بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
قلنا بأنه يوجد في طريق الشيخ الصدوق الحكم ابن مسكين, والحكم ابن مسكين كما أشرنا بالأمس لا يوجد توثيق بشأنه بنحوٍ خاص وإنما يمكن تصحيح الرواية أو تصحيح السند من خلال التوثيقات العامة.
الطريق الأول من التوثيقات العامة: هي القاعدة والأصل والشهادة التي ذكرها الشيخ الطوسي في العُدة هذه العبارة والشهادة واضحة, في (هذه الطبعة الجديدة التي لعله متوفرة في الأسواق وتلك الدورة السابقة أولاً ناقصة تلك الطبعة ولعلها غير متوفرة المطبوعة في بستان كتاب بتحقق محمد رضا الأنصاري القمي في ص230 من الكتاب) في هذه العبارة يقول: >وإذا كان أحد الراويين مسنداً< يعني روايته مسندة, >والآخر مرسلاً< روايته مرسلة, هنا فقط للإشارة أشير, أنّ الشيخ يتكلم في باب تعارض الأدلة وهذه النكتة التي لم يلتفت إليها سيدنا الأستاذ السيد الخوئي فقال: >أن الشيخ الطوسي يتناقض< الجواب: في كلمة واحدة أن الشيخ الطوسي يقبل هذه القاعدة في غير مورد التعارض أما مع التعارض فله أحكام أخر, وهو تصور أن الشيخ الطوسي متناقض متهافت من جهةٍ يقول بان هذه القاعدة تمامة كما يشهد, ومن جهة أخرى يقول بأن الرواية ضعيفة لإرسالها مع أن المرسل هو محمد ابن أبي عمير. الجواب: في حال التعارض يقدم المسند على المرسل ولأسبابٍ أيضاً لا مطلقا.
ولذا إذا الإخوة يراجعون البحث هنا في العُدة يجدون بأنه >وإذا كان احد الراويين مسنداً والآخر مرسلاً ووقع بينهما التعارض, >نُظر في حال المرسل< يقول مرة أن المرسل ليس أمثال محمد ابن أبي عمير وصفوان ابن يحيى والبزنطي, فطبيعي أن المسند يقدم على المرسل >نظر في حال المرسل فإن كان ممن يُعلم أنّه لا يُرسل إلا عن ثقةٍ موثوقٍ به فلا ترجيح لخبر غيره على خبره< إذن واضح أين يتكلم؟ في التعارض إذا وقع التعارض لا مطلقا, >ولأجل ذلك سوت الطائفة< التفت إذن القضية ليست فقط هو يدعيها حتى يقول السيد الخوئي+ أن هذا اجتهاد شخصي ممن؟ من الشيخ الطوسي, لو كان اجتهاد شخصي من الشيخ الطوسي, طيب لماذا ينسب ذلك إلى الطائفة, هذا يكشف على أنها ليس اجتهاداً وإنما هو شهادة, >ولأجل ذلك سوت الطائفة بين ما يرويه محمد ابن أبي عمير وصفوان ابن يحيى وأحمد ابن محمد ابن أبي نصر وغيرهم من الثقات< التفتوا جيداً, >الذين عُرفوا< هذه أين وأنه اجتهد أين؟ يقول عرفوا في الطائفة أنهم ماذا؟ أنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عمن يوثق به وبينما أسنده غيرهم< يعني >سوت الطائفة< بين مراسيل هؤلاء الأعلام وما أسند من غير هؤلاء الأعلام >ولذلك عملوا بمراسليهم إذا انفردوا عن رواية غيرهم, فأما إذا لم يكن كذلك ويكون المرسل ممن يرسل عن ثقة وعن غير ثقةٍ فإنّه يقدم خبر غيره عليه<.
من هذا البيان يتضح لكم أن ما ذكره -بنحو الإجمال- والآن ما أريد أن أدخل في هذا البحث لأنه يأخذ وقت طويل ونحن مشارفين على التعطيلات, من هنا يتضح بأنه يقول: >فإنّه ممّا يكشف عمّا ذكرناه بأنه أساساً هذا كان اجتهاد من الشيخ وليس استدلالاً خاصاً< هذا الكلام الإخوة إذا يريدون يراجعونه في ص64 من معجم الرجال, يقول: >فإنّه اجتهاد من الشيخ قد استنبطه من اعتقاده تسوية الأصحاب بين مراسيل هؤلاء ومسانيد غيرهم<.
