نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (144)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قلنا: بالأمس بأنه هذه القاعدة التي لابد من تأسيسها في مباحث الوضع, طبعاً وإن كان المشهور أن مبحث الوضع من المسائل التي بحثت في علم الأصول ولكنه ايضا من الواضح أنها ليست مختصة بالمسائل الفقهية.

    وأتصور أنه اتضح للأعزة فيما سبق بأن هذه المسألة لها آثار كلامية وقرآنية ومعرفية واسعة النطاق, فهذا هو الذي نحن أكدناه مراراً في المباحث الأصولية, أن المسائل التي بحث عنها في علم الأصول نظر إليها نظرة ضيقة تصوروا أنها مرتبطة بمباحث الاستدلال الفقهي خاصة مع أن الأمر ليس كذلك, ولذا عبر عنها بمسائل علم أصول الفقه ولكنه جملة من مسائلها ليس مرتبطاً بالفقه الأصغر أو مختصاً بالفقه الأصغر, بل يشمل مسائل الفقه الأكبر أيضاً, على أي الأحوال هذه من تلك المسائل التي لها مدخلية لا فقط في الفقه الأصغر وإنما أيضاً لها مدخلية في فهم كثيرٍ من الحقائق المرتبطة بالفقه الأكبر.

    طبعاً هذه القاعدة ما هي الآثار والنتائج المترتبة عليها, الآن لا أريد أن أدخل في ذلك لأن له بحثه الخاص به إن شاء الله تعالى في مباحث الوضع. ولكنه فقط من باب الإشارة أقول للأعزة أن هذا البحث له تأثير واسع على مسألة الحقيقة والمجاز في اللغة, فإنه على هذه القاعدة تتضيق كثيراً من مباحث المجاز في اللغة العربية, لأن المجاز إنما وجد في اللغة العربية باعتبار هذه المشكلة وهي أنهم تصوروا أن هذه الألفاظ موضوعه بلحاظ هذه المصاديق فإذا استعملت في مصاديق غير متعارفة, قيل استعمل اللفظ في غير ما وضع له فصار مجازاً, ولكن إذا ثبت أن الأمر ليس كذلك إذن في كثير من الأحيان نحن سوف نستغني عن المجاز في اللغة, هذه قضية.

    القضية الأخرى: -كما قلت للأعزة إجمالاً أشير وإلا التفصيل في محله- القضية الأخرى: قضية المحكم والمتشابه في القرآن, المحكم والمتشابه -الآن فقط أشير إلى المتشابه- هل المتشابه الذي أشار إليه القرآن الكريم هو المتشابه مفهوماً يعني أنه توجد عندنا في القرآن الكريم آيات محكمة مفهوماً وآياتٌ متشابهة مفهوماً معنىً, أو أن التشابه مرجعه إلى المصاديق وإلا كل المفاهيم القرآنية مفاهيم محكمة, لأن القرآن الكريم عبر عن نفسه بأنه نور بأنه بيان بأنه تبيان بأنه هدىً بأنه مبين, هذه القضية هذا الأصل الذي أصلناه هنا له تأثير كبير على هذا المبحث على بيان المراد من المحكم والمتشابه في القرآن, لأن جملة من الأقوال والنظريات في بيان المتشابه أرجعت المتشابه إلى المفاهيم إلى المعنى, الجواب: بناء على هذه النظرية لا يوجد عندنا متشابه مفهومي في القرآن وإنما التشابه مآله إلى أن المصاديق قد تشتبه علينا.

