بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
كان الحديث في الرواية الثانية المتعلّقة بخمس أرباح المكاسب, فيما تقدم قرأنا هذه الرواية أو أشرنا إليها ولم نقرأها وهي واردة في وسائل الشيعة المجلد التاسع الباب الثامن من أبواب ما يجب فيه الخمس الرواية الرابعة, الرواية عن علي ابن مهزيار قال: >كتب إليه إبراهيم ابن محمد الهمداني أقرأني عليٌ< أي علي ابن مهزيار الذي في الذيل ستأتي الإشارة إلى أنه المراد به علي ابن مهزيار >أقرأني عليٌ كتاب أبيك< يعني الإمام الجواد (عليه أفضل الصلاة والسلام) >فيما أوجبه على أصحاب الضياع أنه أوجب عليهم نصف السدس بعد المؤونة, وأنّه ليس على من لم تقم ضيعته بمؤونته نصف السدس ولا غير ذلك< هذا إشارة إلى ذيل الرواية التي قراناها في الصحيحة الأولى وهي أن الإمام قال: >فأما الذي أوجب من الضياع والغلاة في كل عام فهو نصف السدس ممن كانت ضيعته تقوم بمؤونته ومن كانت ضيعته لا تقوم بمؤونته فليس عليه نصف سدس ولا غير ذلك.
السائل يسأل يقول بأنه علي ابن مهزيار قرأ لي كتاب الإمام الجواد الذي قال فيه >إنما أوجب نصف السدس على من قامت ضيعته بمؤونته وزادت أما من لم تقم فلا يجب عليه< >فاختلف من قبلنا< هنا وقع الاختلاف أنه يجب علينا في الضياع والغلاة هل يجب علينا إعطاء الخمس أو إعطاء نصف السدس, إذن القضية واضحة أن الرواية هذه متعلقة وناظرة إلى الرواية السابقة يعني إلى الصحيحة السابقة, وواضحٌ جداً لماذا أنه وقع الاختلاف فاختلف باعتبار أنه قبل الإمام الجواد كان الأئمة يأخذون الخمس وفي زمن الإمام الجواد صار يأخذون نصف السدس.
طيب بطبيعة الحال أن الشيعة أن الملتزمين من الشيعة يتولد عندهم هكذا تساؤل >فاختلف من قبلنا في ذلك فقالوا يجب على الضياع الخمس بعد المؤونة مؤونة الضيعة وخراجها أو ما كان< يعني نصف السدس, طبعاً لم يوجد في الرواية ولكن واضح يجب علينا هذا الاختلاف في هذه الجهة, فكتب من كتب؟ كتب الإمام الهادي (عليه أفضل الصلاة والسلام) على فرض أن الرسالة أو الكتاب موجه لمن؟ إلى الإمام الهادي لأنه >كتب إليه< والرواية مضمرة والمفروض أن الذي كتب إليه من هو؟ والمسؤول من هو؟ هو الإمام الهادي (عليه أفضل الصلاة والسلام) لأن السائل يقول كتب إليه إبراهيم أقرأني عليٌ< يعني أنّه إبراهيم ابن محمد الهمداني يقول أن علي ابن مهزيار أقرأني كتاب الإمام الجواد فهذا الحكم سيدي يا الإمام الهادي ما هو حكمي الآن أن ندفع نصف السدس أو أن ندفع الخمس؟ >فكتب وقرأه علي ابن مهزيار عليه الخُمس< إذن خرجنا من حالة الطوارئ إلى الحالة الطبيعة, الإمام الهادي أرجع الخمس من نصف السدس إلى الخمس, >عليه الخمس بعد مؤونته ومؤونة عياله وبعد خراج السلطان بعد الضرائب التي يدفعها وبعد المؤونة باعتبار أنه تعلمون أن الخمس الواجب في أرباح المكاسب والتجارات والضياع وغيرها إنما هو بعد المؤونة, بخلاف الخمس النوع الأول, فإنّه واجب ولا علاقة له بالمؤونة.
