بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
كان الكلام في دلالة الرواية الثانية التي قراناها فيما سبق ومضمونها كما أشرنا هو أنه أساساً الإمام× يقول: >ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم< قلنا بأنه توجد عدة ملاحظات على هذه الرواية:
الملاحظة الأولى: التي لا أقل تؤدي إلى إجمال الرواية أنه لم يتضح ولم يظهر من الرواية أنها تتكلم عن المال الشخصي والإضافة والأرباح الشخصية لاحتمال أن المراد من التجارات والأرباح هي ما يصل إلى الإنسان أو ما ينتقل إلى الشيعي من الآخر وقد تعلق الخمس به, فهل هو ضامن لذلك أو ليس بضامن؟ الجواب: لا لا يجب عليه أداء خمس المال الذي تعلق به الخمس في ذمة الغير.
الملاحظة الثانية: أنه لو تنزلنا وسلمنا أن الرواية دالة وشاملة لما هو بيد المكلف وبجهد المكلف فهناك كلمة في الرواية أشرنا إليها بالأمس وهي أن الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) يقيد هذا الرفع وهذا التحليل بقيد (اليوم) >ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم< وخصوصاً إذا علمنا أن الرواية واردة عن الإمام الصادق – الذي في ذهني- بلي (كلام أحد الحضور) الرواية عن الإمام الصادق×. وهذه إشارة إلى ما تقدم بحثه فيما سبق بأن الشيعة في ذلك الزمان ظروفهم لم تكن مؤاتية وأوضاعهم الاقتصادية لم تكن مساعدة, فلذا تجدون تارة أن الإمام الصادق× يوجب الخمس كما سيتضح روايات سنقرئها, وأخرى يعلل الخمس, ثالثة أن الإمام الجواد يضعه في نصف السدس, ورابعة أن الإمام الهادي يرجعه إلى الخمس وهكذا, وهذا خير شاهد بل خير دليل على أن هذا الحكم كان حكماً ولائياً من قبل أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وهذه النكتة بحمد الله تعالى وجدتها في كلام المجلسيين أيضاً يعني أنا قبل أن أراه في كلام المجلسيين أشرت إليه بالأمس ولكن عندما راجعت وجدت بأن المجلسي الأول والمجلسي الثاني أيضاً أشاروا إلى نفس هذه النكتة من قيد اليوم, أيضاً استفادوا هذه, في كلمات الآخرين المعاصرين الذين ذكروا هذه الرواية لم يشيروا إلى هذه النكتة ولكن في كلمات المجلسي الأول والمجلسي الثاني هذا المطلب واضح.
المجلسي الأول في (كتاب من لا يحضره الفقيه, المجلد الخامس, ص375) هذه عبارته بشكل واضح يشير إلى هذه النكتة يقول: >وروي عن يونس ابن يعقوب الموثق< قلنا بأنه هذا السند الرواية صحيحة, قال إلى قوله: >من القماطين< وهو يقول: >القماطون قومٌ يعملون بيوت القصب< الذي عندنا بتعبيرنا -الحصير- وهؤلاء كان عملهم هذا >فقال ما انصفناكم إن كلفنانكم ذلك اليوم< يعلق المجلسي الأول يقول: >الذي يقع عليكم الغرامات من الظلمة فلأجل ذلك وهبنا حقنا لكم. واضحة الرواية تشير إلى هذه النكتة التي أشار إليها المجلسي الأول.
وكذلك المجلسي الثاني في (ملاذ الأخبار في فهم تهذيب الأخبار في الجزء السادس في ص395) هذه عبارته, يقول: >إن كلفناكم, أي خصوص القماطين لضعف كسبهم< باعتبار أن هؤلاء كان كسبهم ضعيف والغرامات أيضاً موجودة وضغط يوجد من السلطات الحاكمة فليس من الإنصاف أن الإمام× مع كل تلك الضغوط أيضاً يقول لهم ادفعوا حتى لو كان مرتبط بهم, فضلاً عما لو كان مرتبطاً بماذا؟ بغيرهم, يقول: >أي خصوص القماطين لضعف كسبهم أو مطلق الشيعة< حتى لو قلنا أنها ليست مختصة بالقماطين بل تشمل جميع الشيعة >أو مطلق الشيعة لتحميل المخالفين عليهم< باعتبار أن السلطات كانت تضغط عليهم مالياً فليس من الإنصاف أن الإمام× إذا وجد أنهم غير قادرين أيضاً يكثر ذلك عليهم.
