نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (162)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    انتهينا بحمد الله تعالى إلى أنّ الخُمس في أرباح المكاسب إنما صدر من الأئمة المتأخرين (عليهم أفضل الصلاة والسلام) بعنوان أنه تشريعٌ وحكمٌ ولائي, فهذا المنصب ثابت للأئمة لا يختلف عليه اثنان, نعم إذا كان هناك كلامٌ فإنه هل يثبت لهم التشريع بالنوع الثاني أم لا؟ باعتبار أنه التشريع من النوع الثاني وهو التشريعات الثابتة التي هي جزء من الشريعة هذا لا إشكال ولا شبهة بين فقهاء الإمامية أنه ثابتٌ لمقام الرسالة’, نعم وقع الكلام بين بعض العلماء أن هذا المقام هل هو ثابت للأئمة أم لا؟ ووجه اعتراض هؤلاء البعض, طبعاً بحث لم يبحث ومن حقه أن يُبحث وجه أولئك المعترضين لا لعدم الوجود الروايات, الروايات موجودة في المقام ولكنهم يقولون بأنهم أعرضوا فقهاء الأمامية أعرضوا عن العمل بمثل هذه الروايات. هذا بحث موكول إلى محله, طبعاً نحن رأينا في المسألة واضح وهو أنه لا, المقامات الثابتة للرسول ثابتة للأئمة إلا ما خرج بالدليل.

    المهم, أن خُمس أرباح المكاسب إنما فرض بحكمٍ ولائي وهذا ثابت لأئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) إنما الكلام كل الكلام أعزائي أن هذا الحكم الولائي الثابت لأئمة أهل البيت هل هو مختصٌ بهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أم أنه يوجد لفقهاء عصر الغيبة أيضاً, وهذه مسألة مهمّة ولابد أن تبحث في زواياها المختلفة إذا أردنا أن نتكلم في ذلك أعزائي لابد أن يكون البحث في مقامين, ولكن أنا ليس بودي أن أدخل في تفاصيل هذه المسائل وإنما إن شاء الله لهذه المسألة موضع آخر.

    المقام الأول: أنه أساساً هل يوجد للفقيه صلاحية وحكم أن يبيّن ويشرّع ويعطي حكماً ولائياً أعطي مثل هذه الولاية أو لم يعطَ؟ – إن صح التعبير- كان التامة, توجد له هذه الصلاحية أو لا؟

    المقام الثاني: كان الناقصة وهو أنه إذا أعطي ما هي سعتها؟ سعة دائرة الولاية التي أعطيت للفقيه في عصر الغيبة.

    هذا بحث مهمٌ وأساسي وجملة من الأعزة أيضاً طلبوا أن نتكلم في هذا ولو بمقدار الإجمال حتى أبين الصورة التي نعتقدها لأنها مرتبطة بالمسألة محل البحث, حتى تعرفون مبانيها الفقهية أيضاً, ونخرج من هذه الفُوضى التي تطرح هنا وهناك في مسألة صلاحيات الفقيه في عصر الغيبة, لا أقل أن المباني تتضح للأعزة إذا أراد أن يبحث يعلم أنه في أي اتجاه يبحث.

    أعزائي نشير إلى بحثين:

    البحث الأول: -الذي لابد من الإشارة إليه- هي: ما هي الاتجاهات إزاء مشروعية السعيّ لإقامة الحكم الإسلامي في عصر الغيبة, أصلاً هذا العلم مشروع أو أنه غير مشروع؟ أننا نعيش في عصر الغيبة مذ مئات السنين ولعله نعيش مئات السنين أخرى بل لعلنا نعيش آلاف السنين الأخرى, الكل بيد الله سبحانه وتعالى, ما هي وظيفة المكلّف وما هي الاتجاهات إزاء السعيّ لإقامة الحكم الإسلامي في عصر الغيبة.

    أعزائي يوجد اتجاهان أساسيان في مدرسة أهل البيت -طبعاً بهذا الوضوح الذي أنا أقوله لا يوجد- ولكنه أستشف أنا من كلمات الفقهاء هذا المعنى, يوجد اتجاهان:

    الاتجاه الأول يقول: أنه لا يجوز السعي لذلك أصلاً عملٌ محرم في زمان الغيبة. وذلك للروايات التي بعضها أيضاً صحيحة السند التي بينّت أن كل محاولةٍ من هذا القبيل أولاً لا تصل إلى مقصودها, وثانياً: إذا وصلت لا تزيد شيعتنا إلا مكروهاً ونحو ذلك, مجموعة من النصوص التي استندوا إليها وذكروها وهي موجودة في الكتب, أنا أشير إلى مجموعة أو بعض هذه الروايات.

