نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (136)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    كان الكلام في الاتجاه الثاني, قلنا: بأنه في هذا الاتجاه يمكن أن يستدل بعدة أدلة:

    الدليل الأول: هو الاستناد إلى السياق لإثبات أن المراد من الغنيمة هي المختصة بغنائم دار الحرب.

    وهنا بودي الإشارة إلى أن عموم أهل السنة الذين استندوا إلى هذه الآية لبيان اختصاص الغنيمة فيها بغنائم دار الحرب لم يثبتوا ذلك من خلال الاستناد إلى كلمات اللغويين, حتى ندخل معهم في بحث اللغة وهو أنه هل أن اللغة تفيد العموم أو لا تفيد العموم؟

    لذا ورد في كلمات جملة من الأعلام وهو أنهم بدؤوا مناقشة هذا الرأي من خلال إثبات العموم من خلال كلمات اللغويين هذا خروج عن محل الكلام لأن هؤلاء يقولون أنه حتى لو سلمنا أن اللغة تفيد العموم – وإن كان ليس كذلك عندهم- حتى لو سلمنا إفادة العموم فإن الآية لا تفيد العموم وذلك بقرينة السياق التي أشرنا إليها فيما سبق. ويتذكر الأعزة أننا قلنا بأن قرينية السياق قرينية متصلة يعني أنها تهدم أصل الظهور لا تعطي مجالاً لانعقاد الظهور في العموم حتى يبحث عن حجيته وعدم حجيته, بل أساساً القرينة المتصلة كما تعلمون لا تعطي مجالاً لانعقاد الظهور فضلاً عن الحجية.

    وهذا الرأي هو لعله المشهور بين علماء أهل السنة. واختاره أيضاً جملة من علماء الإمامية.

    من أولئك الذين أشاروا إلى ذلك ومالوا إليه هو المقدس الأردبيلي في مجمع الفائدة والبراهن في الجزء الرابع في ص311 من الكتاب, هناك يعني في الجزء الرابع من مجمع الفائدة والبراهن بعد أن يشير إلى مسألة: وقوله فيما يفضل عن مؤونة السنة قال: وأما الدليل عليه فكأنه الإجماع المنقول في المنتهى مع أنه ينقل الخلاف فيما بعد وسيجيء واستدل عليه بالآيات مثل قوله تعالى: {واعلموا أنما غنمتم} محل الشاهد, قال: ولا يدل كون الكلام قبله في القتال وذكره ايضا بعده على كون المراد به غنيمة دار الحرب فقط, وقرينة السياق لا تدل على اختصاص هذه الآية بغنائم دار الحرب, محل الشاهد, وإن كان هو محتملاً غير بعيد. هذه عبارة المقدس الأردبيلي يقول: أن هذا الاحتمال وارد وهو احتمال غير بعيد وهو أنه قرينة السياق تجعل الغنيمة يراد بها غنائم دار الحرب لا مطلقاً. هذه العبارة الأولى أو العلم الأول.

    وممن أيضاً صرحوا باختصاصها بغنائم دار الحرب بقرينية السياق هو ما ذكره السيد العاملي السيد محمد الموسوي العاملي في مدارك الأحكام المجلد الخامس ص378 إلى 381, يقول: الأول في وجوب الخمس في هذا النوع ومراده من هذا النوع يعني ما يفضل عن مؤونة السنة, يقول استدل لذلك بالآيات احتج الموجبون بقوله تعالى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} إلى أن يأتي إلى ص381 يقول: وفي جميع هذه الأدلة نظرٌ أما الآية الشريفة فأن المتبادر من الغنيمة الواقعة فيها غنيمة دار الحرب, كما يدل عليه سوق الآيات السابقة واللاحقة. فواضح استناد إلى قرينة السياق لإثبات اختصاص الآية بغنائم دار الحرب.

    وكذلك السيد الهاشمي في كتابه الخمس بحوث في الفقه كتاب الخمس الجزء الثاني ايضا اشار إلى هذا المعنى واختاره لعله أو مال إليه, هذه عبارته السيد الهاشمي, قال: إذا فرض أن المعنى الأخص – المراد من المعنى الأخص هنا يعني الاختصاص بغنائم دار الحرب- يتذكر الأعزة قلنا أن الغنيمة قد تستعمل باستعمالات ثلاثة:

    الاستعمال الأول: اختصاصها بغنائم دار الحرب.