إذن الرواية أولاً: بناء على الاحتمال الأول خارجة عن محل الكلام, على الاحتمال الثاني: خارجة عن محل الكلام.
الاحتمال الثالث: لو سلّمنا أن الرواية مرتبطة بأرباح المكاسب للشخص نفسه وما فيها قيد اليوم وإنما كل العصور وكل الأزمنة بعد ذلك حتى يشمل ما بعد الإمام الصادق×. الجواب عنه: أنّه لابد من رفع اليد عن هذا الظهور, الآن إما بالنسخ إذا قلنا أنه حكم ثابت, إما بالتقييد كما نحن مبنانا أن هذا حكم ولائي في زمانٍ يرفع وفي زمان يوضع, في زمان يخفف وفي زمان لا يخفف, وعندما نأتي إلى ما بعد الإمام الصادق (عليه أفضل الصلاة والسلام) نجد أن القضية رجعت إلى وضعها الطبيعي وأن الإمام بدأ يأمر بأخذ الخمس.
منها هذه الرواية القيمة التفتوا جيداً, وهي رواية مفيدة جداً أعزائي ولعلها محل الابتلاء أيضاً في زماننا الرواية (في وسائل الشيعة المجلد التاسع ص540) الرواية منقولة: >عن الشيخ الصدوق محمد ابن علي ابن الحسين في إكمال الدين عن محمد ابن أحمد السناني أو الشيباني< احفظوهم هؤلاء من, هو من شيوخ الشيخ الصدوق >محمد ابن أحمد السناني أو الشيباني, وعلي ابن أحمد ابن محمد الدقاق< هذا الشيخ الثاني للشيخ الصدوق >والحسين ابن إبراهيم ابن أحمد ابن هاشم المؤدب< الشيخ الثالث >وعلي ابن عبد الله الوراق جميعاً< إذن الشيخ الصدوق ينقل الرواية عن أربعة من شيوخه, >عن أبي الحسين محمد ابن جعفر الأسدي< الذي لا خلاف في وثاقته, >قال: كان< من يقول؟ الأسدي يقول, التفتوا جيداً >قال: كان فيما ورد عليّ من الشيخ أبي جعفر محمد ابن عثمان العمري< الذي هو أحد النواب الخاصين في الغيبة الصغرى, إذن هذا الإنسان الثقة الثقة الذي لا اختلاف فيه, ينقل مباشرة عن كتاب من؟ عن العَمري, >في جواب مسائلي< يظهر أنه باعث كتاب إلى الإمام× وأنا اختصيت هذه الرواية لأنه روايات موجودة عن الإمام الهادي عن الإمام العسكري عن الإمام الجواد في إثبات الخمس, ولكن أريد أن أقول أن الخمس كان مستمر إلى عصر الإمام الثاني عشر أنه ما كان يسمح بالتصرف في ماله, وإلا لو كان هناك تحليلٌ وهذا التحليل مستمر إذن ما معنى أن الإمام× يطالب بالخمس, هذا يكشف عن أن الأمر لم يكن كذلك, قال: >في جواب مسائلي إلى صاحب الدار (عليه أفضل الصلاة والسلام) و# وأمّا ما سئلت عنه من أمر من يستحيل ما في يده من أموالنا ويتصرف فيه تصرفه في ماله من غير أمرنا< هذه أموالنا حقوقنا.
الآن كما لعله للمرة العاشرة أقولها عندما يقول أموالنا حقوقنا ما أدري حقي, قلنا أنّ الجنبة الذاتية والشخصية لأئمة أهل البيت مستهلكة وفانية في الجانبة العامة لخدمة الشريعة, إذن عندما يقول أموالي حتى لا أشتري بها بيوت أو أقيم بها التجارات أو أفعل بها ما أشاء أولادي يفعلون بها ما يشاءون, ما أدري حواشيّ يفعلون ما يشاءون, لا ليس الأمر هكذا, وإنما لخدمة الدين.
