نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (145)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    اتضح لنا بأنه حتى لو قبلنا مسألة انصراف الإطلاق إلى المتعارف فإنه لا إشكال أن المراد من المتعارف ليس هو الأفراد والمصاديق المتعارفة, وإنما المراد من ذلك هو الانصراف إلى المعنى المتعارف يعني المفهوم. وإلا أساساً قاعدة عامة أساساً المصاديق والتطبيقات عموماً خارجة عن دائرة الشرع والشريعة كلها مرتبطة بالمسائل المرتبطة بتحديد المفاهيم, فمثلاً عندما نقول أنه تجب النفقة من الواضح أن النفقة تنصرف لا إلى المصاديق المتعارفة وإلا المصاديق المتعارفة في ذلك الزمان شيء والمصاديق التي في زماننا شيء آخر, بل حتى في صدر الإسلام المصاديق تختلف من مكان إلى مكان آخر. بطبيعة الحال ليس المراد من المتعارف الأفراد المتعارفة التطبيقات المتعارفة المصاديق المتعارفة وإنما المراد المعنى المتعارف المعنى المأنوس مثلاً.

    ومن الواضح أن الرؤية بالعين غير المسلحة هذه ليس معنى متعارف للرؤية وإنما هو من المصاديق المتعارفة للرؤية وكم فرق بين المعنى المتعارف وبين المصداق المتعارف. هذا أولاً.

    وثانياً: هو أننا لو سلمنا افترضوا بأنه ثبت من كلمات الفقهاء -طبعاً لم يلتزموا ولكنه تنزلاً- لو ثبت في كلمات البعض بأن الفقهاء يصرفون الإطلاق إلى الأفراد المتعارفة, طيب افترضوا بأن الفقهاء. أولاً: بأنه ليس إجماعاً على القطع واليقين وإنما أقصى ما يمكن أن يُدعى -كما أدعي إذا رأيتم في الكلمات- أدعيت الشهرة وإلا لم يقل أحد أن الإجماع قائم على الانصراف إلى الأفراد المتعارفة, أقصى ما يقال الشهرة وكم له نظير أنه توجد شهرة ومع ذلك تخالف تلك الشهرة, بل يوجد إجماع ومع ذلك يخالف ذلك الإجماع وإلا ماذا تقولون في مسألة نجاسة البئر, ماذا تقولون في مسألة نجاسة الكتابي, ماذا تقولون في مسألة نجاسة الناصبي ونحو ذلك, أي حجية لهذا القول افترضوا هو المشهور بين الفقهاء, يعني كل ما صار مشهور بين الفقهاء فهو حجة يعني الكبرى مسلمة, لا أعلم من أين جاءت أن المشهور هكذا يفعلون, طيب فليفعلوا ذلك ما المحذور من مخالفة مثل هذا المشهور.

    إذن أعزائي أهم دليلٍ للقائلين بعدم الاكتفاء بالرؤية المسلحة لإثبات الهلال هو الانصراف وهذا الدليل فيه ما فيه كما تقدمت الإشارة إليه.

    طبعاً هذا إجماله وإلا لعله للبحث تفصيلات أخرى إن شاء الله في مناسبات مستقلة نحن بالمناسبة وصلنا إلى هذا البحث ولأهمية البحث قلت في يوم أو يومين أنا أشير إليه حتى يطلّع الإخوة على هذه المسألة أولاً وعلى مبنانا في المسألة ثانياً.

    الدليل الثاني الذي ذكر في بعض كلمات الذين تعرضوا لهذه المسألة, طبعاً هذا لم أجده بشكل رسمي في كلمات الفقهاء ولكنه قد يقال بأنه يمكن الاستدلال بهذا الدليل أيضاً وهو: أنه ورد في هذه الروايات التي جملة منها أيضاً صحيحة السند ورد فيها عنوان الرؤية >صم للرؤية وافطر للرؤية< أو >صوموا للرؤية وافطروا للرؤية< هنا يقال: بأن هذا العنوان لو كان محمولاً على الطريقية لتم قولكم أنه يشمل الرؤية المسلحة أيضاً, أما لو قيل أن العنوان محمول على الموضوعية فإنه لا يشمل الرؤية المسلحة.

