بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
انتهينا في البحوث السابقة إلى ما يعتقده المشهور في هذه الآية المباركة, وهي أن آية الخمس وأن الغنيمة في هذه الآية كما هي شاملة للغنائم الحربية فإنّها أيضاً شاملة لأرباح المكاسب والتجارات.
وأنتم تعلمون أهمية هذه المسألة وهي أنه هل يوجد هناك أصلٌ قرآني لوجوب الخمس في أرباح المكاسب والتجارات أم لا؟ باعتبار أنّ الخمس في غير أرباح المكاسب والتجارات تقريباً الآن في الأعم الأغلب لا مورد له, مثلاً: فيما يتعلق بالغنائم الحربية, طبيعة الحال إذا كانت هناك غنائم حربية بطبيعة الحال مرتبطة بالدول أو فيما يتعلق بالمعادن مثلاً إذا كانت هناك معادن فلا تأتي أخماسها إلى المراجع وإلى الفقهاء والحوزات وإنما المعادن تذهب أيضاً إلى الدول, وهكذا فيما يتعلق في باقي موارد ما يجب فيه الخمس, العمدة إنما هو في أرباح المكاسب والتجارات والصناعات.
من هنا يطرح هذا التساؤل وهو: أنه هل لهذا الخمس أصلٌ قرآني أم لا؟
بيّنّا في الأبحاث السابقة أن مشهور فقهاء الإمامية يقولون أن هذه الآية المباركة كما هي شاملة للغنائم الحربية فإنها أيضاً شاملة لأرباح المكاسب والتجارات.
واستندوا في ذلك أولاً: إلى مادّة الغنيمة, والغُنم وغنم قالوا بأنه من الناحية اللغوية فإنها كما تستعمل في غنائم دار الحرب تستعمل في مطلق الفائدة والربح ونحو ذلك.
وتأييداً وأقاموا مؤيدات وشواهد وأدلة لإثبات هذه الحقيقة أشرنا إليها إجمالاً في الأبحاث السابقة وهي:
أولاً: ما ذكره جملة أو فهمُ جملة من أعلام المفسرين.
وثانياً: ما ذكره السيد الخوئي+ في مسألة ما الموصولة {ومن شيءٍ} الواردة قال: دالة على العموم والإطلاق.
وثالثاً: الاستشهاد بقاعدة >الغُنم بالغرم<.
ورابعاً: ولعلها العمدة من الشواهد والمؤيدات والأدلة والاستناد إلى بعض النصوص الواردة عن أئمة أهل البيت حيث فسروا, أو لا أقل استعملوا أو أشاروا إلى أن من مصاديق الغنيمة في الآية التفتوا إلى أن من مصاديق الغنيمة في الآية أو من مصاديق {ما غنمتم} في الآية هو الإفادة يوماً بيوم, كل فائدة وإن كانت فوائد وأرباح التجارات والمكاسب ونحو ذلك.
هذه القضية أعزائي حتى تتضح للإخوة الأعزة أهمية هذا البحث, واقعاً بأنه هذا البحث إذا ثبت يعني ما يقوله مشهور علماء الإمامية من أن الآية شاملة لأرباح المكاسب.
عند ذلك يجاب عن تساؤل أساس وهو: أنه إذا كان خمس أرباح المكاسب من الفرائض الدينية الثابتة في الشريعة إذن فلماذا لا نجد أثراً لذلك في القرآن الكريم ولا في كلمات النبي الأكرم ولا في كلمات أئمة أهل البيت الذين سبقوا الإمام الجواد والكاظم والصادق ونحو ذلك. لأنه هذه الشبهة أو هذا الاستشكال من الاستشكالات الأساسية المطروحة وهو أن وجوب الخمس في أرباح المكاسب التي قلنا هي العمدة, أن وجوب هذا الخمس إن كان من الفرائض الثابتة في الشريعة كفريضة الزكاة, كفريضة الصوم, كفريضة الحج, إذن لماذا لا نجد أثراً لذلك في الكتاب, لماذا لا نجد أثراً لذلك في كلمات الرسول الأعظم, لماذا لا نجد أثراً لذلك في كلمات الإمام أمير المؤمنين إلى زمان الباقر والصادق, بعد ذلك بدأت تظهر عندنا مجموعة من الروايات قالت بوجوب الخمس في أرباح المكاسب.
