بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
قرأنا في بعض العبارات السابقة أن هناك إجماعاً على وجوب الخمس في أباح المكاسب, وهذا الإجماع كما هو منقول كذلك هو إجماعٌ محصّل, وتتبع الكلمات يثبت هذه الحقيقة بما لا مجال للريب فيه.
من هنا أشكل على هذا الإجماع بإشكال معروف ومتداول أن مثل هذا الإجماع إما معلوم الاستناد أو لا أقل محتمل الاستناد, وذلك أولاً: لما قيل من إطلاق الآية لعل الذين أجمعوا استفادة هذا المعنى من إطلاق الآية ومن شمول الآية, ومن شمول الغنيمة في أرباح المكاسب.
هذا مضافاً إلى الروايات التي أدعي أنها مستفيضة بل في مجموعها ادعي أنها متواترة والمراد من مجموعها يعني الروايات التي أثبتت الخمس في أرباح المكاسب والروايات التي أحلّت الخمس في زمن الغيبة أو روايات التحليل مجموعها بلازمها عندما يحل الخمس حلالٌ هذا معناه أن الخمس ثابت, إذن بمجموعها أدعي التواتر.
هنا قد يقال بأن مثل هذا الإجماع إما معلوم الاستناد أن مستندهم هو هذه الآية والروايات الواردة, مضافاً إلى السيرة المتشرعية والارتكاز المتشرعي الذي لا نشك في أنه متصل بعصر المعصوم, هذا الارتكاز القائم.
والجواب: -بحثنا في هذا اليوم تقريباً يأخذ نكهة أصولية- باعتبار أني أريد الوقوف على مثل هذا الإجماع, هل هذا المتداول في الأذهان والمرتكز في الأذهان أنه كلما وجد الإجماع وكان هناك نصٌ أو روايات أو مستند واحتمل الاستناد هل أن هذا يسقط الإجماع عن الاعتبار, هل هذه القاعدة عامة شاملة أو أنها فيها استثناء وتفصيل؟ التفتوا أعزائي لأنه القضية -كما قلت- فيها نكهة أصولية وسبب الطرح هو أنني لا أوافق على هذا الإطلاق الذي يقال أنه الإجماع إذا كان معلوم الاستناد أو معلوم أو محتمل الاستناد يسقط عن الاعتبار.
وبيانه: أن الإجماع عموماً لا أقل عند المحققين أن الإجماع بما هو إجماع ليس دليلاً مستقلاً في قبال الكتاب والسنة, صحيح نقول أن أدلتنا الأربعة الكتاب والسنة والإجماع والعقل, ولكن التحقيق أن الإجماع ليس دليلاً مستقلاً في عرض الكتاب والسنة -طبعاً السنة بالمعنى الأعم يعني قول المعصوم- وإنما الإجماع طريقٌ للوصول إلى السنة, من قبيل الخبر من قبيل التواتر الآن خبر الآحاد أو خبر التواتر, كاشف عنه, ومن هنا القاعدة العامة هذه, وهو أنه كلما كان كاشفاً عن رأي المعصوم أحرزنا ذلك, فمثل هذا الإجماع حجة, وكل ما لم يكن كذلك فليس بحجة, وعند ذلك لا ندور مدار أنه محتمل الاستناد معلوم الاستناد أو لا, حتى لو كان معلوم الاستناد فلو كان كاشفاً يكون أيضاً حجة, التفتوا هذا التفصيل الذي أريد أن أبينه للأعزة.
هذا هو إجمال القضية, وتفصيله, فيما يرتبط بالتفصيل, تارةً نحرز أن هذا الإجماع كان موجوداً في عصر الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لا أنه إجماعٌ في عصر الغيبة, طبعاً عندما نقول عصر الغيبة -بالأمس بينا- مرادنا يعني عصر الغيبة الصغرى وما أحاط بها إلى زمان الشيخ الصدوق والمفيد والطوسي وهذه الطبقة التي هي مجموعة كبيرة من علمائنا. تارةً نحرز أن هذا الإجماع المحصّل عندنا كان موجوداً في زمن الأئمة لا أنه إجماع في زمن الغيبة, مثل هذا الإجماع حتى لو كان بجنبه روايات وأدلة كذا, فمثل هذا الإجماع حجة, لماذا؟ باعتبار أنه كان بمرئً من الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وعندما نقول إجماع أعزائي يعني علماء المدرسة علماء الطائفة كانوا أجمعوا على ذلك, فلو لم يقبلوا بذلك لنبهوا عليه, وأوقعوا الخلاف فيه وقالوا أنتم مشتبهون في هذا الإجماع.
