نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (150)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قبل أن أتمم البحث الذي بدأته بالأمس وهو أنه ذكرنا الجواب الثالث الذي ذكره السيد الخوئي+ هذا الجواب ترد عليه عدة ملاحظات, ولكنه قبل إتمام أو بيان ملاحظات أخرى على الجواب الثالث بودي أن أشير إلى مجموعة من المباني التي أتبناها في مسألة الخمس.

    هذه أشير إليها إجمالاً وبنحو الفتوى النظرية وإن شاء الله تعالى إذا كنا بخدمة الإخوة هذه الأبحاث ستأتي تفصيلاً.

    الأصل الأول: الذي نعتقده في باب الخمس أننا نعتقد أن الخمس بأجمعه حتى ما يرتبط بأرباح المكاسب إذا ثبت في زمن الغيبة بعد أن نتخلص من الإشكالات الواردة وهي أخبار التحليل ونحو ذلك, أن هذا الخمس كله سواءٌ كان ما يتعلق بما يصطلح عليه بسهم الإمام يعني الأصناف الثلاثة الأولى {لله ولرسوله ولذوي القربى} أو ما يصطلح عليه بسهم السادة يعني اليتامى والمساكين وأبناء السبيل هذه كلها ملكٌ للمنصب وليست ملكاً لا لشخص الإمام ولا للسادة أو فقراء بني هاشم, وإنما أعطي هذا المال وهذه الميزانية أعطيت لمن يشخص مقام الإمامة, هذا الأصل الأول.

    طبعاً هذا الأصل في زمن المعصوم واضح والنصوص متواترة في هذا أن الخمس لنا لا أن نصف الخمس لنا و إن شاء الله تعالى في وقت مناسب سنبين أنه لم يرد في كلماتهم أنهم قالوا نصف الخمس لنا جميعاً دائماً كانوا يقولون الخمس لنا يعني ما يصطلح عليه بسهم الإمام وسهم السادة.

    الأصل الثاني: أنه في زمن الغيبة من يملأ هذا المنصب -طبعاً هذا البحث ليس مرتبطاً ببحث الخمس- وإنما مرتبط بباب الحكم والإدارة في زمن الغيبة أو ما يصطلح عليه في عصرنا بالفقه السياسي وهو أنه من يملأ هذا المنصب أو هذا المقام الذي كان للأئمة عند الحضور من يملأه.

    طيب تعلمون بأنه هنا توجد نظريتان أساسيتان:

    النظرية الأولى تقول: بأن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) الأئمة لا ألله ولا رسوله, أن الأئمة جعلوا هذا المنصب وأعطوا حكم الولاية للفقيه في زمن الغيبة.

    الآن على الخلاف أنهم أعطوا الولاية المطلقة أو أعطوا الولاية الخاصة لا المطلقة, وأعطوها لمطلق الفقيه أو للفقيه في شروط معينة, هذه خلافات موجودة لابد أن تبحث في الفقه السياسي, لكن كل هذه النظريات ثلاث أربعة محورها أن الإمام أعطى الولاية للفقيه في زمن الغيبة بنحو القضية المهملة, إما مطلق الفقيه من صار مجتهداً فهو منصوب من قبلهم لملأ هذا الفراغ, إما مطلقا منصوب وإما لا, في حدود معينة وعندما أقول في حدود معينة يعني هل أن الأمة لها دور في تعيين الفقيه أو ليس لها دور, ثم أعطاه صلاحية واسعة أو أعطاه صلاحية مقيدة هذه الولاية المطلقة والولاية المقيدة, هذا الاتجاه الأول.

    الاتجاه الثاني: أساساً يقول أن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لم يعطوا الولاية لأي أحدٍ في زمن الغيبة, والأمة ماذا تفعل؟ يقولون من باب الحسبة فنؤمن بأنه الذي يتصدى لهذا الموقع لا من باب إعطاء الولاية من المعصوم بل من باب ماذا؟ أنه لا يمكن أن تبقى المجتمع الإسلامي أو المجتمع الشيعي بلا إمامٍ بلا والٍ بلا مسئول بلا مدير بلا مرجعٍ لا يمكن ذلك, من باب نظرية الحسبة.