إن تمت هذه الدعوى وتم هذا البيان أن الآية فيها إطلاقٌ وشمولٌ يشمل أرباح المكاسب أيضاً إذن هذا الكلام يكون له أساس صحيح أو لا يكون؟ لا يكون لأنه لوجوب الخمس في أرباح المكاسب أصلٌ قرآني وهو الآية المباركة.
ولذا هذه المسألة حاول الأعلام بطرق متعددة أن يجيبوا عنها وإن شاء الله تعالى في الوقت المناسب سنشير إليها, ولكن أريد أن أبين للأعزاء أهمية إثبات هذه المسألة.
السيد الخوئي+ في مستند العروة في ص196 يقول: وإن تعجب فعجبٌ أنه لم يوجد لهذا القسم من الخمس -وهو الخمس في أرباح المكاسب التي هي العمدة- أنه لم يوجد لهذا القسم من الخمس عينٌ ولا أثرٌ في صدر الإسلام إلى عهد الصادقين^ حيث أن الروايات القليلة الواردة -التفتوا جيداً التعبير- حيث أن الروايات القليلة الواردة في المقام كلها برزت وصدرت منذ هذا العصر, أما قبله فلم يكن منه اسم ولا رسمٌ بتاتاً حسب ما عرفت.
فإذا استطعنا أن نثبت أن الآية المباركة فيها عموم وشمول يشمل أرباح المكاسب إذن هذا التساؤل يسقط عن الاعتبار.
نعم, إذا تم هذا قرآنياً وثبت أن لخمس أرباح المكاسب أصل قرآني, يتولد عندنا إشكالٌ من جهة أخرى -التفتوا جيداً- ما هو الإشكال؟ وهو أنه إذا كان هذا الخمس ثابتاً إذن لماذا لم نعهد من رسول الله أنه دعى أو جَبَا هذا الخمس وبعث إليه العمال كما كان يفعل في باب الزكاة, نحن نعلم أنه في باب الزكاة كان هناك جباة يجبون الزكاة عمال يقومون بهذه الوظيفة, ثم إذا كانت هذه القضية واضحة لماذا أن الخلفاء الذين جاؤوا بعد رسول الله أيضاً لم يأخذ أحد منهم الخمس ولماذا أن الإمام أمير المؤمنين× لم يأخذ الخمس من أحد ونحو ذلك.
إذن واقعاً الآية إن قلنا لا دلالة فيها يصير عندنا إشكالية أنه لماذا أن القرآن لم يشر إلى هذا والأئمة لم يشيروا؟ إن ثبت أن القرآن قال ذلك إذن لماذا لم نجد أثر هذا الوجوب في سيرة النبي الأكرم’ وسيرة من حكم بعد رسول الله’.
ولذا السيد الخوئي ايضا يشير -ليس فقط السيد الخوئي أنا من باب أن هذا الكتاب موجود إن شاء الله تعالى بيد الإخوة أحاول أن استند إلى العناصر الموجودة بيد الإخوة-.
يقول: وحاصله: أن الآية في ص195 من مستند العروة الوثقى, وحاصله: أن الآية لو كانت مطلقة وكان هذا النوع من الخمس ثابتاً في الشريعة المقدسة فلماذا لم يُعهد أخذه من صاحب الشرع حيث لم يُنقل لا في كتب الحديث ولا في التأريخ أن النبي’ أو أحداً من التصدين بعهده حتى وصيه المعظم في زمن خلافته الظاهرية تصدى لأخذ الأخماس من الأرباح والتجارات كما كانوا يبعثون العمال لجباية الزكوات, بل قد جعل سهم خاص للعاملين عليها فإنه لو كان ذلك متداولاً كالزكاة لنقل إلينا بطبيعة الحال, ولماذا أساساً خلفاء الأمويين وحكام الأمويين لم يأخذوا الخمس من الناس, ولماذا أن خلفاء العباسيين أو حكام العباسيين لم يأخذوا الخمس من الناس, إذا كان هو مدلول الآية المباركة.