    ما هو المراد من الطريقية والموضوعية في المقام؟ المراد من الطريقية يعني إنما ذكرت الرؤية لتحصيل الواقع وإحراز الواقع, طيب إذا أمكن إحراز الواقع بأي طريق آخر أيضاً يكون حجة.

    إذن عندما قالت الروايات >صم للرؤية< لا لخصوصية في الرؤية, بل باعتبار أنها طريق من الطرق التي يثبت بها الواقع, الآن لماذا أشير إلى الرؤية؟ باعتبار أنه أوضح المصاديق التي يمكن إحراز الواقع بها خصوصاً في ذلك الزمان, وإلا لا خصوصية لهذا العنوان المأخوذ في النصوص.

    وأما الموضوعية لا, أن يقال بأن عنوان الرؤية له مدخلية له موضوعية لابد أن يتحقق ذلك العنوان حتى يصح ماذا, هذا من قبيل >إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام< إذا قلت بعتُ واشتريتُ المعاملة صحيحة, إذا قلت اقرضتُ المعاملة تكون باطلة في موردها, إذن عنوان البيع عنوان القرض له مدخلية في الصحة والفساد في الجواز وعدم الجواز.

    هنا ايضا يقال بأن للرؤية مدخلية وموضوعية ومن الواضح أن الرؤية لا تنطبق إلا على الرؤية غير المسلحة أما الرؤية المسلحة فإنه ليست لا ينطبق عليها هذا العنوان.

    هذه الدعوى أعزائي يمكن أن يجاب عنها أو هذا الدليل ايضا بنحو الإجمال وتفصيله والتدقيق فيه موكول إلى محله, طبعاً قلت لكم بأنه في كلمات الأعلام أنا بحسب هذا التتبع الناقص لم أجد شيء ولكنه يمكن في بعض الكلمات أو المقالات وجدت هذا العنوان.

    الجواب عن ذلك, الآن يوجد بحث أساساً هذا في محله لابد أن يطرح وهو بحث مهم وضروري وله آثار أساسية وهو أنه عندما يؤخذ عنوان في نصٍ من النصوص هل الأصل فيه الموضوعية أو الأصل فيه الطريقية أو أنه لا أصل أصلاً لا الموضوعية ولا الطريقية وإنما القرائن تعين لنا بأنه موضوعي أو طريقي ذاك بحث ذاك مرتبط بالكبرى موكول إلى محله.

    إنما الكلام في المقام وهو ما يرتبط ببحثنا وهي الرؤية >صم للرؤية وافطر للرؤية<.

    الجواب الأول: أن هناك مجموعة من القرآن في هذه النصوص تبين لنا أن الرؤية مأخوذة على نحو الطريقية لا على نحو الموضوعية. أنا أشير إجمالاً إلى قرينتين.

    القرينة الأولى: أن أكثر هذه النصوص -التفتوا جيداً ولذا بودي أن الأعزة هذه النكات التي أشير إليها لا تكن موضوعية وإنما يحاولون أن يستفيدوا من هذه النكات في مواضع أخرى أيضاً- أكثر هذه النصوص التي عبرت بالرؤية جعلت الرؤية في قبال التظنّي والتخمين والحدس والظن ونحو ذلك, تعالوا معنا إلى المنطق إلى اللغة ماذا يقع في قبال الظن؟ في قبال الظن تقع الرؤية؟ ماذا؟ تعرف الأشياء بمقابلاتها, الذي يقع في يقع قسيماً للظن هو الرؤية؟ من الواضح الذي يقع في قبال الظن هو القطع هو اليقين هو الاطمئنان, إذن الإمام عندما يقول >صم للرؤية وافطر للرؤية< لا بالتظنّي يريد أن يقول ماذا؟ يعني أن صومك لابد أن يكون على قطع على يقين والعجيب أن الروايات في المقدمة ذكرت بأن الصوم فريضة من الفرائض الأساسية يعني يتساهل في أمرها أو لا يتساهل؟ لا ينبغي التساهل في أمرها, إذا كان الأمر كذلك.