    الآن سواءٌ بنينا على هذا أو بنينا على هذا على التفاصيل في محلها إن شاء الله, أو أساساً بنينا على شيء آخر اتجاه ثالث وراء هذين الاتجاهين -ولعله إن شاء الله تعالى في الوقت المناسب وفي الظرف المناسب سنبين أن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) في زمن الغيبة أساساً الولاية أعطوها للفقيه أو الولاية أعطوها لشيعتهم أن يعينوا الفقيه هذا بحث- أنه لم تعطى الولاية للفقيه وإنما أعطيت الولاية لشيعتهم والشيعة هم يعينون ضمن الضوابط لا خارج الضوابط, طيب ما هي وظيفة الفقيه في زمن الغيبة؟ أن يرشد الأمة أن يرشّد هذه الطائفة حتى يكون انتخابها انتخاباً صحيحاً ودقيقاً, هذا اتجاه غير الاتجاهين السابقين, وبحثه إن شاء الله في محله.

    الآن إذن نحن من الناس الذين نعتقد بان الخمس أعم مما يصطلح عليه سهم إمام أو سهم سادة مرتبط بمنصب الإمام هو الذي يتولى وما ذكر له من فقراء بني هاشم أو غير ذلك إنما هو لبيان المصرف لا لبيان ماذا؟ لا للملكية لا للتمليك, الآن لو تنزلنا التفتوا, لو تنزلنا وقبلنا أنه لا أساساً أن الشارع ملّك سهم الإمام وملّك سهم السادة, في هذا الفرض نقول كما أن التمليك إنما هو للجهة الحقوقية للإمام التمليك للسادة لا للأشخاص وإنما التمليك للجهة الذي هو عنوان السادة, يعني عنوان فقراء بني هاشم, التفتوا جيداً فرق كما يقال في المنطق بين الكلي وبين الأفراد.

    التمليك ليس لهذا السيد ولهذا السيد وإنما التمليك ماذا؟ لهذا العنوان, أي عنوان؟ عنوان السادة عنوان فقراء بني هاشم, جيد الآن يأتي هذا السؤال: وهو أن هذا العنوان عندما نريد أن نطبقه على مصداقه من أعطي الإذن في تطبيق هذا العنوان على مصاديقه؟ الأعلام إما التزموا أن التمليك للأفراد أو التزموا أن التمليك للعنوان ولكن أعطوا المكلف حق تطبيق هذا العنوان على مصاديقه فلهذا قالوا لا يشترط الإذن, ونحن لم يثبت أي إذن للمكلف بتطبيق هذا العنوان على مصاديقه, أصلاً لا يوجد عندنا هكذا دليل, سلّمنا معكم أن هذا التمليك لأي شيء؟ للعنوان ولكنه من أين ثبتت الولاية للمكلف حتى بحسب القرابة وبحسب الأذواق وبحسب الاستحسانات هذا قال لي وذاك قال لي, هذا التبعثر الذي الآن نجده في سهم السادة, من أين ثبتت له هذه الولاية, من أين ثبت له هذا الإذن؟ إذن لابد حتى لو سلّمنا أن سهم السادة ايضا ملك فهو ملك ليس للأفراد وإنما هو ملك للجهة وهذه الجهة أيضاً تطبيقها لابد أن يكون بيد من؟ بيد من يملأ ذلك المنصب ويشغل ذلك المنصب.

