بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
إلى هنا اتضح لنا بأن للفقيه في عصر الغيبة ولاية الإفتاء وكذلك ولاية القضاء، في هذين الأمرين من الواضح بأنهما من الواجبات، يعني يجب على الناس أن يوجد فيهم من فيه قدرة الإفتاء، ومن هنا ذكروا بأن هذا الواجب واجب كفائي، ومن الواضح في مثل هذا الواجب تحصيل المقدمات أيضاً واجبة، يعني هذه المقدمات لتحصيل القدرة على الإفتاء ليست من قبيل مقدمات الوجوب إن حصلت فيجب الإفتاء وإنما يجب على المكلف أن يحصل المقدمات حتى يفتي الناس. أعزائي نفس هذا الكلام يقال في ولاية القضاء، معنى ولاية القضاء من الواجبات الكفائية ليس معناه أن الفقيه في عصر الغيبة يجلس في بيته ولا يسعى لإقامة هذا الأمر فإن جاء أحد ودق عليه الباب عند ذلك يقضي، لا، وإنما يجب أن يهيأ المقدمات ليقضي ويرفع التنازع والتخاصم ونحو ذلك. وتعلمون معنى هذا الكلام، يعني أن وظيفة الفقيه في عصر الغيبة أن يهيأ المقدمات لكي يكون قاضياً في المرافعات. نعم، إن لم يستطع ذلك عند ذلك يكون معذوراً من قبيل أنه لم يستطيع أن يحصل الماء عند ذلك يجوز له التيمم، لا أنه يجلس في بيته فإن جاء له أحد بالماء، لا، وإنما يجب عليه البحث عن الماء والفحص عن الماء فإن لم يجد عند ذلك يسقط عنه هذا التكليف، هذا معنى مقدمات الواجب، إذن أعزائي فرض فقيه …
طبعاً واضح أن الفقهاء في عصر الغيبة لا أقل كثير منهم قاموا بالدور الأول خير قيام، الحمد لله رب العالمين الحوزات العلمية عامرة بمن يبحثون ومن يريدون الوصول إلى مقام الإفتاء ولكنه هل بالنسبة إلى القضاء أيضاً كذلك، يعني أن الفقهاء لا أقل نتكلم في عصورنا أيضاً قاموا بهذه المسؤولية وحاولوا الوصول إلى ذلك أم لا؟ هذا حكمه لكم، يعني أنا لست الآن بصدد البحث الصغروي، البحث الصغروي لكم.
ثم انتقلنا إلى بحث إقامة الحدود، قلنا بأنه لا يكفي في عصر الغيبة أن يقضي بين الناس ثم يخير من عليه الحق يقول له إن أردت أن تعطي أعطي الحق وإن لم ترد فأنت مخير ومأثوم يوم القيامة، لا، وإنما يجب على الفقيه، وجوب فعلي، وتحصيل المقدمات واجب، وهذا ما يصرح به السيد الخوئي، الآن سأقرأ لكم العبارة، هو أنه يجب على الفقيه الجامع للشرائط أن يحصل مقدمات إقامة الحدود في عصر الغيبة واستيفاء الحقوق في عصر الغيبة، المسؤوليات ثقيلة ومع ذلك تأتي بعض هؤلاء الذين لا أعلم ماذا أعبر عنهم، من قال أعطي للفقيه ولاية في عصر الغيبة، هؤلاء لم يشموا رائحة الفقه، لم يفهموا الفقه أصلاً، الفقيه وهذه مسلمات أتكلم فيها، وسيأتي محل الخلاف، المسلمات بين فقهاء الإمامية أن الفقيه في عصر الغيبة له ولاية إقامة الحدود واستيفاء الحقوق.
