بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
جملة من الإخوة قالوا بأنه لا بأس بالإشارة إلى مسألة قول اللغوي ولو إجمالاً لدقائق هذه المسألة التي هي كثيرة الدوران على الألسن وكثيرة الاستفادة منها وأيضاً محل الكلام بين الأعلام.
في المقدمة لابد أن يتضح عندما نقول قول اللغوي ليس المراد من قول اللغوي يعني الاجتهادات التي يجتهدها ويعطي فيها رأياً في مثل هذه المسألة يتساوى هو والفقيه أو المفسر أو أي شخص آخر.
في هذا المجال ليس قول اللغوي حجة لا في تعيين الحقيقة والمجاز ولا في بيان موارد الاستعمال. وإنّما عندما نقول قول اللغوي حجة يعني ما يرتبط بنقله وتثبته وتفحصه إمّا للحقيقة والمجاز فيقول أن اللفظ الكذائي موضوعٌ للمعنى الكذائي حقيقةً, وإمّا لبيان موارد الاستعمال لا على أساس الاجتهاد والنظر ونحو ذلك وإلاّ ما الفرق بينه وبين الفقيه هو أيضاً يستطيع أن يراجع ويكون له نظرٌ آخر في المسألة. هذا أولاً.
الأمر الثاني: أنه عندما نقول قول اللغوي, قول اللغوي أعزائي, تارةً يراد لأجل بيان أن هذا المعنى المستعمل فيه اللفظ هل هو حقيقي أو هو مجازي؟ وفي الأعم الأغلب عندما يرجع إلى قول اللغوي يرجع إليه في هذه الجهة.
وأخرى: يرجع إلى قول اللغوي لبيان موارد استعمال هذا اللفظ أعم من أن يكون هذا الاستعمال حقيقياً أو أن يكون ذلك الاستعمال مجازياً.
بالأمس أشرنا إلى أننا نحن نقول بحجية قول اللغوي في موارد الاستعمال, يعني كالمثال الذي أشرنا إليه بالأمس أننا لا نعلم أن الصعيد مستعملٌ في خصوص التراب أو في مطلق وجه الأرض, ومن الواضح أنه هل تترتب ثمرة فقهية على هذا أو لا تترتب؟ نعم, تترتب, الآن لا فرق بعد ذلك أن يكون هذا الاستعمال استعمالاً حقيقياً أو أن يكون استعمالاً غير حقيقي, فإنّ الفقيه يستفيد من ذلك.
وكذلك في محل الكلام كما هو واضح يعني الآن في مسألة الغنيمة وهو أنّ اللغة عندما تقول الغنيمة اللغويون عندما يقولون غنيمة في أي شيءٍ تستعمل هذه اللفظة وهذه المادة وهي الغنيمة, هل هي في خصوص النحو الأول من الفوائد أو تستعمل في الأول والثاني أو تستعمل في مطلق الفوائد بما يشمل النحو الثالث من الفوائد أيضاً.
هذا المعنى الأعزة إذا أرادوا أن يراجعوا البحث فيه تفصيلاً فبإمكانهم أن يرجعوا إلى تقريرات السيد الشهيد+ لأنّه بشكل تفصيلي وواضح بالنحو الذي بحثه السيد الشهيد أنا لم أجده في موضع آخر وإن كانت كلمات الأعلام فيها إشارات إلى هذا التفصيل لكن لا بهذا النحو الذي أشار إليه سيدنا الشهيد.
في تقريرات السيد الهاشمي الجزء الرابع ص295 حجية قول اللغوي, يقول: لابد من البحث في مقامين:
المقام الأول: في حجية قول اللغوي في إثبات موارد الاستعمال.
المقام الثاني: في حجية قول اللغوي في تعيين المعنى الحقيقي والمجازي.
ثم هنا يورد إشكالاً على المقام الأول, قد يقال: بأن تعيين موارد الاستعمال لا ينفع الفقيه شيئاً.
