نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (135)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    الشاهد الرابع الذي بقي في المقام والذي استند إليه أصحاب الاتجاه الأول القائلين بأن الآية المباركة شاملة لكل أنحاء وأقسام الفوائد حتى ما كان منها من فوائد الأرباح والمكاسب المتعارفة والمتداولة, هو: أنهم استندوا أو ذكروا شاهداً ومؤيداً وهي القاعدة المعروفة >من كان له الغنم فعليه الغرم<.

    في المقدمة بودي أن أشير إلى أن هذه القاعدة إن صحت أنها قاعدة عقلائية وليست قاعدة عقلية, وهذا ما يقع فيه الاشتباه كثيراً والخطأ والمسامحة كثيراً حيث يعبر عن جملة من القواعد العقلائية بأنها قواعد عقلية. مع أن الفارق كبير جداً بين القاعدة العقلائية والقاعدة العقلية. فإن القاعدة العقلية لا يمكن أن يصح نقيضها بأي حال من الأحوال, خلاف القاعدة العقلائية فإنها تكون صحيحة ضمن شروط فإذا تبدلت تلك الشروط فلا تكون تلك القاعدة صحيحة ولا تناقض.

    أما القواعد العقلية إذا صحت فإنه يستحيل أن يكون نقيضها أيضا صحيحة.

    الفارق الثاني: هو أن القاعدة العقلية إذا صحت فإنها صحيحة لا في نشأة معينة بل في جميع النشآت يعني سواء كنا في الدنيا أو كنا في الآخرة كنا في عالم الملك أو كنا في عالم الملكوت فإن اجتماع النقيضين ممتنع, وأن اجتماع الضدين ممتنع, وأن الدور والتسلسل ممتنع.

    وهذا بخلافه في القواعد العقلائية فإنها مختصة لا بالإنسان في هذه النشأة بل هي مختصة بالإنسان في ظرف الاجتماع والمجتمع, وإلا إذا لم تكن هناك اجتماع ومجتمع أساساً لا موضوع للقواعد العقلائية.

    مثلاً: حفظ النظم, طيب حفظ النظم له قيمة في أفراد لهم اجتماع ومجتمع يعيشون فيه لا على الإنفراد وإلا لو كان يعيش الإنسان على الانفراد فهل هناك معنى للنظم والعدالة في النظم؟ لا معنى له سالبة بانتفاء الموضوع, الملكية, الملكية إنما لها قيمة في حالة الاجتماع وإلا مع عدم وجود المجتمع أساساً لا موضوع للملكية لا موضوع للرئاسة هذا رئيس وهذا مرؤوس هذا أين يأتي؟ يأتي في ظرف الاجتماع, أما إذا فرضنا أن الإنسان لم يكن لا يوجد على وجه الأرض إلا شخص واحد, هل يوجد هناك معنىً للرئاسة والمرؤوسية والملكية والنظم ونحو ذلك؟

    إذن الفارق الثاني أن القواعد العقلية صحيحة وصادقة في جميع النشآت, بخلاف القواعد العقلائية فإنها مختصة بشرطها وشروطها.

    على هذا الأساس فما ورد في تعبير البعض من أن هذه القاعدة قاعدة عقلية وهي قاعدة >من كان له الغنم فعليه الغرم< هذا التعبير الآن إما خطأ وإما لا يخلو عن مسامحة واضحة, وهو ما ورد في كتاب ما وراء الفقه تأليف السيد محمد الصدر المجلد الثامن ص258 يقول: فإذا التفتنا إلى جانب ذلك إلى القاعدة العقلية القائلة >من له الغنم فعليه الغرم<.

    وكذلك في ص 260: وهؤلاء يكونون بالحصة العليا تطبيقاً ومصداقاً للقاعدة العقلية >من له الغنم فعليه الغرم<.

    وكذلك في ص269: ومن زواية نلتفت أن العصبة مصداق وتطبيق للقاعدة العقلية >من له الغنم فعليه الغرم<.

    وكذلك في ص301 – أنا إنما واقعاً حاولت أنه أجد أكبر عدد ممكن في جزء واحد حتى قلت احتمل أنه هذه تسامح في اللفظ ولكن لا وجدت أنه يوجد هناك إصرار على التعبير عنها بالقاعدة العقلية: أن هذه القاعدة العقلية >من له الغنم فعليه الغرم<. ونحو ذلك.

