بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
انتهى بنا الكلام إلى هذا الأصل الأصيل والمهم في مباحث علم أصول التفسير, وهو أنه هل أن السياق دائماً يكون قرينة متصلة لهدم الظهور إن كان هناك ظهور يدل على العموم أو لا.
بينا بالأمس بأنه هذه القاعدة ليست قاعدة تامة ودائمية أنه السياق دائماً يكون قرينة متصلة لبيان المراد من الآية, لأنه في جملة من الأحيان يكون السياق لبيان مصداق من مصاديق الآية, لا أنه يكون مقيداً للآية, وعلى هذا الأساس يمكن أن يقال بأن السياق – إذا عبرنا عن السياق بالمورد- لأننا ذكرنا بالأمس قد يطلق المورد ويراد به شأن النزول لا إشكال أن شأن النزول لا يخصص الوارد.
وقد يطلق المورد ويراد به سياق الآيات لا شأن نزول الآية, فهنا هل أن السياق أو المورد يخصص الوارد أو لا يخصص؟ هنا لابد أن ننظر إلى الآية المباركة مورد البحث تارة أن المورد يخصص وأخرى أن المورد لا يخصص.
فإذا نظرنا إلى مثل هذه الآيات التي أشرنا إليها بالأمس وقراناها بالأمس وهي من قبيل قوله تعالى: {ما جعل عليكم في الدين من حرج} {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} فمن الواضح أن السياق وأن المورد لا يخصص الوارد.
أما إذا نظرنا إلى مواضع أخرى لعل السياق يخصص المورد.
هذا المعنى حاول البحث أن يطبقه على محل الكلام قال: أن الآية المباركة وإن كانت نازلة بشأن الحرب والقتال كما قرأنا في سورة الأنفال الآية 43 قال تعالى: {واعلموا أنما غنمتم} قال هذه الآية وإن كان قبلها {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} وكذلك بعد الآية {وما أنزل على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان} هذا إذا قلنا بأن المراد من التقاء الجمعين يعني في غزوة بدر, وإن كانت هناك تفاسير أخرى ليوم التقى الجمعان {إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القسوى} إلى غير ذلك.
فإن هذه الآية أو هذا المقطع من الآية لا يكون السياق مقيداً ومخصصاً لها بغنائم دار الحرب, لأن الآية المباركة عامة مطلقة وتريد أن تبين أن من مصاديق ذلك غنائم دار الحرب {وأعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} إلى آخر الآية.
ولعله, هذا المعنى يستظهر من كلام السيد الطباطبائي& وإن لم يبين هذا المطلب بهذا النحو الذي أشرنا إليه, لكن يمكن أن يقال أن هذا هو مراده.
في المجلد التاسع في ذيل هذه الآية من سورة الأنفال الآية 90 و91 هذه عبارته, يقول: فمعنى الآية والله أعلم, التفتوا إلى النكات أو إلى العبارة, يقول: واعلموا أن خمس ما غنمتم -انظروا كيف يفسر الآية- وأعلموا أن خمس ما غنمتم أي شيء كان, التفتوا هذه {من شيء} فسرها باي شيء حتى تكون شاملة فتكون من مصاديقها غنائم دار الحرب, هذه عبارة {واعلموا أنما غنمتم من شيء} هذه من شيء جعلها مطلقة, إذا تتذكرون واحدة من الوجوه التي استدل بها أصحاب الاتجاه الأول, قالوا: أن {من شيء} يعني سواء كانت غنائم دار الحرب أو لا, ونحن قلنا أن {من شيء} بيان لما, لما غنمتم, فلهذا لا يمكن أن تكون مطلقة ما الموصولة التي بيانها بماذا؟ بصلتها الذي هو غنمتم, لا السيد الطباطبائي يعتبر أي شيء كان.