    الاستعمال الثاني: أنه فائدة ولكنه بلا مشقة وتعب.

    الاستعمال الثالث: وهو الأوسع من الأول والثاني وهو كل فائدة حتى أرباح المكاسب.

    هنا عندما يقول المعنى الأخص مراده الاستعمال الأول وهو الاختصاص بغنائم دار الحرب, يقول: إذا فرض أن المعنى الأخص وهو غنائم الحرب كان بخصوصيته مما يستعمل فيه لفظ الغنيمة, وهذا بيناه ايضا فيما سبق أن هذه المفردة قد تستعمل في الاستعمال الأول وقد تستعمل في الاستعمال الثاني الذي هو أوسع من الأول وقد تستعمل في الاستعمال الثالث الذي هو أوسع من الأول والثاني. يقول: إذا فرضنا أن هذه المفردة لها استعمال مستقل في هذه الموارد الثلاثة, يقول: إذا فرض أن المعنى الأخص وهو غنائم الحرب كان بخصوصيته مما يستعمل فيه لفظ الغنيمة كمعنىً استعمالي أصبح السياق المذكور صالحاً للقرينية على تعيين المعنى المستعمل فيه اللفظ في المعنى الخاص لا العام, باعتباره أنه من استعمالات هذا اللفظ هذا المعنى الأخص والقرينة ماذا؟ قرينية السياق أيضاً تثبت هذا المقام إذن لا دافع لها, إذن قرينية السياق كافية لإثبات أن هذا هو المراد من الغنيمة, وهذا واضح. وفي المقام لا إشكال في كون المعنى الخاص مما يستعمل فيه اللفظ كثيراً حتى احتمل كونه المعنى الأصلي للغنيمة, فيكون السياق المذكور صالحاً للقرينية على إرادته من الآية المباركة.

    إذن واضح من هذا الكلام, نعم للتنزل يقول ولا أقل من الإجمال هذا تنزل وإلا ظاهر العبارة أنه يرى أن الآية مختصة بغنائم دار الحرب. جيد.

    إذن إلى هنا اتضح لنا بأنه يوجد رأي قوي بين علماء أهل السنة ولعله المشهور ولعلهم أطبقوا عليه أنهم استندوا إلى قرينية السياق وهذا أصل مهم أعزائي في فهم الآيات القرآنية القضية ليست فقط مختصة بهذه الآية يعني الآيات التي تكلمت الآن لا نبحث نحن في العقائد وإنما نتكلم في آيات الأحكام, آيات الأحكام التي قد تبلغ إلى خمسمائة أو ستمائة آية في الأعم الأغلب توجد فيها قرينة السياق إذن لابد أن نؤصل هذا الأصل وهو أن السياق هل يمكن أن يكون قرينة على بيان المراد من ذلك الحكم أو ذلك الأصل أو تلك القاعدة أو أن السياق أساساً لا قيمة له في مثل هذه الموارد.

    وهذه قضية مهمة وأساسية تعد من أهم مباحث علم أصول التفسير ومع الأسف الشديد إلى الآن شخصاً لم أرى بحثاً مستقلاً في هذا الموضوع, وهو أنه هل أن للسياق قرينية أو لا توجد قرينية وإذا كانت للسياق قرينية ما هي الضابطة متى نستند إلى قرينية السياق ومتى لا نستند, على أي الأحوال.

    في مقابل هذا الكلام أجيب على هذا الكلام وهو قرينية السياق بجواب يعهده الجميع ويعرفه الجميع, وهو ما أشار إليه السيد الخوئي+ في المستند في ص185 من المستند, هناك هذه عبارته, يقول: في أول ص195 ولا ينافيه يعني بعد أن أثبت العموم وأنه شامل لكل أنحاء الفائدة, هذا جواب عن دفع دخل مقدر, ولا ينافيه ذكر القتال في الآيات السابقة عليها واللاحقة لها لما هو المعلوم – هذا جوابه- لما هو المعلوم من عدم كون المورد مخصصاً للحكم الوارد عليه. يقول سلمنا معكم أن المورد فيه القتال والحرب ولكنه القاعدة تقول أن المورد لا يخصص الوارد إذن كيف تريدون الاستناد إلى المورد لإثبات الاختصاص؟

    وهذا كلام عام ليس فقط في هذا المورد وإنما في موارد كثيرة.