    إذن أعزائي, طبعاً هذه القضية ليس فقط هنا في جملة من الأحيان هذا الاشتباه أو هذا الخلط بين القواعد العقلية وبين القواعد العقلائية والنتيجة أنه ترتب نتائج القواعد العقلية على القواعد العقلائية, والعكس صحيح أيضاً, يعني أن القاعدة عقلائية فيعبر عنها قاعدة عقلية فتسري أحكام القواعد العقلائية أو أحكام القواعد العقلائية إلى القواعد العقلية.

    مثلاً على سبيل المثال: أنه من أهم خصوصيات القواعد العقلية وعقلية الأحكام لا تخصص, القواعد العقلية لا تحتمل التخصيص, نعم تحتمل التخصص الخروج الموضوعي بخلاف القواعد العقلائية >المؤمنون عند شروطهم< قاعدة عقلائية وأمضاها الشارع ولكن يمكن الخروج عنها أو لا يمكن؟ نعم ممكن ما المحذور, أنه طرفان يتفقان ويقولون بأنه نسقط كل الشروط فيما بيننا ما في مشكلة ما هو الإشكال في ذلك. على أي الأحوال.

    وهذه هي القضية الأساسية-.

    الآن بما أننا وصلنا إلى هنا افتحوا قوس (مسألة قاعدة >قبح العقاب بلا بيان< هناك بحث عميق ومفصل أن قاعدة قبح العقاب بلا بيان هل هي قاعدة عقلية أو أنها قاعدة عقلائية؟ المشهور من الأصوليين يعتقدون أنها قاعدة عقلية ولكن السيد الشهيد بالنكات التي أبرزها يعتقد أنها قاعدة عقلائية, طيب الفارق كبير جداً يكون, لأنه إذا صارت عقلية أساساً كيف يمكن إذن إذا كان يقبح العقاب بلا بيان وكان قاعدة عقلية فتحتمل التخصيص أو لا تحتمل التخصيص؟ لا تحتمل التخصيص, طيب إذن كيف جئنا وقلنا إلا إذا قام دليل على حجية خبر الواحد فنخصص القاعدة العقلية, لأنه حجية خبر الواحد هذا تخصيص في قاعدة قبح العقاب بلا بيان, لأن المقصود من البيان في القاعدة يعني العلم, يعني قبح العقاب بلا علمٍ, الذي في مقابله توجد قاعدة حسن العقاب مع العلم, الذي هو حجية القطع.

    هذه حجية القطع القاعدة التي تضايف قبح العقاب بلا بيان, التي هي حسن العقاب مع البيان, طيب جيد جداً, فإذا وجد بيان يعني قطع فيحسن العقاب فإذا لم يوجد قطع يحسن العقاب أو لا يحسن العقاب؟ يقبح العقاب أو لا يقبح؟ نعم, يقبح لأنه لا يوجد بيان لا يوجد قطع, إذن كيف يكون الاستصحاب سبباً لإيجاد العقوبة). من هنا جاءت نظريات الكاشفية والطريقية وتنزيل الظن منزلة القطع كلها للتخلص من هذه الشبهة العويصة العقلية, على أي الأحوال. فإذن تمييز القواعد أنها عقلية أو عقلائية مهم جداً حتى نستطيع أن نرتب الآثار اللازمة) على أي الأحوال. نرجع إلى البحث.

    أعزائي هذه القاعدة استند إليها – الآن أنا ما أريد أن أدخل بأنه هذه القاعدة أساساً هل هي قاعدة وردت على لسان الشارع أو أنها قاعدة متصيدة من الأخبار, ثم ما هو حدود هذه القاعدة العقلائية أو الشرعية القاعدة الفقهية, هذه أبحاث موكول إلى محلها, ولكن ما يرتبط ببحثنا هذا, هو أننا أسلم كل أصولها الموضوعية إلا أنه لا علاقة له بمحل الكلام, يعني لا تنفعنا شيئاً في المقام لماذا؟ التفتوا جيداً.