إذن القسم من الإجماع المحصّل إذا أحرز أنه كان قائماً في عصر الظهور خصوصاً في العصور المتأخرة يعني خمسين سنة سبعين سنة أقل أكثر الذي الشيعة صار لهم مقدار من كيان يستطيعون أن يعبروا فيه عن آرائهم, مثل هذا الإجماع حجة حتى لو كان بجنبه دليل آخر, حتى لو كان بجنبه أدلة أخرى هو أيضاً كشف عن أن هذه القضية مقبولة ممن؟ من قبل الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
النحو الثاني من الإجماع: أن هذا الإجماع إنما هو في عصر الغيبة يعني مرتبط بما بعد غيبة الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) هذه الحدود المائة وخمسين المئتين سنة, هنا أعزائي توجد صورتان:
الصورة الأولى: أنّ هذا الإجماع بجنبه توجد أدلة وإن لم تكن صحيحة السند افترضوا أن تلك الأدلة الموجودة بأيدينا ليست صحيحة السند ولكن يوجد احتمال أن الإجماع منشأه ماذا؟ منشأه هذه الأدلة, هنا يأتي هذا القول المعروف >أن الإجماع صار مدركياً فهو ليس بحجة< لماذا؟ باعتبار أننا إما أن نعلم وإما أن نحتمل أنهم استدوا إلى هذه الأدلة فنذهب إلى تلك الأدلة فإن تمت فبها وإن لم تتم عند ذلك يوجد قيمة للإجماع أو لا يوجد؟ لا يوجد قيمة للإجماع.
إذن التفتوا ما هو مورد أن الإجماع إذا كان معلوم الاستناد أو محتمل الاستناد فليس بحجة, هو هذا المورد لا مطلق لا مطلق الإجماع حتى لو كان في عصرهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام) -يعني في عصر ظهورهم وإلا لا يوجد عصرٌ ليس هو عصر لهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام)-. هذا هو الصورة الأولى.
الصورة الثانية: وهي أنه يوجد إجماع في زمن الغيبة وما يحيط بها وما يقرب منها الصغرى وقريب منها, وعندما نرجع إلى الأدلة لا نجد أي دليل يمكن أن يكون مستند إلى هذا الإجماع, بل التفتوا جيداً, بل نجد أن مقتضى القواعد ومقتضى الأصول ومقتضى الروايات الموجودة أن يكون على خلاف هذا الإجماع ومع ذلك أن الفقهاء في ذلك العصر ماذا فعلوا؟ أجمعوا.
وهنا يدور الأمر بين أن ندعي أن هؤلاء أجمعوا جزافاً, لا على أساس علمي رصين ولا على أساس تقوىً ودين صحيح, مصالح كانت عندهم شخصية جلسوا فيما بينهم وأجمعوا, طيب هذا كما هو واضح ما نعرفه عن علمائنا لا فقط في مدرستنا في أي مدرسة أخرى, ما نعرفه أولاً: أن هؤلاء لم يكونوا يقولوا شيئاً إلا مع دليل, وثانياً: انهم كانوا بدرجة من التقوى والدين أنهم كانوا يقولون كلمتهم حتى على حساب أنفسهم ومصالحهم الشخصية -التي الآن هنا جملة عرضية جملة معترضة الذي مع الأسف الشديد في زماننا لا, الذي يتكلم بمجرد كلام يخالف هذا أو ذاك يعترض عليه, لا طيب مقتضى تكليفه كما أنه أنت عندك تكليف تتكلم, الآخر أيضاً عنده تكليف يتكلم, لما تكليفك دين وتكليف الآخرين أجندة خارجية ما هو الفرق, أنت عندك موقف الآخر عنده موقف, أنت عندك رأي الآخر ايضا رأي, كما أنت عندك حرقة على الدين الآخر أيضاً عنده حرقة على الدين لماذا أنت تمثل الدين والآخرين خارج من الدين من أين جاء هذا الأصل, هذا الذي قلنا بالأمس أنه في المستمسك بمجرد أن يخالف فإذن خارج المسلّمات- على أي الأحوال.