أعزائي هذه القواعد -كما ذكرنا بالأمس- من القواعد الأساسية وقد بنى عليها سيدنا الشهيد أيضاً هذه القاعدة وحاول أن يدفع إشكالات السيد الخوئي+ ولكنّه على مبانيه في نظرية الاحتمال التي الآن لا ندخل فيها تفصيلا.
إذن أعزائي الطريق الثاني لتصحيح هذه الرواية التي إن شاء الله طلب الأعزة في محل آخر نقف عند هذه القاعدة لأنّه ذكر لي بعض الأعزة بأنه لعله التعطيلات تبدأ من آخر هذا الأسبوع يعني يومين أو ثلاث لا أكثر من ذلك فلو دخلنا في هذا البحث لعلنا لا ننتهي منه في هذه السنة فيبقى البحث مبتوراً, إن شاء الله تعالى إذا وفقنا في السنة القادمة بإذن الله تعالى, هذا هو الطريق الثاني أعزائي, وهو على المبنى من بنى على هذه القاعدة وهو: >أن هؤلاء الثلاثة لا يروون ولا يُرسلون إلّا عن ثقة< أساساً هذه الشهادة هذه العبارة لا أعبر عنها شهادة, هذه العبارة من الشيخ تثبت وثاقة هؤلاء لا فقط تثبت لنا صحة الرواية, بل تثبت لنا وثاقة هؤلاء, يعني أينما وجدنا الحكم ابن مسكين فهو ثقة, لا فقط هذه الرواية, هذا هو الطريق الثاني لتصحيح هذه الرواية.
الطريق الثالث: في الطريق الثالث هو الاستناد إلى قاعدة >الإجماع تصحيح ما يصح عن نفرٍ من الأصحاب الذين أشير إليهم< وهو أيضاً طريق مهم وأساسي وتترتب على ذلك ثمرات واسعة النطاق باعتبار أن هؤلاء الثمانية عشر عن كم راوي يروون الروايات كثيرة جداً, وقاعدة أساسية:
أولاً: من هم هؤلاء أصحاب الإجماع؟ الإخوة الذين يريدون أن يراجعون أعطي المصادر وإن شاء الله أيضاً تحقيق هذا الأصل أيضاً في مورده المناسب.
منشأ هذا الإجماع في (كتاب اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي الذي هو بتحقيق السيد مهدي الرجائي مؤسسة آل البيت الجزء الثاني ص507) هذه عبارته هناك, يقول: >في تسمية الفقهاء من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله^, قال الكشي: >أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأولين< الآن نعبر عنها العُصابة حتى لا تصير عِصابة وإلا يقولون هم هؤلاء يقولون الشيعة هم عِصابة هم يقولون ولسنا نحن نقول, >اجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأولين من أصحاب أبي جعفر الباقر وأبي عبد الله الصادق^ وانقادوا لهم بالفقه, فقالوا أفقه الأولين ستة: زرارة ومعروف ابن خربوذ وبريد وأبو بصير الأسدي والفضيل ابن يسار, ومحمد ابن مسلم الطائفي, قالوا وأفقه الستة زرارة وقال بعضهم مكان أبي بصير الأسدي أبو بصير المرادي وهو ليث ابن البختري< لأنه مشترك بين خمسة كما تعلمون, جيد. هؤلاء ستة, إذن هؤلاء ستة من أصحاب الإجماع.
المورد الثاني: أو الستة الثانية في (الجزء الثاني في ص673) هذه عبارة الكشي قال: >تسمية الفقهاء من أصحاب أبي عبد الله أجمعت العُصابة على تصحيح ما يصح من هؤلاء وتصديقهم لما يقولون وأقروا لهم بالفقه وهم ستة نفر: جميل ابن دراج وعبد الله ابن مسكان وعبد الله ابن بكير وحماد ابن عيسى وحماد ابن عثمان وأبان ابن عثمان, قالوا وزعم أبو إسحاق الفقيه أن أفقه هؤلاء جميل ابن دراج, هذه أيضاً الستة الثانية.
