نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (131)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    كان الكلام في الشواهد التي يمكن إقامتها لإثبات التعميم المستفاد من كلمات اللغويين, حيث قيل أن اللغة وأن الوضع اللغوي يقول بعدم الاختصاص بغنائم دار الحرب في مادة غنم وغنمتم.

    وأشرنا إلى هذه الشواهد وانتهينا إلى الشاهد الرابع وهي الشواهد الروائية, التي بينّت من مصاديق الغنيمة والاغتنام ما يرتبط بالأرباح والفوائد, هذا التعبير نحن في العادة لا نوافق عليه أنّ الأئمة فسروا الغنيمة بأرباح المكاسب أو الفوائد, هذا ليس تفسيراً وإنما هو بيان المصداق.

    وهنا بودي الإشارة إلى هذه القاعدة المرتبطة ببحث التفسير, الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وكذلك الرسول الأعظم’ في خمس وتسعين في المائة من الموارد التي يتكلمون فيها في الآيات المباركة إنّما هي بيان المصداق لا التفسير بالمعنى المصطلح. وهذه قضية أساسية لابد أن يلتفت إليها في مباحث التفسير.

    ليس الإمام أو النبي بصدد التفسير لماذا؟ لأن القرآن نزل {بلسان عربي مبين} فعندما نحتاج إلى مفردة لابد أن نرجع لا إلى الإمام وإنما إلى اللغة لنرى أنه ماذا تقول اللغة في تلك المفردة.

    نعم, الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وسّعوا مصاديق هذه المفاهيم اللغوية والمفردات اللغوية, فنحن في الأعم الأغلب لأنسنا بالأمور المادية يتبادر إلى ذهننا المصداق المادي, الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) يوسع المصداق ليشمل غير المصداق المادي.

    مثلاً عندما يقول: {ألم يعلم بأن الله يرى} الرؤيا كمفردة لغوية لابد أن نرجع فيها إلى اللغة ولكن مصاديق الرؤية هل تختص بالرؤية الحسية أو أن للرؤية مصاديق غير حسية, كذلك في المقام أعزائي عندما نقول بأنه الإمام× قال: بأن غنمتم تشمل ايضا الفوائد وأرباح المكاسب, هذا ليس من باب التفسير وإنما من باب بيان المصداق يعني أن مصداق الغنيمة لا يختص بغنائم دار الحرب وإنما يشمل غير ذلك أيضاً, جيد.

    فيما يتعلق بالشاهد الرابع قلنا – وهي النصوص الروائية- هذه النصوص الروائية متعددة وأشرنا إلى بعضها في الأمس, قلنا: أن السيد البروجردي+ في كتابه أو في تقريرات بحثه >زبدة المقال< قال: وأما الروايات فمنها: الطائفة المستفيضة بل المتواترة المفسرة – أنا ذكرت هذه المقدمة لأبين الملاحظة على هذا التعبير هذه ليست مفسرة وإنما هي لبيان المصداق- المفسرة لآية الاغتنام الدالة على شمول الغنيمة وهذا قرينة على أن المراد توسعة المصاديق شمول هذا اللفظ لغير غنائم دار الحرب, لمطلق الاستفادات وعدم اختصاصها بغنائم دار الحرب.

    لا يتبادر إلى ذهن الأعزة أن السيد البروجردي+ بصدد الإشارة إلى مجموع الروايات الواردة في الفوائد وأرباح المكاسب ونحو ذلك, أعم من أن تكون لبيان الآية أو لعدم بيان الآية, لا يتبادر إلى الذهن, لأن البعض يقول كيف أن السيد البروجردي ادعى هنا التواتر مع أنه الروايات معدودة ثلاث أربع روايات أشرنا إليها بالأمس, فلعل مقصود السيد+ مجموع الروايات الواردة في المقام لإثبات الخمس في أرباح المكاسب, وإن لم يكن فيها استدلالٌ بهذه الآية.