وهذا من الفوارق الأساسية بين هذين النوعين, والإنسان عندما يراجع هذه الرواية السابقة يجد أن الإمام الجواد (عليه أفضل الصلاة والسلام) يصرح بنحو واضح يقول: >ولم أوجب ذلك عليهم في متاعٍ ولا آنية ولا دواب ولا خدم ولا ربح ربحه في تجارةٍ ولا ضيعةٍ إلا ضيعة سأفسر لك أمرها< في الضياع فقط أوجب نصف السدس كل ذلك ماذا؟ >تخفيفاً مني عن مواليّ< واضح بأنه هذا الحكم أمره بيدي, في هذه السنة أعرف الوضع الاقتصادي مثل الآن, سنة سنتين الوضع الاقتصادي في العالم متأزم جداً والوضع المالي للتجار الكبار أصلاً جداً متأزم ولعله مضطرب وفي مثل هذه الحالة الإمام الجواد دخل على الخط (عليه أفضل الصلاة والسلام) قال: >أنا لا أوجب كل هذا في هذا تخفيفاً مني لما يغتال السلطان من أموالهم ولما ينوبهم في ذاتهم< هذا في الخمس المرتبط بجعلنا ووضعنا, فأما الغنائم والفوائد فهي واجبةٌ عليهم في كل عام التي هي {واعلموا أنما غنمتم} هذا الذي أقوله ليس مرتبط بهذا الذي فرضه الله سبحانه وتعالى عليكم, هذا حكم وذاك حكم آخر.
أتصور الرواية جدُ واضحة. نعم, ماذا فعل الإمام× في قبال هذا التخفيف وضع الخُمس >وإنما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضة< يا ابن رسول الله الذهب والفضة لا يجب فيها الخمس؟ يقول: لا لا, باعتبار أنه الميزانية ميزانية سوف تقل من جهة الخمس الذي في التجارات فلابد أن تغطى من أين؟ تغطى بالذهب, طيب ما ذنب هذا؟ يقول لا الذي عنده الذهب والفضة فحاله يعني ماذا؟ جيد هذا, إذن لابد أن يؤخذ من هؤلاء ليعطى لهؤلاء واضحة الرواية أتصور كالشمس واضحة بهذه القراءة التي نحن نقدمها للأعزة في فهم الرواية.
إذن أعزائي الرواية أتصور هذه الرواية الثانية من أوضح الروايات أيضاً التي تثبت لنا أن وجوب الخمس في أرباح التجارات أيضاً بنفس البيان في السياق نفسه, وهو أن الإمام× في زمن الإمام الجواد يقول نصف السدس, الإمام الهادي يقول لا أرجعوا إلى وضعكم الطبيعي ادفعوا الخمس في الضياع والغلاة لا أنه يكتفى بنصف السدس, إنما الكلام كل الكلام في سند الرواية.
طبعاً نحن بإمكاننا أن نقول الآن على القاعدة التي يتذكرها الأعزة وموجودة أيضاً في الكتب الآن إما يعبرون مضمرة علي ابن مهزيار وإما يعبرون رواية علي ابن مهزيار -في الكتب هكذا يعبرون- وإما صحيحة علي ابن مهزيار, والجواب على المباني هذا الذي قال صحيحة باعتبار أنه في نظره كل هذه الإشكالات غير واردة, الذي عبر عنها رواية باعتبار أنه لم تثبت له مثلاً صحة سند هذه الرواية ومشكلات أخرى, والذي عبر عنها مضمرة فواضحة أن الرواية مضمرة, ولكنّه على القاعدة التي يتذكر الأعزة الملاحظة التي أشرنا إليها باعتبار أننا قلنا لم نوفق أن نعطي دور في علوم الحديث وعلم الحديث وعلم الرجال وعلم الجرح والإسناد وقواعد الجرح والإسناد وعلم علل الحديث ونحو ذلك, والمباني التي اعتقدها في هذا المجال, التي هي مرتبطة بعضها بالسند مرتبطة بعضها بالمضمون, ولذا كما وعدنا الإخوة عندما تأتي مناسبة ببعض القواعد الرجالية أو القواعد السند, قواعد الجرح والتعديل, سوف نقف عندها قليلاً حتى يتضح أيضاً للأعزة ما نعتقده من المباني في هذا المجال, عندما نقول بعض الإخوان أنه سيدنا على أي أساس أنت تقول رواية كذا في الكافي صحيحة ولكن عندما نراجع نجد الأعلام مثلاً ضعفوا فلان ضعفوا فلان على أي أساس تقول كذا؟ ولذا لعله سوف نقف قليلاً عند سند هذه الرواية لأنه فيها مجموعة من النكات الرجالية والسندية والجرح والتعديل ونحو ذلك.