ولذا يقول: وظاهر الآية أنها مشتملة على تشريع مؤبد, طيب واضح, سواء كانت في غنائم دار الحرب أو كانت أعم فهي تشريع مؤبد ما في كلام, وإنما الكلام: وأن الحكم متعلقٌ بما يسمى غنماً وغنيمةً سواء كان غنيمة حربية مأخوذة من الكفار أو غيرها مما يطلق عليه الغنيمة لغة كأرباح المكاسب والغوص والملاحة والمستخرج من الكنوز والمعادن وإن كان مورد نزول الآية هو غنيمة الحرب فليس للمورد أن يخصص, هذه تقريباً هذا هو الوجه الثاني الذي أشير, هذا إذا فسرنا المورد في كلامه يعني سياق الآيات لا شأن نزول الآية من الواضح أن شأن نزول الآية لا يمكن أن, وإلا كما يقال لانتهى القرآن لمات القرآن, إذا قلنا أن الآية مختصة بشأن نزولها طيب من الواضح أن ذاك المورد انتهى فالآية أيضا تنتهي معها.
ولذا يقول: فهذا كله مما لا ريب فيه بالنظر إلى المتبادر من ظاهر معنى الآية, وعليه وردت الأخبار, إشارة إلى الوجوه الأخرى التي استدل بها للوجه الأول.
إذن هذا الوجه الثاني هذه خلاصته يريد أن يدعي بأننا صحيح نلتزم أن {ما غنمتم} ورد في سياق الأمور أو القتال والحرب إلا أن المورد لا يخصص الوارد, لماذا لا يخصص؟ باعتبار أن الآية فيها ظهورٌ لبيان وجوب الخمس في مطلق الغنيمة ومن مصاديق ذلك غنائم دار الحرب.
من هنا قد يقال دفاعاً عن السيد الخوئي+ فيما سبق من هنا قد يقال أن السيد الخوئي عندما قال أن المورد لا يخصص الوارد قد يقال أن مراده من المورد لا شأن نزول الآية وإنما مراده من المورد السياق.
نقرأ العبارة مرة أخرى, لأنه هذه النكتة ما كنا نستطيع أن نبيها هناك إلا بعد بيان هذه القاعدة, في ص195 من مستند العروة يقول: ولا ينافيه ذكر القتال في الآيات السابقة عليها واللاحقة لها, إذن يتكلم عن ماذا؟ ليس عن شأن نزول الآية وإنما يتكلم عن سياق الآيات, يقول: ولا ينافيه ذكر القتال في الآيات السابقة عليها واللاحقة لها, لما هو المعلوم من عدم كون المورد مخصصاً للحكم الوارد عليه.
طبعاً, بعض من تكلم في هذا في الواقع -أنا الآن ما أريد أن أذكر الأسماء سأشير إلى بعضهم ولكنه أسماء كبيرة- أنهم خلطوا بين المورد وبين شأن النزول, مع أن شأن النزول بلا إشكال أنه لا يخصص الآية, ولكن المورد قد يخصص كما أشرنا وهو قرينة متصلة.
انظروا إلى عبارة الشيخ اللنكراني+ في كتابه الخمس, هناك في ص10 من الكتاب هكذا يقول, يقول: ويدل على عموم الغنيمة في آية الخمس وعدم الاختصاص بغنائم دار الحرب مضافاً إلى ما ذكر يقول: على أن تعليق الحكم على ما غنمتم إنما هو بصورة الفعل الماضي ولم يقل أحد بالاختصاص بغزوة بدر مع كونها شأن نزول الآية. لا إشكال ولا شبهة لا يمكن أن يقال وإلا لو كانت مختصة بغزوة بدر إذن في أحد لا تجري في الحروب الأخرى لا تجري لأنها مختصة بشأن نزول الآية, وشأن نزول الآية مرتبطة بغزوة بدر, لأن القول بالاختصاص بغنائم دار الحرب عام يشمل جميع الغزوات من دون… إلى في الآخر يقول: أن المورد لا يخصص الوارد, طيب من الواضح بأنه هذا لا يمكن قبوله أن نخلط بين شأن النزول وبين المورد.
إذن قد يقال: بأن السيد الخوئي مراده من المورد ليس شأن نزول الآية وإنما مراده من المورد يعني السياق المحيط بالآية.
