بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
كان الكلام في ما ذكره الأعلام في مضمون صحيحة علي ابن مهزيار.
الأعزة يتذكرون بأنه أشرنا إلى بعض هذه الكلمات.
منها: ما ورد في >مجمع الفائدة والبرهان قال: فيها أحكامٌ كثيرةٌ مخالفةٌ للمذهب< هذا العنوان الأول >مع اضطرابٍ وقصورٍ في الدلالة< هذا العنوان الآخر.
ومنها: ما ذكره في >المدارك, قال: أنها متروكة الظاهر<.
وبتعبير آخر يعني: أن المشهور أعرضوا عنها.
ومن العناوين الأخرى الذي ذكره >السيد الميلاني قال: أن الصحيحة لم يعتمد عليها أصحابنا من السلف والخلف فظاهرها غير مرادٍ مضافاً إلى الاضطراب في المتن المانع من الوثوق<.
وكذلك من المعاصرين الذين تكلموا عن هذه الرواية بعد أن ذكروا مجموعة من الإشكالات فيها في >المرتقى إلى الفقه الأرقى للسيد الروحاني في كتاب الخمس في ص33 هذه عبارته, قال: وأما مكاتب علي ابن مهزيار فهي وإن كانت بحسب السند صحيحة إلا أنها بحسب المتن مضطربة جداً بحدٍ أوجب الاطمئنان الشخصي بعدم صدورها من المعصوم (عليه أفضل الصلاة والسلام)<.
الآن بعض السيد الميلاني عبر أنه >لا يوجد وثوق بالصدور< السيد الروحاني يقول لا, >يوجد وثوقٌ بعدم الصدور< وهذه أيضاً قضية.
في مقابل هذا التوجه الذي بشكلٍ أو بآخر يعرض عن هذه الرواية ويسقطها عن الاعتبار هناك جملة من الأعلام حاولوا بشق الأنفس الدفاع عن هذه الرواية, والجواب عن الإشكالات التي وردت على هذه الرواية.
منهم الشهيد الثاني في >منتقى الجُمان< الأعزة إذا عندهم هذا الكتاب يراجعونه من الكتب الجيدة, >منتقى الجُمان في الأحاديث الصحاح والحسان للشهيد الثاني في الجزء الثاني ص439 يقول: قلت على ظاهر هذا الحديث عدة إشكالاتٍ ارتاب منها فيها بعض الواقفين عليه ونحن نذكرها مفصلةً ثم نحلها بما يزيل عنه الارتياب بعون الله سبحانه ومشيئته, فيقول الإشكال الأول, الإشكال الثاني, الإشكال الثالث, الإشكال الرابع< وهكذا مجموعة من الإشكالات يشير إليها ويحاول الجواب<.
وممن وقف عندها أيضاً تفصيلاً في الجواب عن الإشكالات وحاول الدفاع عن الرواية >السيد الخوئي في مستند العروة الوثقى من ص201 -وأنا بودي الأعزة عندما أذكر هذه المصادر من الواضح بأنه لا يمكن قراءة كل ما في هذه المصادر والوقوف عندها وإلا ففي كل مسألة نحتاج ستة أشهر, فقط أنا أبين المصادر حتى الأعزة لا أقل يراجعوا ويطالعوا هذا القدر من المصدر الذي أنا أشير إليه- من ص201 إلى ص206 يقول: ولنأخذ في شرح بعض فقرات هذا الحديث الشريف المروي عن أبي جعفر الجواد× ودفع ما أورد عليه من الإشكالات< .. إلى أن ينتهي إلى هذه الجملة في ص206 يقول: >والمتحصل من جميع ما قدمناه أن هذه الرواية صحيحة السند ظاهرة الدلالة على وجوب الخمس في الفوائد والغنائم<.