    منها: الروايات الواردة في (وسائل الشيعة, طبعة مؤسسة آل البيت, المجلد الخامس عشر, ص50, هناك بابٌ تحت عنوان: باب حكم الخروج بالسيف قبل قيام القائم×) مجموعة من الروايات, الروايات بعضها صحيحة السند, الآن لسنا بصدد بحثها.

    الرواية الأولى: >عن علي ابن الحسين× قال: والله لا يخرج أحدٌ منّا قبل خروجه (عليه أفضل الصلاة والسلام) إلاّ كان مثله كمثل فرخٍ طار من وكره قبل أن يستوي جناحاه فأخذه الصبيان فعبثوا به<. هذا تمثيل كل حكومة قبل قيامه (عليه أفضل الصلاة والسلام).

    رواية ثانية: >قال أبو عبد الله الصادق×: يا سدير إلزم بيتك وكن حلساً من أحلاسه واسكن ما سكن الليل والنهار فإذا بلغك أن السفياني قد خرج فارحل إلينا ولو على رجلك< إذن هذه المدّة لابد أن تكون حلسة بيوتكم. >قال: يا ابن رسول الله أين نجد العافية أو الراحلة؟ قال: تسعة في اعتزال الناس وواحدة في الصمت< أولاً: أصلاً لا تختلط معهم, وإذا اضطررت للاختلاط اسكت, هذه روايات موجودة في تراثنا الفقهي.

    رواية أخرى: -ولعلها صحيحة السند- قال: >كل راية ترفع قبل رايته (عليه أفضل الصلاة والسلام) فصاحبها طاغوتٌ يعبد من دون الله عز وجل<.

    أنا أتصور أن الألسنة جداً السنة شديدة اللحن, وتحذر من هذه العملية.

    روايةٌ أخرى: قال في خطبةٍ له أمير المؤمنين >ألزموا الأرض واصبروا على البلاء ولا تحركوا بأيديكم<.

    طبعاً صاحب الوسائل قال بالسيف هذه بعض المصاديق وإلا الروايات مطلقة لا أنه كل خروج بالسيف, أي خروج كل قيام سواء كان بالسيف أو بغير السيف, المهم هو قيدها في العنوان بالسيف وإلا في الروايات ليس كذلك.

    قال: >ألزموا الأرض واصبروا على البلاء ولا تحركوا بأيديكم وبسيوفكم في هوا ألسنتكم ولا تستعجلوا بما لم يعجل الله لكم, فإنه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حق ربه .. هذا أفضل…< إلى آخر ذلك.

    وروايات كثيرة >وما أدراك تدركها<, >قال عن جابر: ألزم الأرض ولا تحرك يداً ولا رجلاً حتى ترى علامات أذكرها لك, وما أدراك تدركها اختلاف بني فلان ومنادي ينادي من السماء ويجيكم من الصوت من ناحيتي< وفيه علامات كثيرة في هذا المجال.

    إذن الروايات كثيرة قد تصل إلى عشرين أو أكثر في هذا المجال.

    ورواية أخرى -أنا ما صار عندي وقت أراجعها- ولكن موجودة في مقدمة (شرح الصحيفة السجادية لرياض السالكين) هناك الرواية طويلة قال: >ثم قال أبو عبد الله الصادق× ما خرج ولا يخرج منّا أهل البيت إلى قيامه (عليه أفضل الصلاة والسلام) أحد ليدفع ظلماً أو ينعش حقاً إلا اصطلمته البلية< اصطلام المستأصل الذي يقطع آخره, >إلا اصطلمته البلية وكان قيامه زيادةً في مكروهنا وشيعتنا< ونحو ذلك, نصوص من هذا القبيل.

    إذن الاتجاه الأول -هؤلاء جداً مرتاحين في زمن الغيبة- وهو أنهم أساساً لابد أن يسعوا للقيام أو لا يسعوا للقيام؟ لا فقط لا يسعون للقيام أو لا يسعون لإقامة الحكم, حتى لو قام الحكم الإسلامي لسببٍ صدفةً اتفاقاً أصلاً النظام العالمي أراد أن يسقط النظام الدكتاتوري ويعطيه بيد مَن؟ بتعبيرهم على ظهر الدبابات ووصلنا إلى الحكم الإسلامي هل يجوز أن نمارس؟ هؤلاء يقولون أيضاً لا يجوز التمارس. ولذا يبقون مقاطعيين سلبيين حتى لو لم يسعوا هم, ولكن من باب الاتفاق من باب خارجي جاء ووقع. هذا الاتجاه الأول.