التساؤل الأول المطروح في هذه الرواية: هي أن هذه الرواية كما هو واضح للأعزة هي مضمرة, الرواية طبعاً أصلها مرتبط بالشيخ الطوسي في التهذيب الجزء الرابع ص123 رقم الرواية 354 على ابن مهزيار, يعني بسنده الشيخ الطوسي إلى من؟ إلى علي ابن مهزيار, قال: >كتب إليه< طيب من الواضح بأنه الرواية مضمرة لم يبين من هو المكتوب إليه في هذا المجال, من هنا الإشكال الأول الذي ورد على هذه الرواية أنّ الرواية مضمرة.
وبالأمس يتذكر الأعزة قلنا أن الفرق بين المضمرة وبين الموقوفة أن المضمر عُلم بأنه ليس هو رأي المتكلم, وإنما أسنده إلى الغير, >كتب إليه< مفروغ عنه أن هذا ليس رأيه, ولكن المكتوب إليه من هو؟ هل هو الإمام المعصوم أو غير الإمام المعصوم, فإذا شككنا في أنه رأيه أو ليس رأيه فهي موقوفة, فإن علمنا أنه رأي الغير ولكن شككنا أنّه الإمام المعصوم أو غير المعصوم فهي ماذا؟ فهي المضمرة, ومن الواضح أن الرواية ليست من الموقوفة وإنما من المضمرات, هذا البحث الأول.
البحث الثاني: ما هو القول الحق أو المختار في المضمرات, هل المضمرات حجة مطلقاً أو ان المضمرات ليست حجة مطلقاً أو يوجد فيه تفصيل, وهذه قضية مهمة لأن الروايات الواردة بعنوان الإضمار تعد مئات في نصوصنا, ولعله أسباب كثيرة للإضمار, واحدة منها التقية, أنه أساساً الأصحاب كانوا ينقلون الروايات وينسبونها إلى ضمير مجهول حتى لا يتضح أن لهم علاقة بالإمام, ولكنّ الذين حولهم كانوا يعرفون عندما يقول كتبت إليه كتب إلى من؟
ولذا تجدون أنه في جملة من الأحيان كتبت إلى العبد الصالح, العبد الصالح عنوان عام, ولذا من هنا الفقهاء قالوا لا, المراد بالعبد الصالح كذا, وهكذا العناوين أنتم تجدون أن الروايات أبو الحسن الأول أبو الحسن الثاني أبا عبد الله هذه لماذا صارت هذه, لماذا لم تذكر الأسماء؟ لهذه الحالة الموجودة.
السبب الثاني للإضمار: هو التقطيع وهذه من أهم إشكالات الروايات الموجودة عندنا وهو أن السائل يأتي ويسأل الإمام عشرة أسئلة يقول في المقدمة: >سألت الإمام الصادق أو أبي عبد الله الصادق< ثم يأتي إلى السؤال الثاني ولم يقل سألت الإمام الصادق بل يقول ثم سألته, اعتماداً على ماذا؟ على الضمير الذي جاء في الأول, ولكن عندما جاء التقطيع ماذا حدث الرواية فيها عشرة مقاطع واحدة في كتاب الإرث وواحدة في باب الصلاة وواحدة.. فأمانة الأعلام المحدثين لم يقل أنه كذا, وأساساً لعله لا يعلم لأنه لا يعلم صدر هذه الرواية أين؟ فلهذا جعلها على كونها مضمرة, وعوامل كثيرة الآن لا نريد أن ندخل فيها؟ إذن عشرات بل مئات الروايات أعزائي عندنا مضمرة فما هو حكم المضمرات رجالياً هل هي حجة أو ليست بحجة؟