لكن التفتوا وضعوا خط أو خطين أو ثلاثة تحت هذه الجملة لأنه بعد ذلك تنفعنا كثيراً يقول: >وإن أسقط× حقه الشخصي في بعض السنين< إذا كانت هذه الفريضة من الواجبات الثابتة في الشريعة هل يمكن لأحد أن يسقط فريضة من الفرائض الثابتة, هذا دليل على أنها ليست من الفرائض الثابتة, يعني من الأحكام الولائية وإلا إذا كانت من النوع الأول من الأحكام أو من النوع الثاني من الأحكام التي شرّعها النبي أو الإمام بما أعطي من صلاحية ذلك. إذن بعد ذلك لا معنى لأن يسقطها لأنها من الثابتات. أما عندما تقول يسقطها إذن تكون داخلة وضعها بيده ورفعها أيضاً بيده. قال: >وإن أسقط× حقه الشخصي في بعض السنين فيصح الاستدلال بها ولا يرد عليها شيءٌ من الإشكالات< هذا طبعاً بحثه سيأتي لاحقاً أن الإشكالات واردة على هذه الرواية أو غير واردة على هذه الرواية.
وبهذا يتضح أن ما ذكره صاحب الحدائق& في كتابه المجلد الثاني عشر ص359 بعد أن نقل كل الإشكالات التي ذكرها الشهيد الثاني في >منتقى الجُمان< وأجاب عنها صاحب منتقى الجُمان هذه عبارته, يقول: >أقول جميع ما تكلفه في دفع هذه الإشكالات مبنيٌ على ما زعمه< فيرد كل ما ذكره الشهيد الثاني في الجواب عن الإشكالات, وينتهي إلى هذه الجملة >وبالجملة فالحق ما ذكره جملة من الأصحاب من أن الرواية في غاية الإشكال ونهاية الإعضال< فقيه من صاحب الحدائق التفتوا جيداً عندما أقول فقيه مثل صاحب الحدائق هذه النكتة بودي كملاحظة أشير إليها للأعزة وأبين أيضاً لأنه جملة من الإخوة والأعزة يسألون عادةً أنه سيدنا ما هو المنهج الذي اتبعته في الفقه أو مطالعة الأبحاث الفقهية.
في الواقع أنه أنا مذ بدأت هذه الأبحاث أول ما طالعت أعزائي طالعة دورة كاملة وسائل الشيعة, والسبب في ذلك يعود إلى أنني أردت أن أعرف كيف يتكلم الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) بلا تدخل من أحد لأنه تعلمون في النتيجة كل ما كتب في الفقه هذا فهم الفقهاء ولعله مصيبٌ لما أراده الأئمة ولعله مخالفٌ لما أراده الأئمة, فقلنا نذهب إلى كلمات الأئمة مباشرة ونطالع ماذا يقول الأئمة كيف يتعاملون مع الأحكام الشرعية, فطالعت الوسائل من الجلد إلى الجلد كلمة كلمة ورواية ورواية بلا أنه أعرف ماذا يقول الطوسي ماذا يقول المفيد ماذا يقول فلان إلى آخره, ثم بعد ذلك طالعت الحدائق قبل أن أطالع أي كتاب فقهي آخر, والسبب في ذلك أن صاحب الحدائق حاول بقدر ما يمكن أن لا يدخل القواعد العقلية والأصولية والكلامية وغيرها في فهمه للرواية الواردة في المقام, تعلمون بأنه في النتيجة علم الأصول خليط من المباني الفلسفية والكلامية وغيرها التي هي تلقي بظلالها على فهم النص الديني على فهم هذه الروايات, فحاولت أن أبتعد عن هذا, فطالعت هذا الكتاب أيضاً من الجلد إلى الجلد كلمة كلمة -يعني الحدائق- وهذا أقوله للأعزة يقيناً قبل حدود خمسة وثلاثين سنة وليس الآن, يكون في علم الأعزة قبل خمسة وثلاثين سنة أنا طالعت الحدائق والجلد الأول منها يعني من الواحد إلى العشرين لأنه تعلمون من بعد الواحد والعشرين هي زيادات ليست لصاحب الحدائق وإنما هي لمن؟ أضافوا على الحدائق, ولذا نصيحتي للأعزة واقعاً أن هذا الكتاب يُقرأ كتاب الحدائق باعتبار أنه صاحب الحدائق يحاول أن يقدم قراءة فقهية غير الفقيهة غير القراءة التي تجدونها في التنقيح غير القراءة التي تجدونها في الجواهر هذه القراءات للفقه الإمامي مع متبنيات وقواعد أصولية وفلسفية وكلامية وإلى غير ذلك, ما أريد أن أقول بأنه هذه القراءة صحيحة ولكنه أريد أن تتعرفوا على قراءة أخرى للفقه أنه كيف يتعامل.