    الاتجاه الثاني: وهو الاتجاه الذي يرى وجوب السعي أو وجوب إقامة الحكم الإسلامي على موازين الإسلام في عصر الغيبة, أعزائي هذا الاتجاه فيه نظريتان أو توجهان -عبروا ما تشاؤون- أو رأيان:

    رأيٌ يقول: بأن إقامة الحكم الإسلامي واجبٌ, طيب تعملون أن إقامة الحكم الإسلامي لا يأتي من نفسه لابد من إيجاد الظروف الشروط السعي المقدمات تشكيل افترضوا الجمعيات أحزاب مؤسسات التسلح لعله إلى آخره, كل المقدمات حتى نستطيع -وخصوصاً مثل هذه الأزمنة- فهل يجب أو لا يجب؟ الجواب:

    التوجه الأول يقول: هذه المقدمات بمنزلة مقدمات الواجب يجب تحصيلها يعني على المكلف أن يذهب, مكلف, العالم الناس المسلمين المؤمنين كلهم يجب عليهم أن يسعوا لتحصيل ذلك ولو بالقوة المسلّحة.

    هذا التوجه يميل إليه أو يصرّح به شيخ ميرزا جواد التبريزي شيخنا الأستاذ شيخ ميرزا جواد يقول بأنه يجب ذلك, ولو توقف على إراقة الدماء ولو … إلى غير ذلك.

    هذا المعنى الإخوة إذا أرادوا أن يراجعوه بإمكانهم يوجد عنده بحث تفصيلي في (إرشاد الطالب) من ص20 هذه الطبعة التي هي طبعة حديثة التي طبعت, من ص20 يوجد عنده هناك بحثٌ يبدأ من ص20 يقول: >بأنه أساساً بقي الكلام في كذا… والحاصل: أن للفقيه مناصب ثلاثة: أولاً, وثانياً …< إلى أن يأتي في ص40 هذه عبارته هناك يقول: >وعلى ذلك فينبغي الكلام في موضعين ما إذا تصدى أمر المسلمين من ليس أهلاً له كما في غالب بلاد المسلمين في عصرنا الحاضر فما هو التكليف؟ يقول: التكليف بأنه لابد من إسقاط الظالم خصوصاً إذا كان فيه خوف على حوزة الإسلام على بيضة الإسلام على المبادئ الدينية وأن هؤلاء كانوا يريدون أن يسلطوا الظلمة الكفار ويجعلونها تحت كذا …< يقول بأنه >وأما إذا توقف ذلك على ارتكاب محرمٍ في نفسه فلابد من ملاحظة الأهمية ولا ريب كذا…< إلى أن يقول: >كل ذلك تحفظاً ودفاعاً عن المسلمين وأعراضهم هذا بحث الكبرى, واما بحسب الصغرى فإن أحرز فقيهٌ حال الظالم وأنه كذا, فإنه يحكم بوجوب القيام وأنه على الناس أن يطيعوه< بحثٌ مفصل عنده هنا, الأعزة يمكنهم مراجعته, هذا رأيٌ وهو الرأي الذي يرى أن تهيئة المقدمات هي مقدمات واجبة كتهيئة مقدمات الصلاة إذا دخل الوقت لابد من تحصيل الوضوء أو تحصيل المقدمات. أو إذا حصلت الاستطاعة فإنه يجب أن تهيأ المقدمات للذهاب إلى الحج.

    الرأي الآخر يقول: لا, أن تهيئة المقدمات من قبيل مقدمات الوجوب, من قبيل الاستطاعة بالنسبة إلى الحج, يجب تحصيلها أو لا يجب تحصيلها؟ لا ليس على المكلف تحصيلها. نعم, إذا حصلت بنحوٍ من الأنحاء كالاستطاعة, الاستطاعة لا تجب عليك أن تذهب لتحصيل الاستطاعة ولكن جاءك من باب الاتفاق وحصلت الاستطاعة فلا تستطيع أن ترفض لابد أن تأتي بالحج, هذه الوجهة نظر تقول: بأنه إذا حصل عند ذلك على الفقيه أو على من له الصلاحية -الآن بحثنا ليس في الفقيه- أن يتصدى لإقامة حكم الله في الأرض ولا يحق له أن يتوانا عن ذلك.