سؤال: من يريد أن يقيم الحدود في مثل هذا الزمان ومن يريد أن يستوفي الحقوق في مثل هذا الزمان هل يمكن ذلك بلا دولة قائمة على أساس الحق، هذا ممكن أو غير ممكن؟ هذا من مقدماتها، من مقدمات إقامة الحدود أن يكون بيدك الأمر والنهي، بعبارة أخرى أن تكون مبسوط اليد، وهذه واحدة من أهم أدلة ضرورة إقامة نظام إسلامي في عصر الغيبة، ولو بالحد الأدنى، لماذا؟ لأنه إذا لم يكن هناك من بيده الأمر والنهي وليست له الصلاحيات كيف يستطيع أن يقيم الحدود ويستوفي الحقوق. إذن الأمر الثالث وهو ولاية إقامة الحدود، هذه كلمات صاحب الجواهر+.
صاحب الجواهر في (ج21، ص393) يقول: (وكيف كان فقد قيل والقائل الاسكافي والشيخان والديلمي والفاضل والشهيدان والمقداد وابن فهد والكركي والسبزواري والكاشاني وغيرهم على ما حكي عن بعضهم يجوز للفقهاء العارفين) هذا الجواز بالمعنى الأعم في قبال من يقول أنه لا يجوز، وليس المراد منه أن الفقيه مخير، لا، هذه من الواجبات من قبيل أنه يجوز له الإفتاء يعني يجب عليه الإفتاء. (يجوز للفقهاء العارفين بالأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية العدول إقامة الحدود في حال غيبة الإمام عليه السلام كما لهم الحكم بين الناس) المراد من الحكم يعني القضاء، لا الحكم بالمعنى العام. إلى أن يقول: (مع الأمن من ضرر سلطان الوقت) لا أقل لابد أن يسعى إن لم يستطع أن يكون هو السلطان لابد أن يسعى أن يحصل هذا المقام، وهذا ما فعله جملة من فقهاء الإمامية، وهو أنه عندما وجدوا أنهم لا يستطيعون أن يكون الأمر بأيديهم، يعني الحكم والسلطة بأيديهم، سعوا أن يأخذوا السلطة القضائية بمستلزماتها، (ويجب على الناس مساعدتهم على ذلك، كما يجب مساعدة الإمام عليه السلام عليه) لنفس الوظيفة … ذكر مجموعة من الفقهاء ثم ترقى وقال: (بل هو المشهور بين الفقهاء). هذه مرتبة، ومرتبة ثالثة (بل لا أجد فيه خلافاً) صاحب الجواهر يقول أن القضية ليست محل خلاف (إلا ما يحكى عن ظاهر ابن زهرة وابن إدريس ولم نتحقق) ثم يدخل في بحث مفصل أن كلا هذين العلمين لم يخالفا، (وعلى هذا الأساس فيكون حينئذ إجماعه عليه لا على خلافه) وعلى كل هذا يقول: (فمن الغريب بعد ذلك ظهور التوقف من المصنف في المسألة) لأننا في الأمس ذكرنا أن المحقق في الشرائع توقف في المسألة، يقول غريب المسألة واصلة إلى هذا الحد أنه لا يوجد خلاف فيها، ثم يدخل في البحث التفصيلي لهذه المسألة.
إذن إلى هنا هذا القدر المتيقن من ولاية الفقيه في عصر الغيبة، يعني لم يختلف فيه أحد من فقهاء الإمامية، ولاية الإفتاء، ولاية القضاء، ولاية إقامة الحدود واستيفاء الحقوق.