كثير من هذه الكلمات الموجودة هذا جمع عرفي وهذا كذا وهذا كذا وهذا يحمل على الاستحباب هذه كلها مرفوضة عند من؟ عند صاحب الحدائق. المهم هذا الكتاب من الكتب النافعة فلا يفوتكم. جيد. هذا هو ما يقوله جملة من أعلام الفقه الإمامي في هذه الرواية التي تعد من أهم مستندات القول بوجوب الخمس في أرباح المكاسب. طبعاً أنا لا أريد أن أعتمد على أقوال هؤلاء ولكن أريد أن أقول أن المسألة ليست خالية عن الإشكال لا يتبادر إلى الذهن أنه إذا انتهينا من نتائج غير النتائج المشهورة مباشرة لا نتهم بأنه لماذا يخالف المشهور, لا المسألة بطبيعتها محل خلافٍ ومحل إشكال, بل ادعى البعض أنه أساساً يجزم بعدم صدور مثل هذه الرواية. أما أصل الرواية.
الرواية واردة في وسائل الشيعة الجزء التاسع ص501, هذه الرواية طبعاً كما أشرنا بالأمس أنها واردة في التهذيب للشيخ, وهو ينقلها من هناك, يقول التهذيب وكذلك في الاستبصار الرواية بإسناده >عن محمد ابن الحسن الصفار عن أحمد ابن محمد وعبد الله ابن محمد جميعاً عن علي ابن مهزيار قال: >كتب إليه أبو جعفر (عليه أفضل الصلاة والسلام) -أي أبو جعفر الجواد- وقرأتُ أنا كتابه إليه في طريق مكة قال إنّ الذي أوجبت في سنتي هذا< من هذا البيان يتضح أولاً: أن هذه الرواية ليست سماع وإنما هي -بالأمس قلنا- هي وجداة يعني أنه يمكن أن يكون هذا النص للإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) ويمكن أن يكون منحولاً على الإمام إلا لمن اطمأن أن هذا الخط خط الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) ونحن أيضاً على القاعدة نثق بهؤلاء الذي يقول كتاب الإمام الجواد (عليه أفضل الصلاة والسلام).
هذه الرواية في ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار للعلامة المجلسي+ هناك يعلق عليها كما هو مقتضى القاعدة يقول صحيح كما هو صحيح الرواية صحيحة السند ثم في ص410 في المجلد السادس يقول: >قال: – لأن الرواية تقول: قال كتب إليه< من القائل قال كتب إليه القائل هو إما أحمد أو عبد الله يعني أحمد أو عبد الله ابن محمد قال كتب إليه يعني كتب إلى علي ابن مهزيار, قال أي كل من أحمد وعبد الله إليه يعني إلى ابن مهزيار, إذن قال محمد وعبد الله ابن مهزيار قال >كتب إلى علي ابن جعفر من كتب الإمام الجواد (عليه أفضل الصلاة والسلام)< إلى آخره.
هذه الرواية حتى لا أطيل على الأعزة كثيراً, تعلمون أن الأعلام سابقاً قالوا مخالفة لأصول وقواعد المذهب, مضطربة, متهافتة ونحو ذلك. نحاول واقعاً بقدر ما يمكن أن نقف على الإشكالات التي ذكرت ولكن بطريقة أخرى لا بالطريقة الحرفية التي ذكرت في كلمات الأعلام.
