نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (160)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    المُدعى الذي ندعيه في باب الخمس, نحن نعتقد بأن الخمس على نوعين:

    النوع الأول: وهو الخمس الثابت في كتاب الله. وهو الذي أشار إليه الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) في قوله أي في المقطع الثاني من الحديث من الصحيحة قال: >فأما الغنائم والفوائد فهي واجبةٌ عليهم في كل عامٍ, قال الله تعالى: {واعلموا أنما غنمتم}<.

    لا إشكال ولا شبهة أن هذا الخمس الثابت في الغنائم والفوائد إنما هو خمسٌ من قبيل فرض الله سبحانه وتعالى, إذا يتذكر الأعزة نحن قلنا أنه عندما نأتي إلى الصلاة الركعة الأولى والثانية من الرباعية فرض ربكم, والركعة الثالثة والرابعة هي سنة نبيكم. هذا الخمس الذي أشارت إليه الآية المباركة إنما هو فرض ربكم {واعلموا أنما غنمتم من شيء} وهذا خير قرينة على أن المراد من الفوائد هو الغنائم لا أنه شيءٌ آخر, يعني أن العطف عطفٌ تفسيري لا هو عطفٌ للمغايرة أن الغنائم شيء والفوائد, لأن الإمام بعد أن ذكر الغنائم والفوائد استند إلى قوله{واعلموا أنما غنمتم} وهذا معناه أن هذه الغنيمة المراد منها الغنيمة والفائدة.

    أما فيما يتعلق بالمقطع الأول والمقطع الثالث لا يختلف الأمر فإنه نجد أن الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) نسب الإيجاب إلى نفسه >ولا أوجب عليهم, ولم أوجب عليهم وإنما أوجبت عليهم< ونحو ذلك ما هو الفرق بين هذين النوعين من الخمس؟

    الفرق نفس الرواية أشارة إليه, وهو أنه: فيما يتعلق بالنوع الأول من الخُمس نجد أن الإمام أولاً: قال >هي واجبة في كل عام< وهناك إصرار على أن الإمام لابد من إيصال المال, >فمن كان عنده شيء من ذلك فليوصل إلى وكيلي ومن كان نائياً بعيد الشقة فليتعمد لإيصاله ولو بعد حين فإن نية المرء خيرٌ من عمله< وهذه ومن أهم خصوصيات هذا النوع من الخمس أنه لا جعله بأيديهم حتى يكون رفعه بأيديهم ولا تخفيفه أيضاً بأيديهم هذا فرض الله سبحانه وتعالى ولا مجال فيه لا للزيادة ولا للنقيصة ولا لغير ذلك.

    ومن هنا عندما نأتي الأنواع السبعة التي فيها خمس أو ما يجب فيها الخمس لابد أن نميز جيداً -هذه قاعدة- أنه هذا الذي وجب في المعدن هل هو داخل في الغنائم أو داخلٌ فيما أوجبه عليهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام) فإن كان داخلاً في القسم الأول النوع الأول من الخمس هذه لا يمكن فيها لا النقيصة ولا الزيادة ولا التخفيف, أما إذا كان داخل في النوع الثاني من الخمس ففيه أنه أولاً: بيده وضعه, ثانياً: بيده رفعه, ثالثاً: بيده زيادته ونقيصته, وهذا الذي وجدناه في هذه الرواية التي قراناها بشكل واضحٍ وصريح. لذا قال: >وأما الذي أوجب من الضياع< انظروا كم الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) في عبارات الرواية دقيق هو أنه بعد أن قال: >فأما الغنائم فهي واجبةٌ< رجع وقال: >فأما الذي أوجب من الضياع< التفتوا أن الإمام× الآن قد يقول قائل أنه تفنن في العبارة قال واجبة وهنا أيضاً كان يقول واجبة لا, لأنه أوجب شيء وواجبة شيءٌ آخر, هذه الضياع لها حكم والغنائم والفوائد التي ذُكرت في القرآن لها حكمٌ آخر.