الستة الثالثة: في (الكشي في ص830) عبارته يقول: >تسمية الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم وأبي الحسن الرضا – الكاظم والرضا- أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصح عن هؤلاء وتصديقهم وأقروا لهم بالفقه والعلم وهم ستة نفر آخر دون الستة نفر الذين ذكرناهم وهو: يونس ابن عبد الرحمن وصفوان ابن يحيى ومحمد ابن أبي عمير وعبد الله ابن مغير والحسن ابن محبوب وأحمد ابن محمد ابن أبي نصر البزنطي.
هؤلاء الثمانية عشر, طبعاً مع اختلاف, وقال بعضهم مكان الحسن ابن محبوب الحسن ابن علي ابن فضّال, وقال بعضهم مكان ابن فضّال عثمان ابن عيسى وهكذا. فمجموع الذين أدعي أنهم من أصحاب الإجماع يصل إلى واحد وعشرين أو اثنين وعشرين.
طيب واضح أيضاً بهذا الطريق أيضاً يمكن تصحيح الرواية عن الحكم ابن مسكين باعتبار أنه جملة من هؤلاء نقلوا ورووا عن الحكم ابن مسكين, محمد ابن أبي عمير وصفوان وخربوذ وإلى غيره.
السؤال المطروح في هذه القاعدة -أيضاً بنحو الفتاوى لا تفصيلاً- السؤال المطروح هنا, ما هو المراد من هذه القاعدة؟ يعني ما هو مدلول هذه القاعدة أو مدلول هذه الكلمات التي نقلناها عن الشيخ الكشي عن الكشي؟
الجواب: يوجد اتجاهان في فهم هذه القاعدة أو في فهم هذا الكلام من الكشي:
الاتجاه الأول: وهو الاتجاه المشهور يقول: أن هذا الكلام من الكشي يدل على صحة الرواية إذا صحت إلى واحد من هؤلاء, يعني إذا كان السند صحيحاً إلى محمد ابن أبي عمير, بعد ذلك لا ننظر إلى ما بعد محمد ابن أبي عمير هل هو موثوق غير موثوق بل حتى لو كان معروفاً بالضعف بل حتى لو كان معروفاً بالفسق بل.. أي شيء, الرواية تكون صحيحة, انتهت.
إذن نحن في الرواية إذا انتهينا في صحتها إلى محمد ابن أبي عمير, فننظر ما بعد محمد ابن أبي عمير أو لا ننظر؟ لا علاقة لنا من يكون فليكون ما بعد محمد ابن أبي عمير, هذا الاتجاه الأول وهو الاتجاه المشهور بين فقهاء الإمامية؛ لأنه المسألة مطروحة من القديم وليست مسألة جديدة.
الاتجاه الثاني: يقول لا, هذا الكلام من الكشي يريد أن يشير إلى إجماع الطائفة على تصحيح هؤلاء الثمانية عشر, يريد أن يقول أن هؤلاء من الأجلاء من الثقات من الكبار من جلالة قدرهم من عظم مقامهم العلمي الفقهي وإلى غير ذلك, وإلا لا تتكلم أن من بعدهم يصحون أو لا يصحون يوثقون أو لا يوثقون لا علاقة لها, نتعامل مع الروايات التي فيها واحد من هؤلاء الثمانية كأي رواية أخرى, ولكنّه فرق أنّه الرواية التي ينقلها محمد ابن أبي عمير لها شأن والرواية التي ينقلها واحد من غير هؤلاء الثمانية عشر لها شأن آخر.
هذان اتجاهان معروفان وهو اتجاه ذهب إليه أيضاً جملة من المتأخرين ومتأخري المتأخرين مثل صاحب الوافي مثل صاحب الرياض فلا يتصور أن هذا من اختصاصات السيد الخوئي لا لا أبداً, جملة من أعلام الإمامية ذهبوا إلى هذا الاتجاه الثاني.
