بسم الله الرحمن الرحيم
المُقدَّم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين، السلام عليكم مشاهدينا الكرام مشاهدي قناة الكوثر الفضائية ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة وحلقة جديدة من برنامج مطارحات في العقيدة تحت عنوان (موقف ابن تيمية وعلماء أهل السنة من الصفات الذاتية والخبرية، القسم الثالث) طبعاً أود أن أذكر لكم جملة من الأمور بإيجاز قبل أن أرحب بسماحة السيد كمال الحيدري. أولاً: ستكون هذه آخر حلقة قبل شهر رمضان المبارك، وفي شهر رمضان المبارك سيكون سماحة آية الله السيد كمال الحيدري معكم خلال شهر كامل يومياً إن شاء الله تعالى في ليالي شهر رمضان المبارك وسيعلن عن ساعة بث البرنامج، أكرر لكم أن حلقة اليوم ستكون آخر حلقة يطل بها عليكم سماحة السيد كمال الحيدري قبل شهر رمضان المبارك، وبإمكانكم أن تطرحوا ما لديكم من مسائل واستفسارات، وبنفس الوقت نود أن نعبر عن خالص شكرناً وتقديرنا للأخوة المشاهدين الكرام جميعاً على متابعتهم واستفساراتهم سواء عن البرنامج أو عن سماحة السيد كمال الحيدري، ونعتذر كثيراً للاخوة الذين لم نشاركهم في المداخلات لكثرة الاتصالات.
أرحب بكم مجدداً مشاهدينا الكرام وأرحب باسمكم بسماحة السيد كمال الحيدري.
سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
المُقدَّم: في البدء هل من إيجاز لما سبق في الحلقة التي قبل السابقة.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام عليى سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في الواقع أن هذه المسألة وهي الصفات الذاتية الخبرية تعد من المسائل المفصلية في المعارف التوحيدية وعلى أساسها تعددت المذاهب والاتجاهات والمدارس لفهم هذه الصفات.
وعلى سبيل المثال الآيات التي تحدثت عن اليد وعن الوجه والعين وكذلك الروايات التي تحدثت عن الاصابع والرجل ونحو ذلك من الصفات الذاتية الخبرية.
فيما يتعلق بهذه الصفات وأنا أتذكر بأنه تقريباً في السنة الماضية التي بدأنا فيها في شهر رمضان المبارك أبحاث التوحيد وجعلنا المحور فيها لهذه الأبحاث هو أنه ما يقوله ابن تيمية وأتباع ابن تيمية وما يقوله علماء أهل السنة وعلماء مدرسة أهل البيت في هذا المجال، وقد اتضح لنا بشكل واضح وصريح أنه في الأعم الأغلب أن ابن تيمية والوهابية يخالفون السلف ويخالفون علماء أهل السنة فضلاً عن مخالفتهم لعلماء مدرسة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام، ومن تلك المفاصل هذه المسألة التي نحن بصدد الإشارة إليها، وأتصور أنه من خلال بحث هذه الليلة الذي أحاول أن يكون مختصراً كما ذكر عزيزي الدكتور سالم هذه هي نهاية المطاف في بحث التوحيد مع الشيخ ابن تيمية وادعو الله أن أوفق في القريب العاجل أن تكون هذه الأبحاث التي بلغت لعله 50 حلقة تقدم الكلام عنها تفصيلاً إن شاء الله تخرج على تحت عنوان كتاب (تأملات نقدية في توحيد الشيخ ابن تيمية) هذا الكتاب الآن في طور الإعداد، وكذلك فيما يتعلق بمعالم الإسلام الأموي، يتذكر المشاهد الكريم أننا في الحلقات السابقة في مطارحات في العقيدة وقفنا عند بعض ملامح ومعالم الإسلام الأموي وإن شاء الله تعالى تهيأت الحلقة الأولى أو القسم الأول من هذه البرامج في كتاب مستقل سيخرج قريباً الى الأسواق تحت عنوان (معالم الإسلام الأموي).
فيما يتعلق بالصفات الخبرية التي أشرنا إليها وهي بما يتعلق باليد والوجه والقدم والرجل والأصابع والساق ونحو ذلك أعزائي توجد في هذه الصفات يوجد اختلافان بين علماء المسلمين:
الاختلاف الأول: وهو الاختلاف الذي وقع بين الاتجاه الذي أمنت به المشبهة والمجسمة والاتجاه الآخر الذي هم علماء أهل السنة، ولتوضيح الفرق بين هذين الاتجاهين أن الاتجاه الأول آمن بأن هذه الآيات التي تكلمت عن الوجه واليد والعين ونحوها هذه تعد من محكمات الآيات القرآنية فإذا كانت من محكمات الآيات القرآنية إذن يراد بها ظاهرها حقيقة كما بينا ذلك تفصيلاً في الحلقات السابقة، وهذا الاتجاه لازمة كما يصرح به هم أولئك الذين أمنوا بهذا الاتجاه لازم ذلك التجسيم ولازم ذلك التشبيه ولكن التشبيه من وجه وعدم التشبيه من وجه آخر.
في مقابل هذا الاتجاه هو الاتجاه الآخر الذي آمن بأن جميع هذه الصفات التي وردت في الآيات والروايات هي من المتشابهات لا أنها من المحكمات، وإذا صارت من المتشابهات بمقتضى النص القرآنية لكي تفهم لابد من إرجاعها إلى المحكمات وهذه قاعدة أشار إليها القرآن الكريم.
ويتذكر المشاهد الكريم حتى استفيد من الوقت أنه أساساً أن الوهابية بشكل واضح وصريح قالوا أن آيات الصفات الخبرية هي من المحكمات لا من المتشابهات واتهموا كل من لا يقبل أنها من المحكمات قالوا هم من المؤولة ومن الجهمية ومن المعطلة ومن الجاحدين لصفات رب العالمين ومن المشركين ومن الملحدين ونحو ذلك مما قرأناه في الأبحاث السابقة، لا نحن فقط نقول هذا الكلام ولا هم يقولون، كل من كتب عن هذا الاتجاه أشار الى هذه القضية ومنهم الإمام العلامة ابن حجر الهيتمي في كتابه (المنح المكية في شرح الهمزية) المسمى (أفضل القرى لقراء أم القرى، ص420) طبعة دار المنهاج، قال: (وجب تأويل النص إليه) لماذا؟ يقول: (كآيات الصفات وأحاديثها إذ ظاهرها محال على الله تعالى عقلاً فوجب صرفها عنها بتأويلها بما يوافق العقل) يعني بإرجاعها الى المحكمات (وأنكر جمع متأخرون من الحنابلة تأويلها) يعني إرجاعها الى المحكمات وأبقوها على ظاهرها (لزللهم باعتقاد ظواهرها من التجسيم أو الجهة وأطالوا في ذلك بما كان سبباً لمحقهم وسحقهم في الدنيا والآخرة).
إذن هذا الاتجاه واضح، إذن يوجد اتجاهان في هذه الصفات:
الاتجاه الأول: يعتقد أن الآيات التي تكلمت عن الصفات الخبرية هي من المحكمات وهذا مآله الى التجسيم والتشبيه.
والاتجاه الثاني: الذي يرى أنها من المتشابهات إذن لابد من إرجاعها الى المحكمات.
ما معنى أنها من المتشابهات؟ يعني أنه لا يمكن أن يكون ظاهرها هو المراد حقيقة.