    نحن نتكلم أن الغنم والغنيمة لغةً هل هو شامل أو ليس بشامل؟ إذن أين حديثنا نحن؟ حديثنا أن الغنيمة هل هي شاملة لكل أنحاء الفوائد أو ليست شاملة. يقول لي: أن الشارع قال الغنم بالغرم, طيب لعل الشارع توسع في معنى الغنيمة, أنا ما أتكلم أن الشارع استعملها بمعنى اللغة أو أوسع أو أضيق, طيب من قبيل أنا أتكلم أن الصلاة في اللغة هل هي بمعنى هذه الأفعال الخارجية؟ أقول لا, طيب تقول أن الشارع يقول لها عشرة أجزاء, طيب أقول هذا اصطلاح ممن؟ من الشارع, افترضوا أن القاعدة تامة وأن الغنم واسعٌ ولكن باصطلاح من؟ باصطلاح الشارع ونحن نتكلم في ماذا؟ في البحث اللغوي.

    إذن أولاً: حتى لو تمت كل الأصول الموضوعية لهذه القاعدة فلا تنفع في المقام شيئاً, لأنه ليس حديثنا في اصطلاح الشارع, وإلا بعد ذلك سنقول لكم أن الشارع قال أن الخمس واجب في أرباح المكاسب وسماها غنيمة ولكن هذا اصطلاح شرعي لا اصطلاح لغوي, هذا أولاً.

    وثانياً: أنا لا أتصور أن فقهياً يجرأ أن يقول أنا أثبت الخمس هذه الفريضة الإلهية العظيمة والتي تترتب عليها هذه الآثار الكبيرة أستند إليها إلى مثل هذا الدليل. الآن هذه أن تكون مؤيداً جيد وأنتم تعلمون إذا صارت هذه القاعدة مؤيدة إذن أصل المطلب لابد أن يثبت ثم هذه تكون مؤيدة وقد تبين أن أصل المطلب ثابت أو غير ثابت؟ غير ثابت, إذن التأييد يكون في محله أو في غير محله؟ في غير محله.

    هذا تمام الكلام أعزائي في الاتجاه الأول. ما هو الاتجاه الأول؟ الاتجاه الذي نسب إلى مشهور علماء الإمامية الذين قالوا بأن هذه الآية فيها إطلاق وشمول وعموم يشمل كل أنحاء الفائدة سواء كان القسم الأول أو القسم الثاني, أو القسم الثالث, اتضح بأنه لا يوجد عندنا لا تساعد على ذلك لا اللغة ولا الشواهد التي ذكرت في كلمات الأعلام.

    الاتجاه الثاني: وهو الاتجاه المشهور في الطرف الآخر وهو الذي يعتقد بأن هذه الآية مختصة بغنائم دار الحرب هذه الآية – بحثنا في هذه الآية- إذن الاتجاه الأول اتضح. الآن ننتقل إلى الاتجاه الثاني, وهو الاتجاه الذي يعتقد أن قوله تعالى: {غنمتم} مختص بغنائم دار الحرب ما هي أدلة هذا الاتجاه؟ التفتوا – لأنه أنا وجدت أنه إذا أريد أن أقول إذن فتبين عدم تمامية فلان وفلان يأخذ وقتاً كثيراً وأقولها صريحة الخلط الموجود في الكلمات والأدلة وتداخل الاتجاهات عجيب غريب إن شاء الله الإخوة يراجعون لأنه تعلمون بأنه الخمس يوجد فيه مصادر كثيرة, ولذا الأعزة لا أقل ثلاثة أربعة مصادر تكون تحت أيديهم للمطالعة.

    ما هي أدلة هذا الاتجاه؟

    الدليل الأول: هو الاستناد إلى وحدة السياق, أو الدليل السياقي, هنا الأعلام جملة من الكتاب لا أريد أن أعبر بالأعلام, خلطوا بين هذا الدليل وبين دليل آخر وهو الدليل الثاني وهو استقراء الغنيمة في القرآن, هذا الدليل نسميه وحدة السياق, الدليل الثاني ماذا؟ استقراء الاستعمال القرآني الاستعمال القرآني شيء والسياق ماذا؟ ولكنه أنتم ارجعوا إلى الكلمات تجدون أن كلا هذين الدليلين جعلا ماذا؟ في دليل واحد مع أنه ليس دليل واحد هذا, حتى لو لم يستعمل القرآن هذه المفردة في محل آخر, نحن عندنا ماذا؟ سياق.