    هذه مجموعة منظومة ما نعتقده في مسائل الخمس وتحقيقها إن شاء الله مفردة مفردة اطمأنوا إذا الأعزة يتحملون هذا البحث واقعاً فيه مجال كثير ومتشابك البحث لا يتبادر إلى الذهن أن البحث فقط في باب الخمس يعني وجدتم الآن كيف ترابط بحث الخمس مع بحث الحكم والإدارة ومسؤولية الفقيه في زمن الغيبة, بل أكثر من ذلك إذا أردت أن أوسعه لك أساساً يذهب إلى أبواب أخرى لعله أيضاً نقف عندها وهو أساساً من هو الفقيه ما هو تعريف الفقيه حتى نقول بأن الفقيه ماذا؟ يملأ هذا الموقع هو من هو الفقيه؟ كل من أحكم باب الطهارة والصلاة والحج والزكاة هذا هو الفقيه المصطلح في القرآن وفي الروايات أو أنه للفقه والفقاهة والفقيه اصطلاحٌ آخر في النصوص القرآنية والروائية أي منهم؟ وهناك أيضاً سيتضح لكم بأن هذه من إسقاطات الواقع الخارجي للحوزة على المفهوم القرآني والروائي, يعني نحن يوجد عندنا في واقعنا مفهوم مصداق معين تصورنا عندما يطلق وأسميناه اسم فعندما يطلق في القرآن {ليتفقهوا} ذهننا مباشرة أين يذهب؟ إلى كتاب الصلاة إلى كتاب الصوم إلى كتاب الحج {ليتفقوا} -ما أدري يحتاج إلى بيان كثير- {ليتفقهوا في الدين} والدين يعني الفروع أيوجد قائل بهذا؟ {ليتفقهوا} والروايات أيضاً واردة في ذيل هذه الآية -وفي كتابي أنا مفصل هذا بحثته التفقه في الدين- أنظروا أساساً عنوان التفقه هذا اصطلاح لا فقط متأخر جد متأخر للمائة وخمسين سنة الأخيرة عنوان التفقه, التفقه عندما يطلق وفقيه عندما يطلق يراد منه أبواب الفروع يعني الفقه الأصغر, أصلاً متأخر جداً, وإلا حتى إلى زمن الشيخ الأنصاري الفقيه عندما كان يطلق كان متكلماً كان مفسراً ثم كان فقيهاً أساساً, أنظروا أنتم من زمان المرتضى والشيخ المفيد ومحقق وعلامة ومجلسي إلى آخره هؤلاء كلهم كانوا مراجع وليس معروفاً إن لم اقل في الفقه لم يكونوا على ذاك العنوان عنوانهم الأول لم يكن عنوان الفقه المصطلح, عنوانهم الأول كان لهم ماذا؟ الكلام والتفسير, هذا بحث إن شاء الله في محله لابد. هذه من قبيل حتى أقرب المطلب إلى ذهن الإخوة, من قبيل الشبهة, أنت الآن بمجرد أن تسمع شبهة ذهنك أين يذهب بحسب الاصطلاح؟ إما شبهة وجوبية أو تحريمية أو كذا أو كذا, مع أن الروايات عندما تقول شبهة مرادها هذه الشبهة المصطلحة في الأصول يعني أم لا؟ طيب بينها أمير المؤمنين× قال> سميت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق< بينها ولكن أنت كاصطلاح, على أي الأحوال أعزائي.

    بحث الخمس أعزائي منظومة فقهية, ولهذا أحاول بقدر ما يمكن وأنتم وجدتم, أحاول أن أفتح البحث بالشكل الذي لا نخرج عن الإطار العالم لبحث الخمس يعني لا واقعاً مجموعة أبواب فقهية أساسية متداخلة مع بحث الخمس.

    ولا تستغربوا في هذا, لأنه هذه من قضية أنت عندما تأتي إلى وزارة الاقتصاد والمالية إلى أي دولة تجد صحيح أنها وزارة في قبال وزارة الدفاع أو في قبال وزارة التربية أو في قبال وزارة التعليم وكذا ولكن تجدها هذه الوزارة متداخلة مع كل الوزارات, الخمس أيضاً تؤمن البعد المالي في زمن الغيبة, ولذا لها ارتباط مباشر بكثير من الأبواب الفقهية. عودٌ على بدء, نرجع إلى بحثنا.

    إذا تتذكرون قلنا في الجواب الثالث السيد الخوئي حاول أن يستدل لإثبات أن الخمس في أرباح المكاسب لابد أن يكون ثابتاً بأصل التشريع, وإلا لو لم يكن كذلك لبقي فقراء بني هاشم بلا نصيب وبلا أن يغطي أحد حاجاتهم, وهذا يؤدي إلى نقص في التشريع إذن لابد أن يكون.