ثم التفتوا, كما يقال: خارطة البحث فقط, وإلا تفصيله في محل آخر, ثم أصحاب الاتجاه الأول انقسموا إلى رأيين إلى نظريتين, الذي في الأعم الأغلب لا يلتفت إلى هذا التقسيم الثاني لا التقسيم الأول, التقسيم الأول واضح في كلمات الأعلام الرجاليين, أما التقسيم الثاني فعموماً مغفولٌ عنه وهو: أنّ هؤلاء الثمانية عشر, إذا ارسلوا طيب فلا قيمة لا نعرف من أرسل حتى نعرف أنه ثقة أو ليس بثقة يعني مراسيل محمد ابن أبي عمير لا نعرف أنه عمن أرسل حتى نعرف أنه ثقة أو ليس بثقة, إذن كلامنا الآن في مسانيد هؤلاء الثمانية عشرة, إذا أسندوا إلى شخصٍ ما بعدهم هم هؤلاء أسندوا فهل يدل ذلك على أنه ثقة أو لا يدل على أنه ثقة؟ أي منهما؟ يوجد رأيان:
رأيٌ يقول: أساساً نقل واحد من هؤلاء الأعلام شهادة بوثاقة المنقول عنه.
الرأي الثاني أو النظرية الثانية تقول: لا, هذه ليست شهادة بالوثاقة تريد أن تقول الرواية التي في سندها محمد ابن أبي عمير فهي رواية صحيحة حتى لو كان ما بعد ابن أبي عمير ضعيف في مكان آخر, وثمرة كبيرة تترتب على النظريتين, لأنّه على النظرية الأولى من روى عنه أحد هؤلاء الثمانية عشر سوف يكون ثقة فإذا وجدنا هذا الشخص المروي عنه في مكان آخر وإن لم يروي عنه محمد ابن أبي عمير فهو ثقة أو ضعيف؟ يكون ثقة, أما بخلاف الاتجاه أو النظرية الثانية, النظرية الثانية فقط تقول هذه الرواية التي فيها محمد ابن أبي عمير هذه الرواية صحيحة معتبرة يحتج بها وإن كان المروي عنها ضعيفا.
هذا التقسيم الثاني أعزائي جملة من الأعلام غفلوا لم يلتفتوا إليه فاشكلوا على أصحاب قالوا كيف يقولون هذا مع أنهم ضعفوه في مكان آخر, الجواب: نعم, لأنهم هم لا يريدون أن يوثقوا وإنما يريدون أن يقولوا أن الرواية صحيحة.
المصادر التي يمكن للإخوة مراجعة هذا البحث فيه من الذين بحثوا هذه المسألة تقريباً بحث تفصيلي هو في (منتهى المقال في أحوال الرجال لأبي علي الحائري المازندراني المتوفى سنة 1216 هجرية, تحقيق مؤسسة آل البيت, هناك في ص50 وما بعد) عنده عبارات كثيرة ومطالب كثيرة أنا أدعوا الأعزة مراجعة هذا البحث هناك. في ص51 ليس من المقدمة من التحقيق يعني من أصل الكتاب يقول: >فائدةٌ: اختلف في قولهم أجمعت العُصابة على تصحيح ما يصح عنه فالمشهور أنّ المراد صحة ما رواه حيث تصح الرواية إليه فإذا صحت إلى هذا فالرواية صحيحة< ما معنى أن الرواية صحيحة؟ يعني يحتج بها, وليس بالضرورة أن المروي عنه ما هو؟ ثقة, التفتوا إلى هذا, ثم يقول: >الأعزة وربما يظهر ذلك من الرجال …< إلى أن يقول: >وأمّا معنى الكلام المزبور فالظاهر المنساق إلى الذهن هو ما اختاره الأستاذ العلامة وعزاه إلى المشهور وصرح به وصرح بعض أجلاء العصر أيضاً بأن عليه الشهرة بل نَسب ذلك المحقق الداماد -صاحب القبسات أستاذ ملا صدرا- بل نَسب ذلك< لأنه كان فقيهاً بحسب الظاهر وإن كان فيلسوفاً بحسب الباطن يعني ما كان يظهر الفلسفة في زمانه ولذا كان مرجعاً في زمانه, هو كان أحد مراجع أصفهان المحقق الداماد وملا صدرا أيضاً كان معه فملا صدرا تكلم بكلمات من؟ المحقق الداماد, فأخرجوه من أصفهان وعلى أساسه جاء إلى كهك هذه المنطقة المعروفة الآن قريبة إلى قم 48 كيلو متر وبقي فيها سنين طويلة بعد إخراجه من أصفهان, فيقال بأنه رأى أستاذه في النوم قال له بأنه أنا كنت أتكلم كل الذي أنت تقوله كيف أنت بقيت مرجع وأنا أخرجوني؟ قال: لأنّه أنت تكلمت كلاماً يفهمه الجميع فطردوك, وأنا تكلمت بكلام لا يفهمه إلا الخاصة فلذا ما التفت العامة أنا ماذا أقول, جيد, فلهذا واقعاً هذه حكمة, >بل نَسب ذلك المحقق الداماد إلى الأصحاب مؤذناً بدعوى الإجماع< وهذا كتابه الرواشح السماوية من الكتب الجيدة >حيث قال في الرواشح السماوية< أنا عندي في البيت ولكن ما وجدته في الصباح, >وبالجملة هؤلاء على اعتبار أقوال مختلفة …< إلى أن يقول: >وذهب إلى ما قلناه العلامة المجلسي على ما نقل ونسبه إلى جماعة من المحققين منهم والده المقدس التقي واستدل في الفوائد النجفية على صحة خبرٍ ضعيفٍ بأن في سنده واحد من هؤلاء الثمانية عشر< وبحث مفصل يراجعون الأعزة البحث هناك.
