التي توجد في أذهان الناس بالنسبة إلى القرآن بطبيعة الحال تلك العظمة والقدسية والأهمية الموجودة للقرآن بطبيعة الحال لا توجد للرواية, خصوصاً إذا كانت تلك الرواية مختصة بطائفة دون أخرى أو بفريقٍ دون آخر.

    وأتصور أنتم الآن في الآونة الأخيرة تجدون أن الهجمة الأساسية على مدرسة أهل البيت تتلخص في واحدة من محاورها مسألة الخمس, لأنهم عرفوا أهمية هذا العنصر في قوام وتأثير هذا العنصر في الحوزات العلمية, في ثبات وبقاء مدرسة أهل البيت, في انتشار مدرسة أهل البيت, في استقلالية القرار الموجود للحوزات العلمية, ولهذا تجدون السهام الآن موجهةٌ إلى هذه الفريضة لبيان أنه ليس لها أي أصل قرآني ولا يمكن الاستناد إلى القرآن في هذه القضية.

    وكذلك من باب الإشارة أنتم تجدون لعله في هذه السنة, يعني أول السنة الهجرية, كان هناك تركيز على مسألة الشعائر الحسينية للتشكيك فيها وللتضعيف ونحو ذلك وآثار ذلك ايضا بدأت تظهر في بعض المحافل, نحن عندما تأتينا جملة من الأسئلة واحدة من الأسئلة التي تأتي أساساً ما الدليل على وجوب الخمس؟ طيب لا يسألنا أحد أنه ما الدليل على وجوب الصلاة, على وجوب الصوم على وجوب وإنما الأسئلة ماذا؟ ما الدليل على وجوب الخمس؟ هذا يكشف عن أن هناك هجمة خاصة على هذه المسألة, على أي الأحوال.

    هنا لابد أن يلتفتوا الإخوة لا يتبادر إلى ذهن الإخوة أن هذه قضايا هامشية أبداً وإنما هي قضايا مدروسة معمقة لهذه القضية حتى أنه يقفوا أمام أولاً: بقاء مدرسة أهل البيت بهذه القوة, وكذلك أمام انتشار مدرسة أهل البيت, على أي الأحوال.

    هذه القضية أعزائي (اللهم صل على محمد وآل محمد) هذه القضية أعزائي قضية أساسية وهي أن الخمس الذي يعتقد أو تعتقد به مدرسة أهل البيت هل لها أصل هل أن للخمس أصل قرآني أو لا يوجد لذلك أصل قرآني؟

    كما قلت: لا فقط للآخر, بل حتى لتقوية خطابنا داخل أتباع مدرسة أهل البيت, هذه القضية إخواني الأعزاء لابد أن أهل العلم أعزائنا الطلبة المبلغين الخطباء الذين يخرجون على الفضائيات لابد أن يتسلحوا بهذه المسائل, الآن الأسئلة بدأت تتوجه بهذا التوجه لابد أن تكون ثقافة الأعزة بهذا التوجه حتى لا يؤخذوا على حين غِرة في مثل هذه المسائل.

    بحمد الله تعالى …على أي الأحوال.

    بحمد الله تعالى هذه المسألة لها أصلٌ قرآني واضح كما هو في الآية 41 من سورة الأنفال, قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

    هذه الآية المباركة أعزائي قبل أن أبين الخصوصيات التي اشتملت عليها هذه الآية, هناك مجموعة من النكات تبيّن لنا عظمة بحث الخمس في هذه الآية, لعلنا لا نجد نظيراً لهذه الآية في آيات الأحكام, التفتوا إلى هذه النكتة.

    كما تعلمون بأن آيات الأحكام كثيرة في القرآن يدور الأمر بين خمسمائة آية وألف آية, على اختلاف كلمات من كتبوا في آيات الأحكام وهو أنه خمسمائة, ستمائة, سبعمائة, أقل أكثر, المهم يدور بين الخمسمائة وألف آية في آيات الأحكام الفقهية.

    هذه الآية وهي آية الخمس لها خصوصية بين جميع هذه الآيات, أنا أشير إلى بعض الامتيازات الموجودة في آية الخمس التي لا نظير لها في آيات أو قل نظيرها في آيات الأحكام الفقهية في القرآن الكريم.