    ومن هنا في اعتقادنا أن هذه الرواية تُعد من أهم الروايات في باب الخمس, بل لعلها الرواية الوحيدة التي تعرضت للخمس بمثل هذا البيان, نعم توجد هناك روايات أخرى يمكن الاستناد إليها لتثبيت هذا التفصيل, ولكن هذا التفصيل نحن لم نجده في روايةٍ أخرى.

    ومن هنا يتضح أيضاً, طبعاً عندنا أيضاً شاهد كما أشرنا إليه بالأمس وهو أن الإمام× عندما قال: >ولم أوجب ذلك عليهم في متاعٍ ولا آنيةٍ ولا دوابٍ ولا خدم< محل الشاهد >ولا ربحٍ ربحه في تجارةٍ< يقول هذا لم أوجب عليهم في سنتي هذه, وبعد ذلك بسطرين يقول: >فأما الغنائم والفوائد< هذا خير شاهدٍ على أن الربح في التجارة لا يدخل في الغنائم والفوائد وإلا يقع ما وقع فيه الأعلام من التخبط في فهم الرواية, أنها مضطربة أنها متروكة الظاهر أنها غير منسجمة أنها متناقضة ونحو ذلك. ولكنّه هذه الرؤية التي نحن نقدمها تجدون أنه لا, الرواية واضحة الدلالة.

    ومن هنا يتضح للأعزة النقطة التي أشرنا إليها سابقاً قلنا فهم أنواع الحكم يُعطي للفقيه رؤية للتعامل مع الروايات, البعض جداً استغرب أنه لماذا نحن في أول هذه السنة دخلنا في أنواع الحكم الشرعي والتشريعات, النوع الأول, النوع الثاني, النوع الثالث, قالوا ما علاقة ذلك ببحثنا وهو بحث الخمس, حتى قال بعضهم أساساً لا يوجد بحث الخمس هذا بحث آخر, السيد في هذه السنة بدأ, الجواب: كلا, ذيك المقدمة كانت لفهم هذه النصوص, لا فقط هذه النصوص أعزائي ذاك الباب ذاك الأصل بابٌ ينفتح منه ألف باب, يعني أنت في النصوص الشرعية لابد أن تعرف أنّه تشريع من النوع الأول تشريع من النوع الثاني تشريع من النوع الثالث, الآن بغض النظر عن التشريعات القضائية أو الأمور الشخصية ذاك الرابع والخامس الآن ليس محل كلامنا, ولكن هذه الأنواع الثلاثة محل الكلام.

    هذا المعنى وهو أنه هذا خير شاهدٍ على ذلك, أشار إليه الفقيه الهمداني& في مصباح الفقيه المجلد الرابع عشر, هذه الطبعة المعروفة بمؤسسة النشر الإسلامي, في ص102 يقول: >نعم, ظاهر الرواية عدم اندراج أرباح التجارات والزراعات في الغنائم التي أوجب الله تعالى فيها الخُمس في كتابه< بأي قرينة؟ بقرينة أن الإمام قبل سطر يقول لا أوجب وبعد سطر يقول: >هي واجبة في كل عام<. >وأن خمس الغنائم ثابت في كل عامٍ بخلاف أرباح التجارات الذي هو موكولٌ أمره إلى الإمام أن يضعه أو يرفعه أو يخففه< بالبيان الذي أشرنا إليه.

    ومن هذا البيان يتضّح أن ما ذكره السيد الخوئي في الجواب عن الفقيه الهمداني لا يخلو عن تكلّف. السيد الخوئي بعد أن نقل إشكال الفقيه الهمداني في المستند في ص206 من كتاب الخمس, قال: >وهذا الإشكال< إشكال من؟ كلام الفقيه الهمداني وهو أنه ظاهر هذه العبارة عدم اندراج الأرباح أين؟ في الغنائم, يقول: >وهذا الإشكال أيضاً لا يرجع إلى محصّل لأنّ المذكور فيها لو كان هو الغنائم فقط لأمكن الاستظهار المذكور< يقول أن الإمام لو كان يقول> فأما الغنائم فهي واجبة< نعم ولكن الإمام قال ماذا؟ >فأما الغانم والفوائد< صحيح أرباح التجارات لا تدخل في الغنائم ولكن تدخل أين؟ تدخل في الفوائد, إذن يبقى التنافي قائم, ما أدري واضح إشكال السيد الخوئي.