إذا كان مقصود السيد الخوئي الاحتمال الأول فجوابه اتضح, أما إذا كان مقصوده الاحتمال الثاني فأيضاً كلامه غير تام على إطلاقه, لأنه يقول لما هو المعلوم من عدم كون المورد مخصصاً.
الجواب: هذا الكلام غير تام على إطلاقه لأن المورد قد يكون مخصصاً وقد لا يكون مخصصاً لا أنه نقول قاعدة عامة أن المورد لا يخصص الوارد, بل لابد أن ننظر إلى أن الآية بصدد إعطاء قاعدة كلية, عند ذلك نقول أن المورد لا يخصص الوارد, أما إذا, كما استظهر جملة من الأعلام قالوا بأن الآية المباركة ليست بصدد يعني آية الخمس, ليست بصدد إعطاء قاعدة كلية, إذن المورد يخصص الوارد.
إذن هذا تابع لاستظهار الفقيه, الآن نحن لا يمكن في الاستظهارات أعزائي لا توجد هناك ضوابط كلية يلتزم بها الجميع أبداً, ولذا تجدون واحدة من أهم أسباب اختلاف الفقهاء فيما بينهم هو استظهار النصوص سواء كانت الآية أو كانت الروايات.
الآن السيد الطباطبائي يرى بأنه لا فيها ظهور أنها قاعدة عامة, قد الآخرين كما أنه كثير من مفسري المسلمين أعم من الفريقين والاتجاهين لم يفهموا منها ما فهموا من قوله {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}. جيد.
الآن على هذا الأساس يمكن إذا تم هذا الاستظهار يمكن أن يجعل هذا البيان دليلاً آخر لإثبات الاتجاه الأول, ماذا كان الاتجاه الأول؟ الاتجاه الأول كان يقول أن الغنيمة في الآية عامة وشاملة لمطلق الأرباح حتى أرباح المكاسب, هذا البيان يمكن أن يقال أنه وجهٌ جديد لإثبات الاتجاه الأول.
وهذا كلام تام أو غير تام؟ أعزائي بنحو الإجمال لابد واقعاً أن نشير إلى عدة نكات:
النكتة الأولى: وهو أنه لا يمكن لا أريد أنه نستظهر العدم, لا يمكن استظهار القاعدة من الآية وأن المقام وأن المورد من مصاديقها, إن كان هنا ظهور فهو ظهور مشكوك ظهور ضعيف, وإلا بأي قرينة نقول {واعلموا أنما غنمتم من شيء} إلا أن تستندوا إلى بعض الوجوه السابقة, ماذا؟ يقولون أن الآية قالت {من شيء} أو تسندوا إلى الرواية , أو, أما نفس ظهور.
ولذا تجدون أولئك الذين حاولوا إثبات العموم -حتى من فقهاء الإمامية- ما استندوا إلى ظاهر الآية وإنما استندوا إلى الروايات الواردة في ذيلها, استندوا إلى قرينة {من شيء} استندوا إلى اللغة وهكذا, هذا يكشف عن ماذا؟ يكشف عن أن الآية بنفسها لها ظهور في العموم والشمول أو ليس لها ذلك؟ ليس لها ذلك.
إذن أولاً: عدم وجود قرينة واضحة على هذا الاستظهار الذي ذكره السيد الطباطبائي, هذا أولاً.
وثانياً: واقعاً هل يمكن -هذا بحثه سيأتي إن شاء الله تعالى في واحدة من الوجوه اللاحقة- أنه هل يمكن الاعتماد على مثل هذا الظهور المشكوك الحال -الآن لا أريد أن أقول بأنه عدم وجود الظهور- المشكوك لإثبات هذا الحكم الشرعي المهم في الشريعة, يعني أن الشارع يعتمد على مثل هذه الظهورات المتزلزلة أو المشكوكة لإثبات مثل هذه الأحكام الأساسية.