    الشاهد على ما أقول, هو: ما ذكره في الآخر, قال: ومنها: ما ورد في بيان الحكم في الخصوص لا في تفسير الآية وهي كثيرة, إذن هذا يكشف عن أن السيد البروجردي عندما قال: المستفيضة بل المتواترة مراده ماذا؟ مراده ما ورد في تفسير الآية لا مطلق الروايات الواردة في المقام.

    انتهينا أعزائي في الدرس السابق إلى الرواية الثالثة, الرواية الثالثة أصلها نقلها الشيخ في التهذيب المجلد الرابع ص121, الرواية هذه >علي ابن الحسن ابن فضّال عن الحسن ابن علي ابن يوسف عن محمد بن سنان عن عبد الصمد ابن بشير عن حكيم مؤذن بني عبس – الذي قلنا بأنه قد يكون بني عبس وقد يكون بني عيسى وعلى كلا التقديرين لا يصح ما ورد في وسائل الشيعة المصححة بني عيس, إنما هي إما بني عبس وإما بني عيسى- عن أبي عبد الله الصادق× قال: قلت له: {وأعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول} قال هي والله الإفادة يوماً بيوم< هذا هو النص الوارد.

    وأتصور أن البيان لعله من أوضح الروايات الدالة على وجوب الخمس في مطلق الفائدة والربح, في المكاسب وغير المكاسب.

    وأهمية هذه تأتي من أن الإمام× صار بصدد بيان هذه الحقيقة في ذيل آية الخمس. جيد.

    ما هو سند الرواية أعزائي؟ سند الرواية أعزائي ظاهر عبارة السيد البروجردي أنه أساساً لا يوجد مشكلٌ سندي في هذه الرواية إلا حكيم مؤذن بني عبس, ولذا في >زبدة البيان< ص78 يشير إلى هذه النقطة بشكل واضح كما سأبين.

    الآن ما هو حال حكيم مؤذن بني عبس؟ هذا الرجل أعزائي لم يرد له توثيق كما في >تنقيح المقال<, >تنقيح المقال المجلد الثالث والعشرين ص445, رقم الترجمة 6851< عدّه الشيخ رحمه الله في رجاله من أصحاب الصادق× وظاهره كونه إمامياً إلا أن حاله مجهول, طبعاً هناك يعبر عنه حكيم مؤذن بني عبس (بني عيسى).

    إذن بحسب المباني أو التعبير الرياضي – إن صح التعبير- أنه ثقة أو ليس بثقة فبحسب الكتب الرجالية مجهول الحال.

    من هنا نجد أن السيد البروجردي+ حاول أن يصحح وأن يوثق مَن؟ حكيم مؤذن بني عبس.

    في ص78 هذه عبارته, يقول: أن حكيماً راوي الرواية كان إمامياً ثقة, مع أنه ورد له توثيق أو لم يرد؟ لم يرد فيه توثيق, ولكن من أين يقول السيد البروجردي أنه ثقة؟ التفتوا جيداً وهذه هي من خصوصيات منهج السيد البروجردي وهو أنه لا يتعامل مع الرجال هذا التعامل الرياضي, ورد فيه ثقة فهو ثقة, لم يرد فيه ماذا؟ فليس بثقة, لا لا يتعامل بهذا, وإنما يذهب إلى أحوال الرجل ليقرأ تاريخه ليقرأ وضعه وبعد ذلك يقول ثقة أو ليس بثقة, يقول: توجد خصوصيتان في حكيم مؤذن بني عبس:

    أولاً: كونه مؤذناً إذن لم يكن ثقة طيب فلا يمكن أن يكون مؤذناً, كيف يمكن الاعتماد على أنه يعتمد عليه على أوقات الصلوات وهو ليس بثقة, ولذا هنا يقول لا فقط هو ثقة بل هو عادل؛ لأنّه أخذ عنوان المؤذنية, لأنه مؤذن بني عيسى أو مؤذن بني عبس. هذه الخصوصية الأولى.