    هنا يأتي هذا التساؤل وهو: أنه إذن لماذا ذكرت الرؤية؟ باعتبار أنها أوضح الأفراد والمصاديق لتحقيق اليقين. في ذلك الزمان لو سألنا أن الشارع يريد منك اليقين القطع طيب أنت من حقك أن تسأل الشارع أوضح مصاديقه أين؟ الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) بلا أن يذكر الكبرى ثم يقول الصغرى في الرؤية مباشرة بيّن المورد من خلال ذكر المصداق من خلال ذكر أوضح المصاديق, أكثر المصاديق اطمئناناً, هذه من قبيل الروايات التي وردت التفتوا جيداً, من قبيل الروايات التي وردت >أنّ الفاصلة بين الحق والباطل أربعة أصابع< يعني ماذا >أن الفاصلة بين الحق والباطل أربعة أصابع< يقول إذا رأيت شيء فهو حق إذا سمعته يعني باطل؟! واقعاً كل ما هو مسموع يعني باطل؟! {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} من قال أن السمع باطل. الإمام يريد أن يقول أنه أنت في بعض الموارد لابد أن تعتمد على أوضح المصاديق وأوضح المصاديق السمع أو البصر, الرؤية؟ يقول الرؤية, لا أنه أساساً كل مسموع فهو باطل.

    انظروا إلى النصوص الواردة في هذا, أنا أشير إلى بعضها -أنا أعتذر هذا صوتي فجأة هكذا صار- في وسائل الشيعة المجلد العاشر ص289 يعني مؤسسة آل البيت في كتاب الصوم أبواب أحكام شهر رمضان الباب الحادي عشر الرواية 13439.

    الرواية ايضا صحيحة السند, >عن أبي عبد الله الصادق×قال: قلت له كم يجزي في رؤية الهلال فقال إن شهر رمضان فريضة من فرائض الله فلا تؤدوا بالتظني, أو فلا تؤدى بالتظني< ما يمكن لماذا؟ لأنها فريضة >وليست رؤية الهلال…< إلى آخره, الرواية صحيحة السند.

    الرواية الثانية: >عن محمد ابن مسلم عن الباقر× قال: إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتم فافطروا وليس بالرأي ولا بالتظني ولكن بالرؤية< الآن ما هي المناسبة أن تجعل الرؤية في قبال التظني أصلاً أي مقابلة هذه الرؤية التي تقابل التظني.

    إذن التظني ذكر الأصل يعني المفهوم ولكنه في المقابل ذكر مصداق ماذا؟ يعني ما ذكر المقابل وإنما ذكر مصداق المقابل.

    كذلك أعزائي في نفس كتاب الصوم أبواب أحكام شهر رمضان الباب الثالث أحاديث متعددة, سئل قال الروايات هي متعددة الرواية الثانية >وإذا رأيتموه فافطروا وليس بالرأي ولا بالتظني ولكن بالرؤية.

    وكذلك الرواية العاشرة >صيام شهر رمضان بالرؤية وليس بالظن<.

    وكذلك الرواية الحادية عشرة في كتاب علي >صم لرؤيته وافطر لرؤيته وإياك< هذه جداً واضحة >وإياك والشك والظن< واضح عندما أنت تأتي تذكر الأقسام تقول اليقين الظن الشك الوهم, الإمام× يقول واضح بأنه لا يحتاج أن يذكر وإياك والشك والظن وإنما عليك باليقين عليك بالاطمئنان وعندما أقول يقين ليس اليقين المنطقي وإنما اليقين الأصولي أو اليقين الفقهي يعني ما يحرز به ولو اطمئناً, ولكن لماذا ذكرت الرؤية؟ باعتبار هذه النكتة التي أشرنا إليها.

    ويؤيد ذلك الروايات الواردة في باب الشهادة, في باب الشهادة في وسائل الشيعة المجلد السابع والعشرين ص341 التفتوا جيداً إلى الروايات.