    من قبيل قوله تعالى: {وسع كرسيه السموات والأرض} أضرب لكم مثال, {وسع كرسيه السماوات والأرض} الكرسي لم يأتي في القرآن إلا في مورد واحد وهي آية الكرسي انتهى, إذن نحن عندنا استعمال قرآني لهذه المفردة في غير هذه الآية أو لا يوجد؟ إذن الدليل الثاني لا يوجد, أما الدليل الأول وهو السياق أن الكرسي جاء في سياق هذه الآية أو الآيات هذا الدليل غير الدليل الثاني, ولكن جملة من كتبوا في الخمس خلطوا بين هذين الدليلين, نحن الآن نتكلم في السياق.

    أعزائي بنحو الإجمال ما هو مرادنا من السياق, أصحاب هذا الاتجاه يقولون حتى لو سلمنا معكم أن كلمة الغنيمة والغنم هي لغة عامة شاملة تشمل كل أنحاء الفوائد ولكن القرآن استعمل هنا الغنيمة بأي مصداق؟ غنائم دار الحرب, ما أدري واضح أم لا, يقول أنا أصلاً أغض الطرف عن البحث اللغوي ضعوا البحث اللغوي على جانب سلمت معكم أن اللغة دالة على العموم مع أنه لا يسلم هو لأنه وجدتم الخلاف الشديد الموجود في المسألة ولكن يقول سلمنا معكم أن الغنم والغنيمة عامة ولكنه في الآية خاصة, بماذا؟ بغنائم دار الحرب بأي قرينة بأي دليل؟ يقول: دليلنا وقرينتنا هو سياق الآية, التفتوا قليلاً وإن يطول ولكنه هذه الأبحاث الأعلام تعرضوا لها ولم يحققوا فيها كما ينبغي كما سيتضح.

    أعزائي طيب هذه قرينة السياق أو وحدة السياق أصلاً هذا ما هو معناه؟ كثيراً ما يستدلون سياق الآية, سياق الآية, هذا سياق الآية يعني ماذا؟ أعزائي القرينة على أقسام:

    قرائن لفظية, وقرائن عقلية, وقرائن سياقية, ويوجد نوعين آخرين أو ثلاثة – الآن لا أريد أن أدخل في تفاصيل أن القرائن ما هي-.

    القرائن اللفظية معناه واضح وهو أن يوجد لفظٌ من المتكلم.

    القرائن العقلية عادة هي قرائن لفظية أو غير لفظية؟ غير لفظية ولهذا يعبر عنها قرائن لبية, لماذا لبية؟ باعتبار أنها يشار إليها في اللفظ أو لا يشار؟

    طيب الآن عندنا قرينة نسميها قرينة السياق ما هو المراد من قرينة السياق, أنا أضرب أولاً للأعزة مثالين ثلاثة التي أمثلة واضحة أضرب للأعزة.

    من الأمثلة التي يشار إليها افترضوا ما ورد في سورة المائدة وهو فيما يتعلق بهذه الآية قوله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويأتون الزكاة وهم راكعون} نحن نأتي ونقف عند هذه الآية ونريد أن نستخرج منها إمامة أمير المؤمنين×, المقابل ماذا يقول؟ يقول: أعزائي هذه لو نزلت وحدها نحن معكم, ولكن هذه جاءت {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء} … إلى أن يقول: {يا أيها الذين آمنوا} كذا وكذا, {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه} ثم قال: إذن إذا لم يكونوا هؤلاء أوليائكم إذن من هم أوليائكم؟ {إنما وليكم الله ورسوله} ثم بعد ذلك ايضا قالت: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء} إذن المراد يعني النصرة يعني المحبة يعني التولي, هذه المعاني الموجودة للولاية.

    الآن أنتم تأتون هنا فقط هذه تستخرجوها من الآيات وتقولون لها معنىً خاص هذا خلاف سياق الآيات التي سبقتها والآيات التي لحقتها. لابد أن تفسروا الولاية ضمن الآيات التي سبقتها وضمن الآيات التي لحقتها.