هذه الصورة الثانية هو المصطلح عليه بالإجماع التعبدي, الإجماع التعبدي لنا يكون تعبدياً أما الذين أجمعوا لا أنهم أجمعوا على أمرٍ تعبدي لا لا, هم أجمعوا على أصل على دليل على رواية صحيحة وإلا كيف أجمعوا, نحن نجد بأنه هم, هم الذين نقلوا إلينا هذه الروايات كيف يخالفونها, ويجمعون على خلافها؟
من هنا صار البحث بأن مثل هذا الإجماع التعبدي هل هو حجة أو ليس بحجة؟ إذن إلى الآن ذكرنا لا أقل ثلاث صور:
الصورة الأولى: إجماع في عصر المعصوم, ذاك حجة.
الصورة الثانية: إجماع في عصر الغيبة ولكن محتمل الاستناد هذا ليس حجة مستقلة لابد أن يرجع إلى دليل.
الصورة الثالثة: إجماعٌ وله مستند بأيدينا أو ليس له مستند؟ في مقام الإثبات ليس له مستند وإلا من المحال وقوعاً أن لا يكون له مستند عند أولئك.
هنا المحقق الأصفهاني&, يقول: مستندهم هؤلاء إما الكتاب وإما السنة وإما العقل, لأنه حديثنا في الرابع نحن ولا نستطيع أن نقول وإما مستندهم الإجماع أما الكتاب فبأيدينا إلا أن تقولوا فهموا من بعض الآيات فستندوا فأجمعوا, الجواب: من قال أن ذلك الفهم لو وصل إلينا لكان حجةً علينا, إذن الكتاب أخرجوه من المعادلة.
وأما السنة السؤال الأول المطروح أن هؤلاء عندما أجمعوا مع علمنا باختلاف مبانيهم الرجالية والظهورات الموجودة في الروايات إذن عندما أجمعوا معناه أن الرواية كانت في أعلى درجات الصحة يعني يوجد مجال للاختلاف فيها أو لا يوجد؟ لا يوجد, والدلالة ليست فقط كانت ظاهرة بل كانت نصاً وصريحاً في المطلوب, وهذا كله يجعلنا أن نشك لو كانت مثل هذه الرواية موجودة, إذن لم ينقلوها لنا في مجاميعهم الرجالية وهم نقلوا لنا مجموعة من الروايات حتى التي لم يعملوا بها ضعيفة سنداً ضعيفة دلالة, إذن كلما قوي الإجماع كلما ضعف المدرك وإلا على أي أساس استند.
الأمر الثالث: العقل, نحن لا نحتمل أنهم التفتوا إلى أصل عقلي نحن عقولنا ما وصلت إليه, ومن هنا فمثل هذا الإجماع التعبدي فيه ما فيه.
في نهاية الدراية في شرح الكفاية التي هي مؤسسة آل البيت لإحياء التراث المجلد الثالث ص185, يقول: >لا يخفى عليك أن مدارك الحكم الشرعي منحصرة في غير الضروريات في أربعة: كتاب وسنة وإجماع ودليل عقلي…< إلى آخره, >ومن الواضح أن المدرك لهم ليس هو الكتاب, وعلى فرض استظهارهم من آية خفيت علينا جهة الدلالة لم يكن فهمهم حجة علينا, وكذا ليس مدركهم الدليل العقلي إذ لا يتصور قضية عقلية يتوصل بها إلى حكم شرعي كانت مستورة عنّا فينحصر المدرك أين؟ في السنة, وفيه المحذور من حيث السند والدلالة, أما السند فكذا, وأما الدلالة فكذا…< إلى آخر المطاف في ص186 >مع أنهم لو عثروا على هذه الأخبار الصحاح الظاهرة الدلالة في موارد إجماعهم فلمَ لم يتعرضوا لها لا في مجاميع الأخبار ولا في الكتب الاستدلالية< ما أدري واضح الآن.
إذن واقعاً صحيح أنه المتقدمون (مولانا أطفئوهن هذه رجاءً (كلام أحد الحضور) خارجاً مع الاعتذار وين لا يوجد أحد (كلام أحد الحضور) نعم) على أي الأحوال.