    السيد الخوئي بدقّته يقول: بأن الفقيه الهمداني هذه عبارته يقول: >ظاهر الرواية عدم اندراج أرباح التجارات والزراعات في الغنائم< وعبارة الإمام لا فقط الغنائم هي الغنائم والفوائد, فلذا يقول: >ولكن اقترانها بالفوائد قرينة قطعية على أن المراد بها معنىً عام يشمل مطلق الأرباح وغيرها< إذن يرجع التنافي بين ما ذكره قبل سطر وما ذكره بعد سطر.

    ومن هنا يعتقد السيد الخوئي أن هنا يوجد تخصيص, يعني أن العبارة اللاحقة >فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة< خصصت بالعبارة التي قبل ذلك, لأن ذهنه+ منصبٌ على أن الخمس نوعٌ واحد, فلهذا كيف يمكن أن يقول واجبة عليهم في كل عام وأنه >ولم أوجب ذلك عليهم في ربحٍ ربحه في تجارةٍ<.

    الجواب: أن الفقيه الهمداني لم يذكر الفوائد باعتبار أنه يرى أن عطف الفوائد على الغنائم عطف تفسير لا أن الفوائد شيء غير الغنائم حتى تقول له بأنه صحيح لا يدخل في الغنائم ولكن يدخل في الفوائد, ولم يشر إلى الفوائد باعتبار أن الفوائد لا تختلف عن الغنائم, هذا أولاً.

    وثانياً: حتى لو تنزلنا وقلنا أن الفوائد غير الغنائم طيب أنتم تتذكرون بالأمس قلنا أن الفوائد على قسمين أو على ثلاثة أقسام؟ على ثلاثة أقسام, قسمٌ وهو من غير ترقبٍ, وقسم الذي هو ربحٌ في تجارة, من أين تثبت أن المراد من الفوائد ما يشمل القسم الثالث أيضاً, من أين؟ إلا على ما ذكرناه فيما سبق قالوا أنه غنائم دار الحرب ومطلق الفوائد أعم من المترقبة وغير المترقبة. قلنا لا في اللغة ليس الأمر كذلك.

    إذن ما ذكره السيد الخوئي غير تام.

    وكذلك ما ذكره سيد محمد سعيد الحكيم أيضاً في الإشكال على الفقيه الهمداني, الإشكال على الفقيه الهمداني للسيد محمد سعيد الحكيم في مصباح المنهاج في ص178 هذه عبارته, يقول: >وجه الاندفاع< يقول: >ومما ذكرنا يظهر وجه اندفاع ما عن الفقيه الهمداني< وجه الاندفاع ما هو؟ >ما أشرنا إليه آنفاً من أن صدر الصحيح المشتمل على التخفيف ليس وارداً في الخمس المعهود< هذا نفس الكلام الذي نقلناه عن بعض الأعلام المعاصرين وقد اتضح كلام غير تام, ظاهر العبارة أن الإمام يقول خمس وزكاة, حمله على الخمس المتعارف بأي قرينة؟ إلا قرينة الآية وقد أجبنا عليه بالأمس. >بل هو صدقةٌ خاصةٌ للتطهير<.

    انظروا بارتكازهم الفقهي هؤلاء الأعلام يلتفتون أن صدر الرواية تتكلم عن شيء والوسط يتكلم عن شيء آخر وتوجيه الفني ونكتته الفنية ما أشرنا إليه من أن الخمس على نوعٍ واحد أو على نوعين؟ ليس على نوعٍ واحد وإنما على نوعين, ولكن لأن أذهانهم الشريفة كانت منصبة على أن الخمس ما هو؟ نوعٌ واحدٌ عند ذلك بقوا في حيرة كما قرأنا جملة من الأعلام قال: >أطمأن بعدم صدور هذه الرواية< ما هو منشأه؟ منشأه عدم إمكان الجمع بين مقاطع ونصوص هذه الرواية. على أي الأحوال.