>قال: أما ما سألت عنه من أمر ما يستحل ما في يده من أموالنا ويتصرف فيه تصرفه في ماله من غير أمرنا فمن فعل ذلك فهو ملعونٌ ونحو خصمائه< التفتوا جيداً >فقد قال النبي’ المستحيل من عترتي ما حرم الله ملعونٌ على لساني ولسان كل نبي مجاب فمن ظلمنا كان من جملة الظالمين لنا< واضح هنا أن الظلم هنا يعني الظلم بأن لا يعطي أموالهم وحقوقهم التي افترضها الله >وكانت لعنة الله عليه لقوله عزوجل {ألا لعنة الله على الظالمين}…< إلى أن قال: >وأمّا ما سألت عنه من أمر الضياع التي لناحيتنا هل يجوز القيام بعمارتها وأداء الخراج منها وصرف ما يفضل من دخلها إلى الناحية احتساباً للأجر وتقرباً إليكم< هذه قضية ابتلائية في مثل هذه الأيام كثيراً وهو أن البعض يتصور أنه له السلطنة والإذن أنّه يأخذ أموال الإمام أو يأخذ الخمس ويستثمر ذلك وبعد ذلك يرجعه إلى صاحبه أو من له الحق عليه, هذه المسألة مرتبطة بتلك الإمام يقول لا لا أبداً, حتى لو كانت فيه أرباح حتى لو كان فيه ما فيه لابد أن يكون صاحب الإذن يأذن بذلك وإلا أنت من عند نفسك لا يحق لك ذلك, قال: >وأما ما سألت عنه من أمر الضياع التي لناحيتنا هل يجوز القيام بعمارتها وأداء الخراج منها وصرف ما يفضل من دخلها إلى الناحية احتساباً للأجر وتقرباً إليكم فلا يحل لأحدٍ أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه, فكيف يحل ذلك في مالنا< إذن كانت القاعدة الأولية لا يجوز التصرف حتى لو كانت لمصلحة الغير, لا يجوز إلا الولي الذي له حساب خاص, أما الأجنبي أنا أموالك لا أعطيها لك لأنه شغلتها لك وتربح, يقول أنا ما أريد أن تشغلها لي أنا أريد أموالي, فكيف الحال بمال المعصوم. >فكيف يحل ذلك في مالنا من فعل شيئاً من ذلك لغير أمرنا فقد استحل منا ما حرم عليه ومن أكل من مالنا شيئاً فإنما يأكل في بطنه نارا وسيصلى سعيرا<.
إذن السؤال: على فرض أننا سلمنا أن الإمام الصادق× قال: >ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك< وافترضوا أن هذا قيد اليوم غير موجود, طيب بلي الإمام سلام الله عليه, حكم ولائي أمر ولائي في زمانه ولكن الإمام الثاني عشر ماذا فعل؟ هذا الحكم الولائي اختلف.
بعبارة أخرى: هذه النكتة التفتوا إليها لأنه فيها دقة, أعزائي, كل خمس -أرباح المكاسب محل كلامنا- في عصر كل إمامٍ وجوباً أو إباحة فهو مستقل عن الإباحة والوجوب الذي يسبقه في الإمام السابق والذي يلحقه في الإمام اللاحق, لا يتبادر أنه يستصحب لا لا أبداً, الإمام إذا يريد أن يبقى الحكم السابق لابد أن يوجب هو حكم ولائي جديد, من قبيل أن فقيهاً اعتقد بولاية الأمر وحكم بأحكام ولائية, ومات اطمئنوا كل أحكامه الولائية انتهت, الفقيه اللاحق إذا كان مؤمن بالحكم الولائي لابد أن يوجد عنده ماذا؟ إنشاء جديد لحكم ولائي لا أنه يستصحب ماذا؟ نعم, التفتوا هذه قاعدة.