    الخصوصية الثانية: أنه مسألة الخمس أهل البيت لم يكن يبينوها للجميع وإنما كانوا يبينونها لخواص شيعتهم, فإذا لم يكن من الخواص لمَا بينها الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) له.

    يقول: أن حكيماً راوي الرواية كان إمامياً ثقة فإن هذا الحكم إنما هو من مختصاتهم لا يظهرونه إلا لمواليهم, هذه الخصوصية الأولى.

    الثانية: مضافاً إلى أن اشتغاله بالأذان على ما يستفاد من لقبه تشعر بل تدل على مواظبته لأوقات الصلاة ومراقبته عليها وهو يدل على وثاقته بل على عدالته, طيب والأمر إليك, الآن هل هذا كافٍ في توثيق هذا الرجل أو ليس كافياً, هذا منهج غير المنهج الموجود أنه نرجع إلى الكتب الرجالية لنرى أنه قال عنه ثقة أو لم يقل عنه ثقة, ذاك منهج آخر أنت لابد أن تحقق في ذلك المنهج الرجالي, هذا هو المورد الأول في هذا السند.

    المورد الثاني: في هذا السند, الرواية >عن محمد بن سنان< وأنتم تعلمون الكلام الموجود في محمد بن سنان, وأنه فيه كلامٌ طويل وعريض وإن كان التحقيق عندنا توثيق محمد بن سنان وإن كان لعله المشهور بين الأعلام المعاصرين – الآن لا أعلم واقعاً إدعاء الشهرة- ولكنه جملة من الأعلام المعاصرين يذهبون إلى عدم توثيقه, هذا هو المورد الثاني.

    المورد الثالث: وهو أن الشيخ& ينقل هذه الرواية بسنده إلى علي ابن الحسن ابن فضّال, وفي سند الشيخ إلى علي ابن الحسن ابن فضّال يوجد علي ابن محمد الزبير, وهذا ما يشير إليه في المشيخة, في المشيخة في المجلد العاشر ص – من المشيخة لا من الجزء- من المشيخة ص55 هذه عبارته, يقول: وما ذكرته في هذا الكتاب عن علي ابن الحسن ابن فضّال, فقد أخبرني به أحمد ابن عبدون المعروف بابن الحاشر سماعاً منه وإجازةً عن علي ابن محمد ابن الزبير عن علي ابن الحسن ابن فضّال.

    وهذا المعنى الذي أشار إليه هنا صرح به في الاستبصار, في الاستبصار المجلد الثاني ص54 ينقل هذه الرواية مع سنده إلى الفضّال, يقول في الجزء الثاني ص54 في باب وجوب الخمس, قال: أخبرني أحمد ابن عبدون عن أبي الحسن علي ابن محمد ابن الزبير عن علي ابن الحسن ابن فضّال عن الحسن ابن علي ابن يوسف عن محمد ابن سنان عن عبد الصمد ابن بشير عن حكيم مؤذن بني عبس عن أبي عبد الله الصادق. هناك يصرح به.

    طيب هذا الرجل ما هي مشكلته؟ في الواقع أن هناك كلامٌ كثير في هذا الرجل وهو علي ابن محمد ابن الزبير القرشي, وهو أنه هل هو ثقة أو ليس بثقة؟ السيد الخوئي+ في معجم رجال الحديث الجزء الثاني عشر ص140 بعد أن ينقل هذا المعنى أولاً: يشير إلى شخصين يقول هما متحدان علي ابن محمد ابن الزبير برقم 8416, وعلي ابن محمد ابن الزبير القرشي برقم8417, يقول: بقي الكلام في وثاقة الرجل وعدمها, قد يقال أنّه ثقة, ويستدل على ذلك بوجهين:

    الوجه الأول: أنه من مشايخ الإجازة, إجازةً وسماعاً. طيب هذه قاعدة رجالية لابد أن تحقق في محلها الآن ليس وقتها, أن مشايخ الإجازة هل تدل على الوثاقة أو لا تدل على الوثاقة, وهو يصرح هنا بأنّ مشيخة الإجازة لا تدل على الوثاقة, ويرده أنه لم يقم دليل على وثاقة كل من يكون شيخ إجازةٍ.