    كما يقول الأعلام, أنا بالأمس الله يعلم كنت أرى بأنه أيوجد أحدٌ ملتفت إلى هذه النكتة أم لا, فبحثت طويلاً أنه في كلمات الأعلام أنه يوجد من هو ملتفت أم لا؟ بحمد الله تعالى وجدت ليس بهذا البيان الذي أنا وجدته ولكن التفت وجدت بأنه بعض الأعلام قالوا نعم, أن الرواية تتكلم عن نوعين من الخمس لا نوع واحد, الآن ما أشار إلى هذين النوعين ما هما ولكن ماذا؟ الله يعلم أنا هذا ما كنت قد رأيته, بالأمس بالدقة وجدتُ بأنه الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني في منتقى الجُمان -الذي أنا اشتباهاً وسبق لسان قلت للشهيد الثاني فيما سبق- منتقى الجمان لشيخ حسن ابن الشهيد الثاني, في الجزء الثاني من منتقى الجُمان في ص439, يقول: >قلت على ظاهر هذا الحديث عدة إشكالاتٍ ارتاب منه فيه بعض الواقفين عليه, ونحن نذكرها مفصلةً ثم نحلها بما يزيل عنها الارتياب, الإشكال الأول< ما هو الإشكال الأول؟ هذا الذي قلناه للأعزة فيما سبق يقول: >أن المعهود المعروف من أحوال الأئمة أنهم خزنة العلم وحفظة الشرع يحكمون فيه بما استودعهم الرسول وأطلعهم عليه وأنهم لا يغيرون الأحكام بعد انقطاع الوحي وانسداد باب النسخ فكيف يستقيم قوله في هذا الحديث أوجبت في سنتي ولم أوجب ذلك عليهم في كل عام, وأوجبت ولم أوجب, هذه خلاف اللغة التي نعهدها من أئمة أهل البيت< إشكالٌ وجيه أن أهل البيت لا يتكلمون بهذا الخطاب.

    إشكالٌ آخر يقول: >أن الوجه في الاقتصار على نصف السدس غير ظاهرٍ بعد ما عُلم من وجوب الخمس في الضياع< الروايات الواردة ما قبل الإمام الجواد× سنقرئها بعد ذلك, أنه يجب الخمس في الضياع بعد المؤونة, ما بعد الإمام الجواد× ايضا قرأنا رواية الإمام الهادي يجب الخمس بعد المؤونة في الضياع, إذن لماذا الإمام× يخالف آبائه وأبنائه يخالفونه على أي أساس >التي يحصل منها المؤونة كما يستفاد من الخبر, والجواب<