يجيب على ذلك الجواب: كلا, هناك ثمراتٌ عديدة يمكن تصويرها في المقام لو كان قوله حجة -أي في موارد الاستعمال- منها: أن اللفظ إذا لم يكن يحتمل فيه تعدد المعنى, كما الآن أين؟ في الغنيمة فإن معناه واحد وهو الفائدة لا أنه له معاني متعددة, وإنّما الشك في سعة معناه وحدوده, فهل يمكن الاستناد إلى قول اللغوي لبيان سعة وضيق موارد الاستعمال أو لا يمكن؟ فإن بنينا على حجية قول اللغوي يمكن الاستناد, وإن لم نبني على حجية قول اللغوي لا يمكن الاستناد إلى ذلك. ويدخل في تفصيل موارد ذلك -أي الثمرات المترتبة على حجية قول اللغوي في موارد الاستعمال لا في تمييز الحقيقة عن المجاز- هذا هو المورد الأول.
المورد الثاني: الذي أشار إليه السيد الشهيد في تقريرات السيد الحائري -الأعزة إذا يريدون أن يراجعوا- في ص256 ايضا هناك لعل بياناته أوسع, يعني الجزء الثاني من القسم الثاني ص256 يقول: يستظهر من عبارة البعض عدم فائدة حجية قول اللغوي في موارد الاستعمال, والجواب: كلا, فإنه لو ثبتت حجية قول اللغوي في موارد الاستعمال فإنها تكون مورد فائدة كثيرة, أحدها والثاني والثالث إلى آخره. هذا.
ولكن قد يقول قائل أنه هل يوجد أحد يقول بهذا التفصيل؟ الجواب: أنه قد يظهر ذلك ايضا من كلمات صاحب الكفاية&, صاحب الكفاية في بحث حجية قول اللغوي, في ص287 هذه عبارته, يقول: لا يُقال على هذا لا فائدة في الرجوع إلى اللغة, فإنّه يقال – التفتوا إلى العبارة, قلت لكم العبارة لعلها غير واضحة ولكنّها فيها إشارات إلى هذا المعنى الذي ذكره السيد الشهيد- فإنه يقال: مع هذا لا تكاد تخفى الفائدة في المراجعة إليها -أي إلى اللغة- فإنّه ربما يوجب القطع بالمعنى -طيب إذا أوجب القطع بالمعنى فالقطع حجة هذه لا خصوصية لقول اللغوي- وربما يوجب القطع بأن اللفظ في المورد ظاهرٌ في معنىً وإن لم يقطع بأنه حقيقة فيه أو مجاز, إذن يستفاد أن هذا اللفظ يستعمل في هذا المعنى لا نشك أن هذا اللفظ يستعمل في هذا المعنى اللفظ يستعمل في هذا المعنى, ولكن هل هو استعمال حقيقي, أو استعمال مجازي؟ يقول: لعلنا لا نستطيع أن نعرف أنه استعمال حقيقي أو مجازي, ولكن نعلم أن هذا اللفظ موضوع لهذا المعنى, الآن إما بالحقيقة وإما بالمجاز.
ومما لا يشك أحدٌ أن الغنيمة في اللغة موضوعةٌ للفائدة, ولكن لا نعلم أنها موضوعةٌ للفائدة بالمعنى الأول أو الثاني أو الثالث يعني تفيد هذا المعنى موضوعاً لا يذهب ذهنك يعني بالمعنى الحقيقي لا, مستعملة في هذا المعنى, ولكن هل هو استعمال حقيقي, استعمال عرفي, استعمال متشرعي, هذا غير واضح من اللغة, ولكنه من موارد الاستعمال يقيناً تستعمل في أوسع من غنائم دار الحرب.
قال: وإن لم يقطع بأنه حقيقة فيه أو مجاز كما اتفق كثيراً -التفتوا إلى النكتة الأخيرة- وهو يكفي في الفتوى, أساساً الفقيه لا يتوقف حتى يقول بأنه فيه إطلاق أو لا يوجد فيه إطلاق لابد أن يشخص هذا حقيقة أو هذا مجاز, يكفي أن يعلم أن هذا اللفظ مستعمل في هذا المعنى.