    أجبنا عن ذلك أعزائي:

    الجواب الأول: بيناه.

    والجواب الثاني: أيضاً بيناه لا نعيد.

    الجواب الثالث: الملاحظة الثالثة التي ترد على هذا الجواب هو أنه سيدنا سلّمنا معكم كل تلك المقدمات يعني أنه لابد أن يثبت عندنا الخمس في أرباح المكاسب بأصل التشريع سلمنا ولكن يبقى أنه بعد ثبوت هذا إذن الأسئلة لماذا, لماذا لم يبينها رسول الله, لماذا لم يجبي الخمس, لماذا لم يلتزم بها الحكام بعد ذلك, لماذا لم يفعلها أمير المؤمنين, لماذا الشيعة إلى مائة وخمسين سنة لم يعرفوا شيئاً عن خمس أرباح المكاسب, طيب هذا ليس جواباً عن الأسئلة.

    بعبارة أخرى: بعد أن ثبت هذا لابد أن نجيب على الأسئلة, الذي أريد أن أقوله هو هذا, وهو أن هذا ليس جواباً في عرض الأجوبة السابقة, وإنما هذا دليلٌ على إثبات أصل التشريع من قبيل أنك تستدل بالآية لإثبات الخمس في أرباح المكاسب, طيب الأسئلة الأخرى ماذا؟ والإنصاف أن السيد الخوئي كان ملتفت إلى هذا, يعني هو قال أن هذا البيان ليس مرتبط بالجواب عن الأسئلة وإنما مرتبط بإثبات أصل الخمس, طيب ما هو الجواب عن الأسئلة إذن؟ لابد أن نرجع إلى الأجوبة السابقة إلى الجواب الأول إلى الجواب الثاني أو الجواب الرابع أو الجواب الخامس الذي سيأتي بعد ذلك.

    ولذا السيد الخوئي& في مستند العروة بعد أن يقول >إلا أن هذا كله لا يكشف عن عدم الوجوب وعدم الوصول لا يلازم عدم التشريع بعد أن نطق به الكتاب العزيز والسنة المتواترة, ومما يؤكد ذلك< يعني يؤكد ماذا؟ يؤكد أصل التشريع لا جواب عن الأسئلة -وإن كان البعض تصور أنه جواب عن الاسئلة- إذن الجواب لو سلّمنا.

    يعني بعبارة أخرى: هذه الملاحظات الثلاث التي أشرت إليها لمناقشة الدليل الذي أقامه السيد الخوئي لإثبات أن الخمس مشرّع في أصل التشريع؟ الجواب: أن هذا الاستدلال تام أو غير تام؟ هذا الاستدلال غير تام.

    الجواب الرابع: -الذي هو مرتبط بالبحث- أنتم قلتم لنا -يقول السيد الخوئي- أنتم قلتم لنا بأنه لو كان هذا الخمس وهو خمس أرباح المكاسب ثابتاً في عهد النبي وفي أصل التشريع كالزكاة كالصوم ونحو ذلك لاعتنى به رسول الله وبعث إليه من يجبي ومن يأخذ الخمس وكذلك فعل ذلك الحكام الذين جاؤوا بعده, وكذلك فعل أمير المؤمنين و… إلى غير ذلك. والتالي باطل لأنه لم نجد ذلك لا من رسول الله ولا من أمير المؤمنين ولا من الحكّام, إذن فالمقدم مثله.

    السيد الخوئي في الجواب الرابع يقول: >استدلالكم قائم على أن عدم الوجدان – يعني عدم اعتناء رسول الله- كافٍ لإثبات عدم الوجود< ونحن نقول لا, أن عدم الوجدان لا يكشف في المقام عن عدم الوجود, لماذا؟ يقول كم له من نظير أن حقائق إسلامية ضاعت ولم تصل إلينا فلعل الخمس ايضا من هذا الباب وهو أن رسول الله كان يرسل كما يرسل في الزكاة وأن الحكام فعلوا وأن أمير المؤمنين أيضاً كذا ولكنه بنو أمية وغيرهم وغيرهم.. فعلوا في تأريخنا وفي حقائقنا وفي مبانينا ما يعلمه الجميع.