    أقرا العبارات: >إذا تقرر هذا فأعلم أن الإشكال وأمثال هذه الإشكالات< التفتوا أصلٌ الإخوة الذين يبحثون هذه من قواعد الاستنباط من مفاتيح عملية الاستنباط, >اعلم أن الإشكال الأول< الذي لماذا هؤلاء يتكلمون بلغة أو أوجبت ولم أوجب >مبنيٌ على ما اتفقت فيه كلمة المتأخرين هذه العبارة ماذا تستكشف منها أنه المتقدمين ما كان هذا نظرهم هذه نظر من؟ نظر المتأخرين >على ما اتفقت فيه كلمة المتأخرين من استواء جميع أنواع الخمس< يقول المشكلة نشأت في أذهان الأعلام من ماذا؟ من هذه النقطة وهو أنهم تصوروا أن الخمس نوعٌ واحد, لم يقم دليل على هذا, أصلاً لا يشير إلى الأنواع ولكن فقط ملتفت إلى هذه النكتة >أنواع الخمس … ونحن نطالبهم بدليله ونضايقهم في بيان مأخذ هذه التسوية< من أين تقولون أن كل أنواع الخمس واحدة, من أين هذه؟ هذه التسوية من أين جاءت؟ >كيف وفي الأخبار التي بها تمسكهم< يعني الأعلام >وعليها اعتمادهم ما يؤذن بخلافها< يعني متساوية هذه الأنواع أو غير متساوية؟ غير متساوية >بل ينادي بالاختلاف كالخبر السابق ..< إلى غير ذلك إلى أن يقول: >وإذا قام لا أقل الاحتمال احتمال الاختلاف فضلاً عن اتضاح سبيله باختصاص بعض الأنواع بالإمام< أنواع ماذا؟ أنواع الخُمس, >فهذا الحديث مخرّج عليه وشاهدٌ له< إلى أن يقول: >وإشكال نسبة الإيجاب فيه بالإثبات والنفي إلى نفسه مرتفعٌ معه< مع هذا البيان >فإن له التصرف< في هذا النوع الثاني لا في النوع الأول, إلى أن يقول في ص441, >ثم إن في هذه التفرقة بمعونة ملاحظة الاستشهاد بالآية وقوله بعد ذلك فليتعمد لإيصاله ولو بعد حين دلالة واضحة على ما قلناه من اختلاف حال أنواع الخمس< يقول عندما جاء إلى الغنائم والفوائد استند إلى ماذا؟ إلى الآية, أما عندما ذكر الأول يعني ذكر التخفيف والإيجاب ونصف السدس أسنده إلى الآية أو لم يسنده؟ لم يسنده هذا معناه أنه مرتبط به (عليه أفضل الصلاة والسلام) >وان خمس الغنائم ونحوها مما يستحقه أهل الآية ليس للإمام أن يرفع فيه ويضع على حد ما له في خمس نحو الغلاة وما ذاك إلا للاختصاص هناك والاشتراك هنا<.

    أنا أتصور بأنه حتى نخرج عن الوحدة, طيب يوجد أيضاً قول يقول بهذا المعنى الذي أشرنا إليه وإن لم يكن بالمعنى الذي أنا أريد, كما سأبين بعد ذلك.

    أعزائي مما تقدم الآن لا أتصور أنه عندنا بقي بحث كثير في هذه الآية, ممّا تقدم يتضح بأنّ ما ذكره السيد الروحاني وأتبع نفسه في هذه المسألة في رد هذه الرواية في غير محله, يقول: >ويتوجه< إلى أن يقول: >وأما مكاتبة علي ابن مهزيار, فهي وإن كانت بحسب السند صحيحة إلا أنها بحسب المتن مضطربةٌ جداً بحيث أوجب الاطمئنان الشخصي بعدم صدورها من المعصوم (عليه أفضل الصلاة والسلام) وإليك فقرات منها كشاهد صدقٍ على ما ادعيناه< الآن انظروا إلى الشواهد التي يشير إليها ما هي.

    الشاهد الأول: يقول: >قال إن الذي أوجبت في سنتي< إلى أن يقول: >ولا يخفى أن الآية الكريمة واردة في باب الزكاة ولا ربط لها بباب الخمس فكيف استدل بها للخمس< أتصور أنّ جوابه اتضح سابقاً والأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أصلاً بشكل واضح وصريح كان يقولون أن هذا الذي نحن نفعله آثاره على حد آثار ما كان يفعله رسول الله’, التفتوا جيداً, يقولون هذا الخُمس المرتبط بنا لا الخمس المرتبط بالغنائم والفوائد, هذا الخمس الذي مرتبط بنا. دعني أقرأ لك رواية. وجداً رواية قيمة.