    الثاني: قول النجاشي: وكان علواً في الوقت, هذه الجملة أعزائي من النجاشي قرأت وكان غلواً في الوقت, بالغين, يعني كان ماذا؟ مغالي في زمانه, وبعضٌ يقرأها وكان علواً في الوقت يعني كان عالياً.

    السيد الخوئي يقول: أما كونه مغالياً فهذا واضح أنه لا يدل على الوثاقة, وأما كونه عالياً يقول: معناه أنه كان رجلاً شاخصاً ومن المعاريف في زمانه, وأما وثاقته فلا تستفاد من مثل هذه الكلمة, والمتحصل أن علي ابن محمد ابن الزبير لم تثبت وثاقته, إذن الرواية وهي روايات كثيرة ينقلها الشيخ عن علي ابن الحسن ابن فضّال في طريقها من؟ في طريقها علي ابن محمد ابن الزبير, على المبنى, فإذن هذه الرواية بالإضافة إلى مشكلة حكيم مؤذن بني عبس, ومحمد ابن سنان, توجد فيه هذه المشكلة الثالثة التي أشرنا إليها.

    إذن من حيث السند الرواية ليست هكذا صافية حتى يمكن الاستناد إليها, وإن كان مضمونها مضموناً واضحاً.

    يبقى في السند إخواني عبد الصمد ابن بشير فهو ثقة ثقة, وكذلك بالنسبة لعلي ابن يوسف عن الحسن ابن علي ابن يوسف البقاح الذي هو ايضا ثقةٌ.

    هذا من حيث سند الرواية, ولذا الأعزة الذين يريدون أن يستندون إلى هذه الرواية لابد أولاً يصححون السند ويتخلصون من هذه المشاكل الثلاثة التي أشرنا إليها في سند هذه الرواية. الرواية الرابعة في المقام.

    إذن الرواية الأولى: سندها كان تام أو غير تام؟ غير تام.

    الرواية الثانية: سندها فيه عدّة مجاهيل.

    الرواية الثالثة: ايضا فيها هذه المشاكل السندية.

    الآن إدعاء التواتر يصبح واضح أمامكم بأنه واقعاً هل يمكن إدعاء التواتر من أربع روايات ثلاثة منها فيها مشاكل سندية مثلاً, على أي الأحوال.

    الرواية الرابعة: وهي الرواية الواردة في التهذيب المجلد الرابع ص141, هذه الرواية أعزائي وهي الرواية رقم 398 الرواية طويلة المتن, تقريباً تقع في صفحتين ونصف, وهي من الروايات التي سيأتي الكلام عنها إنشاء الله تعالى لاحقاً وهي من الروايات الواردة >عن الإمام الجواد (عليه أفضل الصلاة والسلام) محمد ابن الحسن الصفار عن أحمد ابن محمد وعبد الله ابن محمد عن علي ابن مهزيار قال: كتب إليه أبو جعفر الجواد× وقرأت أنا كتابه…< إلى آخره.

    من حيث السند أعزائي السند يُعد من الإسناد الأعلائية يعني سند معتبر لا أنه معتبر بل معتبر جداً, لأن طريق الشيخ إلى محمد ابن الحسن الصفار صحيح بلا إشكال, وأما أحمد ابن محمد وعبد الله ابن محمد فهما أخوان ابنا عيسى ابن عبد الله الأشعري, مضافاً إلى أنه أحمد ابن محمد ابن عيسى هو شيخ القميين كما هو معروف, وأما علي ابن مهزيار فلا يحتاج إلى تعريف هو ثقةٌ جليل القدر وفيه توثيقات صادرة في حقه كما هو معلوم للأعزة.

