نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (130)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    كان الكلام في الآية المتعلقة بالخمس, قلنا أن البحث في هذه الآية بحثٌ ضروري وأساسي لبيان الضابطة وهو: أنّه هل يوجد عندنا أصل قرآني يقول أن كل فائدةٍ فيها الخمس أم لا؟

    بطبيعة الحال إذا ثبت مثل هذا العموم والإطلاق والشمول عند ذلك كلما شككنا في موردٍ فالعام يقول أنه شاملٌ له, بخلاف العكس.

    وخريطة البحث كما عنونّا هذا البحث في الدروس الماضية, قلنا: أولاً: نبحث عن وجود المقتضي في الآية هل أن الآية تقتضي العموم والشمول في نفسها بغض النظر عن القرائن الداخلية والخارجية, وعندما أقول القرائن الداخلية والخارجية يعني السياق يعني الروايات يعني الإجماع ونحو ذلك.

    فإذا تم المقتضي عند ذلك ننتقل إلى المانع هل يوجد مانعٌ من الالتزام بعموم المقتضي أو لا يوجد مانع؟ لقائل أن يقول: أن المقتضي وإن كان تاماً إلا أن المانع غير مفقودٍ للإجماع, للسياق, للنصوص, ونحو ذلك.

    من هنا صرنا بصدد بيان المقتضي, ونحن الآن بصدد تقرير ما هو المشهورُ بين علماء مدرسة أهل البيت حيث أنهم يرون أن الآية فيها عموم يشمل كل فائدةٍ وحتى أرباح المكاسب التي هي بيت القصيد وهو البحث السابع أو المورد السابع للخمس, وإلا أعزائي مسألة الغنيمة ومسألة المعدن ومسألة الغوص ومسألة اختلاط الحلال بالحرام ومسألة الأرض التي يشتريها الذمي من مسلم, هذه ليست هي عمدة الخمس, عمدة الخمس إنما هي في أرباح المكاسب.

    ولذا الآن نريد أن نحصّل إطلاقاً وعموماً وشمولاً يشمل حتى أرباح المكاسب والصناعات والزراعات ونحو ذلك.

    فيما يتعلق بالمقتضي قلنا بأنه توجد عدة أبحاث:

    البحث الأول: هو أن الغَنم أو الغُنم أو الغنيمة أو الاغتنام – عبر ما شئت- هل أنها بحسب الوضع اللغوي بغض النظر عن الاستعمال العرفي, بغض النظر عن الاستعمال الشرعي, بغض النظر عن الاستعمال المتشرعي, الآن لسنا بصدد هذا, هل أن الوضع اللغوي يدل على العموم والشمول أو لا يدل؟

    قرأنا جملة من كلمات اللغويين في هذا المجال, وقد اتضح أن جملة كبيرة من أعلام اللغويين يقولون بالشمول, طبعاً كما أشرنا في أول البحث أننا نتكلم الآن بنحو القضية المهملة يعني أنها ليست مختصة, أما شاملة لأي حدٍ هذا بحثه بعد ذلك سيأتي, ولذا نحن لم نقرأ تلك القيود التي أخذها اللغويون في مادة غَنم, قلنا القدر المتيقن من كلماتهم أنها ليست مختصة بغنائم دار الحرب هذا القدر واضح في كلمات اللغويين.

    البحث الثاني: قلنا الشواهد الدالة على التعميم, يعني هذا المعنى الذي ذكره اللغويون ما هي الشواهد الدالة على صحة هذا.

    الشاهد الأول: – وعبروا عنها المؤيدات, عبروا عنها شواهد, عبروا عن بعضها أدلة- الآن هذا إنشاء الله تعالى من خلال تقرير المطلب والرجوع إلى هذه المطالب مرة أخرى سيتضح أن بعضها شواهد مؤيدات, بعضها أدلة لإثبات هذا الموضوع.

    قلنا هناك مجموعة من الشواهد وعندما أقول شاهد أعم من أن يكون مؤيداً أو أن يكون دليلاً.

    الشاهد الأول: هو فهم جملةٍ من أعلام المفسرين, جملة من أعلام المفسرين من المدرستين من الاتجاهين – عبروا ما شئتم- أنهم فهموا من الغُنم أو من هذه المادة والغنيمة فهموا منها لا أقل فهموا عدم الاختصاص, وعبروا تعبير آخر- قولوا لم يفهموا الاختصاص بغنائم دار الحرب, وهذه قضية مهمة واقعاً فهم علماء كبار من أهل اللغة عرب ومحققين ونحو ذلك لا يمكن تجاوز ذلك بسهولة وبسرعة.