المرتبة الرابعة من الولاية، تعلمون بأنه لا إشكال ولا شبهة من صلاحيات النبي صلى الله عليه وآله أن كثيراً من الأمور التي هي في نفسها مباحة ولكن عندما تتشكل إن صح التعبير ولاية أو إمارة أو حكم أو دولة – على أي تعبير- تجدون أن كثيراً من الأمور المباحة شرعاً لا يحق لك أن تقوم بها إلا بعد الاستئذان من الحاكم والسلطان وولي الأمر ونحو ذلك. حتى نقترب من هذه المسألة أقرأ العبارات للأعزاء، حتى نقترب من هذه المسألة، الشيء في نفسه معروف ولكنه لا يحق لك أن تأتي به إلا بعد أن يأذن به ولي الأمر، أولي الأمر السلطان الحاكم، جنابك تريد أن تبني بيت قطعة الأرض لك والبناء لا إشكال فيه والدولة تأذن لك، ولكن هل لك الحق أن تبني بإذن الفحوى أو أنه لابد من أخذ إذن الحاكم؟ هذا الذي نعبر عنه الآن بإجازة البناء، لماذا؟ الجواب: باعتبار أن القضية قضية اجتماعية نحتاج فيها إلى نظم الأمر، صحيح أنا أعلم أن السلطة تعطي إذن ولكن لابد أن تستأذن، قوانين المرور أنت بيني وبين الله ذهبت وتعلمت السياقة جيداً ولكن هل يجوز لك أن تسوق بلا استئذان من إدارة المرور أو لا يجوز لك؟ لابد أن تكون عندك إجازة سوق وتكون مأذوناً وإلا فسوف تحاسب، أريد أن أسافر أريد أن أقيم علاقات مع شركات للبيع والشراء أصدر واستورد هذه كلها من المباحات وكلها داخلة في الناس مسلطون على أموالهم، أنا بدلاً من أن افتح (محلي) من الثامنة صباحاً إلى العاشرة ليلاً، أنا أريد أن أبدأ عملي من العاشرة ليلاً إلى الثامنة صباحاً، في بعض البلدان لا يسمح بذلك يقولون وقت افتتاح المحل كذا ووقت الإغلاق كذا. لماذا؟ باعتبار نظم الأمور والأمن في البلد والرفاهية في البلد وراحة البلد وعدم مضايقة الآخرين إلى غير ذلك، هذا ما اصطلح عليه الفقهاء أن كثيراً من الأفعال وإن كانت هي من المعروف (كل معروف صدقة) ولكن كثير من هذه الأمور إن خرجت عن بعدها الفردي المحض ولها ارتباط بالبعد الاجتماعي بلغتنا تحتاج إلى إذن الوالي وإلى إذن الحاكم. وعبر عنها في كلمات الفقهاء (ولاية الإذن في التصرف) من الآن عبروا عنها بولاية الإذن في التصرف، يعني أن الغير وإن كان في نفسه معروف ولكن لا يحق له أن يتصرف إلا بعد الإذن.
وهذا مما لا ريب فيه أنه ثابت للنبي والأئمة عليه السلام. هذه عبارة الشيخ الأنصاري في (المكاسب، ج3، ص553) في هذه الطبعة التي أشرنا إليها سابقاً، قال: (بقي الكلام في ولاية الإمام على الوجه الثاني) يعدد ما هي الصلاحيات والولايات الموجودة للإمام، يقول: (على الوجه الثاني) مراده من الوجه الأول بعد ذلك سيأتي تفصيله (أعني توقف تصرف الغير على إذنه) وإن كان العمل في نفسه بحسب الأدلة لا مشكلة فيه ولكن لماذا؟ باعتبار أن مقتضى الحياة الجمعية والاجتماعية صحيح أنه في نفسه … أنت ماذا تريد اذهب إلى الصحراء وضع سيارتك في أي موضع تشاء، ولكن الآن تقول الناس مسلطون على أن يضعوا سيارتهم في أي مكان شاءوا فأضع السيارة في منتصف الطريق، ليس من حقك هذا، ما هو الإشكال في ذلك؟ يقول الأمر في نفسه لا إشكال فيه ولكن القضية أنت وحدك هذا حقك في هذا الشارع أو أن الآخرين معك؟ أنا أريد أن أتعامل مع شركات هي عدوة للمنطقة والدولة ما المشكلة فيها مع أن لي مصلحة فيها وأرباح لي. يقول: نعم، ولكن هذه تضر البلد. أصلاً أنا أريد أن أدعو آخرين وعندي قطعة أرض كبيرة أريد أن أملكها لأي دولة هذه الدولة تشتريها بمليون دولار تلك الدولة تريد أن تدفع مئة مليون دولار والناس مسلطون على أموالهم، يقول: لا ليس الأمر بيدك، لأن هذه مرتبطة بسيادة البلد ولذا الآن 99% من الدول لا تسمح للأجنبي بأن يتملك ماذا … الناس مسلطون على أموالهم. الجواب: لا يجوز باعتبار أن القضية غير مرتبطة بالشخص.