    النكتة الأولى: في هذه الآية المباركة, أن الآية عبرت قالت: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} هذه تعبير {وَاعْلَمُوا} في القرآن الكريم يعني الأمر بتحصيل العلم بهذه القضية, نحن عندما نرجع إلى الآيات القرآنية تقريباً وبحسب التتبع الناقص, لم نجد آية في القرآن تتعلق ببحث الأحكام وصدّرت بقوله: {واعلموا} نعم في المسائل العقدية, وفي المسائل المرتبطة بالأمور الإيمانية, بمسائل التوحيد, بمسائل علم الله, بمسائل المعاد, نعم هناك آيات كثيرة بينّت {واعلموا}.

    مثلاً على سبيل المثال: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} طيب هذه مسألة التوحيد ومن الطبيعي أنه يوجد هناك أمرٌ بتحصيل مثل هذا العلم. في سورة محمد’ الآية 19.

    وكذلك في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} في مسألة المعاد, طيب بطبيعة الحال من الواضح أن المعاد له أهمية خاصة في القرآن الكريم, ولذا صدّرت الآية بـ{وَاعْلَمُوا} في سورة البقرة 203.

    أو في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} إثبات علم الله (سبحانه وتعالى) وإحاطة علمه بكل شيء, في البقرة 231.

    وكذلك في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}.

    إذن الامتياز الأول في آية الخمس أنها مصدّرة بقوله ماذا؟ بقوله: {واعلموا} وهذا إن دل على شيء فلا أقل يدل على أهمية هذه الفريضة الإلهية وعظمتها, ولذا أمرنا بتحصيل العلم بها لا أنها جزافية.

    النكتة الثانية: الموجودة في هذه الآية المباركة هي: أنه – الآن نكات كثيرة هي ولكن أنا أستخلص للأعزة النكات المهمة- النكتة الثانية: هي قوله: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} طيب نعلم جميعاً أن كل شيء كل ما في السموات والأرض فهو لله (سبحانه وتعالى). لماذا أن هذه الآية فقط قالت في الخمس {فأن لله خمسه} يعني في باب الصلاة الله (سبحانه وتعالى) ما قال فإن لله كذا, قال: {يقيمون الصلاة}, {أقاموا الصلاة} في باب الزكاة قال ماذا؟ قال: {يؤتون الزكاة}, {آتوا الزكاة} حتى في باب الحج قال: {لله على الناس} لم يقل لله الحج, قال: {لله على الناس حج البيت} أما هنا الآية المباركة ماذا قالت؟ قالت: {فأن لله خمسه} طيب بينكم وبين الله إذا كان ثبت أن هناك حق في أموالنا أو ملك في أموالنا ومالكه من؟ مالكه هو الله (سبحانه وتعالى), فرق كبير أن هذا المال يكون ملك زيدٍ وعمر في أموالنا, وبين أن يكون هذا المال مالكه من؟ مالكه هو الله (سبحانه وتعالى) بطبيعة الحال, مخالفة مثل هذا الأمر ومثل هذه الفريضة الإلهية من الواضح أن العقوبة فيها مشدّدة تختلف عن عقوبةٍ أخرى ليس فيها مثل هذا التأكيد, وهذه هي النكتة الثانية في الآية المباركة.

    الآية الثالثة – طبعاً الآن هناك بحث أن هذه اللام أي لام, لعله إنشاء الله تعالى في الأبحاث القادمة نوفق إنشاء الله تعالى للوقوف عندها- طبعاً يكون في علمكم في القرآن الكريم هذه مسألة لله في موارد معدودة جاءت من قبيل قوله تعالى: {إنا لله وإنا إليه راجعون}.

    النكتة الثالثة: التي يمكن الاستفادة منها أو بيان عظمة هذه الفريضة الإلهية المالية هي: أنه في ذيل الآية المباركة يوجد قوله تعالى: {إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا} يعني أن من لوازم الإيمان بالله (سبحانه وتعالى) ماذا؟ هذه الفريضة الإلهية, وأنت إذا نظرت إلى هذا اللازم أو نظرت إلى هذه النكتة تجد انه القرآن الكريم هذه النكتة دائماً لا يشير إليها في موارد مخصوصة يشير إليها ومنها هذا المورد {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم, فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} يعني أن الإيمان بالله وباليوم الآخر من أهم لوازمه من أهم آثاره, من أهم تجلياته ومظاهره أين يظهر؟ يظهر في هذا البعد وهو امتثال هذا الأمر الإلهي, سواء كان على مستوى {أطيعوا الله} أو على مستوى {أولي الأمر منكم} عفواً, على مستوى إطاعة أولي الأمر, أو على مستوى إعطاء هذه الفريضة الإلهية والامتثال لها, هذه أيضاً تبين لنا عظمة هذه المسألة.