    في الواقع بأنه لكي يتضح كلام السيد الخوئي جيداً لابد أن نعرف ما هو المراد من المورد؟

    أعزائي المراد من المورد هو شأن نزول الآية المباركة, عندما نقول مورد الآية بحسب الاصطلاح يعني شأن نزول الآية الحادثة الخاصة التي أدت إلى نزول هذه الآية أو الآيات المختصة بتلك الواقعة وبتلك الحادثة, ومن الواضح أنه لا يمكن لأحدٍ أن يدعي أن شأن نزول الآية ومورد نزول الآية والحادثة التي من أجلها نزلت الآية تخصص الآية بذلك المورد أو تلك الحادثة أو الواقعة, وإلا لو كان الأمر كذلك للزم موت الآية بموت تلك الحادثة التي نزلت فيها الآية, هذا معناه أنه هذه الآية تكون مختصة بذلك المورد بأولئك القوم الذين نزلت فيهم الآية بتلك الحادثة التي نزلت فيها الآية فإذا ماتت تلك الحادثة ذهب امدها مات أولئك القوم عند ذلك يبقى للآية فائدة وتأثير أو لا يبقى؟

    من هنا أسس هؤلاء الأعلام هذه القاعدة قالوا: أن المورد لا يخصص الحكم الوارد في ذلك المورد.

    طبعاً هذا الأصل, طبعاً هذه ليست قاعدة واردة في لسان الأئمة أو في لسان النبي وإنما كما يقال أنها قاعدة متصيدة من مجموعة من الأخبار الواردة في المقام.

    هذه الأخبار روايات كثيرة أعزائي أنا أشرت إليها تحت عنوان في كتابي المنهج التفسيري تحت عنوان قاعدة الجري والانطباق, هناك في ص76 وما بعد أقول: وما ورد في شأن النزول وهو الأمر أو الحادثة التي تعقب نزول آية أو آيات لا يوجب قصر الحكم على الواقعة لينقض الحكم بانقضائها ويموت بموتها وهذا واضح.

    والروايات الواردة في ذلك كثيرة منها هذه الرواية.

    الرواية: >عن الإمام الصادق في تفسير العياشي: أن القرآن حيٌ لم يمت وأنه يجري ما يجري الليل والنهار, وكما يجري الشمس والقمر يجري على آخرنا كما يجري على أولنا< من هنا أعزاء علماء أصول التفسير أو علوم القرآن قالوا قاعدة الجري, هذه قاعدة الجري مستفادة من كلمات الأئمة, أو قاعدة الانطباق بعد ذلك سأبين نكتة لماذا يعبرون قاعدة الجري أو قاعدة الانطباق أو قاعدة التطبيق.

    رواية ثانية: الرواية ايضاً واردة في تفسير العياشي, الرواية عن الإمام الباقر× >ولو أن الآية إذا نزلت في قومٍ ثم مات أولئك القوم ماتت الآية لما بقي من القرآن شيء ولكنّ القرآن يجري أوله على آخره مادامت السماوات والأرض ولكل قومٍ آية< لا فقط النبي الأكرم’ لا, في كل زمانٍ لهم آياتٌ إما هم منها في خير أو في شر, >ولكل قومٍ آية يتلونها منها من خير أو شر<.

    إذن القرآن الكريم فقط يخاطب أولئك القوم أو يخاطبنا ايضاً؟ يعني بعبارة واضحة: مختصة بأولئك أو غير مختصة؟ لا, يستطيع كل واحد منا أن يقول أن هذه الآية نزلت في حق فلان وفي قوم فلان وفي طائفة فلان وفي الحادثة فلان.

    رواية ثالثة: >عن الفضيل ابن يسار, قال: سالت الباقر عن هذه الرواية ما في القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن وما فيها حرف إلا وله حدٌ ولكل حد مطّلَع ما يعني بقوله ظهر وبطن؟ قال×: ظهره تنزيله وبطنه تأويله منه ما مضى ومنه ما لم يكن بعدُ يجري كما يجري الشمس والقمر كلما جاء منه شيء وقع< يعني انطبق عليه.

    وروايات متعددة أعزائي في هذا المجال.

    إذن على هذا الأساس, السيد الخوئي يقول: بأنه حتى لو سلمنا أن مورد الآية هو الحرب إلا أن المورد يخصص الوارد أو لا يخصص؟ لا يخصص, هذا هو الجواب الذي ذكره سيدنا السيد الخوئي.