القول الأول: هو عدم الحجية مطلقا, وهو أنه كل مضمرة بنحو الموجبة الكلية ليست بحجة لماذا؟ يقولون لأنه دليل واضح لأن الأدلة دلت على أن قول الإمام حجة وهذا قول الإمام أو ليس قول الإمام؟ مشكوك في أمره, كيف نستطيع أن نثبت أن هذا قول الإمام حتى نثبت الحجية له, الذي ثبت بحسب الأدلة حجية ماذا؟ قول المعصوم, وهذا قول المعصوم أم شبهة مصداقية؟ شبهة مصداقية إذن ليس بحجة. وهذا قولٌ اختاره جملة من الأعلام منهم الشهيد الأول والشهيد الثاني, أنا وجدت بأنه إذا استعرض كلمات الشهيد الأول والشهيد الثاني موجودة في اللعمة كتاب الصلاة الشهيد الأول والشهيد الثاني, وكذلك من الأعلام الذين اختاروا هذا القول صاحب الجواهر قال بأن المضمرات ليست بحجة مطلقاً, صاحب الجواهر في كتابه الجواهر المجلد التاسع والعشرين ص190 بعد أن ينقل رواية يقول: >وبصحيح ابن مسلم وأبي بصير عن أبي جعفر سألته عن < كتاب النكاح في باب الوصية, >سألته عن الذي بيده عقدة النكاح قال هو الأب والأخو والموصى إليه< إلى أن يقول: >ولا يعارض ذلك الصحيح< الذي قرأناه الآن >المضمر< والمراد بالمضمر هي صحيحة محمد ابن إسماعيل ابن بزيع, لماذا لا يعارض؟ >بعد كونه مضمراً في الكافي والتهذيب< إذن حجة أو ليس بحجة؟ ليس بحجة لماذا لا يعارض؟ لأن التعارض إنما يكون بين الحجتين وهذا المضمر حجة أو ليس بحجة؟ ليس بحجة إذن لا معنى لأنّ الصحيح يعارض مع ماذا؟ مع أن المضمِر باسم الفاعل هو؟ محمد ابن إسماعيل ابن بزيع الذي هو من الأجلاء ومن الأصحاب المعروفين, إذن الرواية من حيث السند ما فيها إشكال, ولكنّ الإشكال في الإضمار.
إذن القول الأول هو هذا. ولعله أيضاً نسب هذا القول إلى جملة من الأعلام, الذي الآن ليس وقته.
القول الثاني: وهو القول بالحجية مطلقا, يعني ماذا؟ دعني أبين معنى الإطلاق ما هو لأننا لم نبين ذلك في البداية, المراد من الإطلاق وعدم الإطلاق في كلماتهم حتى يتضح التفصيل, هو أنّه لا فرق أن الذي أضمر يُعد من أجلاء الأصحاب أمثال محمد ابن مسلم وزرارة ويونس ابن عبد الرحمن وهذه الطبقة, وبين أن يكون الراوي إنسان ثقة ولكن ليس من الأجلاء ليس من الفقهاء, ليس من فقهاء أصحاب الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) عندما نقول عدم الحجية مطلقاً يعني لا فرق أن يكون الذي أضمر أو صدر الإضمار منه أن يكون أمثال محمد ابن مسلم أو محمد ابن إسماعيل ابن بزيع أو أن يكون أي راوٍ ثقة عادي من عوام الناس لا فرق.
القول الثاني يقول بالحجية مطلقا, يعني لا فرق بين أن يكون المضمر أمثال محمد ابن مسلم أو أن يكون إنساناً عادياً.
هذا الكلام أعزائي نسب إلى ابن الشيخ ابن الشهيد الثاني, يعني الشيخ حسن, في منتقى الجمان الجزء الأول في الفوائد ص39, قال: >يتفق في بعض الأحاديث عدم التصريح باسم الإمام الذي يُروى عنه الحديث بل يشار إليه بالضمير وظن جمعٌ من الأصحاب أن مثله قطع ينافي الصحة< أساساً هذه الرواية مقطوعة تنافي الصحة, >وليس ذلك على إطلاقه صحيح< هذه العبارة ما يظهر منها الحجية مطلقاً, إلا أنه جملة من الأعلام فهموا من الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني أنه قائل بالحجية مطلقا.