    القضية الثالثة: التي لها تأثير أو لهذه القاعدة تأثير عليها هي مسألة كلام اللغويين وأن اللغويين عادة, التفتوا جيداً إلى هذه القضية فقط أيضاً في سطرين أشير إليها وإن شاء الله تفصيلها في المكان المناسب, أن اللغويين عندما يقولون اليد بمعنى الجارحة الوجه بمعنى الجارحة الأصبع بمعنى كذا, هذه في الواقع معاني لهذه الألفاظ أو من باب بيان المعنى بذكر مصداقه أي منهما؟ وهذه هي المشكلة التي أدت إلى كثير من المتشابهات واقعاً, يعني عندما قالوا اليد بمعنى الجارحة, طيب نجد أن القرآن الكريم استعمل اليد بالنسبة إلى الله (سبحانه وتعالى) قال: {يد الله فوق أيديهم} {بل يداه مبسوطتان} طيب اللغة ماذا تقول اليد بمعنى ماذا؟ بمعنى الجارحة, طيب إذا أردت أن تبقى على ظاهر القرآن الكريم إذن تقول الله لابد أن يكون له -بحسب الظاهر القرآني- له ماذا؟ له جارحة وهذا ما التزم به المجسمة, نعم جاءت آية في القرآن قالت: {ليس كمثله شيء} قالوا قال يد لا كالأيادي, وجه لا كالوجوه, ولكن في الواقع هذا ليس معنى اليد هذا بيانٌ المعنى من خلال ذكر مصداقٍ من مصاديقه, من قال أن اليد بمعنى الجارحة, من مصاديق اليد هذه الجارحة, عند ذلك يفهم باب مهم في فهم هذه الآيات القرآنية وأنه لا ضرورة له أن نفسر اليد بمعنى القدرة, حتى نتهم بأنكم ترتكبون خلاف ظاهر اللغة والاستعمال والعرف وإلى غير ذلك. وهذا الذي وقع فيه كثير من علماء المسلمين بمختلف الاتجاهات سنية وشيعية لا فرق, أنهم جاؤوا وجدوا بأنه اليد بمعنى الجارحة, إذا تتذكرون في علم المنطق في كثير من الأحيان يكون التعريف ماذا؟ ذكروا التعريف بالتمثيل ليس تعريف هو ولكن يمثل حتى يقرب, فأنت تتصور أن هذا المثال هو المعرَّف أو هو التعريف بالحقيقة مع أنه ليس تعريفاً هذا مثال له, وكم له أمثلة أخرى وكم له مصاديق أخرى, في اللغة أعزائي ولذا أنت المحقق أنت الفقيه عندما ترجع إلى كتب اللغة لابد أن تعرف أنه يعطي معنىً للفظ أو يبين مصداقاً من مصاديق معنى اللفظ أي منهما, وهذا الذي غاب عن أذهان ما استطيع أن أقول الكل ولكن في الأعم الأغلب ممن بحث في كلمات اللغويين وبحث في حجية قول اللغوي وغير ذلك أن اللغوي من قال لنا أنه يبين عادة المعاني في كثير من الأحيان عندما يذكر يذكر مصداقاً من مصاديق المعنى, عند ذلك لابد أن يلتفت إلى هذه الحقيقة في عملية فهم القرآن الكريم خصوصاً في الصفات التي ذكرت لله (سبحانه وتعالى). طيب أنت عندما تأتي إلى القرآن أو الروايات التي تقول أن الله ينزل, طيب أنت مباشرة تقول نزول يعني ماذا؟ طيب تذكر تعرّفه مع أن هذا النزول النزول المكاني, مع أن هذا هو النزول أو هذا مصداق من مصاديق النزول؟ هذا مبني على هذه القاعدة, وتأسيس هذه القاعدة. هذا كله فيما يتعلق بالفقه الأكبر.

    أما في الفقه الأصغر -الذي هو محل ابتلائنا ومحل بحثنا الآن- وهو ما يتعلق بالاستدلال الفقهي.

    هذه القاعدة أعزائي من القواعد التي لها آثار أيضاً في الفقه الأصغر كما لها آثار في الفقه الأكبر. أنا أرتب البحث ترتيباً بالنقاط حتى يتضح للأعزة.