    الرواية: >عن الصادق×قال: لا تشهدنّ بشهادةٍ حتى تعرفها كما تعرف كفك< التفتوا, يعني ماذا يريد أن يقول الإمام× لا يريد الآن أن يقول اليقين ولكنه لابد أن تكون الشهادة على أمرٍ محسوس من المحسوسات يكون.

    أو رواية ثانية, الرواية عن الرسول’ وقد سئل عن الشهادة قال هل ترى الشمس على مثلها فاشهد أو دع, يعني تحصيل يعني واقعاً لابد دائماً نجمد على اللفظ, يعني مثل هذا يكون, لا, من حصل له اليقين بالشهادة يستطيع أن يشهد أو لا يستطيع؟ ثابت عند الأعلام أنه يجوز له أن يشهد إذا أحرز ذلك بالقطع واليقين. هذا الشاهد الأول أو القرينة الأولى في الروايات لإثبات الطريقية.

    الطريقة الثانية في هذه الروايات لإثبات الطريقية, التفتوا إلى هذه التي وقع فيها جملة من الأعلام ولعله ايضا بعض المعاصرين حيث نسبوا هذه الروايات إلى الاضطراب أو حملوها على الموضوعية بهذا المعنى. التفتوا جيداً. وهي أن الروايات قالت بأنه لا تكفي الرؤية, عجيب لماذا لا تكفي الرؤية, الرؤية تفيد؟ يقول لا لا, لابد أن تكون واضحة للجميع أن يرى كثير من الناس ولا يكتفى بأن يرى واحد واثنين, توجد الآن فتوى لبعض الأعلام المعاصرين من هذا القبيل أنه لو يشهد شاهدان يقول لا تكفي لابد أن يحصل الشياع بالرؤية.

    انظروا إلى الروايات الواردة في هذا المجال, وهي في المجلد العاشر ايضا ص289 الرواية هذه, يقول: >وليس رؤية الهلال أن يقوم عدّةٌ يعني يستهل مجموعة, فيقول واحد قد رأيته ويقول الآخرون لم نره إذا رآه واحد رآه مائة وإذا رآه مائة رآه ألف, لماذا أن الإمام يفترض؟ يعني يريد أن يقول بأنه لابد أن تصل رؤية الهلال إلى درجة من اليقين إذا رآه واحد يراه مائة.

    إذن نحتاج فيها أعلى درجات الاطمئنان, ولذا نحن نعتقد بأنه إذا وقع اختلاف في العين المسلحة ايضا كافية أو غير كافية؟ غير كافية.

    كما أنه هنا في العين غير المسلحة إذا وقع اختلاف يعني حصل اليقين أو لم يحصل اليقين, مشكوكة القضية بعدها تدخل في باب التظني في باب الرأي في باب الشك لا أقل في باب ماذا؟ حصل اليقين والاطمئنان أو لم يحصل؟ لم يحصل له, هذه رواية ايضا صحيحة السند.

    الرواية الثانية: >قال: وليس بالتظني ولا بالرأي ولكن بالرؤية والرؤية انظروا الإمام× يبين حدود وثغور الرؤية يقول وثبوت الرؤية ليس أن يقوم عشرة فينظروا فيقول واحد هو ذا هو وينظر تسعة فلا يرونه< الآن هذا كله لماذا؟ هذه واقعاً لها موضوعية الواحد والتسعة والعشرة والأقل والأكثر, أصلاً العدد لا مدخلية له, الإمام لماذا يؤكد على هذه البيانات حتى يريد أن يقول بأنه >على اليقين صم وعلى اليقين افطر< يقول: >وينظر تسعة فلا يرونه إذا رآه واحد رآه عشرة آلاف, ولذا بعض الأعلام المعاصرين قال هذه الروايات أساساً نضعها جانباً لأنها مضطربة واحدة تقول واحد وعشرة آلاف, والأخرى تقول واحد وخمسين, وثالثة تقول خمسين وكذا ولكنه نكتتها الإشارة كلها تريد أن تبين ماذا؟ هذه النكتة التي أشرنا إليها.