ومن أولئك الذين فهموا هذا المعنى بشكل واضح وصرح به هو صاحب الحدائق+ في المجلد الخامس ص311 من الحدائق, هذه عبارته هناك يقول: >ولله دَر المحقق الشيخ حسن في المعالم حيث رد ذلك< باعتبار أنّه العلّامة في المختلف قال بأنه هذه مضمرة وليست حجة, شيخ حسن رد عليه في المعالم بأنه لا المضمرات حجة. فقال: >وأما جوابه على الثاني فمنظور فيه وذلك لأن الممارسة تنبه على أن المقتضي لنحو هذا الإضمار في الأخبار ارتباط بعضها ببعض في كتب روايتها عن الأئمة< هذه واحدة من العوامل أو التقية أو .. إلى غير ذلك.
وممّن أيضاً اختار هذا القول وأصر عليه هو المحقق أو العلامة المامقاني في مقباس الهداية, هناك في المقباس الجزء الأول ص334 هذه عبارته, يقول: >الظاهر أنّ مطلق الموثقين من أصحابنا أيضاً كذلك< يعني ماذا؟ يعني أن كل إضمارهم ما هو؟ حجة, لأن ظاهر حال أصحاب الأئمة لا يسألون إلا عنهم ولا ينقلون حكماً شرعياً يعمل به العباد إلا عنهم وإن سبب الإضمار إما التقية أو تقطيع الأخبار إلى غير ذلك من الأسباب, هذا هو القول الثاني في المسألة.
القول الثالث في المسألة: وهو القول الذي يقول بالتفصيل, التفتوا إلى التفصيل, في التفصيل يقول لا, أن حال المضمر يختلف, فإن كان المضمر والذي أضمر من الأجلاء أمثال محمد ابن مسلم ويونس ابن عبد الرحمن وزرارة الذين لم يُعهد ولم يثبت أنهم كانوا يستندون إلى غير الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) فهذه مقتضى الأصل فيهم أن مضمراتهم ما هي؟ حجة, لماذا؟ لأنه لا يمكن لا يقع أساساً أن زرارة مثلاً يذهب إلى شخص ويسأله وينقل وكأنه ينقل عن الإمام المعصوم (عليه أفضل الصلاة والسلام) هذا كلامٌ غير محتمل أبداً غير محتمل, أما إذا كان المضمر ليس من المعروفين وليس من الأجلاء وليس من الفقهاء هذا الاحتمال فيه أنه ينقل عن الأئمة بمكان من الإمكان لماذا؟ لأن الأئمة هم أرجعوا إلى فقهاء أصحابهم, يقول: >أفيونس ابن عبد الرحمن ثقة, قال: نعم ثقة, آخذ منه معالم ديني, قال: نعم خذ منه معالم دينك< طيب جيد جداً إذن عموم الشيعة يأخذون من من؟ من فقهائنا, طيب بأي دليل إذا كان من العوام هو من عموم الشيعة ومن الموثقين أنا أقول يسأل الإمام هذا بأي دليل, واقعاً شبهة مصداقية موجودة, أما في أجلاء الأصحاب هذه الشبهة المصداقية, نعم بالاحتمال العقلي متصورة ولكنّه وقوعاً واقعاً لها وقوع أو ليس لها وقوع؟ احتمال ضعيف جداً أن زرارة يسأل غير الإمام وينقل رواية فيها إيهام أنها رواية من رواية الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام).
ومن هنا ذهب جملة من الأعلام وهذا ما نعتقده أيضاً في المضمرات, ذهب جملة من الأعلام إلى التفصيل وهذا الذي أيضاً أشار إليه في مقباس الهداية, يعني نسبه إلى بعض المحققين, عبارته في مقباس الهداية هذه العبارة, عبارته هذه, يقول: >بل قال بعض المحققين أن الإضمار إن كان من مثل زرارة ومحمد ابن مسلم وإضرابهما من الأجلاء فالأظهر حجيته< وهنا هو علق >قال: بل الظاهر أن مطلق الموثقين من أصحابنا أيضاً كذلك< قال بالحجية مطلقاً.