الآن قد تقول لي سيدنا هذه القاعدة ما هي فائدتها؟ الآن سواء كنا بالسابق أو كنا باللاحق ما هي الفائدة؟ أعزائي فائدتها لأنه أريد ألمم الأبحاث ليس بمعلوم أنه فقط لغد نحن بخدمة الأعزة هذه تنفعنا في باب الاستصحاب, وهو: أنه إذا شككنا أن الإباحة السابقة من الإمام السابق هل موجودة في الإمام اللاحق أو غير موجودة؟ هل يصح الاستصحاب أو لا يصح الاستصحاب؟ الجواب: لا يصح لماذا؟ لأن الإباحة الأولى غير الإباحة الثانية وإن كان بحسب الظاهر هذه إباحة وهذه إباحة, ولكن تلك نوع من الإباحة وهذه فرد آخر من الإباحة ومن الواضح مع تعدد الموضوع يمكن الاستصحاب أو لا يمكن الاستصحاب؟ لا يمكن الاستصحاب, هذه اتركوها هذه النكتة الفنية في أذهانكم لأنه لا يشكل أحد يقول: بأنه نشك أن الإباحة حصلت في زمن الإمام الصادق×, فالآن نشك أنه الآن موجودة في زمن الإمام الحسن العسكري× أو غير موجودة, ماذا نفعل؟ نستصحب, لا لا لا يمكن, لماذا؟ لأنّ الإباحة الثابتة بالولاية. نعم, الإباحة الشريعة التي هي جزء من الشريعة نعم, لأنها تختلف أو لا تختلف؟ لا لا تختلف, أما الإباحات الولائية أو الوجوبات الولائية كل واحدة منها ماذا؟.
ومن هنا, التفتوا الآن أنا ما أدري أن البحث كيف جاء إلى هنا ولكنها مفيدة محل ابتلاء الآن, وهو أنه لو فرضنا أن فقيه كانت عنده أحكام ولائية ومات وأنت راجعت فقيهاً آخر في البقاء عليه, في البقاء عليه في أحكامه الشرعية أم في أحكامه الولائية؟ نعم, وهذا الخطأ الشائع الذي بعض الجهلة يتصور بأنه إذا الفقيه اللاحق أجاز البقاء على الميت فماذا تبقى؟ تبقى فتاواه الشرعية وأحكامه الولائية؟ لا الولاية ما تبقى بأي شكل, موضوعها قائم بالشخص فبموته ينتهي الحكم الولائي أبداً, نعم إذا يريد حكم ولائي لابد أن يذهب إلى هذا الحي ليرى أنه له حكم ولائي آخر أو لا يوجد؟ فإن كان عنده فيعلم وإن لم يكن عنده انتهى لا يوجد حكم ولائي, لا يمكن الاستناد إلى ولاية الميت, هذا مغلق هذا الباب.
ومن هنا نحن ميزنا في باب الاجتهاد والتقليد, إن شاء الله تعالى إذا صدرت الرسالة العملية, نحن ميزنا بين مسائل البقاء على تقليد الميت بين الفتاوى وبين الأحكام الولائية, قلنا: في الفتاوى نعم, يجوز للحي بإذن الحي أن يبقى على الميت, أما في الأحكام الولائية لا يمكن الرجوع إلى الميت لا ابتداءً ولا بقاءً. واضحة هذه النكتة, أرجع إلى البحث.
إذن, حتى لو سلمنا معكم أن الرواية بعد تمامية سندها وكان عندنا كلامٌ طويل في السند, وتمامية دلالتها فإنه لابد من رفع اليد عنها, لماذا؟ لأن هذا حكم ولائي صدر من الإمام الصادق ولكنّه عندما نأتي إلى الأئمة اللاحقين نجد حتى الإمام الثاني عشر أنه هذه الإباحة أنشئوا إباحة أخرى إباحة .. أو أنه لم يبقوا على الإباحة؟ نجد بأن الرواية تثبت بشكل واضح وصريح أنهم لم يبقوا عليها. جيد.
يبقى سند هذه الرواية أعزائي التي قراناها, هذه الرواية – كما قلنا للأعزة- منقولة من أربعة من شيوخ الشيخ الصدوق, هنا تأتي القاعدة الرجالية المعروفة, أن شيوخ هؤلاء الأعلام هل هم ثقات يحتاجون إلى توثيق يعني المعروفة بـ(شيوخ الإجازة) هل يحتاجون إلى توثيق أو لا يحتاجون؟ الجواب: محل خلاف بين الأعلام والتحقيق أنه نعم يحتاجون إلى توثيق يعني كونه شيخ للصدوق هذا ليس دليلاً لا على وثاقته بل ولا على حسنه.