إذن القضية أعزائي واقعاً من الناحية النظرية, من الناحية العملية الفتاوى الرجوع إليها والمكلف مكلف بالرجوع إلى فتوى مرجعه, ولكنه نتكلم من الناحية النظرية, من الناحية التجريبية من الناحية العلمية, المسألة معقدة الحق والإنصاف أنه إن قلنا بالشمول فتوجد مشكلة وإن قلنا بعدم الشمول توجد مشكلة أخرى.
ولذا وجدتم بأننا وقفنا طويلاً لتقرير مطالب الأعلام حتى بعد ذلك نقرر ماذا نختار في المسألة.
أما ما هو مختارنا في المسألة, أعزائي في المقدمة لابد أن يتضح ما هو محل النزاع, إلى الآن الأعلام كانوا يصورون تقريباً أن محل النزاع في أمرين.
أو بعبارة أدق: أنّ الغنيمة لها استعمالان:
الاستعمال الأول: هو غنائم دار الحرب, أو الفوائد أو الأموال التي يحصل عليها الإنسان من خلال المغالبة والحرب يأخذها من العدو, هذا هو المورد الأول.
المورد الثاني: عدا ذلك, فإذن كان يدور الاستعمال عندهم في هذين الموردين:
المورد الأول: غنائم دار الحرب.
المورد الثاني: ما زاد على ذلك.
وفي اعتقادي أن هذا التقسيم الثنائي غير دقيق, وإنما الفوائد التي يحصل عليها الإنسان -طبعاً الفوائد المالية عموماً- الفوائد التي يحصل عليها الإنسان على ثلاثة أنحاء لا على نحوين:
النحو الأول: ما يحصل عليه الإنسان من خلال المغالبة والحرب مع العدو وهي المصطلح عليها بغنائم دار الحرب.
النحو الثاني: هي الفوائد المالية التي يحصل عليها الإنسان من غير مشقّةٍ ولا تعبٍ ولا جهدٍ ولا كسبٍ متعارفٍ, ولعله أساساً ليس في توقعه وانتظاره أن يحصل على هذه الفائدة المالية, هذا ايضا نوع من الفائدة.
من قبيل أن الإنسان يمشي في أرض في صحراء على سبيل المثال, يقطع البراري وإذا يجد شيئاً أمامه, طبعاً يجد شيئاً أمامه لا أنها تكون لُقطة حتى أنه تكون لا يستطيع أن يستملكها لا لا أبداً, وجد شيئاً في الصحراء من قبيل الإعراض مثلاً, طيب هذه فائدة مالية أو ليست فائدة مالية؟ نعم فائدة مالية ولكن حصل عليها من خلال الكسب من خلال المعاملة من خلال الجهد من خلال المشقة لا أبداً, أو أساساً أراد أن يبني بيتاً فبدأ بحفر الأرض وإذا وجد كنزاً, طيب هنا هذه الفائدة فائدة مالية, ولكنه من أقول بلا جهدٍ ولا مشقة, مقصودي جهد ومشقة لتحصيل المال وإلا هو بذل جهداً لحفر هذه الأرض ولكنه كان يحفر الأرض لتحصيل الماء وإذا حفر الماء حصل على بئر للنفط مثلاً, ممكن أو غير ممكن؟
بلي حصل في بعض المناطق هذا, وواقعاً أنّه تلك الدول بذلوا له الأموال ضخمة حتى أنه يتنازل عن حقه في هذا الذي خرج, أو انه يغوص في الماء يغوص الآن إما للنزهة أو لشيء آخر وإذا يحصل على درة ثمينة في قعر الماء, هذا ايضا نحوٌ من الفائدة المالية, طيب مصاديق أخرى ايضا موجودة -ومع الأسف هذا التسجيل يمنع من ذكر بعض المصاديق- إذن أعزائي النحو الثاني من الفائدة المالية هي التي يحصل عليها الإنسان بلا مشقةٍ, وبلا جهدٍ لتحصيل ذلك المال, وبلا توقعٍ وانتظارٍ لتحصيل ذلك المال, هذا النوع الثاني من الفوائد المالية.