وأما الاتجاه الثاني. طبعاً هذا الاتجاه الثاني هو ما ذهب إليه كل علماء أهل السنة والجماعة، وأشرنا الى أسمائهم من قبيل الإمام السمعاني ومن قبيل ابن سعيد الطوفي والإمام العيني والعلامة الآلوسي والعلامة الأرنؤوط وذكرنا هؤلاء جميعاً، وممن أشار الى ذلك فقط للإشارة وهو أيضاً ما أشار إليه ابن حجر الهيتمي في (ص404 من المنح المكية) قال: (ومن المتشابه ذكر آيات الصفات التي فيها ذكر نحو الاستواء واليد والعين) من القائل؟ المتكلم أحد الأئمة وهو ابن حجر الهيتمي في كتاب المنح المكية. يقول: (ومن المتشابه وجمهور أهل السنة منهم أكثر السلف وأهل الحديث) كلهم ذهبوا الى أن هذه من المتشابهات ولكن مع ذلك تجد أن الشيخ ابن تيمية وأتباعه يدعون أن السلف كذا وأن أهل السنة كذا.
نعم، بقي الكلام أنهم ماذا يفعلون بهذه المتشابهات؟ قلنا البحث سيأتي.
الى أن يقول: (وقال الفخر الرازي) من كبار علماء الأشاعرة (فلهذا اختار الأئمة المحققون من السلف والخلف بعد إقامة الدليل القاطع على أن حمل اللفظ على ظاهره محال ترك التأويل …).
إذن اتفقت كلمة علماء أهل السنة وعلماء السلف على أن هذه الآيات مرتبطة بالمتشابهات لا بالمحكمات.
بعد أن آمن علماء أهل السنة وعلماء مدرسة أهل البيت أن هذه الآيات من المتشابهات وأن هذه الصفات هي من المتشابهات وقع الاختلاف بينهم، هل نسكت عنها أو نؤولها بإرجاعها الى المحكمات، أي منهما؟ هنا الاختلاف، فوجد المفوضة وهؤلاء المفوضة غير المفوضة المعتزلة، المفوضة قالوا نفوض علمها الى الله سبحانه وتعالى، ووجد المؤولة، ما هم المؤولة؟ الذين ارجعوا هذه الصفات أولوها ما تنسجم مع المحكمات القرآنية.
ما هو منشأ هذا الاختلاف بين علماء أهل السنة؟ منشأه أعزائي الآية المباركة في سورة آل عمران حيث أنه الآية المباركة قالت (وما يعلم تأويله إلا الله) فإن قلنا أنه فقط التأويل يعلم إلا الله والوقوف عند الله وقف لازم إذن لابد أن نكون من المفوضة لأننا لا نعمل تأويل المتشابهات فلابد أن نرجع علمها الى الله سبحانه وتعالى، وأما من قال هذه (الواو) ليست استئناف وإنما هي واو عاطفة إذن (والراسخون في العلم) أيضاً (يقولون آمنا به كل من عند ربنا) هؤلاء يقولون نحن أيضاً نعلم تأويله ولكن من خلاله إرجاعه الى المحكمات.
إذن منشأ الاختلاف هو الوقوف على هذا المقطع من الآية أو أن نضم إليها (والراسخون في العلم) ولذا نجد بشكل واضح وصريح ابن حجر الهيتمي أشار الى هذه القضية بشكل واضح وصريح في كتابه (المنح المكية، ص404) قال: (فيه قولان) يعني أنه نكون من المفوضة أو من المؤولة (منشأهما هل الوقف على العلم في قوله (والراسخون في العلم) وعليه طائفة قليلة … ومن المتشابه كذا، والأكثرون من الصحابة فمن بعدهم أن الوقف إلا الله من قوله … وهو أصح الروايات …).
إذن منشأ الاختلاف هو كيف نقرأ هذا المقطع.
طبعاً السلف من علماء الأمة ذهبوا الى أن الوقف لازم فلذا صاروا من المفوضة سكتوا عنها، قالوا نمرها على ظاهرها إمرارها على ظاهرها، ولكن لا يكون ظاهرها هو المراد لله سبحانه وتعالى. الله أعلم بمراده، لا أنه كالوهابية الذين يقولون حقيقة يد ولكن لا كالأيدي، رجل ولكن لا كالأرجل، عين ولكن لا كالأعين، استواء وجلوس ولكن لا كاستواء الآخرين، لا لا أبداً، يقول لا نعلم المراد منها ونرجع علمها الى الله، هذا رأي السلف، أما رأي الخلف علماء السنة بعد ذلك قالوا لا، يمكن أن نأولها، ما معنى نأولها؟ يعني نرجع هذه المتشابهات الى المحكمات.
فتحصل الى هنا بشكل واضح وصريح بأنه ابن تيمية في هذه المسألة وهي في الصفات الذاتية الخبرية خالف جميع علماء أهل السنة فضلاً عن علماء مدرسة أهل البيت. وأنا أتصور اتضح للمشاهد الكريم لو سألنا سائل ماذا تقولون في الآيات التي تكلمت عن الاستواء، عن الوجه، عن اليد، عن العين، عن النظر، عن المجيء، عن الرجل، عن القدم، عن الأصابع، بعض الروايات أيضاً تحدثت. ماذا تقولون سيدنا؟ نقول: يوجد في هذا علماء أهل السنة وعلماء مدرسة أهل البيت يوجد فيهم رأيان ونظريتان:
الرأي الأول والنظرية الأولى: تقول أنه لابد من التوقف عن بيان المراد منها، نقبلها ونسلم بظاهرها لأنها من المتشابهات ونرجع علمها إلى الله سبحانه وتعالى.
والنظرية الثانية: تقول: لا، الآية قالت (لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) ونحن أيضاً من الراسخين في العلم فنرجع هذه المتشابهات إلى المحكمات، ما معنى نرجعها؟ يعني لا نجعلها يد حقيقية، لا لا أبداً، نقول بأنه أقرب المعاني إلى المحكمات ما هو؟ نرجعها إلى محكماتها. في قبال هذين الرأيين والاتجاهين آمن ابن تيمية وأتباعه من الوهابية بأنه لا، له يد حقيقية وله رجل حقيقية وله أصابع حقيقية ولكن يد كالأيادي وجسم لا كالأجسام.
إذن النظرية أتصور يعد هذا البحث من مفاتيح الأبحاث، الإنسان إذا التفت إليه يستطيع أن يميز أن ابن تيمية وأتباعه ليسوا من أهل السنة في هذا المجال، لا من سلف أهل السنة ولا من خلف أهل السنة، لا من المتقدمين … وإنما هو رأي ينسجم مع نظرية التشبيه والتجسيم.
المُقدَّم: ذكرتم سماحة السيد بعض الشواهد التي تثبت أن السلف كان يرى أن مثل هذه الصفات هي من المتشابهات، هل هناك شواهد أخرى؟
سماحة السيد كمال الحيدري: في هذه الليلة أنا أريد أن أشير إلى شاهد واحد ورد في هذا المجال، هذا الشاهد هو نص ورد عن ابن عباس، هذا النص أقرأه للأعزاء من كتاب (السنة، ص223، رقم الحديث الحديث 485) لابن أبي عاصم الشيباني المتوفى سنة 287هـ تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، طبع ونشر المكتب الإسلامي، الرواية عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس قال، إذن ليست رواية يعني حديث عن رسول الله وإنما هو نص منقول عن ابن عباس، (عن ابن عباس قال: حدث رجل بحديث أبي هريرة) رجل حدث حديث نقله عن أبي هريرة (فانتفض) يعني كان هناك شخص آخر جالس بمجرد أن سمع هذا الحديث ينقل عن أبي هريرة انتفض، انتفض يعني قام مستنكراً غاضباً، قام محتجاً أنه أي كلام هذا الذي أنت تنقله عن أبي هريرة (حدث رجل بحديث أبي هريرة فانتفض) قال ابن عباس عندما وجد أن هذا الإنسان انتفض وقام محتجاً غاضباً تدخل (قال ابن عباس: ما بال هؤلاء) مراد من الضمير يعود على هؤلاء الذي انتفض، ما بال هؤلاء يعني هذا الذي عندما سمع الحديث قام ولم يتحمل وصار منتفضاً وصار غاضباً ومحتجاً (ما بال هؤلاء يجدون عند محكمه) الألباني في حاشيته يقول: (لعله في المخطوطة يحيدون) لا يجدون، (ومراده) مراد النص (أن يجتهدون ويهتمون لفهم المعنى المراد من القرآن عند محكمه) يعني إذا كانت الآية محكمة يجدون لفهم تلك الآية المحكمة، هي محكمة ويمكن فهمها على ظاهرها وقبلوها على ظاهرها، (ما بال هؤلاء يجدون عند محكمه ويهلكون عند متشابهه) هذا الكلام ويهلكون عند متشابهه موجه إلى هذا المنتفض يقول ما بالك انتفضت إذا كانت الآية محكمة فلابد أن تفهمها وإذا كانت متشابهة وكلامه موجه إليه لا ينبغي أن تنتفض وأن تحتج وإنما لابد من إرجاع المتشابه إلى المحكم، ما معنى الاحتجاج والانتفاض. إذن من هنا يتضح لابد أن نعرف وأن نقف أن هذا الحديث الذي نقله عن أبي هريرة ما هو كان لينتفض ذلك الرجل، لأنا إذا عرفنا ذلك الحديث عند ذلك نعرف لماذا انتفض ذلك الرجل، لماذا أنه عندما حدث رجل بحديث أبي هريرة انتفض، لماذا انتفض؟ ما هو وجه الانتفاض؟
في الحاشية العلامة الألباني يقول: (يعني استنكاراً لما سمع من حديث أبي هريرة).