ولكن في المقام توجد نكتة لعلها تساعدنا هذه النكتة على تصحيح ماذا؟ لأنه هذه الأربعة الشيوخ الذين أشرنا إليهم لا يوجد في حقهم توثيق خاص, هؤلاء الشيوخ الأربعة, نعم, يوجد ترضٍ على بعضهم من الشيخ الصدوق, فهل ينفع ذلك أو لا ينفع؟ أعزائي, بمجرد كون أنّه شيخ للشيخ الصدوق هذا لا ينفع للتوثيق, ولكن بحساب الاحتمالات من البعيد جداً من البعيد جداً أن يتفق أربعة من شيوخ الشيخ الصدوق على ماذا؟ على الكذب, ما أدري واضح, لو كان عن شيخ واحد نقول لا الرواية معتبرة أو غير معتبرة؟ غير معتبرة لأنه لم يرد فيها, ولكن أربعة, وهؤلاء الأربعة واقعاً اجتمعوا فيما بينهم, لأنه عندما ينقل عن الأربعة يعني ينقل عن كل واحد منهم على انفراد ولكن هو يقول عن هذا وعن هذا وعن هذا.. فهؤلاء اتفقوا فيما بينهم على الكذب على الشيخ الصدوق, فهذا بعيدٌ جداً.
فبهذا اللحاظ إن تمت هذه النكتة فالرواية تكون معتبرة, هذه الرواية التي قراناها. هذا تمام الكلام في الرواية الثانية.
الرواية الثالثة: وهي (الواردة في الوسائل المجلد التاسع, ص547) الرواية هذه: >بإسناده عن محمد ابن الحسن الصفار< هذه معتبرة من حيث السند أيضاً سند الشيخ إليها صحيح وأيضاً السند تام, >وبإسناده عن محمد ابن الحسن الصفار عن يعقوب ابن يزيد عن الحسن ابن علي الوشاء عن القاسم ابن بريد عن الفضيل عن أبي عبد الله الصادق× قال: من وجد برد حبنا في كبده فليحمد الله على أول النعم< هذه أول النعم الإلهية أنّ الإنسان يحس بحبهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام) >قال: قلت: جعلت فداك ما أول النعم؟ قال: طيب الولادة, ثم قال أبو عبد الله الصادق× قال: قال أمير المؤمنين× لفاطمة÷: أحلّي نصيبك من الفيء لآباء شيعتنا؛ ليطيبوا, ثم قال أبو عبد الله الصادق× إنّا أحللنا أمهات شيعتنا لآبائهم؛ ليطيبوا<.
طيب الرواية من حيث السند تامة ما عندنا مشكلة بالسند.
ولكن من حيث الدلالة واضحة أن الرواية مرتبطة بالفيء وبالحرب وبالنساء المسبيات لأنه يقول: >وأحللنا أمهات شيعتنا< هناك يقول: أنت >أحلّي لأباء شيعتنا< لأنه هؤلاء الآباء قد لا يكونوا معتقدين بشيء من حقوقنا يأخذون حقوقنا ولا يعطون شيئاً, وعموماً في ذلك الزمان الحروب عندما كانت تقع حق أهل البيت يصل إليهم أو لا يصل؟ لا يصل, باعتبار أن السلطات هي التي تتصرف في ذلك وتعطي للرجال وللمحاربين والنساء توزعها المسبيات ونحو ذلك.
فإذن الإشكال الأول: أن الرواية مع تمامية سندها مرتبطة بمحل الكلام أو ليست مرتبطة بمحل الكلام؟ لا علاقة لها, لأنه نحن نتكلم عن أرباح المكاسب عند الشخص وهذه تتكلم عن ماذا؟ عن الفيء والأنفال والحروب ونحو ذلك وهذا خارج عن محل الكلام ولم يقل أحد بأن التحليل أيضاً شامل لمثل هذه المسائل, وعلى فرض الإطلاق وأنها شاملة, أيضاً يرد عليها ما ورد على الرواية الثانية, لأن الرواية أولاً: عن الإمام الصادق× والإمام الصادق× ينقلها عن الإمام أمير المؤمنين× والزهراء سيدة نساء العالمين, فإذن الأئمة الذين جاؤوا بعد هؤلاء الأئمة والزهراء (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أوضحوا لنا بأنه نعم هذا التحليل حصل ولكنه كان مختصاً بذلك الزمان ولكن الإمام بعد ذلك وضع الخمس لا أنه حلل الخمس, وهذه الرواية أيضاً إلى هنا وهي الرواية الثالثة أيضاً أجنبيةٌ عن محل الكلام.