النوع الثالث: من الفوائد المالية, هي مطلق الفائدة أو الفائدة التي يحصل عليها الإنسان من خلال المعاملات والطرق المتعارفة والمتداولة, وهو أنه يذهب يشتري محلاً أو يبني تجارةً أو يوجد شركةً أو مؤسسةً أو مصنعاً طيب بطبيعة الحال كل هذه المقدمات لأجل ماذا؟ لأجل تحصيل الربح لأجل تحصيل الفائدة المالية وفي الأعم الأغلب أو أساساً هذا العمل كله لأجل تحصيل المال.
إذن هو تحصيل للفائدة المالية ولكن هذه الفائدة المالية متوقعة أو غير متوقعة؟ لا, متوقعة مترقبة, مع الجهد والمشقة أو بلا جهد ومشقة؟ لا, مع الجهد والمشقة و.. إلى غيره.
في اعتقادي أنّنا إذا أردنا أن نتكلم في مسألة الغنيمة لابد أن نرى أنه شاملة الغنيمة لهذه الأنحاء الثلاثة أو أنها مختصةٌ بالقسم الأول أو هي شاملة للأول والثاني دون الثالث؟ ما أدري استطعت أن أوصل المطلب إلى الأعزة.
إذن أعزائي نحن عندما نأتي إلى مفردة الغُنم أو الغنيمة لابد أن نبحث عن بيانٍ لغوي لها لا أنه يبيّن شمولها للقسم الأول والثاني فإن شمولها للأول والثاني لا يستلزم شمولها للقسم الثالث, لابد أن تكون في كلمات اللغويين ما يشير إلى شمولها للأول والثاني والثالث معاً, عند ذلك نقول أن اللغة كما استعملت الغنيمة في القسم الأول وهي غنائم دار الحرب, استعملت الغنيمة في القسم الثالث وهي أرباح المكاسب والتجارات.
أتصور الآن اتضح لنا محل النزاع وماذا نريد من بيان اللغوي في هذه المسألة.
ولكن قبل أن أدخل في البحث أعزائي بودي أن أشير أو أضع الإخوة الأعزاء في جو مسألة حجية قول اللغوي, لأنه هذه من أوضح مصاديق الاستناد إلى قول اللغوي وإلا لو بنينا على أن قول اللغوي ليس بحجة واقعاً لابد أن نبحث بحثاً آخر حتى أولئك الذين قالوا أن قول اللغوي ليس بحجة عملاً استندوا إلى قول اللغويين, لأنه واقعاً لا طريق لنا لمعرفة اللغة إلا من خلال هذه المعاجم اللغوية الموجودة بأيدينا, على أي الأحوال.
هذه المسألة أعزائي ولو إجمالاً لدقائق لا أطيل على الأعزة حتى يكونون في جو البحث.
في مسألة قول اللغوي أعزائي يوجد بحثان:
البحث الأول: في مسألة قول اللغوي وهو: أنّنا هل يمكن أن نستند إلى المتخصص -عندما أقول قول اللغوي يعني المتخصص في اللغة- هل يمكن لنا أن نستند إلى المتخصص في اللغة في بيان الحقيقة عن المجاز أو لا يمكن؟ يعني نحن نجد أنه يستعمل هذا اللفظ في هذا المعنى, هل هو المعنى الحقيقي أو هو المعنى المجازي؟ أنتم تعلمون أن الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز, فهل أن هذا اللفظ موضوعٌ لهذا المعنى بنحو الحقيقة أو أنه بنحو المجاز؟ هذا بحث وهو الاستناد لقول اللغوي لتعين الحقيقة من المجاز, ولتمييز الحقيقة عن المجاز, هذا بحث.
البحث الثاني: ليس في تمييز الحقيقة من المجاز, وإنما نريد أن نرى أن هذا اللفظ مستعمل في هذا المورد في هذا المصداق أو غير مستعمل؟ الآن أن يكون حقيقياً, أن يكون مجازياً أن يكون لقرينة أن يكون بلا قرينة ليس نظرنا إلى ذلك أبداً, وإنما نظرنا أن هذا اللفظ مستعملٌ في هذا المصداق والمورد أو غير مستعمل.