النقطة الأولى: الموجودة في هذه الرواية وتثير الاستغراب كثيراً, أن الإمام× عندما يتكلم عن الخمس عن الزكاة على وضع الخمس على وضع الزكاة يتكلم وكأنه هو الله (سبحانه وتعالى) يعني الذي أوجبت والذي أسقطت والذي أوجبت الزكاة, هذه اللغة, دعوني أقرأ بعض النصوص حتى ترون أن الإمام كيف يتكلم.
قال: إن الذي أوجبت في سنتي هذه<, >وأزكيهم بما فعلت في عامي هذا من أمر الخمس<, >ولم أوجب ذلك عليهم في كل عامٍ<, >ولا أوجب عليهم إلا الزكاة<, >وإنما أوجبتم عليهم الخمس في سنتي<, >ولم أوجب ذلك عليهم<, >تخفيفاً مني على مواليّ ومنّاً مني عليهم<.
هذه اللغة افترضوا بمقتضى آية {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} وبمقتضى القواعد الكلامية أنهم يملكون كل شيء ونحو ذلك, ولكن هذه اللغة ليست معهودة في كلمات أهل البيت, بهذه اللغة لا يتكلم أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
بعبارة أخرى: منطق أهل البيت ليس منطق >أنا الذي أوجبت<, >أنا الذي فعلت< هذا لا يوجد, ولذا تجدون بأن السيد الرضي عندما وجد في بعض كلمات الإمام أمير المؤمنين توجد مثل هذه الألفاظ نقلها في نهج البلاغة أو لم ينقلها؟ لم ينقلها لماذا؟ قال: لأن هذا ليس منطق أهل البيت.
ولهذا الشهيد الثاني في >منتقى الجُمان< عندما يأتي إلى هذه القضية -كما قلنا- المجلد الثاني ص439 يقول: >إن المعهود والمعروف من أحوال الأئمة× أنهم خزنة العلم وحفظة الشرّع يحكمون في الشرع بما استودعهم الرسول وأطلعهم عليه وأنهم لا يغيرون الأحكام بعد انقطاع الوحي وانسداد باب النسخ, فكيف يستقيم قوله في هذا الحديث: أوجبت ولم أوجب وفرضت ونحو ذلك< طيب هذا ما ينسجم مع لغة أهل البيت. >إلى غير ذلك من العبارات الدالة على أنه× يحكم في هذا الحق بما شاء واختار<.
هذه مشكلة لابد أن تحل وإذا أردنا أن نجد لها محمل فما هو المحمل لمثل هذه الجمل إن صح صدور مثل هذا النص منهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام). هذه المشكلة الأولى التي لابد أن نجد لها حلاً.
المشكلة الثانية: أنهم قالوا أنها مخالفة لأصول وقواعد المذهب, لماذا مخالفة لأصول وقواعد المذهب؟ نحن نعلم جميعاً أن الذهب والفضة إذا حال عليهما الحول تجب فيهما الزكاة أو يجب فيهما الخمس؟ طيب من المعلوم من الواضح أن الذهب والفضة من موارد ماذا؟ خصوصاً إذا قيّد بحولان الحول عليها, وإلا نحن في الخمس لا يوجد عندنا حولان الحول وإنما يكفي أنه في رأس السنة أو كذا إلى غيره, حولان الحول هذه من شروط الزكاة لا من شروط الخمس.
الآن انظروا إلى عبارته (عليه أفضل الصلاة والسلام) يقول: >وإنما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضة التي قد حال عليهما الحول< إذن ما يجب فيهما الزكاة الإمام جعل فيهما ماذا؟ وهذا مخالفٌ للإجماع القائم في أصول المذهب. كيف يمكن أن الإمام× يتجاوز هذا أو أنه تلك اجماعاتنا ومسلماتنا غير تامة.
وكذلك ممّا فيه الإشكال أن الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) يقول >فأما الغنائم والفوائد فهي واجبةٌ عليهم< يعني الخمس >في كل عامٍ< الخمس واجب في هذه, ولكنه في آخر المطاف (عليه أفضل الصلاة والسلام) يقول> فأما الذي أوجب من الضياع والغلاة في كل عامٍ فهو نصف السدس< إذن في صدر الرواية يقول يجب الخمس وفي ذيل الرواية يقول نصف السدس, طيب في النتيجة أي منهما الخمس واجب أو نصف السدس واجب أي منهما؟ وهذا أيضاً مخالف لما ثبت بالضرورة أنه في هذه في الغنائم والفوائد يجب الخمس لا أنه يجب نصف السدس.