    طيب, تعلمون هذه المسألة من أهم المسائل المرتبطة بكل مكلّف في النتيجة هل يجب عليه أن يسعى أو لا يجب عليه أن يسعى, أياً منهما؟ وإذا جاءت منظمة أو جهة أو جمعية أو حزب أو مؤسسة أو أي شيء كان ودعاك إلى عملٍ من هذا القبيل لتهيئة المقدمات لإقامة الحكم, يجب عليك أو لا يجب عليك؟ تعلمون إذن ليست المسألة مسألة نظرية حتى نقول نتجاوزها بسرعة, لا, مسألة عملية محل الابتلاء الشديد وكم نُسأل وأنتم تسألون أيضاً بأن الآن توجد في بلادنا حركات منظمات أحزاب جمعيات مؤسسات وهذه تريد أن تهيأ الأرضية لإقامة الحكم الإسلامي, فهل يجوز الانخراط فيها أو لا يجوز؟ ومع الأسف الشديد على القاعدة تجد بأنه جملة من المجيبين في المواقع وغيرها يقول: هذه موضوعات, أي موضوع, هذه ليست موضوعات هذه ماذا؟ أحكام شرعية, أنت لابد أن تقول له بحسب الفتوى تقول له نعم يجب أو لا يجب. يجوز أو لا يجوز, نعم تشخيص أن هذه الحركة أو الحزب جائز أو لا تكون من الموضوعات, الآن ما أدري أن ذاك المجيب >ضعف الطالب والمطلوب. في السائل والمسئول نظر< على أي الأحوال. أعزائي التفتوا إلى هذه القضايا هذه أسئلة الآن تعيشونها يومياً لذا لابد أن تحدد موقفك في النتيجة إما أنت مجتهد وإما أنت مقلد إذا مجتهد رأيك لابد هذه تنقحها بالنسبة لك, وإذا كنت مقلد لابد أن ترجع إلى مرجعك وإذا قال هذه موضوعات فلابد أن تذهب وتفهمه وتقول له بأنه هذه ليست موضوعات هذه أحكام شرعية أنا أسألك يجوز أو لا يجوز, وإذا كان يجوز يجب أو لا يجب؟ عند ذلك تشخيص ذلك الموضوع الخارجي أنه أنا أشكل حزب أشكل منظمة سرية منظمة علنية, عمل مدني عمل عسكري هذا كله تابع للمنظومة لهذه الخريطة التي أنا أبينّها للأعزة. وهي شديدة واقعاً شديدة الابتلاء في مثل هذه الأزمنة, لأنه في الأعم الأغلب الآن واقعاً تجدون بأنه الشيعة يعيشون في بلدان توجد فيها مظالم يوجد فيها انتهاك حرمات يوجد فيها تولي أو تسلط الأجنبي على بلاده, يوجد فيها سرقات توجد فيها .. إلى آخره, ما هو التكليف الشرعي؟

    وهنا لابد أن نرجع إلى الأئمة, يعني أولئك الذين قالوا بعدم الجواز ارتاحوا, انتهوا لا عمل عندهم حتى الأئمة لا يبحثون عنهم لأنه تكليف الأئمة, أما أولئك الذين قالوا بالجواز ثم قالوا بالوجوب على نحو مقدمات الواجب لا مقدمات الوجوب, هنا لابد أن يرجعوا ويقرءوا تاريخ الأئمة أن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) يعني الإمام أمير المؤمنين عندما سلب حقه عندما غصبت خلافته وإمامته كيف تعامل؟ لابد أن نرفع, إما أن نقول جلس في البيت كما يحاول البعض وهذا كلام فارغٌ لا أصل له, الإمام لم يجلس في البيت, وإما حاول أن يرجع الوضع إلى نصابه, الآن ما هي الخطوات التي قام بها, ما هي خطوات الإمام الحسن× ما هي خطوات الإمام الحسين×, الإمام السجاد×, حتى من خلالها نشكل نظرية ومن خلالها نعرف ماذا نفعل وماذا فعلوا في مئتين وخمسين سنة أئمة أهل البيت حتى تكون نبراساً وطريقاً لنا للتعامل في عصرنا الحاضر, هذا البحث الأول. الذي أنا الآن هنا أغلقه فقط أشير – كما قلت- أشرت إليه إجمالاً وبحثه في محله.

    طبعاً فقط من باب الفتوى حتى يكون واضح للأعزة, أنا قائلٌ بالجواز أولاً, وقائلٌ أنه بمقدمات الواجب لا بمقدمات الوجوب. وهذا بحث في محله ما هي أدلتي على ذلك موكول إلى بحث آخر, أدعوا الله سبحانه وتعالى أن أوفق لبحث هذه المسألة إن شاء الله في النجف إن شاء الله. حتى نستطيع أن نعطيها حقها.