ولذا إن شاء الله تعالى بعد ذلك سيأتي التفتوا, واحدة من الوجوه التي استدل بها أهل الاختصاص أو أصحاب اتجاه الاختصاص, قالوا لو كان الخمس من الأحكام المهمة والأساسية ومن الفروع الأساسية في الشريعة لاعتنى بها القرآن الكريم كما اعتنى بأمر الزكاة, لماذا نحن نجد أن أمر الزكاة في القرآن ورد في عشرات الآيات ولكنه لم يأتي أمر الخمس إلا في آية واحدة, هذا يكشف عن أن وخصوصاً أن القضية ماذا؟ دائمية سيالة أبدية مرتبطة بحياة الناس, الاعتناء بهذه القضية -هذا في الوجه الثالث أو الرابع إن شاء الله من الوجوه التي ادعاها أهل الاختصاص- هذا الأمر الثاني.
الأمر الثالث: وهو أنه سلمنا معكم التفتوا, سلمنا معكم أن الآية هي بصدد اعطاء قاعدة كلية يعني من قبيل {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} طيب لابد أن نرجع لنرى بأنه ما هو المراد من الغنيمة لا يقول لنا قائل {من شيء} بيّنا أن {من شيء} لا دلالة فيها إذن ما هو المراد من الغنيمة, هل الغنيمة تشمل جميع أنواع الفائدة حتى أرباح المكاسب أو أنها لا يوجد مثل هذا الشمول, ماذا قلنا في الأبحاث السابقة؟ قلنا من الناحية اللغوية أقصى ما يقال أنه يشمل القسم الأول والقسم الثاني من الغنيمة من الأرباح ولا يوجد في اللغة ما يشمل الغنيمة تطلق ويراد بها أرباح المكاسب.
إذن على فرض صحة أنها قاعدة عامة أيضا لا تنفعنا لإثبات أن الآية دالة على وجوب الخمس في أرباح المكاسب أيضاً.
هذا تمام الكلام أعزائي في الوجه الأول, أو الدليل الأول الذي استدل به لإثبات الاختصاص.
الدليل الثاني: هذا الدليل أعزائي قد في المقدمة تشعرون سنخرج من البحث قليلاً ولكنه ستظهر النتائج بعد ذلك ونتائج خطيرة جداً على مستوى المعارف الدينية عموماً وعلى مستوى الاستدلال الفقهي خصوصاً وهو: الاستناد إلى النظائر وتتبع النظائر في القرآن, يعني نرجع إلى القرآن الكريم لنرى عندما استعمل الغنيمة -مرادنا من الغنيمة يعني هذه المادة في أي صيغة كانت- الآن إما بصيغة غنمتم أو بصيغة مغانم إلى آخره ليس الكلام في الصيغة وإنما الكلام في هذه المادة- في الدليل الثاني يدعي هؤلاء أننا عندما تتبعنا القرآن الكريم وجدنا أنه كلما ذكر غنمتم ومغانم ونحو ذلك أراد به غنائم ومغانم دار الحرب, إذن هذه تعد -هذه النظائر- تعد قرينة على أن المراد من غنمتم يعني غنائم دار الحرب. التفتوا جيداً, هذا ليس الاستدلال بالسياق ليس بالآيات المحيطة وإنما ماذا؟ وهنا ايضا لا يرد الإشكال السابق أنه قد يقول قائل أن هذا الترتيب ليس ترتيباً وحياني هذا الإشكال الذي ورد على الدليل الأول يرد هنا أو لا يرد؟ هنا لا يرد لماذا؟ لأن هذه الآيات بنحو الاستقلال واردة, هذه الآية واردة, وهذه الآية واردة, نجدها أن جميعاً واردة في موارد الحرب.
الآيات الواردة أعزائي التي ذكرت في المقام لعله في موارد خمسة:
المورد الأول: ما ورد في الآية 69 من نفس سورة الأنفال, قال تعالى: {بسم الله الرحمن الرحيم* مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ* لَوْلاَ كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ* فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الآية التي بعدها {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ الأَسْرَى} والآية التي قبلها {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ} إذن تتكلم عن ماذا الحرب والقتال إذن {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ} يعني في أمور ماذا؟ هذا الذي حصلتم عليه, هذا هو المورد الأول وهو الآية 69 من سورة الأنفال.