وكذلك أعزائي أن هناك اضطراب في متنها, أنا هذه العناوين التي أخذت في كلمات الأعلام أريد أن أبين ما هو منشأ هذه العناوين.
أن الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) التفتوا جيداً عبارته هذه, يقول: >ولم أوجب ذلك< يعني الخمس >عليهم في كل عامٍ< ولكنه هو يقول> فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام< سيدي يا ابن رسول الله أنت في صدر الرواية تقول لم أوجب عليه في كل عام, والآن يقول في وسط الرواية أن >الغنائم والفوائد يجب عليهم الخمس في كل عام< من الواضح يوجد تهافت بين أنه >لا أوجب عليهم في كل عام< و>أوجب عليهم في كل عام< هذا مورد.
ومن الموارد التي أيضا واقعاً فيها تهافت وهو إن الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) يقول: >فأحببت أن أطهرهم وأزكيهم بما فعلت في عامي هذا من أمر الخمس قال الله تعالى {خذ من أموالهم صدقةً تطهرهم}< الاستدلال بآية مختصة بالزكاة لإثبات الخمس. هذه الآية مما اتفق عليها أنها مرتبطة بتشريع الزكاة ولكن الإمام يقرأ الآية في مورد تشريع الخمس, > في عامي هذا من أمر الخمس {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلي عليهم إن صلاتك سكنٌ لهم والله سميع عليم}<, هذا أيضاً مورد آخر للتهافت في هذه الرواية.
مورد آخر للتهافت في هذه الرواية أن الإمام× في وسط الرواية يقول: >ولم أوجب ذلك عليهم< .. إلى أن يقول: >وأما الغنائم فهي واجبة عليهم في كل عام< الخمس, ولكن في آخره يقول: >الواجب نصف السدس< في النتيجة في الضيعة يوجد الخمس أو في الضيعة يوجد نصف السدس؟ أي منهما؟ لأن الرواية واضحة تقول: >ولا ضيعة إلا ضيعة سأفسر لك أمرها يجب فيه الخمس< في آخر الأمر يقول: >الذي يجب في الضيعة< ما هو؟ نصف السدس لا أنه يجب الخمس.
وإشكال أخير أعزائي الذي ذكره الهمداني في مصباح الفقيه, يقول >هناك تهافت في صدر الرواية< الرواية تقول: >ولم أوجب ذلك< يعني لم أوجب الخمس >ولم أوجب ذلك عليهم< أين >في متاعٍ ولا آنيةٍ ولا دواب ولا خدم< الآن إلى هنا هذا ليس محل كلامنا محل كلامنا بعد ذلك >ولم أوجب ذلك عليهم ولا ربح ربحه في تجارةٍ ولا ضيعة< يقول لا أوجب الخمس في هذا, يعني في أرباح التجارات يوجد الخمس أو لا يوجد الخمس؟ >ولا أوجب عليهم ذلك< إذن في أرباح التجارات وفي الزراعة وفي الضيعة يوجد الخمس أم لا. بعد سطرين الإمام يقول: >فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم< يقول هذا خير شاهد على أن الأرباح مشمولة للغنائم والفوائد أم غير مشمولة؟ وأنتم كل همكم أن تثبتوا من هذه الرواية وجوب الخمس في أرباح المكاسب, وهذه قرينة على أنه أساساً الغنائم والفوائد شاملة للأرباح أو ليست شاملة؟ ليست شاملة, لأن الإمام قبل سطرين يقول >ولا ربح ربحه في تجارة ولا ضيعة, فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام<.