    الشاهد الثاني: هذا الشاهد أنا لم أره في موضعٍ آخر, وإنما رأيته في كلمة سيدنا الأستاذ السيد الخوئي+ في مستند العروة, إذا الإخوة واجدين هذا الشاهد في مكانٍ آخر فليدلونا على المصدر.

    السيد الخوئي في مستند العروة الوثقى التي هي مرتبطة بالخمس, مستند كتاب الخمس في ص194 يقول: الكتاب العزيز, قال تعالى: {وأعلموا أنّما غنمتم} فإنّ الغنيمة بهذه الهيئة وإن أمكن أن يقال بل قيل باختصاص بغنائم دار الحرب إما لغةً أو اصطلاحاً وإن كان لم يظهر له أيُ وجهٍ أنه مختصة بغنائم دار الحرب هذا لم يدل عليه دليلٌ لا لغةً ولا اصطلاحاً, إلا أن كلمة غَنم بالصيغة الواردة في الآية المباركة ترادف رَبَح أو رَبِح, واستفاد وما شاكل ذلك فتعم مطلق الفائدة, إلى هنا.

    الآن محل الشاهد – هذا الشاهد- ولعل في التعبير, ولذا نحن عبرنا بذلك بأنه شاهد الآن إما مؤيد وإما دليل, ما هو الشاهد الذي يشير إليه السيد الخوئي في هذا المجال, يقول: الشاهد على ذلك {وأعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ} طيب من الواضح الشيء فقط يختص بغنائم دار الحرب أو أنه يصدق على غير غنائم دار الحرب أيضاً.

    إذن الآية المباركة بينّت الغَنم أو غنمتم بعبارة ماذا؟ {من شيء} والشيء من الواضح أنه أعم قال: ولعل في التعبير بالشيء الذي فيه من السعة والشمول ما ترى لا يحتاج إلى دليل لعله من أوسع المفاهيم مفهوم ماذا؟ مفهوم الشيئية, لعله واقعاً لا يوجد عندنا مفهوم أوسع من مفهوم الشيئية, ولعل في التعبير بالشيء إيعاز إلى هذا التعميم وأن الخمس ثابت في مطلق ما صدُق عليه الشيء من الربح وإن كان يسيراً جداً كالدرهم غير المناسب لغنائم دار الحرب كما لا يخفى. ويعضُده, ثم يحاول أن يذكر بعض المؤيدات الأخرى لإثبات ماذا؟ لإثبات العموم ولإثبات الشمول.

    وجملة من الأعلام المعاصرين -كالشيخ فاضل اللنكراني+- عندما أشاروا إلى هذه النكتة لعله مأخوذة من كلمات السيد الخوئي+ في هذا المجال, قلت لكم بأنه هذا الشاهد في كلمات الفقهاء الآخرين الآن بحسب هذا التتبع الناقص لم أره الأعزة إذا وجدوا هذا الشاهد يذكروه لنعرف منشأ هذا الشاهد أو الدليل من أين؟ جيد. هذا هو الشاهد الثاني.

    إذن الشاهد الثاني أعزائي عبروا عنه سواء كان مؤيداً أو دليلاً الشاهد الثاني للتعميم ما ورد في هذه الآية {غنمتم من شيء}.

    الشاهد الثالث: يحاول البحث من الأعلام أن يشير إلى هذا الشاهد, وورد في جملة من كلمات الأعلام سأشير إلى بعضهم, وهو: أنه واحدة من أهم طرق معرفة الوضع هو معرفة ما هو ضد ذلك اللفظ, هذه من قبيل القاعدة المعروفة >تعرف الأشياء بأضدادها< فإذا عرفنا أن هذا الضد – طبعاً إذا كان الضد لا ثالث له يعني من قبيل النقيضين- لأنكم تعلمون بأنه الأضداد على قسمين, قسم له ثالث وقسم لا ثالث له, إذا كان من الأضداد التي لا ثالث من الضدين اللذين لا ثالث لهما, طيب نستكشف إذا كان هذا الضد عاماً فإن ضده أيضاً عام وإلا يلزم أن يكون له ثالث لا هذا ولا هذا.