سؤال: نعم, نحن أيضاً نعتقد بدينهم وبتقواهم ولكن لماذا أجمعوا نقول لا ندري, ولكن حجة علينا هذا الإجماع أو ليس بحجة؟ ليس بحجة, إذن بهذا لا فقط يسقط حجية الإجماع المحتمل الاستناد -الإجماع المحصّل لا المنقول, المنقول واضح أنه ليس بحجة ذاك انتهينا منه- هذا سيف الإجماع على رقابنا هذا بحمد الله انتهينا منه, وإلا كان قائم إلى زمن الشيخ الأنصاري, وهو إلى الآن قائم ولكن أخف, إجماع طيب أجمعوا ثم ماذا؟ قائم وهذا هو دليل تقدم العلوم, وإلا لو كان الإجماع حجة أصلاً لماتت العلوم, على أي الأحوال.
إذن الإجماع المنقول واضح, المحصّل المحتمل واضح, المحصّل التعبدي فيه هذا الإشكال.
ولذا تجدون أن السيد الخوئي& في مصباح الأصول عندما يصل إلى هذه القضية في الجزء الثاني ص140 هذه عبارته تأملوا فيها كثيراً, يقول: >وقد يقال في وجه حجية الإجماع أنه كاشف عن وجود دليل معتبر, بحيث لو وصل إلينا لكان معتبراً عندنا أيضاً, وفيه أن الإجماع وإن كان كاشفاً عن وجود أصل الدليل كشفاً قطعيا, لماذا؟ إذ الإفتاء بغير الدليل غير محتمل في حقهم فإنه من الإفتاء بغير العلم المحرم وعدالتهم مانعة إلا أنه لا يستكشف منه اعتبار الدليل عندهم< نعم لا إشكال أنه كان عندهم دليل وأجمعوا أما بالضرورة أن ذاك الدليل حجة علينا هذا من أين؟ >إذ من المحتمل أن يكون اعتمادهم على قاعدة أو أصل لا نرى تمامية القاعدة المذكورة أو الأصل المذكور< حتى أقرب المطلب إلى ذهن الأعزة, انظروا إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان, الذي بنا عليها العلماء لمئات السنين وكانت من أهم مرتكزات الأبحاث العقلية ولكن السيد الشهيد آمن بها أو رفضها؟ رفضها, وهكذا كم له نظير في مسألة البئر, في مسألة نجاسة الكتابي في مسألة نجاسة الناصبي عشرات كان عليها إجماعات مؤكدة ولكنه زالت.
يقول: >أو عدم انطباقها على الحكم المجمع عليه فتحصل مما ذكرنا في المقام أنه لا مستند لحجية الإجماع أصلاً< المنقول واضح, المحصّل المحتمل الاستناد واضح, يبقى الإجماع المحصل التعبدي وهذا هو بيانه.
وأن الإجماع لا يكون حجة, ولكن أين المشكلة؟ هذه المشكلة التي عبر عنها سيدنا الشهيد+ سيد محمد باقر الصدر, قال بأنها مشكلة نفسية وليست مشكلة علمية, >إلا أن مخالفة الإجماع المحقق من أكابر الأصحاب وأعاظم الفقهاء مما لا نجترئ عليه< لماذا ما هي المشكلة؟ هذه ماذا صارت؟ حالة نفسية, هذه التي يعبر عنها العلماء بأنه لو التزمنا للزم مخالفة الأصحاب, أو للزم تأسيس فقه جديد, طيب ما المحذور في أن نؤسس فقهاً جديداً – العام الماضي قلنا- ما المحذور إذا كان قائم على أساس دليل يوجد محذور يعني؟ >فلا مناص في موارد تحقق الإجماع من الالتزام بالاحتياط اللازم كما التزمنا به في بحث الفقه< إذن في موارد الإجماع الفقيه ماذا.