    الرواية واردة في وسائل الشيعة وهي عن الإمام الرضا× >كتب رجل من تجار فارس من بعض موالي الرضا يسأله الإذن في الخُمس, فكتب إليه× إن الله واسعٌ كريم, ضمن على العمل الثواب لا يحل مالٌ إلا من وجهٍ أحله الله< هذه القاعدة وهذا المال مالٌ من؟ مالنا مرتبط بنا >إن الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالتنا وعلى أموالنا وما نبذله ونشتري من أعراضنا ممن نخالف سطوته فلا تزووه عنّا< لماذا يا ابن رسول الله ما هي المشكلة؟ قال: >ولا تحرموا أنفسكم دعائنا ما قدرتم عليه< لأنه عندما تعطوننا حقنا نحن ماذا نفعل؟ أن الرسول كان يدعو لهم {إن دعائك سكنٌ لهم< هو نفس المضمون, يريد أن يقول: >ولا تحرموا أنفسكم دعائنا ما قدرتم عليه فإن إخراجه مفتاح رزقكم وتمحيص ذنوبكم< وهذا نفس الذي قلناه في مسألة يطهرهم ويزكيهم, نفسه مع أنه واردة في الزكاة أو واردة في الخمس؟ سيدنا من قال بأنه إذا واردة الآية في الزكاة إذن نفس العلة والهدف والغاية ما موجودة في الخمس. إذن هذا الكلام كلامٌ غير تام.

    الشاهد الثاني: >ولم أوجب ذلك عليهم في كل عام< إشكاله يقول: >وفي هذه الفقرة جهاتٌ يصعب فهمها, الأولى: >ولم أوجب عليهم ذلك في كل عام, وهو منافٍ لقوله فأما الغنائم فهي واجبة عليهم في كل عام<.

    الجواب: لأن ذهنكم الشريف كان منصباً على ماذا؟ على أن هذا نوعٌ واحد فلهذا وقع التنافي بينهما, مع أن هذا نوع وذاك نوعٌ آخر, ثم >وإنما أوجبت عليهم الخمس مع العلم بأن في الذهب والفضة إذا كانا مسكوكين مع حولان الحول يجب الزكاة دون الخمس<.

    الجواب: نعم, الإمام إذا يريد أن يفرض ذلك الخمس الثابت في الكتاب والسنة على الذهب والفضة نعم يرد الإشكال ولكن هذا خمس من نوع آخر ضريبة أخرى حقٌ آخر وضعه الإمام لحاجة الشيعة إليه.

    وقوله بعد ذلك >أنه على فرض ثبوت الخمس فيهما أيضاً فما هو الوجه في قوله: وإنّما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه, وهل الخمس على تقدير ثبوته ممّا يتقيد بحسب التشريع بسنة خاصة< كان ينبغي أن يكون هذا منبهاً أن هذا ليس هو الخمس الثابت في الكتاب, >وهل أن أمر تقييده بذلك بيد الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام)<.

    الجواب: نعم, ليس النوع الأول أمر تقييده بيده ولكن النوع الثاني أمر إثباته وضعه رفعه تخفيفه بيده. >أسئلةٌ تثار ويصعب الإجابة إليها< بالنسبة إلى الأفق التي يعيشها في الرؤية التي يحملها هو وغيره من الأعلام, وإلا أسئلة ما أسهل الجواب عنها, ثم قال: >فأما الغنائم فهي واجبة عليهم في كل عام ففيه أولاً أنه منافٍ لصدر الرواية< لا ليس منافياً لصدر الرواية كما بينّا. >وثانياً: أن خمس الغنيمة المأخوذ من دار الحرب غير واجبٍ إلا مرةٍ واحدة< الجواب: سيدنا من قال لكم أن الآية فقط تتكلم عن غنائم دار الحرب بل تتكلم عن غنائم دار الحرب والنوع الثاني من الفوائد ونحو ذلك. إذن ما ذكره أيضاً السيد الروحاني في هذا المجال كلامٌ غير تامٍ.

    وكذلك ما جاءت الإشكالات في مدارك الأحكام للسيد الموسوي العاملي, المجلد الخامس ص383, يقول: >وأما رواية علي ابن مهزيار فهي معتبرة السند لكنها متروكة الظاهر< أعزائي هذا ترك الظاهر أو الإعراض عن الرواية هذا من قبيل الإجماع المدركي, الإجماع المدركي حجة أو ليس بحجة؟ ليس بحجة, هذا الإعراض أيضاً ليس من الإعراض التعبدي من الإعراض المدركي, إنما أعرضوا لأنهم لم يستطيعوا أن يفهموا فقه الروايات, فلهذا مثل هذه الإعراضات, هذا مضافاً إلى أنها من المتأخرين ومتأخري المتأخرين, لا قيمة لمثل هذه الإعراضات أو الإجماعات ونحو ذلك, إذا كان هناك قيمة للإعراض وللإجماع فهو في عصر الغيبة الصغرى وما هو قريب, ونحن ذلك أيضاً لا نوافق عليه كما أشرنا في أبحاث سابقة.