    هذا الجواب هل هو تام أو لا؟ التفتوا أعزائي لأن القضية كما قلت لكم جد مهمة لا فقط في أبحاث الأحكام الفقهية بل في كل الآيات القرآنية.

    في الواقع لكي يتضح أن هذا الجواب تام أو لا, لابد من معرفة أصلٍ من أصول علم التفسير وهو هل أن المورد وشأن النزول هل هو السياق أو أن السياق شيء وشأن النزول شيء آخر, أي منهما؟ فإن كان المورد وشأن النزول هو السياق فالحق مع من؟ فالحق مع اليد الخوئي, أن المورد الذي هو السياق يخصص الوارد أو لا يخصص؟ لا يخصص.

    أما إذا ثبت أن المورد شيء والسياق شيء آخر فهذا الجواب يدفع استدلال القوم أو لا يدفع؟ من الواضح بأنه لا علاقة لهذا الجواب باستدلال القوم, فإن القوم استدلوا بشيء والسيد الخوئي أجاب بشيء آخر لا علاقة له باستدلال القوم.

    والجواب: في كلمة واحدة أعزائي وتحقيقه موكول إلى محله, ولكن إجمالاً أشير, وهو أن المورد شيء والسياق شيء آخر, ما هو الفرق بين المورد والسياق؟ التفتوا جيداً, أعزائي المورد أو شأن النزول هو المصداق أما ما يستفاد من السياق هو القاعدة لا مصداق القاعدة, وأطبقه على مورد الكلام, شأن النزول ليس هو دار الحرب, شأن النزول غزوة بدر, أما سياق الآية مطلق الحرب, ما الفرق بين غزوة بدر ومطلق الحروب, ذاك أصل عام قاعدة عامة وغزوة بدر مصداق من مصاديقها, والشاهد على صحة ما أقول, أن هؤلاء القوم كل من استدل بهذه الآية أو استدل بوحدة السياق لم يقل أن هذه الآية مختصة بغزوة بدر, ولو كان استدلالهم بالمورد وشأن النزول لكانوا يقولون أن هذه الآية أوجبت الخمس في غنائم بدر, طيب هذه قضية باعتبار المورد هو هذا, هم ماذا قالوا؟ قالوا: أننا نقول بوجوب الخمس في مطلق الغنائم لا مطلق الغنائم حتى الفوائد من النحو الثالث ولكن في مطلق غنائم دار الحرب, نعم مورد الآية غزوة بدر, فلتكن أحد فليكن خندق فليكن أي حرب في زماننا لا فرق. يعني أن الحاكم الإسلامي, أن ولي الأمر أن الدولة الإسلامية ضمن الشرائط لو في هذا الزمان قامت بحربٍ ضمن الشرائط الفقهية هذه الغنائم تنطبق عليها الآية أو لا تنطبق؟ نعم تنطبق عليها الآية.

    إذن على هذا الأساس يتضح لنا أن المورد وشأن النزول دائماً يتكلم عن المصداق, طيب بطبيعة الحال لو جعلنا الآية مختصة بمصداق معين في زمان معين وذهب ذلك المصداق لماتت الآية.

    أما هؤلاء الذين استندوا إلى السياق لا يريدون أن يقولوا بأننا نريد أن نقول أن الآية مختصة بمورد النزول بشأن النزول حتى يقال لهم أن المورد لا يخصص الوارد, ما أدري واضح هذا المعنى.

    وعندنا آيات كثيرة نجد بأنه المورد شيء شأن النزول شيء, الآن مثال من المسائل العقائدية, تعالوا معنا إلى مسألة عنوان أهل البيت في آية الأحزاب {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} شأن نزول الآية ماذا؟ هؤلاء الخمسة تشمل هؤلاء الخمسة أو لا تشمل؟ بالاتفاق أن الأئمة التسعة الباقين ايضا مشمولين لعنوان أهل البيت, فلو كان المورد يخصص الوارد لما شملت آية التطهير باقي الأئمة, نعم, ولكن هذا ليس معناه أنه عنوان أهل البيت نجعله مطلقاً عاماً لغةً فقهاً لا أبداً مع أننا نقول بعدم الاختصاص بشأن النزول ومورد النزول ولكن لا نعممها لكل شيء, كذلك في المقام.

    مع أننا لا نقول بأن المورد يخصص الوارد, يعني لا يختص بشأن النزول ولكن هذا ليس معناه التعميم لكل فائدة, وإنما لابد أن ننظر إلى سياق الآية أنها تريد أن تقول مطلق الفائدة أو الفائدة والغنيمة المختصة بدار الحرب.