    ولذا عبارته -الآن قرأناها لكم- يقول: >إلا أن هذا كله< يعني عدم الاعتناء عدم الإرسال لا يكشف عن عدم الوجود< لماذا؟ >يقول: وعدم الوصول لا يلازم عدم التشريع< لماذا سيدنا لماذا لا يكشف؟ يقول: >والإنصاف أنه لم يتضح لدينا بعدُ ماذا كانت الحالة عليه في عصره’< هذه الحقبة التأريخية وقع بها تلاعب كثير فلعل رسول الله كان يبعث ولكنه لم يصل إلينا, لعل أمير المؤمنين كان يفعل ولكن لم يصل إليها.

    يقول: >لم يتضح لدينا بعدُ ماذا كانت الحالة عليه في عصره’ بالإضافة إلى أخذ هذا النوع من الخمس< أي خمس؟ خمس أرباح المكاسب بحثنا الآن محل النزاع وليس مطلق الخمس وإنما خمس أرباح المكاسب >كيف والعهد بعيد والفصل طويل وقد تخلل بيننا< يعني بيننا وبين عصر الرسول >تخلل بيننا عصر الأمويين اللذين بدلوا الحكومة الإسلامية حكومة جاهلية ومحقوا أحكام الدين حتى أن كثيراً من الناس لم يعرفوا وجوب الزكاة الثابت بنص القرآن, كما يحكيه لنا التأريخ والحديث بل في صحيح أبي داود< التعبير خطأ ليس صحيح أبي داود, سنن أبي داود, صحيح لا يوجد عندهم إلا البخاري ومسلم >بل في سنن أبي داود وسنن النسائي< هؤلاء عندهم أعزائي الصحيح أولاً السنن ثانياً المسانيد ثالثاً وبعد ذلك زوائد المسانيد >بل في صحيح أبي داود وسنن النسائي أن أكثر أهل الشام لم يكونوا يعرفون أعداد الفرائض, وعن ابن سعد في الطبقات أن كثيراً من الناس لم يعرفوا مناسك حجهم< أصلاً هو معاوية لم يكن يعرف ولهذا عندما أراد أن يطوف قال لابن عباس امشي معي أخاف ما أعرف أطوف >وروى ابن حزم عن ابن عباس أنه خطب في البصرة وذكر زكاة الفطرة وصدقة الصيام فلم يعرفوها حتى أمر من معه أن يعلم الناس, فإذا كان الحال هذه بالإضافة إلى مثل هذه الأحكام التي هي من ضروريات الإسلام ومتعلقة بجميع الأنام فما ظنك بمثل الخمس الذي هو حق خاص< الذي هذا ناقشناه مفصلاً قلنا أن هذا الذوق في فهم الخمس أساساً لا نستطيع أن نتقبله بأي شكل من الأشكال. >الذي هو حق خاص له ولقرابته ولم يكن من الحقوق العامة كما في الزكاة بل لخصوص بني هاشم زادهم الله عزاً وشرفا فلا غرابة إذن في جهلنا بما كان عليه أمر الخمس في عصره أخذاً وصرفاً, إذن عدم الوجدان -التاريخ الآن لا يثبت- لا يدل على عدم الوجود<.

    وهذا هو الذي اضطر أو ما أدري اختاره بشكل أو بآخر الشيخ اللنكراني في كتاب الخمس مع بعض النكات الإضافة >والحق أن يقال أن بعد الحق وكثرة الفصل بين مثل هذه الأزمنة وبين زمن النبي أوجب الجهل بما في زمانه مع وجود أمور أخر مانعة عن ظهور الأحكام ورواجها مثل تغير مسير الخلافة وانحرافها عن موردها الأصلي ومثل حكومة من لا يرى, ومما يؤكد هذا الأمر ومما يؤيد …< إلى آخره.