    هذا من قبيل ما قرأتموه في المباحث الفلسفية هناك قالوا: أن الوجود له معنىً واحد بنحو الاشتراك المعنوي, بأي برهان؟ قالوا: ببرهان أن نقيض الوجود هو العدم والعدم له معنىً واحد فلابد أن يكون النقيض له معنىً واحد ولو كان الوجود مشتركاً لفظياً – طبعاً نحن في محله ناقشنا ولكن الآن أقول من قبيل هذا مثال- فلو كان لمعنى الوجود معانٍ للفظ الوجود معانٍ متعددة بنحو الاشتراك اللفظي للزم ارتفاع النقيضين والتالي باطل فالمقدم مثله, طيب هذا من هذا الطريق قالوا أن مفهوم الوجود واحدٌ لماذا؟ لأن مفهوم العدم واحد >لا ميز في الأعدام من حيث العدم< كما يقول الحكيم السبزواري, إذن الوجود ايضا لابد أن يكون ماذا؟ لا ميز بينه.

    بهذه القاعدة أرادوا الأعلام أو أراد بعضهم أن يطبق قاعدة من هذا القبيل وهي المعروفة بقاعدة >من له الغُنم فعليه الغرم< طيب من الواضح أن الغُرم معنىً مختص أم معنىً عام؟ معنىً عام, إذن ما يقابله وهو الغُنم ايضا يكون معنىً عام.

    لمّا كان الغُرم معنىً عاماً شاملاً لكل خسارةٍ فبطبيعة الحال ما يقابله وهو الغُنم أيضاً معنىً عاماً شامل يشمل كل ربحٍ وكل فائدةٍ.

    طبعاً لابد أن يعلم الإخوة أن هذه القاعدة أصلها وارد في كلمات مدرسة أهل السنة أو اتجاه أهل السنة يعني الرواية صحيحة عندهم وإلا في كتبنا لا يوجد عندنا سند صحيح لهذه القاعدة.

    هذه القاعدة أعزائي وردت في صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان التي هي مؤسسة الرسالة المجلد الثالث عشر ص258 رقم الحديث 5934 عن أبي هريرة قال: >قال رسول الله’ لا يغلق الرهن له غُنمه وعليه غُرمه< ومن هنا تُصيد منها قاعدة معروفة >من له الغُنم فعليه الغرم< يقول رجاله ثقات, رجال الشيخين غير إسحاق ومن رجال مسلم رواه جماعة من الحفاظ بالإرسال وأما ابن عبد البر فقد صحح اتصاله وتقريباً حدوداً أعزائي في تقريباً صفحتين أو ثلاث صفحات يشير إلى المصادر التي أخرجت هذا النص هذا المضمون وتصحيح رواياتها وتضعيف الطرق الواردة.

    ويا ليت -وهذا المعنى ذكرته مراراً وأكده مرةً أخرى- ويا ليت أن كتبنا الحديثية ايضا تكون هناك مؤسسات متخصصة تبين أن هذه الأحاديث على أي مبنىً صحيحة, على أي مبنىً موثقة على أي مبنىً ضعيفة… وهكذا, وهذا يحتاج إلى جهدٍ جبار ومؤسسات ضخمة جداً ولعله إذا بدأنا الآن لعلنا ننتج بعد عشرة سنوات أو عشرين سنة, نعم يكون في علمكم, يعني الآن هذا الرجل يعني في الحاشية الذي هو بتحقيق شعيب الأرنؤوط التي هي مؤسسة ضخمة عنده يقول: وأخرجه الدار قطني والحاكم والبيهقي من طريق عبد الله ابن عمران العبادي عن سفيان ابن عينة بهذا الإسناد مرفوعاً وقال الدار قطني, وأخرجه فلان وأخرجه الدارقطني والحاكم والبيهقي من طريق إسماعيل ابن عياش, وأخرجه الشافعي من طريق يحيى ابن أبي أنيسة, وأخرجه ابن ماجة بباب كذا, وأخرجه الدار قطني من طريق محمد ابن عمر, وأما المرسل فأخرجه المالك وأخرجه عبد الرزاق… وهكذا.