سؤال: ماذا سمع من حديث أبي هريرة حتى انتفض ذلك الرجل؟ ما هو مضمون ذلك الحديث؟
يقول: (ولم أقف على من نبه على المراد بهذا الحديث) بماذا حديث أبو هريرة حتى انتفض ذلك الرجل، يقول: (ويغلب على الظن) الآن بدأ الألباني يتخرص بالغيب يظن وإلا لا يوجد … يقول أنا لم أجد أنه أي حديث هذا الذي أدى إلى الانتفاض والاستنكار ولكن يمكن أن يكون (ويغلب على الظن أنه حديث أن الله خلق آدم على صورته) إذا كان هذا الحديث الحق حق ذلك الرجل أن ينتفض لأن التشبيه والتجسيم واضح فيه.
هذا المعنى من يقوله؟ الألباني يقول: (ولم أقف على من نبه على ذلك ولكن يغلب على ظني هذا المعنى).
عندما راجعنا نحن (السنة، ج1، ص339) بتحقيق الجوابرة وهو أستاذ الحديث في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وجدنا أنه بعد أن ينقل الحديث أيضاً يقول وقال الشيخ ناصر، إذن ينقل نفس كلام ناصر الدين الألباني وأيضاً كأنه يوافق الألباني أنه لم ينبه أحد على هذا الحديث.
ولكنه عند التتبع، سدد الله المتتبعين لمثل هذه الأحاديث، وجدنا أنه لا، الإمام والحافظ الكبير الصنعاني نبه أنه هذا أي حديث ولا نحتاج إلى ظن الألباني أو ظن الجوابرة، التفتوا إلى الحديث وبودي حتى يتضح كيف أن هذا الحديث مرتبط بمحل كلامنا كاملاً وأن ابن عباس كان يجعل ذلك من المتشابهات لا من المحكمات.
الحديث ورد في (المصنف، ج11، ص422، رقم الحديث 20893) للحافظ الكبير الصنعاني ومعه كتاب تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، توزيع المكتب الإسلامي، الرواية عن أبي هريرة يقول: (قال رسول الله) الرواية ينقلها أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله (تحاجت الجنة والنار) وقعت بينهما محاججة يوم القيامة (فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين وقالت الجنة، فما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم) وعلقنا على هذا الحديث مضمونه بعيد جداً أن يصدر عن رسول الله أن يقول أن كل أهل الجنة من سقطة النار وفيهم الأنبياء وفيهم الأولياء وفيهم الأغنياء وفيهم الأمراء وإلا إذا كان الأمر كذلك لابد أن تقبلوا أن كل أمراء الأمة الإسلامية وحكامهم كلهم يدخلون إلى النار لأنهم ليسوا من ضعفاء الناس ولا تلتزموا بهذا، تقولون أن هؤلاء من أهل الجنة، لابد أن تلتزموا أن كل حكامكم هؤلاء من أهل النار.
(فقال الله للجنة إنما أنت رحمتي ارحم بك من أشار من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منكما ملئها فأما النار فأنهم يلقون فيها وتقول هل من مزيد فلا تمتلئ حتى يضع رجله أو قال قدمه فيها فتقول: قط قط قط) كما قرأنا هذا الحديث فيما سبق (فهنالك تُملأ وتنزوي بعضها إلى بعض …). هذا الحديث واضح.
الآن نأتي إلى الحديث الذي بعده وهو (20895) قال: (أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن أبن طاووس عن أبيه قال: سمعت رجلاً يحدث ابن عباس بحديث أبي هريرة هذا).
المُقدَّم: هذا الذي ذكر قبل قليل.
سماحة السيد كمال الحيدري: أحسنتم، فلا نحتاج إلى تخرصات، ولو تتبع … ولم أجد … لا لم تتبع جيداً وإلا لو تتبعت جيداً لوجدت أن الصنعاني أشار إلى أن أي حديث هذا، ودعوى أن هؤلاء كانوا من المتتبعين ومن الكبار ومن المحققين ومن العلماء، نعم نوافق إلى حد ما، ولكن ليس أنه لم يغب عنهم شيء، بل غابت عنهم الكثير من الحقائق.
قال: (سمعت رجلاً يحدث ابن عباس بحديث أبي هريرة هذا فقام رجل فانتفض) هذا الحديث الذي أشرنا (فقال ابن عباس: ما فرقوا من هؤلاء) ما فَرّق هؤلاء أو ما فَرقُ يعني خوف، ما خوف هؤلاء لا أريد أن أدخل في هذا، فيها قراءات ثلاثة (ما فرقوا هؤلاء يجدون عند محكمه ويهلكون عند متشابهه) إذن الحديث الذي هو موضع الكلام وابن عباس جعله من المتشابه مرتبط بهذا المورد وهو القدم الذي هو محل كلامنا، طبعاً حتى لو كانت الصورة أيضاً تنفع في محل كلامنا لأن الصورة أيضاً من الصفات الذاتية الخبرية، ولكن أنا كنت أريد أن أرد على العلامة الألباني والجوابرة الذين قالوا لم نجد من نبه على ذلك، لا، الحافظ الصنعاني نبه عليه.
وتأييداً لما أقول نجد أن ابن رجب الحنبلي المتوفى سنة 795هـ في كتابه (فتح الباري في شرح صحيح البخاري، ج5، ص76) تحقيق أبي معاذ طارق بن عوض الله بن محمد، دار ابن الجوزي، يقول: (فروى عبد الرزاق) يعني الصنعاني (في كتابه عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال: سمعت رجلاً يحدث ابن عباس بحديث أبي هريرة تحاجت النار وفيه فلا تمتلئ حتى يضع رجله أو قدمه فيها قال: فقام رجل فانتفض، فقال ابن عباس: ما فرقوا هؤلاء يجدون رقة عند محكمه ويهلكون عند متشابهه).
إلى هنا اتضح لنا بشكل واضح وصريح بأنه ابن عباس وهو من أعلام … وهو حبر الأمة، هذا الإنسان الكبير يرى أن صفة الصورة أو صفة القدم وأمثال ذلك تعد من المتشابهات لا من المحكمات.
ولكن مع كل هذا نجد أن الشيخ ابن تيمية وأتباع الشيخ ابن تيمية من الوهابية يصرون أنه لم يقل أحد من السلف وكبار علماء السلف أن آيات الصفات هي من المتشابهات.
مع أنه وجدنا أن ابن عباس يرى أن صفة القدم وأن صفة الصورة وهما من الصفات الذاتية الخبرية من المتشابه كما أشرنا إلى ذلك نجد أن ابن تيمية وأتباعه يصرحون أنه لم يقل أحد من السلف أنها من المتشابهة.