    وكذلك الرواية أربعة عشر من الباب وليس رؤية الهلال أن يجيء الرجل والرجلان فيقولان رأينا إنما الرؤية أن يقول القائل رأيت فيقول القوم صدق. هذا أولاً.

    إذن أعزائي روايات الرؤية -لا علاقة لنا الآن قضية موضوعية أو طريقية في محلها- روايات الرؤية ظاهرها أنها محمولة على الطريقية, طيب إذا كانت محمولة على الطريقية فصاحب الدليل ايضا يقبل أن الطريقية تثبت بها الرؤية المسلحة لأنه تحرز لنا اليقين إن لم نقل أن اليقين الحاصل من الرؤية المسلحة أفضل من الرؤية غير المسلحة لا أقل تساوي الرؤية غير المسلحة.

    الأمر الثاني: لو سلمنا وتنزلنا أن الرؤية المقصودة في الروايات محمولة على نحو الموضوعية وليست على نحو الطريقية.

    الجواب فيها هو الجواب الذي تقدم أولاً, وهو أن الكلام ليس في الطريقية والموضوعية, قبلنا أن الرؤية لها مدخلية إنما الكلام الرؤية التي لها مدخلية هي الرؤية الاعتيادية غير المسلحة أو تشمل المسلحة ايضا. فلا طريق له إلا أن يقول بأنه ماذا؟ لا, منصرفة إلى المصداق أي المصداق غير المسلح هذا يلزم ما تقدم.

    ومن هنا يتضح أن مسألة الطريقية والموضوعية لا تؤثر على المقام شيئا سواء قلنا بالطريقية, قلنا بالموضوعية فإن الرؤية المسلحة كافية.

    نعم تبقى قضية واحدة حتى نرجع إلى بحثنا الأصلي, قضية واحدة مختصرة وهي أنه أساساً هل تجب الرؤية المسلحة أو أنها تكفي إذا تحققت أي منهما؟ يعني افترضوا ذهبنا بأعيننا لنرى الهلال ولم نره, يكفي أن نقول إذن أول الشهر لم يثبت أو رمضان أول شوال لم يثبت أو رمضان لم يثبت, فلابد أن نذهب إلى المسلحة؟ الجواب: كلا, لأنه هذه من الموضوعات والموضوعات لا يجب فيها الفحص, نعم حتى نتخلص من الاختلاف قد نذهب لذلك. في الموضوعات لا يجب عليك الفحص, إلا أحرزته بالعين المسلحة ايضاً كافي أما يجب عليك أن تذهب إلى العين المسلحة أو لا يجب؟ الجواب لا لا يجب علينا, نعم, لرفع الاختلاف واقعاً من منطقة إلى أخرى ومن مكان إلى آخر ومن دولة إلى أخرى ومن جماعة إلى أخرى الأفضل أن نذهب إلى الرؤية المسلحة وتتشكل لجان لرؤية الهلال, وهذا ليس فقط هنا أعزائي, بل في كل الموضوعات هكذا.

    يعني على سبيل المثال لو قبلنا الآن ذاك بحث في محله, أنا رأيت على ثوبي أو على بدني فلم أرَ نجاسة ولكن أعلم بأنه احتمال يوجد, إذا قطع عندك فنجاسة, احتمال أو أنه إذا جئت بمكبر أستطيع أن أرى آثار الدم على ماذا؟ افترضوا ايضا من ذلك الدم غير المعفو في الصلاة, الآن يوجد دم معفو في الصلاة تقول الآن ليس بمشكلة, ولكن هناك من الدماء معفو بالصلاة أو غير معفو في الصلاة؟ غير معفو في الصلاة يجب عليّ أن استعمل المكبر وأن استعمل العين المسلحة لمعرفة ذلك؟ لم يقل فقيه أنه يجب ذلك.