الرواية الرابعة: وهي: الرواية الواردة في (التهذيب المجلد الرابع, ص144) قال الرواية: >سعد ابن عبد الله عن أبي جعفر عن الحسن ابن محبوب عن عمر ابن يزيد قال: رأيت أبا سيّار مُسمع ابن عبد الملك بالمدينة وقد كان حمل على أبي عبد الله× مالاً في تلك السنة فرده عليه, فقلت له:< الرواية أيضاً معتبرة من حيث السند ما فيها مشكلة, >فقلت له: لمَ رد عليك أبو عبد الله× المال الذي حملته إليه, فقال: إني قلت له حين حملت إليه المال إني كنت وُلِيت الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم وقد جئت بخمسها ثمانين ألف درهم, وكرهت أن أحبسها عنك أو أعرضُ لها وهي حقك التي جعلها الله لك في أموالنا< التفتوا إلى جواب الإمام السائل كأنه فهم هذا المعنى ويظهر أن الإمام× أراد أن يبين له ذلك, فقال له: مستفهماً لمن؟ لأبو سيّار >فقال له: مستفهماً أنت تتصور أنه فقط لنا من أموالكم الخمس فقط أو لنا من هذه الموجودات الخمس فقط< التفت إلى الرواية >قال: وما لنا من الأرض وما أخرج الله منها إلّا الخمس< إذن الإمام بدأ يتحدث ماذا؟ لأنّه الرواية مربوطة بماذا بالغوص؟ لأنه الرواية تقول >إني وليت الغوص< ولهذا مقدمة يتضح أن الرواية ما هي؟ خارجة عن محل الكلام؟ نحن نتكلم عن الغوص الآن أم نتكلم عن أرباح المكاسب؟ أرباح المكاسب ولكن الآن هذا القيد لا نريد أن نأخذه.
طبعاً هذه الرواية أيضاً واردة في (الأصول من الكافي) هذه الطبعة دار الحديث المجلد الثاني ص350, الرواية هذه قال: >فقال له إني حين حملت إليه المال إني كنت وليت البحرين الغوص< هذه لم توجد في التهذيب >فأصبت منه فقال: أوما لنا من الأرض وما أخرج الله منها إلا الخمس< أنت تتصور فقط هذا >يا أبا سيّار إن الأرض كلها لنا فما أخرج الله منها من شيء فهو لنا<.
الآن نحن إلى الآن لم نتعرض إلى تلك الروايات أن الأرض كلها لهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لعله في الوقت المناسب سنشير إلى تلك الروايات فقط الإمام يريد أن ينبه أن هذا الذي استخرجته كله لنا لا أنه فقط خمسه لنا حتى أنت ترجعه إلينا, >يقول: فقال يا أبا سيّار< >فقلت له: وأنا أحمل إليك المال كله< إذا كان الأمر كذلك يا ابن رسول الله هذا هو التسليم لا على أي أساس أنتم تقولون, >التسليم لأمرنا< هو هذا, وهو أنه الإمام بمجرد أن قال له أن المال كله لنا, >أن الأرض وما أخرجت كلها لنا< مباشرة قال: >إذن أحمل إليك المال كله, فقال: يا أبا سيّار< التفتوا >فقال يا أبا سيّار: قد طيبناه لك وأحللناك منه فضم إليك مالك< هذا المقطع الأول الموجود في السند.
المقطع الثاني الموجود في السند >قال: وكلُ ما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم محللون< وهذا المقطع الثاني, >ويحل لهم ذلك إلى أن يقوم الإمام الثاني عشر× فيجبيهم طسق ما كان في أيدي سواهم فإن كسبهم من الأرض حرام عليهم حتى يقوم (عليه أفضل الصلاة والسلام) فيأخذ الأرض من أيديهم ويخرجهم عنها صغرةً< أي صاغرين, هذا النص موجود في التهذيب.