المورد الثاني: ما ورد في سورة الفتح وهي الآية 15 والآية 19 والآية 20 من سورة الفتح {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ} والمخلفون عن ماذا؟ المخلفون عن الحرب, {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ} واضح أن الآية تتكلم عن أي مغانم؟ مغانم الحرب.
وكذلك الآية 29 يقول: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا* وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا* وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} هذه ايضا الموارد الثلاثة.
وكذلك ما ورد في سورة النساء الآية 94 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُمْ} إذن يقال أن هذه الآية مرتبطة {إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (كلام أحد الحضور) أنا قرأتها ماذا (كلام أحد الحضور) نعم, {لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلاَمَ}.
هذه هي الآيات الخمس التي استدل بها أو جعلت قرينة على أن المراد من الغنيمة أو ما غنمتم في القرآن كلما ذكر أريد به غنائم دار الحرب.
أعزائي هذا البحث يمكن أنا أختصره لكم في عشرة دقائق وننتهي منه, ولكنه أريد بيان نكتة للأعزة وهي أعزائي أن ملكة الاجتهاد ليست هي كثرة معلومات, لا يتبادر إلى ذهن أحد أن الاجتهاد يعني كثرة المعلومات الموجودة عند الإنسان أبداً كثرة المعلومات ليست هي ملكة الاجتهاد, ولذا قد يكون الإنسان أصلاً حافظاً لكل الآراء يوجد بعض الناس تجدوهم أنه في المسألة الواحدة يحفظ آراء 22 مرجع مثلاً فلان هكذا قال خصوصاً في باب الحج الآن صارت الآن حرفة حفظ مباني الفقهاء في الحج فلان هكذا يقول وفلان هكذا يقول, ولكن هذه لا علاقة لها بعملية الاجتهاد, أعزائي الاجتهاد أو ملكة الاجتهاد صنعة فن, ولذا قد شخص يملك كثيراً من المعلومات وليس بمجتهد وقد يكون مجتهداً يعني صاحب الصنعة وله ملكة ولكن معلوماته قليلة جداً وقد يجتمعان -وهذا الاجتماع ايضا نادر- وقد يجتمعان, الآن ما أريد أن أقول من هو, السيد محسن الحكيم& صاحب المستمسك في كربلاء سئل عن مسألة -في باب الصوم وما أريد أن أقول المسألة وأنا موجود- ما هو رأيكم سيدنا, قال ما أتذكر, راجعوا الرسالة العملية, رأيه لا يتذكره ماذا قد كتبه أين, لا أنه آراء الآخرين لا, رأيه هو لا يتذكره ما فيه محذور هذا ينافي تلك الملكة.
بتعبير آخر أعزائي: أريد أن تذهبون اليوم وكثيراً ما تقفون عند هذه الآية المباركة, هذه الآية المباركة في سورة البقرة انظروا أن إبراهيم ماذا طلب من الله؟ هذه أقولها هذه النكتة حتى أبين أن المشكلة الموجودة الآن في كثيرٍ من دروس الحوزات العلمية ما هي المشكلة الأصلية, إبراهيم الخليل قال: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ} تحيا الموتى, أو {كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى}؟ الآن قد يقول قائل ما الفرق بينهما, الفرق بينهما كبير جداً, تارة يسأل أن هذا الميت أنت تحييه يقول بلي, يقول له طيب أحييه يقول هذا كان ميتاً الآن أحييه, أصلاً يومياً الله (سبحانه وتعالى) يحيي ويميت في النبات وغير النبات, ومرة أخرى لا إبراهيم لم يسأل أن الله كيف يحيي الموتى, يسأله هذه الصنعة أنت ماذا تفعل لها أنا أيضا أريد أن أعرف, {كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} أريد أن أتعلم الصنعة, فلهذا الله ايضا لم يقل له انظر هذه افعل بها كذا ثم اطلب مني أنا أحييها, قال: {ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ} ماذا؟ يعني أنا أعلمك الصنعة كيف تحيي أنت.