وكذلك ممن أشار إلى البحث إجمالاً (صاحب الوافي, في مقدمة الوافي) واختار هذا القول الذي اختاره أو قبله السيد الخوئي (الوافي المجلد الأول, ص27) قال: >وقد فهم جماعة من المتأخرين من قوله أجمعت العصابة الحكم بصحة الحديث المنقول عنهم ونسبته إلى أهل البيت بمجرد صحته عنهم من دون اعتبار العدالة فيمن يروون عنه< هذا الذي أشرنا إليه, بأنه أساساً هذا ليس توثيق لمن بعدهم, ولكن فقط إشارة إلى صحة الرواية >حتى لو رووا عن المعروف بالفسق أو بالوضع فضلاً عما لو أرسلوا الحديث كان ما نقلوه صحيحاً محكوماً على نسبته إلى أهل العصمة, وأنت خبيرٌ بأن هذه العبارة ليست صريحة في ذلك ولا ظاهرة فيه, فإنّ ما يصح عنهم إنما هو الرواية لا المروي, بل كما يحتمل< هذا إشارة إلى النكتة التي أشرنا, أنّه تصح الرواية إشارة إلى النظرية التي تقول بأنه هذا ليس توثيق لما بعدهم وإنما بيان لماذا؟ بيان أن الرواية مما يحتج بها, طبعاً هذا غير رأي السيد الخوئي وأنا اشتباهاً قلت, هذا غير رأي السيد الخوئي.
الرأي الثالث الذي أشرنا إليه, الرأي الثالث أو الاتجاه الثاني الذي يقول بأنه هذا توثيق وتصحيح لهؤلاء الثمانية عشر, حتى لا يوجد تصحيح للرواية فضلاً عن المروي عنه, >بل كما يحتمل ذلك يحتمل كونها كناية< هذه إشارة إلى ما ذكره السيد الخوئي, >كناية عن الإجماع على عدالتهم وصدقهم بخلاف غيرهم ممن لم ينقل الإجماع على عدالته< هذا الأمر الثاني الذي هو رأي السيد الخوئي يعبر عنه ماذا؟ >كما يحتمل<, >بل كما يحتمل ذلك< يعني الذي أشرنا وهو تصحيح الرواية لا توثيق المروي يحتمل كونها إشارة, هذه إشارة إلى النظريتين التي أشرنا إليهما. هذا المورد الثاني.
المورد الثالث: الأعزة إذا أرادوا أن يراجعوا, في (خاتمة الوسائل, المجلد ثلاثين, ص224) يقول: >وناهيك بهذا الإجماع الشريف< يعني بعبارة أخرى: ما يرتبط بالفائدة السابعة الإخوة يراجعون الفائدة السابعة هناك فلا نطيل على الأعزة.