    بعض الأعزة يقول لي: سيدنا أنتم هذا في بحث المطارحات في العقيدة أو الأطروحة المهدوية في الأعم الأغلب أين يحصل لكم الوقت لكي تراجعون هذه المصادر, بيني وبين الله هؤلاء جزاهم الله خيرا هم راجعوها لنا, أنا كل الذي فعلته أن هذه المصادر جمعتها هذه المصادر الحديثية جمعتها وأرجع إليها أجد بأنه كلام دقيق على الموازين مذكورة. ولكنه الآن أنت دلني في أصول الكافي أنا الآن ما أريد البحار ما أريد الكتب الأربعة ما أريد الكتب السبعة لا لا, في أصول الكافي الآن يوجد عندنا أصول الكافي محقق إلى الآن, محقق بهذا المعنى, لأن المباني الرجالية مختلفة, المباني السندية مختلفة, طرق الروايات مختلفة, النتيجة ماذا؟ النتيجة تكون هذه الفوضى التي نعيشها على الفضائيات وعلى المنابر, ينقل رواية والخطيب لا يعلم أنها صحيحة أو غير صحيحة, ومن حقه لأنه ليس من اختصاصه هذا, أصلاً ليس عمله هذا, عمل ماذا؟ عمل المتخصصين في هذا المجال. ينقل الرواية ويخرجون غداً يقولون له أن هذه الرواية ضعفها فلان ضعفها فلان مع أنه قد صححها آخرون ولكن هو لا يعرف أن يجيب على ذلك. هذا ينقل رواية ضعيفة السند, ذاك ينقل رواية قوية السند, هذا لا يعرف أن هذا طريقه من, وذاك لا يعرف أن طريقه من وهكذا… على أي الأحوال.

    هذا المعنى أعزائي وهي القاعدة >من كان له الغُنم فعليه الغُرم< استدل بها جملة من الأعلام ومنهم -الشيخ اللنكراني+- في تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة في كتاب الخمس والأنفال في ص11, بعد أن يذكر الشواهد يقول: وبالجملة التأمل في خصوصيات الآية من التصدر بقوله {وأعلموا} مخاطباً للجميع هذه الشواهد التي يجعلها على عموم الآية, كيف تكون هذه {وأعلموا} مخاطباً للجميع, يقول: لو كانت مختصة بغنائم دار الحرب إذن {وأعلموا} يعني أيها المقاتلون اعلموا لا جميع المسلمين.

    إذن عموم {وأعلموا} يكشف لنا أن الخطاب لجميع المؤمنين ومن الواضح أن جميع المؤمنين من المقاتلين؟ لا ليس كذلك, إذن نستكشف أن هذه الآية مختصة بغنائم دار الحرب أو غير مختصة؟ غير مختصة.

    يقول: مخاطباً للجميع والتأكيد بقوله {إنّما} وجعل البيان يقول مضافاً – هذا محل الشاهد- مضافاً إلى أن الظاهر مقابلة الغُنم للغُرم, إشارة إلى قاعدة >من له الغُنم فعليه الغُرم< وقد اشتهر أن من كان له الغُنم كان عليه الغُرم والظاهر أن المراد بالغُرم ما يتحمله الإنسان من الضرر والخسارة من دون أن يستفيد شيئاً ومن هذا التعبير يظهر بوضوح أنّه لا اختصاص لكلمة الغُنم أو الغنيمة وشبههما بالغنائم الحربية, بأي دليل؟ بدليل المقابلة. جيد. هذا هو الشاهد الثالث.

    الشاهد الرابع: وهو من الشواهد الأساسية الذي بالإمكان جعلها في الأدلة الأساسية للتعميم لا في المؤيدات, الآن لعل الأول, الثاني, الثالث يمكن جعلها في المؤيدات, أما هذا الشاهد فقد جعل ماذا؟ في الأدلة لإثبات العموم ما هو هذا الدليل؟ هو فهم المعصوم من الغنيمة في الآية.