    هذا هو الوجه الذي على أساسه أيضاً أجاب به الشيخ اللنكراني عن الأسئلة المتقدمة, جيد, هذا الكلام أعزائي تام هذا الوجه أو لا؟

    الآن أنا لا أريد أن أوسع أنقض على هذا البيان وإلا لو تم مثل هذا البيان أساساً لما استقر عندنا حجر على حجر, إذن أغلقوا أنتم باب صدر الإسلام, إذا كان الأمر كذلك بمجرد أنه عدم الوصول إلينا لا يكشف عن عدم الوجود طيب أغلقوا ذاك الباب, ولكن نحن لا نقول كثير من الحقائق نحن تعرفنا عليها في صدر الإسلام مع أن الحكام ماذا فعلوا؟ حاولوا أن يبدلوها حاولوا أن يخفوها ولكن الحقيقة مع ذلك وصلت إلينا وإلا لو لم يكن الأمر كذلك إذن هذه الحقائق التي نحن نختلف فيها مع كثير من الاتجاهات الإسلامية الأخرى على أي أساسٍ وصلت إلينا؟ الآن تقل لي على طرق أهل البيت, أقول هو هذا هو هذا سيأتي. التفتوا جيداً.

    الملاحظة الأولى نحن نعتقد أن القضايا التي يمكن إخفائها أو التلاعب بها أو تغيير مسارها ليست من قبيل مثل هذه القضايا, لأنه هذه القضية قضية واسعة النطاق محل الابتلاء يعلم بها كثير من الناس, ولذا الجملة الملاحظة الأولى نقول: لو كان لبان لظهر لوصول إلينا والتالي باطل إذن لم يكن.

    بعبارة أخرى: هو يدعي دعوى ونحن ايضا ندعي في قباله دعوى نقول لا ليس الأمر كذلك, ولكن هذا لا يكفي في عملية الاستدلال وبيان الإشكالات هذا لا يكفي.

    الملاحظة الثانية: هو أنه لابد أن ننظر أن أولئك الذين كانوا يخفون الحقائق أو يبدلون الحقائق الدينية أي حقائق وأي أصول وأي مبانٍ كانوا يبدلونها, مطلق الحقائق كانوا يبدلونها أو تلك التي ليست في مصلحتهم أي منها؟ تلك الحقائق التي ترتبط بمصلحة الحكم بعد رسول الله أيضاً كانوا يبدلونها؟ أبداً بل كانوا يؤكدونها ويضيفون عليها وهذه أمامكم الآن في كتبهم ماذا توجد من أمور واقعاً ما أنزل الله بها من سلطان.

    ومسألة أخذ الخمس هذه في ضرر الحكم القائم أو في مصلحة وتقوية الحكم القائم؟ كان يضيف بعداً مالياً جديداً إلى من؟ إلى الحكام, ولذا أنتم تجدون بأن الخليفة الأول حارب المرتدين بعنوان أنهم ماذا؟ منعوا الزكاة, لماذا؟ لأنه كان يعرف أنه إذا قطع هذه الرئة أو هذا الشريان الأساسي للبعد المالي طيب يؤثر على قوام كل الدولة التي يريدون بنائها. إذن القاعدة التي تشيرون إليها وهو أنهم بدلوا غيروا كذا, بدلوا غيروا أخفوا تلك التي تكون في ضررهم لا تلك التي تكون في مصلحتهم, نعم كان بإمكانهم أن يثبتوا الخمس ولكن يقولون أن المراد من ذو القربي ليس خصوص علي وفاطمة, وهذا الذي فعلوه يعني عندما جاؤوا إلى ذو القربي وإلى أهل البيت وإلى عنوان العترة ونحو ذلك, هذه ما استطاعوا أن يغيروها وما كانوا بنائهم أن يغيروها لأنه كانوا يريدون أن يوسعوا الدائرة فلهذا جعلوها لكل أقرباء رسول الله. لا يقول لنا قائل بعد ذلك سيأتي- لا يقول لنا قائل لو ثبت هذا الخمس لقوي علي وفاطمة, لا أبداً أبداً لأنه كان بإمكانهم توسعة دائرة القرابة كما فعلوا في فدك أمامكم أوضح مثال على ذلك, الفدك كان ثابتاً لعلي وفاطمة ماذا فعلوا؟ غيروا مسارها قالوا لا كانت وقف, هذه مصارف المسلمين إلى آخره.