    وكذلك الذي هو مثالها الأوضح عند الأعزة جميعاً, وهي آيات سورة الأحزاب {يا نساء النبي}..{ومن يقنت منكن} ثم {وقرن في بيوتكن} ثم قال: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت} كل الذي عندكم أنتم, ثم قال بعد ذلك قال: {واذكرن ما يتلى في بيوتكن} إذن مسبوقة في الحديث عن نساء النبي ملحوقة بالحديث عن نساء النبي تصريح أصلاً فيها نص في المطلب وإلا نساء النبي يحتمل معنىً ثاني مثلاً. ظهور أم نص هذا؟ نص هذا, الآن كل الذي عندكم أنتم أنه بدل الضمير ونحن أيضاً نجيبكم على تبديل الضمير, ماذا عندكم أنتم؟ كل الذي عندكم {إنما يريد الله ليذهب عنكم} ما قال ليذهب عنكن, سياق, فماذا يوجد عندكم لماذا صار من عنكن إلى عنكم؟

    الفخر الرازي في ذيل هذه الآية ص181 هذه عبارته, يقول: ثم قال {إنما يريد الله} وقوله {ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم} إلى أن يقول {ليذهب عنكم} التفتوا جيداً, لو كان يقول: ليذهب عنكن فيشمل علي وفاطمة والحسن والحسين ورسول الله أو لا يشمل؟ كان النص على عدم شمول علي وفاطمة والحسن والحسين, فالآية ماذا فعلت؟ ذكرت الجمع المذكر السالم, الجمع المذكر السالم مختص بالرجال أعزائي, إذا كان مختص بالرجال تخرج فاطمة, إذن أعم من الرجال والنساء, فقالت {عنكم} ليدخل فيه نساء أهل بيته ورجالهم وإلا ما كان يبدل الضمير الرجال كان يدخلون أو لا يدخلون؟ لا, هذا كل القرينة التي عندنا وهذا ايضا جوابه.

    والذي لم أرى واقعاً من علمائنا الذين تعرضوا للآية تعرض ماذا؟ بهذه النكتة والجواب عنها.

    إذن أعزائي التفتوا, ولذا تجد هؤلاء مسألة السياق بالنسبة إليهم يقول بأنه أنتم الذين لا تحترمون القرآن الكريم هذا >الإحكام في أصول الأحكام للآمدي< يقول وعلى تقدير فلان وعلى تقدير صحة شيء من الأحاديث في ذلك فغايته الدلالة على أنهم يعني علي وفاطمة والحسن والحسين من أهل البيت وأن الآية تشملهم لا أنها نازلة فيهم أو خاصة بهم, فإن سياق الآيات سابقها ولاحقها صريح يعني نص في أنها نزلت في زوجات النبي, وهذه واقعاً معضلة لابد أن تحل تؤسس لها وإلا, الآن أنت >غني لليلاك وهو أيضاً يغني لليلاه< طيب ما وصلنا إلى نتيجة.

    ولذا مسألة شمول الآية للنساء وعلي وفاطمة والحسن والحسين دليله ما هو؟ عنكم لأنه في الآية توجد أقوال ثلاثة أعزائي, قول: اختصاصها بالنساء, وقول: اختصاصها بالخمسة كلاهما فيها روايات, وقول ثالث: وهذا القول الثالث لم يذكر أحد له دليل, دليله هو هذا وهو تغيير الضمير.

    طيب إذا تم ما أشرنا إليه تعالوا معنا إلى سورة الأنفال وهو قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ثم قال: {إذ يريكهم الله في منامك وإذ يريك} إذن أين يتكلم القرآن في هذه الآية؟ في حرب, وقبلها ايضا كذلك, قال: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ* وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنْ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ* وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} إذن سياق الآيات قبلها بعدها ماذا تتكلم؟ تتكلم عن حرب وقتال وجهاد في سبيل الله.

    إذن سياق الآيات وحدة السياق ماذا تقول لنا؟ أنه حتى لو سلمنا أن الغنيمة لغةً بالمعنى العام ولكنه ايضا تستعمل في المعنى الخاص بقرينة ما هي القرينة؟ قرينة السياق.

    هنا طرح هذا السؤال أو أطرح هذا السؤال: أي نوع من أنواع القرينة هذا المعنى؟ هل هو قرينة لفظية أو قرينة عقلية؟

    الجواب: لا قرينة لفظية ولا قرينة عقلية, أي قرينة؟ قرينة سياقية, هذا النوع الثالث من أقسام القرينة.

    سؤال آخر: أن القرينة اللفظية تنقسم إلى متصلة وإلى منفصلة ما الفرق بين المتصلة والمنفصلة؟ أن المتصلة تهدم أصل الظهور, الآن إما الدلالة التصديقية الأولى أو الدلالة التصديقية الثانية يعني إما المراد الجدي أو المراد الاستعمالي, أما القرينة المنفصلة ماذا تفعل؟ تهدم أصل الظهور أو حجية الظهور؟ تهدم حجية الظهور, أليس هكذا.