    وهذه نقطة أساسية إخواني الأعزاء في فهم الآيات المباركة, لو فرضنا -هذه قاعدة منهجية في التفسير- لو فرضنا أنّ المعنى اللغوي يقول شيء, المعنى العرفي يقول شيء, المعنى الاستعمالي يقول شيء, المعنى الفقهي يقول شيء ولكنّ المعصوم يقول المراد من هذه المفردة هذا, فالحجة لأي شيء؟ لا يمكن لأحدٍ أن يقول أنّه يتقدم قول اللغوي أو القول العرفي أو القول الاستعمالي أو الاستعمال العرفي, وهذا ما أسسنا له في مسألة {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت} ما هو المراد من أهل البيت؟ واقعاً ارجعوا إلى اللغة, أهل البيت ليس المراد من أهل البيت هؤلاء الخمسة, ولا الاستعمال العرفي هؤلاء الخمسة, ولا الاستعمال الفقهي هؤلاء الخمسة, ولكن رسول الله عندما قال المقصود مصداق أهل البيت في آية التطهير هؤلاء الخمسة ليس إلا, فهل يمكن أن يعارضه شيء أو لا يمكن؟ لا يمكن, وهذا هو الخطأ المنهجي الذي يقع كثيراً ما يعمم عنوان أهل البيت.

    لا يقول لي قائل: أن الآيات الأخرى في القرآن استعملت أهل البيت في النساء, نعم, إذا لم يقل رسول الله لم يقل المعصوم أنها مخصوصة بهؤلاء الخمسة كنا نذهب إلى ماذا؟ نذهب إلى السياق, نذهب إلى الاستعمال, نذهب إلى القرائن الأخرى في القرآن ولكن إذا بيّن المعصوم أن المراد من أهل البيت هؤلاء الخمسة, فيغلق الطريق على أي تفسيرٍ آخر.

    هذه قاعدة منهجية في علم التفسير, في علم أصول التفسير, هذه القاعدة سوف نطبقها أين؟ نطبقها في المقام, افترضوا أن المعنى اللغوي للغنيمة هي غنائم دار الحرب, والمعنى العرفي والاصطلاحي هي غنائم دار الحرب و.. ولكن الإمام المعصوم فهم من الغنيمة أو غنمتم المعنى الواسع, عند ذلك يعارض يزاحم بتلك المعاني أو لا يزاحم؟ لا معنى للمزاحمة.

    من هنا حاول الأعلام أن يستندوا إلى النصوص الواردة عن أئمة أهل البيت لإثبات التعميم في هذه الآية المباركة, طبعاً البحث ليس في أنه توجد عندنا روايات مستقلة لإثبات التعميم ذاك بحث آخر, بحثنا الآن أن الآية تفيد التعميم أو لا تفيد التعميم؟

    الروايات الواردة في ذلك متعددة أعزائي لا في التعميم لا, في بيان أن المراد من قوله: {غنمتم} التعميم وإلا الروايات الدالة على التعميم مطلقا من غير الاستناد إلى الآية كثيرة في محلها, الآن كلامنا في ذيل هذه الآية المباركة.

    الرواية الأولى: واردة في وسائل الشيعة هذه طبعة مؤسسة آل البيت المجلد التاسع ص484 رقم الحديث 12545, الرواية: >محمد ابن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, عن عمران بن موسى, عن موسى ابن جعفر, قال: قرأت عليه آية الخمس, فقال: ما كان لله -طبعاً الرواية عن الإمام الباقر×- ما كان لله فهو لرسوله وما كان لرسوله فهو لنا, ثم قال -محل الشاهد التفتوا- ثم قال: والله لقد يسّر الله على المؤمنين أرزاقهم بخمسة دراهم جعلوا لربهم واحدا وأكلوا أربعة أحلاء< يقول النص ماذا؟ قرأت عليه آية الخمس, الإمام ماذا يقول: >والله لقد يسّر الله على المؤمنين أرزاقهم< إذن الغنيمة هنا مختصة بالغنائم الحربية أو تشمل الأرزاق جميعاً؟ الإمام× يقول تشمل الأرزاق جميعاً, قال: >جعلوا لربهم< يقول كثيرا ما الله (سبحانه وتعالى) كريم معكم, أعطاكم خمسة ثم قال أرجعوا واحد, >ثم قال×: هذا من حديثنا صعب مستصعب لا يعمل به ولا يصبر عليه إلا ممتحن قلبه للإيمان< هذه في البعد العملي واقعاً إذا وجدتم إنسان يفعل أو يطبق مسألة الخمس ويلتزم بذلك ويتقرب إلى الله (سبحانه وتعالى) بذلك واقعاً الإنسان هذا بتعبير النصوص له مقام عالي وأنا أتصور من الناحية الواقعية والعملية ايضا ذلك.