    إذن الملاحظة الثانية أعزائي هذه القضية إنما تخفى أو يغير مسارها بشرط إذا كانت بضرر السلطة وفي المقام هي بضرر السلطة أم هي بمصلحة السلطة؟ بمصلحة السلطة.

    الملاحظة الثالثة وهي من أهم الملاحظة لعلها من الملاحظة الأولى والثانية, أعزائي أن كثيراً من الحقائق التي زورها الحكم بعد رسول الله أو زورها الأمويين ابتداء من الثالث وبعد ذلك والحكم الأموي, واقعاً لولا أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لما وصل إلينا منها شيء أبداً وإنما بقيت هذه الحقائق ببركة من؟ ولكن ماذا فعلوا أهل البيت, أهل البيت ليسوا هم شرعوها أو بينوها قالوا لنا أنها كانت في عهد رسول الله كذا وكذا ولكن فلان فعل كذا وكذا, ومن أوضح مصاديقها في المقام كان ينبغي على أهل البيت أو أن أهل البيت عندما يبينون الخمس كانوا يقولون لنا أعلموا أيها الناس أيها الشيعة أيها المسلمون أن هذا كان في عهد من؟ كان في عهد رسول الله وأن رسول الله أخذ هذه الصدقة وبعث إليها ولكن الذين جاؤوا بعده ماذا فعلوا؟ فعلوا كذا وفعلوا كذا… وهذا ما نجده بشكل واضح وصريح في مسألة الزكاة, يعني أنت عندما تأتي إلى روايات الزكاة تجد أن أهل البيت أكدوا على مسألة الزكاة بهذه الطريقة.

    الرواية >عن عبد الله بن سنان قال أبو عبد الله الصادق× لما أنزلت آية الزكاة {خذ من أموالهم صدقة} وأنزلت في شهر رمضان فأمر رسول الله مناديه فنادى في الناس أن الله فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة ففرض الله عزوجل عليهم من الذهب والفضة وفرض الصدقة من الإبل والبقر والغنم ومن الحنطة والشعير فنادي فيهم بذلك في شهر رمضان قال: ثم لم يفرض لشيء من أموالهم حتى حال عليهم الحول من قابل فصاموا وأفطروا فأمر مناديه فنادى في المسلمين أيها المسلمون -هذا رسول الله- زكوا أموالكم تقبل صلاتكم قال ثم وجه عمّال الصدقة وعمّال الطسوق< طيب أيضاً كانت تأتي عندنا أن رسول الله عندما نزلت {وأعلموا أنما غنمتم} يا أيها المسلمون أن رسول الله هكذا فعل وهكذا فعل.. خصوصاً وهم وجدوا أن الطغاة من بعده وأن الحكام من بعده وأن العهد الأموي حرف كل هذه الحقائق وزور كل هذه الحقائق. لماذا لا نجد في كلماتهم إن شاء الله عندما نستعرض الروايات الواردة في أرباح المكاسب ولا في مورد واحد أنهم يقولون أن رسول الله فعل ذلك. فلو كان التشريع ثابتاً في صدر الإسلام كان ينبغي ماذا؟ كان ينبغي ولو في مورد موردين يثبت عندنا أيها الناس أن رسول الله فعل ذلك أن هذه الآية دلت على ذلك. ولكنه نحن لم نجد واستعرضنا الروايات فيما سبق الواردة في ذيل هذه الآية المباركة.

    هذه الملاحظة الثالثة.