    ولذا أنا لا أحتاج واقعاً أن أقول هذه الكلمة التي ذكرها بعض المفسرين وهو أن مثل هذا اللسان بمثل هذه النكات وبمثل هذه الخصوصيات لا يمكن لأحدٍ أن يدعي أن هذه الفريضة مربوطة بزمانٍ معين بمكانٍ معين يعني مربوطة بظروف خاصة قد توجد وقد ماذا؟ يعني هذا اللسان من أوضح ألسنة إثبات القسم الأول والنحو الأول من الأحكام يعني الأحكام الشرعية الثابتة التي تشكل جزءً من الشريعة. ما أدري واضحة هذه النكتة.

    ولذا السيد الطباطبائي& عندما يأتي إلى هذا المعنى في الجزء التاسع في ص91 يعني في ذيل هذه الآية المباركة يقول وظاهر الآية, طبعاً لا يشير إلى أي نكتة من هذه النكات التي أشرنا إليها, ولكنه يقيناً أن هذه النكات كانت في ذهنه أو لعله عرض لها في محلٍ آخر, يقول: وظاهر الآية أنها مشتملة على تشريعٍ مؤبد, لا يتبادر إلى الذهن زمان ومكان وظروف وأحكام ولائية – تتذكرون- نحن قلنا مجموع أحكام أنحاء متعددة بعضها النوع الأول هي أحكام ماذا؟ الثابتة التي هي حلاله حلال إلى يوم القيامة, وحرامه حرام إلى يوم القيامة, يعني يمكن أن تتبدل أو لا يمكن؟

    طبعاً الآن نتكلم في الخمس بنحو القضية المهملة أما مصاديق الخمس منابع الخمس من أين؟ ذاك بحث آخر, التفتوا جيداً, لا يأتي خلط ويخلط شخص ويقول بأنه تريد أن تقول كلها نحن نجد أنه وقع الاختلاف في بعض الأمور, لا, هذا الاختلاف واقع في منابع الخمس لا في أصل وجوب الخمس بنحو القضية المهملة الآن, الآن كلامنا أنه هذه الفريضة كما أن الصلاة ركن ثابت لا يتغير وإن كانت تختلف كيفياته ظروفه شروطه ولكنه لا يوجد عندنا ظرف لا يوجد فيه صلاة, كذلك الخمس, كذلك الحج, كذلك الصوم, وهكذا. يقول: وظاهر الآية أنها مشتملة على تشريع مؤبد كما هو ظاهر التشريعات القرآنية.

    أما خصوصيات هذه الآية, التي تعرضت الآن بعد أن بينّا أهمية الخمس, ننتقل إلى نكتة أخرى وهي: إذا ترجعون إلى الآيات القرآنية التي تعرضت لبحث الأحكام, بعضها واقعاً فيها إجمال كبير, افترضوا على سبيل المثال الصوم, طيب ذكرت بعض الأحكام, هذه الآية المباركة فيها مجموعة من الخصوصيات:

    الخصوصية الأولى: أنها عرضت لمنابع الخمس, يعني ممّا يؤخذ الخمس, موارد الخمس, كيف أنه في باب الزكاة نقول الموارد التي تجب فيها الزكاة, الآية الكريمة لم توكل هذا الأمر يعني منابع الخمس إلى بيان الرسول’ أو إلى بيان أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وإنما الآية بنفسها تصدت لبيان المنبع, طبعاً في باب الزكاة ايضا نحن قلنا في السنة الماضية أن القرآن الكريم ذكر أن الزكاة واجبة في ماذا؟ واجبة في المال, نعم النبي الأكرم’ إنما بين في زمانه مصاديق المال والمالية.

    نحن لا نعتقد بأن الزكاة واجبة في تلك الأمور التسعة, تلك الأمور التسعة نحن نعتقد أنها مصاديق وليست, ومن هنا قلنا أنها تختلف من زمان إلى زمان آخر, ليست أمور تعبدية وإنما في زمان النبي الأكرم’ كانت تلك الأمور التسعة, ولعله في زمان الصادق أمور أخرى, ولعله في زماننا أمور ثالثة ورابعة وخامسة, من قبيل وجوب النفقة أعزائي, النفقة واجبة في الشريعة أما مصاديق النفقة تختلف من زمان إلى زمان آخر, ومن بيئة إلى بيئة أخرى ومن مكان إلى مكان آخر ومن ظروف اجتماعية إلى ظروف اجتماعية أخرى. هذا في الزكاة.