قريبٌ منه ايضا حتى قريب من العبارات السيد الروحاني ايضا أشار إلى هذه النكتة وهو في منتقى الأصول الجزء الرابع ص233 هذه عباراته, يقول: ونتيجة البحث أنّه لا دليل لدينا على اعتبار قول اللغوي -الآن وإن كان لا يفصلون هؤلاء الأعلام بين موارد الاستعمال وبين التمييز بين الحقيقة والمجاز كما فعل السيد الشهيد ولكن يستفاد من كلماتهم- قال: ولكن هذا الأمر -عدم حجية قول اللغوي- هذا الأمر لا يوجب لغوية الرجوع إلى كتب اللغة, إذ قد يحصل القطع بالموضوع له منها أحياناً كما قد يحصل معرفة ظهور الكلام في معنىً, ظهور الكلام في معنىً وإن لم يعرف أنه حقيقة أو مجاز فيه. لفظ الغنيمة له ظهور في معنىً, طيب هذا الظهور حقيقي أو ظهور مجازي؟ يقول هذا لا يؤثر على فتوى الفقيه, نعم اللغوي يهمه ذلك فليبحث أن هذا الظهور ظهور حقيقي أو ظهور بالقرائن, الآن إما القرائن اللفظية وإما القرائن الموردية إما القرائن السياقية إما قرائن شأن النزول هذه أمور أخرى, إما قرائن العرف المتشرعي إما قرائن العرف العام هذه أبحاث أخرى.
وهذه تكفي أن الفقيه عندما يصل إلى هذه المفردة يفتي على أساسها أنها تفيد العموم أو لا تفيد العموم وإن لم يستطع أن يميز أنها حقيقة أو مجاز, كما قد يحصل معرفة ظهور الكلام في معنىً وإن لم يعرف أنه حقيقة أو مجازٌ فيه بملاحظة بعض القرائن والخصوصيات, ومثل ذلك يكفي فائدة للرجوع إلى كتب اللغة وهذا مما ذكره في الكفاية في آخر بحثه المزبور الذي اشرنا إليه قبل قليل. جيد.
إذن نرجع إلى محل الكلام, وهو أننا قلنا: أن اللغة عندما نرجع إليها لا نشك واقعاً أن هذه المفردة كما تستعمل في الفائدة بالنحو الأول, تستعمل في الفائدة بغير النحو الأول, نعم, وقع الكلام أنها تستعمل في النحو الثاني والثالث أو مختصةٌ بالنحو الثاني فقط؟
بقرينة قيد بلا مشقةٍ بطبيعة الحال سوف يخرج النحو الثالث من الفائدة.
ولكن, حيث أن أعلام الفقهاء كان ذهنهم الشريف منصباً إلى مناقشة من يقول بالاختصاص بالنحو الأول, فتصوروا أنهم بمجرد أن ينفوا الاختصاص إذن يكون شاملاً لجميع الأنحاء ولا ملازمة, لازمٌ أعم هذا.
نعم, لو لم يكن هذا القيد موجودٌ في كلمات اللغويين يعني بلا مشقةٍ لصح قولهم, ولكنه في كلمات اللغويين لا أقل في كلمات أكثر اللغويين يوجد قيد الفائدة بلا مشقةٍ, إذن تصور أنّنا إذا نفينا الاختصاص بالنحو الأول, إذن بالضرورة شامل لكل فائدة, الجواب: كلا, لأنّه هذا لازمٌ أعم, فإن لم يكن هذا القيد في كلمات اللغويين لأثبت لنا جميع أنحاء الفائدة ولكن بهذا القيد تخرج عندنا الفائدة التي هي من النحو الثالث, وهذا ما أشرنا إليه فيما سبق.
ولعل أعزائي التفتوا جيداً, ولعل الذوق اللغوي أو الذوق العرفي أيضاً يثبت هذا, واقعاً جنابك عندما تدخل في معاملة أو تدخل في تجارة وتربح لا تقول غنمتمُ وإنما تقول ربحتُ, وفرقٌ كبير بين ربح وبين غنم, ما هو؟ في التجارة يوجد احتمال الخسارة والربح فلذا إذا دخلت وكان توقعك الربح وربحت تشكر الله, ويحتمل أن تخسر, أما في مسألة الغنيمة لا يوجد احتمال الخاسرة أصلاً لماذا؟ باعتبار أنها ليست معاملة وإنما حصلت بلا مقابلٍ بلا معاملةٍ, بالعرض حصلت, ولذا إذا لم تحصل عليها لا تقول خسرت, انظروا الإنسان الذي يبحث عن الماء في الأرض ويصل إلى الكنز لا يقول ربحتُ, يقول فزتُ فاز بالشيء, ظفر بالشيء لا أنه ربح بالشيء.