    قال: >متروكة الظاهر من حيث اقتضائها وجوب الخمس في الذهب والفضة< وهذا أجبنا عنه >ومع ذلك فمقتضاها كذا, ومن حيث كذا فيكون كذا< إلى آخره نفس بعض الإشكالات التي أشير أيضاً أشير إليها هنا.

    وكذلك اتضح للأعزة أن ما ذكره المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان المجلد الرابع ص315 أيضاً نفس هذه الإشكالات التي أشرنا إليها أيضاً غير تامٍ.

    وكذلك أعزائي كل من كتب في هذه الإشكالات ففي إطارها اتضح الجواب عنها جميعاً.

    يبقى عندنا بحثٌ أو بحثان في هذه الرواية أو أمر أو أمران في هذه الرواية لا بأس بالإشارة إليهما.

    الأمر الأول: وهو أنه في وسائل الشيعة الرواية الواردة تقول بأنه عندما يذكر الغنائم والفوائد, يقول: >من قبيل ومثل مالٍ يؤخذ لا يعرف له صاحبٌ< ايضا لابد من دفع خمسه, طيب هنا تعلمون بأن المشهور بين الفقهاء أن مجهول المالك هل يستطيع الإنسان بمجرد أن يجد شيئاً لقطة أو مجهول مالك يتملكه ويدفع خمسه يمكنه أو لا؟ المشهور أنه لا يحق, وإن كان هناك رأيٌ أنه أيضاً في مجهول المالك ماذا؟ في مجهول المالك يتملكه ويدفع خمسه, الذين قالوا بهذا الرأي مستندهم هذه الرواية, هذه الصحيحة, يعني إذا وجدت أن الفقهاء يقولون أن مجهول المالك إما يتصدق عن صاحبه وإما أنه بإذن الحاكم يصرف نصفه ويعطي نصفه وإما أنه يتملّكه جميعاً ويعطي الخمس فقط, القائلون بهذا الرأي مستندهم هذه الصحيحة, فأنت ومبناك الفقهي.

    إذا كانت هذه الرواية تتكلم عن مجهول المالك, بلي, >ومثل مالٍ يؤخذ لا يُعرف له صاحبٌ< هذه دالة على مجهول المالك أو لا؟ البعض يقول نعم لا يُعرف له صاحبٌ, فهموا النص بنحو السالبة بانتفاء المحمول لا السالبة بانتفاء الموضوع, له صاحب ولكن لا يُعرف, بعض الفقهاء قالوا لا لا دليل في الرواية على أنه هذه سالبة بانتفاء المحمول >لا يُعرف له صاحبٌ< أساساً من يقول أن له صاحب أصلاً من قال هذا, لعله من المباحات, مثل هذا نعم يدفع خمسه, إذن تشمل مجهول المالك أو لا تشمل مجهول المالك؟ لا تشمل مجهول المالك.

    التفتوا ثم يبرزون, التفتوا هذا أنت واستظهار الفقيه, قال: >ومثل مالٍ يؤخذ لا يُعرف له صاحبٌ< هذه لا يُعرف له صاحبٌ يعني له صاحب ولا تعرفه أو تشك أن له صاحب أو ليس له صاحب؟ فإن كان الأول فيشمل مجهول المالك. أما إذا كان الثاني فلا يشمل مجهول المالك.