    إذن من حيث السند أعزائي الرواية ما هي؟ لا يوجد هناك بحث في السند.

    إنما الكلام في المضمون, ماذا يوجد في هذه الرواية؟ كما قلت للأعزة الرواية تقع في صفحتين إلى ثلاث صفحات, محل الشاهد في الرواية, >قال: فأما الغنائم والفوائد< طيب هذا العطف أي عطف؟ الذي يفيدنا في المقام أن نفسر هذا العطف بالعطف ماذا؟ التفسيري, هذا معناه أنه عطف الفوائد على الغنائم, طيب من الواضح بان الفوائد أيضاً شاملة لكل أرباح المكاسب.

    >قال: فأما الغنائم والفوائد فهي واجبةٌ عليهم في كل عامٍ قال الله تعالى: {واعلموا أنما غنمتم}< يعني الإمام صادر بصدد استفادة وجوب الخمس في الفوائد والغنائم من ماذا؟ من هذه الآية المباركة.

    >فأما الغنائم والفوائد فهو واجبةٌ عليهم في كل عام قال الله تعالى: {وأعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه}… إلى أن يقول (عليه أفضل الصلاة والسلام) والغنائم والفوائد< هذا شاهد آخر على أن العطف عطف ماذا؟ عطف تفسير, ثم يقول: >والغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة …< إلى أن يقول (عليه أفضل الصلاة والسلام) ايضا يقول: >الغنيمة…< ثم الإمام يكون بصدد بيان الغنائم والفوائد ويذكر جملة من الموارد التي لا علاقة لها بغنائم دار الحرب.

    إذن محل الشاهد ماذا؟ هذه الجملة, وظاهرها ايضا مفيد لهذا المعنى.

    المشكلة الأساسية أعزائي في هذه الرواية أنّ هذه الرواية فيها من الإشكالات الكثيرة ما أريد أن أقول لا تُعد ولا تُحصى, لماذا لأنه لا يوجد فيها مقطع أو مقطعين أو ثلاث, الرواية في ثلاث صفحات, ومن هنا قال جملة من الأعلام أن اضطراب المتن فيها وإجمال الرواية وإعراض الأصحاب عن جملة من فقراتها ونحو ذلك أن هذه الرواية معرضٌ عنها.

    إذن أنت لكي تستدل بهذا المقطع لابد أن يكون هذا المقطع منسجم مع المقاطع التي قبله ومع المقاطع التي بعده.

    ولذا تجدون السيد الخوئي+ في مستند العروة, عندما يأتي إلى هذه الرواية, هذه الرواية يعرض لها في ص200 من مستند العروة الإخوة الذين يريدون أن يراجعونها ولو بنحو الإجمال هذه عبارته, يقول: ولنأخذ في شرح بعض فقرات هذا الحديث الشريف المروي عن أبي جعفر الجواد× ودفع ما أورد عليه من الإشكالات, لأنه ليس إشكال أو إشكالين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة.

    ثم يقول في ص201 ايضا نفس الكلام, ثم يقول في ص203 أعزائي: فهذه الجملة لا توجب سقوط الرواية عن الحجية, إذن بعض الجمل الرواية توجب ماذا؟ سقوط الرواية عن الحجية, ثم يقول في ص204, طبعاً توجد مشكلة أخرى في هذه الرواية لأنها رواية طويلة المتن, يوجد إشكالات في ضبط الرواية, جملة من الكلمات مختلف فيها بحسب الاستبصار والتهذيب وغيرها, إلى أن يقول: ومنها في ص205, ومنها: حيث أشكل عليها المحقق الهمداني بأنه يظهر منه أن الأرباح غير داخلة… إلى أن يقول: وعليه فيصح الاستدلال بها ولا يرد عليها شيء من الإشكالات حسبما عرفت.

    طبعاً هذه الرواية نحن الآن لم نعرض لها مفصلاً لأنها مرتبطة بأرباح المكاسب فإذا انتهينا إلى أرباح المكاسب سنقف عند هذه الرواية تفصيلاً, ولكنه من باب ذكر القاعدة أشير للأعزة.