وهذا لعله ايضاً التفت إليه بعض المفسرين ومنهم صاحب المنار -يعني محمد عبده في المنار- عندما يصل إلى هذه النكتة ويشير إلى كلمات القاموس الذي قال: من غير مشقةٍ كذا في القاموس يقول: وهو قيد يشير إليه ذوق اللغة أيضاً, يقول هذا القيد ليس جزافاً جاء في كلمات اللغويين, وأنت عندما تراجع كلمات المفردات -يعني الراغب في المفردات- ايضا تجده بشكل واضح يميز بين غنم وبين ربح, يقول: ربح الربح الزيادة الحاصلة في المبايعة, أما عندما يأتي إلى غنم التفتوا ماذا يعبر؟ يقول: غنم الغنم معروف والغُنم إصابته, لا المعاملة علية, تحصيله, والغُنم إصابته والظفر به, ثم استعمل في كل مظفورٍ به, كل ما حصل هنا لا يوجد في كلمات الراغب بلا مشقةٍ ولكن من خلال ما قاله في الربح يتضح أنه لا يريد أن يرادف بين الغَنَم وبين الربح.
إذن ما ذكره بعض الأعلام من أن هناك ترادف بين الغنيمة وبين الربح أتصور خلاف الذوق اللغوي.
السيد الخوئي+ في مستند العروة هذه عبارته, يقول: إلا أن كلمة غنم بالصيغة الواردة في الآية المباركة ترادف ربح, ولم نجد واقعاً في كلمات اللغويين من رادف بين غنم وبين ربح. جيد.
ثم لو حصل الشك في النتيجة هذه موارد الاستعمال قلنا فيما سبق أن اللغويين يستعملون, واقعاً من حصل له من تتبع كلمات اللغويين أنّ غنم كما تستعمل في الفائدة بالنحو الأول وتستعمل في الفائدة بالنحو الثاني تستعمل في الفائدة بالنحو الثالث, يستطيع أن يبني على أنه هذه المادة كما هي شاملة لغنائم دار الحرب شاملة لأي شيء؟ للغوص والكنز, كذلك شاملة لأرباح التجارة.
ولكن بيني وبين الله عند تتبع كلمات اللغويين أنا لم يحصل لي هذا الاطمئنان أن هذا الاستعمال موجود, ومن الواضح مع الشك في أنه موجود أو لا, لا يمكن البناء على أن لهذا اللفظ ظهور حتى بمعنى أرباح المكاسب والتجارات. مثل هذا الظهور لا يوجد ومع عدم الإحراز هل يمكن إجراء مقدمات الحكمة لإثبات الإطلاق أو لا يمكن؟ من الواضح أنه لا مجال له.
يبقى عندنا سؤال أشرنا إليها في بحث الأمس, وهو أنه قد يقال: بأنه بناءً على ذلك يلزم خروج مورد الآية, لأن مورد الآية غنائم دار الحرب, وأنتم قلتم هي الفائدة الحاصلة بلا مشقةٍ فكيف التوفيق؟
الجواب: في جملة واحدة, أساساً الذي يذهب لجهاد العدو هو لم يكن مترقباً على أن يحصل على غنيمة, هو ذهب إلى جهاد العدو لأجل ماذا؟ لأجل الغلبة على العدو لأجل خذلان العدو, لأجل الانتصار على العدو, الآن بالعرض إذا كانت هناك شيء واقعاً يصدق عليها فائدة بلا مشقةٍ, فائدة بلا تعبٍ.
وبعبارة أخرى: فائدةٌ ونعمةٌ مترَقبة أو غير مترقبة؟ غير مترقبة. إذن لا ينافي شمول هذه المادة اللغوية أو المفردة اللغوية لغنائم دار الحرب أيضاً.
إذن فتحصل إلى هنا أعزائي أن هذه اللفظة وهي غنمتم في نفسها لا إطلاق لها ليشمل أرباح المكاسب. ولا أقل من الشك في ذلك, ومع وجود الشك لا مجال لإجراء مقدمات الحكمة وإثبات الإطلاق والعموم, انظروا الآن التفتوا جيداً نحن نتكلم على مستوى المقتضي, وإلا بعد ذلك هناك مجموعة من الشواهد سوف تبين صحة عدم وجود المقتضي, كما إذا تتذكرون فيما سبق أشرنا إلى شواهد ثلاثة أو أربعة لإثبات تمامية المقتضي, الآن نتكلم في المقتضي في نفسه, أن البحث اللغوي يساعد على ذلك أو لا يساعد؟ إلى هنا لا أقل أنه مشكوك أنه يساعد على ذلك.