في كتاب (مجموعة الفتاوى، ج13، ص295) وفي طبعة أخرى (المجلد 13، ص157) لابن تيمية، دار الوفاء، يقول: (من قال أن هذا من المتشابه) يعني الصفات الخبرية (وأنه لا يفهم معناه، فنقول: إما الدليل على بطلان ذلك فإني ما أعلم عن أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة أنه جعل ذلك من المتشابه) واتضح للمشاهد الكريم أننا ذكرنا أن ابن عباس يراه من المتشابهات، وكثير من الأئمة أشرنا إلى أسمائهم أنهم يرون ذلك من المتشابهات، وهذه من الواضحات.
وهذا أيضاً ما نجده بشكل واضح في كلام الفوزان في كتاب (إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد، المجلد 2، ص144 و 145) للإمام المجدد الإمام محمد بن عبد الوهاب، شرح معالي الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء وعضو الهيئة الدائمة للإفتاء، مؤسسة الرسالة، يقول: (فدل قوله يجدون رقة عند محكمه) لا يقرأ المقطع الثاني من كلام ابن عباس بل يقرأ هذا المقطع فقط (على أن آيات الصفات من المحكم وليست من المتشابه) وهو غريب، هذه هي الأمانة العلمية التي تحلى بها كبار علماء الوهابية، يقول: (فدل قوله) وأنا لا أعلم كيف دل هذا المقطع على أن ابن عباس يريد أن يجعل هذه الصفة كصفة القدم وصفة الصورة من المحكمات. يقول: (على أن آيات الصفات من المحكم وليست من المتشابه وفي هذا رد على أهل الضلال) يعني كل من قال أن هذه الآيات من المتشابهات يكون من أهل الضلال، لماذا؟ الإمام السمعاني والإمام العيني هؤلاء كلهم يكونون من أهل الضلال. (وفي هذا رد على أهل الضلال الذين يجعلون نصوص الصفات من المتشابهات ويفوضون معناها إلى الله) وهذا هو رأي سلف الأمة، سلف الأمة قالوا أن هذه من المتشابهات وفوضوا علمها إلى الله سبحانه وتعالى.
وهذه الطريقة التي عهدناها من ابن تيمية ومن أتباعه من الوهابية الذين دائماً يحاولون أن يقولوا أنهم يمثلون أهل السنة والجماعة وفي الواقع أنهم لا علاقة لهم بأهل السنة في هذه المسائل.
المُقدَّم: سماحة السيد هنا ذكرتم اتجاهين.
سماحة السيد كمال الحيدري: يعني اتجاه ابن تيمية وأتباعه واتجاه أهل السنة وعلماء أهل السنة.
المُقدَّم: ولكن ماذا يترتب على هذين الاتجاهين؟
سماحة السيد كمال الحيدري: الوقت ضيق جداً وأريد أن أفسح مجال أكثر وخصوصاً كما أعلن أخي الدكتور سالم بأن هذه هي الحلقة الأخيرة من حلقات برنامج التوحيد الذي بدأناه في شهر رمضان في السنة الماضية ولذا أحاول أن أمر بإجمال على هذه النقطة.
بناء على الاتجاه الذي سلكه الشيخ ابن تيمية وأتباع الشيخ ابن تيمية من الوهابية من أن الصفات الذاتية الخبرية هي من المحكمات وبينا أن المراد من المحكم يعني أنه يراد به ظاهره حقيقة فإذا كانت الآية تقول (يد الله فوق أيديهم) إذن الله له يد حقيقة، ولكن لا كالأيدي، وعندما تقول (كل هالك إلا وجه) له وجه حقيقة، وعندما يضع قدمه له قدم حقيقة ولكن لا كالأقدام. نتيجة ذلك أنهم حملوا هذه الصفات على الصفات العينية لا الصفات المعنوية، لأن الصفات تنقسم إلى قسمين:
صفات عينية كمثل هذه اليد، هذه صفة، أنا أملك يد أو لا أملك يد هذه صفة. أملك عين أو لا أملك عين هذه صفة. وأملك علم أو لا أملك علم أيضاً صفة، ولكن اليد صفة عينية والعلم صفة معنوية. بعبارة أوضح: اليد صفة محسوسة والعلم صفة غير محسوسة، العين صفة محسوسة يعني أنت بحواسك تستطيع أن ترى أن هذا الإنسان أو هذا الموجود له عين أو ليس له عين، له يد أو ليس له يد. ولكن لا تستطيع بحواسك الظاهرة أن تميز أن هذا الموجود له علم أو ليس له علم، لماذا؟ لأن العلم من الأمور المعنوية وغير المحسوسة، يعني من قبيل الشجاعة والجود والكرم، هذه كلها صفات معنوية. أما اليد والرجل والأصابع والجنب والوجه والأرجل والساق هذه كلها صفات عينية. بناء على نظرية الشيخ ابن تيمية فالله تكون له صفات عينية، أما بناء على نظرية أهل السنة وعلماء مدرسة أهل البيت فهذه الصفات ما هي؟ معنوية وليست صفات عينية.
إذن هذا فارق مهم وأساسي في المعارف التوحيدية، بناء على نظرية ابن تيمية فهي صفات عينية وبناء على نظرية أهل السنة من السلف والمتأخرين والخلف هذه صفات معنوية. هذا هو الفارق الأول. ويترتب على ذلك أنه بناء على نظرية الشيخ ابن تيمية الله سبحانه وتعالى يكون مركب له أعضاء وأجزاء، ما هي أعضاءه وأجزاءه؟ عين ويد ورجل وصورة، ثبت أنه على صورة الرحمن، وطول وعرض ومكان وجهة وجلوس وقيام وحركة وهرولة وأصابع وساق وفخذ … نعم، جسم لا كالأجسام. إذن أعزائي التفتوا لي جيداً بناء على نظرية الشيخ ابن تيمية لا مناص له إلا عن الالتزام بأن الله مركب، جسم ثبت سابقاً، لكن هل هو جسم بسيط أم جسم مركب له أعضاء وأجزاء؟ ثبت أنه يؤمن بأن هذه الصفات لابد من حملها على ظاهرها ويراد بها ظاهرها وحقيقتها. وهو مركب.
في قبال نظرية علماء أهل السنة يقولون أن هذه الصفات معنوية إذن الله غير مركب.
فإن قلت: اتجاه ابن تيمية والاتجاه الذي يتبعه ابن تيمية والوهابية، إذن ما الفرق بين الله وبين خلقه؟ مع ان صريح القرآن يقول (ليس كمثله شيء) إذا صار الله مركباً وله أعضاء وأجزاء وصار المخلوق أيضاً مركب وله أعضاء وأجزاء إذن صار مثله شيء مع أن صريح القرآن الكريم يقول (ليس كمثله شيء) يقولون: لا، يوجد فرق. يقولون الفرق الأول: نعم، في اليد هذا له يد، الخالق له يد والمخلوق له يد، ولكن يده لا كالأيدي ورجله لا كالأرجل وقدمه لا كالأقدام وصورته لا كالصور … وتركيبه لا كالتركيب، كيف؟ التفتوا إلى هذه النكتة الدقيقة، يقولون أن تركيب البشر والمخلوقات، لو جئنا إلى هذه الورقة نستطيع أن نجزئها فتكون قابلة للتجزئة والانفصال، والله مركب ولكن غير قابل للانفصال، يعني واقعاً مركب ولكن هذا التركيب غير قابل أن نقطع منه يده. هذا الفارق وسأقرأه للأعزاء.
يقولون: فرق الإنسان مع الله أن يد الإنسان وعين الإنسان ورجل الإنسان وأصابع الإنسان قابلة أن تنفصل عن الإنسان، تقطع عن الإنسان، ولكن الله مركب تركيب قابل للتجزيء والانفصال أو غير قابل؟ ليس بقابل. هذا هو الفرق الأول.