    طبعاً هذا إذا قبلنا أصل القضية وهو أنه أساساً أن الشارع يقول إذا تحققت النجاسة أو الدم فغير المعفو فإنه لا تجوز في ذلك الثوب في البدن قبلنا أنه سواء كان مرئياً بالرؤية غير المسلحة أو المسلحة أما إذا قلنا أن الشارع جعل غير المسلحة جعلها بمنزلة العدم, أساساً لا اعتبار لها حتى لو رؤيّة بالمسلحة أيضاً نجسة أو غير نجسة؟ غير نجسة, ذاك بحث آخر إنشاء الله في باب النجاسات.

    إذن أعزائي عندما نقول تكفي الرؤية المسلحة >صم للرؤية وافطر للرؤية< أنا أتصور من أوضح مصاديق الرؤية في زماننا لا فقط المصداق غير المسلحة بل المصداق المسلح.

    عودٌ على بدء أعزائي, نرجع إلى الدليل الثاني انتهى بحثنا الكبرى اتضحت وأيضاً نتائج هذا البحث اتضحت (كلام أحد الحضور) بعد البحث مولانا.

    فيما يتعلق بعودٌ على بدء أعزائي قلنا في الدليل الثاني الذي استدل به لإثبات أن المراد من الغنيمة في آية سورة الأنفال المراد من الغنيمة يعني الغنائم الحربية, الدليل الأول كان السياق, الدليل الثاني كان تتبع النظائر. وأشرنا إلى النظائر قلنا في سورة الفتح وكذلك في سورة النساء وكذلك في سورة الأنفال الآية 69, المدعي أو الذي أقام هذا الدليل يقول بتتبع هذه الموارد الخمسة الباقية أيضاً وجدنا أنها استعملت هذه المادة في أي صيغة كانت استعملت في غنائم دار الحرب.

    يعني بعبارة أخرى: ادعي الموجبة الكلية أن القرآن كلما استعمل هذه المادة في أي صيغةٍ كان المراد منها غنائم دار الحرب.

    طيب الآن نحن تكلمنا عن الكبرى وأنه واقعاً تاماً إذا ثبت هذا المعنى فإنه يدل, إلا إذا دلت قرينة في هذه الآية استعملت الغنيمة بمعنىً آخر عند ذلك تنتقض هذه الكبرى.

    تعلمون قرأتم في محله أن الموجبة الكلية تنتقض بالسالبة الجزئية, يعني إذا مورد من هذه الموارد التي ذكرت اتضح أن هذه المادة مستعملة في غير غنائم دار الحرب, إذن يتم الدليل الثاني أو لا يتم؟ لا يتم.

    تعالوا معنا إلى الآية 94 من سورة النساء, قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} قضية معروفة وهو أنه كان له غنيمات وكان له بعض الدواب أو الجمال فوجد مجموعة من المسلمين خارجين ثم سلم عليهم قال السلام عليكم وشهد لهم الشهادتين ولكن قالوا أن هذا إنما يقول ذلك حتى لا يقتل وكذا, فقتلوه وسلبوه, الآن ما نقول قتلوه وسلبوه أخذوا غنائم, {لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ} قيل أنه جاءت هذه مغانم كثيرة في مسألة الحرب, وكذلك {كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}.

    هنا فقط جملة واحدة أقول والأعزة إن شاء الله يراجعون, اتفقت كلمة أعلام المفسرين أن المراد من الغنائم هنا ليست غنائم دار الحرب, أو لا أقل الأعم من غنائم دار الحرب, كل رزق حلال, لكن كل حلال رزق يأتي مجاناً لا من خلال الكسب والمعاملة يعني أرباح المكاسب يصرحون بها.

    منها الطبري في ذيل هذه الآية من سورة النساء قال تعالى: فتقتلوه {عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} يقول: طلب متاع الحياة الدنيا, فعند الله مغانم كثيرة من رزقه وفواضل نعمه فهو خير لكم إن أطعتم الله فيما أمركم به ونهاكم عنه فأثابكم بها على طاعتكم إياه فالتمسوا ذلك من عنده, إذن المغانم ليست غنائم دار الحرب, الآن إما غير غنائم دار الحرب وإما الأعم من غنائم دار الحرب. هذا مورد.