    الملاحظة الرابعة: أعزائي حتى أختم هذا البحث يعني الجواب الرابع- وهو أنه: أن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وهذه قاعدة التفتوا إليها أعزائي وراجعوا الروايات فيها لأنه أنا سوف لا أدخل في بيان المصاديق- أن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) عندما كانوا يبينون تلك التشريعات والحقائق التي تنسجم مع مذاق المسلمين ما كانوا كثير يصرون على أن يسندوا ما يبينوه إلى من؟ إلى رسول الله’ ولكن عندما كانوا يبينون حقائق تنسجم مع المذاق العام للمسلمين بعد الانحرافات أو لا تنسجم؟ لا تنجسم, حتى يبينوا أن هذا الأمر ليس من عندهم مباشرة كانوا يسندوه إلى رسول الله إلى ما جاءهم من علي إلى ما جاءهم من الرسول الأعظم’. لماذا؟ ليقولوا أن هذه حقيقة اسلامية وليست هذه من عندنا, وأنا أعتقد أن تلك الروايات التي وردت بشكل واضح وصريح >حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث أبي إلى رسول الله إلى الله< للإشارة إلى هذه الحقيقة, نحن عندما نقول نقول عن من؟ عن رسول الله فلا تستغربوا علينا, طيب بينكم وبين الله مسألة الخمس في أرباح المكاسب كانت على المذاق العام للمسلمين أو على الخلاف من مذاق المسلمين؟ على الخلاف من مذاق المسلمين إذن عندما يبينوها بمقتضى هذه القاعدة لابد كيف يبينون؟ يسندوها إلى أنفسهم أو يسندوها لمن؟ إلى رسول الله إما بياناً إما قولاً إما سيرةً إما عملاً يقولون هكذا قال رسول الله هكذا فعل رسول الله هذه هي سيرة رسول الله ولا أقل هكذا فعل أمير المؤمنين وهكذا فعل عليٌ باعتبار لا أقل هو أحد الخلفاء الأربعة, صحابي في قمة أصحاب رسول الله’ طيب يستندون إلى جدهم علي أمير المؤمنين ولكنه هذا ما لا نعهده ايضا في أي رواية من الروايات الواردة عن من؟ عن أئمة أهل البيت يعني من الصادق والكاظم والرضا والجواد ونحو ذلك أبداً لا توجد أي إشارة إلى هذا.

    إذن بهذه الملاحظات الأربع يتضح عدم تمامية أن عدم الوجدان لا يكشف عن عدم التشريع, لا, هنا عدم الوجدان يعني عدم الاعتناء عدم أخذ الخمس عدم إرسال أحد ليأخذ الخمس ونحو ذلك, يكشف عن أنه في صدر الإسلام لم يكن ذلك يعني عدم الوجدان عدم الوصول يكشف عن عدم الوجود.

    هذا هو الجواب الرابع الذي ذكره السيد الخوئي.

    الجواب الخامس -أساساً هنا لا فقط السيد الخوئي جملة من الأعلام الذين- طبعاً يكون في علمكم هذه الإشكالية من الإشكاليات المتأخرة يعني هذه الإشكالية أنتم لا تجدونها في الخمس للفقيه الهمداني مثلاً, أو لا تجدونها حتى في المستمسك أو ما تجدوها في الكتب التي كتبت في الخمس أبداً, هذه الإشكالية صار لها لعله عشرين ثلاثين عام بدأت على الكتب وإلا جملة من الذين كتبوا في الخمس أساساً لم يشيروا إلى هذه إشارة لا توجد إلى هذه الإشكالية. من أشار إلى هذه الإشكالية حاول أن يجيب وهو الجواب آخر سهم في كنانة الذين يدافعون عن هذه قالوا ومن قال لكم أن التأريخ أن رسول الله لم يعتني بأخذ الخمس فبدؤوا باستقراء وجمع الشواهد والقرائن والرسائل والأشخاص الذين بعثهم رسول الله لأخذ الخمس, طيب إذا ثبت هذا المعنى إذن كل إشكالاتنا لا معنى لها, يعني كل التساؤلات لها معنى أو ليس لها معنى؟ لا معنى لها, وهذا ما يحتاج أن نقف أنه توجد مثل هذه الرسائل توجد مثل هذه السيرة أو لا توجد؟

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/09
    • مرات التنزيل : 925

  • جديد المرئيات