    البحث الثاني: ما هو البحث الثاني, الآن افترضوا أعزائي, طبعاً الاتجاه الأول قلنا لا علاقة لنا به, الاتجاه الثاني: قامت الحكومة إما بسعي كما في الاتجاه الأول أو في نفسه كما في الاتجاه الثاني, الآن من الذي يحكم هذه الدولة؟ هل الذي يحكم هو إنسانٌ موثوق وإن لم يكن فقيهاً, هل الذي يحكم, يعني بعبارة أخرى: الحاكم هل يشترط أن يكون فقيهاً جامعاً للشرائط, وأرجع وأقول أعزائي عندما أنا أقول فقيه لا يذهب ذهنك إلى باب الاجتهاد والتقليد في الرسائل العملية, أنا عندما أقول فقيه جامع للشرائط يعني ما أشرت إليه بالأمس أن يكون عالم دين لا عالم فقه, أن يكون بصير عارف بزمانه لا أنه عارف بالمباني فقط, وأن يكون شجاع هذه الخصوصيات أنا هذه أقولها في المتصدي لا في مرجع الفقه, في مرجع الفقه لا يشترط الشجاعة, يريد أن يعطي الفتاوى يمكنه أن يكون لأنه ليس من شرائط جواز التقليد في المسائل الفقيهة أن يكون شجاعاً هذه لم يذكرها أحد, نعم أن يكون ذكراً, أن يكون عاقلاً, أن يكون بالغاً .. إلى آخره. وإلا لم يقل أحد أن يكون بصيراً.

    نعم ولذا أنا في محله في الأسئلة وأجبت عنها, ميّزت بين مرجعية فقه ومرجعة الأمة ومرجعية الدين, هذه بابين لا باب واحد, هذه لها مجموعة من الشروط وتلك لها مجموعة أخرى من الشروط. على أي الأحوال. هل يشترط أن يكون الحاكم فقيهاً أو لا يشترط؟ هذا بحث لابد أن يبحث, أنه قد يقول قائل من قال بأنه ينبغي أن يكون فقيهاً لا إنسان أمين, طيب هذا كيف يطبق الأحكام الإسلامية؟ يأخذ رسالة عملية ويطبقها ويضع لجنة قانونية ويطبقها, هذا رأيٌ ويذهب إليه البعض.

    ورأي لا, يقول: لابد أن يكون فقيهاً جامعاً للشرائط أو مأذوناً من قبله, حتى لو لم يكن هو متصدياً لابد أن يأتي ويستأذن الفقيه الجامع للشرائط لماذا ما هو الدليل؟ يقول: باعتبار أن إقامة الحكم ولاية على الناس والولاية تحتاج إلى إذن من صاحب الولاية وهو الحق سبحانه وتعالى, وهذه الولاية ثابتة أولاً وبالذات لله, ثم أعطيت للنبي والأئمة, ومن بعدهم إلى من؟ لابد أن نذهب إلى الروايات والنصوص التي بأيدينا لنرى بأنه لمن أعطيت هذه الولاية في زمن غيبته (عليه أفضل الصلاة والسلام).

    من هنا أعزائنا الفقهاء دخلوا في بحث آخر, وهو: أنه لو قلنا بأن الفقيه بالمعنى الذي يقولون به أو بالمعنى الذي نقول به, هو الذي لابد أن يتصدى لإقامة الحكم, ما هي الصلاحيات التي أعطيت؟ هل أعطيت له صلاحيات أو لم تُعطه؟ وإذا أعطيت فما هي تلك الصلاحيات؟

    هنا توجد نظريات أربعة -بشكل إجمالي- وإلا البحث أكثر تفصيلاً وتعقيداً من الذي أشير إليه, ومع الأسف الشديد في الكتابات العربية يعني كتاب العرب, قليل وجدت – طبعاً من الشيعة وإلا غير الشيعة غير معنيين بمثل هذه التفاصيل- قليل كتبوا في هذا المجال وتحتاج إلى بحوث ضافية ومحل ابتلاء والله وبالله وتالله أيوجد صيغة أخرى للقسم حتى نقسم؟ أهم من أبحاث الصلاة, لأنه مسألة الصلاة مسألة شخصية, أما هذه المسألة مسألة شخصية أم مرتبطة بمصير الأمة؟ ومن لابد أن يجيب عليها إذا لم يكن الفقيه من الذي لابد أن يجيب عليها؟ إذا لم تكن الحوزات العلمية من الذي يجيب عليها؟ ولكن تجد أنت في باب الصلاة تكتب دورات تصل إلى خمسة وعشرين مجلد في باب الصلاة, ولكنه دلني على خمسة وعشرين كراس في هذا الباب؟ على أي الأحوال. ولذا تتأخر الأمة, الأمة ناس الجماهير الشعوب وخصوصاً الآن أنتم تعلمون أن الشيعة ما عادوا جالسين في كربلاء والنجف وأبو اصخير, أبداً انتهى الآن الشيعة متواجدين في مئتين دولة في العالم, وفيهم العلماء والأستاذة والجامعيين والمتمكنين و … والكل يطالب ما هو تكليفه؟ فإذا أنت ما تقوم بالوظيفة من يملأ الوظيفة؟ يملأها من ليس أهلاً لهذا الموضع, عند ذلك أنت تدخل في معركة كيف تدخل المعركة؟ تصدر فتاوى ضالٌ مضلٌ خارج, ما عندك شيء آخر لماذا؟ لأنه أنت ذاك الإنسان عنده مشكلة لابد أن تحلها له وإذا لم تحلها يذهب إلى غيرك الذي يحلها. وحيث أن ذلك لا يملك البصيرة لا يملك الأدلة لا توجد عنده الفقاهة الصحيحة, طيب يعطيه آراء منسجمة مع مباني المدرسة أم مع مباني الآخرين؟ مع مباني الآخرين. أنا وأنت مسئولون أمام الله سبحانه وتعالى, فلهذا الناس بيني وبين الله ألقت بقيادها إلينا, بدليل أنه الملايين تستقبلنا والملايين تضحي لأجلنا والملايين تنادي باسمنا ولكن فعلّنا لهم شيئاً أو لم نفعل؟ لم نفعل نحن تركناهم وإلا هم جاؤوا إلينا.