قال: (أعني توقف تصرف الغير على إذنه فيما كان متوقفاً على إذن الإمام عليه السلام) الآن يريد أن يذكر الضابطة وفي أي الأمور يجب أخذ الإذن من الإمام، ما هي الضابطة؟ (وحيث أن موارد التوقف على إذن الإمام عليه السلام غير مضبوطة) يعني ليس لها ضابطة عامة أريد أن أبين الضابطة الشيخ يقول (فلابد من ذكر ما يكون كالضابط لها) هذا مهم جداً، لأنه بعد ذلك لابد أن نعرف أن الفقيه عنده هذه الولاية يعني الآخرين لا يستطيعوا التصرف إلا بعد الاستئذان منه حتى يجوز للإنسان مخالفته أو لا يجوز، الشارع أعطاه هذه الولاية، فوض إليه ولاية الإمام المعصوم، قال ما كان فيه إذني شرط فأذنك أيضاً شرط، أعطاه هذه الولاية أو لم يعطه هذه الولاية؟
قضية خطيراً جداً في هذا الأمر الرابع في الولاية من الأمر الرابع، ما هو الضابط؟ (فنقول: كل معروف علم من الشارع إرادة وجوده في الخارج) كان مرتبط بالأمن كان مرتبط بالاقتصاد كان مرتبط بالحريات كان مرتبط بالتجارة كان مرتبط بسيادة البلد كان مرتبط بصحة الناس أي أمر من الأمور، كل معروف، واضحة أن العبارة فيها عموم (علم من الشارع إرادة وجوده في الخارج) فهنا يوجد أمران (إن علم كونه وظيفة شخص خاص كنظر الأب في مال ولده الصغير إذ عين له ولياً مخصوصاً أو صنف خاص كالإفتاء والقضاء أو كل من يقدر على القيام به كالأمر بالمعروف فلا إشكال في شيء من ذلك) هو ودليله (وإن لم يعلم ذلك) يعني لم يعين له بحسب الأدلة ولي خاص (وإن لم يعلم ذلك واحتمل كونه مشروطاً في وجوده أو وجوده بنظره وجب الرجوع فيه إليه) إذن الأصل لابد في كل معروف الاستئذان من الإمام إلا إذا دل الدليل أن الإمام ماذا؟ الآن تجدون أن بعض الفقهاء يقول في سهم السادة لابد في صرفه أن يكون بإذن من؟ ولكن الفقيه إذن إذناً عاماً هذه اُذن فيها من قبل الشارع، أما ما لم يؤذن في أصله وجوده أو في وجوبه فالأصل البراءة أو الاستئذان؟ الأستاذان، (ثم إن علم … ومرجع هذا … فإن كونه معروفاً) فإن قلت هذا جواب عن سؤال مقدر (فإن كونه معروفاً) أنت قد تقول الرواية قالت كل معروف صدقة، يقول: لا (فإن كونه معروفاً لا ينافي إناطته بنظر الإمام والحرمان عنه عند فقده)يقول هذا المعروف إذا لم يكن الإمام موجوداً سنحرم منه، يقول: نعم، واحدة من أسبابه أنت (كسائر البركات التي حرمناها بفقد عليه السلام). هل اتضحت الضابطة لأني لا أريد أن أدخل أكثر في تفاصيلها. ليس مهم هذا … مقصود الضابطة كل معروف.