ولكنّه عندما راجعنا الأصول أصول الكافي وجدنا بأنه يوجد سقط في المتن هنا, العبارة الصحيح أين موجودة في (الأصول الكافي) والعبارة تصير واضحة جداً, التفتوا ماذا يقول الإمام؟ يقول: >وكل ما في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيها محللون حتى يقوم (عليه أفضل الصلاة والسلام) فيجبيهم< الجباية يجبيهم من الجباية >فيجبيهم طسق< الطسق يعني الأجرة الضريبة التي تؤخذ من ماذا؟ باعتبار أن هذه الأرض لهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أو لبيت المال كما هو معروف في باب الخراج >طسق ما كان في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم< إذن بالنسبة إلى شيعتنا عندما يأتي الإمام الثاني عشر (عليه أفضل الصلاة والسلام) يبقيها ويأخذ الطسق منهم >وأمّا ما كان في أيدي غيرهم< التي هذه غير موجودة في التهذيب >وأما ما كان في أيدي غيرهم فإن كسبهم من الأرض حرامٌ عليهم< أما شيعتنا لا, محلل لهم إلى أن يأتي × ويأخذ منهم الأجرة >أما غيرهم< >وأما ما كان في أيدي غيرهم فإن كسبهم من الأرض حرام عليهم حتى يقوم فيأخذ الأرض من أيديهم ويخرجهم صغرةً< إذن الفارق واضح بين الأرض التي بأيدي شيعتهم والأرض التي بأيدي ماذا؟ غير شيعتهم, هذا التفصيل إنما موجود في الأصول من الكافي.
هذه الرواية تشتمل على مقطعين:
المقطع الأول: >يا أبا سيّار قد طيبناه لكم وأحللناك منه< يدل على التحليل في المقام محل الكلام او لا يدل؟ الجواب: لا يدل لسببين:
السبب الأول: أنّه لعله أمر شخصي مرتبط بمن؟ بأبي سيّار. وهذه من صلاحيات الإمام ومن صلاحيات الحاكم بأنه إذا وجد مصلحة أن يرجع المال إلى صاحبه. إلى من عليه الحق يرجع إليه المال, ولكن هذا لابد أن تكون فيه مصلحة لا قضية جزافية.
الأمر الثاني: أنه مرتبط بالأرض وما يخرج منها؟ يعني مرتبط بماذا؟ بالأنفال بالفيء ولا علاقة له بأرباح المكاسب وما يزود عن التجارات.
إنما المهم هو المقطع الثاني الذي يقول الإمام >وكل ما في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون< من الواضح التفتوا جيداً, >حتى يقوم< الإمام الثاني عشر× التفتوا جيداً, إذن هذه الرواية فيها دلالة على التحليل في عصر الغيبة, لأنه يقوم >فهم فيه محللون حتى يقوم الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) فيجبيهم< عند ذلك يأخذ الجباية منهم على التفصيل الذي تقدم لشيعتهم ولغير شيعتهم. فهل يدل على التحليل أو لا يدل؟
الجواب: الرواية كما تعلمون قراناها, الرواية أولاً: واضحة تقول >وكل ما في أيدي شيعتنا من الأرض< إذن مرتبطة بماذا؟ بأجرة الأرض ونحن حديثنا أين؟ في أرباح المكاسب. وإذا قلنا أنه شامل لما يخرج من الأرض أيضاً يكون داخلاً في الأنفال أيضاً لا علاقة له بأرباح المكاسب, وعلى فرض الإطلاق والشمول حتى لأرباح المكاسب فالرواية واردة عن من؟ >رأيت مسمعاً قد حمل إلى عبد الله الصادق×< حتى لو صدر التحليل فقد صدر من الإمام الصادق×, فلابد أن نرى أن الأئمة اللاحقين ومنهم الإمام الذي يلحقه و.. كلهم أباحوا ذلك في عصر الغيبة أم لم يبيحوا ذلك, فإذا ثبت أنهم أباحوا فبها ونعمت وإن لم يثبت, بل ثبت أنهم استمروا, وهذا أثبتناه فيما سبق إلى زمن الإمام الثاني عشر كان هذا الخمس, موجود أولاً ولم يثبت بأي دليل أن الإمام في عصر الغيبة الكبرى رفع هذا الخمس.
فهذه الرواية الرابعة أيضاً خارجة عن محل الكلام.
تتمة الكلام تأتي.
والحمد لله رب العالمين.