في حوزاتنا العلمية أعزائي في الأعم الأغلب أن الطلبة والأساتذة بصدد تعبئة مخ الطالب وذهن الطالب بالمعلومات, فيبقى ثلاثين سنة في البحث الخارج, كان هناك زملاء للسيد الصدر& -السيد أبو جعفر&- كان له زملاء يحضرون بحث السيد الخوئي معه, السيد الصدر الله يعلم أنا سألت قالوا بلي كان السيد الشهيد من يحضر فلان وفلان وفلان ايضا كانوا يحضرون الفتاوى الواضحة كتبها وتعليقته على المنهاج كتبها والسيد الخوئي كان يدرس وأولئك الزملاء بعدهم يحضرون هو صار مرجع, لا ليست قضية استدلال فقط أبداً قضية أنه تعلم الصنعة مباشرة من من؟ من السيد الخوئي.
ولذا أنا أتصور ايضا هي وظيفة التلميذ أن يبحث عن الصنعة لا أن يبحث عن كثرة المعلومات أنا كم كتاب فقهي قرأت, لعلك لم تقرأ إلا كتاب فقهي واحد, وعادة في الحوزات العلمية لا يقرأ إلا ماذا؟ الآن إما كتاب الصلاة أو كتاب المكاسب كتاب أو كتابين وليس أكثر من ذلك, إذا لم تتعلم الصنعة والله لو تقرأ كل الكتب الفقهية من أولها إلى آخرها لا تكون مجتهداً, ولذا يقول بعض الأكابر عندما أقرأ في تأريخ بعض الأعلام أنه حضر عند فلان عشرين عام وعند فلان خمسة عشر عام وعند فلان ثلاثين عام أعرف أنه ليس بمجتهد, استكشف أن هذا لو كان قد تعلم الصنعة ما كان يحتاج أن يبقى عند فلان ثلاثين عام, ولذا وظيفة الطالب أن يبحث عن الدرس الذي يعلمونه فيه صنعة الاستدلال, لا كثرة المعلومات, ووظيفة الأستاذ ايضا واقعاً عندما يصل إلى المسائل التي فيها صنعة لا يعطي المعلومة وتلك القواعد الأساسية التي هي بطانة وهي أصل وهي القواعد التي تبتني عليها المعلومة أنه يمر عليها مروراً أبداً وإنما يقف عندها.
ولذا أنا قلت لكم أنا استطيع والله يعلم أن هذه المسائل في كتاب الخمس ما أسهل كتاب الخمس بالطريقة المطروحة في, وجدتم الآن في آية الخمس السيد الخوئي يبحث سطر ونصف أعزائي ونحن صار لنا عشرة أيام تقريباً الآن في بحث آية الخمس ولعله سوف نبقى عشرين ثلاثين درس, لأنه بعد ذلك في آية الخمس عندنا ماذا؟ الأعزة يتذكرون في آية الخمس قلنا هي فقط, هي ليست فقط الخمس وإنما بعد ذلك {فإن لله خمسه} هذه اللام أي لام هذه؟ {وللرسول} هذه أي لامٍ هذه, و{لذو القربى} هذه أي لام هذه؟ الأصناف هذه الأصناف كيف التقسيم عليها يكون, بالسوية أو ليس بالسوية؟ تدل الآية أو لا تدل الآية؟ قبل الدخول أين؟ إلى الروايات, لماذا دائماً الروايات الروايات … أليس أهل البيت قالوا رسول الله قال: >تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي أحدهما أكبر من الآخر< وأنت دائماً تغفل عن هذا الأكبر وتذهب إلى غير الأكبر, هذا هو المنهج الذي رسمه لنا رسول الله’!.
إذن أرجع إلى البحث أعزائي وأبين الآن قد في أول الأمر تسألني أنه سيدنا ما هو ارتباطه ببحثنا؟ إذا تنتظرني قليلاً ستعرف بأنه هذا البحث ما هو قيمته في الاستدلالات الفقهية الآن اتركنا من الأبحاث العقائدية والكلامية ومعارف القرآن الأخرى.