إذن أعزائي، ضربت مئة مثال لعله من الأمثلة، قلت كل معروف وكل أمر أراده الشارع وعرفنا من مذاق الشارع ضرورة تحققه في الخارج فإن عين له ولياً خاصاً فبها، وإن لم يعين فلا يمكن إيجاده خارجاً إلا بأذن الإمام المعصوم. تقول: بأن الإمام المعصوم الآن غائب، يقول: هذا مقتضى القاعدة، لأنه أساساً الكثير من البركات حرمنا منها وواحدة من البركات هذه، ولذا القائلون بأنه لا يجب إقامة الحدود في عصر الغيبة تقول بأنه سنحرم بركاته يقول: نعم كما حرمنا أصل حضوره عليه السلام. هذا ليس مهماً عندي لأنه من الأمور المسلمة يعني لا يوجد بحث في هذه القضية ولذا السيد الخوئي في مصباح الفقاهة وغيره من الفقهاء كلهم قالوا أن هذه الأمور متوقفة على إذن الإمام المعصوم لا كلام فيه، إنما الكلام كل الكلام أين؟ أن هذا الإذن من الغير في التصرف متوقف على أن يجيز ويأذن الفقيه في عصر الغيبة أو أنه لا يتوقف؟ فيستطيع الفقيه أن يأذن أو ماذا؟ وإذا خالفته خالفت الإمام المعصوم، ولذا أنا سميتها في كلماتهم هذه التسمية أيضاً موجودة وهي ولاية الإذن في التصرف من الغير، هل هي ثابتة أو غير ثابتة؟ أنا أسألك منكم كل معروف التي أشرت إلى أمثلتها في زماننا، هذه كل معروف تشترط فيها أن يكون الحاكم مبسوط اليد أو لا يشتر فيها، إذا لم يكن مبسوط اليد يستأذن أو لا يستأذن؟ سالبة بانتفاء الموضوع، متى يستأذن؟ إذا كان هو ولي الأمر وهو أولي الأمر وهو الحاكم والسلطان.
هذه القضية الرابعة وقع الخلاف فيها، هذا القسم الرابع من الولاية وهو ولاية الإذن في التصرف من قبل الغير، ولكن الذي يهمني إن شاء الله بالقدر المتبقي من الوقت أن الشيخ الأنصاري ماذا يقول أن الفقيه له هذه الولاية المطلقة في هذا الأمر أو ليس له؟ هذه مهمة، الشيخ الأنصاري لا غيره، أنا لا أتكلم عن فقهاء آخرين حتى يقال … لا، الشيخ الأنصاري، أن الشيخ الأعظم هل يرى أن الفقيه أعطي هذه الولاية التي هي ثابتة للإمام في عصر الغيبة أم لا؟ ولذا اليوم سنقرأ من المكاسب للشيخ الأنصاري – افترضوا درسنا مكاسب- في (ج3، ص554): (أما وجوب الرجوع إلى الفقيه في الأمور المذكورة) طبعاً من الواضح إلى الفقيه عند عصر الغيبة وإلا مع وجود الإمام المعصوم بطبيعة الحال إما هو موجود وإما نائبه الخاص ولا تصل النوبة إلى الفقيه لأنها سالبة بانتفاء الموضوع (فيدل عليه مضافاً إلى ما يستفاد من جعله حاكماً) أني جعلته حاكماً (كما في مقبولة ابن حنظلة الظاهرة في كونه) يعني الفقيه الجامع للشرائط (كسائر الحكام المنصوبين في زمن النبي صلى الله عليه وآله). صلاحيات الفقيه في عصر الغيبة ما هو حدها؟ يجلس في البيت ويكتب رسالة عملية، نعم هذه واحدة من وظائفه ولكن الوظيفة الأصلية أين؟ كالحاكم الذي نصبه النبي وكالنائب الخاص.
سؤال: هذا النائب الخاص يرجع إليه في الفتوى فقط؟ في الفتوى يرجع إليه، في القضاء يرجع إليه، في إقامة الحدود يرجع إليه، في نظم الأمور وإقامة مجتمع سالم بكل معنى من المعاني لابد من الرجوع إليه، وإلا ذلك العمل صحيح أو خلاف الشرع؟ يعني من خالفه فقد خالف رسول الله.
الشيخ الأنصاري+ يقول: من خالف الفقيه في عصر الغيبة فقد خالف رسول الله.