تعالوا معنا إخواني إلى الشواهد.
الشاهد الأول: الشاهد الأول الذي ذكرناه فيما سبق هو فهم جملة من أعلام المفسرين قلنا أن جملة من أعلام المفسرين فهموا من الغنيمة ما يشمل أرباح المكاسب أيضاً.
في مقام الجواب أعزائي توجد ملاحظتان:
الملاحظة الأولى: أنّنا حتى لو سلمنا وجود مثل هذا الفهم في كلمات المفسرين فإنه لا إشكال ولا شبهة أن هذا نظرٌ اجتهادي وليس من قبيل نظر قول اللغوي, ولذا نحن في مقدمات بحث قول اللغوي ماذا قلنا؟ قلنا إذا ثبت أن اللغوي يقول الأمر على أساس نظرات اجتهادية لا حجية لها, ومتى كان نظرٌ اجتهادي حجة على مجتهدٍ آخر. هذا أولاً.
وثانياً: أن هذا النظر الاجتهادي لو لم يكن معارضاً بما هو أقوى منه فليس بأقل منه.
هناك جملة كبيرة من أعلام المفسرين أيضاً من الفريقين قالوا أن هذه الآية أو هذه المادة مختصةٌ بغنائم دار الحرب, أصلاً مختصةٌ حتى لا فقط لا تشمل القسم الثالث لا تشمل القسم الثاني ايضا, فهل قولهم حجة في هذا المجال, ماذا تقول في مثل هذا النظر؟ تقول في جملة واحدة: تقول هذا نظره هذا اجتهاده وهو حجة عليه.
الأعلام الذين ذكروا هذا المعنى إخواني كثيرون أنا فقط أشير إليهم إجمالاً وأتجاوز.
الأول: ما ورد في تفسير ابن كثير المجلد الرابع في ذيل هذه الآية المباركة ص203 هذه عبارته, يقول: يبين تعالى تفصيل ما شرّعه مخصِصاً لهذه الأمة الشريفة من بين سائر الأمم المتقدمة بإحلال الغنائم والغنيمة -التفتوا- والغنيمة هي المال المأخوذ من الكفار بإيجاف الخيل والركاب, أصلاً الغنيمة هي هذه, لا أنه من مصاديق الغنيمة هذا, أصلاً من حقك أن تقول لا يذكر بعض المصاديق, وهذا خلاف ظاهر الكلام, نعم أنت رأيك أن الغنيمة أوسع فتقول هذا بيان مصداق من المصاديق, هو لا, يقول: والغنيمة هي هذا المعنى, فيجعلها مختصة بغنائم دار الحرب.
وكذلك في تفسير البيضاوي, التفسير البيضاوي أيضاً من التفاسير المعتبرة يكون في علم الإخوة, التفسير البيضاوي المجلد الثالث ص60 أو 61: {وأعلموا أنّما غنمتم} أي الذي أخذتموه من الكفار قهراً, أي يعني ماذا؟ تفسير الغنيمة, الغنيمة هي هذه, لا يوجد مصداق آخر للغنيمة.
وكذلك تفسير الطبري الذي في الآونة الأخيرة افتحوا لي قوس.
(في الآونة الأخيرة يعلمون بأنه كثير من كتبنا الكلامية والحجاجية والخلافية كانت تستند إلى روايات التفسير في كلمات أهل السنة, قال في الطبري, قال في الرازي, قال في .. في الآونة الأخيرة يوجد هناك مؤسسات ضخمة بدأت تكتب تصحيحاً وتضعيفاً للروايات الواردة في كتب التفسير, وفي الأعم الأغلب تلك الروايات التي استندنا إليها لإثبات مدعياتنا بدئوا بتضعيفها, وبطبيعة الحال يسقط ما بأيدينا, هذا من قبيل أنه هم يذهبون إلى أصول الكافي ويستدلون بروايات ضعيفة السند عندنا, حجة أو ليست بحجة؟ لماذا؟ >بائنا تجر وبائهم لا تجر< أليس الآن يذهبون إلى كتبنا ويستدلون بروايات عندنا دالة على أن القرآن فيه كذا ألف آية ماذا تجيب أنت؟ ما هو جوابك, ليست موجودة في كتبنا؟ موجودة, عندك جوابين:
الجواب الأول: أنها في الأعم الأغلب أنها روايات ضعيفة.