    القضية مسئولية لا يتبادر إلى الذهن أنه لا توجد عندنا مسئولية لا, توجد مسئولية لابد أن نجيب يوم القيامة وإلا أنزع هذه العمامة, لأنه هذه علامة أني أمثل مَن؟ أمثل الإمام المعصوم×. مثل القطعة التي يضعها المنهدس أو الطيب يضعها على, إذا أخطأ يحاسب يقول الآن أنا وضعت القطعة, يقال له لا أنت ليس من حقك أن تضع القطعة وأنت لست مؤهلاً لهذا الموضع, على أي الأحوال توجد اتجاهات أربعة أو نظريات أربعة:

    النظرية الأولى: هذه التي أشرنا إليها بالأمس وهي التي قالت بأن الفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة لم يعطى أي صلاحية من الصلاحيات أبداً, لا ولاية عامة ولا ولاية خاصة, لا كلية ولا جزئية, كأي فردٍ من أفراد الأئمة, تقول إذن هذا الفقيه, يقول: نعم أجيز أن يفتي الناس يسألونه ما هي الطهارة؟ يقول: هكذا, أهل الكتاب طاهر, ذاك حلال ذاك واجب إلى آخره, حتى القضاء -التفتوا جيداً الذي بالأمس قرأنا أن السيد الخوئي ماذا قال؟ قال: الإفتاء والقضاء- حتى القضاء يقول لم يقم عليه دليلٌ لكن من باب الحسبة أنه لابد أن نرفع مخاصمات النسبة, وإلا لم يوكل إليه من الإمام أمر القضاء ورفع المخاصمات والمرافعات للناس, هذا المعنى بشكل واضح وصريح في كل تراثه السيد الخوئي يؤكد عليه ويركزه من تلك المواضع المفصلة ما أشار إليه في (أواخر كتاب الاجتهاد والتقليد من التنقيح) يقول: >الولاية المطلقة للفقيه وتفصيل الكلام في ذلك أن ما يمكن الاستدلال به على الولاية المطلقة للفقيه في عصر الغيبة أمورٌ أولاً وثانياً والجواب وثالثاً والجواب… والجواب عن ذلك أن الأمور المذكورة< لأن السائل يقول له يعني المستدل يقول, يقول: بأنه أساساً توجد قضايا لا يمكن أن الشارع لا يهتم بها ويتركها بلا ولي.