    هناك قاعدة في علم التفسير في علم أصول التفسير, أن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) عندما يريدون أن يفسروا آية من الآيات أو يبيّنوا آية من الآيات يستعملون عدّة طرق أعزائي.

    الطريق الأول: بيان الآية في ضمن سياق الآيات المحيطة بتلك الآية فيعطوا لها بياناً.

    الطريق الثاني: أن الآية يقتطعونها من محيطها ومن سياقها المحيط بها ويبينون لها معنىً أنت عندما تنظر إلى السياق يساعد عليه السياق أو لا يساعد؟ لا يساعد, ولكن أيضا يفعلون ذلك.

    الطريق الثالث: أن يأتون إلى الآية ويقطعونها إلى صدر الآية وذيل الآية ووسط الآية ويأخذون كل مقطعٍ ويبينونه ببيانٍ. أنت لو تنظر إلى مجموع الآية لا يمكن استخراج هذا المضمون من جملة في الآية, ولكن لو جعلتها مستقلة هذه الجملة تجد أنها تعطي هذا المعنى, هذا الطريق الثالث.

    الطريق الرابع: وهو أن يأخذوا مفردة واحدة من الآية ويعطون لها معنىً لو جعلتها في ضمن الجملة تعطي ذلك المعنى أو لا تعطي؟ وهذه من اختصاصات مدرسة أهل البيت, أنت هذه القضية لا تجدها في أي اتجاهٍ فكري آخر, لا عند العرفاء ولا عند المتكلمين ولا عند السنة ولا عند المعتزلة ولا عند الأشاعرة, أهل البيت يقولون بأنه نعم هذا ممكن.

    ولذا أشكلوا على من أراد تفسير القرآن قال: >ما ورثك الله من القرآن حرفاً كيف وصدر الآية في شيء وذيلها في شيء ووسطها في شيء<.

    ومن هنا أعزائي – دعني هنا أبين لك القاعدة- ومن هنا أعزائي الدخول مع الطرف الآخر في البحث القرآني معهم لا يمكن أن يأتي بنتيجةٍ واضحةٍ, لماذا؟ لأن أهل البيت يأخذ مقطع من الآية ويفسرها, هو يقبل هذا المنهج أو لا يقبل هذا المنهج؟ لا يقبل, فكيف تستدل عليه, وكثير من استدلالاتنا في أبحاث الإمامة قائمة على هذه المناهج.

    الآن هذه المقدمة لماذا ذكرتها للأعزة, هذه القواعد يمكن تطبيقها على رواياتهم أو لا يمكن؟ لأن جملة من الأعلام إنما اسقطوا الاستدلال بهذا المقطع – لأن السند تام- اسقطوا الاستدلال بهذا المقطع من الرواية لأنهم قالوا لا تنسجم مع المقاطع السابقة ولا مع المقاطع اللاحقة, فإن بنينا على وحدة هذه المقاطع فالحق معهم, أما إذا أمكن تطبيق تلك القواعد التي أشرنا إليها في القرآن وفي تفسير القرآن على رواياتهم أيضاً فالحق معهم أو ليس معهم؟ ليس معهم.

    ولذا إنشاء الله تعالى في محله سنقف عند هذه النقطة, جيد.

    إخواني الأعزاء, هذه مجموعة الشواهد التي استند إليها مشهور علماء الإمامية من المتقدمين والمتأخرين لبيان أن الآية المباركة شاملة لأرباح المكاسب أيضاً.

    إذا الأعزة وجدوا شاهداً آخر مؤيد آخر لم نشر إليه واقعاً فليدلونا عليه, هذه مجموعة الشواهد التي أشاروا إليها.

    وعلى هذا الأساس قالوا ماذا؟ قالوا: بأن الآية شاملة لكل الفوائد والأرباح فضلاً عن غنائم دار الحرب.