مثلاً في مبحث الوضوء أو في مبحث التيمم الصعيد هذا اللفظ هل هو مختص بألف استعماله أو مستعمل في مطلق وجه الأرض أي منهما؟
الآن لماذا نذهب إلى الصعيد أعزائي, تعالوا إلى محل الكلام, أن مادّة غنم هل هي مستعملة في خصوص غنائم دار الحرب أو مستعملة في الأوسع من غنائم دار الحرب وهي الفائدة ولكن بلا مشقة, النحو الثاني, أو أوسع من الأول والثاني مستعملة في مطلق الفائدة ولو كانت فوائد أرباح المكاسب والتجارة.
إذن نسأل اللغوي لا ليميز لنا أن هذا الاستعمال حقيقي أو استعمال مجازي, هذا ليس سؤالنا للغوي بهذا اللحاظ.
وإنما نريد أن نعرف أن اللغة عندما استعملت مادة غنم, هل هو مختص بالنحو الأول, أو يشمل معنىً أعم يعني يشمل الثاني أو يشمل ما هو أعم من الأول والثاني وهو الاحتمال الثالث, ما أدري واضح هذه القضية.
سؤال: طيب ماذا تقولون؟ الجواب: نحن في أبحاث علم الأصول نعتقد أن قول اللغوي المتخصص -أن يكون من الأعلام من المتخصصين لا كل من كتب في اللغة من قبيل الفقه من قبيل أهل الخبرة في مجالٍ لا كل من يدعي الفقه لا من كل يدعي الكلام لا أن يكون متخصص في ذلك- إذا ثبت عند المتخصص في اللغة فنحن نقبل قوله في المقام الثاني لا في المقام الأول, يعني في تعيين موارد الاستعمال إذا ثبت اللغوي يقول شيء فكلامه يمكن الاستناد إليه وهذا معنى ما نقوله من حجية قول اللغوي في الاستعمال في تعيين موارد الاستعمال لا في تمييز الحقيقة عن المجاز.
ولذا أنتم تجدون من أول هذه الأبحاث إلى هذا البحث, أنا لم أطرح مسألة أنه حقيقة أو مجاز, وإنما كل كلامي منصب على أنه مستعمل أو غير مستعمل, فإذا ثبت أن مادّة غنم كما هي مستعملة في النحو الأول من الفوائد مستعملة في النحو الثاني من الفوائد وكذلك مستعملة في النحو الثالث من الفوائد, إذن الآية عندما قالت: {غنمتم} نقول لا قرينة على التقييد إذن يفيد الإطلاق والشمول والعمق.
أما إذا لم يثبت بحسب الاستعمال اللغوي أنّه مستعمل في أوسع من النحو الأول, أو لم يثبت أنّه مستعمل في الأوسع من النحو الأول والثاني إذن لا يمكن التمسك بالإطلاق ومقدمات الحكمة لإثبات الشمول.
إذن أول البحث لابد أن نرجع إلى اللغويين ماذا؟ مرةً أخرى أعزائي, حتى يتضح للإخوة أنه ماذا يقول اللغويون في هذا المجال وهو أنه مستعملٌ في خصوص النحو الأول كما يدعيه البعض أو مستعملٌ في الأعم حتى من الثاني والثالث.
تعالوا معنا إلى كلمات اللغويين مرةً أخرى.
المورد الأول: وهو للفراهيدي وهو من الكتب الأساسية أعزائي والقديمة أيضاً, كتاب العين لأبي عبد الرحمن الخليل ابن أحمد الفراهيدي المتوفى سنة 175 من الهجرة, يعني ولادته في 100 من الهجرة ووفاته في 175 من الهجرة, هذه الطبعة التي هي من منشورات دار الهجرة الجزء الرابع, هناك باب الغين والنون والميم معهما يقول – التفتوا جيداً- يقول: والغُنمُ الفوزُ بالشيء من غير مشقةٍ, التفتوا جيداً, والفوزُ, طبعاً هنا افتحوا قوس إن شاء الله بعد ذلك سنقف عنده, (طيب من هنا قد تقول لي إذن هذا كما لا يشمل القسم الثالث لا يشمل القسم الأول ايضا باعتبار أنه غنائم دار الحرب مع المشقة أو بلا مشقة؟ مع المشقة, طيب إذن أساساً يلزم خروج مورد الآية من الآية وأنتم قرأتم في محله أن مورد الآية نص في المطلوب لا يمكن أن يكون يخرج عن مورد الآية لا يمكن أن يكون المادة مادة غنم لا تشمل مورد الآية) هذا بحثه سيأتي, التفتوا جيداً المهم عندي هذا.