إذن ووجه هذا القول وجه فني, وهو الذي أيضاً قبله صاحب الكفاية+ في الاستصحاب إذا يتذكر الأعزة, في باب الاستصحاب نحن عندنا معروفة مضمرة زرارة في باب الاستصحاب وهي من الروايات المهمة في الباب وفيه هذه المشكلة مشكلة الإضمار, هناك في كفاية الأصول هذه الطبعة طبعة مؤسسة آل البيت ص388 قال: >صحيحة زرارة قال: قلت له: الرجل ينام وهو على وضوء< له لمن قلت, واضحة الرواية مضمرة >وهذه الرواية< في ص389 >وهذه الرواية وإن كانت مضمرة إلا أن إضمارها لا يضر باعتبارها حيث كان مضمرها مثل زرارة< واضح أنه إذا كان أمثال زرارة فالإضمار حجة وهو مما لا يكاد يستفتي من غير الإمام× لا سيّما مع هذا الاهتمام والتفاصيل التي أشير إليها. جيد جدا.
إذن أعزائي من هذه الجهة نحن لا توجد عندنا مشكلة في قبول هذه الرواية, لماذا؟ لأن المضمر من هو؟ المضمر علي ابن مهزيار وهو من أجلاء وقرأنا الأعزة يتذكرون علي ابن مهزيار يُعد من أجلاء أصحاب الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
هذا هو الجواب عن التساؤل الأول.
إذن الرواية من هذه الجهة بناءً على مبنى الحجية مطلقاً أو التفصيل الذي قبلناه إذن الرواية فيها إشكال من هذه الجهة أو لا توجد؟ الآن لو صار أحدٌ مبناه أنّه عدم الحجية مطلقاً يوجد طريق لتصحيح الرواية أو لا؟
الجواب: نعم, يوجد طريق آخر لتصحيح الرواية من هذه الجهة وهي أن هذه الرواية واردة في أصول الكافي, نفس هذه الرواية, واردة في الأصول من الكافي هذه الطبعة التي هي دار الحديث الجزء الثاني ص736, الرواية أيضاً: >محمد ابن الحسن وعلي ابن محمد عن سهل ابن زياد عن إبراهيم ابن محمد الهمذاني< هذه النسخة المطبوعة الآن في دار الحديث لا تكتب الهمَداني -كما أشرنا بالأمس- وإنما تكتب الهمَذاني يقول: >هكذا في كذا نسخة والمطبوع الهمداني وإبراهيم هذا هو إبراهيم ابن محمد الهمذاني الوكيل…< إلى آخره, هذا بحثه إن شاء الله بعد ذلك سيأتي في ضبط كلمة إبراهيم ابن محمد الهمذاني.
الرواية هذه >عن إبراهيم ابن محمد الهمذاني, قال: كتبتُ إلى أبي الحسن×< هذه فيها إضمار أو لا يوجد فيها إضمار؟ هذه واضحة أن المراد من أبي الحسن هو الإمام الهادي الإمام العاشر× >أقرأني علي ابن مهزيار كتاب أبيك× فيما أوجبه على أصحاب الضياع نصف السدس بعد المؤونة وأنه … فاختلف من قبلنا في ذلك فقالوا يجب على الضياع الخمس فكتب بعد مؤونته ومؤونة عياله< إلى آخره. والرواية هي نفس الرواية وبنفس المضمون ولا يحتمل لا يأتي هذا الاحتمال أن هذه الرواية غير الرواية السابقة.
ولذا نجد بأن صاحب الوسائل عندما قرأ هذه الرواية أشار في ذيلها في ص501 قال: >ورواه الكليني عن علي ابن محمد عن سهل ابن زياد< هذا يكشف عن أنها هي نفس الرواية لا أنها رواية ثانية, حتى يقال بأنه هذه رواية أخرى مصرحة وهذه الرواية مضمرة, لا, صاحب الوسائل يقول هذه نفس تلك الرواية باعتبار أن النصوص والكلمات والقرائن كلها تقول رواية واحدة.
ولكن, جيد إذن نتخلص من الإضمار من الرواية في أصول الكافي, ولكن المشكلة في سهل, وما أدراك ما سهل.