    من الذين صرحوا بذلك أعزائي, السيد الخوئي, السيد الخوئي في المستند ص194 هذه عبارته, يقول: ولعله, ومن ثَم, وكيفما كان فلا ينبغي التأمل في إطلاق الآية المباركة في حدّ ذاتها وشمولها لعامّة الأرباح والغنائم, طبعاً هو لم يشر إلى مجموعة هذه الشواهد, نحن جمعنا كل هذه الشواهد والمؤيدات. هذا المورد الأول, ص195 من المستند.

    المورد الثاني: ما أشار إليه السيد الميلاني السيد محمد هادي الميلاني الذي هو من أعلام فقهاء الإمامية, وإن كانت آرائه غير متداولة فيما بين أيدينا ولكنه يعد من أعلام فقهاء الإمامية, الذي كان في مشهد, سيد محمد هادي الميلاني, وعنده مجموعة من الكتب الفقهية محاضرات في فقه الإمامية, كتاب الخمس, جمعها وعلّق عليها الفاضل الحسيني الميلاني. هناك في ص10 هذه عبارته, والحاصل أن مورد الآية وإن كان هو غنيمة دار الحرب لكنّ المدار على عموم الآية, حيث أن الموصول أنّ ما هذه ما الموصولة, وصلته من القضايا العامة يعني غنمتم, والمورد لا يخصص العام كما في كثيرٍ من الموارد. هذا ايضا دعوى السيد الميلاني.

    وكذلك الشيخ فاضل اللنكراني في تفصيل الشريعة – الأعزاء يتذكرون بالأمس قرأنا العبارة لعله في ص10 من الكتاب- يقول: ويدل على عموم الغنيمة في آية الخمس, ويشير إلى بعض الشواهد التي أشرنا إليها.

    وكذلك أعزائي من الأعلام ما أشار إليه الفقيه الهمداني في مصباح الفقيه المجلد الرابع عشر ص14, أقول: الظاهر أن هؤلاء الأعلام أرادوا بما ذكروه معنى الغنيمة ويُنزل عليها إطلاق الآية, وإلا فهي بحسب الظاهر اسمٌ لكل ما استفيد فينبغي أن يحمل عليه إطلاقُ الآية إلا أن يدل دليل من نصٍ أو إجماعٍ على التخصيص ولم يرد مثل هذا التخصيص.

    وكذلك أعزائي, النراقي في مستند الشيعة في أحكام الشريعة المجلد العاشر ص9 هذه عبارته, قال: اعلم أن الأصل وجوب الخمس في جميع ما يستفيده الإنسان ويكتسبه ويغنَمه للآية الشريفة والأخبار, أما الآية فيدخل فيها ويشير أيضاً إلى بعض الشواهد.

    وآخرهم أعزائي, ما ورد في كتاب المدارك المجلد الخامس السيد الطباطبائي الموسوي, في المجلد الخامس ص379 هذه عبارته, قال: احتج الموجبون, الموجبون بوجوب الخمس في جميع الأرباح والمكاسب بقوله تعالى: وأعلموا أنما غنمتم والغنيمة اسم للفائدة فكما يتناول هذا اللفظ غنيمة دار الحرب بإطلاقه يتناول غيرها من الفوائد.

    وهكذا جملة من أعلام الفقهاء من زمان الشيخ الطوسي وما بعد ذلك.

    الآن إن شاء الله تعالى إلى هنا نحن قررنا بحث المقتضي في كلمات الأعلام لوجوب الخمس في الفوائد من هذه الآية.

    السؤال: هل أن ما ذكره الأعلام تامٌ أو ليس بتامٍ؟ إن شاء الله من غد سندخل إن شاء الله إذا ساعدني هذا الصوت, من غد إن شاء الله تعالى سندخل في نقد ما ذكره هؤلاء الأعلام وهل هو تام أو أنه ليس بتامٍ.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/06
    • مرات التنزيل : 1724

  • جديد المرئيات