    من الواضح أن مقدمات الحكمة إذا تمت فإنها تثبت الإطلاق والشمول, وأنتم تعلمون واقعاً أن فقهنا لو أخذ منه بحث الإطلاق أساساً نصف الفقه ماذا؟ لأنه في الأعم الأغلب القضايا أو الأحكام الصادرة من الأئمة أو النبي والأئمة عادةً مرتبطة بقضايا خارجية, فلو لم تكن قضية مقدمات الحكمة والإطلاق أساساً لما استطعنا أن نستفيد من هذه البيانات الواردة في القرآن الكريم وخصوصاً في بيانات النبي وأئمة أهل البيت.

    إذن مسألة الإطلاق مسألة مهمة وأساسية في عملية الاستنباط الفقهي.

    ولكن كما تعلمون أنه واحدة من أهم مقدمات الحكمة أن لا توجد هناك قرينة على التقييد, وإلا إذا وجدت قرينة أعم من أن تكون قرينة لفظية حالية لبية أي قرينة كانت فإنها تسمح بانعقاد الإطلاق أو تمنع من انعقاد الإطلاق؟ تمنع من انعقاد الإطلاق وهذا واضح كما هو منقحٌ في محله.

    النقطة الثانية التي هي -محل كلامنا- وهي: أن المصاديق المتعارفة التفت, قلنا لفظ معنى ومصداق, الآن كلامنا في المصداق لا في المعنى ولا في اللفظ, أن المصاديق المتعارفة في زمان صدور الحكم من الشارع هل تعدُ قرينة مقيدة تمنع من الإطلاق أو لا تعد قرينة مقيدة تمنع من الإطلاق, وآثارها جداً ما شاء الله عشرات.. في ذلك الزمان عندما قال الشارع {أحل الله البيع} البيع بماذا كان يتحقق مصاديقه المتعارفة ماذا كانت؟ شخص يقول بعتُ وشخص يقول اشتريت ثم تحصل المصافحة أو المصافقة إلى غير ذلك.

    طيب الآن في الانترنت هذه من الأمور المتعارفة أو غير متعارفة؟ فيشمل هذا أو لا يشمل؟ إذا قلنا أن المصداق المتعارف قيد يقيد الإطلاق إذن {أحل الله البيع} يشمل هذا المصداق أو لا يشمل هذا المصداق؟ لا يشمله بأي دليل يشمله؟ إطلاق الإطلاق المفروض مقيد بماذا؟ بمصاديقه المتعارفة, {إذا ضربتم} أنظروا إلى هذه الآية المباركة, {بسم الله الرحمن الرحيم} في سورة النساء الآية -حتى أبين أثر هذه القضية إلى أي حد أعزائي- الآية 101 من سورة النساء, {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناحٌ أن تقصروا من الصلاة} وذكر أئمة أهل البيت أن المراد هنا {ليس عليكم جناح} من قبيل {ليس عليكم جناح أن يطوفا بهما} هنا أمر هنا بالتقصير, طيب من مصاديق الضرب في الأرض في ذلك الزمان ما هي مصاديق الضرب في الأرض؟ إما المشي على الأقدام أو على الدواب, طيب إذا كان في الطائرة ماذا, هذا المصداق متعارف أو غير متعارف؟ وهذا هو الذي الآن صار سبباً للبعض أن يقول بأنه القصر إنما كان لتلك الأزمنة لا لزماننا الآن فتوى موجودة أعزائي, الآن البعض لا يفتي بها في الرسالة العملية ولكن من الناحية النظرية بدأت تبحث هذه القضية, أنه هذه الآيات والروايات إنما أوجبت ستة فراسخ ثمانية فراسخ أقل أكثر هذه بسبب ماذا؟ ذاك الوضع يعني تلك المصاديق المتعارفة أما هذه المصاديق كانت متعارفة أو غير متعارفة؟ إذن لا يمكن التمسك بالإطلاق لماذا؟ لأن المصاديق المتعارفة تشكل قيداً تمنع من تحقق مقدمات الحكمة فتمنع من تحقق الإطلاق.

    إذن أعزائي والله لا أقل في ذهني توجد لا أقل عشرين ثلاثين مسألة مسائل عملية لا نظرية.