    سؤال: قرينة السياق ماذا تفعل حكمها حكم القرينة المتصلة أو حكم القرينة المنفصلة؟ الجواب: حكم القرينة المتصلة فماذا تفعل؟ تهدم أصل الظهور, يعني حتى لو فرض من مدلول التصوري لكلمة القرينة هو العموم فالقرينة السياقية ماذا تفعل؟ تهدم ظهورها الاستعمالي والتصديقي تهدمه. ما أدري استطعت أن أوصل المطلب إلى الإخوة.

    وهذا هو الذي استند إليه ليس المشهور جمهور المحققين من الأصوليين والمفسرين والفقهاء غير مدرسة أهل البيت, استندوا إلى ماذا؟ إلى هذه النقطة وهي قرينة السياق.

    ولذا إذا يتذكر الأعزة نحن هذا البحث في مسالك الإفهام يمكن قبل يوم أو يومين أشرنا إليه, قال: {واعملوا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} ظاهر الغنيمة ما أخذت من دار الحرب, بأي دليل؟ قال: ويؤيده الآيات السابقة واللاحقة وعلى ذلك حملها أكثر المفسرين. إذن ما هو الدليل؟ ليس الدليل اللغة حتى تذهب أنت إلى البحث اللغوي, البحث ليس لغوياً البحث ماذا؟ هنا القرآن بماذا استعمل, والقرآن استعمل كثير من الألفاظ والمفردات وأعطاها المعنى الذي يريده منها. يعني هذا أول مرة يستعمل القرآن؟ لا, {ألم يعلم بأن الله يرى} الآن ارجع إلى كتب اللغة يقول رأى يعني رأى بعينه, أنت ماذا تقول هنا؟ رأى بالعين البصرية, طيب ابن تيمية والمنهج الظاهري والحنبلي ماذا قال؟ قال: بلي هذه الرؤية بصرية ولذا يوم القيامة كل الأمم تدخل إلى الجنة, إلا أمة الخاتم’.

    الآن أنا ما أدري بأنه ربهم هذا لماذا هؤلاء فقط, على أي الأحوال, فينتظرون يقال لماذا لا تذهبون؟ يقولون منتظرين الله يأتي, موجودة في البخاري, منتظرين الله يأتي, يقال لهم ماذا ما تعرفون الله؟ يقولون لا والله منتظريه يأتي, يقال لهم أنا الله لماذا لا تفتهمون يقولون: ماذا أنت الله يقال لهم نعم أنا الله يقولون طيب توكل على الله لنمشي. موجودة إن شاء الله نطرحها, لقد ضممنا لهم ضميمات كثيرة إن شاء الله يأتي محلها في صحيح البخاري, الآن تقول, يقول: {ألم يعلم} القرآن يقول الله يرى وأنت ايضا ترى يقول طيب لأن القرآن يقول {لا تدركه الأبصار} يقول لا, الإدراك لغةً غير الرؤية لغةً أنتم أصلاً لغة لا تعرفونها الآية منعت الإدراك والإدراك هو الإحاطة العلمية {ولا يحيطون به علما} تتصور ذاك الطرف (بقال جالس لا يوجد عنده عمل لا عنده عمل بحسب اعتقاده) يقول {لا تدركه الأبصار} يقول الإدراك غير الرؤية اذهبوا هذه اللغة العربية اقرؤوها أن الإدراك هي الرؤية أم أن الإدراك غير الرؤية؟ الإدراك هو العلم وليس الرؤية البصرية. وهكذا, طيب أنتم تحمل الرؤية هذا الطرف وذاك على ماذا؟ الآن إما بقرينة عقلية أو بقرائن أخرى.

    ولذا في الحاشية في مسالك الإفهام يقول: وأطبق الجمهور على إنكاره وخصوها بغنيمة دار الحرب, وأطبق الجمهور, هذا الإطباق ليس إطباق على المعنى اللغوي لا يذهب ذهنك إلى هناك هذا الخلط الذي في الكلمات, حتى يقول أين الاتفاق على المعنى اللغوي هذا ليس إدعاء المعنى اللغوي هذا إدعاء المعنى السياقي, وجدت في بعض هذه الكلمات التي قرأتها, يقول: يدعون الاتفاق وأين الاتفاق وقد وقع الاختلاف في كلمة الغنيمة, هذه ما ادعوا الاتفاق على المعنى اللغوي, ادعوا الاتفاق على المعنى الاستعمالي في هذا السياق, لأنه قبل ذلك يقول الغنيمة في اللغة يطلق على كل فائدة وأطبق الجمهور على إنكاره, انظروا العبارة وكأنه الجمهور يخالف اللغة مع أنه ليس هكذا, هذا محقق الكتاب يقول, ليس هكذا. واضح صار إلى هنا.