الفرق الثاني حتى لا نقع في التشبيه له أعضاء ولكن لا نسميها أعضاء. التسمية لا نقبلها، يعني الحقيقة موجودة ولكن نسميه أو لا نسميه؟ لا نسميه؟ إذن الفرق ليس في الحقيقة وإنما الفرق في التسمية فقط.
تعالوا لنرى ماذا يقول هؤلاء مباشرة:
ما يقوله ابن تيمية في (بيان تلبيس الجهمية، ج1، ص251) حققه يحيى بن محمد الهنيدي، قال: (وإن أردت) يعني يقول للفخر الرازي (إن أردت) أيها الرازي (أنهم) أي المشبهة والمجسمة (وصفوه بالصفات الخبرية مثل الوجه واليد وذلك يقتضي التجزئة والتبعيض أو أنهم وصفوه بما يقتضي ان يكون جسماً والجسم متبعض ومتجزئ وإن لم يقولوا هو جسم) يعني وإن لم يسموه جسماً ولكن هو جسم حقيقة (فيقال) لمن؟ للفخر الرازي، يقول: إن أشكلت علينا أن لازم قولكم الجسمية والتركيب والتبعيض أو التبعض ولازم قولكم التجزئ ونحو ذلك؟ (فيقال له) ماذا يقول له؟ لا يقول له نحن نرفض ذلك، نحن لا نقبل أن الله جسم، نحن لا نقبل أن الله متجزئ، لا نقبل أن الله متبعض، لا يقول ذلك؟ بل يقول: نعم، نلتزم بذلك، ولكن هذا ليس مختصاً بالحنابلة بل أن كل علماء المسلمين يقولون بذلك، فينسب إلى كل علماء المسلمين أنهم قائلون بالتجسيم والتبعيض والتجزيء. (فيقال له) للفخر الرازي (لا اختصاص للحنابلة بذلك) ليس الحنابلة فقط، يعني بعبارة أخرى لماذا تتهم الحنابلة فقط بأنهم يقولون بالجسمية والتجزئة والتبعيض وغير ذلك. (بل هو مذهب جماهير أهل الإسلام، بل وسائر أهل الملل وسلف الأمة وأئمتها) إذن يقبل هذا المعنى، ويرى ويعتقد ليس أنه فقط يرى بل أن كل علماء المسلمين يرون أن الله جسم ومبعض ومركب ومجزئ … .
تقول: يعني أنك تقبل أنه كل خواص التركيب موجودة؟
يأتي في (ص271) من الكتاب يقول: لا، لا نقبل أن تركيبه كتركيب المخلوقات، في (ص271) يقول: (وهم متفقون) هؤلاء الذين قالوا أن الله جسم وله أعضاء (وهم متفقون على أنه لا يمكن تفريقه ولا تجزئته) إذن هو مركب ولكن غير قابل للانفصال، لا أنه ينفي التركيب، إلى هنا يتضح لنا أن الشيخ ابن تيمية وأتباعه بالإضافة إلى أنهم يعتقدون أن الله جسم ويعتقدون بالتشبيه، يعتقدون بالتركيب في الواقع في الواجب سبحانه وتعالى. (لا يمكن تفريقه ولا تجزئته بمعنى انفصال شيء منه عن شيء) هذا غير معقول، بخلاف الممكن فأنه ينفصل منه يده، يده تنقطع منه، رجله تنقطع منه، اصبع منه ينقطع، إما الله لا يستطيع أحد أن يقطع منه أصبع أو عضو من أعضاء، (وهذا القول هو الذي يؤثر عن سلف الأمة). وهذا ادعاء بلا دليل على طريقته التي عرفناها (وهذا القول هو الذي يؤثر عن سلف الأمة وأئمتها وعليه أئمة الفقهاء وأئمة الحديث وأئمة الصوفية …) ويعدد بلا أي دليل ومستند في هذا المجال.
ولعله من أوضح من تكلم في هذا المجال حتى لا أطيل على الأعزاء ما ذكره العلامة وهو من كبار علماء الوهابية المعاصرين العلامة محمد بن صالح العثيمين في (شرح العقيدة السفارينية، ص106 و 107) مدار الوطن للنشر، يقول: (والصفات الخبرية هي التي تدل على مسمى) المسمى لا الاسم (وأبعاض لنا وأجزاء مثل الوجه واليد والقدم والأصابع والعين فكل هذه ألفاظ تدل على مسميات هي بالنسبة إلينا أبعاض وأجزاء، أما بالنسبة لله فلا نقول أنها أبعاض وأجزاء) في الواقع المسمى موجود ولكن التسمية غير موجودة.
سؤال: أنا أسأل أهل التحقيق والعلم ومن يدقق معي هذه الأبحاث، هذا المسمى كمال أو نقص؟ إذا كان كمالاً لماذا أنت تخشى أن تسميه، بل لابد أن تذكره، وتكون من الأسماء الحسنى الكمالية ومن الصفات الكمالية، إذن عندما تخشى أن تذكر الاسم إذن لا يليق به. إذن هي صفات نقص لا صفات كمال. إذن فلماذا تثبت المسمى أيها البائس الجاهل. تعالى الله عما يقول الجاهلون علواً كبيراً.
أقرأ العبارة مرة أخرى (فكل هذه ألفاظ) أي ألفاظ؟ يد وعين ووجه وقدم وأصابع (فكل هذه ألفاظ تدل على مسميات هي بالنسبة الينا أبعاض وأجزاء، أما بالنسبة لله فلا نقول أنها أبعاض وأجزاء) لماذا لا تسميها؟ يقول: (لأن البعض والجزء ما يمكن انفصال بعضه عن بعض) وأنا لا أعلم بأي لغة هذه؟ إذا أمكن الانفصال فهو عضو وإذا لم يمكن الانفصال فهو ليس بعضو هذا بأي لغة لا أعلم!! (وهذا بالنسبة لله عز وجل مستحيل) من قال لكم مستحيل؟ أنتم لا تقبلون الأدلة العقلية من أين تقولون مستحيل، هل يوجد عندكم نص في الآيات القرآنية في النصوص الصحيحة عن النبي الأكرم يقول أن الله له يد ولكن لا تنفصل، هذه بدعة، هذا قول بما لا يعلم.
(ولهذا لم نرى أحد يقول أن يد الله بعض منه أو جزء منه) لأن التسمية فقط غير موجودة (أو أن وجهه جزء منه أو بعض منه، فلا يقال هذا في حق الله لأن البعض والجزء ما صح انفصاله عن الأصل وهذا بالنسبة لله أمر مستحيل … إذن نسميها يداً ووجهاً) قبل قليل يقول لا نسميها، انظروا إلى التهافت والتناقض (إذن يداً ووجهاً وعينا ًوأصبعاً وقدماً وما أشبه ذلك لكننا لا نسميها بعضاً أو جزءاً) وأي تهافت وأي تناقض أوضح من هذا.
ومن أراد مراجعة هذا البحث بشكل أوسع أكثر تفصيلاً يرجعوا إلى كتاب الشيخ العثيمين ضمن سلسلة مؤلفات العثيمين (التعليق على صحيح مسلم) يقول: (لما خلقت بيدي، وعلى هذا فيكون قد كتب التوراة بيده وغرس جنة عدن بيده وخلق آدم بيده وهي يد حقيقية وليست يداً معنوية) يعني عضو محسوس (كما زعمه أهل التحريف وقالوا المراد باليد القدرة أو القوة) يعني المؤولة (ومثل هذه الصفات تسمى الصفات الخبرية وضابطها هي التي مسماها) معانيها وحقيقتها موجودة إلى الله (هي التي مسماها بالنسبة لنا أبعاض وأجزاء فاليد لنا بعض وجزء من البدن لكننا لا نقول مثل ذلك بالنسبة لله عز وجل، بل نقول هي يد حقيقية) انظروا الإنسان عندما يلتزم بمبنى باطل كيف يدافع عنه (وهذا لا يثبته أهل التعطيل) أنه يد حقيقية من المعتزلة (إذن فثبت لله تعالى يد حقيقة) وهل هذه اليد تماثل أيدي المخلوقين؟ الجواب: لا، لا تماثل. إذن هي يد وعضو وجزء ولكن …
إلى هنا اتضح لنا بشكل واضح وصريح أن هؤلاء أمنوا بالتركيب، نعم، مع هذا الفارق قالوا لا نسميها أعضاء وهي غير قابلة للانفصال. في قبال هذا نظرية علماء أهل السنة وكذلك علماء مدرسة أهل البيت، أنا أشير إلى بعضهم إجمالاً.