    هذه الرواية إخواني الأعزاء >وعن أبي محمد عن عمران بن موسى عن جعفر عن علي ابن أسباط …< إلى آخره, الرواية, في هذه الرواية يوجد أبو محمد, أبو محمد أعزائي مجهول الحال, ويوجد في الرواية عمران ابن موسى, وعمران ابن موسى أعزائي مرددٌ بين الأشعري وبين الزيتوني, والزيتوني ثقة والأشعري ايضا مسكوت عنه, من هنا وقع الكلام بين الأعلام لبيان أن الأشعري والزيتوني متحدٌ أو متعدد, فإن كان متعدداً فالرواية لا يوجد فيها تمييز أنها الثقة أو غير الثقة, أيضاً تكون مجهولة الحال من هذه الجهة.

    أما إذا ثبت الاتحاد فعند ذلك الرواية تكون تامة موثقة إلا من جهة أبي محمد, طيب فيما يتعلق بهذا, في معجم رجال الحديث للسيد الخوئي+ في هذا البحث وهو في عمران بن موسى, المجلد الثالث عشر ص149 يقول: عمران ابن موسى الأشعري, قال النجاشي في ترجمة فلان عمران ابن موسى الأشعري إلى أن يقول: هذه رقم الترجمة 9055 إلى أن يقول: عمران ابن موسى الزيتوني قال: النجاشي قمي ثقة له كتاب نوادر كبير, أقول: أحمد ابن محمد الذي يروي … إلى أن يقول: وتقدم فلان وهذا يؤكد اتحاد الأشعري والزيتوني, هما ماذا؟ هما شخص واحد, إذن من هذه الجهة أيضاً الرواية لا يوجد فيها محذور. وقد كثر في إسناد الروايات عمران ابن موسى بلا تقييدٍ بالأشعري أو الزيتوني وهذا يؤيد الاتحاد, وعلى الجملة لا ينبغي الإشكال في أن عمران ابن موسى واحد قميٌ أشعري زيتوني, إذن من هذه الجهة لا يوجد محذور في الرواية.

    يبقى المحذور من أبي محمد, الآن نحن نتكلم في سند الروايات ونشير إلى مضمون الروايات بشكل إجمالي لنعود بعد ذلك لنرى بغض النظر عن السند أن الدلالة تامة أو غير تامة.

    الرواية الثانية: وهي الرواية الواردة في الخصال, الجزء الأول ص312 في الخمسة, >سن عبد المطلب في الجاهلية خمس سنن أجراها الله (عزّ وجلّ) في الإسلام, الرواية >حدثنا فلان حدثنا أبو حامد حدثنا أبو زيد قال حدثنا محمد ابن أحمد ابن صالح التميمي عن أبيه قال حدثنا فلان عن أبيه عن جعفر ابن محمد عن أبيه عن جده عن علي ابن أبي طالب×< وفي المختصر هذه الرواية في سندها عدة مجاهيل غير معلوم الحال, وأنتم تعلمون عندما نقول عدة مجاهيل يعني لا يمكن توثيقها لا أنها ضعيفة السند أو مكذوبة لا لا, وهذه قضية لابد أن يلتفت إليها أعزائي, عندما نقول مجهول الحال ليس بمعنى أنها ضعيفة أو مكذوبة أو من وضّاعين لا لا, وإنما لا يوجد دليلٌ في مقام الإثبات على تصحيح الرواية أو توثيقها وإلا لعلها في الواقع صحيحة وتامة سنداً.

    الرواية >عن النبي أنه قال في وصيته له -يعني لعلي- يا علي أن عبد المطلب سنّ في الجاهلية خمس سنن أجراها الله له في الإسلام, حرم نساء الآباء على الأبناء فأنزل الله (عزّ وجلّ) {ولا تنكحوا ما نكح آبائكم من النساء} ووجد كنزاً -محل الشاهد هذه الجملة- ووجد كنزاً فأخرج منه الخمس وتصدق به, فأنزل الله (عزّ وجلّ) {وأعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه}< إذن هذا النص ماذا يقول؟ أن الغنيمة غنمتم مختص بالغنائم الحربية أو غير مختص؟ لأنه الرواية أين؟ ووجد كنزاً إذن بشكل واضح أنه يريد أن يقول بأن الغنيمة {ما غنمتم} ايضا يشمل غير غنائم الحربية, وهذا واضح في هذا النص, مضافاً إلى الأمور الأخرى التي منها >ولما حفر زمزم سماها سقاية الحاج< إلى آخره الإخوة يراجعون الرواية هناك. ولكن كما قلنا أن الرواية فيها عدة مجاهيل.