أعزائي هذه القضية ولو لمرةٍ واحدة أنا ذكرتها ولكنّه هنا أيضاً أقف عندها قليلاً. هذه الرواية أو قضية سهل من الأمور المهمة والمعقدة في رواياتنا في سهل ابن زياد, والسبب في ذلك أنه مهمة, في معجم رجال الحديث المجلد الأول ص341, طبعاً الترجمة تبدأ من ص337 رقم الترجمة 5629 الإخوة يراجعون, يقول: >وقع بعنوان سهل ابن زياد في إسناد كثير من الروايات تبلغ ألفين وثلاثمائة وأربعة موارد, طبعاً فقط في الكتب الأربعة, في الكتب الأخرى دعوها, في الكتب الأربعة أنت عندك كم رواية, حدود 2500 رواية في مختلف الأبواب من عقائد, من تفسير, من فقه, من أخلاق, فضياع سهل يعني ضياع كم؟ والله بالله نحن لا يوجد عندنا صداقة مع سهل ولكن ضياع سهل وتضعيف سهل تضعيف لماذا؟ لتراث ضخم من تراث أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
ولذا أنتم عادةً هذه القضية خذوها بعين الاعتبار, لا يصير مبناكم, هذا الذي قلت لو كنت أوفق لذلك, لا يصير مبناكم مجرد قال النجاشي ضعيف مغالي, مباشرة ضع على كم؟ على ألفين وخمسمائة رواية, هذا ليس المنهج العلمي أعزائي, طبعاً هذا المنهج اتبعه السيد الخوئي في فترة من فترات عمره المبارك, ولكنه في الأواني الأخيرة ما كان بهذا الحدية, ولهذا عبارته هكذا >وكيف كان فسهل ابن زياد ضعيفٌ جزماً< وأمثال هذه التعبيرات, الآن يكون في علمك الآن بعد ذلك مختلف اختلاف شديد بين الأعلام أن بعضٌ وثقه وبعض ضعفه, ثم الذين ضعفوه استندوا إلى أدلة نوقشت هذه الأدلة بشكل تفصيلي إذن قضية الوصول إلى الجزم بالضعف ليست مسألة سهلة, أو أنه لم تثبت وثاقته, المهم هذا البحث أنا أنصح الأعزة لا أقل لأنه لا يوجد عندي وقت لأقف عند سهل لابد أن نقف كم يوم عند سهل وليس سببه أنه أقف عند البحث الرجالي عند سهل ابن زياد يكون في علمكم, لا, في البحث المضموني أساساً سهل ابن زياد الذي اتهم أنه ضعيف وأنه خرج من قم والمشكلة من أين جاءتنا؟ من القميين, هذه مشكلتنا من القميين هذه, وهو أنه بمجرد أن شخص, هذا الذي في زماننا نعبر عنه بالإقصاء, يعني إما تنقل الروايات والطريقة التي نحن نقولها وإما أنت ماذا؟ ساقط عقيدة وديناً ومتهم ومغالٍ وكذاب ومخلط وأخيراً إبعاد, الآن الحمد لله رب العالمين في حوزاتنا العلمية ما يجرأ أحد أن يبعد أحد, في ذاك الزمان كان موجود, الآن عندما تأتي إلى مبنى القميين تجد أن مبنى القميين أنه يقولون أول درجات الغلو الشهادة الثالثة, هذا كان مبنى القميين, الاعتقاد بأن الرسول لا يسهو أول درجات الغلو, هذا كان مبنى القميين إذن لو جاء شخص هناك مباشرة يقول أن رسول الله لا يمكن أن يسهو ماذا يصير؟ مغالي, إذن ماذا يفعل له؟ يخرجوه من قم, وبمجرد أن يخرجوه من قم بلي أخرجه القميون وصارت هذه نقطة في جبهة عار إلى قيام الساعة, ولذا أعزائي هذه نصيحتي أنا لا أريد أن أقول اقبلوا مبناي, ولكن هذه نصيحتي للأعزة لا يصير بنائهم في علم السند في علم الرجال في علم الجرح والتعديل أنه فلان قال ثقة فلان قال ماذا؟ وخصوصاً في هذا الزمان أضاف إليها علمٌ كبير كالسيد الخوئي ضعفه السيد الخوئي, ثم ماذا ضعفه السيد الخوئي, ضعفه كأي علم آخر, ولكن الآن في ذهنك الآن كبير السيد الخوئي وهو كبيرٌ واقعاً ولكن رأي من الآراء العلمية لماذا نبقى أسير هذه الآراء وإلا نفس هذه المشكلة التي وقعت بعد الشيخ الطوسي أنه مائة سنة من فقهاء الإمامية صاروا مقلدة, ولذا أنتم تجدون أن جُل الأعلام الذين حققوا في سهل ابن زياد لم يذهبوا هذا الرأي, منهم المامقاني بودي الأعزة الذين عندهم الطبعة الحجرية لأن هذه الطبعة الجديدة لم تصل إلى سهل ابن زياد, الطبعة الحجرية الثلاث مجلدات الكبيرة, منهم المامقاني, ومنهم سيد الطائفة سيد بحر العلوم+ في رجال السيد بحر العلوم المجلد الثالث ص21, يقول: >سهل ابن زياد لشيخنا الحجة< هذا في الحاشية يقول يعني في المعلق يعني >لقد فصل أقوال الطرفين واختار التوثيق ودلل عليه ودفع حجج القائلين بالتضعيف< هذا رأي, وسهل ابن زياد الذي هو عند سيد محمد >والأصح توثيقه وفاقاً لجماعة من المحققين لنص الشيخ على ذلك< من هنا القائلين بالتضعيف صاروا بصدد كيف يسقطون كلام الشيخ, لأنه كتبه الأخرى مختلف فيها يريدون أن يقدمون التضعيف على التوثيق, >لنص الشيخ على ذلك في كتاب الرجال ولاعتماد أجلاء أصحاب الحديث كالصدوقين والكليني وغيرهم, وإكثارهم الرواية عنه, مضافاً إلى كثرة رواياته في الأصول والفروع وسلامتها من وجوه الطعن والضعف< المراد من وجوه الطعن والضعف يعني الدلالي المضموني لأنه واحدة من الاتهامات الموجه إليه أنه ينقل روايات ليست معلومة, يقول اقرأوا رواياته في الأصول بينكم وبين الله تجدون الروايات التي ينقلها على ماذا؟ على القواعد وهذا هو المنهج الدلالي والمنهج المضموني لتصحيح السند. >خصوصاً عمّا غمز به من الارتفاع والتخليط< الارتفاع يعني الغلو >والتخليط فإنها خالية عنهما وهي أعدل شاهدٍ< محل شاهدي هذه الجملة من السيد بحر العلوم >وهي أعدل شاهدٍ على برائته عمّا قيل فيه< ماذا قيل فيه؟ أنه مغالي, يقول: >مع أن الأصل في التضعيف جاءنا من القميين< هذا بحث القميين إذا الإخوة عندهم مزاج التحقيق فليكتبوا عدة رسائل في جرح وتعديل القميين, واقعاً أنا ما أريد أن أعبر تعبير (دمّروا) لأنه جداً لهم أثر في مسألة الجرح والتعديل عندنا وإلى الآن نحن ندفع الثمن, من قبيل ما كتبه النوري المحدث النوري في مسألة تحريف القرآن الذي صار مائة وخمسين سنة ندفع الثمن وليس بمعلوم إلى متى ندفع الثمن, قال: >مع أن الأصل في تضعيفه في كما يظهر من كلام القوم هو أحمد ابن محمد ابن عيسى الأشعري وحال القميين سيما ابن عيسى في التسرع إلى الطعن والقدح والإخراج من قم بالتهمة والريبة ظاهر لمن راجع الرجال< هذا اجعلوه أصلاً واشتغلوا عليه, >ولو كان الأمر فيه على ما بالغوا فيه من الضعف والغلو والكذب لورود عن الأئمة ذمه وقدحه والنهي عن الأخذ عنه والرجوع إليه كما ورد في غيره ممن هو أقل منه رواية, كما ورد في الضعفاء< إلى آخره.
ولذا نحن فيما سبق لعله عشر سنوات في المكاسب المحرم خارج المكاسب المحرمة نحن وثقنا سهل ابن زياد ولذا كل الروايات التي فيها سهل ابن زياد بالنسبة إلينا لا توجد فيها مشكلة.
إذن الجواب عن التساؤل الأول: تلخص مما تقدم:
أولاً: أنّ الإضمار في المقام يضر أو لا يضر؟ لا يضر.
وثانياً: حتى لو كان مضراً فرواية أصول الكافي هي مصرّحة بأن الذي سُئل هو من؟ هو الإمام الهادي× ولا يضر فيها سهل ابن زياد.
والحمد لله رب العالمين.