الآن أخرج سطر واحد لا أكثر إذن كثير من هذه الاحتياطات اللزومية في الرسالة العملية منشأها البحث العلمي أو هذه الحالة النفسية؟ فإذا استطاع الفقيه أن يتجاوز هذه الحالة النفسية فيفتي الناس, ما استطاع أن يتجاوز الحالة النفسية يضع الناس في حيرة مساكين, هو عنده مشكلة نفسية ولكن من يدفع الثمن؟ الناس يدفعون الثمن, احتياط احتياط… أين ما يدير وجهه بتعبيرنا (حائط بارتفاع خمسمائة وخمسين متر يرتطم ويرجع يرتطم ويرجع…) والناس ايضا تريد, تريد حياتنا أن تكون على أساس شرعي, طيب ينظر إلى هذا يجد قابلة للتطبيق أو ليست قابلة للتطبيق؟ عند ذلك نتائجها الخطيرة أنه في كثيرٍ من الأحيان يبدأ أن يجترأ على مخالفة احتياط من؟ فقيهه, لأنه ما يستطيع أن يعمل بها, فإذا اجترأ هنا اجترأ في المحرمات أيضاً. هذه حمى هذه فإذا تجاوزها يصل إلى هناك, على أي الأحوال هذا هو النظري.
السيد الشهيد& وجد أن المسألة معقدة جداً, ولذا حاول أن يخرج لها بمخرج آخر, ما ضاع على أصولي مسلك -هنا ليس على فقيه- على أصولي مسلك, في تقريرات بحثه للسيد الهاشمي في المجلد الرابع ص313, هذه عبارته يقول: >إلا أن الاحتمال الأول ساقط عادة إذ لو كانت توجد رواية كذلك عندهم فكيف لم يذكروها في كتبهم الفقهية الاستدلالية -هذا كلام من؟ المحقق الأصفهاني الذي نقلناه- إذ من غير المعقول أنهم جميعاً قد استندوا إلى رواية واضحة الدلالة على ذلك ولذلك أجمعوا على مضمونها ومع ذلك لم يتعرض لذكرها أحد منهم مع أنهم قد تعرضوا لروايات ضعاف لم يعملوا بها, وبالتالي يتعين الاحتمال الآخر< التفت.
إشكاله على المحقق الأصفهاني في جملة واحدة يقول: من قال لك أن المستند إذا قلنا سنة فبالضرورة لابد أن تكون رواية, حتى تقول أن هذه الرواية لماذا لم تنقل إلينا, لا, كان المستند هو الارتكاز العام عند المتشرعة باعتبار أن هؤلاء الفقهاء كانوا قريبي العهد من عصر الأئمة من الغيبة الصغرى وما قبل الغيبة الصغرى, فوجدوا أن المتشرعة والذين عاصروا الأئمة كأنهم جميعاً متفقون على فعل معين, فإجماعهم ما هو منشأه؟ منشأه الارتكاز والارتكاز دليل لفظي أو دليل غير لفظي؟ غير لفظي إذن لا معنى لنقله إلينا, أنت تشكل تقول لماذا لم ينقلوه؟
الجواب: لو كان الشيء قابلاً للنقل أما إذا لم يكن قابلاً للنقل فلا تتوقع أن ينقلوه إلينا, يقول >فلا يحصل وهو أنهم تلقوه الحكم المذكور بنحو الارتكاز العام الذي لمسوه عند الجليل الأسبق منهم وهو جيل أسباق الأئمة الذين هم حلقة الوصل بينهم وبين الأئمة ومنهم انتقل كل هذا العلم والفقه إليهم وهذا الارتكاز ليس رواية محددة لكي تنقل بل هو مستفاد بنحو وآخر من مجموع دلالات السنة من فعل المعصوم تقرير المعصوم إشارات المعصوم, ولهذا لم تضبط في أصل معين, وهذا هو التفسير الوحيد الذي تلتئم به قطعياتنا الوجدانية في المقام وإلى آخرها, وعلى ضوء هذا الفهم تندفع إشكالات المحقق الأصفهاني< ما أدري واضح إلى هنا بيان السيد الشهيد&.
هذا البيان أعزائي وإن كان بياناً أفضل حالاً من البيان الذي ذكره المحقق الأصفهاني ولكن تبقى تواجهه مشكلة هذه المشكلة إذا أمكن التغلب عليها هذه تابع لتحقيق الأعزة في كل موردٍ مورد, أنه أمكن التغلب عليها نعم وجه وجيه وإلا فيه ما فيه. وهو أنه واقعاً أن الشيعة هل كانوا في عصورهم بنحوٍ من الحرية حتى يمكنهم أن يشكلوا كتلتهم الفكرية والثقافية والارتكازية أم أن الأمر ليس كذلك أي منهما؟ وإذا ضممنا إلى هذه النكتة نكتة نحن أوقعنا الخلافة بينكم, أصلاً بناء الأئمة أنهم كانوا يريدون أن الشيعة على رأي وارتكازات واحدة أو لا يريدون حتى لا يقضى عليهم, مع مثل هذا كيف يمكن أن نفترض وصول مثل هذه الارتكازات هذا أولاً. وثانياً, وثالثاً, طيب كان بإمكان هؤلاء المجمعين بشكل واضح نحن وإن لم نجد دليلاً لفظياً على هذا إلا أن هذا هو المتفق عليه بين أصحاب الأئمة ومرتكزات المتشرعة, يعني هذه زحمة كانت في كتبهم الاستدلالية أن يشيروا إلى هذا الدليل.