    الرواية الثالثة: وهي رواية وسائل الشيعة الجزء التاسع ص546 وهي واردة حتى يتضح في باب إباحة حصة الإمام من الخمس للشيعة مع تعذر إيصالها إليه وعدم احتياج السادات, الحديث الرابع, وهي رواية بإسناده عن علي ابن الحسن الشيخ, باسناده عن علي ابن الحسن ابن فضّال عن الحسن ابن علي ابن يوسف عن محمد بن سنان عن عبد الصمد ابن بشير عن حكيم -التفتوا جيداً, عن حكيم مؤذن بني عيسى أو بني عبس على الاختلاف, وما ورد في هذه النسخة مؤذن بن عيس خطأ على كل حالٍ, لأنه إما بني عيسى وإما بني عبس- عن أبي عبد الله الصادق, قال: قلت له {وأعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول} قال: -جداً المضمون واقعاً لو تم, أو لو تم السند المضمون لعله من أوضح الروايات ولعله جملة من الأعلام قالوا أن أهم الروايات هذه الرواية- هي والله الإفادة يوماً بيومٍ< ما أتصور يوجد تصريح أوضح من هذا التصريح. >هي< الآن الأعلام هنا عندهم مشكلة, هذا الضمير على من يعود >هي< لأن الآية لو فيها غنيمة فتعود على الغنيمة.

    ولذا صار هذا سبباً قالوا لأن الآية فيها اغتنام وليس غنيمة غنمتم مادتها اغتنام, جعلوا هذا قرينةً على أنه ليس الإمام بصدد تفسير الآية.

    الآن إنشاء الله بعد ذلك نرى أنه أساساً يوجد وجه صحيح لضمير >هي< أو لا يوجد على أي الأحوال.

    قال: >هي والله الإفادة يوماً بيومٍ إلا أنّ أبي جعل شيعتنا من ذلك في حلٍ ليزكوا< طيب هذه داخلة المقطع الثاني داخل في روايات التحليل ومحلها.

    هذه الرواية أعزائي فيها مشكلة من جهتين سنداً, مضمونها أتصور واضح للأعزة, ولذا نجد بأنه السيد البروجردي& في زبدة المقال تقريراً لبحث آية الله العظمى السيد البروجردي الذي هذه مطبوعة في مكتبة الداوري المطبعة العلمية في قم لمؤلفه العالم الجليل السيد عباس الحسيني القزويني, الآن أنا ما أدري أن هذه من الطبعات القديمة أنا عندي هذا الكتاب, الآن متى مطبوع لا أعلم, في ص78, طبعاً زبدة المقال في خمس الرسول والآل, تقريرات لبحث السيد البروجردي+ هناك في ص78 من الكتاب, يقول: وأما الروايات فمنها الطائفة المستفيضة بل المتواترة, الآن واقعاً لابد أن ندقق أنها واقعاً متواترة إذا توجد أربع خمس روايات وبعض هذه الروايات ايضا من حيث السند ماذا؟ فيها ما فيها هل تكون متواترة, هل تكون مستفيضة اللهم إلا أن يكون نظر السيد البروجردي+ إلى مجموع الروايات التي تكلمت عن وجوب الخمس في الأرباح والفوائد, ذاك بحث آخر.

    ولعل جملة من الأعلام يعتقدون ذلك الآن ما أريد أن أدخل في تلك القضية, يقول: المفسرة, التفتوا جيداً إذن هذا يكشف عن أنه لا ليس نظره إلى الجميع نظره إلى ماذا؟ إلى الروايات المفسرة التي قرأناها, المفسرة لآية الاغتنام الدالة على شمول الغنيمة لمطلق الاستفادات وعدم اختصاصها بغنائم دار الحرب كما زعمته العامة مثل ما رواه الشيخ في التهذيب كما قلنا, بإسناده عن حكيم مؤذن بني عيسى عن أبي عبد الله الصادق.

    إذن هذه الرواية أعزائي في سندها محمد ابن سنان, وفي سندها حكيم مؤذن بني عيسي.

    البحث يأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/06
    • مرات التنزيل : 947

  • جديد المرئيات