أعزائي الاستدلال بالنظائر لفهم مورد الآية أساساً كثير الدوران في ألسنة المفسرين, يعني أنت عندما, خصوصاً في الموارد التي ليس مورد واحد وارد في الآية, بعض الأحيان أن الآية أن المورد أو اللفظ أو المصطلح أو الكلمة واردة في مورد واحد في القرآن, مثل آية الكرسي{وسع كرسيه السموات والأرض} أبداً نحن لا يوجد عندنا في القرآن بحث عن الكرسي -مقصودي الكرسي يعني علم الله لا الكرسي مطلقا وإلا في سليمان وغير سليمان ورد الكرسي- لا لا المقصود {كرسيه} الضمير يعود إلى من؟ إلى الله (سبحانه وتعالى) لم يرد في القرآن إلا مورد واحد, أما العرش لعله ورد في ثمان موارد, ثمان موارد نحن عندنا {العرش العظيم} {العرش المجيد} إلى آخره.
فهم مصطلح قرآني هذا الأصل وتطبيقه بعد ذلك سنأتي إليه, لأن هؤلاء استندوا إلى النظائر أعزائي أليس هكذا, إذن توجد عندنا كبرى ما هي الكبرى وهو أنه: تكررت مادة معينة بصيغ متعددة, هل أن المعنى فيها واحد جميعاً أو أنه لا لا في كل مورد لابد أن نبحث عن معنى ذلك الكلام, قد في بعض الأحيان الخصوصيات والقرائن تقول لا هنا مستعملة بمعنى وهنا مستعملة بمعنى آخر بنحو الاستعمال الاشتراك المجازي الاستعمال المجازي ما فيه مشكلة ولكن ما هو الأصل؟
أعزائي هنا لابد أن تعرفوا أن الأصل حيث أن المتكلم واحد لا متعدد المتكلم واحد وكأنه واحد يكتب رسالة, وفي رسالته ورد اصطلاح خمس مرات اصطلاح معين موضوع لمعنىً معين في اللغة, أن الأصل في المادة الواحدة أنها موضوعةٌ لمعنىً واحد إلا إذا دل الدليل على خلاف ذلك. يعني أنا أرجع إلى العرش لفظ العرش أنظر إلى اللغة ماذا؟ نزل بلسان عربي مبين الآية {وجعلناه قرآناً عربيا} لابد أن نرجع إلى اللغة, يقول هذا معناه, إلا إذا دل دليل على الخلاف, مثلاً القرآن الكريم الآن انظروا الأبعاد العقائدية والأبعاد الفقهية التي بعد ذلك سنطبقها, مثلاً {ربي أرني كيف انظر إليك} {أرني} وفي المقابل انت ماذا يوجد عندك {ألم يعلم بأن الله يرى} سؤال: الرؤية هذا اللفظ له معنىً لابد في اللغة, هذا المعنى واحد فيهما أو متعدد فيهما؟ الأصل أن المعنى واحد وهكذا عندما يأتي لفظ العرش لفظ الكرسي لفظ القلم لفظ اليد قرآن, {يد الله فوق أيديهم} وهكذا الوجه {كل شيء هالك إلا وجهه}.
إذن أعزائي الأصل التفتوا جيداً, هذا منهج مهم بعد ذلك سيأتي دعني أقدم لك الإشارة, بعد ذلك سيأتي بأنه أساساً المولى عندما قال صم للرؤية وافطر للرؤية, ما هو المراد من الرؤية؟ مباشرة تقول المراد من الرؤية يعني هذه العين المجردة.
ولذا تجدون الآن مشهور الفقهاء يقولون أنه يجوز الاعتماد على العين المسلحة لإثبات الرؤيا أو لا يجوز؟ يقولون لا يجوز, لماذا؟ لأن الرؤية المراد العين المجردة لا العين المسلحة, اطمأنوا أن البحث له كامل الارتباط ولكن يحتاج إلى صبر قليل. جيد جداً.