    المورد الثاني: ما أشار إليه ابن كثير, ابن كثير أعزائي -طبعاً يكون في علم الإخوة الاعتماد على تفسير الطبري عند القوم وخصوصاً ابن تيمية وأتباعه والوهابية يُعدُ أهم تفسير عندهم هو تفسير الطبري وكذلك ما يرتبط بابن كثير- قال: وقوله: {فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ} أي خيرٌ مما رغبتم فيه من عرض الحياة الدنيا الذي حملكم على قتل مثل هذا الذي ألقى إليكم السلام وأظهر إليكم الإيمان فتغافلتم عنه واتهمتموه بالمصانعة والتغية لتبتغوا عرض الحياة الدنيا فما عند الله من المغانم الحلال خيرٌ لكم من مال هذا الذي قتلتموه. إذن أيضاً تصريح بأنه لا يختص بغنائم دار الحرب.

    وكذلك من أعلام مدرسة أهل البيت السيد الطباطبائي في ذيل هذه الآية المجلد الرابع من الميزان ص41 هذه عبارته, يقول: والمراد بابتغاء عرض الحياة الدنيا, طلب المال والغنيمة وقوله {فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ} جمع مغنم وهو الغنيمة أي ما عند الله من المغانم أفضل من مغنم الدنيا الذي يريدونه لكثرتها وبقائها فهي التي يجب عليكم أن تؤثروها, لذا أنا قديماً علقت على هذا الموقع على هذا المطلب من السيد الطباطبائي أن الغنيمة أطلقت في القرآن على غير غنائم دار الحرب أيضاً.

    وعلى هذا الأساس فهذا الدليل الثاني ينتقض بهذا البيان.

    بل أساساً -التفتوا جيداً وهذه قضية مهمة- بل أساساً -أنا ما أريد أن أدخل في الدليل الثالث لأن الوقت لا يسع حتى أشير إلى هذه النكتة- بل أساساً هذه المغانم الواردة في الآية المباركة أساساً أطلقت المغانم الذي هو جمع مغنم وغنيمة هو أريد بها الأمور الأخروية لا الأمور الدنيوية أصلاً, لأن الآية المباركة ماذا قالت؟ الآية المباركة صريحة في هذا المجال قالت: {تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ثم قالت ماذا {فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ} في اعتقادي أن هذه المغانم مرتبطة بالآخرة لا بالدنيا لا حتى بالرزق الحلال أبداً, بقرينتين:

    القرينة الأولى: هي قوله {فَعِنْدَ اللَّهِ} هذا إذا ضمننا إلى ذلك قوله تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} إذن ليس المراد الأمر الدنيوي لأن الآية جعلت تقابل بين عرض الحياة الدنيا وبين ماذا؟ وإلا هذا عرض الحياة الدنيا ايضا ممن؟ من الله (سبحانه وتعالى) ولكن أرادت أن تقول دنيا وآخرة.

    والقرينة الثانية: التي هي أوضح من هذه القرينة أعزائي, القرآن الكريم أعزائي من أوله إلى آخره لا يطلق على ما يرتبط بالدنيا وما فيها أنها كثيرة, أبداً القرآن الكريم, انظروا إلى هذه الآيات هذه النكات المهمة, قال تعالى: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا} لا عرض وليس هذا الذي أخذتموه, {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى} أصلاً كل الدنيا قليل, {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ} كل الدنيا, {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ} طيب كيف يمكن أن يقول هنا مغانم كثيرة, إذا كانت مرتبطة بالدنيا التعبير جاء في كل الآيات القرآنية أن الدنيا وما فيها قليل, فكيف يمكن أن يكون كثير أيضاً.