منهم من كبار علماء أهل السنة ما ورد في كتاب (الهداية إلى بلوغ النهاية، ج3، ص1801) لأبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي، المتوفى 437هـ مجموعة رسائل جامعية، كلية الدراسات العليا والبحث العلمي، جامعة الشارقة. في ذيل قوله تعالى (يد الله مغلولة، قل بل يداه مبسوطتان) قال: (واليد عند أهل النظر والسنة في هذا الموضع وما كان مثله) مثل اليد، يعني العين (صفة من صفات الله ليس بجارحة، فعلينا أن نصفه بما وصف به نفسه (ليس كمثله شيء) فلا يحل لأحد أن يعتقد الجوارح لله) كما اعتقد ابن تيمية والوهابية (إذ ليس كمثله شيء، وانما وقع من ذكر هذا وشبهه وذكر المجيء والاتيان صفات الله لا أن فيها انتقال وحركة وجارحة، فسبحان من ليس كمثله شيء من جميع الأشياء فلو أنك أثبت له حركة أو انتقالاً أو جارحة لكنت قد جعلته كبعض الأشياء الموجودة فاحذر أن يتصور في عقلك أن البارئ جل وعلا يشبه شيئاً من الأشياء ومتى فعلت شيئاً من هذا فقد ألحدت وأهل السنة يقولون أن يديه …). هذا مورد.
ومن الموارد التي أشارت إلى هذا ما ذكره الإمام البيهقي في كتاب (الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد، ص123) مطبعة دار الفضيلة ودار ابن حزم، يقول: (وأن اتيانه ليس باتيان من كان وأن مجيئه ليس بحركة وأن نزوله ليس بنقلة وأن نفسه ليس بجسم وأن وجهه ليس بصورة وأن يده ليس بجارحة وأن عينه ليست بحدقة، وإنما هذه أوصاف جاء بها التوقيف فقلنا بها) هي من المتشابهات فلابد من إرجاعها إلى المحكمات.
وكذلك ما ورد في كتاب (كشف المشكل من حديث الصحيحين، ج3، ص135) للإمام ابن الجوزي، قال بعد أن ينقل نظرية ابن تيمية وأتباعه يقول: (فما أشنع مقالة من يصدر قوله عن الجهالة ويتعلق بالظواهر كما تعلقت النصارى في المسيح وقالوا هو روحه حقيقة) (نفخت فيه من روحي).
وكذلك ما ورد في (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ج3، ص37 و 38) للإمام القرطبي، قال: (وكذلك كل ما أطلق على الله) يطلق اليمين يقول وكلتا يديه يمين (كذلك كل ما أطلق على الله تعالى مما يدل على الجوارح والأعضاء كالأعين والأيدي والجنب والأصبع وغير ذلك مما يلزم من ظاهره التجسيم الذي تدل العقول بأوائلها على استحالتها فهي كلها متأولة في حقه تعالى لاستحالة حملها على ظواهرها).
وهنا أريد أن أبين للمشاهد الكريم أن مسألة حمل هذه الآيات أو عدم حمل هذه الآيات على ظاهرها حتى من كانوا على مسلك ابن تيمية وجدنا أنهم يتأولون ظواهر هذه الآيات ولا يحملونها على ظاهرها، أشير إلى موردين أو ثلاثة وأترك الباقي إلى مناسبات أخرى.
في (تفسير القرآن العظيم، ج6، ص45) للإمام ابن كثير، أشرف على طبعه سعد بن فواز الصميل، دار ابن الجوزي في ذيل قوله تعالى (وكل شيء هالك إلا وجهه) قال: (إخبار بأنه الدائم الباقي الحي القيوم الذي تموت الخلائق ولا يموت كما قال الله (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) فعبر بالوجه عن الذات) إذن حمل الوجه على ظاهره أو لا (فعبر بالوجه عن الذات وهكذا كل شيء هالك إلا وجهه أي إلا إياه).
وكذلك نجد في نفس الجزء في (ص669) من الكتاب أوضح من ذلك، يقول: (ثم قال لرسوله) في ذيل الآية 10 من سورة الفتح (ثم قال لرسوله تشريفاً له وتعظيماً وتكريماً (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله) قال: (يد الله فوق أيديهم) أي هو حاضر معهم يسمع أقوالهم ويرى مكانهم ويعلم ضمائرهم وظواهرهم فهو تعالى هو المبايع بواسطة رسول الله كقوله تعالى …).
لا أنه يد الله يعني فوق أيديهم.
وأوضح من ذلك ما أشار إليه العلامة العثيمين في تفسيره في سورة الحجرات، من سلسلة مؤلفات العثيمين (تفسير القرآن العظيم، ص89) في ذيل قوله (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) يقول: (واختلف المفسرون في قوله (نحن أقرب إليه) هل المراد قرب ذاته) لأن ظاهر الآية أنه هو أقرب إلينا من حبل الوريد (قرب ذاته جل وعلا أو المراد قرب ملائكته، والصحيح أن المراد قرب ملائكته) بينكم وبين الله يوجد مجاز وتأويل أوضح من هذا التأويل والمجاز.
(ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) جناب العثيمين يقول وملائكته أقرب إلينا من حبل الوريد. بأي قرينة، ليس عنده إلا قرينة عقلية، يقول: (ووجه ذلك أن قرب الله صفة عالية لا يليق أن تكون شاملة لكل إنسان مؤمناً كان أو كافراً) إذن لابد أن نقول ملائكته أقرب إليه (أن المراد قرب ذات الله لكان قريباً من الكافر وقريباً من المؤمن …) إذن هذا أيضاً تأويل من العثيمين.
وآخر من أذكره من المأولين ومن المعطلة ومن الجاحدين ومن مشركي قريش ونحو ذلك، الفوزان قال هذا، هو الإمام البخاري في (صحيح البخاري، ج3) الرسالة العالمية، في سورة القصص، قال: (كل شيء هالك إلا وجهه) قال: (إلا ملكه) الوجه هو الملك. أوّل الوجه بالملك، البخاري، فإذا كان هذا التأويل باطل وأنه يلزم أنه يكون من المؤولة ومن الجهمية ومن المعطلة يلزم أن يكون ابن كثير أيضاً من المؤولة والجهمية والمعطلة والعثيمين من المؤولة والجهمية والمعطلة، وكذلك إمامكم وهو البخاري.
المُقدَّم: معنا الأخ محمد من روسيا.
الأخ محمد: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ محمد: عندي سؤالين: السؤال الأول: ارجو بيان الآثار السلبية المترتبة على النتائج التي توصلتم إليها.
سماحة السيد كمال الحيدري: اتضحت الآثار السلبية ولا أحتاج إلى التكرار، ثبت أن الله مركب، وكل مركب محتاج إلى أجزائه. فالغني بالذات يكون فقيراً بالذات.
الأخ محمد: السؤال الثاني: مشروعكم بعد انتهاء الحلقة الأخيرة هل يوجد في مشروعكم حول النبوة والإمامة.
سماحة السيد كمال الحيدري: أنتم اقترحوا علينا موضوعات على الموقع، لعلنا ندرسها وبإذن الله تعالى في شهر رمضان سوف نقف عندها بإذن الله تعالى.
المُقدَّم: الأخ رياض من الامارات.