وكذلك ما ورد في (معجم رجال الحديث للسيد الخوئي, في ص62 وقبل ذلك) يعني تبدأ المسألة من (ص59) للإخوة الذين يريدون أن يراجعون يقول: >وأنت خبيرٌ بأن هذه العبارة ليست صريحة في ذلك ولا ظاهرة فيه فإنما يصح عنهم إنما الرواية لا المروي بل كما يحتمل ذلك< هذا ينقل عبارة من؟ ينقل عبارة صاحب الوافي, >أقول: ما ذكره متين لا غبار عليه< الجواب: أن السيد الخوئي لم يلتفت إلى هذا التفصيل الذي يذكره من؟ صاحب الوافي, هو رأي من؟ هو رأيه أنه يريد أن يشير إلى جلالة قدر هؤلاء يعني الاحتمال الثاني لا كل العبارة, ولكن نقل ماذا؟ نقل كل العبارة عن صاحب الوافي, يقول: >ثم لو تنزلنا عن ذلك وفرضنا أن العبارة صريحة إلى ما نسبه إلى جماعة, فغاية ذلك دعوى الإجماع على حجية رواية هؤلاء عن المعصومين تعبداً< الذي هذا هو الاحتمال الذي قواه من؟ قواه صاحب الوافي.
المهم, هذه المسألة كما قلت فيها اتجاهان أساسيان:
اتجاهٌ: يصحح الرواية, أعم من أن المروي يوثق أو لا يوثق, وهذا هو الاتجاه الأقلي -إن صح التعبير- .
والاتجاه الأكثري والمشهور بين علماء الإمامية. بلي.
(كلام أحد الحضور) بلي انا اشتبهت, أنا أعيد العبارة من الأول.
اتجاهٌ يقول بأنه هذا هو تصحيحٌ لهؤلاء الثمانية عشر أصلاً بيان وثاقة وجلالة أمرهم لا تصحيح لا للرواية ولا توثيق للمروي, هذا هو الاتجاه الأقلي الذي أشرنا إليه.
والاتجاه الأكثري ما هو؟ يقول: أنه أساساً دليلٌ على صحة هذه الرواية بعض قال دليل ايضا على توثيق المروي وبعض قال لا يدل على ذلك. هذا هو الطريق الثالث.
وحيث أننا نقبل أيضا هذه القاعدة ولكن بشروط, إن شاء الله تعالى في محلها سنبين, لا على النحو الذي يذكره السيد الخوئي وجملة من الأعلام الذين قالوا أساساً بأنه فقط بيان وثاقة لا شيء آخر, وإنما إجماع أن هؤلاء لهم جلالة من القبل, طبعاً يكون في علمكم أنه لا يوجد إجماع حتى في هؤلاء, يعني إذا أريد الإجماع فالإجماع على هؤلاء الثمانية عشر أيضاً لا يوجد, على أي الأحوال هذا بحث موكول إلى محله.
لا هذا ولا على ما ذكره صاحب الوسائل وغيره, أساساً هذا توثيق لكل من بعده, هذا إنما يدل على أن الرواية يمكن أن يحتج بها ولا يمكن أن نصحح ونوثق كل من كانوا بعد هؤلاء, وموكول إلى محله.
هذا تمام الكلام في سند الرواية الثانية. وهو أننا قلنا أن هذه الرواية الثانية وردت بطريق الشيخ وطريق الشيخ فيها إشكالان:
الإشكال الأول: ما يتعلق بمحمد ابن سنان على الخلاف الموجود فيه.
الإشكال الثاني: أنه يحتمل أنه ليس محمد ابن سنان بل محمد ابن سالم. هذا طرق الشيخ.
أما الطريق الثاني فهو طريق الشيخ الصدوق, والشيخ الصدوق كما تعلمون قلنا أنه في سنده إلى يونس ابن يعقوب من؟ الحكم ابن مسكين, فهل يمكن توثيقه أو لا؟ قلنا: توجد طرق ثلاث أو ثلاثة طرق:
الطريق الأول: نقل الإجلاء والإكثار من النقل عنه.
الطريق الثاني: من خلال رواية من (لا يروون إلا عن ثقة).
الطريق الثالث: من خلال نقل أصحاب الإجماع عنه.
الآن تعالوا معنا إلى متن الرواية.