    جملة من الأعلام منهم السيد الخوئي وغير السيد الخوئي قالوا لا, هذه لا تشمل مجهول المالك لماذا؟ لأن الرواية ما قالت: ومثل مالٍ يؤخذ لا يُعرف صاحبه, قالت: >لا يُعرف له صاحبٌ< لو كانت قالت لا يعرف صاحبه, فهي مختصة بمجهول المالك يعني له صاحب ولكن لا تعرف صاحبه, يعني أثبتت الرواية للمال المأخوذ صاحب ولكن لا يُعرف, أما عندما قالت: >لا يُعرف له صاحبٌ< هذا كما تنسجم مع انتفاء المحمول تنسجم مع انتفاء الموضوع يعني مال واقعٌ واقعاً لا تعلم هل له صاحب أو أساساً أصلاً صاحبه أعرض عنه انتهى, هل هو ضاع منه أو لا أعرض عنه؟ وهذا بحثٌ آخر لا علاقة, هذه بعض مثل هذه النكات أدّى بجملة من الأعلام >أنها مخالفة للمسلّمات< لا يا أخي ليست مخالفة للمسلّمات هذا رأيٌ موجودٌ في المسألة وتابع للاستظهار من هذه الرواية.

    أو ما يتعلق بنص آخر فيها قال: >والميراث الذي لا يُحتسب من غير أبٍ ولا ابن< السيد الميلاني+ في كتاب الخمس يقول هذه من عويصات هذه الرواية هذا المقطع, هذه >من غير أبٍ ولا ابن< هذا الجار والمجرور متعلق بيحتسب أو متعلق بالميراث؟ والميراث من غير أبٍ أو لا يُحتسب من غير أبٍ أي منهما؟ هذا بحث لعله في عشرة صفحات, طيب هذا بحث مرتبط بباب الميراث لا علاقة له بالبحث حتى أنه نحن إذا عندنا وجهة نظر تخالف هذه الرواية نقول إذن الرواية مضطربة, لا لا علاقة له بذلك.

    إذن الرواية في عقيدتي من أوضح الروايات ومن أدق الروايات ومن أهم الروايات في باب الخمس في أرباح التجارات, ولذا نحن سنجعل هذه الرواية هي الأصل في فهم باقي الروايات الأخرى التي لا يوجد فيها هذا التفصيل, لأنه هذه الرواية مفصلة, فإذا جاءت روايات أخرى وهي مبهمة لا نعلم أنها تتكلم عن النوع الأول أو تتكلم عن النوع الثاني هذه الرواية ماذا تصير؟ تكون مفسّرة لتلك الروايات مبينّة لمضمون تلك الروايات.

    نعم, يبقى عندنا بحث أخير أشير إليه إجمالاً الآن وتفصيله موكول إلى محله, إذا يتذكر الأعزة نحن قلنا عندنا أنواع ثلاثة من الحكم, الحكم الذي هو فرض ربكم تشريعٌ ثابت, الحكم الذي هو سنة نبيكم, عندما نقول نبي يعني الأعم من النبي والإمام الذي فوّض إليه هذا الأمر, وهذا أيضاً ثابت كالركعتين الأخيرتين أو فيما يتعلق بالشك بين الصفا والمروة والشك في الطواف, تتذكرون الروايات التي قراناها, أنه الشك في الطواف له حكمٌ والشك بين الصفا والمروة لها حكمٌ آخر قال لأن ذاك فرض ربكم وهذه سنة نبيكم. هذا النوع الثاني.

    النوع الثالث: الأحكام الولائية يعني التي صدرت من الإمام بحكم تشخيصه في زمانه.

    سؤال: لا إشكال ولا شبهة أن هذا النوع من الخمس وهو في أرباح المكاسب ليس من النوع الأول, يقع الكلام أنه من النوع الثاني أو من النوع الثالث, طيب ما هي الثمرة؟ ثمرات كثيرة مترتبة, لأنه إذا ثبت من النوع الثاني فهو ثابتٌ سواء في زمن الحضور أو في زمن الغيبة, أما إذا ثبت أنه من النوع الثالث, طيب عند ذلك لابد أن نعرف أنه ما هو الدليل على أنه شاملٌ لزمن الغيبة أيضاً.

    هذا سيأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/09
    • مرات التنزيل : 1007

  • جديد المرئيات