    إذن السؤال المطروح الذي لابد أن يطرح, طبعاً الأعلام لم يبحثوا هذه المسألة بعنوان مستقل مع الأسف الشديد ولكن لها آثار كثيرة وهي أنّ القيد إذا وردت القرينة على التقييد فإنه يمنع من انعقاد الإطلاق فهل وجود مصاديق متعارفة حين صدور النص يعتبر قرينة على التقييد فلا ينعقد إطلاق ليشمل غير تلك المصاديق أو لا؟

    أدعي في الكلمات أنا واقعاً لم أتتبع الأعزة الذين يريدون أن يبحثوا هذه القضية فليبحثوها, أدعي في الكلمات أن المشهور هو ذلك, وهذا يحتاج إلى تتبع لأنه مراجعة أربع مسائل من هذا العالم أو عشر مسائل من ذاك العلم هذا لا يثبت المشهور, أدعي أن المشهور هو أنه إذا كان هناك مصاديق متعارفة فهذا يؤدي إلى الانصراف الحجة لأنكم تعلمون أن الانصراف قد يكون انصراف ولكن ليس بحجة من قبيل غلبة الوجود وقد يكون انصرافٌ حجة يعني يمنع من انعقاد الإطلاق, أدعوا أن وجود المصاديق المتعارفة يمنع من انعقاد الإطلاق.

    من الذين ادعوا هذا المعنى الشيخ السبحاني, في الصوم في الشريعة الإسلامية -طبعاً هذا طبقوه على أين أعزائي قبل ما أذكر هذا الكلام- هذا طبقوه أين أعزائي حتى تصير المسألة عملية ومسألة ابتلائية أيضاً على مسألة الرؤية, قالوا أن الروايات التي تحدثت عن >صم للرؤية< أو >صوموا للرؤية وأفطروا للرؤية< عندما نأتي إلى هذا المفهوم المحكي بلفظ الرؤية كان له مصاديق متعارفة في ذلك الزمان, ما هي مصاديقه المتعارفة؟ الرؤية المسلحة أو الرؤية غير المسلحة, بل أكثر من ذلك قالوا: لو فرضنا أنه توجد رؤية غير مسلحة ولكنها حادة نادرة لا توجد عند أي شخص, قوي النظر -كزرقاء اليمامة- يقول ايضا ذاك حجة أو ليس بحجة؟ ليس بحجة لماذا؟ لأنه متعارف أو غير متعارف؟ غير متعارف, إذن هذه الروايات التي وردت في وسائل الشيعة في المجلد العاشر من طبعة مؤسسة آل البيت ص252 التي عناوينها >فإذا رأيت الهلال فصم وإذا رأيته فأفطر<, >إذا رأيتم الهلال فصوموا< -وجملة منها معتبرة صحيحة السند- >فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا<, >الصوم للرؤية والفطر للرؤية<, >صوموا للرؤية وافطروا للرؤية<, >صيام شهر رمضان بالرؤية<, >لا تصم إلا أن تراه<, >صم لرؤيته< إلى آخره هذه عناوين ألسنة متعددة وصيغ متعددة ولكنها كلها تشير إلى حقيقة واحدة, ما هي تلك الحقيقة؟ وهي أنه, طيب رؤية بينكم وبين الله الرؤية بالأدوات الحديثة رؤية عرفاً أو ليست برؤية؟ رؤية, يعني هذه ليست رؤية؟ رؤية, طيب لماذا لا تشملها إطلاق الأدلة, ما هو المانع, إذا كنا نحن وعنوان الرؤية فكما يصدق على الرؤية غير المسلحة يصدق على الرؤية المسلحة بلا فارق للإطلاق أبداً أبداً مقدمات الحكمة, ولكن قالوا لا لا لا يمكن التمسك بهذا الإطلاق لماذا لا يمكن التمسك بالإطلاق؟ ما المانع توجد قرينة؟ يقول: لا لا توجد قرينة ولكن القرينة هي وجود المصداق المتعارف والمصداق المتعارف حين صدور الروايات ماذا كان؟ الرؤية البصرية العادية غير المسلحة.