    في الخمس الشارع بيّن قال: بأن الخمس إنما يجب في الغنيمة, نعم, علينا عند ذلك أن نرجع إلى الآيات القرآنية إلى الروايات إلى اللغة إلى العرف العام إلى العرف الخاص يعني العرف الشرعي أو المتشرعي وغيرها لنفهم ماذا؟ كما هو الحال في مسألة المال, فإنه عندما قال الشارع >خذ من أموالهم< ما هو المال؟ طيب أيضا لابد أن نرجع إلى أنه إما إلى الآيات الأخرى إما إلى الروايات إما إلى اللغة إما إلى العرف إما… إلى غير ذلك.

    ولذا لابد أن نقف في بحثٍ تفصيلي واقعي في القرآن وفي الروايات ما هو المراد من الغنيمة؟ وما المصطلح عليه بالغنيمة لغةً عرفاً استعمالاً في النص القرآني في نصوص الروايات في كلمات المفسرين … وغيرها.

    في الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) هذه القضية تستحق وقوفاً مطولاً لأنها أصل قرآني ليست قضية بسيطة, القرآن الكريم جاء في كلام الله (سبحانه وتعالى) أنه يجب الخمس في الغنيمة.

    من هنا سوف ندخل في بحث تفصيلي بإذن الله تعالى لبيان المراد من الغنيمة وأنه هذه الموارد التي ذكرت في كلمات الفقهاء هل يمكن عدّها من مصاديق الغنيمة أو لا يمكن عدّها من مصاديق الغنيمة, هذا بحث إنشاء الله سيأتي.

    الخصوصية الأخرى, أو المسألة الثانية التي عرضت لها هذه الآية المباركة, أنها بينّت لنا من هو مالك الخمس, لأن الآية قالت: {أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى} هذه اللام تكررت ثلاث مرات, لله, وللرسول, ولذي القربى, التفتوا, ولكن عندما جاءت إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل توجد اللام أو لا توجد اللام؟ نعم, هذه ماذا هكذا جزافية, لأنه لو كانت هذه رواية لكنا نقول لعله نقل بالمعنى, لم يلتفت ذلك الذي نقل الرواية, ولكنه بناءً على اعتقاداتنا هنا لا يتقدم حرف على حرف, ولا يسقط حرف من القرآن الكريم وخاصةً نحن نعلم أن هذا القرآن الكريم كان بأيدي الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) إذن حرف حرفٌ منه كهو النازل على قلب الخاتم’.

    قال: {لله وللرسول ولذي القربي واليتامى} ولم يصر ولليتامى, وللمساكين ولابن السبيل, الآن لابد أن نقف ايضا لماذا أن اللام وجدت هناك ولم تأتِ, يا إخوان أعزائي افترضوا تبحث أنت جنابك في >لا تنقض اليقين بالشك< ألم تقف ست سنوات في >لا تنقض اليقين بالشك< يعني واقعاً هذه الآية أقل من قولهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام) >لا تنقض اليقين بالشك< أقل من قوله >رفع عن أمتي ما لا يعلمون< لا ليست أقل من هذه, طيب لماذا نمر على هذه الأبحاث الأساسية مروراً – عابرياً- مروراً واقعاً لا يعطي حق هذه الآية.

    من هنا واقعاً لابد أن ندخل هل أن هذه اللام لام الملكية لام الحق, لام الاختصاص, ثم إذا كانت لام الملكية بالنسبة إلى الله (سبحانه وتعالى) ما معنى لام الملكية هذه أي ملكية التي ثابتة لله (سبحانه وتعالى) هي الملكية الاعتبارية, هي الملكية الحقيقية, هذه اللام الثابتة للرسول ولذي القربى هذه أي لام؟ هذه اللام الاعتبارية أو اللام الحقيقية التي وردت فيها روايات كثيرة هذه أي لام أعزائي؟ طبعاً الآن لا أريد أن أدخل وأقول ولابد أن نقف ايضا ما هو المراد من مصداق ذي القربى في الآية المباركة؟ هنا لا في آياتٍ أخرى. لأنه ليس بالضرورة أنه عندما يذكر العنوان الواحد في القرآن الكريم في كل الموارد يكون باستعمالٍ واحد قد يكون باستعمالاتٍ متعددة كما أشرنا إلى ذلك مراراً قلنا عنوان أهل البيت في القرآن الكريم مرةً مستعمل في زوجات الإنسان وتارة مستعمل في ذرية الإنسان. في قوله تعالى: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} باتفاق كلمة علماء الإسلام أن المراد من أهل البيت في هذه الآية من؟ علي وفاطمة والحسن والحسين, ولكن تعالوا معنا إلى سورة هود أعزائي, في سورة هود الآية 73 التي في ذهني, {قالت يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب, قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} المراد من أهل البيت في الآية ماذا؟ زوجه, لا إشكال ولا شبهة من قال أنه عندما يستعمل القرآن عنواناً دائماً في القرآن يستعمله باصطلاح واحد, لا, قد يستعمله باستعمال واحد من خلال القرائن وقد يستعمله باستعمالاتٍ متعددة, ما هو المراد من ذي القربى؟