يقول: (في كونه كسائر الحكام المنصوبة في زمان النبي في إلزام الناس بإرجاع الأمور المذكورة إليه) إلزام، لا أنه مخير، يعني الآن نحن إذا لم يكن في الشارع شرطي مرور نخالف، لا أبداً، إذا لم يكن رقيب القوانين التي وضعها الحاكم ماذا نفعل؟ ومن هنا تجد الآن جملة من الفقهاء المعاصرين التفتوا إلى هذا، قالوا: أي دولة تدخلها لا يجوز لك مخالفة ماذا … فما بالك والحاكم هو الفقيه الجامع للشرائط. إذا يكن فقيهاً أيضاً لا تجوز المخالفة لأنه في النتيجة هذه من الأمور التي … نظم المجتمع، أمن المجتمع، رفاه المجتمع، سيادة المجتمع، استقرار المجتمع، هذه أمور مطلوبة في للشرع وفي أي مكان. ولذا نحن كل الأسئلة الفقهية التي جاءتنا في هذا التوجه أفتينا بها وقلنا بأنه لا يجوز، في أي بلد كنت لا يجوز إلا إذا كانت مخالفة للشريعة فهذه تكون تابعة للأهم والمهم إذا لم تستطع العمل بها أخرج من ذاك البلد، تقول لا استطيع العيش يدخل هذا في بحث التزاحم وله بحثه. وإلا الأصل لا يجوز.
قال: (في إلزام الناس بإرجاع الأمور المذكورة إليه والانتهاء فيها إلى نظره) نظر الحاكم ونظر الفقيه، انظروا الدليل، يقول حتى لو لم تكن عندنا مقبولة أبن حنظلة (بل المتبادر عرفاً من نصب السلطان حاكماً وجوب الرجوع في الأمور العامة المطلوبة للسلطان إليه). أنا جعلته حاكماً يعني كل هذه الصلاحيات التي يحتاجها الحاكم والسلطان وولي الأمر والأمير -عبر عنه ما شئت- هذه كلها أعطيت ولابد أن يكون الاستئذان منه. إلى أن يقول، يقرأ هذه الرواية يستدل بها وهي رواية (أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فأنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله) (فإن المراد بالحوادث ظاهراً مطلق الأمور التي لابد من الرجوع فيها) أحفظوا هذه الكلمات الثلاث (مطلق الأمور التي لابد من الرجوع فيها عرفاً أو عقلاً أو شرعاً إلى الرئيس) كلها حفظت. تقول لي بأن الشارع لم يفوض هذا، لا، إذا رأى العرف أن هذه من شؤون الحاكمية ومن شؤون الولاية ومن شؤون ولاة الأمر -عبر ما تشاء- عرفً عقلاً شرعاً، ولذا يقول هذه الرواية التي هي صحيحة السند عندنا (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا) (,أما تخصيصها بخصوص المسائل الشرعية فبعيد من وجوه. من قال فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، يعني مسألة ا لإفتاء التي حاول جملة من الفقهاء ومنهم السيد الخوئي، أن المراد من رواة حديثنا يعني في ولاية الإفتاء، يقول لا.
التفتوا إلى نكتتين أشير إليهما لأن الشيخ الأنصاري يشير إلى عدة نكات.
النكتة الأولى: منها أن الإمام قال (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا) الحوادث هي الأحكام أو موضوعات الأحكام؟ لا إشكال أنه ليست هي الأحكام وإنما … والإمام أمر في الرجوع فيها إلى الفقيه لا في أحكامها إلى الفقيه، ولهذا يقول (أن الظاهر وكون نفس الحادثة إليه ليباشر أمرها مباشرة أو استنابة لا الرجوع في حكمها إليه) هذا خلاف ظاهر الرواية، لأن الإمام قال فارجوا فيها لا في أحكامها، هذه القرينة الأولى.