    وبهذا يتبين أن ما ذكره شيخنا الفاضل اللكنراني في كتاب الخمس إشكال في غير محله, الشيخ اللنكراني في كتابه الخمس ص11 يشكل على القائلين بالاختصاص بغنائم دار الحرب يقول: لو كانت الآية مختصة بموردها للزم اختصاص الآية بغزوة بدر والتالي باطل إذن فالاختصاص ايضا باطل, فهذا الكلام تام أو غير تام؟ غير تام لماذا؟ لأن أولئك لم يقولوا بأن الآية مختصة بمورد النزول وإنما قالوا أن الآية مختصة بغنائم دار الحرب لا لأجل مورد النزول بل لأجل السياق.

    ولذا تعبيره يقول: ولم يقل أحد في ص10, ولم يقل أحد بالاختصاص بغزوة بدرٍ مع كونها شأن نزول الآية, نعم, لم يقل أحد باختصاصها ولكن هؤلاء ما استدلوا بشأن نزول الآية وإنما استدلوا بالسياق والسياق هي القاعدة وشأن نزول الآية هو المصداق فرد من أفراد القاعدة, وكم يقع الخلط بين مورد الآية وبين سياق الآية. ولم يقل أحد بالاختصاص بغزوة بدر مع كونها شأن نزول الآية, لأن القول بالاختصاص بغنائم دار الحرب عامٌ يشمل جميع الغزوات من دون اختصاص بها – أي بغزوة بدر- كما لا يخفى, نعم هؤلاء لو استدلوا بشأن النزول لورد عليهم الإشكال ولكن هؤلاء لم يستدلوا بشأن النزول وإنما استدلوا بقرينية السياق وهي أعم, نعم الفارق بينهما المصادق والمفهوم الكلي, ولكن ليس المفهوم الكلي حتى يشمل غير مصاديقه, تارة تقول زيد ومرة تقول إنسان الآية تريد أن تشير إلى الإنسان السياق يشير إلى السياق وشأن النزول يشير إلى زيد.

    أنت لا تقل لي إذن لما كان المورد لا يخصص الوارد إذن يشمل غير الإنسان لا علاقة له, قرينية السياق تقول ماذا؟ أن الآية نازلة في الإنسان, وشأن النزول تقول منشأ نزول الآية في الإنسان هذه القضية الخاصة بمن؟ بزيد, وكم له نظير في الأحكام الشرعية أنه كانت قضية في واقعة ولكن نزل حكم في مسألة الظهار في مسألة الصوم في مسألة الحج كلها أساساً من هذا القبيل, يعني أن شأن النزول مصداق خاص ولكنّ الآية عام, ما معنى عام؟ ليس بمعنى أنها تشمل كل مصاديقها ايضا, هؤلاء القوم الأعلام تصوروا أنه إذن لما لم تكن مختصة بغزوة بدر إذن تشمل أرباح المكاسب, لا يا أخي هذا يوجد عنوان آخر غير عنوان غنائم دار الحرب, ذاك عنوان وهذا عنوان, عدم الاختصاص بغزوة بدر لا يجعلها شاملة لأرباح المكاسب وإنما يقول أنها شاملة لكل ما كان فيه خصوصية غزوة بدر يعني حرب, يعني مأخوذ بالقوة والغلبة والجهاد ونحو ذلك, ما أدري واضح إلى هنا.

    من هنا أعزائي لابد أن يشار إلى قاعدة مهمة في علم أصول التفسير وهو أنه: إذا ورد عندنا سياق وورد عندنا شأن نزول – يعني مورد الآية- واتفقا طيب لا محذور لا تنافي فإن هذا المورد يكون من مصاديق السياق ومن مصاديق الآية, إنما الكلام كل الكلام فيما لو تنافى المورد مع السياق, وهذا كم له نظير في روايتنا, أعزائي جد هذه قضية خطيرة وعندما أقول خطيرة يعني مهمة أساسية ما لم يلتفت إليها, أنت إما أن تصادر الآية وإما أن تصادر الرواية, ما هو الأصل ما هي القاعدة فيما لو تعارض المورد مع قرينية السياق, قرينية السياق شيء وبيان الإمام الذي يبين مصاديق الآية شيء آخر.