الأخ رياض: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ رياض: أولاً عندي مداخلة وهي جزاك الله سماحة السيد عن هذه الحلقات.
وبالنسبة للسؤال: النهج التوحيدي لابن تيمية هل هو من ابتداعه أم أنه مسوق له فقط، يعني هل هو أنشأه أم لا.
سماحة السيد كمال الحيدري: الجواب: أنه شذرات لهذه النظرية ولهذا الاتجاه كان موجود قبل ابن تيمية، ولكن الذي أسس ونظر له وكتب فيه ودافع عنه وحاول أن يستدل له استدلالاً عقلياً ونقلياً هو ابن تيمية ومن سوقه الآن في زماننا المعاصر هم الوهابية وأتباع ابن تيمية.
المُقدَّم: معنا الأخ محمد من السعودية.
الأخ محمد: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ محمد: بالنسبة لابن تيمية عنده كتاب آخر بودي لو تطرقتم إليه حتى تناقشوا بعض ما طرحه فيه، وهو (الرسالة التدمرية).
سماحة السيد كمال الحيدري: راجعنا الكتاب ولا يوجد فيه شيء غير هذا المعنى الذي أشرنا إليه.
الأخ محمد: يقول فيه: القول في الذات كالقول في الصفات، وقال: إثبات بعض الصفات يلزم إثبات الصفات الأخرى، وقال فيه: ليس التشابه في الأسماء تشابه فعلاً في الصفات. كمن يشبه نعيم الجنة بنعيم الدنيا، أن الأسماء قد تتفق ولكن قد يختلف … .
المُقدَّم: هذا لا يخلو من التناقض كما نجد في نفس الكتاب أحياناً شيئاًً ثم ينقضه.
سماحة السيد كمال الحيدري: واقعاً أنا أتصور في خمسين حلقة للمنصف ولمن يريد المراجعة ويكون منصفاً ويكون من أهل العلم سيتضح له أنه لا مناص من الالتزام بالجسمية والتركيب والأعضاء والجهة والمكان ونحو ذلك، لا مناص له، وهو لا ينفي، كما قرأنا لكم الآن عبارته في (بيان تلبيس الجهمية) يقول إن كان الفخر الرازي يتهمنا بهذا فهذا ليس مختصاً بالحنابلة بل هو موجود عند كل المسلمين.
المُقدَّم: الأخت مها عمر من الكويت.
الأخت مها: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخت مها: أنا أحببت السلام عليكم وارجو دعائكم لنا بالخير. هذه الأمة في غفلة مهما تحاول أن تهديهم لا يهتدون لأنهم لا يسمعوا الكلام، فهم لا يسمعون كلام رب العالمين وعلى قلوب أقفالها.
المُقدَّم: الأخ أبو سالم من اليمن.
الأخ أبو سالم: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو سالم: الحلقات مفيدة جداً، والأسماء والصفات معروفة. ولكن بودي أبين أمراً لسماحة الشيخ كمال الحيدري، طبعاً الوهابية وأتباع ابن تيمية لا يؤمنوا بهذا الكلام وإنما هم يفسروا … الآية التي فيها صفة، الذين في قلوبهم زيع فيتبعون ما تشابه ابتغاء الفتنة، فهم يفسروا هذه على أساس …. هذه المشكلة عندنا كبيرة … .
المُقدَّم: يقول قبل ذلك كانت المشكلة في قوله تعالى (الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة).
سماحة السيد كمال الحيدري: هؤلاء لا فقط يتبعون المتشابه، بل يقولون أن هذا المتشابه هو المحكم ويجعلوه بدل المحكم الذي هو قوله تعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
المُقدَّم: الأخ عمران من العراق.
الأخ عمران: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ عمران: لا أعلم كيف نستطيع الصبر على فراق هذا الغذاء الروحي طيلة هذه الفترة وقد تعودنا على طلتكم المباركة علينا اسبوعياً، ولكن شهر الخير والرحمن، بما أني متابع لما تقدمه وبالنسبة للجدل الذي يثار حول ما تطرحه من أفكار، كنت أتتبع وأتقصي كل تطرح من قول وأعيده إلى أصوله حتى تطلب ذلك مني الاستماع إلى الحلقة مرة أخرى وبما أني باحث عن الحقيقة فأعتقد أنك تؤيدني فيما أقول رغم أن مثلي لا يحق لها أن يتتبع ويتقصى ما يقوله مثلك، وهذا ما أثبتته الأيام لأنك ما قلت شططاً أو غلطاً فيما تقوم به وما كنت تميل إلا معد الدليل، أنني واحد من ملايين المسلمين الذين تكونت لهم حقيقة يسندها القرآن العظيم والتي هي كما أتصور غايتك والهدف من هذه البرامج، وبالمناسبة هنا وبما أن هذه الحلقة هي آخر الحلقات، إنما وصلت إليه والكثير من أمثالي هي بفضل الله أولاً وبفضلكم ثانياً، أنكم نطقتم عن الله ولذا كان استماعي لكم هو عبادة لله تعالى، ولقد كنتم عبر هذه الحلقات الرصينة جادين في بيان الحقائق وفرز الخنادق لتعرف الأمة ما لها وما عليها، فإنما توصلنا إليه هو التالي: هنالك ثلاث نظريات أو ثلاث أطروحات وهذا ما تطرقت له يا شيخ كمال سابقاً، ولكن دعني أقول في قبال قولك قولاً آخر وعذراً عن هذا التصرف.
النظرية الأولى: وهي النظرية التي اسميتها أنت بنظرية أهل البيت، وهي في الحقيقة نظرية يقين ونظرية حق.
والنظرية الثانية: هي نظرية ظن وتخمين يا شيخنا الكريم.
والنظرية الثالثة والتي هي أهم شيء، وهي نظرية شيطانية قامت وترعرعت في أحضان النظرية الثانية في غفلة من الزمن بحيث لا يشعر أصحاب النظرية الثانية، وهذا هو ما أشار إليه الخليفة الأول رضي الله عنه والخليفة الثاني عندما خاطب عثمان بن عفان، وهنا لا أريد السرد فيما قاله الطبري في الإمامة والسياسة. ولكن سورة فاطر الآية 32 وضعت لنا ثلاث نماذج. بسم الله الرحمن الرحيم (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبيرة).
شيخنا الكبير نحن نعلم أن السابق بالخيرات من هو، والمقتصد من هو، والمقتصد أشارت إليه آيات كثيرة، من ضمنها (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى) هذه الأمور كثيرة في القرآن الكريم لكن الآية التي ذكرت هذه النظرية الشيطانية التي … والشيطان سول لهم وأملى لهم، وهذه النظرية هي نفسها التي نطقها بها هؤلاء وما زالوا عليها إلى الآن.
المُقدَّم: الأخ عمران من الموصل.
سماحة السيد كمال الحيدري: ولكن الآية من سورة يونس هي (أم لا يهدّي إلا أن يهدى).
المُقدَّم: لعله يشير إلى قراءة أخرى.
سماحة السيد كمال الحيدري: أشكر على هذه المداخلة، رأي الأخ العزيز الذي تداخل معنا حول التقسيم، ولكن أنا بيني وبين الله لا أتكلم في النوايا، يعني هو يصنفه على أنه نظرية شيطانية، الله يعلم أنا أحاول أن يكون جهد إمكاني أن يكون البحث بحثاً علمياً، أما فيما يتعلق بالنوايا فهي لله سبحانه وتعالى.
المُقدَّم: الأخ أبو آية من إسبانيا.
الأخ أبو آية: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو آية: في الحقيقة أنا معجب بكم كثيراً وعندي رجاء لك ولقناة الكوثر أن تخصصوا لنا حلقة خاصة إضافية أو بعض الوقت من هذا البرنامج لأنكم ذكرتم الكثير من الإشكالات والتساؤلات التي تحتاج إلى وقت واسع.