الجواب الثاني: أن علمائنا الأعلام وإن ذكروا هذه الروايات في كتبهم ولكن التزموا بها أو لم يلتزموا بها؟ وهو ايضا يجيب كلا هذين الجوابين بشكل فني يقول أولاً: ما استندتم إليه من الروايات ما هي؟ قولوا معي ضعيفة السند وثانياً أنها مورد قبول علمائنا أو ليست مورد قبول علمائنا, فإذن لابد -إن صح التعبير- لابد قوانين اللعبة والحجاج والمحاججة لابد أن تتغير وتتبدل وإلا لا تكفي قوانين اللعبة التي موجودة في كتبنا السابقة).
وهذه واحدة من هذه الكتب, التفسير الطبري الآن الذي طبعوه في هذه الطبعة الجديدة التي هي تحقيق الدكتور عبد الله ابن عبد المحسن التركي دار عالم الكتب, الذي يقع في 26 مجلد كل مجلد تقريباً 800 صفحة, هذه كلها في ذيلها يقول من أخرج الرواية والرواية هل هي مورد الاعتماد أو لا.
ولذا التفتوا جيداً لابد أن تأخذوا بعين الاعتبار عندما تريدون أن تقولوا قال في الطبري, قال في فلان, قال في مسند أحمد, قال في كذا. بل أكثر من ذلك بدئوا الآن حملة واسعة فيما يتعلق بكتب التاريخ وهذه هي الطامة, وما أدري الأعزة الآن بأيديهم أو لا, صحيح تاريخ الطبري وضعيفه, في هذا الكتاب الذي حققه أحد المحققين المعاصرين العراقيين في هذا الكتاب تقريباً ثلث إذا ما أكون مبالغ أقصاه أربعين بالمائة من تاريخ الطبري داخل في صحيح التاريخ وستين بالمائة من تاريخ الطبري دخل أين؟ في الضعيف, فأكثر ما ننقله ونتداوله في كتبنا في منابرنا من التأريخ داخلٌ أين؟ الآن قد تقول سيدنا هؤلاء مغرضين, أقول جيد جداً, تعال أنت أيضاً وأعمل المؤسسات العلمية في حوزاتك العلمية قل ما قلتم فلان ضعيف على مبانيكم ما هو؟ قويٌ, صحيحٌ, حسنٌ, مقبولٌ, أما إذا لم تفعل ذلك بمجرد أن تستدل ماذا يأتيك الجواب؟ ضعيفٌ, ضعيفٌ ..
ولذا أعزائي إما أن تدخلوا في هذا الباب بقوة أو ابتعدوا عنه يعني حاولوا بشكل من الأشكال لا تصلون إلى هذه المرحلة وإلا ستغلبون مباشرةً, لأنه هذه الكمبيوترات الموجودة والسيديات الموجودة بمجرد هكذا يضع يقول ضعفه الألباني ضعفه الأرنؤوط ضعفه فلان وانتهت القضية, وأنت ايضا يسقط ما في يدك وكل شيء ما عندك.
ومنهم تفسير الطبري أعزائي في الجزء الحادي عشر ص185, الإخوة يرجعون إليه, ومنهم ايضا من المعاصرين -طبعاً أكثر المعاصرين أشاروا إلى هذا- ومنهم أيضاً في التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور التونسي في الجزء التاسع ص101, ما أقرا أكتفي بما ورد في كلمات الفاضل الكاظمي في مسالك الإفهام الجزء الثاني ص76 من مسالك الإفهام التي من الكتب المهمة عندنا في فقه أحكام القرآن, هناك في ص76 هذه عبارته, يقول: {واعلموا أنما غنمتم} يقول: ظاهر الغنيمة ما أخذت من دار الحرب ويؤيده الآيات السابقة واللاحقة وعلى ذلك حملها أكثر المفسرين والظاهر من أصحابنا أنهم يحملونها على الفائدة مطلقا -المهم عندي هذه الجملة- وعلى ذلك حملها أكثر المفسرين.
إذن لو كنا نحن وفهم المفسرين, طيب كما يوجد بهذا الاتجاه يوجد بذاك الاتجاه إذن لماذا تكون هذه حجة وليست تلك حجة, إذن هذا الشاهد الأول ساقط عن الاعتبار.
تبقى الشواهد الأخرى, تأتي.
والحمد لله رب العالمين.