وهذا الأمر أعزائي الذي أشرت إليه, أن اللفظ عندما استعمل في معنىً وتكرر مجيئه في القرآن الكريم بمعنىً واحد يراد منه يعد من أهم أعمدة نظرية تفسير القرآن بالقرآن وإلا إذا أنكرنا هذا الأصل أصلاً نظرية تفسير القرآن بالقرآن تسقط عن الاعتبار, إذن نظرية تفسير القرآن بالقرآن متى تستوي على قامة صحيحة وتقوم على أساس صحيح؟ إذا قبلنا هذا الأصل هذا من أعمدة نظرية تفسير القرآن بالقرآن.
نعم, إلا أن النقطة التي هي تحتاج إلى بحث وهو أن اللفظ إذا كان موضوعاً لمعنىً -التفتوا جيداً إن شاء الله اليوم تفكرون جيداً وأشير إلى المصادر حتى تطالعون حتى بكرة لا نتأخر- أن اللفظ إذا كان موضوعاً لمعنىً وكان لذلك المعنى والمفهوم مصاديق مختلفة فهل, نعم, وهذه المصاديق بعضها متعارفة, بعضها مأنوسة, بعضها غير متعارفة, غير مأنوسة, غير معروفة, فهل أنها تختص بالمصاديق المتعارفة أو أنها تشمل مطلق المصاديق؟ هذه الكبرى, أعيدها.
اللفظ موضوع لمعنىً من قبيل لفظ القدرة, من قبيل لفظ العلم, الله عالم الإنسان ايضا عالم, الله حي الإنسان ايضا حي, الله قادر الإنسان ايضا قادر, الله في صريح القرآن {يد الله فوق أيديهم} صريح القرآن والإنسان ايضا له يد.
السؤال المطروح هنا: أنه في القرآن هذه الألفاظ بحسب اللغة العربية لها معنىً, ما معنى العلم؟ في اللغة واضح, ما معنى القدرة؟ في اللغة واضح, ما معنى الحياة؟ في اللغة واضحة, ما معنى اليد -هذه الألفاظ- ما معنى اليد؟ في اللغة واضحة, ما معنى الصورة؟ في اللغة واضحة, ما معنى الوجه؟ في اللغة واضح, ما معنى الأصبع؟ في اللغة واضح, ما معنى الصعود؟ في اللغة واضح, ما معنى النزول؟ في اللغة واضح, ولكن عندما نأتي إلى مصاديق العلم واحدة أو متعددة؟ نحن عندنا من العلم ما هو واجب الوجود لا جوهر ولا عرض, ومن العلم ما هو ممكن الوجود, ومن العلم ما هو جوهر, ومن العلم ما هو عرض.
سؤال: عندما وضع الواضع -وهذا بحث مرتبط ببحث الوضع إن شاء الله تعالى في بحث الوضع سنتوسع فيه في علم الأصول- وهو أن هذا اللفظ عندما -ومع الأسف الشديد لخمسة وثلاثين مرة أكتب الأسف, الأسف, الأسف, في علم الأصول هذه المسألة لم تأتي على الإطلاق مع أنه نقرأ في علم الأصول سنة كاملة في الوضع ولكن هذه المسألة لم يطرحوها- وهي أن اللفظ عندما وضع لمعنىً وكان لذلك المعنى مصاديق مختلفة بعضها واجبة وبعضها ممكنة, بعضها مأنوسة وبعضها غير مأنوسة, بعضها ينصرف إليها الذهن وبعضها لا ينصرف, الواضع وضع لبعض المصاديق أو الواضع وضع للمفهوم والمعنى أي منهما؟ النتيجة ما هي؟ إن قلت أن الواضع وضعها لبعض المصاديق المأنوسة إذن استعمالها في غير ذلك سوف يكون مجازاً, أما إذا قلت لا, الواضع وضعها للمعنى, ونعم المصاديق متعددة إذن استعمالها في أي مصداق يكون استعمال حقيقياً, انظروا أصلاً يكون انقلاب في عملية التفسير وفي عملية الوضع.
هذا الذي إن شاء الله نريد أن نقف عنده قليلاً قليلاً جداً غداً إن شاء الله حتى نأتي إلى محل كلامنا.
والحمد لله رب العالمين.