فيما يتعلق بمتن الرواية -كما يتذكر الأعزة- في المجلد التاسع – الذي أنا في ذهني- في وسائل الشيعة, (في وسائل الشيعة المجلد التاسع, ص545) الرواية قال: >عن الشيخ الطوسي عن أبي جعفر عن محمد ابن سنان عن يونس ابن يعقوب قال كنت عند أبي عبد الله الصادق× فدخل عليه رجل من القناطين فقال جعلت فداك تقع في أيدينا الأرباح والأموال وتجارات نعلم أن حقك فيها ثابت, وإنّا عن ذلك مقصرون, فقال أبو عبد الله الصادق× ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك< يعني إن كلفناكم أن تدفعوا ماذا؟ تدفعوا الحق إلينا, طبعاً في الرواية لا يوجد عنوان الخمس وإنما يوجد عنوان الحق, وهذا في الأبحاث السابقة أشرنا إليه, قلنا: إما نقول أن المراد من الحق في هذه الروايات بقرينة حقك ثابت فيها, المراد الخمس, وإما لا أقل أن الحق عامٌ من مصاديقه الخمس, الآن سواء على الأول أو على الثاني فيشمل محل الكلام وهو خمس أرباح المكاسب.
طيب هنا الرواية واضحة يقول أصحاب التحليل نظرية التحليل يقولون: >أنه ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك< يعني لا نكلفكم بدفع هذا الحق إلينا.
فهل أن هذه الرواية تدل على التحليل الذي هو محل الكلام أو لا؟ يتذكر الأعزة لا أحتاج إلى التكرار, ما هو تحرير محل الكلام, أرباح المكاسب للشخص نفسه في عصر الغيبة, هذا هو محل النزاع, المعركة على هذا لأنه هو محل الابتلاء, (أرباح المكاسب في عمل الشخص نفسه هو اشتغل وحصل بعد إخراج المؤونة توجد عنده أرباح وذلك في زمن الغيبة) من هنا الإشكال الأول الذي ذكر على هذه الرواية أن ظاهرها تتكلم عن أموالٍ تعلق بها الخمس عند الآخرين ووصلت إليّ فهل أنا مسؤول عنها أو لست مسؤولاً عنها, لا أنه أنا اشتغلت وحصل لي ربحٌ بعد إخراج المؤونة يجب عليّ أن أدفع أو لا يجب؟ بأي قرينة؟ بقرينة أنه تقع في أيدينا الأرباح, لا أقل احتمال معقول موجود, لأنه هذا تقع في أيدينا الأرباح يمكن أن يكون لا أرباح شخصية, ولكن ظاهرها تقع في أيدينا الأرباح والأموال وتجارات نعلم أن حقك فيها ثابت< إذن الاحتمال الأول أو الإشكال الأول على هذا أنه يحتمل فيها أنها مرتبطة بأموال الآخرين تعلق فيها حق الإمام ولم يدفعها, لعدم اعتقاده بها أصلاً, أصلاً لا يعتقد بوجوب الخمس, وعموماً في ذلك الزمان أيضاً ذلك, لأنه في ذلك الزمان الشيعة أكثرية أو الشيعة أقلية, أقل الأقلية في ذلك الزمان, فعادة الأموال التي تقع بأيديهم أموال ماذا؟ تعلق بها حق الإمام ولكن لم يدفعها لعدم اعتقاد أولئك بوجوب الخمس في أرباح المكاسب, فالإمام ماذا قال له؟ قال له لا ليس من الإنصاف ان نكلفكم أن تتحملوا ضريبة وغرامة غيركم, غيركم لا يدفع أنتم تتحملون ذلك, هذا ليس من الإنصاف >ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك< التفتوا جيداً. هذا هو الإشكال الأول.