    هنا نطبق >اعرضوا كلامنا على كلام ربنا< فنقول مخالف لقرينية السياق إذن يرمى عرض الجدار أو زخرف لم نقله أو لا, يكون بيان المعصوم من قبيل الخاص الذي يخصص عموم القرآن, من قبيل المقيد الذي يقيد إطلاق القرآن, من قبيل المفصل الذي يبين إجمال القرآن أي منهما؟

    هذا الذي قلت للأعزة أن هذا مع الأسف الشديد أن هذا أصل أساسي في عملية ومع ذلك تجد أن البعض يأتي ويقول – فقيه ولكنه لا رائحة عنده لا يعلم شيئاً من هذه القواعد- طيب إذا لا يعلم شيئاً كيف يستطيع أن يعرض كلامهم على كتاب الله (سبحانه وتعالى) أليس من أصول الاستنباط عرض ما ورد عنهم على كتاب الله (سبحانه وتعالى) أيمكن أن يكون فقيهاً ولا يعرف هذه القواعد.

    هذا من قبيل أن يكون فقيها ولا يعرف قواعد علم الأصول, يمكن أو لا يمكن؟ إذن ما هو الحل كما في محل كلامنا, إذا أريد أن أضرب مثال محل كلامنا, ما هو محل كلامنا؟ محل كلامنا أن الآية المباركة قرينيتها تدل على غنائم – ليست غزوة بدر- على غنائم دار الحرب, بيان الإمام افترضوا أن الرواية التي وردت عن الإمام الجواد× قالت لا أن الغنائم أوسع من السياق, أيهما يقدم؟ ما أدري واضح.

    مثال آخر أوضح من هذا المثال: من قبيل ما ورد في آية أعزائي آية التطهير {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت} وقلنا أن قرينية السياق واردة في ضمن أزواج النبي {يا نساء النبي} نساء النبي, نعم كل الذي أنتم قلتموه لنا يعني أشار إليه سنةً وشيعة, قالوا نستطيع أن نقول أن هذا المقطع من الآية لا يرتبط بأزواج النبي بأي قرينة؟ بقرينية تبديل الضمير من نون النسوة إلى جمع المذكر السالم وهذا أجبنا عليه فيما سبق, أنه يكفي أو لا يكفي؟ لا يكفي لماذا؟ لأن هذا ليس لإخراج النساء بل لإدخال الرجال.

    فرق كبير بين أن نقول أن تغيير الضمير يخرج النساء وبين أن نقول تغيير الضمير لا أنه يخرج النساء وإنما يدخل الرجال أيضا بالإضافة إلى النساء, تقول لماذا قال كم, مذكر سالم؟ الجواب: هذه قاعدة معروفة أنه إذا كان نساء ورجال التغليب لمن يكون؟ للرجال للذكور قاعدة في علم النحو.

    هذا مضافاً لا فقط قرينية السياق موجودة في الآية – الآن لعله هذه يسجلونها وبكرة تجدونها على الفضائيات- هذا مضافاً لا أنه قرينية السياق موجودة, اللغة أيضاً تساعد على الشمول, ارجعوا إلى كتب اللغة تقول أن عنوان أهل البيت من مصاديقه زوج الرجل, الاستعمال العرفي ايضا يساعد على هذا, فإن الإنسان يقول لزوجه أهلي وأهل بيتي أو لا يقول؟ هذا أمامكم الاستعمال والعرف ببابكم, الاستعمال الفقهي ايضا يساعد على ذلك.

    هذه كتب الفقه ارجعوا إليها أنه لو وقف أو نذر أو كذا وقال أهل بيتي يشمل أزواجه أو لا يشمل؟ طيب ارجعوا إلى كلماتهم, بل الاستعمال القرآني ايضا يساعد على ذلك.

    وذكرنا للأعزة مراراً وتكراراً قلنا أن الاستعمال القرآني يشير إلى هذه الحقيقة في بعض الموارد ومنه ما ورد في سورة هود الآية 73 قال تعالى: {وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب, قالت يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب, قال أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد}

    إذن أهل البيت هنا المقصود منه ماذا؟ امرأته, ولكن السياق اللغة العرف الاستعمال ولكن إذا جئنا إلى شأن النزول ومورد النزول هل يمكنه أن يخصص هل يمكنه أن يتصرف أو لا يمكن؟ ما أدري واضحة هذه القضية, أنا لكي لا أضغط على صوتي كثيراً هذا ضعوه إن شاء الله إلى غد.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/09
    • مرات التنزيل : 1058

  • جديد المرئيات