    ثم هنا لابد أن ننتقل إلى بحث وهو أنه بعد أن اتضح ما هو المراد من الله ومن الرسول ومن ذي القربى في زمان الحضور في زمان الغيبة هذا المال لمن يذهب, ومن المتصدي له؟ وهذا هو بحث أساسي تعلمون من أبحاث الخمس.

    ولذا أنا قلت للأعزة قلت فيما سبق أحاول أن نخرج من تلك الحالة التقليدية التي توجد في الأبحاث وفي الكتب الفقهية في باب الخمس, بسم الله الرحمن الرحيم غنائم دار الحرب المال المختلط, لا لا, هذا البحث أنا أتصور الأعزة يقين عندي الكثير إن لم يكن الجميع من الأعزة بإمكانهم أن يأخذوا أي كتاب من كتب الخمس ويطالعونها ما عندهم مشكلة في هذا, واقعاً كيف نستطيع بتعبير الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أن هذه المباحث التي وردت في الروايات أن نجد لها جذور قرآنية هذه الأبحاث التي وردت عندنا في رواياتنا لا يتبادر إلى الذهن أنها ليس لها أي أصل قرآني, لا, لها جذور قرآني.

    البحث الثالث: الذي أشارت إليه الآية المباركة وهو من الأبحاث الأساسية أيضاً, أنها بينّت مصارف الخمس, حيث قالت: {واليتامى والمساكين} هذه إنشاء الله بعد ذلك سيتضح أنه هذا اللام عندما لم يأتي إذن هؤلاء ليسوا الذين يملكون وإنما هم مصرف هذا الخمس. {اليتامى والمساكين وابن السبيل} الآن أبحاث كثيرة توجد في هذا المجال في هذا البحث الثالث ما هو المراد من اليتامى, ما هو المراد من المساكين, طبعاً أقول قرآنياً روائياً استعمالياً بحسب اللغة و… غير ذلك.

    ثم هنا مجموعة من الأبحاث التي لابد أن نقف عندها وهي مسألة أنه هل يجب البسط أو لا يجب البسط, يستفاد هذا من الآية أو لا يستفاد, هل تجب التسوية أو لا تجب التسوية, يستفاد ذلك من الآية أو لا يستفاد.

    هذه أعزائي أهم الأبحاث الموجودة النكات والأبحاث الموجودة في هذه الآية المباركة على نحو الإجمال.

    هنا يبقى عندنا بحث آخر لابد أن نقف عنده الذي إنشاء الله تعالى سندخل في هذا الذي عرضنا له.

    وهو البحث في آيات الأحكام الفقهية, من الواضح للأعزة جميعاً أنه هناك عدة أمور لابد أن نقف عندها لأن هذه الآية تعد واحدة من أهم آيات الأحكام في القرآن الكريم.

    وبالمناسبة أن الفقهاء في – ما أريد أن أقول في الأعم الأغلب- ولكن جملة منهم بحمد الله تعالى عرضوا لهذا البحث في كتبهم في باب الخمس يعني عندما أرادوا أن يدخلوا بحث الخمس أولاً: دخلوا بحث هذه الآية ولو إجمالاً وإن كان كثير منهم ماذا؟ لم يشيروا إلى هذه الآية إلا استطراداً عند المناسبة.

    ولكن على منهجنا نحن بشكل واضح نريد أن نقف عند هذه الآية أولاً قبل الدخول في مباحث الخمس – وسأبين النكتة لماذا ما هي أهمية هذه المنهجية- التي نتبعها في باب الخمس.

    إخواني الأعزاء فيما يتعلق بآيات الأحكام, الآن لهذا اليوم كافي وأنا ايضا صوتي لم يساعد, دعوه إلى غد.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/06
    • مرات التنزيل : 942

  • جديد المرئيات