ولذا نحن الأعزة إذا يريدون أن يراجعون البحث لكي نحن لا نطيل على الأعزة يراجعون البحث في كتابنا الظن ص411 إن شاء الله الإخوة يراجعون البحث تفصيلاً هناك لأنه ما عندي مجال أطالعه كله حدود ثلاث صفحات, أقول: >وهذا الاحتمال وإن كان أقوى من الاحتمالين السابقين لكن يمكن التعليق عليه بأن أتباع أهل البيت< هذه الخصوصية التي أشرنا إليها. ولذا تابعة لا يمكن إعطاء ضابطة كلية كل إجماعي تعبدي فهو حجة هذا الأصل لا نقبله, نعم لخصائص لخصوصيات لاعتبارات قد نوافق على بعض الإجماعات التعبدية. إلى هنا انتهينا من البحث الأصولي.
إذن فتحصل إلى هنا أعزائي خلاصة ما تقدم, الإجماع إذا كان معاصراً للمعصوم فلا ننظر أنه له مستند أو ليس له مستند فهو حجة, الإجماع إذا كان في عصر الغيبة ومعلوم بل محتمل الاستناد فليس بحجة -وأرجع وأقول المحصّل وليس المنقول- إذا لم يكن له استناد المشهور قالوا أن الإجماع في هذه الصورة إجماع تعبدي وهو حجة ونحن لا أقل لا نوافق على إطلاقه يعني كل إجماع تعبدي حجة بل لابد أن ننظر في كل موردٍ مورد.
سؤال: هذا الإجماع الذي موجود الآن بأيدينا في مسألة وجوب الخمس في أرباح المكاسب من أي نوع من هذه الأنواع الثلاثة أو الصور الثلاثة؟ إن كان من النوع الثاني فواضح بأنه ليس بحجة لماذا؟ لأنه إجماعٌ في عصر الغيبة محتمل الاستناد ولا إشكال أنه ليس من القسم الثالث لأنه توجد عندنا إطلاق الآية وأيضاً يوجد عندنا الروايات الموجودة في المقام إذن لا إشكال أنه ليس من القسم الثالث. فيدور أمره بين القسم الأول والقسم الثاني فمن أحرز أنه من القسم الأول فهو حجة ومن لم يثبت عنده أنه من القسم الأول فلا إشكال يقع أين؟ في القسم الثاني وهو حجة أو ليس بحجة؟ ليس بحجة.
ولذا جملة من الأعلام كثيراً لم يعتنوا بهذا الإجماع كدليل مستقل, نعم السيد الهاشمي يصر على أنه من القسم الأول يعني في كتابه الخمس المجلد الثاني في ص29 أو 28, يقول: >الاستدلال بالإجماع وقد يناقش في التمسك بهذا الإجماع باحتمال مدركيته إلا أن الإنصاف مسلّمية هذا الحكم لدى الطائفة نظرياً وعملياً بدرجة بحيث لا يمكن التشكيك في ثبوته وصدوره عن المعصومين< إذن يريد أن يجعله من القسم الأول إذن يكون هذا الإجماع حجة.
في الواقع أنا لا يوجد عندي إصرار على أن أنفي أنه من القسم الأول لكن لا يوجد مثل هذا الوضوح أنه موجود في القسم الأول ولكن كثيراً لا يعنيني واقعاً أنه من القسم الأول أو من القسم الثاني, لماذا؟ حتى البحث لا يكون ناقصاً, أن هذا الإجماع مبتلى بإشكال ثاني غير هذا الإشكال وهو احتمال الاستناد, وهذا الذي لم يشر إليه هؤلاء الأعلام كلهم من أشار إلى الإشكال أشار إلى الإشكال الأول وهو احتمال الاستناد أو معلومية الاستناد ومن هنا السيد الهاشمي وغيره أن يقولوا أنه هذا ليس من ذاك وإنما من القسم الأول.