هذا المعنى إذا الأعزة يريدون أن يراجعونه يراجعون مصباح الفقيه للهمداني في المجلد الرابع عشر ص102 من الكتاب, يقول: >نعم ظاهر الرواية عدم اندراج أرباح التجارات والزراعات في الغنائم التي أوجب الله تعالى فيها الخمس في كتابه, وأن خمس الغنائم ثابت في كل عام< إلى آخره.
هذه مجموعة, طبعاً إشكالات أخرى أيضاً موجودة وتهافتات واضطرابات في المتن كثيرة وليس بواحد. الآن بينكم وبين الله إنسان يقول رسالة صادرة من الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) لإثبات فريضة من الفرائض التي هي بهذا المستوى من الأهمية, تارة مسألة ثانوية فرعية الآن ثبتت لا كذا وإذا نفيت لا يلزم كذا لا بأس أن يقع. أما مسألة بهذا المستوى من الأهمية والضرورة تصدر رسالة من الإمام وكتاب من الإمام فيها كل تلك الإشكالات والاضطرابات فالإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) كان بالإمكان أن يتكلم بشكل واضح وصريح ويثبت هذه القضية ولا نحتاج إلى مثل هذه التكلفات. على أي الأحوال.
مجموعة هذه القرائن توصلنا إلى هذه النقطة وهي أن مجموعة هذه التهافتات والاضطرابات والتناقضات هذه تشكل قرائن وعوامل ضعف في الاستفادة من هذه الرواية, الآن لا أريد أن أنفي أنه لا لا تدل الرواية, ولكنه في النتيجة إثبات أنها دالة ظاهرة صريحة, بتعبير بعض الأعلام الذي واقعاً استغرب يقول وأنه ومن هنا يحصل الجزم لنا أن هذه الرواية دالة كذا, أي جزم يمكن أن يحصل من مثل هذه الرواية المبتلاة بمثل هذه المسائل.
من هنا أعزائي سوف ندخل في هذه الرواية – إن شاء الله في غد- سوف ندخل في هذه الرواية للبحث في أمرين:
البحث الأول: أن هذه الرواية يمكن أن يدفع عنها كل هذه الإشكالات والتهافات والاضطرابات والتناقضات أو لا يمكن؟ فإن لم يمكن واقعاً لابد من إرجاع علمها إلى أهلها إن كانت صادرة منهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام). وإن أمكن حل تلك التناقضات ننتقل إلى المقام الثاني من البحث ما هو؟ وهو أنه لو تمت دلالتها يعني أمكن دفع تلك الإشكالات كما حاول جملة من الأعلام, وأنا لا أعلم عندما يقولون أن المسألة من الضروريات والروايات كثيرة, طيب هذه الرواية ضعوها على جانب استدلوا على غيرها؟ يظهر أنه لا إذا هذه سقطت يسقط أصل أساس في هذه, يعني أنه لا طريق للأعلام إلا ماذا؟ وإلا هذه الرواية سقطت طيب عندنا رواية أخرى .. لماذا الاستدلال.
ولذا جملة من المحققين لم يستدلوا بهذه الرواية تركوها إلى جانب وذهبوا إلى روايات أخرى. على أي الأحوال.
في المقام الثاني في البحث الثاني وهو: أنه بعد أن دفعنا عنها الإشكالات يأتي هذا التساؤل وهو: أنها دالة على المطلوب على وجوب الخمس في أرباح المكاسب أو أصلاً ما فيها دلالة على وجوب الخمس, لعلها دالة على وجوب الخمس في النوع الأول والثاني لا في النوع الثالث الذي هو محل الكلام. وإذا ثبت أنها دالة – إذن انظروا هذه مراحل ثلاث- وإذا ثبت أنها دالة على وجوب الخمس وفي أرباح المكاسب من النوع الثالث يطرح هذا التساؤل: وهو أن الرواية دالة على أنه بنحو الحكم الثابت أو بنحو الحكم الولائي, والذي صدر بأحكام ولائية من الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
وإذا ثبت أنه ولائي, في المرحلة الرابعة وهو أنه ولائي في زمانه أو ولائي في كل زمانٍ.
وهذا سيأتي.
والحمد لله رب العالمين.