    يقول: >والجواب عن ذلك أنّ الأمور المذكورة وإن كانت حتمية التحقق في الخارج وهي المعبّر عنها بالأمور الحسبية< الأمور الحسبية تعريفها واضح كما أشرت إليه في كتاب المنهج الجديد في الفقه الإسلامي أو هكذا شيء ذهب من بالي اسم الكتاب, هناك أشرت أصلاً فرق نظرية الحسبة عن نظرية ولاية الفقيه ما هي أساساً ومنطقة الفراغ, تفصيلاً موجود في ذلك الكتاب, الأمور الحسبية: تلك الأمور التي لا إشكال أن الشارع لا يرضى بفواتها ولم يعين لها متولٍ خاص, لا خاص ولا عام, أبداً لا يرضى بفواتها بأي حال من الأحوال, يعني ميتٌ طيب لابد أن يدفع الشارع يقول بأنه يترك في الشارع, يقول لا لا أبداً ما يترك, مَن المتولي؟ يقول المتولي الولي وإذا لم يوجد يقول كذا كذا.. في النتيجة عدول المؤمنين في النتيجة الناس, في النتجة هذا العلم لابد أن ينجز, إذن تلك الأمور لأنها أمور حسبية لأنها بمعنى الأمور القربيّة التي لا مناص من تحققها خارجاً لا إشكال, طيب أوكلها أمرها إلى الفقيه, قالوا للفقيه؟ يقول: لا أبداً, الفقيه ليس مسئولاً عنه, نعم القدر المتيقن من ذلك أن الفقيه لابد أن يؤديها, كما أن الفقيه هو القدر المتيقن كما مر إلا أنه لا يستكشف بذلك أن الفقيه له الولاية في عصر الغيبة لا توجد عنده ولاية ولكنه نعرف أنه لابد أن يؤدي ذلك, فإن تلك الأمور لا يمكن للشارع إهمالها كما لا يحتمل أن يرخص فيها لغير الفقيه, فيستنتج بذلك أن الفقيه هو القدر المتيقن في تلك التصرفات أما الولاية فلا, لماذا؟ لأن الولاية تحتاج إلى دليل الأصل وجود الولاية أو عدم الولاية؟ الأصل عدم الولاية حتى للنبي والأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) إلا إذا قام الدليل لأن الولاية لله سبحانه وتعالى. أما أو لو عبّرنا بالولاية فهي جزئية تثبت في موردٍ خاص أعني الأمور الحسبية ومن هنا يظهر أن الفقيه< ليس بمعنى أنه لا يوجد عنده ولاية يحكم الأمة, تعلمون إدارة الأمة تحتاج إلى مئات الأحكام ماذا؟ هذا يجوز هذا لا يجوز هذا للسجن هذا لكذا, هذه كلها أمور ولائية.

    ومن هنا يظهر أن الفقيه ليس له الحكم بثبوت الولاية, حكم ليس له, نعم يستطيع أن يسألوه يقول ثبت لي هكذا, أما يحكم هذا اليوم يوم رمضان, لأن الحكم مرتبط بمقام الولاية وهو ليست له الولاية حتى في هذا, >ولا نصب القيم على مسجد أو على يتيم أو على معتوه أو على سفيه, حتى هذه لا توجد عنده ولاية فيها, هذا يستطيع أن يدير الأمة, >أو المتولي من دون لأن هذا كله من شؤون الولاية المطلقة وقد عرفت عدم ثبوتها بدليل وإنما الثابت أن له التصرف في الأمور التي لابد من تحققها في الخارج بنفسه أو بوكيله …< إلى آخره, >وبهذا فذلكة الكلام: وبهذا أن الولاية لم تثبت للفقيه في عصر الغيبة بدليلٍ وإنما< يعني بأي دليلٍ كان >وإنما هي مختصة بالنبي والأئمة بل الثابت حسبما تستفاد من الروايات أمران: أولاً: حجية فتواه, وثانياً نفوذ قضائه إذا ترافعوا إليه< لا أنه هو يقول ترافعوا إليّ, نعم هم اختاروه وذهبوا إليه فنفوذ قضائه هذا ليس نفوذ قضائه بمعنى أنه يلزم, لا لا, لا توجد عنده ولاية أن يلزم, فقط يقول رأيي أن الحق لفلان, طيب هل تأخذ الحق من فلان وتعطيه, يقول لا ليست من وظيفتي أنا, أنا فقط أقول الحق لفلان, الآن إذا الطرف الآخر عجبه يعطي وإذا لم يعجبه لا يعطي.

    هذا المعنى بشكل واضح وأصرح من الذي أشرنا إليه أشار إليه إذا الإخوة يريدون أن يراجعونه, أشار إليه أيضاً في مباني تكملة المنهاج, في (مباني تكملة المنهاج الجزء الأول ص224) هناك >يجوز للحاكم الجامع للشرائط إقامة الحدود على الأظهر< إقامة الحدود أن يعطي فتوى أن هذا الشيء حده كذا هذه فقاهة, أما أن يقيم هذا الحد على شخص فهذه ليست مرتبطة بمقام الفقاهة مرتبطة بمقام الولاية, السيد الخوئي يقول أيضا هذه لا حق له فيها, يقول: >هذا هو المعروف والمشهور بين الأصحاب بل لم ينقل فيه خلافٌ إلا من فلان ويظهر من المحقق في الشرائع والعلامة ويدل على ما ذكرناه أمران: الأول: أن إقامة الحدود إنما شرّعت للمصلحة وهذا ينافي اختصاصها, الثاني: أن أدلة الحدود مطلقة وغير مقيدة بزمان دون زمان وهذه الأدلة تدل على أنه لابد من إقامة الحدود< فيقول الفقيه يقيمها لا من باب أنه أعطي الولاية بل من باب الأمور الحسبية, يعني حتى بقدر إقامة, وأنتم تعلمون أنه هل يمكن إقامة دولة ولا توجد فيها ولاية إقامة الحدود لا يمكن, يقول ما عنده هكذا ولاية, نعم, من باب الأمور الحسبية عند هذا الحد, هذا تفصيل عنده هنا راجعوا.