    في كتاب >الصوم في الشريعة الإسلامية الغراء< الجزء الثاني ص144, >عرفت أن الموضوع هو الرؤية يعني للصوم والإفطار, فهل هي التفتوا, فهل هي منصرفة إلى العين العادية, أو يعمّها والعين ذات البصر الحاد وعلى كل تقديرٍ, الآن سواء كانت الأول أو الثاني, فهل الموضوع هو الرؤية بالعين المجردة أو يعم الرؤية بالعين المسلحة المستندة إلى النظارات القوية, المشهور هو الأول< – قلت لكم الآن أنا ما أدري أن هذا الكلام صحيح أو غير صحيح, ولكنه يحتاج إلى تتبع, المهم أن الأغلب الأعم من المعاصرين يلتزمون بهذا المبنى- فلا تكفي الرؤية بعين ذات البصر الحاد كما لا تكفي الرؤية بالآلات الرصدية وما هذا – لا تكفي- إلا للانصراف, الانصراف من أين نشأ هذا الانصراف, ما هي قرينة هذا القيد والتقييد قرينته أين؟ قرينته المصاديق المتعارفة, وأهم دليل -طبعاً ذكروا دليلاً آخر وهو دليل الموضوعية والطريقية ولكن ليس بشيء ذاك الدليل- الدليل الأصلي أين؟ هذا.

    الشيخ مكارم الشيرازي في فقه أهل البيت عنده مقالة هناك تحت عنوان >اثاراتٌ هامة حول رؤية الهلال< في ص85, يقول: المشهور بين المراجع أن رؤية الهلال -الآن أنا احتمل هذه ترجمة وإلا التعبير المشهور بين المراجع ما هو معناه هذا المشهور بين العلماء لا بين المراجع وإلا قد يكون مرجع وليس بعالم والحمد لله في هذا الزمان يوجد الكثير من هؤلاء- المشهور بين المراجع أن رؤية الهلال يجب أن تكون بالعين المجردة ولكن بعض الفقهاء المعاصرين يذهبون إلى كفاية المشاهدة بالتلسكوب, ورغم احترامنا لجميع آراء المجتهدين -كما قلت بأنه هذه عبارات ليست عبارات علمية, عادةً يعني ما تستعمل في العبارات العلمية- ورغم احترامنا لجميع آراء المجتهدين إلا أن التدقيق في الأدلة يثبت عدم كون هذا الرأي غير المشهور.

    إذن يعتبر ذاك هو الرأي المشهور, وعندما يدور الحديث عن الرؤية فإنها منصرفة إلى الرؤية المتعارفة وهي الرؤية بالعين المجردة وغير المسلحة ولهذا يرى الفقهاء -هذا الجمع جداً عجيب ولكن طيب قلت الآن نحمّل المترجم لابد- ولهذا يرى الفقهاء -الألف واللام داخلة على الفقهاء يعني كل الفقهاء مع أنه أساساً كلام غير تام بعد ذلك سيتضح- ولهذا يرى الفقهاء في جميع أبواب الفقه -انظروا الدعوى كم هي طويلة وعريضة هذا يحتاج لها ست سنوات واقعاً تحقيق حتى شخص يعرف أن كل الفقهاء في كل الأبواب الفقهية ماذا يدعون؟ في جميع أبواب الفقه أن الإطلاقات منصرفة إلى الأفراد المتعارفة, إلى الأفراد, يعني الأفراد يعني ماذا يعني المعنى المتعارف أو المصداق المتعارف؟ التفت, إلى الأفراد المتعارفة لا إلى المعنى المتعارف, فرق بين المعنى وبين الفرد والمصداق المتعارف. هذه دعاوى القوم.

    التفتوا جيداً الوقت ضيق كنت أريد هذا اليوم أنهي هذا البحث ولكنه يظهر بهذه البساطة لم ينتهي.