    إذن الدليل الأول الذي استند إليه أصحاب الاتجاه الثاني هو أن الغنيمة أي معنىً كان لها لغة أو عرفاً فإن الغنيمة في الآية مختصة بغنائم دار الحرب بأي دليل؟ بدليل السياق, ما هو السياق يعني مجموع الآيات المحيطة السابقة واللاحقة, وليس مجموع آيات السورة, لأنه قد بلحاظ مجموع كل السورة وغرض السورة وهدف السورة يكون للغنيمة معنىً ماذا؟ ذاك بحث آخر, تلك أي قرينة, ذاك بحث آخر الذي مع الأسف الشديد علمائنا في جملة من الأحيان غير ملتفتين إلى تلك القرينة, عادة إنما يتكلمون في قرينة السياق والمراد من قرينة السياق يعني الآية آيتين قبلها وآيتين بعدها وهكذا, في محيطها. أما كل السورة يعني سورة الأنفال.

    ابن عاشور في التحرير والتنوير يقول أساساً ليس فقط الآيات أصلاً من بدأ من قوله {يسألونك عن الأنفال} أصلاً البحث أين؟ أصلاً الغنيمة والنفل شيء واحد أصلاً أصلاً البحث كله في هذا العالم عن الأنفال والغنائم, وإلا لا يوافق على قضية أنه يوجد فرق بين الغنائم والأنفال, لا شيء واحد, هذا حينئذ ليس استدلال بالسياق هذا استعمال بكل السورة, يعني الجو الحاكم على السورة, لو جاءت رسالة من عالم من عارف من محقق بخمس صفحات, قد أنت تشتبه في فهم جملة فتحاول أن تسبق لها جملة جملتين قبل جملة جملتين بعد يقول لا, مقصوده هنا بقرينة هذه الجملتين التي قبلها وبعدها, وأخرى تقول لا أصلاً معناها لا هذا ولا ذاك وإنما معناها شيء آخر, تقول من أين؟ يقول: أنت أقرأ كل جو الرسالة تجد أن الرسالة تريد أن تتحدث عن فلان موضوع. هذه أيضا لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار, خصوصاً من يقبل بأن هذا الترتيب هذه الآيات وجعلها في سورة واحدة وتقطيع الآيات إلى سور كان بفعل رسول الله’, الآن من يناقش هذا له حديث آخر, أما من يقبل أن رسول الله’ هو عندما كان تنزل الآية يقول ماذا؟ وكأنه منظم السور يقول هذه ضعوها في السورة الكذائية, وهذه ضعوها في السورة الكذائية, عندنا روايات كثيرة ليس ترتيب السور أنه تبدأ بالحمد وتنتهي بالناس لا لا, لا إشكال أن ترتيب السور ليس تعبدي ليس من فعل رسول الله, ولكن تقطيع السور هذه انتهت السورة فبدأنا بسورة جديدة, وأن هذه الآية موقعها هنا لا أنه هناك لا, يوجد قولان ولكن القول التحقيقي عند كثير من الأعلام أن هذا فعل رسول الله’ طيب إذا كان هكذا ففعل المعصوم {لا ينطق عن الهوى, إن هو إلا وحي يوحى} يعني توجد نكات وليست جزافية. إذن جو السورة ايضا له تأثير في فهم الآية.

    طيب سؤال: هذا الدليل تام أو ليس بتام؟ طبعاً كما تعرفون أن هذا المطلب لا فقط ينفعنا هنا وإنما ينفعنا في كل القرآن وهو عندما يستدل بالسياق.

    فيحتاج إلى تحقيق شبه مستقل ودقيق حتى يتضح أنه كثيراً ما يستدلون بالسياق نحن ماذا نفعل عندما نجابه بدليل السياق.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/09
    • مرات التنزيل : 2388

  • جديد المرئيات