الإشكال الثاني: في هذه الرواية التفتوا جيداً, هو أنه يوجد في ذيل الرواية, أنا ما قرأته, يوجد في ذيل الرواية كلمة من الإمام وعموماً الفقهاء الذين عرضوا لهذه الرواية لم يعلقوا على هذه الكلمة, وفيها ما فيها هذه الكلمة, انظروا هذه الكلمة, أقرأها لكم, يقول: >فقال أبو عبد الله الصادق×, ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك< إلى هنا قلنا يرد الاحتمال الذي أشرنا إليه في الإشكال الأول, ولكن في ذيل الرواية يوجد >إن كلفناكم ذلك اليوم< ما مقصود الإمام >إن كلفناكم ذلك اليوم< أولاً: أصلاً الرواية تخرج عن محل الكلام, لأنه نحن نتكلم عن عصر الإمام الصادق أو نتكلم عن عصرنا؟ فالرواية صريحة أنه هذا التحليل إن صح فهو مرتبط بماذا؟ مرتبط بذلك اليوم, لا أنه مطلق حتى لعصر الغيبة, لأن الإمام يقول: >اليوم< ما معنى اليوم؟ لا أنه يوم الاثنين الذي سأله السائل, من الواضح أنه ليس مقصود الإمام هذا, مقصوده ماذا؟ أنه هذه الظروف التي يعيشها الشيعة من الضيق ومن الكبت والحرمان والفقر ونحو ذلك أمن الإنصاف في مثل هذه الظروف التي نحن وضعنا الخمس فيها, أن نكلفكم؟
الجواب: كلا, وهذا خير قرينة على أن هذا الخمس كان خمساً موضوعاً من قبلهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام). فلهذا الإمام× نفس الكلام الذي صدر عن من؟ عن الإمام الجواد (عليه أفضل الصلاة والسلام) قال: >تخفيفاً منا لشيعتنا لما ينتابهم< إذا يتذكر الأعزة الرواية كما قراناها قال: >تخفيفاً مني عن مواليّ ومنّاً مني عليهم< هنا الإمام الصادق× ماذا يفعل؟ لا يخفف الخمس يجعله نصف السدس وإنما يلغيه, ومن حقه ذلك, لماذا؟ لأن هذا الخمس إنما هو حقهم, وذكرنا مراراً أعزائي أنه ليس المراد من حقهم يعني الحق الشخصي, حتى واقعاً ترد علينا إشكالات داخلية وخارجية يعني ماذا الإمام هكذا يأتي (شكبان) من الأموال يجعلها حق شخصي هذا, أي منطق هذا, هكذا إمام ما باللازم.
الجواب: الإمام لم يجعلها لمصاريفه الشخصية, الآن دعني (اكورزلك البحث وهو طويل, هكذا افتح لي قوس حاشية تعليقة سمها ما تشاء).
هذه الوكالات المتعارفة الآن في زماننا المراجع يعطوها للوكلاء عادة يعطون للوكيل إما خمس إما ثلث إما نصف إما بالمطلق كما هو موجود عندنا, أعزائي هذه ما تُعطى للوكيل بعنوانه الشخصي يعني يذهب ويشتري بها بيت بمليارين وثلاثة, بحسب شأنيتك وبالسنة قد سافرت سبع سفرات بأحسن ما يكون, أبداً هذه, باعتبار أنه وكيلٌ في المنطقة فهو مرجع للفقراء والمحتاجين والأيتام و… إلى غير ذلك, فيُعطى له ذلك, وأنتم انظروا إلى عموم الوكالات التي تذكر يشار إلى هذه النكتة فيها, ولكن مع الأسف الشديد صارت هناك ذهنية خاصة عند البعض ما أريد أن أقول مطلقاً, أنهم يتصورون أن هذا الثلث أو الربع أو النصف يعطى لمن؟ يعطى له بعنوانه الشخصي, فيصرف لنفسه ما يشاء الآن إذا زادت عشرة بالمائة لمن يعطيها؟ للفقراء, لا ليس الأمر كذلك.
إذن أعزائي هذه الرواية صريحة وواضحة أن الإمام× يتعامل مع هذا الحق تعامل الحكم الولائي لا تعامل الحكم الثابت, فلهذا يقول: >ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم< وإلا لو لم نقل ذلك إذن الأئمة الذين بعد ذلك جاؤوا وكلفوا وطلبوا من الناس أن تؤخذ ماذا؟ إذن يظهر أنهم كانوا منصفين أو ليسوا منصفين؟ لازم هذا الكلام >ما أنصفناكم إن كلفناكم< فإذا كلفهم إمام آخر ماذا يصير؟ منصف أو غير منصف؟ غير منصف, مع أنه يقيناً ليس الأمر كذلك لماذا؟ لاختلاف الموضوع, من خفف فهو الإنصاف ومن أوجب فهو العدل لماذا؟ لأنه عندك الآن فإذا ما عندك وما أعطيت هذا ظلمٌ, ما أدري واضحة هذه النكتة.
هذا أيضاً الإشكال الثاني. الإشكال الثاني إذن يخرج الرواية عن محل الكلام.
الإشكال الثالث يأتي.
والحمد لله رب العالمين.