    اعتماداً على ما قاله هذين العلمين وهو أنه أساساً المشهور كذا -قلت لكم يحتاج إلى تتبع- أنا عندي ملاحظتين أو ثلاثة التفتوا جيداً.

    الملاحظة الأولى: واقعاً أن هذين العلمين على فرض صحة ما نقوله عن المشهور خلطوا بين الانصراف إلى المعنى المتعارف والانصراف إلى المصاديق المتعارفة, الفقهاء الذين قالوا بالانصراف قالوا بالانصراف إلى المعنى المتعارف لا إلى المصداق المتعارف.

    أضرب لك مثال حتى يتضح: انظروا أعزائي أنتم إذا جئتم إلى لفظ الصلاة, الصلاة في اللغة ما هو معناها؟ لها معنىً متعارف قد يكون لها معنىً شاذ ولكن معناها المتعارف المشهور الدعاء أليس كذلك, هذا معنى الصلاة, قد الآن يذكرون للصلاة معانٍ أخرى ولكن متعارفة أو غير متعارفة مشهورة أو غير مشهورة؟ غير مشهورة, التفتوا, تعالوا معنا إلى الشريعة يعني الآن خرجنا من دائرة اللغة ودخلنا دائرة الشريعة, الصلاة في الشريعة عندما تطلق هل يراد منها الصلاة؟ إذن ماذا يراد؟ يراد هذه الأعمال المخصوصة وإن كانت هذه مصداق من مصاديق الدعاء ولكنه ما ينظر إليها بعنوان مصداق وإنما ينظر إليها أن معنى الصلاة في الشريعة ماذا؟ هذا المعنى المخصوص.

    الآن سؤالي هنا: إذا قرأنا في روايةٍ >أن الطواف بالبيت صلاة< هذه الصلاة على أي معنى نحملها أعزائي؟ نحملها على المعنى اللغوي أو على المعني الشرعي؟

    الجواب: يقولون على المعنى المتعارف عند من؟ عند الشارع, فلهذا لا يحمل أحد >الصلاة بالبيت طواف< يعني الصلاة في البيت دعاء أبداً لا يقول قائل بهذا, لماذا؟ لأن المعنى المتعارف لا مصداق الصلاة أبداً ليس بحثنا في المصداق لأن الصلاة لها مصاديق خذ من الصلاة التامة الأعلائية إلى صلاة الغريق هذه كلها مصاديق الصلاة, الشارع لم ينظر إلى المصاديق ينظر إلى المعنى, التي مصاديقها تبدأ من صلاة سيد الكونين صلاة رسول الله وتنتهي بصلاة عمرو ابن سعد في يوم عاشوراء, انتهت القضية هذه صلاة وتلك صلاة, ولكن النظر ليس إلى المصداق وإنما النظر إلى ماذا.

    إذن كل الفقهاء الذين تكلموا عن أن اللفظ ينصرف إلى المتعارف ليس مقصودهم المصداق المتعارف مقصودهم المعنى المتعارف.

    السيد محمد العاملي في مدارك الأحكام المجلد الأول ص71 يقول: -بعد أن يذكر بحث مفصل- يقول: سلمنا أنها حقيقة فيما ذكره لكن البقر إنما يركب نادراً كما اعترف به -محل الشاهد- والألفاظ إنما تحمل على المعنى المتعارف منها لا النادر غير المشهور, لا أنه تحمل على المصداق المتعارف.

    ولذا إذا كان معنىً متعارف عند ذلك لا ننظر إلى المصداق أنه متعارف أو غير متعارف فإن هذا المعنى المتعارف إذا كان له مصداق متعارف ومصداق غير متعارف إطلاق ذاك المعنى المتعارف يشمل المصداق المتعارف الغالب والمصداق غير المتعارف وغير الغالب وغير الموجود أصلاً.