المُقدَّم: نحن أعلنا أنه في شهر رمضان سيكون البرنامج مستمر يومياً يعني على مدى ثلاثين حلقة متتالية في شهر رمضان المبارك.
الأخ أبو آية: بحيث أننا نرد أن نتكلم حول حقيقة المسيح الدجال وغيرها من المسائل.
المُقدَّم: هذا سيكون في برنامج الأطروحة المهدوية، وسيأتي ذكره عند ذكر بقية حلقات الأطروحة المهدوية.
سماحة السيد كمال الحيدري: بإمكانكم في هذا الشهر الذي سننقطع فيه عنكم أن يتداخلوا أو يتواصلوا معنا من خلال موقعنا حتى نستمر معكم من خلال الأسئلة والإشكالات ومن خلال الاقتراحات ومن خلال الإشكالات التي كانت في هذا البرنامج أو النواقص التي كانت في هذا البرنامج حتى نتداركها إنشاء الله في الحلقات القادمة.
المُقدَّم: الأخت أمل من المانيا.
الأخت أمل: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخت أمل: بالنسبة لقول الله سبحانه وتعالى (قل هو الله احد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوءً أحد) هذه الآية (كفوءً أحد) ألا تكفي أن تكون واضحة لجميع المسلمين سواء كانوا شيعة أو سنة أو وهابية، ألا تكفي هذه الآية بأن تكون واضحة لجميع الأمة بأن الله كفوءً أحد ليس له مثيل. هذا الجزء الأول.
سماحة السيد كمال الحيدري: كما قلنا أن الشيخ ابن تيمية في حلقات سابقة قلنا أنه فسر (لم يكن له كفوءً أحد) قال: ليس مثله من كل الجهات شيء، ما يكافئه ويكون مماثلاً له من كل جهة، أما إذا كان يماثله من جهة ولا يماثله من جهة أخرى فلا. فلهذا هو يعتقد كما أشرنا سابقاً أنه يشببه من جهة ولا يشبهه من جهة، يماثله من جهة ولا يماثله من جهة أخرى.
المُقدَّم: الأخ أبو مريم من لندن.
الأخ أبو مريم: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو مريم: أنا أريد أن أضيف مثالاً واضحاً للتجسيم لشيخ الوهابية محمد بن صالح العثيمين في (شرح العقيدة الواسطية، ص86) إعداد سعد بن ناصر الإبراهيم السليمان، يقول في شرحه لحديث (أن الله خلق آدم على صورته) يقول ابن عثيمين: والصورة مماثلة للاخرة، فلا يعقل صورة إلا مماثلة للاخرة، لهذا أكتب لك رسالة ثم تدخلها الآلة الفوتوغرافية وتخرج الرسالة فيقال هذه صورة هذه، ولا فرق بين الحروف والكلمات، فالصورة مطابقة للصورة. هذا ما يقوله الشيخ ابن عثيمين، فإذا لم يكن هذا تجسيماً فما هو التجسيم.
سماحة السيد كمال الحيدري: شاهد جيد لإثبات ما أثبتناه في الأبحاث السابقة من أن هؤلاء يؤمنون بالتجسيم والتركيب والأعضاء والتشبيه بالمطابقة كما في هذه العبارة للشيخ العثيمين.
المُقدَّم: الأخ أبو حيان من العراق.
الأخ أبو حيان: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو حيان: سيدنا العزيز نحن حقيقة متابعين لبرنامجكم ومن الذين ينقلون هذا البرنامج في غرف البالتوك في غرفة نور العترة خاصة. هناك كتاب لأحد الوهابية يقول: ولو قاد شاء، يعني الله، لاستقر على طرف بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبيته فكيف على عرش عظيم، هذا الدافعي يقوله. ونشكرك سيدنا لأنك تهدم مذهب هؤلاء من كتبهم بالصفحة والاسم والطبعة.
المُقدَّم: أخي الكريم يرد عليه، ما معنى له أطيط، هل تتحمل البعوضة، إذا كانت السموات لها أطيط من ثقل الرحمن فكيف تتحمله البعوضة.
سماحة السيد كمال الحيدري: يقول: الله يجعلها قادرة على أن تتحمل.
المُقدَّم: فلماذا لم يجعل السماء تتحمل.
سماحة السيد كمال الحيدري: وهنا عندي كلمة أخيرة في هذا البرنامج الأخير، أولاً أقدم جزيل الشكر لكل أولئك الذين تابعوا هذا البرنامج من الاخوة والأخوات، وكذلك المواقع ونشروا هذا البرنامج وعلقوا على هذا البرنامج ونقدوا هذا البرنامج وجعلوا في قنواتهم وفضائياتهم برامج لنقد هذا البرنامج، الكل يشكر، لأن الهدف من جميع ذلك إن شاء الله تعالى هو أن تتضح الحقيقة لأهل العلم وأن تتضح الحقيقة للناس. وكما قلت في أول هذه الحلقات أنه ليس غرضي أن يكون هناك سني ويتشيع أو شيعي يترك تشعيه، أبداً، ليس هذا الغرض، وإنما الغرض أريد أن تتضح الحقيقة ماذا يقول الشيخ ابن تيمية وماذا يقول علماء أهل السنة وماذا يقول علماء مدرسة أهل البيت، هذا أولاً.
الأمر الثاني: أود أن أقدم اعتذاري الشديد لمرة ولثانية ولثالثة ولرابعة إلى كل من صدر شيء من غير عمد، صدر من شيء لا سمح الله يسيء إليهم، أو ذكرت أحد الأسماء وصدر مني ما يسيء إلى بعض تلك الأسماء، الله يعلم أن لست في هذا البرنامج بصدد أن أوجه إهانة إلى أحد وإنما بعض الأحيان قد تصدر بعض الكلمات وهي غير مقصودة، فإذا صدر مني ما يسيء إلى أحد سواء كان من الأموات أو كان من الأحياء، هنا أقدم اعتذاري للأعزاء جميعاً.
والأمر الثالث: أقدم اعتذاري أيضاً لأولئك الذين حاولوا الاتصال بهذا البرنامج وهم يعدون بالآلاف بل بعشرات الآلاف وعندما تدخلون على المواقع سيتضح لكم أن هناك مئات الآلاف ممن حاولوا أن يتابعوا هذا البرنامج وحاولوا الاتصال ولكني اعتذر أني لم أكن استطيع أن أجيبهم بشكل مباشر ونحو ذلك.
وآخر دعواي ارجو من الجميع أن لا ينسوني من خالص أدعيتهم في هذه الليالي وفي هذه الأيام وفي هذه الشهور المباركة، كما أني ادعو لهم جميعاً بالتوفيق والهداية سواء كانوا من الحكام أو كانوا من المحكومين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المُقدَّم: شكراً جزيلاً لكم، أذكر الاخوة والأخوات بأن البرنامج سيتوقف إلى حلول شهر رمضان المبارك إن شاء الله تعالى، وسيكون معكم سماحة السيد ليلياً إن شاء الله تعالى يعني في كل ليلة، وسيعلن عن وقت إذاعة هذه الحلقات، وستكون الموضوعات بنفس المستوى وبنفس الطريقة التي اعتدتموها من قبل سماحة آية الله السيد كمال الحيدري.
في ختام هذه الحلقة أشكركم وأشكر باسمكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، شكراً جزيلاً لكم.
سماحة السيد كمال الحيدري: أنا نسيت أن أقدم شكري الجزيل لكم لطريقة إدراتكم لهذا البرنامج حيث كان له الأثر الكبير في نجاح هذا البرنامج. وأقدم الشكر موصولاً لكل أولئك الذين هم خلف هذا المكان الذين جلس فيه، وهم العشرات، يسهرون الساعات الطويلة لإخراج هذا البرنامج بهذه الحلة القشيبة.
المُقدَّم: أيضاً نشكر إدارة قناة الكوثر الفضائية. ونسأل الله أن يوفقهم لمزيد من مثل هذه البرامج القيمة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.