الفوزُ بالشيء ولكن ماذا؟ من غير مشقةٍ, فهنا هذا الاستعمال يبيّن لنا بشكل واضح أنّه يشمل القسم الثالث أو لا يشمل القسم الثالث؟ لا يشمل القسم الثالث بشكل واضح وصريح, هذا هو المورد الأول أعزائي.
المورد الثاني: ما جاء في كتاب تهذيب اللغة الذي هو ايضا من الأعلام والمتوفى سنة 370 من الهجرة, تهذيب اللغة لأبي منصور ابن أحمد الأزهري دار إحياء التراث العربي الجزء السابع ص141 يعني المجلد الرابع الجزء السابع ص141, وقال الليث: الغُنم الفوزُ بالشيء من غير مشقةٍ, إذن نفس البيان الذي قاله الفراهيدي. هذا هو المورد الثاني.
المورد الثالث: الذي أيضاً لا بأس بالإشارة إليه وهو: أنه ما ورد في لسان العرب لابن منظور المجلد العاشر ص133, مادّة غَنم, قال: والغُنمُ الفوزُ بالشيء من غير مشقةٍ. هذا هو المورد الثالث في المقام.
المورد الرابع: ما ورد في تاج العروس هذا ما كان عندي هذه النسخة, فلهذا نحتاج أنه فقط هذه واردة في الجزء الثالث والثلاثون من تاج العروس الطبعة الأولى, الكويت, أنا عندي مع الأسف إلى الجزء الخامس والعشرين منها ولم أكمل الباقي ولذا اضطررنا إلى سحبها, والغُنم الفوزُ بالشيء بلا مشقةٍ, الجزء الثالث والثلاثين ص188.
وكذلك في القاموس المحيط للفيروز آبادي, التي هي في طبع مؤسسة الرسالة, هناك ايضا مادة غنم, يقول: والفوزُ بالشيء بالضم, غنم بالكسر, غُنْماً بالضم وبالفتح وبالتحريك وغنيمةً وغنماناً بالضم والفوزُ بالشيء هو الفوزُ بالشيء بلا مشقةٍ.
وكذلك ما ورد في مجمع اللغة العربية, المعجم الوسيط, هناك يقول الغُنم هو الفوز بالشيء من غير مشقة.
وهكذا كل هؤلاء المدققين والمحققين تقريباً اتفقت كلمتهم على أن المراد من الغُنم هو الفوز بالشيء من غير مشقةٍ وبلا مشقة.
نحن كان بودنا أن البحث كان يطول أكثر من هذا ولكنّه نحاول أنه كم دقيقة نقصر من عمر البحث ومن زمان البحث أعزائي حتى نستطيع أن نداوم على صوتنا وإلا الدكتور منعنا أن نتكلم قال: لأنه بمجرد أن تتكلم الحالة السابقة ترجع, يعني الأوتار الصوتية أيضاً, وأنتم أيضاً تجدون الآن من أبدأ واضح الصوت ولكن يبدأ بمجرد الاستمرار أنه الأوتار الصوتية أيضاً يصير فيها تشابك, الآن ما ندري الحل لها ايضا ما هو ما ندري. على أي الأحوال.
إذن أعزائي إلى هنا انتهينا إلى هذه النقطة, الآن الفوائد المترتبة سأشير إليها في بحث غد, وهو أنه من الناحية اللغوية ثبت عند جملة ما أريد أن أقول كل الأعلام, ثبت عند جملة كبيرةٍ من أعلام اللغويين أنهم قالوا أن الغُنم والغنيمة ليس هو مطلق الفائدة حتى يشمل القسم الثالث من الفوائد أيضاً وإنّما هي الفائدة مع قيدٍ ما هو القيد؟ أن يحصل عليها الإنسان بلا مشقةٍ.
تتمة الكلام تأتي.
والحمد لله رب العالمين.