    أضرب لك مثال آخر الذي يضربه صاحب الجواهر, يقول الوجه, ما معنى الوجه؟ يقول: بأي معنىً فسرنا الوجه افترضوا قلنا بأن الوجه في اللغة المتعارف ألف, طيب سؤال: عندما عرفنا معنى الوجه نأتي إلى قوله تعالى {فاغسلوا وجوهكم} هذه فاغسلوا وجوهكم هذا الوجه يحمل على المعنى المتعارف أو يحمل على المصداق المتعارف أي منهما؟ يقول: لا, نحمله على المعنى المتعارف للوجه ثم مصداقه كان متعارفاً أو غير متعارف فيجب غسله, لا أنه إذا صار الإنسان وجهه يعني المصداق صار غير متعارف فيغسل من وجهه بمقدار المصداق المتعارف ليس هكذا.

    يعني لو فرضنا بأن هذا الوجه المتعارف هذا, هذا طوله هكذا وعرضه هكذا لو فرضنا شخص وجهه ضعف هذا الوجه خصوصاً بالنسبة إلى الطول, بعض الأحيان قد الوجه ماذا يصير؟ طويل طيب هذا ماذا يجب ان يغسل؟ هذا معناه أنه لابد أن يغسل إلى (خشمه) بتعبيرنا الأخ هنا, لماذا؟ لأن المصداق المتعارف نصف هذا إذن لابد أن يغسل ماذا.

    ولذا صاحب الجواهر& بشكل واضح, نعم قد نختلف أنا وأنت في المعنى المتعارف في الوجه قد أنت تقول ألف وأنا أقول باء, هذا ما فيه مشكلة, ولكنه بعد أن اتفقنا على ما هو المراد من المعنى المتعارف للوجه, عند ذلك ننظر إلى المصداق المتعارف أو لا علاقة لنا؟ أصلاً المصداق أعزائي خارج عن وظيفة بيان الحكم الشرعي, أصلاً لا علاقة له ببيان المصداق.

    في الجواهر الجزء الثاني ص147 يقول: ويجب عليه -عنده بحث مفصل في مسألة الأنزع والأغم إلى غير ذلك- يقول: ويجب عليه الغسل من القصاص إلى الذقن وإن طال وجهه عجيب طيب لابد أن نذهب إلى المصداق المتعارف, يقول لا, نذهب إلى المعنى المتعارف بعد أن اتضح المعنى المتعارف, فالمصداق كان متعارفاً أم لم يكن. وإن طال وجهه بحيث خرج عن المتعارف لصدق اسم الوجه عليه, يعني الوجه يصدق عليه, الآن كان وجهه متعارف أو كان وجهه طوله أربعين سنتيم وعرضه عشرين, في النتيجة هذا وجهه يجب أن يغسل, ما أدري واضح أم لا.

    إذن هؤلاء الأعلام حتى -الآن أسلم معكم- أن الفقهاء قالوا أن الألفاظ في الشريعة تنصرف إلى المتعارف أي متعارف قاله الفقهاء؟ لم يقولوا المصداق المتعارف وإنما قالوا المعنى المتعارف, وما ذكره العلمين ونسبوه إلى المشهور مرتبط بالمعنى المتعارف أو مرتبط بالمصداق المتعارف؟ فخلطوا بين المعنى المتعارف وبين المصداق المتعارف, المعنى المتعارف للرؤية.

    إلا أن يقول قائل: أصلاً المعنى المتعارف للرؤية لغة يعني ماذا؟ الرؤية البصرية, طيب وهذا واقعاً دون إثباته خرط القتاد, عندما يقول قائل: اللغوي اللغة العربية عندما تقول رأى ورؤية ويرى إلى آخره, يعني عندما يطلق يراد منه المعنى ماذا؟ معناه المتعارف هو الرؤية البصرية, إذا قلنا هكذا فعندئذ يصير هذا المنهج المتعارف {ألم يعلم بأن الله يرى} عند ذلك أنت لابد أن تقول ماذا؟ المجسمة ماذا يقولون؟ لابد أن تكون الرؤية, الرؤية المتعارفة ماذا هي؟ بصرية, إذن الله ينظر بعين أو بعينين, طيب الله ما عنده أعضاء, يقولون: انظروا تخالف الظاهر أنت, ولكنه إذا بنينا على القاعدة الأصلية التي لنا أن الرؤية لها مصاديق بعضها حسية بعضها غير حسية بعضها متعارفة.