القرينة الثانية: وهي أقوى من القرينة الأولى، يقول: أن الإمام قال وعلل كلامه في وجوب الرجوع بكونهم حجتي عليكم وأنا حجة الله، ولو كان المقصود الرجوع في الأحكام إليهم إلى الفقهاء وإلى الرواة لكان يقول حجة الله عليكم لا حجتي، لأن الفقيه يبين رأي الإمام أو يبين حكم الله؟ لماذا يقول فأنهم حجتي عليكم، فأنهم حجة الله عليكم. يقول عندنا شواهد كثيرة في مكان آخر عندما قال أنهم يبينون الحلال والحرام قال لأنهم أمناء الله على خلقه، إذن عندما القضية إلى بيان الحكم يقول أنهم أمناء الله، حجج الله، أما عندما ترتبط القضية بالموضوعات فماذا يعبر؟ حجتي، أنا وضعت … ولذا بعد ذلك إن شاء الله سيتبين أن كل هذه الولايات وغيرها من الولايات التي أعطيت للفقيه في عصر الغيبة هذه من صلاحيات الإمام المعصوم، هو الذي أعطى هذه الولاية وكان بإمكانه أن لا يعطي هذه الولاية، يعني هذه داخلة في صلاحيات ولاية الأمر، ولاية أمر الأئمة عليه السلام، قال: (إنما يناسب الأمور التي يكون المرجع فيها والرأي والنظر) يعني نظر الفقيه (فكان هذا منصب ولاة الإمام من قبل نفسه) هذا ليس منصب إلهي وإنما هو منصب وضعه الإمام لهؤلاء لا أنه واجب من الله سبحانه على الفقيه بعد غيبة الإمام، الإمام لا يبين حكم الله للفقيه في عصر الغيبة، وإنما يعطي ويعمل ولايته في عصر الغيبة، شيعتي في عصر الغيبة لا يمكنكم الوصول إلي، فأنت تسأل: يا ابن رسول ماذا نفعل وأين نذهب؟ يقول: هؤلاء يقومون مقامي إلى أن … فكل ما كان لي فهو لهؤلاء، إلا ما خرج بالدليل.
تقول: (لا أنه واجب من قبل الله سبحانه على الفقيه وإلا لو كان المراد الرجوع إلى حكم الحوادث لا إلى الحوادث وإلا كان المناسب أن يقول أنهم حجج الله عليكم كما وصفهم في مقام آخر بأنهم أمناء الله على الحلال والحرام) عندما تصل القضية إلى ولاية الإفتاء التعبير بأمناء الله أما عندما تصل إلى هذه القضية حجتي عليكم, ولذا وجدتم أ، صاحب الجواهر+ قال: (أنهم حجته عليهم كحجته) ككون حجة (علينا) بنفس الحجية.
حتى تطمأن أنت أنه غير مرتبط بولاية الإفتاء أو ولاية القضاء قال: (والحاصل أن الظاهر أن لفظ الحوادث ليس مختصاً بما اشتبه حكمه) يعني ولاية الإفتاء (ولا بالمنازعات) يعني ولاية القضاء (وعلى أي تقدير فقد ظهر مما ذكرنا أن ما دل عليه هذه الأدلة هو ثبوت الولاية للفقيه) هذه النظرية من مسلمات فقه الإمامية، لكن مع الأسف الشديد استطاع الإعلام واستطاعت بعض الآراء الشاذة في المذهب أن تصور أن ولاية ا لفقيه هي من النظريات الشاذة في المذهب.
تقول: يعني لا يوجد خلاف.
أقول: نعم، يوجد خلاف، ولكن أريد أن أقول أن هذه القضية كانت من المسلمات، ولذا حتى السيد الخوئي+ وإن أنكر الدليل على هذه المرتبة من الولاية أو على ولاية إقامة الحدود ولكنه خرج لها بمخرج الأمور الحسبية، يعني لم يستطع أن يخالف النتيجة. نعم، خالف في الدليل، من حقه، ولكنه لم يقل أن الفقيه في عصر الغيبة لا يملك صلاحية إقامة الحدود، لم يقل، ولم يقل أن الفقيه في عصر الغيبة لا توجد عنده ولاية الأمور التي تتوقف على إذن الإمام المعصوم.