الإشكال الثاني: الذي لا يطول الكلام فيه طويلاً وهو أنه: سواء كان هذا الإجماع من القسم الأول الذي هو الحجة, أو كان هذا الإجماع من القسم الثالث الذي هو ايضا حجة ولكن تعلمون جيداً أن الإجماع بإجماع الأعلام دليلٌ لبي لا معقد لفظي له حتى نعرف على ماذا أجمعوا, طيب إذا صار دليل لبي فقط يقول لنا الإجماع أن الخمس جزماً ثابت في أرباح المكاسب ونحن ايضا نقول أن الخمس جزماً ثابت في أرباح المكاسب ولكن بحثنا أنه ثابت بعنوان أنه أصل التشريع أم حكم ولائي, والإجماع لا يقول لنا من أصل التشريع, التفتوا إلى هذه النكتة والتي يغفل عنها بل غفلوا عنها أغلبهم بل أكثرهم, هذا لازم أعم لإثبات أن الخمس في أرباح المكاسب ما هو؟ ثابت بأصل التشريع, ونحن الآن معركتنا الأصلية ليس في إثبات الخمس في أرباح المكاسب بنحو القضية المهملة سواء كان هذا, لا يوجد خلاف في هذه المسألة, إنما الخلاف أين؟ إنما الخلاف في أن هذا التشريع هل هو على حد تشريع الصوم على حد تشريع الصلاة على حد تشريع الزكاة على حد تشريع الركعتين الأخيرتين من الرباعية أو على حد الأحكام الولائية أي منهما؟
ولذا إنشاء الله عندما سنأتي لبحث الروايات التي هي مهم الدليل على ذلك دائماً نأخذ بعين الاعتبار كلا الأمرين لا الأمر الأول الذي هو نظر الفقهاء, نظر الفقهاء أنه ما الدليل على أصل ثبوت أصل الخمس في أرباح المكاسب, هذا نظرهم ولكن لا يبحثون عن أنه هذا الخمس الثابت ثابت بلحاظ الولاية ومقام الإمامة أو ثابت بلحاظ أصل التشريع أي منهما؟ هذا نحن إن شاء الله تعالى عندما سنقرأ رواية رواية نرى أنه ما هو مضمونها هل مضمونها أصل التشريع يعني بعد أن نثبت كان التامة كما يقال يعني أصل ثبوت الخمس في أرباح المكاسب هل -كان الناقصة- هل هو بنحو أصل التشريع أو هو بنحو الحكم الولائي, طبعاً نحن توجد عندنا قرينتان أساسيتان على أنه حكم ولائي, التفتوا جيداً هذا إجمالاً أقوله تفصيله سيأتي.
القرينة الأولى: أن الخمس يُعد -في أرباح المكاسب- يُعد من الفرائض الأساسية على ما هو المبنى عندهم, فلا يمكن أن نتصور أنه لم يشرّع من قبل القرآن أو من قبل الرسول’ كما هو المشاهد في الفرائض الأساسية في الدين تشريعها كلها من أين؟ إما من الكتاب أو من النبي, نعم التفاصيل أوكلت إلى الأئمة, لا أصل التشريع والفريضة, هذه القرينة الأولى التي تقدم الكلام عنها تفصيلاً ولم نجد جواباً لتلك التساؤلات.
القرينة الثانية المنفصلة: هي أخبار التحليل أنه لو كان ثابتاً بأصل التشريع كيف يحق لهم أن يحللوا إلا أن نجد لها توجيهاً.
ثم عندنا الدليل الثالث على أنها ولائية هي نفس الروايات الواردة في خمس أرباح المكاسب, تلتفتون إلى منهجة البحث.
إذن فتحصل إلى هنا أعزائي أن مثل هذا الإجماع لا يمكن أن يكون حجةً وعلى فرض حجيته وقبول الحجية بالتقسيم الذي بيناه هو لازمٌ أعم لكونه من أصل التشريع أو بحكم ولائي.
تبقى عندنا دليل آخر مختصر إن شاء الله تعالى نشير إليه ثم ندخل في البحث الأصلي وهو الروايات التي استدل بها على وجوب الخمس في أرباح المكاسب.
والحمد لله رب العالمين.