    إذن الله أيضاً يرى حقيقةً ولكن هذه رؤية كل موجودٍ بحسبه إذا كان الموجود مادي فرؤيته بحسبه, إذا كان مجرد فرؤيته بحسبه, إذا كان واجب فرؤيته بحسبه وهكذا. {ربني أرني أنظر} طيب هذا النظر إذا قلنا في اللغة المراد منه ماذا؟ المتعارف, والمتعارف ما هو؟ البصري الحسي, إذن موسى طلب ماذا؟ أنت تقول طيب هذا خلاف العصمة؟ يقول: نعم, لأنه كان قبل نبوته, لماذا؟ لأنه كيف يعقل نبي من أنبياء أولي العزم وهو لم يعلم بأن الله يرى بالعين المجردة أو لا يرى؟ معقول هذا المعنى؟ ولذا يضطر إلى أن يقول بعده لم يكن نبياً لا يعلم.

    إذن هذان العلمان أو غيرهما من يدعي هذه الدعوى الآن ليست مختصة لأنهم ينسبون هذه الدعوى إلى المشهور, أن هناك خلط بين الرؤية كمعنى والرؤية كمصداق والذين قالوا من الفقهاء أن الألفاظ تنصرف إلى المتعارف ليس مرادهم المتعارف المصداقي وإنما مرادهم المتعارف المعنوي المفهومي, وعشرات الشواهد -أنا لا أريد أن أدخل البحث- وإلا عشرات الشواهد من الجواهر وغير الجواهر عندما يتكلم يتكلم عن المعنى المتعارف لا عن المصداق المتعارف, هذا أولاً.

    إذن هذه الدعوى حتى لو تمت هذه الدعوى فإنها تفيد للانصراف عن الرؤية المسلحة أو لا تفيد؟ تمنع الإطلاق عن الشمول للرؤية المسلحة أو لا تمنع؟ يعني حتى لو سلمنا مبنى الفقهاء الذين ينسب إليهم أن الألفاظ منصرفة إلى المتعارف فإنه تكون مانعة من الشمول للرؤية المسلحة أو لا تكون؟ لا تكون.

    والسبب أنه ذاك المراد هو المعنى المتعارف وما ذكروه هو المصداق المتعارف, وإلا لو التزم أحد بأن المراد هو المصداق المتعارف أعزائي كونوا على ثقة عشرات المسائل الفقهية سوف تبتلي بإشكالات, يعني في باب النجاسات في باب خروج المني, في باب خروج البول, افترضوا بأنه أساساً البول نجس أو ليس بنجس؟ أي بول نجس, عند صدور الروايات المتعارف كان خروج البول من أين من الموضع المعتاد, فلو خرج من الموضع غير المعتاد هذا المصداق متعارف أو غير متعارف؟ لا يشمله الدليل.

    خروج المني, وجوب النفقة, وجوب العدة, الآيات التي تكلمت عدّة تكلمت العدة على من؟ عادة المصاديق الكبيرة, إذا كانت صغيرة ستة أشهر, هكذا مصداق متعارف أو غير متعارف؟

    وهكذا عشرات لابد أن يلتزم ولا يلتزم أحد بهذا, هذا يكشف عن انه ليس مرادهم المصداق المتعارف وإنما مرادهم المعنى المتعارف.

    هذا هو الإشكال الأول الذي يرد على هذين في مسألة الرؤية.

    الآن إذا صار وقت إن شاء الله نتكلم في إشكالات أخرى.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/09
    • مرات التنزيل : 1035

  • جديد المرئيات