    نعم, القرآن الكريم في مورد واحد أو موارد, الآن أنا أذكر مصداق منه, في الدنيا ذكر أن هناك خير كثير ولكن ذكره للحكمة فقط, قال: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ} هذه ليست ومن يؤت الحكمة في الآخرة! {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ} في الدنيا, {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} ولهذا تجدون إصرار عندهم الفلاسفة يقول بأن الفلسفة ماذا؟ حكمة, هذه نكتتها هذه, لماذا عندهم إصرار على أن يقولوا أن المباحث الفلسفية هي المباحث الحكمية أو الحكمة؟ لأنهم يعتقدون أن البحث الفلسفي هو البحث الحكمي الذي أشارت إليه آية سورة البقرة وهي الآية 269 {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}.

    طبعاً نحن لماذا الآن نذهب إلى الفلاسفة وغير الفلاسفة, يكفي أن نذهب إلى القرآن الكريم ونسأله هذا السؤال, بأنه عرّف لنا أنت الحكمة وعرّف, والقرآن الكريم أيضاً عنده – قاعدة خارج عن البحث, بحثنا الدليل الثاني تقريباً انتهى بقيت نكتة إنشاء الله في وقتها المناسب أشير إليها- القرآن الكريم عندما يعرِّف عادةً أعزائي عندما يذكر الأصل ما يذكر تعريف ذلك الأصل يذكر مصداقه الخارجي, يعني يذكر من يقتدى به, انظروا إلى هذه النكتة اللطيفة في القرآن الكريم الآية 172 لعله التي في ذهني من سورة البقرة, هذه العبارة, يقول: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} إذن الشارع يريد أن يعرّف لنا البر, التفتوا جيداً, لابد أن يقول ما هو البر؟ يقول: البر كذا وكذا تعريف البر, ولكنّ البر ليس هو الإيمان {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ} يعني ذكر المصداق.

    كذلك في المقام, قال: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} طيب إلهي ما الحكمة, قال انظر إلى لقمان {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} إذن عرّف الحكمة ببيان المصداق. طيب يا لقمان الحكمة ماذا عندك؟ قال: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ ِلأَبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ} إذن أصل الحكمة هو ماذا؟ هو التوحيد.

    طيب الآن هذه عضة لنا جميعاً, كم من أعماركم في الحوزة تقضونها لفهم التوحيد, بينكم وبين الله كم من أعماركم اعملوا نسبة إذا صارت النسبة واحد فجيد, يعني كل مائة ساعة تقضونها في كتاب الطهارة والنجاسة والمعنى الحرفي وتعريف علم الأصول والاستصحاب الكلي وهكذا إذا وضعتم في قباله ساعة للتوحيد والله جيد ولكن ايضا لا يوجد لأنه في النتيجة إذا تقرأ أنت ألف ساعة يعني عشرة ساعات, عشرة آلاف ساعة يعني مائة ساعة لا توجد, بدليل أنه انظر إلى حياتك العلمية الآن عشرة سنوات عشرين ثلاثين سنة انظر كم كتاب أنت قرأت في الفقه والأصول وكم جزوة قرأت في التوحيد, ومع ذلك تريد من الناس أن يصلوا إلى المعارف القرآنية, أبداً قال: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ ِلأَبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ} هذه وصايا لقمان هذه الحكمة, دعونا عن أصالة الوجود وأصالة الماهية دعونا الآن نحن والقرآن, {لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} وايضا من وصايا لقمان التي هي من الحكمة {يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُنْ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ} الأول مسألة التوحيد, الثاني أي مسألة؟ العلم الإلهي {فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} وايضا الآن يترتب على ذلك {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنْ اشْكُرْ لِلَّهِ} إذن الشكر فرع ماذا؟ فرع التوحيد {وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} وبعد كل هذه عند ذلك نصل إلى كتاب الصلاة {يَابُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاَةَ} نحن ماذا فعلنا في حوزاتنا العلمية, أول ما دخلنا قلنا أول الدين معرفة الطهارة, ولكنه أمير المؤمنين ماذا قال؟ قال: >أول الدين معرفته<.

    ولذا أرجوا الله (سبحانه وتعالى) واقعاً أن يكون هذا منبه لنا أن نرجع إلى وصية القرآن إلى حِكم القرآن إلى حكمة القرآن {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/09
    • مرات التنزيل : 1541

  • جديد المرئيات