    وكذلك أشار إلى هذا المطلب إذا الأعزة أرادوا أن يراجعونه في (مستند العروة الثوثقى, كتاب الصوم, الجزء الثاني ص88) هذه عبارته, >وملخص الكلام في المقام أن إعطاء الإمام× منصب القضاء للعلماء أو لغيرهم لم يثبت بأي دليل لفظي< في القضاء لم يثبت فما بالك بغيره, إذن هناك عندما يقول نفوذ قضائه لا من باب أن الإمام أعطاه ولاية القضاء لا لا ما أعطى, إذن على أي أساس يقضي؟ يقول: من باب أيضاً الأمور الحسبية لا يمكن الأمة أن تترك بلا راعٍ إذا تنازعوا أن يرفع نزاعهم, >لم يثبت بأي دليل لفظي معتبر ليتمسك بإطلاقه, نعم بما أنا نقطع بوجوبه الكفائي لتوقف حفظ النظام المادي والمعنوي عليه, ولولاه لاختلطت نظم الاجتماع لكثرة التنازع والترافع في الأموال وشبهها من الزواج والمواريث والقدر المتيقن ممن ثبت له الوجوب المزبور هو المجتهد الجامع للشرائط فلا جرم يقطع بكونه منصوباً من قبل الشارع أما غيره فلا, ومن هنا اعتبر …< إلى غير ذلك, إذن أيضاً من الأمور الحسبية ونحو ذلك.

    إذن الاتجاه الأول يدعي أو صاحبه يقول بأنه: توجد له ولاية أو لا توجد له الولاية؟ لا توجد له الولاية بأي معنىً من المعاني لا الجزئية ولا الكلية.

    الاتجاه أو النظرية الثانية: التي أنا أتصور أنه الأعزة على ذُكر من هذه النظرية وهي نظرية سيدنا الشهيد+, السيد الشهيد يعتقد بأنه الشارع أعطى الولاية للفقيه الجامع للشرائط المتصدي ولكنّه هذه الولاية محدودة بحدود منطقة الفراغ, يعني لا يستطيع أن يقول لواجب أنه غير واجب, ولا لحرام أنه ليس بحرام, نعم فيما يتعلق بالمستحبات بالمكروهات بالمباحات يعني المباحات بالمعنى الأعم يستطيع لضروراتٍ أن يوجب أو أن يحرم, إذن السيد الشهيد قائلٌ أولاً: بأصل الولاية, ولكنّه قائلٌ بأن دائرة هذه الولاية مختصة بأين؟ بمنقطة الفراغ.

    هذا البحث أعزائي إذا أردتم أن تراجعونه بشكل تفصيلي لعله أفضل موضوع بحثه, طبعاً كتبت دراسات كثيرة عنه ومناقشات مفصلة موجودة في إيران وغير إيران, ولكنّه في وقت آخر, هناك عنده في بحث مبدأ تدخل الدولة في آخر كتاب (اقتصادنا) إلى أن يصل أنه لماذا وضعت منطقة فراغ ثم يقول منطقة الفراغ ليست نقصاً, ثم يقول الدليل التشريعي والدليل … إلى أن يقول: >وعلى هذا الأساس وضع الإسلام منطقة الفراغ في الصورة التشريعية التي نظّم بها الحياة لتعكس العنصر المتحرك وتواكب تطور العلاقات بين الإنسان والدليل على إعطاء ولي الأمر صلاحية كهذه لملأ منطقة الفراغ هو النص القرآني وحدود منطقة الفراغ تضم إلى كل فعل مباحٍ تشريعياً بطبيعته -يعني بعنوانه الأولي- نعم يستطيع أن يوجبه لمصلحة أو يحرمه لمصلحةٍ أخرى<.

    ولذا لا نطيل الكلام في هذه النظرية وهي النظرية الثانية التي في حدود عشرين صفحة يوجد بحث عنها, الإخوة إن شاء الله يراجعونها.

    أما النظريتان الأخريان وهما الأساسيتان وعليهما البحث, إن شاء الله في غد.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/09
    • مرات التنزيل : 1350

  • جديد المرئيات