يقول: (هو ثبوت الولاية للفقيه في الأمور) لا الإفتاء ولا القضاء ولا إقامة الحدود، إذن أين؟ (في الأمور التي يكون مشروعية إيجادها في الخارج مفروغاً عنها عند الشارع) كل هذه الأمور الولاية بيد الفقيه الجامع للشرائط.
سؤال: لابد أن يسعى الفقيه لتحصيلها أو لا يفعل، يعني المقدمات مقدمات وجوب أو مقدمات واجب؟
لا إشكال أنها مقدمات واجب وإلا لزم نقض الغرض، ولذا السيد الخوئي في (مباني تكملة المنهاج، ج1، ص224) يقول: (الدليل أن إقامة الحدود إنما شرعت للمصلحة العامة ودفعاً للفساد وانتشار الفجور والطغيان وهذا ينافي اختصاصه بزمان دون زمان) يعني لا أن تحصيل مقدمات الوجوب وإنما مقدمات الواجب وإلا لزم نقض الغرض أن الشارع يقول اقضي ولكن يقول اترك الناس بالخيار أنهم يريدون أو لا، يعني أولاً قل عليك الحق مئة جلدة ثم قبله من جبينه وتقول له أترضى أن أقيم الحد، يقول: لا، تقول: توكل على الله.
بينكم وبين الله هكذا شريعة قابلة للتصور، أي قانون الآن في العالم، اصلاً قيمته بتشريعه أم قيمته بتنفيذه، أي منهما، فكيف يعقل أن الشارع يأتي …
ولذا يقول: (وهذا ينافي اختصاصه بزمان دون زمان، وليس لحضور الإمام دخل في ذلك قطعاً، إذن فالحكمة المقتضية لتشريع الحدود تقتضي بإقامتها في زمن الغيبة) نفس الحكمة نفس الدليل، نفس هذا البيان نحن نقوله في الأمور التي مفروغ للشارع ضرورة وجودها، إذا كانت مفروغ للشارع ضرورة وجودها فهل هناك معنى أن تختص بزمان دون زمان، هذا ممكن؟
ولذا بعد ذلك يأتي في (ثم أن قوله عليه السلام: السلطان ولي من لا ولي له) لأنه في رواية فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا يقول ليس فيه إطلاق لبعض الموارد ولكن نتمم إطلاقه بهذه الرواية (المنجبرة سنداً أو مضموناً، ثم أن قوله … لكن يستفاد منه ما لم يمكن استفادته من التوقيع المذكور وهو الاذن في فعل كل مصلحة) لابد أن تستأذن الفقيه (فثبت له) أي بهذا النص (مشروعية ما لم يثبت مشروعيته بالتوقيع المتقدم) كان فيه قصور (فيجوز) للفقيه، يعني هذه يجوز أيضاً قلت في بالي الآخر يقول لا يملك هكذا صلاحية (فيجوز له القيام بجميع مصالح الطوائف المذكورين) من هم الطوائف المذكورين؟ يقول: (الصغير، المجنون، الغائب، الممتنع، المريض، المغمى، الميت …). لماذا يقتصر على هذه؟ لأن هذه هي المصاديق الموجودة في زمانه، لا أكثر.
إلى أن يقول: (نعم، ليس له فعل شيء لا يعود فيه المصلحة …) السلطان يفعل شيئاً على خلاف مصلحة الناس؟!
إذن فتحصل إلى هنا أن الشيخ الأنصاري+ قائل بولاية الفقيه في هذه المراتب ا لأربعة: ولاية الإفتاء، ولاية القضاء، ولاية إقامة الحدود، وولاية الأذن في التصرف من الغير.
نعم، يبقى عندك سؤال واحد، سيدنا أنت قرأت لنا من كتاب المكاسب أنه قال: (وإثبات الولاية للفقيه دون إثباته خرط القتاد) إذن الشيخ الأنصاري هذا الذي قاله كيف ينسجم مع ما ذكره سابقاً. سيأتي بحثه.
والحمد لله رب العالمين.